غضبة عالم

[أبو مالك المعتز]

كثير منا طلبة العلم وبعض العلماء: فظ، غليظ القلب، سريع الغضب، كثير الشتم.
إذا عاتبت أحدهم في ذلك تحجج بأنها غضبة لله - يدعي -.

كان غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يظهر في وجهه فقط، ولا يقول إلى الحق[1] والرحمة،
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء : 107 ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعِثتُ رحمةً))[2].


والذي يحزنك أن تجد بعض أهل الكفر وبعض عوام المسلمين
تجده: رقيق القلب، حلو اللسان، حليم، لا يغضب.
فأمثال هؤلاء موعودون من الله بقوله صلى الله عليه وسلم:
((الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ .
ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ ،
الرَّحمُ شَجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ))[3].


وأما بعض من ينتسب للعلم فموعودون بأن يكونوا من أول من تسعر بهم النار،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة:
((ولكنَّكَ تعلَّمتَ العِلمَ لِيُقالَ عالِمٌ. وقرَأتُ القُرآنَ لِيُقالَ هو قارِئٌ))[4].

==============================


وصفة العلم من الصفات العظيمة لله، وجاءت في أعظم آية في القرآن (آية الكرسي)
ومع ذلك لم يفتتح الله بها أعظم سورة في الكتاب الحكيم

أما صفة الرحمة الشاملة الرحمن الرحيم فتكررت في مفتتح الكتاب الحكيم مرتين،
وبينهما آية الحمد: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة : 2 )،
فالحمد لله على كل شيء، والحمد لله على رحمته التي وسعت كل شيء.

وفي ذلك إشارة عظيمة وكبيرة إلى أهمية صفة الرحمة.

فأين نحن من صفة الرحمة؟
رحمة الشجر والدواب وأهل الكفر وأهل المعاصي وأهل الصلاح، وكل شيء.

فيا أهل القرآن {الرحمن الرحيم}،
يا أهل {الله رب العالمين الرحمن الرحيم}،
فلنراقب قلوبنا، وألسنتنا، وأعمالنا،
فنقوِّمها ونوجهها لتكون للعالمين رحمة.

فبقدر ما في قلوبنا للعالمين من رحمة، بقدر قربنا من رب العالمين.
فبقدر ما في قلوبنا للعالمين من رحمة، بقدر قربنا من رب العالمين.
فبقدر ما في قلوبنا للعالمين من رحمة، بقدر قربنا من رب العالمين.

فكن رقيق القلب، عفيف اللسان، حميد العمل، تكن رحمة للعالمين.

هوامش==========
[1] عن عبدالله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أريد حفظه ، فنهتني قريش ، وقالوا : أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ، فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأومأ بأصبعه إلى فيه ، فقال : ((اكتب فوالذي نفسي بيده ، ما يخرج منه إلا حق))، صحيح أبي داود للألباني.
[2] قيل : يا رسولَ اللهِ ! ادْعُ على المشركين . قال " إني لم أُبعَثْ لعَّانًا . وإنما بُعِثتُ رحمةً " .، رواه مسلم.
[3] صححه الألباني في صحيح الترمذي، وصحح له ألفاظا كثيرة.
[4] صحيح مسلم.