|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحمد لله الذي رفع السّموات بغير عمد، وبسط الأرض في مدد،وخلق الإنسان في كبد،الفرد الصّمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد،والصّلاة والسّلام على أبي الزّهراء ،وعلى آله الأصفياء وصحبه الأتقياء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لقاء ربّ الأرض والسّماء . أمّا بعد: جرت سنّة الله في خلقه ألا يقوم لهم معاش ولا تستقيم لهم حياة إلا بالاجتماع و التآلف قال الله تعالى ((يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.)) فنزعة التعرّف إلى النّاس و الاختلاط بهم نزعة أصيلة في التوجيهات الإسلامية وهومن دواعي الطّبع التي تجزئ عن تكليف الشرع ،والإنسان اجتماعي بطبعه وتعدّ حياته في نطاق الجماعة يتفاعل معها.فبالعيش مع الجماعة وحسن العلاقة تستقر النفوس،وتصحّ العلوم،وتنتشر المعارف،فيعبد الله على بصيرة،وتتّضح معالم الدّين من إقامة الجمعة و الجماعات،و القيام بحقوق الناس في العبادات والمعاملات. و في المقابل يلحظ المتأمل عند بعض الأفاضل والأخيار عزوفا عن الاجتماع والخلطة وميلا إلى الانفراد والإنسحاب والانطواء على ذات أنفسهم،وقد يظهر منهم نحو إخوانهم جفاء ونفرة متذرعين بفساد الزمان وكثرة سبل الضّلال ورمي الغيربالسباب أوالكفروغيرها. فكانت العزلة عن الخلق موضوعا شائكا،إذ يحصل فيه التوهمات نظرا لخطإ المعطيات من تحزب لفئات أو تجاهلا للبينات،وقد اختلف العلماء في أيّّهما أفضل؟ . تعريف العزلة: لغة: تقول عزل الشيء يعزله عزلا وعزّله فاعتزل وانعزل وتعزّل،أي نحاه جانبا فتنحّى،وتعازل القوم:انعزل بعضهم عن بعض،واعتزلت القوم أي فارقتهم وتنحّيت عنهم قال الأحوص: يا بيت عاتكة الذي أتعزّل*** حذر العدى وبه الفؤاد موكّل اصطلاحا:خروج عن مخالطة الخلق بالإنزواء و الإنقطاع. العلماء القائلون بالعزلة وأدلتهم: فممّن رأى باستحبابها حاتم الأصم، سعدبن أبي وقاص، سعيدبن زيد، مالك بن أنس،سفيان الثوري، إبراهيم بن أدهم، الفضيل بن عياض، حذيفة المرعشي، بشر الحافي وحجتهم الكتاب والسنة وأقوال السلف،فقالوا هي سنة المرسلين، فكان أول من اعتزل إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، قال الله تعالى: ((وأعتزلكم وما تدعون من دون الله))...) فاعتزلهم لما يئس منهم وخاف على نفسه.وقال تعالى حاكيا قصة أصحاب الكهف: ((وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف)) قال ابن كثير:وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن..وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:أي الناس أفضل؟فقال:رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه،قال:ثم من؟ قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره ) متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه،كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، يعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير ) رواه مسلم.وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال و مواقع القطر يفر بدينه ) رواه البخاري. قال الحافظ: والخبر دال على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه .. وقد ذكر هؤلاء الأفاضل فوائد عزلتهم عن الناس من التفرغ للعبادة، والإستئناس بمناجاة الله لتحقيق معرفته، ثم السلامة من الوقوع في المعاصي وانقطاع أسبابها من الزور كالغيبة والنميمة، و الرياء و العجب ومسارقة الطبع من أخلاق الناس الرديئة، ثم إن كثيرا ممّن يعاشر الناس يصطدم بما لا يحمد من أخلاقهم فهنالك يجد الكبرياء، والزهو، والطمع، و التلون ونكران الصنيعة، ونكث العهد، ولا نجاة من هذه الشرور إلا في العزلة . ولسان حالهم يقول: ولما بلوت الناس أطلب ماجدا** أحادثه عند ارتكاب الشدائد فلم أر فيما ساعدني غير شامت** ولم أر فيما سرني غير حاسد لذا كان التخلص من شرهم وأذيتهم صيانة للدين عن الخوض في الخصومات و الفتن.قال عمر رضي الله عنه في العزلة :راحة من خلطاء السوء. العلماء القائلون بالخلطة وأدلتهم وممّن رأى باستحباب الخلطة والاختلاط بالناس سعيد بن المسيّب، وابن أبي ليلى، وهشام بن عروة، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وسفيان بن عيينة، وشريح القاضي وعامر الشعبي. وهو قول الجمهور والسلف واستدلوا كذلك بالوحيين على ماذهبوا إليه. فمن الكتاب قوله تعالى: (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكروأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...)) وقوله تعالى: ((إنما المؤمنون إخوة )) وقوله تعالى: ((وشاورهم في الأمر)) . ولا تكون مشورة إلا بالاجتماع معهم لا بالعزلة عنهم،وقوله تعالى(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)). ومن السنّة قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهروالحمى) رواه الشيخان، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه )البخاري في الأدب المفرد وعن بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(المؤمن الذي يخالط الناس ويصبرعلى أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولايصبر على أذاهم ) الترمذي وغيره. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال(المؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيه عيبا أصلحه ) البخاري في الأدب. وعلى هذا جرى العمل في حياة الأنبياء و المرسلين،حيث عايشوا مجتمعات طغت عليها دنايا النفوس، وانقلبت موازين الأمور، وانتشر فيها الغي والفساد، وانعدمت فيها مكارم الأخلاق، وما ملّوا وما كلّوا في تبليغ رسالات ربهم وأداء الأمانة الملقاة على عاتقهم ، وصبروا على أذى أقوامهم حتى أظهرهم الله عليهم وجعل العاقبة لهم ولأتباعهم إلى زمان المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم وما جرى له مع قومه.. إلى أن كمّل الله له الدّين وأتمّ عليه النعمة، وفتح الله به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وأقر عينه بالفتح المبين والنصر المستبين.. وقد ألقوا بين أيديهم عدة أسئلة... - هل إذا اعتزل الناس سيصلح المجتمع؟ فمن سيقوم بواجب التبليغ،و الأمربالمعروف والنهي عن المنكر؟وتذكير الناس بالولاء و البراء و الدفاع عن العقيدة من أهل البدع؟ قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال : إذاقام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه ، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذاأفضل. - وإذا انسحب الصالحون و المصلحون من الساحة من سيقود الجمع؟ فلم الرضا بالضعف و التقهقر في مهاوي الإحباط؟ والله ما كسدت بضاعة الله حتى يستلمها المهرجون والمفسدون والمبطلون ، ولذلك فالمؤمن الصادق كما يحرص على حمل المسواك لابد أن يحرص على حمل السلاح فإن فى حمله العزة والكرامة وفي إعتزاله الذل والصغار. - العزلة ضعف وعجز وهروب من الواجهة، ثم إنّ في المخالطة من المقاصد الدينية والدنيوية ما يستفاد من الاستعانة بالغير والقيام بحاجاتهم من تعلّم وتعليم، ونفع وانتفاع، وتأدّب وتأديب وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر فصل النزاع: الفاصل بين الاختلاط بالناس والانعزال عنهم هو تحقّق الانتفاع بالمخالطة: - من تعلّم العلوم الشرعية - أو مصاحبة العلماء والزهّاد - أوالتحلّي بالأخلاق الحميدة - والقيام بشعائر الإسلام - وتكثير سواد المسلمين - وإيصال أنواع الخير لهم من إعانة وإغاثة وعيادة وغيرذلك. أما إذاترتّب على هذا الاختلاط مفاسد عظيمة: - كالاشتغال عن ذكر اللّه أو الوقوع في المعاصي أو ارتكاب الأخلاق المرذولة،كان من الأولى العزلة مع مراعاة للآداب والضوابط: - كأن يعتقد أن عزلته عنهم ليسلم الناس من شرّه فيدفعه ذلك إلى استصغار نفسه والتواضع لا أن يسلم هو من شرّهم فيذهب به الحال إلى العجب بالنّفس والاستعلاء على الخلق، والإخلال بحقوق الآخرين كالسعي في حاجاتهم بالنّفس والنفيس والغالي والثمين،قال الإمام الخطابي:"إنّ العزلة يجب أن تكون تابعة للحاجة وجارية مع المصلحة. وقد لمح الحافظ في الفتح إلى هذا القيد بعبارة هي أدق وأشمل وأوفى، فيقول: "ولسنا نريد - رحمك اللّه- بهذه العزلة التي نختارها مفارقة النّاس في الجماعات والجمعات،وترك حقوقهم في العبادات من إفشاء السّلام،ورد ّالتّحيات وما جرى مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم، وصنائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم، فإنّها مستثناة بشرائطها جارية على سيلها ما لم يحلّ دونها شغل ولا يمنع عنها مانع عذر، إنّما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة، ونبذ الزيادة منها، وحطّ العلاوة التي لا حاجة بك إليها ") ويقول الإمام علي القاري:"و المختار هو التوسّط بين العزلة عن أكثر النّاس وعوامّهم، والخلطة بالصالحين،والاجتماع مع عامّتهم في نحو جمعهم وجماعاتهم" ولا تصلح العزلة لعامّة الناّس بابتعادهم عن النّاس وعن أهل العلم منهم خاصّة لأنّهم لايقوون على مقاومة الشيطان لأنه يأكل من القاصية.. - لذا قال الخطابي "فالعزلة إنّما تنفع العلماء العقلاء، وهي من أضرّ شيء على الجهّال"، - وقال ابن الجوزي"ولكن لا يصح هذاإلاللعالم فإنّه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتخبط" - وقال الرّبيع بن خثيم "تفقّه ثمّ اعتزل" وقال بعضهم "العزلة بغير عين العلم زلّة، وبغير زاي الزهد علّة" فضابطها العلم بالكتاب والسنّة الصحيحة، وزهد القلب والبدن عمّا في أيدي النّاس من متاع الدنيا وبهرجها، فالعزلة تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال. قال غيرهم : "اعلم أنّ الخلوة غير مقصودة لنفسها، وإنّما هي وسيلة لترك المآثم والمهالك، وتزكية النّفس بالفضائل،وتطهيرها من الرذائل، وأنت وإن خلوت من النّاس، فما خلوت من النّفس، وإن خلوت من شياطين الإنس، فما خلوت من شياطين الجنّ، فلا تحسب أنّه قد حصل لك المقصود بمجرّد الخلوة، ولا بلغت المراد، فمتى عرف الإنسان مقدار ما أنعم اللّه عليه من نعمتَيْ الإسلام والعافية، وما صُرِف عنه من الشواغل إلى الآخرة،وشربت عروق قلبه الرّضا بتدبير اللّه،وذاق حلاوة التوكّل على اللّه،والتفويض إليه،والثقة به ،فإنّه حينئذ أنشط النّاس إلى لقاء اللّه ـ عزّوجلّ ـ على أحسن الأحوال إلى اللّه تعالى،وأحذرهم من لقاء اللّه تعالى على الحال التي يكرهها اللّه تعالى منه،والله أعلم وأحكم وله الأمر من قبل ومن بعد وصلّى الله على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا. إخواني الفضلاء ، أهل العقول النيرة ، أصحاب الصدور والفطرة السليمة ، أصحاب الديانة الحسنة ، والرسالة الرضى:قال أحد العلماء :{ كان خيار السلف يؤثرون العزلة والإنفراد عن الناس إشتغالا بالعلم والتعبد إلا أن عزلة القوم لم تقطعهم عن جمعة ولا جماعة ولا عيادة مريض ولا شهود جنازة ولا قيام بحق إنما هي عزلة عن الشر وأهله ومخالطة البطالين). واعلموا حفظكم الله: أن: خير الناس أنفعهم للناس. في حفظ الله. |
#2
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرا على موضوعك
كما قال الحبيب عليه افضل الصلاة و السلام من خالط الناس و صبر على اداهم خير من الذي يعتزل الناس .
__________________
لقدس الأبية منصورة بعون الله منصورة كــــــــــــــــــلــــــــــــــــــنا لفلــــــــــسطين ![]() |
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك على الشرح والطرح المفيد دمت الى رضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
__________________
![]() اللهم احفظ جميع المسلمين وامن ديارهم ورد عنهم شر الاشرار وكيد الفجار وملأ قلوبهم محبة لك وتعظيماً لكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
|
#4
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
********* بارك الله فيك ونفع بك. وجزاك الله خيرا. في حفظ الله. |
#5
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
***** السلام عليكم و رحمة الله. بارك الله فيك أختي الفاضلة. في حفظ الله. |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |