|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سدّ الذريعة وهَدْمُ سدّها: تأصيلٌ وتفصيل. (سد الذرائع) المقصود به في هذا المقال , ونريد أن نحصر الكلام فيه , دون غيره مما يقع في تعريفه اختلاف : هو تحريمٌ مُؤقّت لما الأصل فيه عدمُ التحريم ؛ لأنه يُفضي إلى محرَّمٍ إفضاءً مؤكَّدًا (مُـتَيقَّـنًا) أو راجحًا (بغلبة ظن) . هذا هو (سد الذرائع) الذي يكثر بسببه الاختلاف , ولذلك خصصت هذا المعنى من معانيه بالتفصيل . ولشرح هذا التعريف أقول : عبارة (تحريم) أُخرجُ بها القولَ بالكراهة ؛ لأن القول بالكراهة لا يُلزم باجتناب المكروه . وأنا في هذا المقال إنما أتحدث خاصة عن الإلزام بالاجتناب , ولا أتحدث عن اختيار الاجتناب وتفضيله , بلا إلزامٍ به . وعبارة (مؤقّت) تُـخرج التحريم المؤبّد ؛ لأن ذرائع المفاسد لها حالتان في التذرُّع بها إلى المفسدة : الأولى : إما أن تكون ذريعةً للمفسدة دائما أو غالبا (وليست في ظرف زماني محدد أو مكاني معيّن) : فتُمنع تلك الذريعةُ حينئذٍ منعا مطلقا . وهذا النوع من الذرائع لا بد أن يكون منصوصا على تحريمه في نصوص الوحي (من الكتاب أو السنة) , كتحريم الخلوة بالأجنبية ؛ لأن ما كان مؤديا للمفسدة غالبا لا يمكن أن يكون مباحا بمقتضى الأصل , إيمانا منا بكمال الشريعة , وأنها جاءت لتحقيق المصالح وتكثيرها , ودفع المفاسد وتقليلها . ولا يمكن أن تكون هذه الذرائع محرمةً فقط في ظروف خاصة , وأن الأصل فيها الإباحة , رغم أنها دائما أو غالبا تؤدي إلى المفاسد ! لا يمكن ذلك ؛ إلا بنسبة النقص إلى الشريعة , وحاشا مسلما من اعتقاد هذا الاعتقاد . الثانية : وإما أن تؤدي الذريعةُ إلى المفسدة في ظروف خاصة استثنائية , فهي تؤدي إلى المفسدة غالبا في هذا الظرف والوقت الخاص , وربما في مكان معين دون غيره من الأمكنة , ولم تكن كذلك في بقية الأوقات ولا في بقية الأمكنة : فتُمنع هذه الذريعةُ منعا مؤقتا في ذلك الزمن وفي ذلك المكان ؛ لأن الأصل فيها الإباحة ؛ ولأن تذرُّعَ المفسدة بها تذرُّعٌ مؤقّت محدود الظرف . ومع هذا المنع المؤقت : يجب الحرص على الخروج من حالة الضرورة هذه ، والتي اضطرتنا إلى الخروج في تلك المسألة عن أصل حكمها (والذي هو عدم التحريم) إلى القول بالتحريم ؛ لأن الخروج من حالة الاضطرار التي أجبرتنا على الخروج عن الحكم الأصلي لله تعالى واجب شرعي , لا تكتمل قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) إلا به , كما لا تتم أيضًا إلا بقاعدة (والضرورات تقدّر بقدرها) . و(ما الأصل) : أي لولا تذرعها إلى الحرام لما كانت محرّمة , حيث إن حكمها الأصلي عدم التحريم : إما لورود النص الدال على عدم حرمتها , أو للبراءة الأصلية الدالة على الإباحة . و(ما الأصل فيه عدم التحريم) , ولم أقل : (ما الأصل فيه الإباحة) : ليشمل ما الأصل فيه الإباحة أو الكراهة أو الاستحباب أو الوجوب , ثم أخرجته الذريعةُ من شيء من ذلك إلى التحريم . و(لأنه يُفضي إلى محرَّمٍ) : فما دمنا لا نتحدث إلا عن ذريعة حُكْمُها التحريم , فلا بد أن تُفضي إلى محرَّم , لا إلى مكروه . و(إفضاءً مؤكَّدًا (مُـتَيقَّـنًا) أو راجحًا (بغلبة ظن)) : فالإفضاء لا يصح أن يكون بظن مرجوح ولا بشكوك ووساوس ؛ لأن سادَّ تلك الذريعة يريد أن يبدّل حكمها الأصلي من عدم الـحُرمة إلى التحريم , وهذا التبديل بلا مسوّغ لا يجوز قطعا , وهو في أقل أحواله أن يكون كبيرة من الكبائر ؛ لأنه افتراء على الله تعالى : ((ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)) [النحل:116]. ولذلك لا بد لهذا التبديل الذي يبدِّل حكمَ الله من أن يستند إلى دليل يجيز حكمُ الله به التبديلَ , والظن المرجوح والأوهام والشكوك ليست أدلة , ولا يكون دليلا مجيزا لذلك إلا ما كان يقينا أو ظنا غالبا . هذه خلاصةٌ جامعةٌ عن (سد الذرائع) ، وهي بتعبير أصحاب الكتب الصفراء العتيقة : (متنٌ) ، يحتاج إلى حاشيةِ شرحٍ وتوضيحٍ ! وقبل أن أدخل في بعض التفاصيل أود أن أبين بأن هذا المقال موجّهٌ لإخواننا حُرّاس الفضيلة : ممن يرغبون في حماية الدين , ومن الغيورين على الأخلاق . وليس موجّهًا لدُعاة الرذيلة , ممن يحاربون الدين , ويسعون في نشر الفساد في الأرض . ولذلك فسوف أتجاوز فيه بعض المسلّمات بين حُرّاس الفضيلة , وإن حاول دُعاة الرذيلة التشكيكَ فيها . لكن لا بُدّ أن أؤكد في هذا السياق على أنّ العمل بسدّ الذريعة قاعدةٌ فقهيّة قطعيّة : قد دل عليها الكتاب والسنة والإجماع , ويقتضيها العقل السليم والفطرة البشرية السوية , ومعمولٌ به في كل قوانين العالم وأنظمة المصالح العامة والخاصة . فلا يُشكِّكُ أحدٌ من العقلاء في هذه القاعدة ؛ إلا أن يكون خلافُه في بعض جُزئياتها , وربما انضاف إلى ذلك أنه مُبطلٌ مفسِدٌ يعرف الحق ويصرُّ على نصر الباطل . يتبع....... منقول بتصرف يسير
__________________
,, ,, سبحان الله والحمد لله ولا إلــه إلا الله والله أكبر ,, أستغفر الله العظيم وأتوب إليه.. سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |