علم أمثال القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311368 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041948 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 132147 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-08-2023, 10:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي علم أمثال القرآن

علم أمثال القرآن
عطاءات العلم


تمهيد:
علم أمثال القرآن إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس، سواءً أكانت تشبيهًا أو قولًا مرسلًا[1][2][3]، وأنواع الأمثال في القرآن هي، التشبيه الصريح، والتشبيه الضمني، وما لم يشتمل على تشبيه ولا استعارة، ومن فوائد الأمثال في القرآن، تبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس، وتكشف عن الحقائق، وتعرض الغائب في معرض الحاضر، وتجمع المعنى الرائع في عبارة موجزة، ومن أهمية الأمثال، إبراز خفيات الدقائق، ورفع الأستار عن الحقائق، تريك المتخيل في صورة المتحقق، والمتوهم في معرض المتيقن، والغائب كأنه مشاهد، وفي ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة، وقمع لسورة الجامح الأبي، فإنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثر في وصف الشيء في نفسه[4][5][6]، وتنقسم الأمثال الى، ظاهر مصرح به، كامن لا ذكر للمثل فيه [7]، الأمثال المرسلة في القرآن [8]، ومن خصائص المثل القرآني، الإيجاز البليغ، وإصابة المعنى، حسن التشبيه، جودة الكتابة، ومن مقاصد الأمثال القرآنية مواطن العبرة فيها [9][10]، تقريب صورة الممثل له إلى ذهن المخاطب، والإقناع بأمر من الأمور، مدح من يستحق المدح [11].

التعريف الإفرادي:
العلم لغةً: الـــ(ع، ل، م)، أصل صحيح، يدل على أثرٍ بالشيء يتميز به عن غيره، ومن ذلك العلامة وهي معروفة، يقال علمت علماً وعلامة، والعَلَم الراية، والجمع أعلام، والعِلم نقيض الجهل، ويراد به المعرفة، وسمي علماً لأنه يَهتدي بها العالم إلى ما قد جهله الناس، فهو كالعَلَم المنصوب بالطريق [12][13].

العلم اصطلاحاً: هو العلم بالشيء على حقيقته، قال تعالى: ﴿ وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا[14][15][16][17].

الأمثال لغةً: الــ(م، ث، ل)، أصل صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء[18][19][20]، والمـَثل والمثِّل والمثيل: كالشَّبه والشِّبه والشبيه لفظًا ومعنى.

الأمثال اصطلاحاً: هي أسلوب بياني بليغ، يعبِّرُ عن خلجات النفس وكوامن الحسِّ، ويبرز المعقول في صور محسة، ويكشف عن الحقائق التي يدق فهمها، ويعرض الغائب في معرض الحاضر، أي يشبه مضربه بمورده [21][22][23].

القرآن لغةً: مصدر قرأ يقرأ قراءةً أو قرآناً [24]، واتفق العلماء أن لفظ القرآن اسم وليس فعل ولا حرف، وشأنه شأن الأسماء في العربية، إما أن يكون جامداً أو مشتقاً [25].

القرآن اصطلاحاً: هو كلام الله المعجز [26]، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته [27].

التعريف المركب:
علم أمثال القرآن: هو إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس، سواءً أكانت تشبيهًا أو قولًا مرسلًا[28][29][30].

أنواع الأمثال في القرآن:
1- التشبيه الصريح: مثل قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء[31].

2- التشبيه الضمني: مثل قوله تعالى: ﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم[32]، إذ ليس فيه تشبيه صريح.

3- ما لم يشتمل على تشبيه ولا استعارة: مثل قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوب[33]، فقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا[34]، قد سماه الله مثلًا وليس فيه استعارة ولا تشبيه [35].

فوائد الأمثال في القرآن:
1- الأمثال تبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس، فيتقبله العقل؛ لأن المعاني المعقولة لا تستقر في الذهن إلا إذا صيغت في صورة حسية قريبة الفهم، كما ضرب الله مثلًا لحال المنفق رياء، حيث لا يحصل من إنفاقه على شيء من الثواب، فقال تعالى: ﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين[36].

2- وتكشف الأمثال عن الحقائق، وتعرض الغائب في معرض الحاضر، كقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون[37].

3- تجمع الأمثال المعنى الرائع في عبارة موجزة كالأمثال الكامنة والأمثال المرسلة.

4- يضرب المثل للترغيب في الممثَّل، حيث يكون الممثَّل به مما ترغب فيه النفوس، كما ضرب الله مثلًا لحال المنفق في سبيل الله، حيث يعود عليه الإنفاق بخير كثير، قال تعالى: ﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم[38].

5- يضرب المثل للتنكير حيث يكون الممثَّل به مما تكرهه النفوس، كقوله تعالى في النهي عن الغيبة: ﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ[39].

6- يضرب المثل لمدح الممثَّل، كقوله تعالى في الصحابة: ﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ[40]، وكذلك حال الصحابة فإنهم كانوا في بدء الأمر قليلًا، ثم أخذوا في النمو حتى استحكم أمرهم، وامتلأت القلوب إعجابًا بعظمتهم.

7- يضرب المثل حيث يكون للمثَّل به صفة يستقبحها الناس، كما ضرب الله مثلًا لحال من ءآتاه الله كتابه، فتنكب الطريق عن العمل به، وانحدر في الدنايا منغمسًا، قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون[41][42].

8- الأمثال أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، وأقوى في الزجر، وأقوم في الإقناع، وقد أكثر الله تعالى الأمثال في القرآن للتذكرة والعبرة، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون[43]، قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون[44]، وضربها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، واستعان بها الداعون إلى الله في كل عصر لنصرة الحق وإقامة الحجة، ويستعين بها المربون ويتخذونها من وسائل الإيضاح والتشويق، ووسائل التربية في الترغيب أو التنفير، في المدح أو الذم [45].

أهمية الأمثال في القرآن:
1- أخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فاعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم وآمنوا بالمتشابه واعتبروا بالأمثال" [46][47].

2- قال الماوردي: من أعظم علم القرآن علم أمثاله، والناس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال وإغفالهم الممثلات، والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام والناقة بلا زمام، وقال غيره قد عده الشافعي مما يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن، فقال ثم معرفة ما ضرب فيه من الأمثال الدالة على طاعته المبينة لاجتناب معصيته، وقال الشيخ عز الدين إنما ضرب الله الأمثال في القرآن تذكيراً ووعظاً، فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب، أو على إحباط عمل، أو على مدح أو ذم، أو نحوه، فإنه يدل على الأحكام، وأفرده بالتصنيف الإمام أبو الحسن الماوردي، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون[48]، وقال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون[49].

9- قال غيره: ضرب الأمثال في القرآن، يستفاد منه أمور كثيرة: منها التذكير والوعظ والحث والزجر والاعتبار والتقرير وتقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس، فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص، لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس، ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد، وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر وعلى المدح والذم وعلى الثواب والعقاب وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره وعلى تحقيق أمر أو إبطاله قال تعالى: ﴿ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَال[50]، فامتن علينا بذلك لما تضمنته من الفوائد[51][52].

3- قال الزركشي في البرهان: ومن حكمته تعليم البيان، وهو من خصائص هذه الشريعة.

4- قال الزمخشري: التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني، وإدناء المتوهم من الشاهد، فإن كان المتمثل له عظيماً، كان المتمثل به مثله، وإن كان حقيراً كان المتمثل به كذلك.

5- قال الأصبهاني: ضرب العرب الأمثال، واستحضار العلماء النظائر، شأن ليس بالخفي في إبراز خفيات الدقائق، ورفع الأستار عن الحقائق، تريك المتخيل في صورة المتحقق، والمتوهم في معرض المتيقن، والغائب كأنه مشاهد، وفي ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة، وقمع لسورة الجامح الأبي، فإنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثر في وصف الشيء في نفسه، ولذلك أكثر الله تعالى في كتابه وفي سائر كتبه الأمثال، ومن سور الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال، وفشت في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام الأنبياء والحكماء[53][54][55][56].

أقسام الأمثال في القرآن:
1- ظاهر مصرح به: مثل قوله تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُون[57]، ضرب فيها للمنافقين مثلين، مثلا بالنار ومثلا بالمطر، وأخرج ابن أبي حاتم وغيره، من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله للمنافقين، كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء، فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه ﴿ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ[58]، وقول في عذاب ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ [59]، وهو المطر ضرب مثله في القرآن،﴿ فِيهِ ظُلُمَاتٌ [60]،، يقول ابتلاء، ﴿ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ[61]، تخويف، ﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ [62]، يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين، ﴿ كلما أضاء لهم مشوا فيه ﴾ يقول كلما أصاب المنافقون في الإسلام عزاً اطمأنوا، وإن أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ[63].

وقوله تعالى: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا[64]؛ أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال: هذا مثل ضربه الله احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء[65]، فأما الزبد فيذهب جفاء وهو الشك، ﴿ أَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَال[66]، وهو اليقين، كما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار، كذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك.

2- كامن لا ذكر للمثل فيه[67]: قال الماوردي: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول: سألت الحسين بن الفضل فقلت: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن فهل تجد في كتاب الله" خير الأمور أوساطها"؟ قال نعم في أربعة مواضع قوله تعالى: ﴿ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ[68]، وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا[69]، وقوله تعالى: ﴿ ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا[70]، وقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا[71]، قلت: فهل تجد في كتاب الله من جهل شيئا عاداه قال نعم في موضعين}، قوله تعالى: ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ[72]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيم[73]، قلت فهل تجد "في كتاب الله احذر شر من أحسنت إليه"؟ قال نعم، في قوله تعالى: ﴿ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ[74]، قلت فهل تجد في كتاب الله "ليس الخبر كالعيان"؟ قال في قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي[75]، قلت فهل تجد في الحركات البركات، قال في قوله تعالى: ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً[76]، قلت فهل تجد "كما تدين تدان"؟ قال في قوله تعالى: ﴿ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا[77]، قلت فهل تجد فيه قولهم "حين تقلي ندري، قال: ﴿ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً[78]، قلت فهل تجد فيه "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، قال ﴿ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ[79]، قلت فهل تجد فيه من "أعان ظالما سلط عليه"؟ قال ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِير[80]، قلت فهل تجد فيه قولهم "لا تلد الحية إلا حية"؟ قال قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا[81]، قلت فهل تجد فيه "للحيطان آذان"؟ قال: ﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ[82]، قلت فهل تجد فيه "الجاهل مرزوق والعالم محروم" قال: ﴿ مَن كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى[83]، قلت فهل تجد فيه "الحلال لا يأتيك إلا قوتاً والحرام لا يأتيك إلا جزافا"؟ قال: ﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون[84].

3- الأمثال المرسلة في القرآن: وهي جمل أرسلت إرسالًا من غير تصريح بلفظ التشبيه، فهي آيات جارية مجرى الأمثال، مثل قوله تعالى[85]:
﴿ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ[86].
﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَة[87].
﴿ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَان[88].
﴿ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب[89].
﴿ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ[90].
﴿ لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون[91][92].

‌‌ضرب الأمثال بالقرآن:
جرت عادة أهل الأدب أن يسوقوا الأمثلة في مواطن تشبه الأحوال التي قيلت فيها، وإذا صح هذا في أقوال الناس التي جرت مجرى المثل، فإن العلماء يكرهون ضرب الأمثال بالقرآن، ولا يرون أن يتلو الإنسان آية من آيات الأمثال في كتاب الله عند شيء يعرض من أمور الدنيا، حفاظًا على روعة القرآن، ومكانته في نفوس المؤمنين، قال أبو عبيد: "وكذلك الرجل يريد لقاء صاحبه أو يهم بحاجته، فيأتيه من غير طلب فيقول كالمازح: ﴿ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى[93]، فهذا من الاستخفاف بالقرآن"، ومنه قول ابن شهاب الزهري "لا تناظر بكتاب الله ولا بسُنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال أبو عبيد: "يقول: لا تجعل لها نظيرًا من القول ولا الفعل".

‌‌خصائص المثل القرآني وسماته البلاغية:
يتميَّز المثل عن الأساليب البيانية بخصائص فنية، وسمات بلاغية كثيرة، جمعها القرآن الكريم في أمثاله، فكانت في الذروة العليا من البلاغة والتأثير في القلوب والعقول، أما خصائص المثل وسماته بوجه عام، فإنها تُرَدُّ في جملتها إلى أربعة أمور[94]:
1- الإيجاز البليغ: وهو تأدية المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة محكمة.

2- إصابة المعنى: بأن يكون المثل مؤديًا للغرض الذي ضُرِبَ له أو قيل فيه، بحيث إذا أُلْقِيَ على المخاطَب وقع من نفسه موقعه، وأصاب مرماه، وسلَّم به تسليمًا لا يقبل التردد، وهذا يقتضي أن يكون المثل مطابقًا للواقع، مجرَّبًا عند السامع، لا ينكره عقل ولا دين.

3- حسن التشبيه: وذلك بأن يكون وجه الشبه بين المشَبَّه والمشبَّه به قويًّا، يدركه الذهن من غير تكلُّف في التأويل، وأن يكون في التشبيه جدَّة وطرافة وابتكار، حتى يكون التأثير به أقوى وأقدر على إبراز المعاني المعقولة في صور محسَّة.

4- جودة الكتابة: وذلك إذا كان المثل من باب الكنايات، بأن يعبّر عن حكمة دلت على صدقها التجربة، وشهد لها الواقع بالسلامة والصحة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 139.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 138.15 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.20%)]