|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقاصد الحج الكاتب : د. أحمد بن عبدالرحمن بن عثمان القاضي إن حج بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، فرضه الله على عباده مرةً في العمر، من استطاع إليه سبيلاً، لا ليستكثر بهم من قلة، ولا ليستعز بهم من ذلة؛ فهو الغني الحميد؛ من أطاعه فقد رشد، ومن كفر فلن يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئاً. قال تعالى :{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ }(آل عمران: 97). والحج، بالنسبة للفرد، مدرسة إيمانية تربوية، ومَعْلَمُ طريق في حياته، وحدث تاريخي، لا يزال يلهج بذكره. يمضي الحاج أياماً في رحلة قدسية، أنسية، يجتمع له فيها شرف الزمان، وشرف المكان، وشرف العمل : 1 - فالزمان : أيام عشر ذي الحجة، التي أقسم بها الرب عز وجل فقال :{ وَلَيَالٍ عَشْرٍ } (الفجر : 2)، وقال عنها نبيه - صلى الله عليه وسلم - : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفَّر وجهه بالتراب " رواه البزار، و ابن حبان، وصححه الألباني. 2 - والمكان : بيت الله الحرام، والمشاعر العظام : منى، و مزدلفة، و عرفة. قال تعالى :{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا } (آل عمران : 96-97). 3 - والعمل : أحب العمل إلى الله، قال - صلى الله عليه وسلم - : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا : يا رسول الله ! ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه، وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء " رواه البخاري. وأي عمل أعظم مما اختصه الله بها، وهو الحج الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه مسلم. والحج، بالنسبة للأمة، مؤتمر سنوي، وتظاهرة عالمية ليس لها نظير، تنصهر في رحابه مختلف الأعراق، واللغات، والبلدان، والطبقات، في وحدة إيمانية، ولُحمة أخوية، ومناسك مشتركة تدهش الناظرين، وتدل على حكمة أحكم الحاكمين. وقد وعد الله عباده المستجيبين لندائه شهود منافع مطلقة، لا حصر لها، ولا حد، فقال :{ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } (الحج : 27-28). وفيما يلي التماس لأهم تلك المنافع التي يشهدها حجاج بيت الله الحرام، ويرجعون بها إلى أهليهم، ويبقى لهم غُنْمُها : * أولاً:التوحيد والإخلاص: إن القارئ لآيات بناء البيت، ورفع قواعده، والأذان بالحج، يلحظ التلازم الوثيق بين هذا الحدث الكبير، وتقرير التوحيد، ونبذ الشرك. قال تعالى :{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } (الحج : 26). { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } (البقرة : 127-131). { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } (الحج : 30-31). كما يجد المتتبع لسياق حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - إعلان التوحيد، في عدة مشاهد مشرقة، منها : 1 - التلبية : ففي حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : " فأهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد : لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد، والنعمة، لك، والملك، لا شريك لك " رواه مسلم. 2 - سؤال الله الإخلاص : فقد سأل - صلى الله عليه وسلم - ربه قائلاً : " اللهم حجة، لا رياء فيها ولا سمعة " رواه ابن ماجه. فإن بذل الأموال، ومفارقة الأهل والوطن، والتعرض للأخطار، مظنة لتسلل العُجْب والرياء إلى النفس. 3 - قراءة سورتي التوحيد : العملي، والعلمي : الكافرون، والإخلاص، في ركعتي الطواف. 4 - ذكر الصفا والمروة : قال جابر - رضي الله عنه - : " فاستقبل القبلة، فوحَّد الله، وكبَّره، وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " . 5- الدعاء : وهو من أعظم مظاهر التوحيد، حين يُقبِل العبد على ربه، بكليته؛ خائفاَ، راجياً، طامعاً، راغباً، راهباً، منيباً، متضرعاً، مبتهلاً. وقد وقع ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - في ستة مواقف طوال في حجة الوداع : على الصفا، وعلى المروة، وفي عرفة، وعلى المشعر الحرام في المزدلفة، وبعد رمي الجمرة الصغرى، وبعد رمي الجمرة الوسطى، في سائر أيام التشريق. فحري بمن أشهده الله هذه المواطن الشريفة، أن يفقه هذه المعاني الشريفة، وأن ينفض الغبار عن نفسه، ويجلو صدأ قلبه، ويذكي جذوة التوحيد في روحه. فكما أن الكعبة بيت الرب في الأرض، فالقلب بيت الرب في العبد. وكما أن الكعبة يطيف بها الحجاج والعمار، فينبغي أن يطيف بالقلب الخوف، والرجاء، والمحبة، والتوكل، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، وغيرها من وظائف القلب السليم. وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الذكر والدعاء، ما يكون في خير يوم طلعت فيه الشمس، يوم عرفة، فقال : " خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير " رواه الترمذي، وفي لفظٍ : " أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة... " رواه الطبراني، وحسنه. * ثانياً:المتابعة والانقياد: ما من عبادة من العبادات يتجلى فيها الانقياد التام، والمتابعة المطلقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كالحج؛ فالحاج يتقلب في مناسك متنوعة، ويتنقل بين مشاعر متعددة، لا يعقل لكثير منها معنى، سوى الامتثال لأمر الله، والتأسي برسول الله. فهو يقبِّل حجراً تارةً، ويرمي حجراً تارةً أخرى؛ وهو يتجاوز مشعراً، ليصل إلى آخر، ثم يعود إلى الأول؛ وهو يطوف سبعاً، ويسعى سبعاً، ويرمي بسبع، دون أن يدرك معنى خاصاً للعدد. وقد أدرك الصحابة - رضوان الله عليهم - أهمية المتابعة، وشعروا بالحاجة إلى تصحيح مناسك إبراهيم، عليه السلام، وتنقيتها مما شابها من شرك الجاهلية وبدعها، على يد أوْلى الناس به، محمد - صلى الله عليه وسلم -، فما أن أُذِّن في الناس في السنة العاشرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجٌّ، حتى " قدم المدينة بشر كثير " رواه مسلم، وفي رواية : " فلم يبق أحدٌ يقدر أن يأتي راكباً، أو راجلاً، إلا قدِم " رواه النسائي، " كلهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويعمل مثل عمله " رواه مسلم. ويصف جابر ابن عبد الله - رضي الله عنهما - ذلك المشهد العجيب، والموكب النبوي المهيب، حين استوت به ناقته على البيداء، بقوله : " فنظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب، وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به " رواه مسلم. كما أنه - صلى الله عليه وسلم - ظل ينبه على هذا المعنى، من المتابعة والانقياد، فيقول : " لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلِّي لا أحج بعد حجتي هذه " رواه مسلم. وقد فقه الصحابة هذا المعنى، فلما قبَّل عمر - رضي الله عنه - الحجر الأسود، قال : " إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك، ما قبلتك " رواه الجماعة. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - : " وفي قول عمر هذا، التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيما يفعله، ولو لم يعلم الحكمة فيه " فتح الباري : 3 / 463. وقال عمر - رضي الله عنه - أيضاً : " ما لنا وللرَّمَل، إنما كنا راءينا به المشركين، وقد أهلكهم الله. ثم قال : شيء صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه " رواه البخاري. وفي رواية : " فيما الرَّمَلانُ الآن، والكشف عن المناكب، وقد أطَّد الله الإسلام، ونفى الكفر وأهله ؟ ومع ذلك، لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " رواه أحمد و أبو داود و ابن ماجه. ولم يكن الصحابة - رضوان الله عليهم - يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، في المناسك، ولا في غيرها : أَوَاجبٌ هذا أو سنةٌ ؟ بل كانوا يعظمون سنته، ولا يماكسون فيها، ولا يتتبعون الرخص والشاذ من الفتاوى، كما يصنع الناس اليوم، ويعملون بمقتضى قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم " متفق عليه. * ثالثاً:إقامة ذكر الله: إن من أعظم مقاصد الحج، وأهمها، إقامة ذكر الله. ويلحظ القارئ لآيات المناسك تكرار الأمر بذكر الله عقيب كل منسك، قال تعالى :{ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ *ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } (البقرة : 198- 200). { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ } (البقرة : 203). { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } (الحج: 28). { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } (الحج: 34). { كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } (الحج : 37). وقال - صلى الله عليه وسلم - : " إنما جُعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله في الأرض " رواه الترمذي، وقال : " أفضل الحج : العجُّ والثجُّ " ، وقال له جبريل - عليه السلام - : " كن عجَّاجاً ثجاجاً " رواه أحمد. والعجُّ : رفع الصوت بالتلبية، والثجُّ : إهراق دم الهَدْي. فينبغي لمن تلبَّس بهذه المناسك أن يستشعر هذا المعنى الجليل، وأن يلهج لسانه بذكر الله، وتكبيره، واستغفاره، ودعائه، كما أمر؛ فإن الله يحب أن يُذكر اسمُه. وكثير من الناس ينهمك في أداء المناسك ببدنه، وقلبه غافل، ولسانه عاطل. كما ينبغي لمن أكرمه الله بإقامة ذكره في الحج أن يحفظ الدرس، ويرجع ذاكراً، شاكراً، حامداً، مهللاً، مكبراً، لا يزال لسانه رطباً بذكر الله في جميع تقلباته، وأحواله؛ فالذكر جماع الخير، ومنبع الفضائل؛ فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ، فقال : يا رسول الله ! إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا، فبابٌ نتمسك به جامع ؟ قال : " لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عزَّ وجل " رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |