|
|||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) المحقق: دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث بإشراف خالد الرباط، جمعة فتحي تقديم: أحمد معبد عبد الكريم، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] التوضيح لشرح الجامع الصحيح تصنيف سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بابن المُلقّن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) تحقيق: دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث بإشراف: خالد الرباط - جمعة فتحي تقديم: فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم أستاذ الحديث بجامعة الأزهر إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إدارة الشؤون الإسلامية - دولة قطر فريق العمل في تحقيق وإخراج كتاب التوضيح في دار الفلاح - الفَيُّوم بإشراف: خالد محمود الرباط جمعه فتحى عبد الحليم التحقيق والمقابلة والتعليق وائل إمام عبد الفتاح أحمد فوزي إبراهيم حسام كمال توفيق خالد مصطفى توفيق عصام حمدي محمد عبد الله أحمد فؤاد ربيع محمد عوض الله أحمد روبي عبد العظيم أحمد عويس جنيد هاني رمضان هاشم محمد زكريا يوسف - سامح محمد عيد - سعيد عزت عيد عادل أحمد محمود - طه مصطفى أمين - عماد مصطفى أمين محمد عبد الفتاح علي - محمد أحمد عبد التواب - مصطفى عبد الحميد الإصلابي تقدير وعرفان إلي سعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر السيد فيصل بن عبد الله بن زايد آل محمود وفضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم أستاذ الحديث بجامعة الأزهر على توجيهاته النافعة وما أولاه من اهتمام لهذا الكتاب دار الفلاح إهداء * إلى روح والدي الشيخ محمود علي الرباط رحمه الله * وإلى فضيله الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم حفظه الله سائلا المولى أن يجزيهما عنا خير الجزاء خالد محمود الرباط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة سعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إن الحمد لله نحمده سبحانه وتعالى ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونصلى ونسلم على صفوته من خلقه وخاتم رسله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. وبعد: فإن الأمم الواعيه هى التي تعرف قيمه تراث أسلافها وتدرك أن حاضرها لا يمكن أن ينهض إلا على أساس من مخزون ثقافتها وفكر أئمتها. ومن أجل هذا تعمل وزاره الأوقاف والشؤون الإسلاميه جهدها على المشاركه في إحياء هذا التراث وتقديمه إلى العلماء وإتاحته للباحثين. والحمد لله على توفيقه فقد وقع ما قدمته الوزاره من ذخائر وما أخرجته من أمهات المراجع والمصادر، وقع موقع الرضا والإكبار من أهل الشأن والإختصاص وذوى الرأى من كبار العلماء والمفتين. وهذا من فضل الله علينا وحسن توفيقه. واليوم نقدم هذا الكتاب الجليل الكبير: (التوضيح لشرح الجامع الصحيح) لسراج الدين بن الملقن. وهو كتاب كبير بحجمه الذي بلغ ستهً وثلاثين مجلدًا وكبير بمؤلفه ومنزلته ومكانته وإمامته في فنه وكبير بموضوعه فهو شرح لصحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله. ونحن تقدم هذا الكتاب نسأل الله سبحانه أن ينال من الرضا والقبول ما نالته أعمالنا السابقه وإليه -جلّ وعلا - نضرع أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم وأن يديم توفيقنا وأن يهبنا من حوله وقوته فإنه لا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين فيصل بن عبد الله آل محمود وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميه رئيس مجلس إداره الهيئه القطريه للأوقاف دوله قطر لجنة إحياء التراث الإسلامي إدارة الشؤون الإسلامية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كلمة لجنة إحياء التراث الإسلامي الحمد لله وكفى وسلام على رسوله الذي اصطفى وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: فإن كتاب (التوضيح شرح الجامع الصحيح) لابن الملقن (ت ٨٠٤ هـ) جاء حافلًا بالفوائد والفرائد وبخاصة في النصف الأول منه. والكتاب يطبع لأول مرة حيث تولي الوزارة اهتمامًا كبيرًا بالمخطوطات وتحقيقها سعيًا لاستكمال المكتبة الإسلامية ولا تخفى أهمية شروح الحديث النبوي الشريف في توضيح المعاني واستنباط الأحكام وإزالة للإشكال ورفع اللَّبس وقد قام خبراء الوزارة بفحص الكتاب والثناء على عمل المحققين وتوجيه النصح حيثما لزم. وقد أشرف على تحقيقة الدكتور أحمد معبد عبد الكريم أستاذ الحديث بالأزهر فأجاد وأفاد فله الشكر منّا والأجر من الله تعالى. وكلنا أمل أن يحظى الكتاب بما يستحق من عناية العلماء والباحثين وطلبة العلم وأن يرفدوا الوزارة بآرائهم واقتراحاتهم للمضيّ قُدمًا في مشروع إحياء التراث الإسلامي والله من وراء المقصد. لجنة إحياء التراث الإسلامي تقديم بقلم أ. د/ أحمد معبد عبد الكريم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن من يستعرض الشروح لكتب الحديث المسندة في مظانها من كتب التراجم، أو مصادر بيان المؤلفات الحديثية ومصادر فهرسة المخطوطات والمطبوعات فسيجد أن شروح صحيح البخاري تعد أكثر من شروح أي كتابٍ آخر من كتب الحديث المسندة، وقد قام أحد الباحثين المعاصرين وهو الشيخ محمد عصام عرار الحسيني بجمع ما تيسر له من الشروح والتعليقات على صحيح البخاري فبلغ ما ذكره (٣٧٥) مؤلفا، وذلك في كتاب له بعنوان «إتحاف القاري بمعرفة جهود وأعمال العلماء على صحيح البخاري» (طبع للمرة الأولى سنة ١٤٠٧ هـ ط دار اليمامة للطبع والنشر- لبنان- بيروت). ومن يستعرض ما طُبع من هذِه الشروح والتعليقات فسيجد عددا غير قليل، لكن سيجد أن ما طُبعَ محققا تحقيقا علميا موثقا يُعد نادِرًا، ولهذا فإنه عندما عرض عليَّ الأخ الأستاذ خالد الرباط نماذج من تحقيقه هو وزملائه لهذا الشرح، أرشدته إلى بعض الأمور التي ينبغي أن يُعتنى بها، ثم أتموا تحقيقه والتعليق عليه، فسررتُ بذلك؛ لأنه يُعد إضافة جديدة تدعم هذا العدد النادر من شروح هذا الجامع الصحيح المطبوعة بعد تحقيقها تحقيقًا علميا موثقًا. وأعني بالتحقيق العلمي الموثق باختصار: أنه الذي يعتمد فيه على أكبر قدر ممكن من النسخ الخطية الموثقة للكتاب، مع الإعتناء بتوثيق نصوصه بالعزو إلى المصادر الأصلية لتلك النصوص أو المصادر الوسيطة عند افتقاد الأصلية، ثم التعليق المفيد على ما يحتاج إلى توضيح أو تصويب. كما يُعتنى فيه بالفهارس المتعددة التي ترشد القارئ إلى أكبر قدر ممكن من محتويات الكتاب. وقد طلب مني الأخ خالد الرباط كتابة تقديم لهذا الشرح، مع ما يعرفه من ضيق وقتي وشواغلي، مما جعله يصبر عليَّ فترة ليست قصيرة، فيسَّر الله تعالى لي بعض الوقت لكتابة هذِه السطور المتواضعة، بعد أن نظرتُ في عدد من أجزاء الكتاب، واطلعتُ على عملهم فيه. وقد كنتُ أعلم أن الكتاب وُزِّعَ تحقيقه على عدد من الرسائل الجامعية بقسم الكتاب والسُّنَّة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ونُشرت فعلا إحدى الرسائل في مجلد عام ١٤١٨ هـ، دراسة وتحقيق أحمد حاج محمد عثمان، طبع المكتبة المكية ومؤسسة الريان- بيروت- لبنان. أما بقية الرسائل فلم تُطبع حتى الآن حسب علمي، والاطلاع عليها محدود، وغير متيسر إلا بمكةَ، وفي مكتبة الدراسات العليا، كما هو معلوم. وعندما راجعت القسم المطبوع المشار إليه، وقارنتُ بينه وبين الأجزاء التي قدمها لي الأخ خالد، لاحظتُ أنَّ العمل لا يقل عنه تحقيقا وتوثيقًا، وبالجملة فإنَّ عملَهم لا يقل عن مستوى الرسائل الجامعية، وأحب أن أشير أنني وجدتُ أن أحد النسخ الخطية للكتاب وهي نسخة حلب التي نُقلت حاليا إلى مكتبة الأسد بدمشق، لم يعتمد عليها الأخ أحمد حاج في القسم الذي حققه، كما صرَّح بذلك في مقدمة بحثه، في حين ذكر لي الأخ خالد الرباط أنه رغم صعوبة هذِه النسخة فإنهم اعتبروها الأصل لما لها من مميزات عن غيرها، واعتنوا بها في المواضع المشتركة مع باقي النسخ، لكنني مع ذلك أشرتُ عليه ببعض جوانب يسيرة في الأجزاء التي اطلعتُ عليها سواءً في تحرير النص، أو توثيقه بالتخريج. أما بالنسبة للكتاب، فسبحان الله؛ فإن ما عده الحافظ ابن حجر مغمزًا في هذا الشرح في وقته، أصبحنا الآن في وقتنا نراه ميزةً مهمة، فقد ذكر ابن حجر رحمه الله أن شيخه المؤلف اعتمد في هذا الشرح على شيخيه القطب الحلبي ومغلطاي، وزاد فيه قليلًا، وقال أيضًا: إنه جمع النصف الأول من عدة شروح، وأما النصف الثاني، فلم يتجاوز النقل من شرحي ابن بطال وابن التين، والمعنيون بفهارس المخطوطات في العالم حتى اليوم يعلمون أن شرحي قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي ومغلطاي بن قليج، لصحيح البخاري لا يوجد منهما في تلك الفهارس إلا بعض القطع اليسيرة، أما شرح ابن التين فلا يُعرف وجود شيء من نسخه كليةً. وبالتالي يصبح ما حفظه الإمام ابن الملقن من نقول عن هذِه الشروح الثلاثة ثروة علمية لا تُقدَّر، ويستحق عليها الثناء والترحم عليه. ورحم الله الحافظ ابن حجر فقد كان توافر النُّسخ الخطيَّة لهذِه الشروح وغيرها في مكتبات مصر في أيامه، وعدم تصوره لما تعرضت له خزائن تلك المكتبات من التشتت والضياع والإحراق والنهب بعد ذلك، كل ذلك جعله ينتقد صنيع شيخه في كثرة تلك النقول، بل إنه سجل بنفسه في ترجمة شيخه المؤلف أنه كان له مكتبة خاصة ضخمة وأنه احترق جلها في أواخر حياته، فتغير عقله حزنًا عليها. فلذلك يُعد ما حفظه هذا الشرح من نقول من هذِه الشروح أو من غيرها ميزةً له الآن لا مَغمزًا، بل إن ابن الملقن نفسه عدَّ نقوله هذِه مَفْخرة حرص على تقريرها كما سيأتي. ومما ذكره من مصادره أو عز إليه أثناء الشرح ويُعد الآن مفقودًا جلُّه أو كله: «تاريخ نيسابور» للحاكم، و«سنن أبي علي بن السكن»، و«المختلف فيهم» لابن شاهين، و«الكنى» للنسائي، و«المراسيل» لابن بدر الموصلي، و«الصحابة» للعسكري، و«الأطراف» لأبي مسعود الدمشقي، و«أمالي ابن السمعاني»، و«الناسخ والمنسوخ» للأثرم، و«المبهمات» لابن بشكوال، وشرح كل من القزاز والمهلب بن أبي صفرة للبخاري، و«تاريخ حران» لأبي الثناء حماد، و«الإكليل» للحاكم، و«السيرة» لأحمد بن أبي عاصم النبيل، و«تفسير سُنيد»، و«تفسير ابن مردويه»، و«تفسير عبد بن حميد»، و«تهذيب الآثار» للطبري، و«صحيح الإسماعيلي»، و«مسند أحمد بن منيع»، وغير ذلك. وقد أشار ابن الملقن بنفسه في خاتمة كتابه إلى اعتماده على تلك المصادر بما فيها شرح كل من شيخيه القطب الحلبي ومغلطاي، واعتزازه بذلك حيث يقول: (واعلم أيها الناظر في هذا الكتاب أنه نخبة عمر المتقدمين والمتأخرين إلى يومنا هذا، فإني نظرت عليه جل كتب هذا الفن من كل نوع، ولنذكر من كل نوع جملة منها، فنقول: ..) وساق قائمة طويلة، حتى قال: (ومن المتأخرين: شيخنا قطب الدين عبد الكريم في ستة عشر سفرا، وبعده علاء الدين مغلطاي في تسعة عشر سفرًا صغارا). ثم ذكر أنه هذب كثيرًا من هذِه الكتب بزيادات واستدركات. كما سيأتي في نهايه الكتاب. على أن في مجموع هذا الشرح كغيره ما لا يسلم منه جهد بشر من الخطأ والقصور، والكمال لله وحده. ونسأل الله تعالى للأخ المحقق وزملائه كل توفيق وسداد، وأن يجعل عملهم هذا فاتحة خير تحفز الهمم منهم ومن غيرهم لمواصلة المسيرة في الإحياء الحقيقي لشروح هذا الجامع الصحيح وغيره من الشروح الحديثية للصحيحين والسنن الأربعة وغيرها مما طال انتظاره لجهود المخلصين وخبرة الباحثين. والله الموفق. وكتب أ. د/ أحمد معبد عبد الكريم أستاذ الحديث بجامعه الأزهر مقدمه التحقيق بقلم / خالد الرباط إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - ﷺ -، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١]. وبعد: فإن التفكير في إنجاز الأعمال العظيمة يصحبه شعور النفس باستعظامها، أو شعورها باستصغارها، ولكلا الحالين دواعيه وعواقبه، ولكن الشروع في الإنجاز نفسه ثم مواصلته يحتاج إلى حماسة لا تلهبها إلا حرارة الجُرْأة .. الجُرْأة التي تُخرج الآمال من ظلمات العدم إلى نور الوجود. ولو كان عملنا هذا يدًا سريَّة أو صدقة مَخْفيَّة، لابتدرنا إلى كتمانها، حتى لا تعلم شمالنا ما أنفقتْ يمينُنا، ولكن أبى الله إلا أن يجْعله علانيةً تضيءُ أبصار المنصفين، وتُعْشي أعين الجاحِدين. وإنَّما نُلمح بكلماتٍ قليلة إلى تلك الجهود المبذولة والسنوات المَقْضيَّة التي استغرقها هذا العمل، ولسنا بذلك نعتفي إعجاب المطَّلعين، ولسنا بالعجب مُجاهِرين، ولكنَّا قصدنا من هذِه اللمحة إلى أمرين: أولهما: بيان الإمكانات البحثية التي تمتاز بها مؤسستنا مع ما اعتراها من صعوبات وضغوط تفوق الطاقة، وقد بدأنا بهذا الكتاب منذ ستة أعوام، لم يَقْطعها- نادِرًا- إلا الإنشغال بأعمال أخرى نضطر إليها لتسيير أمور العمل، ثم ما يلبث العمل أن يستمر في طريقه متحديًّا الظروف التي ربما عوَّقت كبريات المؤسسات عن إتمام عملها، كما نرى ونسمع ذلك كثيرًا. ورغم هذِه المثابرة الطويلة، ثم هذا النجاح، الذي كلَّل الله به جهودنا؛ فإننا كنَّا نطمحُ أن نزيد بهاءه بهاءً، وجلاله جلالا، فاعترضنا طريقان: أن نُعجِّلَ للباحثين منفَعته، وأن نؤخرها، فاخترنا تعجيل المنفعة على تأخيرها؛ فإن من الصعب حقًّا الوصول بهذِه الكتب إلى الصدارة التي تُرضي أهل العلم، وعزاؤنا أنه من أفضل الشروح -التي خرجت- تحقيقًا حتى الآن، إن لم يَكُن أفضلها على الإطلاق. وثانيهما: الإشارة بلمحة وفاء إلى هذِه الثُّلَّة من الباحثين الذين تربَّوا في أكنافِ دار الفلاح، وأُسنِدَ إليهم تحقيق الكتاب، والمتأمل في الأصل الذي عليه الكتاب يعرف حجم ما بذلوه لإخراجه، ليضعوه بين يدي أهل العلم في حُلة رائعة سهلة المنال عذبة المذاق، وقد يبذل الواحد منهم جُهدًا مضنيًا في التحقق من كلمة أو سطر ثم لا يظهر هذا الجهد في حاشية أو تعليق، ولا أدعي أنهم كلهم على درجة عالية من الكفاءة والعلم، بل هم متفاوتون في ذلك، ولكن عندهم من الجد والإخلاص ما يجعلني أستبشر لهم -بعد مزيد من الخبرة والعلم- بإذن الله بمستقبل مشرق في خدمة تراث أمتنا العظيم. خالد الرباط ت ٠١٠٦٦١٣٣٦٩/ ٠٠٢ Email: [email protected] فصل في التحقيق والتراث والمحققين قد أفردت للذين شاركوا في هذا الكتاب لوحة شرف، وهذا أقل ما يجب نحوهم، حتى وإن اعترى عملهم شيء من التقصير، ولسائل أن يقول: لِمَ هذا الزحام في كتابة أسماء المشاركين في التحقيق، ألا يكفي اثنان أو ثلاثة من المحققين البارزين؟ والحقيقة أني تعمدت ذلك لأسن سُنَّةً حسنة، وإنْ سبقني إليها غيري فأنا أُحييها، فإن المقتدين بها قلة، وأرى أن إظهار الذين قاموا بالعمل أفضل من عمل البعض من التنويه بهم في صفحات مخفية بُغية ألا يطلع عليهم أحد، وأرى أن فعلي هذا هو الذي تقتضيه الديانة والأمانة، والغريب أن غالب أهل الباطل يعزون العمل إلى فاعِلِيه كما في الأفلام والمسلسلات بل وفي الأغاني القصيرة! تجد عشرات؛ بل أحيانا مئات الأسماء لوصف طبيعة عملهم بدقة، أليس حريًّا بأهل العلم أن يكونوا مَثَلا يُحتذى به في الصدقِ والأمانة ونسبة العمل إلى أصحابه؟ ولا ندعو بذلك إلى تقليد الأفلام، ولكن كثيرًا من الأخلاق والمعاملات الإسلامية قد افتقدها المسلمون وأخذ بها طلاب الدنيا ففاقوا بها كثيرًا من المسلمين، ولستُ بحاجة أن أدلل على ذلك. إن من طبائع النفس البشرية التطلع إلى حب الشهرة والظهور، وهذِه طبيعة تحتاج إلى توجيه وترشيد وتقويم، ولو أُطلق لها العنان ووجدت لذلك أرضا خصبة لأفسدت في الأرض أيما إفساد، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)﴾ [الشمس: ٧ - ١٠]. ولتعذرني أُخيَّ إن أطلتُ قليلا في هذا الموضوع، وأستعرضُ هنا حُجَج المخالفين، الذين يسوِّلون لأنفسهم الانفرادَ بنسبة أعمالٍ إليهم لم يقوموا بنصفها ولا رُبْعها بل ربما لم يروها إلا بعد الطباعة، ولستُ بذلك أقصد رجلًا بذاته؛ فإنَّ منهم من نَفَعَ الله به ما لم يبلغه نفع المئاتِ من غيره، ولكنِّي لا أستئني في حديثي هذا حتَّى لا يكون الاستثناءُ مَطيّةً، ويُعد كلُّ شخص نفسه داخلا في الاستثناء، ولكن دعونا نتعاون في صياغة قواعد إسلامية لهذا الباب، لا ننحرف عنها إذا اتفقنا عليها، فالخطأ في كلامي وارد. * أما حجج المؤيدين والفاعلين لهذا السلوك فتتلخص في الآتي: ١ - أنه صاحب الفكرة. ٢ - أنه الممول لهذا العمل العلمي. ٣ - أن الذين عاونوه في العمل قاموا بأعمال ثانوية. ٤ - أن الذين عاونوه في العمل مستواهم العلمي دون المطلوب ولا يليق بأن يضعهم معه. ٥ - أن بعض الجهات الرسمية لن تدعم هذا العمل إذا وجدت عليه أسماء من جنسيات أخرى. ٦ - أنه عمل جماعي هو الذي قام بالإشراف والتوجيه والتمويل وجلب ما يلزم من مخطوطات وكتب وكوادر علمية وفنية (مثل أصحاب المكاتب). ٧ - أن بعض المشايخ الثقات قد أفتى بذلك. وسوف نستعرض كل حُجة مفصلين لها ومدحضين إياها، نقول وبالله التوفيق: ١ - أنه صاحب الفكرة. إن أفكار المشروعات العلمية وتحقيق الكتب متكررة وموجودة عند أعداد كبيرة من أهل العلم والباحثين، بل وعند بعضهم خطط هذِه الأعمال وربما نماذج منها، لكن العبرة بالإنجاز. فإن قيل: إن صاحب الفكرة قام بتمويلها ومتابعتها حتى خرجت للنور؟ قلتُ: وهل تعجز كلمات اللغة العربية عن وصف عمله وعمل الآخرين، حتى يستأثر به لنفسه. ثم مسألة التمويل سيأتي ذكرها. فإن قيل: إن الفكرة كالاختراع لها حقوق ينبغي احترامها ونسبتها إلى صاحبها؟ قلتُ: الأمر يختلف في الأبحاث والتحقيقات الشرعية، ألا يحدث كثيرًا أن يتقدم باحث بخطة لحصوله على الماجستير أو الدكتوراه لكلية ما، فتُرفض الخطة، فيأخذها غيره ويقدمها لكلية أو جامعة أخرى فتُجاز وينفذها .. لمن يُنسب العمل؟ ألصاحب الخطة الأولى، أم لمنفذها؟ الجواب معروف؛ لأن إشكالات الأعمال العلمية في التنفيذ لا الفكرة، ليس هذا تقليلا من شأن الفكرة؛ ولكن لأن الواقع هو توارد الأفكار في الحقل الإسلامي وتكرارها بصورة كبيرة. كم شخصٍ وجهةٍ فكَّر وخطط لعمل «موسوعة حديثية»، وكثيرًا ما تكون بمنهج يكاد يكون متطابقًا، فهل يعني ذلك أن صاحب أول تفكير هو الذي يحتكرها؟ وإذا قام غيره بتنفيذها نكتب اسم صاحب الفكرة الأولى على أنها من عمله. وانظر كذلك إلى فكرة «الموسوعة الفقهية»، خططت لها عشرات الجهات وأقدم على تنفيذها الكثير، وأيضًا موسوعات المصطلحات والأصول .. وغير ذلك كثير. إن انسحاب براءة الإختراع على أفكار الأعمال العلمية الشرعية لا يتطابق بالضرورة، وإنما الذي يتطابق هو تنفيذ العمل نفسه، ولنضرب مثلا آخر: ماذا لو أعلنت خزانة من خزانات المخطوطات عن عثورها على نسخة من كتاب كبير ونفيس كان مفقودا، ثم أعلن شخص أنه سيبادر إلى إخراجه وتحقيقه، ثم أعلن غيره وغيره .. هل نقول: هذِه فكرة الأول ولا يصح التعدي عليها ومن ينفذها فينبغي أن ينسبها لأول مُعلِن عن الفكرة. وألفت النظر أن هذا يختلف عن التعاون والتنسيق بين المحققين. ٢ - أنه الممول لهذا العمل العلمي: أقول: إن منفذي الأعمال في أنحاء العالم كله غالبا غير مموليها، ولنضرب مثلا قريبا من هذا الدكتور أحمد زويل الفائز بجائزة نوبل، كرر مرارا تقديره للجهات التي يعمل فيها ودعمت أبحاثه التي فاز بها، ولم يُنفق عليها من جيبه فلسا، أما الحقوق .. فإنها ترجع لاتفاق التمويل، وليس هذا هو محور حديثي، وإنما الحديث حول نسبة العمل لعامليه. وكثير من الولاة ووجهاء المسلمين والحكومات قد مولوا أعمالا علمية أو صناعية ونُسبت إلى فاعليها، وماذا لو دعمت حكومات أو وزارات أو جهات أو تجار وأفراد لا علاقة لهم بالعلم بعض الأعمال، بل ربما يكون أحدهم أميًّا لا يعرف القراءة والكتابة، ![]()
__________________
|
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 26 الى صـــ 50 الحلقة (2) ولا يمنعه هذا الأجر إن شاء الله، هل نكتب مثلا: «سؤالات الدارقطني» تحقيق الحاج حسن تاجر الملابس والخردوات، أو مقاول البناء والتشطيبات؟! أو «معجم الشيوخ» تحقيق شركة الإسمنت ومواد البناء! أو «الفقه الإسلامي» من تأليف شركة تسويق الخضار والفاكهة! أو «الأعمال الكاملة» جمعتها مؤسسة النظافة والصيانة! وليعذرني قارئي الكريم على هذِه الأمثلة، فقد استشرى الداء، ولم يعد بد من مناقشة هذا الأمر. ولو أخذنا بهذِه الحجة فلننسب أعمال البعثات العلمية التي تتحمل تكاليفها الحكومات إلى رئاسة الجمهورية أو الديوان الملكي أو وزير الخزانة! ٣ - أن الذين عاونوه في العمل قاموا بأعمال ثانوية: أقول: هذِه الأعمال إما أنها قليلة جدًا فلا بأس بالإشارة فقط إلى فاعليها، أما إذا كانت الأعمال الثانوية مثلا: نسخ المخطوط، ومقابلة النسخ، واستخراج المصادر .. إلى آخره، ثم قام سعادته بالنظر إلى العمل الذي استغرق سنوات ثم تَصَفَّحهُ في ساعات وأبدى ملاحظاته وتوجيهاته، فلا بأس أن يكتب اسمه كإشراف أو اعتنا مع ضرورة كتابة العاملين الحقيقيين لهذا العمل. ٤ - أن الذين عاونوه في العمل مستواهم العلمي لا يليق بأن يضعهم معه، وأنه يصلح الكثير من أخطائهم: إذا كان الوضع كذلك فلا يستعن بهؤلاء أصلًا أو ليَسْتَغْنِ عنهم بعد معرفة حالهم، أو أن عملهم كان قابلا للتعديل، فليكتب أنه قام بالتصحيح والمراجعة والتعديل. نعم في حالات يكون هناك طلبة علم تحت التدريب ويعطيهم الشيخ بعض الأعمال ليتمرسوا فيها، ثم إنه قد يراجعها ويفيد منها، وهذِه صورة قليلة بعيدة عن محور كلامي. ٥ - أن بعض الجهات الرسمية لن تدعم هذا العمل إذا وجدت عليه أسماء من جنسيات أخرى. أقول: وهل من الشرع التدليس على الجهات الرسمية؟ وإن لم يكن من الأمر بد فعلى الجهات الرسمية القيام بالسلوك الصحيح، ولو حاول الجميع في إيصال هذا المعنى لهم لوجدنا استجابة، وهل الجهات الرسمية إلا أنا وأنت أو ابن عمي وابن خالي، وجاري. وإلا فلنترك المجال لمستحقيه من الذين يعملون بأيديهم وتنطبق عليهم شروط هذِه الجهات. ٦ - أنه عمل جماعي هو الذي قام بالإشراف والتوجيه والتمويل وجلب ما يلزم من مخطوطات وكتب وكوادر علمية وفنية (مثل أصحاب المكاتب). أقول: وما المانع أن يُنسب العمل إلى الجماعة، وقد سبق بيانه. ٧ - أن بعض المشايخ الثقات قد أفتى بذلك: أقول: وماذا لو أفتى غيرهم بخلاف ذلك؟ ألا يحتاج منا ذلك أن نتبين الحكم الشرعي الراجح؟ أليس واردا أنه قد تم التلبيس على هؤلاء المشايخ؟ أليس واردا عدم إحاطتهم- مع احترامي لهم- بالملابسات الحاصلة، أو أخذهم الأمر وكأن أحد تلاميذهم يقابل معه مؤلَفَهُ المنسوخ من دروسه، أو يصوب له التجارب؟ وهذا أبسط حق للشيخ على تلميذه. ثم ماذا لو كان الأمر مسألة أخرى متعلقة بحق مادي وأفتاه أحدهم بأن ليس له حق، وأفتاه غيره بأن له الحق، ألن يدقق في المسألة ويبحث ويجادل ويسأل غير هذا وهذا، وربما يأتي للمخالف بالردود ولهذا بالحجج والبراهين، زاعمًا أنه يحرر المسألة، أليس في ذلك تشبهًا بالمنافقين ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩)﴾. إن اختطاف مثل هذِه الفتوى والعمل بها لهو تأسيس بناء على شفا جُرُفٍ هار .. أين تحرير المسألة والوصول لأصلها وبحث فروعها؟ أين تحري الحلال، والبعد عن المشتبهات؟ أين درء المفاسد وسد الذرائع؟ هل هذا فقط متعلق بعوام المسلمين الذين نعظهم ونخاطبهم فننتقد إسرافهم في الحلال، ونرجح وقوعهم في الحرام، ونختار لهم من الأحكام أشدّها، ومن الأعمال أعسرها، حرصا على شدة إيمانهم وقوة عزيمتهم! * مفاسد هذا العمل بحسب ما رأيتُ: ١ - فيه تدليس وتلبيس على طلبة العلم وعموم المسلمين. واعتياد المفترض فيهم القدوة على الكذب والافتراء. ٢ - احتكار القادرين وأصحاب الأموال وتوجيههم لبعض الأعمال العلمية بحسب ما يرون مع ضعف علمهم. ٣ - إذلال الفقراء من أهل العلم وعدم الإنفاق عليهم ما لم يُشاركوا في هذا التدليس. ٤ - تدهور أحوال مكاتب التحقيق قليلة الحيلة ما لم يُشاركوا في هذا التدليس. ٥ - إسناد الأمور إلى غير أهلها نتيجة الإعتقاد بأنهم أصحاب هذِه الأعمال. ورفع شأنهم العلمي بين عوام المسلمين فيفتونهم بغير علم فيَضلوا ويُضلوا. ٦ - تنافس طلبة العلم الموسرين المبتدئين على إخراج أعمال لا يصل إليها مستواهم العلمي، عن طريق غيرهم، مما يؤدي إلى تصدرهم هذا المجال ودخول العُجب عليهم، وتوقفهم عن طلب العلم، لأنهم طبعا أصبحوا علماء لا يُشق لهم غبار! ولا يصح أن يكونوا في مقام أقل من ذلك. ٧ - دخول أموال لهؤلاء المدلسين لا يستحقونها بما في ذلك التكريم والجوائز والدعوات والندوات والمؤتمرات .. وهذا من أكل الحرام. ويصل الأمر ببعضهم بأن يستحل ما اتفق عليه مع الباحث القائم بالعمل فلا يعطيه حقه رغم أنه يستفيد أضعافًا مضاعفة. ٨ - نشر العداوة والبغضاء والحسد في الأوساط العلمية بين القادرين وغيرهم. ٩ - وأد روح الإبداع والطموح عند المتميزين من طلبة العلم الفقراء ومتوسطي الحال. ١٠ - إقبال الهيئات العلمية الرسمية -والأهلية- وكذلك بعض الجهات التي تحتاج هيئات شرعية، على اتخاذ بعض المزيفين من هؤلاء المدلسين كعلماء أعضاء وكوادر بها، اعتمادا على كم الأعمال وذياع الصيت، ولعَمري إن كثيرًا من علماء المسلمين مات ولم يترك إلا كتابا أو بضعة رسائل، منهم من المتقدمين سيبويه لم يترك إلا «الكتاب»، ومن المتأخرين الشيخ عبد الرزاق عفيفي لم يترك إلا رسائل كانت تدرس في الجامعة. بالله عليك أخي الكريم هل تُنكر عليَّ خطأً في عبارة واحدة مما سبق؟ وهل مرت عليك مثل هذِه المفاسد أو سمعت بها قبل ذلك؟ ولست أريد هنا أن أقطع الصلة بين العلماء غير المتفرغين للعمل العلمي وبين طلابهم الذين يستفيدون علميًّا وعمليًّا بمشاركتهم مشايخهم في إنجاز أعمالهم، أو أَنْهى عن معاونة المشايخ والدعاة في تحضير دروسهم ومناظراتهم وخطبهم، بل إن هذا قد يكون واجِبًا في بعض الأحيان، إنما أتحدث عن واقعٍ مرير، وداءٍ انتشر ويزداد انتشارًا بصورةٍ لم نسمع عنها من قبل، ولا يمكن لأحد في مجال البحث والتحقيق والنشر أن يُنكر ذلك، وأظن أن حديثي واضحٌ بما فيه الكفاية فلا تُحَمِّلُّوه ما لا يحتمل. ولا يعني ذلك أن الصورة سوداء، فالحمد لله الخير كثير، وأهل الحق لا زالت لهم الغلبة. قيل: الكلام السابق يغلب عليه السطحية والبساطة، وليس فيه عُمق وغير مبني على قواعد قوية! قلتُ: نعم فيه شيء من السطحية والبساطة؛ لأن التبحر في الموضوع سيُظهر كثيرًا من الفضائح والطَّامات واللصوصية التي نود أن نضرب عنها -الآن- صفحًا لعل الأمور تسير نحو الأفضل، ونأمل أن ينتشر الوعي بهذا الداء، ليقل خطره وليُعْطَى كل ذي حق حقه، والتعمق في الموضوع قد يؤدي إلى كثير من اللغط والأخذ والرد، وربما اتهام لكثير من الأفاضل بالباطل، فكم من متربصٍ بهم، يتمنى أن يظْهر من عوراتهم ما لا يوجد أصلًا، أو يبالغ في بعض أحوالهم التي لا ترقى لهذا التدليس. ولا يعني ذلك أيضًا أن هذا هو الداء الوحيد الموجود في الأوساط العلمية، فهناك السرقات العلمية الصريحة ومن آخرها محاولة فردٍ السطو على أعمال لا يقدر عليها إلا فريق كبير، والادعاء بأنه قد أنجز هذا العمل، ولو قضى عمره كله فيه لما استطاع ذلك، مع ضعفه العلمي وقصور اطلاعه .. لكن مع خبرة كبيرة في الكذب والزور قد ينطلي كلامه على غيرِ أهل النظر والفراسة، «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتبَ عِنْد اللهِ كذابا»، وكما أنَّ هناك أنواعًا مختلفة من اللصوصية ظهرتْ وانتشرف في هذا الحقل تحتاجُ إلى الأخذ على اليد، هناك أمراض أخرى تحتاج إلى نصح ومعالجة، وليس هذا مجال بسطها، وأظن أيضًا أنني قد وضعت نفسي موضعًا لا أُحسد عليه، ربما أتسبب في إغضاب بعض معارفنا، وربما يتخذني البعض غَرَضًا، لكن الحق أحق أن يُتبع، والله أسأل أنْ يُسلمنا وأن يقينا شرور أنفسنا وشرور خَلقه. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد. فريق العمل على كتاب التوضيح قد ذكرتهم في واجهة الكتاب، وجميعهم من العاملين بدار الفلاح، وكما أشرف آنفا فهم متفاوتون في المستوى العلمي والفني، إلا أني أود أن أنوه بعمل بعضهم؛ فما كان من تخريجات مطولة فغالبا للأخ أحمد فوزي، وما كان من دقة في تتبع المصادر وتوثيقها فهي للإخوة وائل إمام وحسام كمال وعبد الله فؤاد، ثم ربيع محمد وأحمد عويس، وأكثر المقابلات كانت للأخين خالد مصطفى وعصام حمدي. وأما التعليقات العقدية فأكثرها مني، ومراجعات متن البخاري لي مع الدكتور جمعة فتحي والأخ أحمد روبي، والعمل في مجمله مشترك والأمور السابقة هي للغالب. وهناك بعض الذين لم أذكرهم لقصر المدة التي قضوها مع الكتاب أو لقلة عملهم فيه، وهم: كمال محمود موسى، ووئام الحوشي، ومحمد رمضان، وأحمد عبد الله محمد علي، وسيد قطب، وشريف عبد اللطيف، ومحمد سعد، وأحمد عبد المجيد، والسيدة/ مها محمود. شكر وتقدير أتقدم بوافر الشكر لكل من عاون في إخراج هذا الكتاب ومنهم: الأخ العزيز محمد طه آل بيوض التميمي بوزارة الأوقاف بقطر، والأخ عبد العزيز الراجحي، بمركز الملك فيصل للمخطوطات بالرياض، الذي يسر لي تصوير ما أحتاجه من نسخ بالمركز، والأخ عبد الرحمن الجميزي الذي تابع لي التصوير من الجامعة الإسلامية، وأخي الشيخ إمام علي إمام، وكذلك الدكتور سليمان العازمي بالكويت. والأخ غنيم عباس صاحب مكتب الكوثر الذي آثر أن نقوم بهذا العمل بعد أن بدأه. ولا يفوتني أن أشكر الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري على ملاحظاته وتوجيهاته، سواءً المتعلقة مباشرة بالكتاب، أو ما استفدناه من كتبه. والشكر موصول لمشايخنا وأساتذتنا وأصحاب الفضل على: الدكتور سعد الحميد، والدكتور حمد الشتوي، والشيخ صالح السدلان، نسأل الله أن يبارك فيهم وأن يحفظهم من كل سوء، وأن يغفر لنا ولهم ولكل من له حق علينا. أما فريق العمل القائم على نشر التراث بوزارة الأوقاف بقطر فقد وجدتُ عندهم من الهمة والدأب والإخلاص ما لم أجده في غيرهم؛ وعلى رأسهم سعادة الوزير، والإخوة: علي المهندي، وعبد الله البكري، وحسن الأصفر وغيرهم ممن لا أعلمهم، ولا يعلمهم آلاف المستفيدين من جهودهم العظيمة، لكن الله يعلمهم، ولا ينفعهم ولا يفيدهم شكري أو ثنائي، والله حسيبهم وهو يجزيهم إن شاء الله بما هو أهله من الثواب الجزيل والأجر العظيم، والآخرة خيرٌ وأبقى. مقدمة حول السُّنَّة النبوية * السنه ومكانتها: إن المتتبع لما كُتب عن السُّنَّة ومكانتها من التشريع، وطرق تدوينها وحفظها، وتمييز صحيحها من سقيمها، ليجد كمًّا هائلا من المؤلفات القديمة والحديثة التي تفي ببيان هذا الموضوع بما يغني عن التكرار والكتابة فيه، ولكن من العجيب ظهور طوائف معاصرة من المتعالمين الذين يشككون في السُّنة ووجدوا من يناصرهم في السر والعلانية، وأكثرهم -إن لم يكن كلهم- لم يطلع على حجج أهل الإسلام على صحة السنة وسلامة وصولها إلينا، وهذا إما بسبب الإغترار بما يظنون أنهم عليه من علم، أو تسفيههم لأهل الدين، أو أنهم مغرر بهم، أو تأدية بعضهم لدور مطلوب منهم في الحملات المنسقة لمحاربة الإسلام. وإن كانت هذِه الشبهات ليست بالجديدة فهي أفكار لبعض الفرق الخارجة عن أهل السُّنة والجماعة، ولم تتوقف في وقت من الأوقات؛ إلا أن حدتها تختلف، وكانت قد قلت لفترة طويلة نسبيا، ثم هي منذ سنوات مع تطور وسائل الإعلام تستعر وتثير كثيرًا من الغبار والدخان في محاولة للحد من الصحوة الحديثية الموجودة عند كثير من طلبة العلم في العالم الإسلامي. وهنا أذكر ما كان يكرره علينا بعض إخواننا في بداية الطلب -تبعا لمنظريهم- من عدم الحاجة للتبحر في علوم الحديث، بحجة أن السابقين قد كفونا مؤونة ذلك ولا حاجة للتدقيق الشديد في روايات السنة والبحث في خباياها، واستبدال ذلك بما هو أكثر نافعا من علوم واقعية -زعموا- تنفع المسلمين ولا تجدد الخلافات المذهبية التي عفا عليها الزمان. ولك أن تتصور إلى أي مدًى كان سيصل الحال بالمسلمين لو اتبعوا كلام هؤلاء المنظرين وقصَّروا في تعلم سنة نبيهم، ولوجد المشككون مَرْتعا خصبًا لأفكارهم التي هي بداية لإنكار الإسلام بالتشكيك في أصليه العظيمين: الكتاب والسنة. وأحب أن أشير إلى أمور في هذا السياق: الأول: أن من بدايات بدعة إنكار السنة في الأوساط المنتسبة للإسلام بالطريقة المنتشرة هذِه الأيام كانت من المعتزلة، فإنهم غلوا في شأن العقل، وجعلوه هو العالِم بحسن الفعل وقبحه، وصار الاستدلال بالقرآن والسُّنة عندهم اعتضادًا لا اعتمادًا، وردُّوا الأحاديث غير الموافقة لأغراضهم ومذاهبهم، وهذا هو عين فكر منكري السُّنة اليوم؛ لذا تجد الفريقين قد اشتركا في التشكيك في منزلة الصحاح، وفي إنكار عذاب القبر والميزان ورؤية الله في الآخرة .. وغير ذلك من البدع المشهورة عنهم. وأنكر حجية السنة أيضًا الخوارج والروافض. الثانى: أن التسليم بهذا القول يترتب عليه فساد أصل الدين والاعتقاد، بل والرسالة كلها، فلو كان الأمر كما يظنون فكان يكفي أن ينزل القرآن من عند الله بطريقة ما وقد تكفل سبحانه بحفظه، ولا حاجة لرسول أو لتطبيق عملي لهذا الكتاب لأننا سننكر هذا التطبيق لو وصل إلينا، ومفاسد هذا القول أكثر من أن تُحصى، وأقل ما يُقال أنها فكرة شيطانية لاجتثاث الإسلام وتدميره ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)﴾ [التوبة: ٣٢، ٣٣]. الثالث: يمكننا القول أن عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة هو قسيم لبدعة إنكار السنة وقرينها، فحجج منكري السنة تقف عاجزة أمام كثير من شرائع الإسلام كعدد ركعات الصلاة، ومقدار الزكاة ونصابها .. إلخ، فزيَّن لهم الشيطان أن هذِه سنة عملية أو متواترة لا ننكرها، غير أن منكري الاستدلال بأخبار الآحاد في العقيدة يأخذون بها في غير العقيدة، بل إن كثيرًا منهم يستدل بالأخبار الضعيفة والموضوعة لنصرة مذهبه الفقهي وعمل البدع، وهذا من التناقض العجيب، فأحاديث الآحاد الصحيحة لا يأخذون بها في جانب، والموضوعات والواهيات يستدلون بها في جانب آخر!. وبهذا البيان السابق لا أجد حرجا أن تتضمن مقدمة هذا الكتاب لمحة موجزة ومفيدة عن هذا الموضوع. فصل فى أهميه علم الحديث اعلم أنَّ أنف العلوم الشرعية ومفتاحها ومشكاة الأدلة السمعية ومصباحها، وعمدة المناهج اليقينية ورأسها، ومبنى شرائع الإسلام وأساسها، ومستند الروايات الفقهية كلها، ومأخذ الفنون الدينية دِقّها وجلّها، وأسوة جملة الأحكامِ وأُسَّها، وقاعدة جميع العقائد وأصلها، وسماء العبادات وقطب مدارها، ومركز المعاملات ومحط حارِّها وقارها، هو علم الحديث الشريف الذي تُعرف به جوامع الكلم، وتنفجر منه ينابيع الحكم وتدور عليه رحى الشرع بالأثر، وهو ملاك كل أمر ونهي، ولولاه لقال من شاء ما شاء، وخبط الناس خبط عشواء وركبوا متن عمياء، فطوبى لمن جدَّ فيه، وحصل منه على تنويه، يملك من العلوم والنواصي، ويقرب من أطرافها البعيد القاصي، ومن لم يرضع من درِّه، ولم يَخُض في بحْرِه، ولم يقتطف من زهْرِهِ، ثم تعرَّض للكلام في المسائل والأحكام، فقد جار في ما حكم، وقال على الله ما لم يعلم، كيف وهو كلام رسول الله - ﷺ -، والرسول أشرف الخلق كلهم أجمعين .. وهو تلو كلام الله تعالى، وثاني أدلة الأحكام، فإن علوم القرآن وعقائد الإسلام بأثرها وأحكام الشريعة المطهرة بتمامها، وقواعد الطريقة الحقة بحذافيرها، وكذلك الكشفيات العقليات بنقيرها وقطميرها، تتوقف على بيانه - ﷺ - .. فكل قول يصدقه خبر الرسول - ﷺ - فهو الأصح للقبول، وكل ما لا يساعده الحديث والقرآن، فذلك في الحقيقة سفسطة بلا برهان، .. وما الحق إلا فيما قاله - ﷺ - أو عمل به، أو قرره أو أشار إليه، أو تفكَّر فيه، أو خطر بباله، أو هجس بخلده واستقام عليه، .. فياله من علمٍ سيط بدمه الحق والهُدى، ونيط بعنقه الفوز بالدرجات العُلى (١). * أهمية الإسناد وفضله، وبيان أنه من خصائص هذه الأمة: لقد خص الله -سبحانه وتعالى- هذِه الأمة المحمدية بالإسناد، وأن الوقائع كانت تروى بالسند المتصل ساعة حدوثها إلى أن استودعت في بطون الكتب، ينقلها الرواة طبقة بعد طبقة، وهذا الإسناد لا يوجد عند الأمم الأخرى، حيث أغفلته، ولم تتنبه إليه. قال أبو عليّ الجيّاني ت ٤٩٨ هـ: «خص الله تعالى هذِه الأمة بثلاثة أشياء لم يُعطها مَنْ قبلَها: الإسناد، والأنساب، والإعراب» (٢)، وروي هذا أيضًا عن أبي بكر محمد بن أحمد. وقال محمد بن حاتم بن المظفر: إن الله قد أكرم هذِه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد، إنما هو صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم. فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات. وهذِه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه، المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم؛ ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط،(١) «الحطة في ذكر الصحاح الستة» ص ٣٥، ٣٦ بتصرف يسير. (٢) «تدريب الراوي» ٢/ ١٦٠. والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجهًا أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عدًّا، فهذا من أفضل نعم الله على هذِه الأمة، فلْيُوزع الله شكر هذِه النعمة. وقال أبو حاتم الرازي ت ٢٧٧ هـ: لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسول إلا في هذِه الأمة (١). ويقول عبد الله بن طاهر ت ٢٣٠ هـ: رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمنى، فإن إسناد الحديث كرامة من الله -سبحانه وتعالى- لأمة محمد - ﷺ - (٢). وقال الشافعي ت ٢٠٤ هـ: مَثَل الذي يطلب العلم بلا حجة- يعني: بلا إسناد- مَثَل حاطب ليل يجمع حزمة حطب فيه أفعى يلدغه وهو لا يدري (٣). وقال يزيد بن زريع ت ١٨٣ هـ: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد. ويقول عبد الله بن المبارك ت ١٨١ هـ: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء (٤). وعنه أيضًا: مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم. (١) «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٣. (٢) «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٤. (٣) «المدخل إلى الصحيح» للحاكم ص ٢، «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٤. (٤) مقدمة «صحيح مسلم» باب: بيان أن الإسناد من الدين. «الإلماع إلى معرفة أصول الهداية وتقييد السماع» للقاضي عياض ص ١٩٤، «معرفة علوم الحديث» للحاكم ص ٤٠. ويقول أيضًا: بيننا وبين القوم القوائم، يعني: الإسناد (١). وسئل عن حديث عن الحجاج بن دينار، عن النبي - ﷺ - فقال: إن بين الحجاج وبين النبي - ﷺ - مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي (٢). وقال حماد بن زيد ت ١٧٩ هـ: وقد ذاكره بقية بن الوليد بأحاديث، فقال حماد: ما أجودها لو كان لها أجنحة! يعني: أسانيد (٣). وقال مالك بن أنس ت ١٧٩ هـ: في قول الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]. قال: قول الرجل: أخبرني أبي عن جدي .. إلخ. يقصد الرواية بالسند المتصل (٤). وقال سفيان الثوري ت ١٦١ هـ: الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح، فبأي شيء يقاتل؟! (٥). وقال شعبة بن الحجاج ت ١٦٠ هـ: كل علم ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهو خل وبقل. يريد بالعلم هنا: الحديث (٦). (١) قوائم الحديث: يعني: إسناده، فجعل ابن المبارك الحديث كالبيت لا يستقيم بدون أعمدة أو قوائم فكذا الحديث. والأثر رواه مسلم في المقدمة باب: بيان أن الإسناد من الدين. (٢) المفاوز: الأرض البعيدة عن العمران والماء ويخشى فيها الهلاك، وهذِه العبارة فيها استعارة جميلة. لأن الحجاج من تابعي التابعين، فأقلُّ ما يمكن أن يكون بينه وبين الرسول - ﷺ - اثنان: التابعي والصحابي، ولذا قال: مفاوز، أي: انقطاع كبير. (٣) انظر: «فتح المغيث» للسخاوي ٣/ ٤. (٤) «المدخل» للحاكم ص ٢. (٥) رواه السمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» ص ٨. (٦) رواه الخطيب في «الكفاية في علم الرواية» هـ ٢٨٣ باب: ما جاء في عبارة الرواية. والسمعاني في «أدب الإملاء الاستملاء» ص ٧، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ص ٥١٧ باب: القول في التحديث والإخبار. وقال الأوزاعي ت ١٥٧ هـ: ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد. وقال عبد الله بن عون ت ١٥١ هـ: كان الحسن البصري يحدثنا بأحاديث لو كان أسندها كان أحب إلينا. وقال أبو سعيد الحداد (١) ت ٢٢١ هـ: الإسناد مثل الدرج، ومثل المراقي، فإذا زلت رجلك عن المرقاة سقطت (٢). وقال مطر الوراق ت ١٢٥ هـ: في قوله الله تعالى: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الأحقاف: ٤]. قال: إسناد الحديث. * مكانة السنة: القرآن الكريم هو الأصل الأول للدين، والسُّنة هي الأصل الثاني، ومنزلة السُّنة من القرآن أنها مبيِّنه وشارحة له تُفصل مُجْمله، وتوضح مُشْكله، وتقيِّد مُطلقه، وتُخصص عامَّه، وتَبْسُط ما فيه من إيجاز. * حجيتها: قال الشوكاني: إن ثبوت حجية السُّنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يُخالِف في ذلك إلا مَنْ لا حظَّ له في الإسلام. (٣) ولم يُخالف في الاحتجاج بالسنة إلا الخوارج والروافض، وخالف المعتزلة بتحكيم عقلهم في السنة، فتمسك هؤلاء بما بدا لهم من فهم لظاهر القرآن وأهملوا السنن، فضلوا وأضلوا، وحادوا عن الصراط (١) هو أحمد بن داود الواسطي. (٢) رواه الخطيب في «الكفاية في علم الرواية» ص ٣٩٣. (٣) «إرشاد الفحول» ص ٢٩. المستقيم. وقد استفاض القرآن والسُّنَّه الصحيحة الثابتة بحجية كل ما ثبت عن الرسول - ﷺ -، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١]، وقال سبحانه وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)﴾ [النساء: ٥٩]. فهل قال أحد أن الأمر باتباع النبي - ﷺ - متعلق بحياته فقط؟ وإذا كان الأمر باق، فهل يأمرنا الله -عز وجل- بشيء مبهم وغير موجود لو اعتبرنا أن السنة الحقيقية غير موجودة! قد قال -عز وجل- ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ [النساء: ٦٥]. وقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)﴾ [الأحزاب: ٢١]. وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: ٧]. ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤] فإذا كان الأمر كما يظن منكرو السنه فما فائده أمر الله لرسوله ببيان القرآن؟! الإمام البخاري وكتابه الصحيح الإمام البخارى وكتابه الصحيح * عصر البخاري: ولد البخاري في أواخر عهد الأمين، وعاش في عهد المأمون والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمستنصر، والمستعين، والمعتز، وبذلك استغرقت حياته النصف الثاني من العصر العباسي الأول، وأوائل العصر العباسي الثاني، وكلاهما كانا من أرقى وأعظم عصور بني العباس. وقد امتاز العصر العباسي الأول (١٣٢ - ٢٣٢ هـ) بقوة سلطان الخلفاء، وانتشار نفوذهم، فقد كانت لهم الكلمة العليا والسيادة التامة على جميع العالم الإسلامي عدا بلاد الأندلس، وكانت الدولة الإسلامية قوية الشوكة، مهابة الجانب، عزيزة كريمة. وامتاز هذا العصر أيضًا، بأن أغلب من تولى فيه الخلافة من بني العباس، كانوا من العلماء، يعقدون مجالس العلم ويشاركون فيها بالحوار والمناقشة، كما كانوا يكرمون العلماء ويجلونهم ويقربونهم ويعولون على آرائهم (١) وكان المنصور نفسه من أحسن رواة الحديث، كما ذكر الجاحظ في «البيان والتبيين» (٢). (١) «تاريخ آداب اللغة العربية» ٢/ ٢١. (٢) «البيان والتبيين» ٢/ ١٥٦. وبلغ الإهتمام بالعلم والعلماء، وانتشار المعرفة والرغبة فيها مداه في عهد المأمون، حيث كثرت مجالس العلماء والحوار والمناظرة، وكان الخليفة نفسه يشارك فيها مما أدى إلى إطلاق الفكر من قيود التقليد، وانتشار الحرية الدينية، فظهرت البدع والفرق، وتأثر المأمون بآراء المعتزلة في القول بخلق القرآن وانتصر لهم (١). ودعا العلماء والفقهاء إلى القول بذلك، فحصلت الفتنة وأوذي فيها خلق كثير، وعلى رأسهم الإمام ابن حنبل والإمام البخاري فيما بعد. وقد ظل الناس مفتونين مضطهدين بمقولة خلق القرآن، مدة طويلة حتى عهد المتوكل، فهو الذي أمر برفع هذِه المحنة، وترك الناس أحرارًا فيما يعتقدون. وامتاز هذا العصر أيضًا بأن المسلمين نقلوا فيه إلى لغتهم، ما كان معروفًا من العلم والطبيعة والطب والرياضيات عن سائر الأمم المتمدنة كاليونان والفرس والهند، حتى قيل بأن ما نقله العرب في قرن لم يستطع نقله الفرس في قرون. وفي هذا العصر أيضًا ازدهر علم الأرصاد وتطور، وبدأت الفلسفة تنتشر وتنمو، وظهر فلاسفة كبار كيعقوب بن إسحاق الكندي وغيره. ويمكن القول بأنه في العصر العباسي الأول، توطدت دعائم الفقه وازدهر، ونقل إلى العربية أغلب علوم اليونان والفرس والهند، وظهر علم الكلام وأخذ ينتشر. أما العصر العباسي الثاني (٢٣٢ - ٣٣٤ هـ) فيبتدئ بخلافة المتوكل، ومحاولته كبح جماح الموالي ونفوذ الأتراك، الذي أخذ يطغى أواخر (١) «تاريخ آداب اللغة العربية» ٢/ ٢٢، ٢٣. العصر العباسي الأول، لكن المتوكل عجز عن ذلك لقوة نفوذهم في القصر والدواوين، وسيطرتهم على أغلب مواقع الدولة ونشاطها، حتى أصبحت كلمتهم هي العليا، مما أدى إلى انقسامات في الصفوف بسبب الصراع بين الطبقات، وخاصة بين الموالي والعرب الذين أبعدوا عن مناصبهم (١). ومن الناحية العلمية، فقد أراح المتوكل الأمة من محنة القول بخلق القرآن، فرفعها وأبطل الجدال فيها (٢). وأمر العلماء بالحديث وإظهار السنة. كما ظلت العلوم في ازدهار وتقدم مطرد. وكثرت مجالس العلم وانتشرف، فازدهرت الفلسفة وعلوم الطبيعيات والمنطق خاصة، وبرزت كثير من الآراء والنظريات العلمية، وتولدت مذاهب فقهية، وتفرع مذهب الاعتزال، وازدهر علم الكلام وعلم التفسير. وفي هذا العصر بالذات، ازدهر تدوين الحديث وأفرد بالتأليف فيه، خلافًا لما كان عليه الأمر في القرن الثاني، حيث كانت كتب الحديث تجمع بين الصحيح والسقيم، وبين الحديث والفتاوى وأقوال التابعين وغيرها، وكما هو الشأن في «مصنف شعبة بن الحجاج» المتوفى سنة ١٦٠ هـ، و«مصنف الليث بن سعد» المتوفى سنة ١٧٥ هـ، و«موطأ مالك» المتوفى سنة ١٧٩ هـ، و«مصنف سفيان بن عيينة» المتوفى سنة ١٩٨ هـ، وغيرهم (٣). (١) «تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها» ص ٢٥٢، ٢٥٣. (٢) «التنبيه والإشراف» ص ٤٠٠. (٣) «مفتاح السنة» ص ٢٨، ٢٩. أما في هذا العصر فقد أفرد الحديث بالجمع والتدوين والتأليف وحده دون سواه من فتاوى وأقوال الصحابة والتابعين، وأصبح للحديث كتب يستقل بها وظهر محدثون أئمة كبار، كالإمام البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم، حتى يمكننا أن نسمي هذا العصر عهد ازدهار الحديث والمحدثين، وعصر تدوين الحديث وظهور المحدثين وكتبهم كالصحاح والمسانيد والسنن (١). في هذا العصر الذي تصادمت فيه الملل والنحل، وتكاثرت المذاهب والآراء، وتصارعت الأفكار والمبادئ، وظهر إلى جانب أهل الخير والصلاح في الدين، جماعات من أهل الشر والفساد والإلحاد تحاول الكيد للدين بوضع الأحاديث المختلقة تأكيدًا لمذهب أو انتصارًا لفريق. وفي كنف أسرة فاضلة متدينة خيرة غنية، قوامها والد عالم ورع محدث، ووالدة فاضلة خيرة صالحة من أصحاب الكرامة والولاية، في هذا العصر وتلك البيئة ولد البخاري وعاش. (١) «حياة البخاري» ص ٣، ٤. المترجمون للبخاري لا تكاد تجد كتابا ترجم لأعلام الإسلام أو الرواة أو العلماء إلا وذَكَر البخاري، بل قد تجد بعض المصنفين يختصر ترجمته اختصارًا كبيرًا لشهرته وكثرة تراجمه وعدم الحاجة إلى تكرارها. ونورد هنا مواضع ترجمته والكتب التي أفردت ترجمته على قدر المستطاع: «الجرح والتعديل» ٧/ ١٩١ (ت ١٠٨٦) «تاريخ بغداد» ٢/ ٤ «طبقات الحنابلة» ٢/ ٢٤٢ (ت د. عبد الرحمن العثيمين) «الأنساب» للسمعاني ٢/ ١٠٠ «اللباب» ١/ ١٢٥ «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي ١/ ٦٧، ٧٦ «وفيات الأعيان» ٤/ ١٨٨ «تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٣٠ - ٤٦٨ «العبر» ٢/ ١٢، ١٣ «سير أعلام النبلاء» للذهبي ١٢/ ٣٩١ - ٤٧١. «تاريخ الإسلام» للذهبي، وفيات سنة ٢٥٦ هـ «تذكرة الحفاظ» ٢/ ٥٥٥ «الوافي بالوفيات» ٢/ ٢٠٦، ٢٠٩ «مرآة الجنان» ٢/ ١٦٧ «طبقات الشافعية» للسبكي ٢/ ٢١٢ «البداية والنهاية» لابن كثير ١١/ ٢٤ «مقدمة فتح الباري» «النجوم الزاهرة» ٣/ ٢٥، ٢٦ «طبقات الحفاظ» ٢٤٨، ٢٤٩ «خلاصة تذهيب الكمال» ٣٢٧ «طبقات المفسرين» ٢/ ١٠٠ «شذرات الذهب» لابن العماد ٢/ ١٣٤، ١٣٦ «مفتاح السعادة» لطاش كبرى زاده ٢/ ١٣٠ «الأعلام» للزركلي «معجم المؤلفين» لكحالة وغير هذِه الكتب كثير. * الكتب التي أفردت البخاري بالترجمة (١): «أخبار البخاري» للكلاعى (سير ٢٣/ ١٣٦) «شمائل البخاري» لأبي جعفر بن أبي حاتم الوراق كاتب البخاري (سير ١٣/ ٣٩٤) لم يطبع، لكن نقل منه كثير ممن ترجم للبخاري، وُيعتبر(١) انظر: «معجم الموضوعات المطروقة في التأليف الإسلامي وبيان ما أُلف فيها» تأليف عبد الله بن محمد الحبشي، منشورات المجمع الثقافي -أبو ظبي، الإمارات ١/ ٢٠٥. وفي مواضع من «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٣٩١ - ٤٧١. و«معجم المؤلفين» لكحالة. ![]()
__________________
|
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 51 الى صـــ 75 الحلقة (3) أوثق ترجمة له لقرب صاحبها من البخاري. «ترجمة البخاري» هبة الله بن جعفر، مخطوط بالظاهرية، والسخاوي في «إتحاف السامع» ٤٠. «مناقب البخاري» للذهبي (سزكين ١/ ١١٦، كحالة ٧/ ١٤٢، بروكلمان ٢/ ١٧٣) «إضاءة البدرين في ترجمة الشيخين» للعجلوني. «فرائد الدراري لترجمة الإمام البخاري» للجراحي العجلوني، خزانة البلدية، وخدابخش، والجامعة الأمريكية. «الأعلام بأخبار البخاري الإمام» لأبي الربيع بن سالم (نفح ٤/ ٤٧٥، إحاطة ٤/ ٢٩٧) «بخاربخور البخاري» عبد الكريم السمعاني. «تحفة الإخباري بترجمة البخاري»، لابن ناصر الدين (مطبوع) «مواهب الباري في مناقب مسلم والبخاري» محمد البخاري العقبي. «حياة البخاري» جمال الدين القاسمي، طبع صيدا ١٣٣٠ هـ. «الإمام البخاري سيد المحدثين» تقي الدين الندوي، بيروت ١٤٠٦ هـ (١٧٦ ص). «المسك الدراري في شرح ترجمة البخاري» عبد القادر الكوهن. «الإمام البخاري محدثا وفقيها» الحسيني عبد المجيد هاشم، مصر ١٣٨٠ هـ (٢٩٤ ص). «التعريف بأمير المؤمنين في الحديث» ط مصر ١٣٨٧ هـ (١٣١ ص) «ذكر الإمام البخاري» سالم بن أحمد جندان. «الإمام البخاري وصحيحه» عبد الغني عبد الخالق ط دمشق ١٤٠٤ هـ «مع الإمام البخاري» معوض عوض إبراهيم، مصر ١٤٠٦ هـ (١٧٥ ص) «الإمام البخاري» كامل محمد عويضة. «الإمام البخاري فقيه المحدثين ومحدث الفقهاء» د. نزار عبد الكريم الحمداني- نشر جامعة أم القرى بمكة المكرمة ١٤١٢ هـ. «سيرة الإمام البخاري سيد الفقهاء وإمام المحدثين» تأليف عبد السلام المباركفوري- نشر دار عالم الفوائد- مكة المكرمة ١٤٢٢ هـ. «الإمام البخاري وجامعه الصحيح» د. يوسف الكتاني، كتاب جمعية الإمام البخاري (رقم ١). نسب البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه وقيل بَذْدُزْبَه، وهي لفظة فارسية أو بخارية معناها الزرّاع، البخاري مولدًا، وموطنًا، الجعفي نسبًا. وكان أجداده فرسًا على دين المجوس، على أن التاريخ لم يحفظ لنا من أجداد البخاري أبعد من جده الثالث «بَرْدِزْبَه» فهو رأس أسرته فيما نعلم. وقد كان بَرْدِزْبَه هذا فارسي الأصل عاش ومات مجوسي الدين، وأول من أسلم من أجداد البخاري «المُغيرة بن بَرْدِزْبَه» كان إسلامه على يد اليمان الجعفي والي بخارى آنذاك، فانتمى إليه بالولاء، وانتقل في أولاده، وأصبح الجعفي نسبًا له ولأسرة البخاري. أما إبراهيم بن المغيرة «جد البخاري» فلا نعلم شيئًا من أخباره غير انتسابه للمغيرة. وأما والد البخاري «إسماعيل بن إبراهيم»، فقد كانت حياته مطلع النباهة لهذِه الأسرة، حيث غير منهج آبائه في الحياة، وشارك في الحياة العلمية مختارًا أهم جوانبها في عصره وهي: دراسة حديث الرسول - ﷺ - وتدريسه. كان والد البخاري رحمه الله تقيًا عالمًا محدثًا، اشتهر بين الناس بحسن سلوكه وورعه وسمته. رحل كثيرًا إلى العلماء وأهل الحديث فحدث عنهم وأخذ منهم، روى سماعًا عن «مالك بن أنس» و«حمَّاد بن زيد» وصحب «عبد الله بن المبارك»، كما ذكر ذلك ابن حبان في كتابه «الثقات». وروى عنه العراقيون منهم: أحمد بن حفص، وأحمد بن جعفر، ونصر بن الحسين وغيرهم. ويكفي هذا الوالد شرفًا وفخرًا، أن الله أجزل مكافأته وعطاءه على فضله وعفته، فرزقه ولدًا هو الإمام البخاري. المولد والنشأة ولد محمد بن إسماعيل البخاري بعد صلاة الجمعة، في الثالث عشر من شهر شوال عام أربعة وتسعين ومائة للهجرة (١) وكانت ولادته بمدينة بخارى (٢) من خراسان، موطن آبائه وأجداده، وهي مدينة كبيرة من بلاد التركستان أو خراسان، فتحها المسلمون بعد منتصف القرن الأول للهجرة. وكانت عاصمة الملوك السَّامانيين قبل الفتح الإسلامي، وقد ولد البخاري وهي مركز علمي هام، وحاضرة من حواضر الإسلام. استقبل البخاري حياتَه وسط أُسْرةٍ ثريةٍ متدينةٍ فاضلةٍ، غير أنَّ المنيةَ لم تُمْهِل والده الكريم، حيث تُوفي وابنه البخاري طفل، فكفلته أُمُّه ورعته من بعده. وكانت امرأةً تقيةً صالحةً لا تقل تُقى وورعًا عن والده، حتى عدَّها المؤرخون من ذوي الكرامة والولاية. روى غنجار في «تاريخ بخارى»، واللالكائي في باب كرامات الأولياء من «شرح عقيدة أهل السنة»، والسبكي في «الطبقات»، أن محمد بن إسماعيل البخاري ذهبت عيناه في صغره، فدعت أمه الله (١) «طبقات الشافعية»، ٢/ ٢، «هدي الساري»، ص ٧٨. (٢) بخارى هي الآن تابعة لجمهورية أوزبكستان في آسيا الوسطى. وكانت سابقا تحت نفوذ الاتحاد السوفييتي. كثيرًا حتى رأت الخليل إبراهيم - عليه السلام - في المنام فقال لها: «يا هذِه قد رَدَّ الله على ابنك بَصَرَهُ بكَثْرة دُعائِك» قال: فأصبح وقد ردَّ الله عليه بصره (١). في كنفِ هذِه الأسرة الكريمة نشأ البخاري، وفي رعاية هذِه الأم الفاضلة أخذ يختلف إلى الكتاب، يحفظ القرآن وأمهات الكتب المعروفة في زمانه، حتى إذا بلغ العاشرة من عمره، بدأ في حفظ الحديث، والاختلاف إلى الشيوخ والعلماء، وملازمة حلقات الدروس، وعند ذاك أخذت ميوله تظهر، ومداركه تنفتح. وروي عن أبي جعفر محمد بن أبي حاتم الورَّاق كاتب البخاري، أنه قال: «قلتُ للبخاري: كيف كان بَدْءُ أمْرِك؟ فقال: أُلهمتُ حِفظ الحديثِ في المكتب ولي عشر سنوات أو أقل، ثُمّ خرجت من المكتب بعد العشر، فجعلتُ اختلف إلى الداخلي» (٢). وهنا يسجل التاريخ خبرًا ينم عن نضجه المبكر، قال فيما يروي عن نفسه: «فجعلتُ أختلف إلى الدَّاخلي وهو من كبار المُحدثين في عهده فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: عن سُفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم. فقلتُ: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني فقلتُ له: ارجع إلى الأصلِ إنْ كان عِنْدك، فدخل فنظرَ فيه ثم خَرَجَ فقال: كيف هو يا غلام؟ قلتُ: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخَذَ القلمَ منه وأصلَح كتابَه بِهِ وقال:»صدقتَ«(٣). (١)»كرامات الأولياء«ص ٢٤٧،»طبقات الشافعية«للسبكي ٢/ ٢١٦، كذلك ذكرت هذه القصة في»البداية والنهاية«١١/ ٢٥. ونقلها الحافظ في مقدمة»الفتح«ص ٤٧٨ نقلا عن غنجار في»تاريخ بخارى«، واللالكائي. (٢)»تاريخ بغداد«٢/ ٥، ٦،»طبقات الشافعية«٢/ ٢١٦. (٣) انظر:»تاريخ بغداد«٢/ ٧،»تغليق التعليق" ٥/ ٣٨٦. وقد حدث بعض أصحاب البخاري أنهم سألوه: ابن كم كان إذا ذاك؟ فقال: ابن إحدى عشرة سنة. وقد سمع ببخارى قبل أنْ يَرْتحل من مولاه مِنْ فوق عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان المُسندي، ومحمد بن سَلام البِيْكَنْدي، وجماعة ليسوا من كبار شيوخه. ثم سَمِعَ ببلخ من مكيٍّ بن إبراهيم، وهو من عوالي شيوخه. ثم تتابعت مراحل نضج البخاري وتقدمه العلمي، فتابع دراسته وتعلمه بهمة ونشاط، حتى إذا بلغ السادسة عشرة من عمره، حفظ كتب ابن المبارك ووكيع وغيرهم من أهل الرأي، وفي هذِه السن المبكرة بدأت مرحلة جديدة من حياة البخاري، إذ خرج من بخاري راحلًا إلى الحج وطلب الحديث صحبة والدته وأخيه أحمد، حتى إذا انتهت مناسك الحج رجعت أمه صحبة أخيه أحمد إلى بلدها بخاري، بينما تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ وكانت سنه إذ ذاك ست عشرة سنة، أي سنة عشرة ومائتين للهجرة، تقريبا. ومن هذا التاريخ تبتدئ مرحلة جديدة في حياة البخاري، وهي مرحلة الاتصال بالعالم الخارجي، وبداية الرحلة لطلب الحديث والاتصال بالعلماء والشيوخ. وفي ذلك يقول البخاري: «خرجتُ مع أمي وأخي أحمد إلى مَكَّة، فلما حججتُ رجع بها أخي، وتخلفتُ في طلبِ الحديث» (١). فسمع في رحلته من شيوخه بنيسابور، والرَّي، وبغداد، والبصرة، (١) «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٣٩٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٥،«هدي الساري» ص ٤٧٨. والكوفة، ومكة، والمدينة، ومصر، والشام. وسمعه ورَّاقه محمد بن أبي حاتم يقول: كتبتُ عن ألفٍ وثمانين رجُلًا ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. صفات البخاري وصفه الإمام السبكي في «الطبقات الكبرى» (١) قال: كان البخاري ضعيف البنيان ومن وصفوه كانوا يقولون:«إنه كان نحيفًا ليس بالطويل ولا بالقصير». وكان قليل الأكل جدًا، يتزهد فيه ويتقشف مكتفيًا بالخبز، معرضًا عن الإدام حتى مرض من كثرة تقشفه وقد روى صاحب «هدي الساري» (٢) قول البخاري: «لم أئتدم منذ أربعين سنة». وكان عزيز النفس عفيف اليد، يتجمل ويتحمل، ولا يريق ماء وجهه، حتى في أشد حالات العسر (٣). وكان مرهف الحس، نبيل الشعور، عفيف اللسان، قال: «ما اغتبتُ أحد قط منذ علمت أن الغيبة حرام». وكان كريم الطبع كريم اليد محسنًا قال: «كنت أستغل في كل شهر خمسمائة درهم، فأنفقها في الطلب وما عند الله خير وأبقى». كما كان متعبدًا زاهدًا قانتًا، يملأ نهاره بالدرس والتعليم، وليله بالعبادة والتهجد، حتى كان ورده القرآن. وقد ورث الإمام البخاري ثروةً كبيرة من أبيه، فكان يُعطي المال مضاربةً ليتفرغ لخدمة السُّنَّة النبوية، فكان في معاملاته سمحًا رحيمًا، (١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٤. (٢) «هدي الساري» ص ٤٨٢. (٣) التعريف بالبخاري: كتاب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- مصر- ص ٢٧. فذات مرة قطع له أحد الغرماء خمسةً وعشرين ألفًا، فحاول أصحابه أنْ يُلاحق غريمه ويستنجد على ذلك بالسلطان، ولكنه أبى وقال: «إن أخذتُ منهم كتابًا طمعوا، ولن أبيع ديني بدنياي». وكان البخاري يهدف من تجارته أن ينفع خلقِ الله، فكان يُساعد طلبة العلم والشيوخ والمحدثين، وكان يُنفِقُ من دخله خمسمائة درهم على الفقراءِ والمساكين وطلبةِ العِلم وأصحاب الحديث كل شهر، ولم يكُن يعرف الترف والبذخ في حياته في المأكل والمشرب. وكان رحمه الله يعود نفسه على الإيثار والبعد عن حب المال، وكان ورعا تقيا، وكان شديد التمسك بالسُّنَّة، بعيدًا عن مخالطة الأمراء ومجالستهم، وبنى رِباطا خارج مدينة بخارى، فكان يشارك العمال في بناءه، فينقل اللبن يحمله على رأسه ويرفعه ويقدمه للبنائين، فقيل له: يا أبا عبد الله إنَّك تُكفى ذلك! فيقول: «هذا الذي ينفعني». وكان صاحب فراسة وبصيرة نافذة، واستحضار وذكاء، كان الإمام قتيبة بن سعيد يقول: «جالستُ الفقهاء والزهاد والعبَّاد، فما رأيتُ منذ عقلتُ مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة». قال الذهبي عنه: «كان رأسًا في الذكاء، رأسا في العلم، ورأسًا في الورع والعبادة». مكانة الإمام البخاري كان الإمام البخاري كلما حلَّ مدينةً أو نزل أرضا يزدحم النَّاسُ حوله أزدحامًا يفوق الوصف، وكان الناس يتطلعون الى رؤيته لما يصل إلى مسامعهم من علمه وأخلاقه، ولما رجع إلى بُخارى عائدًا من رحلته الدراسية نُصبت له القِباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهلها، ونُثرَ عليه الدراهم والدنانير. ولازال للبخاري مكانته في قلوب المسلمين حتى عصرنا هذا وإلى قيام السَّاعةِ إن شاء الله،، وله ذِكر عديم النظير، ولا غرابة في ذلك؛ فهو علَم الإسلام وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-. أقوال العلماء وثناؤهم عليه: قال البخاري رحمه الله تعالى: ما قدمتُ على أحدٍ إلا كان انتفاعه بي أكثر من انتفاعي به. وقال أبو الأزهر: كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث، فاجْتَمعوا سبعة أيام، وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فادخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين، فما تعلقوا منه بسقطةٍ لا في الإسناد، ولا في المتن. وله قصة مشهورة وقعت له ببغداد ورواها ابن عدي قال: سمعت عدة مشايخ، أن البخاري قدم بغداد فاجتمع به أصحاب الحديث وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها .. إلى آخر القصة المعروفة، وقد تُكلم في هذِه القصة لجهالة المشايخ، والصواب والله أعلم قبولها فإن نقلها عن عدد من المشايخ يدل على صحتها، وهي ليست حديث أو دليل شرعي لنطبق عليه قواعد الحديث بحذافيرها، بل هي قصة تحتمل التساهل في قبولها، ولم يكن هم العلماء في مثل هذِه القصص النظر الدقيق في الإسناد. وقال رحمه الله تعالى: ما استصغرتُ نفسي عند أحدٍ إلا عند عليّ ابن المديني، وربما كنت أغْرِبُ عليه. وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح. وقال: إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا. وقال مشايخ البصرة: كان لا يتقدمه أحدٌ، وكان أهل المعرفة من البصريين يَعْدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شابًا لم يخرج وجهه (١)، ولما دخل البصرة قال محمد بن بشار: دخل اليوم سيد الفقهاء، وقال: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالرَّيَّ، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدَّارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى. وكان ابن صاعدٍ إذا ذكره يقول: الكبش النّطاح. (١) «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ١٧٠، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١١ - ٤١٥، «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي ٢/ ٢١٧. وقال محمود بن النضر الشافعي: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها فكلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم. وقال عمرو بن عليّ الفلّاس: حديثٌ لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث. وقال محمد بن سلَّام البيكَنْدِيُّ للبخاري: انظر في كتبي، فما وجدت فيها من خطأ فاضرب عليه، فقال له أصحابه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا الذي ليس مثله. وقال قتيبة بن سعيد: لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة، لكان آية. وقال رجاء بن رجاء: فَضْلُ محمد بن إسماعيل على العلماء، كفضل الرجال على النساء. وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدَّرامي: قد رأيتُ العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق، فما رأيت منهم أجمع من محمد بن إسماعيل، وقال: هو أعلمنا وأفقهنا وأكثرنا طلبًا. وقال عبد الله بن سعيد بن جعفر: سمعت العلماء بمصر يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح، ثم قال عبد الله: وأنا أقول قولهم. وقال موسى بن هارون الحافظ: عندي لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن يصيبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل لما قدروا عليه. وقال أحمد بن حنبل: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وقال له مسلم بن الحجاج: أشهد أنه ليس في الدنيا مثلك، وجاء إليه فقبله بين عينيه، وقال: دعني حتى أُقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين ويا طبيب الحديث في علله. وقال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي: لم أرَ أعلم بالعلل والأسانيد من محمد بن إسماعيل البخاري. وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري (١). هذا وإن ثناء الأئمة الحفاظ على الإمام البخاري يطول سرده وصنَّف الأئمة والحفاظ في سيرته ومناقبه مصنفات متنوعة، لذا اكتفيت بهذِه المقتطفات من بحر فضله. (١) ينظر: «تاريخ بغداد» ٢/ ٤ - ٣٦، «تهذيب الأسماء واللغات» ١/ ٦٧،«تهذيب الكمال» ٢٤/ ٤٣١، ٤٤٥ وما بعدها، «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٠٨، وما بعدها، «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي ٢/ ٢١٨ وما بعدها، «هدي الساري» ٤٨٦ وما بعدها. رحلاته العلمية تعددت رحلات البخاري العلمية للأخذ عن الشيوخ والرواية عن المحدثين، والاختلاف إلى حلقات الدرس، حيث ابتدأت برحلته إلى الحج في صحبة والدته وأخيه، وكان ذلك سنة عشر ومائتين للهجرة، وسنه لا تتجاوز ست عشرة سنة، وما كان يفرغ من حجه والاتصال بعلماء مكة ومحدثيها، حتى رحل إلى المدينة المنورة لزيارة الرسول - ﷺ - والأخذ عن علمائها. لقد آثر البخاري أن يجعل الحرمين الشريفين طليعة رحلاته العلمية للتحصيل والرواية، حيث أقام بها ستة أعوام حتى إذا استوفى حظه من الرواية والسماع، انطلق في سياحته العلمية متنقلًا عبر الأقاليم والأقطار. روى سهل بن السدي عن البخاري قال: «دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم مرة دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين» (١) ثم تتابعت رحلات البخاري وسفره في سبيل الحديث والرواية، حتى شملت أغلب الحواضر العلمية في وقته، واستغرقت معظم حياته، كل ذلك يجالس العلماء ويحاورهم ويجمع الحديث ويرويه، ويعقد (١) «هدي الساري» ص ٤٧٩. مجالس التحديث والمناقشة، ويتعرض للامتحان والكيد، فيخرج سالمًا منتصرًا على الكائدين والمتربصين. روى محمد بن أبي حاتم قال: سمعت البخاري يقول: «دخلت بغداد ثماني مرات، كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل فقال لي آخر ما ودعته: يا أبا عبد الله تترك العلم والناس وتصير إلى خراسان» (١) وهكذا تكون الأقطار والأقاليم التي رحل إليها البخاري، وحدث فيها وزارها هي: مكة- المدينة- بغداد- واسط- البصرة- الكوفة- دمشق- حمص- قيسارية- عسقلان- خراسان- نيسابور- مرو- هراة- بخارى- مصر وغيرها (٢). (١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٥. (٢) المصدر السابق ٢/ ٣. شيوخ البخاري تقدم أن البخاري رحل كثيرًا وطوف بالأقطار والأقاليم والحواضر العلمية، فلقي أغلب المحدثين في زمانه، وأخذ عن الأئمة والشيوخ المشهورين في عصره، فاتسعت مداركه وكثرت روايته للحديث، وكان ينتقي شيوخه ويتحرى في اختيارهم واضعًا لنفسه خطة ونهجًا في ذلك، حتى لا يأخذ إلا عن الثقات، يقول البخاري: «كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث لا أذكر إسناده» (١) وليس معنى ذلك أن اختياره لشيوخه وتثبته في الأخذ عنهم، جعله قليل الشيوخ بل بعكس ذلك، فقد أكثر من الأخذ من الشيوخ والرواية عنهم، حتى زادوا على كما تقدم من قوله: «كتبت عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث» (٢). وقد أُلِّف في شيوخه عدة كتب، بعضها خاص بشيوخ البخاري، وبعضها خاص برجال الصحيح، أو رجال الصحيحين، إضافةً إلى رجال الكتب الستة. أما الكتب الخاصة بشيوخه فنوردها بالتفصيل إن شاء الله في كتابنا عن شروح صحيح البخاري وما يتعلق به، والذي أوردنا شيئًا منه عند كلامنا على شروح البخاري في هذِه المقدمة. (١) «مقدمة شرح البخاري» للنووي ١/ ٨. (٢) «هدي الساري» ص ٤٧٩. وفاة البخاري لقد ذكر الإمام البخاري في وصيته الرباعية أمورًا يبتلي بها العلماء والمحدثون، ولا بد لهم من الصبر عليها، وهي شماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء، وطعن الجهلاء، وحسد العلماء. ولعله كان يتحدث عن نفسه، وعما يلاقيه من معاصريه، الكائدين له، والمؤتمرين به. فلم يكد يقصد نيسابور للإقامة فيها والاستقرار بها إلا وضاق به الحساد والمغرضون من علماء نيسابور ومحدثيها، بسبب ظهوره وتألقه، والتفاف الناس من حوله، فسعوا بالوشاية بينه وبين أميرها، واختلقوا لذلك أقاويل وأكاذيب يتنزه البخاري عن مثلها، بسبب فتنة خلق القرآن التي كانت رائجة آنذاك، فأكثر القيل والقال من حوله، وكثر لغط العامة واختلافهم بسبب وجوده، مما أشاعه خصومه عنه، فوجد عليه أمير نيسابور، مما اضطر معه البخاري إلى مغادرتها والخروج منها، عائدًا إلى بلاده بخارى. وقد أحسن أهل بخارى استقباله، وبالغوا في الحفاوة به وفي ذلك يروي الحافظ ابن حجر، عن أحمد بن محمد بن منصور الشيرازي يقول: "لما رجع أبو عبد الله البخاري إلى بخارى، نصبت له القباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهلها حتى لم يبق مذكور، ونثرت عليه الدراهم والدنانير، فبقي مدة ثم وقع الخلاف بينه وبين الأمير فأمره بالخروج من بخارى، فخرج إلى بيكند» (١). وكذلك لم يكد يستقر به المقام حتى وقعت بينه وبين أمير بخارى خالد بن أحمد الذهلي جفوة عكرت صفو البخاري، وكانت سبب خروجه منها مرغمًا، إلى أن مات بعيدًا عنها. ذلك أن الأمير الذهلي بعث إلى محمد بن إسماعيل «أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ لأسمع». فقال البخاري لرسول الأمير: قل له إنني لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي أو في داري فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم«(٢). وقد كان هذا الجواب الحق وحده ثقيلًا وكفيلًا بإثارة أمير بخارى وإصابته في كبريائه التي لم تألف مثل هذا الكلام، فاغتاظ من البخاري وكان سبب الوحشة بينهما، فأغرى به جماعة فهيجوا الفتنة عليه وتكلموا في مذهبه وأوغروا صدور بعض العلماء عليه، وأثاروا الناس من حوله، فأمر الأمير بنفيه عن بلده، فخرج من بخارى إلى خرتنك. ولعل قرار الأمير الذهلي بنفي البخاري عن بلده، كان بداية النهاية لحياة هذا الإمام العظيم، ولعل البخاري لم يتألم في حياته، ولم يتأثر تأثره وتألمه لهذا القرار الخطير. فقد خرج فيما قبل من بخارى إلى نيسابور، وكله أمل في أن يجد الراحة فيها والاستقرار، بعد الكيد والمضايقة والشغب، إلا أن المقام (١)»هدى الساري«٤٩٤. (٢)»طبقات الشافعية" ٢/ ١٤. لم يستقر به فيها، حتى ظهرت رؤوس الفتنة من كل جانب وحامت حوله الأقاويل والدسائس، مما اضطره إلى العودة إلى بخاري، غير أن حظه فيها لم يكن أحسن منه بنيسابور، حيث وقعت الجفوة بينه وبين أميرها، بسبب طلبه أن يحمل إليه الصحيح والتاريخ، وجواب البخاري الذي اعتبر طلب الأمير إذلالا للعلم والعلماء، مما يؤكد اعتزازه الشديد بنفسه، واحترامه لعلمه وشخصيته. روى ابن عدي قال: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار يقول: خرج البخاري إلى «خَرْتَنْك» وكان له بها أقرباء فنزل عندهم. ولعل البخاري قصد قرية بيكند أولًا، ثم انتهى به المطاف إلى خَرْتَنْك، وهي قرية كانت على فرسخين من سمرقند. يقول عبد القدوس بن عبد الجبار: سمعت البخاري ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يقول في دعائه:«اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك» قال: «فما تم الشهر حتى قبضه الله». ويروي وراق البخاري يقول: سمعت غالبًا بن جبريل وهو الذي نزل عليه البخاري بخرتنك يقول: «إنه أقام أيامًا فمرض، حتى وجه إليه رسول من أهل سمرقند، يلتمسون منه الخروج إليهم، فأجاب وتهيأ للركوب ولبس خفيه، ولما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها إلى الدابة ليركبها وأنا آخذ بعضده قال:»أرسلوني فقد ضعفت«(١). فأرسلناه فدعى بدعوات، ثم اضطجع فقضى، ثم سأل منه عرق كثير، وكان قد قال لنا: كفنوني في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. قال: ففعلنا فلما أدرجناه في أكفانه وصلينا عليه،(١)»هدي الساري" ص ٤٩٤. ووضعناه في قبره، فاحت من تراب قبره رائحة طيبة كالمسك دامت أيامًا، وجعل الناس يختلفون إلى القبر أيامًا، يأخذون من ترابه إلى أن جعلنا عليه خشبًا مشبكًا (١). وكانت وفاة البخاري يوم السبت في ليلة عيد الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين للهجرة (٢٥٦ هـ). ولا عجب أن يختم الله حياة هذا الإمام العظيم، هذِه الخاتمة التي فيها ابتلاء وامتحان واختبار، شأنه في ذلك شأن الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا، فرحمه الله وأجزل له العطاء، وبوأه مقام الصديقين. (١) «تغليق التعليق» ٥/ ٤٤١. التعريف بالجامع الصحيح «الجامع الصحيح» هو أصح كتاب بعد كتاب الله، وهو الوصف الذي أطلقته الأمة الإسلامية على كتاب البخاري ونعتته به منذ أُلِّفَ إلى الآن. وصدق من قال (١): صحيح البُخاري لو أَنْصفوه … لَمَا خُطَّ إلا بماءِ الذهبْ هو الفَرْقُ بَيْنَ الهُدى والعَمَى … هو السُّدُّ بين الفتى والعَطَبْ أسانيدُ مِثْلُ نُجوم السَّماء … أمامَ مُتُون كمثلِ الشُّهُب بِهِ قام ميزانُ دينِ الرَّسُول … ودانَ بِهِ العُجْم بعدَ العَرَبْ حجابٌ من النَّارِ لا شكَّ فيه … تَمَيَّزَ بَيْنَ الرِّضَى والغَضَبْ وسِتْرٌ رقيقٌ إلى المُصْطفى … ونَصٌ مبينٌ لكَشْفِ الرِّيبْ فيا عالِمًا أجمعَ العالِمُون … عَلَى فَضْلِ رُتْبَتِه في الرِّيَبْ سَبَقْتَ الإئمةَ فيما جَمَعْتَ … وفُزْتَ عَلَى رَغْمهم بالقَصَبْ نَفَيْتَ الضَّعِيفَ مِنَ النَّاقِلِينَ … ومَنْ كانَ مُتَّهَمًا بالكَذِبْ وأَبْرَزْتَ في حُسْنِ تَرْتِيبه … وتَبْوِيبِهِ عَجَبًا لِلعَجَبْ (١) أسنده ابن عساكر في ترجمته للبخاري من «تاريخ دمشق» ٥٢/ ٧٤ لأبي عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب، وأورده الذهبي «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٧١ - باختلاف يسير- دون نسبة. ونقلناه من «السير» عدا البيت الأخير فليس فيه. فأَعْطَاكَ مَوْلاكَ ما تَشْتَهيه … وأَجْزَلَ حظَّكَ فِيْمَا وَهَبْ وخَصَّكَ في عُرصاتِ الجِنان … بنِعَمٍ تدومُ ولا تَنْقَضِبْ وهو الأثر الباقي الخالِد للإمام البُّخارى الذي جَمَعَ فيه مِنَ السُّنَّةِ الصحيحة وخلَّدَها، بعد أن نقَّاها وصفَّاها مما علق بها من اخْتِلاق، فخلَّدَ به اسمه في العالمين، وقد سمَّى البُّخارى كتابَهُ: (الجامِع الصَّحيح المُسْند مِنْ حديثِ رسُولِ الله - ﷺ - وسُننه وأيامِهِ). هكذا روى اسمه الحافظ ابن حجر في كتابه «هدي الساري» (١) وذكر الإمام العيني في «عمدة القاري» (٢) أن اسمه: «الجامِع المُسند الصحيح المختصر من أمورِ رسول الله - ﷺ - وسننه وأيامه» فالفرق بين الروايتين هو زيادة كلمة «المختصر» عند العيني. ونظرا لطول هذا الاسم، وصعوبة الإستدلال به، والإشارة إليه عند الحاجة، والاستشهاد به كثيرًا، فقد دأب ذكره موجزًا مختصرًا على لسان الإمام البخاري نفسه وفي أقواله، فسماه مرة «الجامع الصحيح» كما ورد ذلك في حديثه عن الباعث على تأليفه قال: كنا عند إسحاق بن راهويه فقال: (لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله - ﷺ - قال: فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع الجامع الصحيح) (٣)، وسماه أيضًا (الجامع) كما جاء في قوله: (ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول) (٤) وسماه (١) «هدي الساري» ص ٦. (٢) «عمدة القاري» ١/ ٥، وهو كذلك عند النووي في «التلخيص» ١/ ٢١٣. (٣) «هدي الساري» ص ٥. (٤) المصدر السابق ص ٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧. أيضًا صحيح البخاري كما روى ذلك عنه أبو علي الغساني. وسماه «الصحيح» وفي ذلك يقول البخاري: ما وضعت في «الصحيح» حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين (١) وهناك تسمية أخرى للكتاب حيث جعله شريكًا له في الشهرة باسمه بين الناس، حيث سماه «البخاري» وقد ورد ذلك على لسان البخاري في قوله، روى محمد بن أبي حاتم الورَّاق عن البخاري قال: (لو نشر بعض أستاري هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت البخاري ولا عرفوه) (٢). (١) «هدي الساري» ٦ ص ٤٩٠، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧. (٢) «هدي الساري» ص (٤٨٨). الباعث على تأليفه لعل البواعث الداعية إلى تأليف البخاري جامعه الصحيح كثيرة، ذكرها وأشار إليها هو نفسه، منها: الحاجة إلى إفراد الحديث الصحيح بكتاب يختص به وينفرد دون بقية أنواع الحديث، لا سيما وأن الكتب المؤلفة في الحديث آنذاك، كانت ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين«كالموطأ» وغيرها (١). ومنها دعوة رجل له وهو عند أستاذه وشيخه إسحاق بن راهويه، إلى جمع السنة الصحيحة كما روى إبراهيم بن معقل أنه سمع البخاري يقول: (كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال رجل لو جمعتم كتابًا مختصرًا للسنن، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب) وذلك لما رأى فيه من الأهلية والحفظ والإلمام بعلوم الحديث، وتوفقه في معرفة العلل والأسانيد) (٢). ومنها رؤيا رأى فيها النبي - ﷺ - وهو يذب عنه بمروحة في يده. يقول البخاري (رأيت النبي - ﷺ - في المنام وأنا بين يديه أذب عنه بمروحة في يدي، فسألت بعض المعبرين في ذلك فقال لي: أنت تذب الكذب عن النبي - ﷺ -) (٣). (١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧. (٢) «تهذيب الأسماء»١/ ٦١. (٣) «هدي الساري» ص ٥، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧. ![]()
__________________
|
|
#4
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 76 الى صـــ 100 الحلقة (4) كيف ألف البخاري جامعه الصحيح؟ إن سعة اطلاع البخاري على علوم الحديث وفنونه، ومعرفته الواسعة بأحوال الرجال، وكثرة رحلاته طلبًا للحديث، وأخذًا عن الشيوخ، وقوة حافظته الخارقة، كل ذلك هيأه لإخراج الجامع الصحيح، وأعانه على تأليفه، كما أنه لم يكن متعجلًا متسرعًا في إخراجه وجمعه، بل اتخذ في تأليفه وتصنيفه أسلوبًا علميًا صحيحًا، ومنهجًا دقيقًا فريدًا، ويظهر ذلك كله في طريقة جمعه، ومدة تأليفه، وفي اختياره المكان المنالسب لتبييضه، وعدد المرات التي أعاد كتابته قبل أن يخرجه للناس، وفي الاستعداد الخاص عند الكتابة والتصنيف، روى السبكي في «الطبقات» قال (١): قال شيخنا أبو عبد الله الحافظ: أروي من وجهين ثابتين عن البخاري أنه قال: (أخرجت هذا الكتاب من نحو ستمائة ألف حديث، وصنفته في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله، وما أدخلت في الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لأجل الطول). فهو لم يخرج من الجامع كل ما روى وحفظ من الحديث، بل ما صح منه على شروطه. واشتغل في تأليفه وتصنيفه وجمعه وترتيبه وتبييضه وتنقيحه، مدة بلغت ستة عشر عامًا، وهي تستغرق مدة رحلاته العلمية إلى الأقاليم والأقطار الإسلامية، بمعنى أنه كان يرحل لطلب الحديث، ثم يعود (١) «طبقات الشافعيه» ٢/ ٧، وانظر: «تاريخ بغداد» ٢/ ٨، ٩، «مقدمة شرح البخاري» للنووي ص ٧. لإكمال ما بدأ من التصنيف، من محصول ما روي وما سمع، مما صح لديه وتجمع عنده من الحديث الصحيح، واتبع طريقة نموذجية في الإستعداد لتأليفه وجمعه، فكان يتهيأ لذلك بكيفية خاصة، حيث يغتسل ويصلي ويستخير الله قبل البدء في الكتابة. روى ابن حجر عن البخاري قوله: ما كتبت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين (١). وقد صنفه في المسجد الحرام، وجمع تراجمه بين قبر النبي - ﷺ - ومنبره (٢). وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى جمع الروايات المختلفة حول مكان تأليفه، إلى القول بأن البخاري ابتدأ تصنيفه، ووضع تخطيطه العام في المسجد الحرام، ثم أكمله وبيضه في بخاري، بدليل طول مدة تأليفه، وهو ما لم يجاوزه البخاري بمكة (٣). وقد بلغ من حرص البخاري وعنايته بتصنيف «الجامع الصحيح»، أنه أعاد النظر فيه مرات، لكثرة ما تعهده بالتهذيب والتنقيح، قبل أن يخرجه للناس، ولذلك صنفه ثلاث مرات (٤). وهذا يؤكد حرص البخاري ودقته وتثبته في إخراج الجامع الذي هو أول كتاب في الصحيح، حتى يكون نموذجًا خالدًا لكتب الحديث، ومثالًا يحتذي به المحدثون من بعده، حتى اعتبر أمير المؤمنين في الحديث، ولم يكد يتم تصنيفه وتأليفه حتى عرضه على شيوخه وأساتذته ليعرف رأيهم فيه، منهم علي بن المديني، ويحيى بن معين، (١) «هدي الساري» ص ٥، «الوفيات» لابن خلكان ١/ ٦٥٠. (٢) «هدي الساري» ص ٤٩٠. (٣) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧ المصدر السابق ص ٤٨٨. (٤) «طبقات الشافعية» ٧/ ٢ «هدي الساري»، ص ٤٩١، «الإمام البخاري محدثًا وفقيها». وأحمد بن حنبل، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث قال العقيلي: «القول فيها قول البخاري» (١). ولقد كانت عناية الإمام البخاري بمصنفاته كلها كبيرة، وروي عنه أنه قال: صنفت جميع كتبي ثلاث مرات (٢)، أي أنه ما زال ينقحها ويراجعها أكثر من مرة. (١) «السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي» ص ٥٠٦. (٢) «سير أعلام النبلاء» ١٢/ ٤٠٣، «هدي الساري» ٤٨٧. طريقة الإمام البخاري في جمع الحديث لقد شمل منهج البخاري طريقة أخذ الحديث، وكتابته وجمعه، واختيار الشيوخ، ورجال الإسناد. أما طريقة أخذ الحديث، فقد اتخذ البخاري لنفسه منهجًا لاختيار شيوخه، وفي بحثه وتأليفه إذ لم يكن يأخذ إلا عن الثقات وفي ذلك يقول: «كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث لا أذكر إسناده» (١). ونقل النووي عن أبي الفضل المقدسي، قال: الذين حدَّث عنهم البخاري في «صحيحه» خمس طبقات: .. فذكرهم، مع بيان اختلاف منهجه في الرواية عنهم في الصحيح وغير الصحيح (٢). أما منهجه في كتابة الحديث، فقد تميز في كتابة الحديث والتأليف فيه بمزايا كثيرة، منها المكاني، ومنها الزماني، فقد توخى في تأليفه جامعه الصحيح الروية والأناة، بالرغم من حفظه الكبير، واتساع مداركه، ومعرفته العميقة للرجال، حيث صنفه في ستة عشر عامًا، وكان يعد نفسه لكل حديث بالغسل والصلاة، وفي ذلك يقول البخاري: (١) «مقدمة شرح البخاري» للنووي ١/ ٨. (٢) «مقدمة تلخيص النووي» ١/ ٢٣٤ - ٢٣٦. أخرجت هذا الكتاب يعني الجامع الصحيح، من نحو ستمائة ألف حديث، وصنفته في ستة عشر سنة، وجعلته حجة بيني وبين الله (١). وقال أيضًا: «ما وضعت في الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين». أما مكان تصنيفه فبين الحرمين الشريفين، فقد صنفه في المسجد الحرام، ووضع تراجمه بين قبر النبي - ﷺ - ومنبره، وفي ذلك يقول: «صنفت كتاب الجامع في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثًا إلا بعدما استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته» (٢). إن طول زمان تأليفه، يؤكد تحري البخاري وطول بحثه، وكبير استيعابه، كما أن اختيار الحرمين الشريفين، يدل على تقدير المسؤولية في اختيار الصحيح وانتقائه، مما يوحي جلال المهمة التي تصدى لها البخاري، وكان يقدرها حق قدرها، فقد بلغ من حرص البخاري وعنايته، أنه أعاد النظر فيه مرات لكثرة ما تعهده بالتهذيب والتنقيح، قبل أن يخرجه للناس، ولذلك صنفه ثلاث مرات (٣). * عدد أحاديث الصحيح: قال النووي: جملة ما في «صحيح البخاري» من الأحاديث المسندة سبعة آلاف ومئتان وخمسة وسبعون حديثا، بالأحاديث المكررة، وبحذف المكررة، نحو أربعة آلاف (٤). (١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧، «التهذيب» لابن حجر ٩/ ٤٩٥،«الوفيات» ١/ ٦٥٠، «التلخيص شرح البخاري» للنووي ١/ ٢١٦. (٢) «هدي الساري» (١١). (٣) «طبقات الشافعية» ٢/ ٧. (٤) «التلخيص» للنووي ١/ ٢١٩. وقد فصلها ابن الملقن على الكتب في مقدمة «التوضيح» وعلقنا عليه بالمقارنة مع كلام الحافظ ابن حجر بما يغني عن التكرار هنا. * استدراك الدارقطني على البخاري: يمكن إيجاز الكلام في هذا الموضوع بقول النووي: قد استدرك الدرقطني على البخاري ومسلم أحاديث، وطعن في بعضها، وذلك الطعن الذي ذكره فاسدٌ، مبنيٌّ على قواعد لبعض المحدثين، ضعيفة جدًا، مخالِفة لما عليه الجمهور من أهلِ الفقهِ والأصولِ وغيرهم ولقواعد الأدلة، فلا تغتر بذلك (١). (١) «التلخيص» للنووي ١/ ٢٤٥. منهج البخاري في رواية الصحيح وشروطه فيه يمكن استيعاب منهج الإمام البخاري في الحديث الصحيح وشروطه فيه، من أمرين: ١ - من الاسم الذي سمى به الجامع الصحيح. ٢ - ومن الاستقراء من تصرفه. فهو قد سماه «كتاب الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله - ﷺ - وسننه وأيامه» وهو «الجامع» بمعنى: أنه لم يختص بصنف دون صنف ولذلك أورد فيه الأحكام والقضايا والأخبار المحضة والآداب والرقاق، كما أن من جُملة أغراضه بيان عقيدة السلف والرد على ما كان سائدًا في عصره من البدع. وهو «الصحيح» أي: أنه ليس فيه شيء ضعيف عنده لقوله: «ما أدخلت في الجامع إلا ما صح». وهو «المسند» أي: أنه خرج فيه الأحاديث المتصلة الإسناد ببعض الصحابة عن النبي - ﷺ - سواء من قوله أو فعله أو تقريره. وهكذا يمكن حصر شروط البخاري في صحة الحديث فيما يلي: أن يكون الحديث متصلًا، وأن يكون رواته عدولًا، وأن يخلو الحديث من العلة، أي: ليس فيه علة قادحة، ولا شاذًا بأن يخالف راويه الثقة من هو أوثق منه، أو أكثر عددًا منه وأشد ضبطًا، وقد أوضح البخاري منهجه في الاتصال بدقة متناهية لا نجدها عند غيره، إذ اشترط في المعنعن شرطين: وهما اللقاء والمعاصرة وفي ذلك يقول: «الاتصال عندهم أن يعبر كل من الرواة في روايته عن شيخه، بصيغة صريحة في السماع منه، كسمعت وحدثني وأخبرني، أو ظاهرة كعن وأن فلانًا قال»، أي أن يكون الراوي قد ثبت له لقاء من حدث عنه ولو مرة واحدة، مع اشتراط أن يكون ثقة، فإذا ثبت عنه ذلك حملت عنه عنعنته على السماع، وعلة ذلك أنه لم يثبت لقاؤه له، وإنما كان معاصرًا له، احتمل أن تكون روايته عن طريق الإرسال، وأما إذا حدث عن شيخه بما لم يسمعه منه كان مدلسًا، وبذلك كان شرط البخاري في الاتصال أقوى وأتقن عنده من غيره، وخاصة مسلم وابن حنبل وغيرهما الذين اكتفوا بالمعاصرة دون اللقاء. إن طريق ثبوت اللقاء عند البخاري، تدور على التصريح بالسماع في الإسناد، فإذا ثبت السماع عنده في موضع يحكم به سائر المواضع، ومن أجل ذلك كان البخاري يتثبت في الرجال الذين يخرج عنهم ينتقي أكثرهم صحبة لشيخه، وأعرفهم بحديثه، وإن فعل فإنما يخرج في المتابعات بشرط أن تقوم قرينة، وأن يكون ذلك مما ضبطه الراوي (١). أما ابن الملقن فقال: يشترط [يعني لاتصال الإسناد] ثبوت اللقاء وحده، وهو قول البخاري والمحققين (٢). وإضافةً لما سبق، فقد خلص بعض الباحثين أنه بالرغم من شيوع (١) انظر: «هدي الساري» ص ٧. (٢) انظر: «التوضيح» ج ٢ الوجه الحادي عشر في شرح أول حديث. شرط اللقاء والمعاصرة عن البخاري فإنه لا يوجد ما يدل دلالة قاطعة على هذا الأمر (١). قال«ابن خلدون» في مقدمة تاريخه في علوم الحديث، عن منهج البخاري: «وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره، وخرج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح، بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين، واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه، كما روى عن أهل الري وواسط وخراسان ومرو وبلخ وهراة ونيسابور وبخارى وغيرها، بخلاف غيره الذين لم يرحلوا إلى تلك البلاد». وفي الجرح والتعديل كان للبخاري منهج دقيق وأسلوب فريد، كان فيه كثير من التحري والتثبت، فإذا أنكر السماع من راو كان يقول:«لم يثبت سماع فلان من فلان». ولا يقول ورعًا «إن فلانًا لم يسمع من فلان» كما أكد ذلك صاحب «فيض الباري» نقلًا عن ابن حزم (٢) كما كان أكثر ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط «سكتوا عنه» أو «فيه نظر» أو «اتركوه». وقل أن يقول كذاب أو وضاع بل يقول: «كذبه فلان» أو «رماه فلان» يعني بالكذب. وكان أبلغ تضعيفه للمجروح قوله: «مُنكر الحديث» (٣). (١) انظر «منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها» رسالة من إعداد أبي بكر الكافي، بإشراف د. حمزة المليباري، نشر دار ابن حزم ص ١٨٧، ٣٦٥. (٢) «هدي الساري» ص ٤٨٨، «طبقات الشافعية» ٢/ ٧، «التعريف بالبخاري» ص ١٢٠. (٣) «طبقات الشافعية» ٢/ ٩. هذا ولم تقف ريادة البخاري ومنهجيته عند هذا الحد، بل تجلت في مواضع كثيرة من صحيحه: في تراجمه، وتقطيعه للحديث، واختصاره، وإعادته، ومكرراته، وتجريد الصحيح، مما ميزه عن غيره، وسجل له الأفضلية والأسبقية. تراجم صحيح البخاري المقصود بتراجم البخاري أسماء أبواب كتابه التي روى بعدها أحاديث الباب، ولقد راعى البخاري في هذِه التراجم مقاصد عالية رفيعة وأهدافًا سامية، فهو في بعض الأحيان يشير إلى النكات الفقهية، وأحيانا الأصول الحديثية، وعللها الغامضة، ولقد صدق من قال: «إن فقه البخاري في تراجمه» ذلك أن تراجم الصحيح تعطي الصورة الواضحة والدليل القاطع، على مقدرة البخاري وسعة علمه، وقوة حفظه ودرجة تفوقه في فهم الكتاب والسنة، واستنباط الأحكام منهما، والاستدلال لأبواب أرادها من الأصول والفروع، والزهد والرقائق، واستخراج فقه الحديث وماله صلة بالحديث المروي فيه فكان فيها كما قال عنه ابن حجر: «استخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة، فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها، واعتنى فيه بآيات الأحكام فانتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة» (١). كما كان في تراجمه سباق غايات، وصاحب آيات في وضع تراجم لم يسبق إليها، ولم يستطع أن يحاكيه أحد من المتأخرين، فنبه على مسائل مظان الفقه من القرآن، بل أقامها منه ودل على طرق التأنيس (١) «هدي الساري» ص ٦. منه، وبه ربط الفقه والحديث بالقرآن بعضه مع بعض، فكانت تراجمه صورة حية لاجتهاده وعبقريته ومنهجيته. ولزيادة التوضيح نورد أمثلة من تراجمه، تدليلًا على نبوغه وريادته، وتفوقه وتمكنه، وقوة استنباطه المعاني، واستخراج لطائف فقه الحديث، وتراجم الأبواب الدالة على ماله صلة بالحديث المروي فيه. وقد تحدث ابن الملقن في مقدمة «التوضيح» عن تراجم البخاري وبيَّن منهجه فيها وأولاها اهتمامه في الشرح، لذا قال في المقدمة: (وأَحْصُرُ مقصودَ الكلام في عشرة أقسام: … سابعها: في بيان غامض فقهِهِ، واستنباطه، وتراجم أبوابه؛ فإنّ فيه مواضع يتحيرُ الناظرُ فيها، كالإحالة عَلَى أَصْل الحديث ومخرجه، وغير ذَلِكَ مما ستراه). لقد كان منهجه عجيبًا وفريدًا في تراجمه، فقد يكون منها ما هو ظاهر، والترجمة فيه دالة بالمطابقة لما ترجم له، أي عنوان لما ترجم له، كقوله: «باب قول النبي - ﷺ - اللهم علمه الكتاب» كما جاء في الحديث المتصل عن ابن عباس قال: «ضمني رسول الله - ﷺ - وقال اللهم علمه الكتاب» (١). وقد تكون الترجمة تعبيرًا للمعنى المراد من كلمة في الحديث مثاله. «باب الاغتباط في العلم والحكمة وقال عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا». كما جاء في الحديث المسند عن عبد الله بن مسعود قال: «قال النبي - ﷺ -، لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في (١)»شرح الكرماني" للبخاري- كتاب العلم ٢/ ٤٧ - ٤٩. الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها«(١). فبين في هذِه الترجمة، أن المراد بالحسد هو الغبطة لا الحسد، وبذلك كانت ترجمته هنا بيانًا وتأويلًا لمعنى الحديث. وقد يترجم بأيه ويأتى بعدها بالحديث، مثاله من كتاب العلم. »باب قول الله تعالى ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]. وساق السند المتصل عن علقمة عن عبد الله قال: بينما أنا أمشي مع النبي - ﷺ - في خرب المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت فقلت: إنه يوحى إليه، فقمت فلما انجلى عنه فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥] قال الأعمش: هكذا فى قراءتنا، يريد البخاري أن يفيد إثبات الحكم بالمصدرين الكريمين الكتاب والسنة (٢) إلى غير ذلك من المعاني الدقيقة في تراجم البخاري التي يحفل بها صحيحه، والتي أفردها بعض العلماء بمصنفات مستقلة، منها: - «المتواري على تراجم البخاري» لابن المنير. - «فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة» للعلامة محمد بن منصور ابن حمامة المغربي. - «ترجمان التراجم» لابن رشيد السبتي، ولم يتمه. (١) المصدر السابق ٢/ ٤١ - ٤٣. (٢) المصدر السابق ٢/ ١٤٩ - ١٥٠. - «مناسبات تراجم البخاري» لابن جماعة. - «شرح تراجم أبواب صحيح البخاري». ولي الله الدهلوي، وهي رسالة جامعية. إضافة إلى كتاب ابن حجر «تغليق التعليق» ففيه اهتمام كبير بالمعلقات الموجودة في تراجم البخاري. منهجه في تكرار الحديث واختصاره وتقطيعه وهذا مظهر آخر من منهجية البخاري وبراعته وعبقريته، استعاض به عن هذا العدد العديد من الأحاديث التي ضمها «الجامع الصحيح» على كثرتها؛ حتى يجمع هذِه الثروة الحديثية الشاملة، وإلا احتاج إلى مجلدات حتى يستوفي أبواب صحيحه وكتبه، مراعاة لشروطه في الصحيح، والتي ألزم نفسه بها وهو يدون الحديث الصحيح في جامعه متحريًا خالصة لذاته وحسب شروطه. يقول ابن الملقن في مقدمة «التوضيح»: (القاعدة الثانية عشر: اختصار الحديث والاقتصار عَلَى بعضه، الصحيح جوازه إِذَا كان ما فصله غير مرتبط الدلالة بالباقي، بحيث لا تختلف الدلالة، مفصلة كالحديثين المستقلين. ومنعه إن لم يكن كذلك. وأما تقطيع المصنف الحديث وتفريقه في أبواب فهو إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد، وقد فعله مالك والبخاري وغير واحد من أئمة الحديث). وفي ذلك يقول الكشميري: "إن المصنف لما شدد في شروط الأحاديث، قلَّت ذخيرة الحديث في كتابه، ولما أراد أن يتمسك منها على جملة أبواب الفقه، اضطر إلى التكرار والتوسع في وجوه الإستدلال، وذلك من كمال بداعته، ومن لا دراية له بغوامضه، ولا ذوق له في علومه، يتعجب من صحيحه، ولا يدري أن التوسع فيه من أجل تضييقه على نفسه في مادة الأحاديث، فيستدل بالإيماءات، ويكتفي بالإيماضات» (١) وكان مصداق ما قيل: أعيا فحول العلم حل رموز ما أبداه في الأبواب من أسرار. فإذا صح أن البخاري أعاد الحديث الواحد وكرره في صحيحه أكثر من مرة، فإنما يلجأ إلى ذلك لمراميَ وأمور تتعلق بالإسناد أو بالمتن أو بهما معًا، على أن الصحيح في الأمر أنه لا يكرر، بل هو أسلوب اتخذه الإمام البخاري لما كان يرومه ويقصده من ترجمة أو معنى أو استدلال، وقلما يكون هناك حديث ورد في صحيحه أكثر من مرة كما هو إسنادا ومتنا، وإنما يختلف من حيث راويه أو اختصاره أو الاستدلال به كاملًا، ولنورد على ذلك أمثلة لتوضيح مقاصده في هذا الباب: من ذلك أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة، فيوردها هو كما جاءت تحريًا للدقة وإزالة للشبهة عن ناقلها، وليصل المنقطع منها على أصله فيقوي بعضها بعضًا، ويذكر الروايتين، مثال ذلك: ما أورده في «باب ليبلغ الشاهد الغائب» رواه ابن عباس عن النبي - ﷺ -. ولكنه أسنده في كتاب الحج في باب الخطبة أيام منى، عن علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد، عن فضيل بن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - ﷺ - خطب الناس يوم النحر فقال: «يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام إلى أن قال: اللهم هل بلغت هل بلغت». (١) «فيض الباري» ص ٤. قال ابن عباس فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته ليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض (١). ومن ذلك، أنه كان يخرج الحديث عن صحابي ويورده عن صحابي آخر، وقصده أن يخرج به عن حد التفرد والغرابة، وكذلك يفعل في أهل الطبقة التالية للصحابة فمن بعدهم إلى مشايخه كما هو واضح في المتابعات، وأورد في هذا الباب: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثني الليث، قال: حدثني سعيد بن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: إئذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي - ﷺ -، الخ الحديث، ذكره مطولًا ثم ذكره في كتاب الحج- باب فضل الحرم، بإسناد مغاير ومتن مختصر قال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله - ﷺ - يوم فتح مكة، إن هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها» (٢). وليس في هذا الحديث الجزء الذي بوب له في الباب السابق، ويرمي البخاري من ذلك إلى أن ترك بعض المتن أو السند اختصارًا لا يضر إطلاقًا، وإنما يزيل الشبهة عن الناقل. ومن ذلك أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال ورجح عنده في الموصول. (١) «شرح الكرماني» للبخاري ٨/ ٢٠١. (٢) «شرح الكرماني» للبخاري ٨/ ١٠٧. ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلًا في الإسناد ونقصها بعضهم، فيوردها البخاري على الوجهين، إذ صح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر، ثم لقي الآخر فحدثه به، فكان يرويه على الوجهين. وقد يورد البخاري الحديث لتسمية راو، أو التنبيه على زيادة في الرواية، فيراعي تقديم الحديث الأولى. ومن أجل ذلك يتضح أن الإمام البخاري، لم يكن يورد الحديث الواحد في صحيحه أكثر من مرة، إلا لفائدة ولغاية من ترجمته، قال ابن حجر: «وبهذا يعلم أن البخاري لا يعيد إلا هادفًا للفائدة، حتى لو لم تظهر لإعادته فائدة، من جهة الإسناد، ولا من جهة المتن، لكانت الفائدة لإعادته من أجل مغايرة الحكم الذي تشتمل عليه الترجمة الثانية، موجبًا أنه لا يعد مكررًا بلا فائدة، وهي تعدد الطرق، فضلًا عن إبراز الأحكام المتعددة (١). وما ألطف ما قال في هذا المعنى ابن الديبع: قالوا: المسلم فضل. قلتُ: البخاري أعلى. قالوا: المُكرر فيه. قلتُ: المُكرر أحْلى. لقد كان هدف البخاري دائمًا استخراج المسائل واستنباط الفوائد، والنزول إلى أعماق الحديث، والتقاط درره، فقد روى حديث بريرة عن عائشة أكثر من اثنتين وعشرين مرة، لإبراز أحكام وقواعد جديدة منه في كل مرة يرويه. (١)»الإمام البخاري محدثًا وفقيهًا" ص ٢٠٣. وروى حديث جابر أكثر من عشرين مرة، «كنت مع النبي - ﷺ - في غزوة فأبطأ بي جملي وأعيا .. الحديث». وروي حديث عائشة: «أن النبي - ﷺ - اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل ورهنه درعًا من حديد» في أحد عشر موضعًا، وعقد له أبوابًا وتراجم. وروى قصة موسى والخضر، في أكثر من عشرة مواضع. وأخرج حديث كعب بن مالك في قصة غزوة تبوك في أكثر من عشرة مواضع. وروى حديث أسماء في كسوف الشمس وخطبته - ﷺ - في عشرة مواضع. ونجد أنزل سند فيه، سند إسماعيل بن إدريس، وهو تساعي. وأعلى سند فيه الثلاثيات، وقد بلغت ثلاثة وعشرين على ما ذهب إليه الشبيهي في شرحه للجامع الصحيح (١). وأكثر سند ذكرًا للصحابة، سند أبي سليمان في باب رزق الحكام من كتاب الأحكام، فإن فيه أربعة من الصحابة السائب ومن ذكر بعده. وأطول حديث فيه حديث عمرة الحديبية المذكور في كتاب الصلح. وأكثر أبوابه أحاديث باب ذكر الملائكة، وأكثر من روى عنه من الصحابة أبو هريرة - رضي الله عنه -. (١) «الفجر الساطع على الصحيح الجامع» ج ١ ص ١٣، وما بعدها، بتصرف. كيف وصل إلينا الصحيح أو الطرق التى تسلسل بها لقد حدث البخاري بالحجاز والعراق وخراسان وما وراء النهر، وكتب عنه العلماء والمحدثون وما في وجهه شعرة، وقد روى عنه: أبو زرعة وأبو حاتم والترمذي ومسلم ومحمد بن نصر المروزي وصالح بن محمد وابن خزيمة وأبو العباس السراج، وأبو قريش محمد بن جمعة وأبو حامد بن الشرقي وغيرهم من الرواة الكثير الذين لا يحدهم حصر (١). أما بخصوص «الجامع الصحيح» فقد أورد الحافظ ابن حجر رواية عن أحمد بن يوسف بن مطر بن صالح الفربري (٣٢٠ هـ) أن من سمعوا من البخاري كتابه الجامع الصحيح وحده كانوا تسعين ألفًا وكان هو منهم، كما يذكر الفربري أنه لم يبق ممن سمعه من البخاري إلا هو (٢). وقد رد الحافظ ابن حجر على الفربري مستدركًا واحدًا من تلامذة البخاري الذين سمعوا منه الصحيح بقي متأخرًا عن الفربري، بحوالي تسعة أعوام، وهو أبو طلحة منصور بن محمد بن علي بن قريبة البزدوي المتوفى سنة ثلاثمائة وتسعة وعشرين للهجرة، فيكون هذا (١) «طبقات الشافعية» ٢/ ٤. (٢) «هدي الساري» ص ٤٩٢، ٤٩٣. آخرهم سماعًا منه كما يقول الحافظ ابن حجر (١) وإذا كان من حمل عن البخاري جامعه الصحيح من تلامذته بلغوا تسعين ألفًا ويزيد، فإن رواية الفربري هي أشهر رواية عن البخاري من بين الروايات الواصلة إلينا منذ عهد البخاري إلى الآن. وقد سمع الفربري الصحيح عن البخاري مرتين (٢): مرة بفربر سنة ثمانية وأربعين ومائتين، ومرة ببخارى سنة اثنين وخمسين ومائتين. ولذلك كانت رواية الفربري أشهر الروايات وأتقنها لكونه آخر الرواة سماعًا عن البخاري وآخرهم حياة بعده، وعن هذِه الرواية تسلسلت كل الطرق المعاصرة التي وقعت عليها، وعن رواية الفربري كتب الكرماني، وابن حجر العسقلاني، والعيني، وقد جرت العادة أن يذكر أصحاب الشروح المعروفة الأسانيد التي سمعوا بها البخاري. ونذكر على سبيل المثال الطرق التي تسلسل بها الصحيح إلى ابن حجر (ت ٨٥٢)، فقد عد منها أربعة عشر طريقًا وصلت بها إليه رواية صحيح البخاري، ومنها طريق أبي ذر، وهي نفس طريق الكرماني. قال ابن حجر: إن أحسن الطرق التي وصل بها البخاري إليه هو هذا الطريق، ومن الطرق التي وصلته الجرجاني عن السبكي والهمداني عن أبي ذر وهي أكثر الروايات عددًا (٣). وقد انتشر الرواة عن الفربري في الأقطار والأمصار، غير أن أشهر النسخ والروايات من طريقه، هي رواية أبي ذر، وهو ما أكده الحافظ في (١) «هدي الساري» ص ٤٩٣. (٢) «هدي الساري» ص ٤٩٣، «التنويه والإشادة» عبد الحي الكتاني ص ٢٥. (٣) «التنويه والإشادة» ص (٣). «الفتح». فهي أحسن الروايات لضبطه لها وتمييزه لاختلاف سياقها. أما في المغرب فقد أورد المحدث سيدي عبد الحي الكتاني رواية عن القاضي عياض: «قال القاضي عياض في»المشارق«: أكثر الرواة عندنا من طريق الفربري والنسفي، ولم يصل إلينا من غير هذين الطريقين عنه ولا دخل المغرب والأندلس إلا عنهما، على كثرة رواة البخاري عنه لكتابه» (١). وقد أخذ أبو ذر روايته عن شيوخه: السرخسي وأبي الهيثم الكشمهيني، وأبي إسحاق المستملي، وعنهم عن الفربري، عن البخاري، وقد كثرت الرواية عن أبي ذر وتشعبت وتفرقت الطرق وتعددت في العالم الإسلامي. غير أن معتمد المغاربة هي رواية ابن سعادة وهو أبو عمران موسى بن سعادة، مولى سعيد بن نصر مولى الناصر عبد الرحمان بن محمد الأموي المتوفى سنة اثنين وعشرين وخمسمائة (٢). وقد أخذ ابن سعادة روايته للصحيح عن الإمام الصدفي، عن الباجي، عن أبي ذر، فيكون بينه وبين البخاري خمسة وسائط (٣). أما المشارقة فقد اعتمدوا في رواية الصحيح على النسخة اليونينية التي حررها الإمام الحافظ شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد اليونيني، وكان قد قرأ الصحيح على عبد الله بن مالك الجياني النحوي، وقابل ذلك بأصل الحافظ أبي ذر والحافظ الأصيلي، (١) المصدر السابق. (٢) «معجم أصحاب الصدفي» لابن الآبار- «التنويه والإشادة» ص ٥. (٣) «مختصر العروة الوثقى»: فهرست محمد بن الحسن الحجوي ص ٢٥. والحافظ أبي القاسم الدمشقي، وبأصل مسموع عن الحافظ أبي الوقت سنة ٦٧٦ هـ (١). ثم عمد الإمام جمال الدين محمد بن مالك الذي سمع من اليونيني، إلى توضيح مشكلات ألفاظ روايات البخاري حتى صارت هذِه النسخة أضبط النسخ على الإطلاق، وأصبح عمل اليونيني هو العمدة لكل من تعرض بعده لضبط روايات الصحيح (٢). ولأخي ومشاركي في هذا العمل، الدكتور جمعة فتحي، رسالته (الدكتوراه) في هذا الموضوع، يسر الله نشرها. (١) «التنويه والإشادة» ص ٣. (٢) «دائرة المعارف الإسلامية» المجلد الثالث ص ٤٢٥. مظاهر اهتمام الأمه الإسلاميه بصحيح البخاري (شروح البخاري) لعل المكتبة الإسلامية لا تعرف كتابًا من كتب البشر الدينية اهتم به الباحثون والدارسون والعلماء ووقفوا جهودهم عليه، مثلما تناولوا كتاب الجامع الصحيح لأبي عبد الله البخاري بالشرح والتعليق والدراسة، وذلك منذ العصور الأولى منذ ألف هذا الكتاب وصدر عن صاحبه للناس. فقد كانت هذِه العناية والاهتمام من لدن الباحثين والدارسين هي التي أحلت كتاب البخاري محل الصدارة بين الكتب المؤلفة في المكتبة الإسلامية، وجعلته في مقدمتها على الدوام، بفضل استمرار الاهتمام وتواصل العناية، مما يعتبر مظهرًا من مظاهر التقدير والاعتبار لهذا التراث العظيم الخالد الذي عم مشارق الأرض ومغاربها. وقد امتدت العناية به إلى العلماء غير المسلمين حيث درس وترجم وكتبت حوله مئات المؤلفات من طرق الكتاب والمستشرقين الأجانب في مختلف أصقاع الدنيا، حتى وضع أحد المستشرقين ختمة عليه سماها «ختم البخاري» (١). (١) «ختم البخاري» لجولد تسهير، «تاريخ التراث العربي» المجلد الأول ص ٣١١. وبذلك كان كتاب «الجامع الصحيح» أعظم المؤلفات تقديرًا، وأعلاها منزلة، وأكثرها شهرة (١). ولقد واكبت هذِه العناية والاهتمام من طرف العلماء والباحثين «الجامع الصحيح» منذ تأليفه، فقد ظهر أول شرح له في منتصف القرن الرابع الهجري وهو المسمى «أعلام السنن» للإمام الخطابي المتوفى سنة ٣٨٨ هـ، ثم توالت فيما بعد الشروح والحواشي والتعليقات متلاحقة متصلة ودون انقطاع، طوال القرون العشرة التي تلت تأليفه إلي اليوم، حيث لم يتوقف اهتمام العلماء بصحيح البخاري، أو يفتر إنتاجهم حوله، إذ أخرجت لنا المطبعة قبل سنوات حاشية عليه للشيخ المرحوم الطاهر بن عاشور (٢). وقد ظهرت عناية العلماء والدارسين بالجامع الصحيح في هذا العدد الضخم من الكتب المؤلفة حوله شرحًا وتعليقًا وحاشية وغيرها، حتى عد صاحب «كشف الظنون» منها اثنين وثمانين (٣) وأوصل العدد للكاندهلوي في مقدمة اللامع إلى نيف وثلاثين ومائة (٤) إلى غير ذلك مما ذكره طاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» وما ذكر في «إتحاف النبلاء» و«الديباج المذهب» و«نيل الابتهاج» وغيرها. إلا أننا وجدنا بعد الاستقصاء والبحث في المكتبة المغربية وحدها، أن هذا العدد لا يمثل الحقيقة، وقد قام الدكتور الشيخ محمد عصام (١) «الجامع الصحيح» للإمام البخاري، أبو الحسن الندوي. (٢) صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عن الدار العربية للكتاب بتونس ١٣٩٩ - ١٩٧٩ تحت اسم «النظر الفسيح عن مضايق الأنظار في الجامع الصحيح». (٣) «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥ - ٥٥٤. (٤) «مقدمة لامع الدراري» ١٢٦ - ١٥١. ![]()
__________________
|
|
#5
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 101 الى صـــ 125 الحلقة (5) عرار الحسيني بجمع أسماء شروح البخاري وما يتعلق به في كتاب «إتحاف القاري بمعرفة جهود وأعمال العلماء على صحيح البخاري» ولم نقف عليه إلا بعد أن أوشكنا على الانتهاء من هذِه المقدمة. وكنا قد كلفنا الأخ أحمد فوزي الباحث بدار الفلاح بجمعها فوقف على عدد كبير وجدناه أوسع بكثير مما كتب الشيخ محمد عصام ووجدنا أن من الصعوبة أن نورد ذلك كله في هذِه المقدمة ولكن سنفرده بكتاب مستقل، ونضع هنا بعضًا منه: ١ - «أعلام الحديث»، أو «أعلام السنن»، أو «إعلام المحدث»: مؤلفه: الإمام العلامة الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، توفي ببست في شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة (١). والشرح هذا مطبوع، بتحقيق الدكتور محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود، ضمن إصدارات جامعة أم القرى، وهو في أربعة أجزاء. وقد اختلف في اسمه، فسماه بعضهم «أعلام الحديث» وهو الموسوم به المطبوع، وكذا سماه السمعاني. وسماه بعضهم «أعلام السنن» كالحموي وابن خلكان، وحاجي خليفة (٢). وسماه بعضهم «إعلام المحدث»، كذا سماه بروكلمان وفؤاد سزكين (٣). وهو شرح لطيف فيه نكت لطيفة، يعد هو أول شرح لـ «صحيح البخاري»، ----------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الأنساب» ٢/ ٢١٠، ٥/ ١٤٥، و«معجم الأدباء» ٣/ ٢٥١ (٣٧٩)، و«وفيات الأعيان» ٢/ ٢١٤ (٢٠٧)، و«تاريخ الإسلام» ٢٧/ ١٦٥، و«سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ١٧ (١٢). (٢) «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥. (٣) «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٧، «تاريخ التراث العربي» ٣/ ٢٢٩. فلا يُعلم أحد شرح «الصحيح» قبله، وهو من الشروح المختصرة، أهتم فيه مصنفه رحمه الله بالجوانب اللغوية، وضَبْطُ كثير من ألفاظ وكلمات «الصحيح»، فهو في الجملة كالشرح اللغوي «للصحيح»، وأحيانًا قليلة يتعرض لذكر بعض الفوائد الفقهية، وقليل من التعليقات العقائدية، وقد نقل كثير ممن شرح «الصحيح» بعده منه، كالحافظ في «فتح الباري»، والمصنف في شرحنا هذا، بل إنه من المكثرين في النقل عنه. ٢ - «النصيحة في شرح البخاري»: مؤلفه: أحمد بن نصر، أبو جعفر الأزدي الداودي المالكي الفقيه، توفي سنة اثنتين وأربعمائة (١). شرحه هذا غير مطبوع، ولا يعرف عنه شيء، ذكره غير واحد كالسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ وقال: وهو ممن ينقل عنه ابن التين وغيره. وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥ وعد كتابه هذا بمثابة التتميم لشرح الخطابي، وكذا ذكره كحالة في «معجم المؤلفين» ١/ ٣١٩ (٢٣٣٩). ويبدو أنه من الشروح النفيسة؛ فلقد أكثر المصنف- أي: ابن الملقن رحمه الله- النقل عنه في مواضع شتى، وكذا الحافظ في «الفتح» وغير شارح، وللحافظ في «المعجم المفهرس» (١٧٥٦) إسناد لهذا الشرح، قال: أنبأنا به أبو علي الفاضلي، عن أحمد بن أبي طالب، عن جعفر بن علي، عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب، عن يوسف بن عبد الله النمري، عن الداودي إجازة. ومات سنة اثنتين وأربعمائة. اهـ. ------------------------------(١) انظر ترجمته في «تاريخ الإسلام» ٢٨/ ٥٦ (٥٦). ٣ - «شرح القزاز»: مؤلفه: أظنه: العلامة، إمام الأدب، أبو عبد الله، محمد بن جعفر التميمي القيراوني النحوي، القزاز، مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة (١). وهذا الشرح من الشروح التي صرح المصنف الشارح -رحمه الله- في خاتمته أنه من الشروح التي اعتمد عليها في شرحه. وأفاد الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٢ أنه شرح لغريب البخاري، فقال: وشرح غريبه القزاز. وذكره أيضًا الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في مقدمته في «لامع الدراري على جامع البخاري» وسماه «تفسير غريب البخاري». ٤ - «شرح أبي الزناد ابن سراج»: مؤلفه: لعله سراج بن سراج بن محمد بن سراج، يكنى أبا الزناد من أهل قرطبة، توفي في محرم سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة (٢). ذكر هذا الشرح السخاوي فقال في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠: ممن علِمْتُه شَرَحَ البخاري، أبو الزناد [وقع في المطبوع: الزياد بالياء، وهو تصحيف]، بن سراج، وهو ممن يكثر ابنُ بطال النقل عنه. قلت: وهو كما قال، ففي مواضع شتى من «شرح ابن بطال» قال فيها: قال أبو الزناد، وزاد في أول موضع ١/ ٣٢: ابن سراج. ---------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٧٤ (٦٥٢)، و«تاريخ الإسلام» ٢٨/ ٦٧ (٧٥)، و«سير أعلام النبلاء» ١٧/ ٣٢٦ (١٩٧)، و«الوافي بالوفيات» ٢/ ٣٠٤ (٧٤٦). (٢) انظر ترجمته في: «الصلة» ١/ ٢٢٦ (٥١٧). ونقل عنه أيضًا الحافظ في «فتح الباري» في سبعة مواضع قال فيها: قال أبو الزناد. وكذا العيني في «عمدة القاري» في مواضع أكثر. وذكر هذا الشرح أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦. ٥ - «شرح المهلب»: مؤلفه: المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي الأندلسي المريى، مصنف «شرح صحيح البخاري»، وكان أحد الأئمة الفصحاء الموصوفين بالذكاء. توفي في شوال سنة خمس وثلاثين وأربعمائة (١). وهو أيضًا غير مطبوع، ولا يعرف عنه شيء، وذكره غير واحد كالذهبي، والسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ وقال: وهو ممن اختصر «الصحيح»، وحاجي خليفة في «الكشف» ١/ ٥٤٥، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٣/ ٩٢٧ (١٧٣٤٤). ويبدو أنه شرح ثمين، يتجلى ذلك من خلال نقولات المصنف -رحمه الله- عنه، فلقد أكثر عنه النقل خاصة فيما يتعلق بالمسائل الفقهية، وكذا الحافظ في «الفتح»، والعيني في «عمدة القاري». وقبلهم ابن بطال -الآتي قريبًا- فهو ممن أكثر النقل جدًّا عن شيخه المهلب هذا. ٦ - «شرح البوني»: مؤلفه: مروان بن علي -ويقال: ابن محمد- الأسدي القطان، أبو عبد الملك، القرطبي البوني. ---------------------------------(١) انظر ترجمته في «تاريخ الإسلام» ٢٩/ ٤٢٢ (١٥٨)، و«سير أعلام النبلاء»١٧/ ٥٧٩ (٣٨٤)، و«شذرات الذهب» ٣/ ٢٥٥. قال ابن بشكوال: مات قبل الأربعين وأربعمائة (١). شرحه هذا ذكره الحافظ في «المعجم المفهرس» (١٧٥٨) وذكر إسناده إليه فقال: أنبأنا به أبو علي الفاضلي، عن أحمد بن أبي طالب، عن جعفر بن علي، عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب، عن حاتم بن محمد الطرابلسي، عنه. وهو غير مطبوع، ولا يعرف عنه شيء. ٧ - «شرح ابن بطال»: مؤلفه: العلامة أبو الحسن، علي بن خلف بن بطال البكري، القرطبي ثم البلنسي، ويعرف بابن اللجام، توفي في صفر سنة تسع وأربعين وأربعمائة (٢). وقد طبع بتحقيق ياسر بن إبراهيم. مكتبة الرشد، في أحد عشر مجلدًا. وهو شرح نفيس عُنِي مصنفه فيه بالفقه، قال حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦: غالبه فقه الإمام مالك من غير تعرض لموضوع الكتاب غالبًا. اهـ. قلت: والإشارات الحديثية فيه قليلة جدًّا، إن وجدت، ويذكر أحيانًا بعض اللغويات، ويتعرض لذكر بعض المسائل العقائدية، مع العلم بأنه فيها من المؤولين للصفات. والمطالع للكتاب يجد ابن بطال رحمه الله كثير النقل جدًّا عن المهلب، المتقدم ترجمته، مع إفادة أن المهلب شيخه أخذ عنه --------------------------------(١) انظر: «الصلة» ٢/ ٦١٦ (١٣٤٩)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٨٤٤ (١٦٨٢٣). (٢) انظر ترجمته في: «الصلة» لابن بشكوال ٢/ ٤١٤ (٨٩١)، و«تاريخ الإسلام» ٣٠/ ٢٣٣ (٣٢٥)، و«سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٤٧ (٢٠)، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤٣٨ (٩٤٥٥). مباشرة، من ذلك ما ذكره في شرح أول حديث ١/ ٣١ قال: قال لي أبو القاسم المهلب ابن أبي صفرة .. وذكر نحو هذا في غير ما موضع. وممن أكثر النقل عنه أيضًا أبو الزناد بن سراج، وقد تقدم. وقد أكثر المصنف -ابن الملقن- النقل عن ابن بطال، وكذا الحافظ والعيني، خاصة المسائل الفقهية. تنبيه: يوجد ابن بطال آخر هو: سليمان بن محمد بن بطال بن أيوب، البطليوسي، أبو أيوب، المالكي، يعرف بالمتلمس، فقيه إمام عالم محقق زاهد، توفي سنة اثنتين، وقيل: أربع وأربعمائة (١). قال المقري في «نفح الطيب» ٣/ ٤٥١: له «شرح البخاري» وأكثر ابن حجر من النقل عنه في «فتح الباري»! قلت: غريب؛ فشرح البخاري، إنما هو لابن بطال الأول علي بن خلف، واشتهر بل تواتر نسبة الكتاب إليه، ولم يذكر أحد قط ممن تقدم المقري أو تأخر عنه في ترجمة ابن بطال الثاني هذا أن له شرحًا للبخاري، وكل من ترجم له في كتب الفهارس ذكروا له كتبًا كثيرة، ولم يتعرض أحدهم لذكر هذا الكتاب، وهذا يؤكد أن الكتاب للأول، وأن قول المقري إنما هو توهم منه، رحمه الله، وأغرب من ذلك أن الدكتور فاروق حمادة في مقدمته لكتاب ابن القطان «الإقناع في مسائل الإجماع» ١/ ٩٧ جزم بنسبة هذا الشرح لابن بطال البطليوسي الثاني، مع نسبته أيضًا لابن بطال علي بن خلف شرحًا -------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الصلة» ١/ ١٩٧ (٤٤٥)، و«الديباج المذهب» ١/ ٣٧٦، «نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب» ٣/ ٤٥٠، و«شجرة النور الزكية» (٢٥٨)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٧٨٥ (٥٨٢٨)، ١/ ٧٩٦ (٥٨٩٨). آخر، وخطَّأ المقري في قوله أن الثاني هو الذي ينقل عنه الحافظ في «الفتح». وليس ثمة دليل أصلًا أن الثاني له شرح، فالشرح لابن بطال الأول، مع العلم بأن الدكتور فاروق نقل في ترجمة ابن بطال الثاني عن الحميدي في كتاب «جذوة المقتبس» ص (٢٢٢)، ولما طالعت ترجمة سليمان ابن بطال في «الجذوة» وجدت الحميدي لم ينسب له شروحًا. ونخلص من هذا أن «شرح البخاري» إنما هو لابن بطال الأول، علي بن خلف، والله أعلم. ٨ - «شرح ابن حزم»: مؤلفه: الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف، الأندلسي القرطبي، صاحب التصانيف، توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة (١). وكتابه هذا أشار إليه الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ فقال: وكذا لأبي محمد بن حزم عدة أجوبة. وكذا ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥ - ٥٤٦. قلت: يبدو أنه كتاب مختصر أو تعليقات مختصرة على «الصحيح». وإلى هذا أشار الكاندهلوي كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٦ فقال: شرح لطيف لابن حزم. ووجدت الحافظ الذهبي حصر مصنفات ابن حزم في «السير» ---------------------------------(١) انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» ٣/ ٥٤٦ (٥٤٢)، و«تاريخ الإسلام»٣٠/ ٤٠٣ (١٦٨)، و«سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٨٤ (٩٩)، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٣٩٣ (٩١١٧). ١٨/ ١٩٣ - ١٩٧ فبلغت ثمانين مؤلفًا ما بين مجلد ورسالة وكراسة، ولم يذكر فيها كتابه هذا على «صحيح البخاري»، إلا أنه قال في ١٨/ ٢٠٩: قال ابن حزم في «تراجم أبواب صحيح البخاري». ٩ - «شرح الهوزني»: مؤلفه: عمر بن الحسن بن عمر بن عبد الرحمن بن عمر الهوزني الإشبيلي المالكي، أبو حفص، مات قتيلًا سنة ستين وأربعمائة (١). شرحه هذا ذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وحاجي خليفة، «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦، وإسماعيل باشا، «هدية العارفين» ١/ ٧٨٢، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٥٧ (١٠٣٥٠). ١٠ - «الأجوبة عن المسائل المستغربة من كتاب البخاري»: مؤلفه: الإمام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الإسلام، أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري، الأندلسي القرطبي المالكي، صاحب التصانيف الفائقة، توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة (٢). وقد طبع بتحقيق عبد الخالق بن محمد ماضي، طبع: وقف السلام الخيري، في مجلد. وسماه الحافظ الذهبي: «الأجوبة الموعبة ..». والكتاب هو شرح وتعليقات لطيفة على بعض أحاديث «الصحيح» --------------------------------(١) انظر ترجمته في «الصلة» ٢/ ٤٠٢ (٨٦٥)، و«تاريخ الإسلام»٣٠/ ٤٨٨ (٢٦٤). (٢) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٧/ ٦٦ (٨٣٧)، و«تاريخ الإسلام»٣١/ ١٣٦ (٩٤) و«سير أعلام النبلاء» ١٨/ ١٥٣ (٨٥)، و«معجم المؤلفين» ٤/ ١٧٠ (١٨٤٥٥). خصها بالتعليق؛ لأنه طلب منه توضيح معاني بعض الأحاديث التي خفيت على أحد طلاب العلم، فأرسل لابن عبد البر يطلب منه توضيح ذلك، يدل لذلك قوله في مقدمة الكتاب: وذكرت أنه استعجم عليك من «الجامع الصحيح» للبخاري، أحاديث استغلقت عليك معانيها، ورجوتني لكشف المعمى عنك فيها، وسألتني شرحها وبسطها بما حضرني. اهـ «الأجوبة» ص ٩١ - ٩٢. وقد بلغ عدد الأحاديث التي تعرض لها ابن عبد البر بالتعليق والشرح- أحدًا وعشرين حديثًا. ولا يفوتني أن أذكر أن الشارح -رحمه الله- قد عزا في غير ما موضع إلى هذا الكتاب. فائدة: ذكر الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ أن سَائلَ ابن عبد البر هو المهلبُ بن أبي صفرة. ١١ - «شرح البزدوي»: مؤلفه: الإمام علي بن محمد بن حسين ابن المحدث عبد الكريم ابن موسى بن عيسى بن مجاهد، أبو الحسن، فخر الإسلام، البزدوي الزاهد، شيخ الحنفية، عالم ما وراء النهر، صاحب الطريقة في المذهب، وصاحب التصانيف الجليلة، توفي سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة (١). وليُنتبه إلى أن هذا الشرح تفرد بذكره حاجي خليفة في «كشف ------------------------------(١) انظر ترجمته في:»الأنساب«٢/ ١٨٨، و»تاريخ الإسلام«٣٣/ ٩٣ (٦٤)، و»سير أعلام النبلاء«١٨/ ٦٠٢ (٣١٩)، و»الوافي بالوفيات«٢١/ ٤٣٠ (٣٠٦)، و»تاج التراجم" (١٦٤). الظنون» ١/ ٥٥٣ وقال: وهو شرح مختصر. ومن تبعه كالبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٦٩٣، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٠١ (٩٩٤٦). مع العلم بأن الحافظ الذهبي، وكذا الصفدي لم يذكرا له تصانيف بالمرة، ومن ذكر تصانيفه كقطلوبغا وطاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» ٢/ ١٦٥ لم يذكرا هذا الشرح، وإنما ذكرا كتابه «شرح الجامع الكبير» و«شرح الجامع الصغير» وغير ذلك، فيحتمل أن يكون توهم أنَّ «شرح الجامع الكبير» هذا هو«جامع البخاري»، والله أعلم. ١٢ - «شرح ابن المرابط»: مؤلفه: الإمام مفتي مدينة المرية وقاضيها، أبو عبد الله محمد بن خلف بن سعيد بن وهب الأندلسي المريي ابن المرابط الصيرفي، توفي في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة (١). وشرحه هذا شرح كبير، اختصر فيه شرح شيخه المهلب بن أبي صفرة، ذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ - ٧١١ وقال: وهو ممن ينقل عنه ابن رشيد. وكذا ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥. ولا يعرف عن هذا الكتاب شيء، غير أن أكثر من ترجم لابن المرابط، ذكر هذا الشرح كابن بشكوال، والذهبي والصفدي وكحالة، وذكروا أن هذا الشرح رُحِل إليه وسُمع منه. ---------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٥٥٧ (١٢٢٤)، و«تاريخ الإسلام» ٣٣/ ١٥٦ (١٥٧)، و«سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٦٦ (٣٦)، و«الوافي بالوفيات» ٣/ ٤٦ (٩٤١)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٢٧٧ (١٣١٧١). وهو من الشروح التي نقل عنها العيني في «عمدة القاري»، والحافظ في «الفتح» في مواضع عدة. ١٣ - «شرح أبي الأصبغ»: مؤلفه: العلامة أبو الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي الجياني المالكي، توفي في المحرم سنة ست وثمانين وأربعمائة (١). شرحه هذا ذكره الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وقال: وذكر أنه ممن ينقل عنه ابن رشيد. وذكره أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٨٠٧، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٩٤ (٤٨٦). ثم إني رأيت في «فتح الباري» ٨/ ٣٦٥ قال الحافظ: وقد تكلف لها أبو الإصبع -هكذا بهمزة مكسورة وعين مهملة- عيسى بن سهل في «شرحه» فيما نقلته من رحلة أبي عبد الله -رشيد عنه ما ملخصه، وساق كلامًا. وهذِه فائدة عزيزة فاستفدها. ١٤ - «شرح التيمي»: مؤلفه: الإمام محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر التيمي الأصبهاني، أبو عبد الله. قال القفطي في «المحمدون من الشعراء»: كان شابًا وفاق في الفضل شيوخ أهل زمانه، لكنه استوفى أنفاسه وطوى قرطاسه قبل أوانه! وفجع والده بشبابه (٢). -------------------------------(١) انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٤٣٨ (٩٤١)، و«تاريخ الإسلام» ٣٣/ ١٨٧ (١٩٧)، و«سير أعلام النبلاء» ١٩/ ٢٥ (١٥). (٢) «المحمدون من الشعراء» (٩٦). وقال الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٣٧٢: كان أبو عبد الله محمد قد ولد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلها، حتى ما كان يتقدمه كبير أحد في وقته في الفصاحة والبيان والذكاء والفهم، ثم اخترمته المنية بهمذان في سنة ست وعشرين، وكان والده يروي عنه إجازة، وكان شديد الفقد عليه. وهذا الشرح ذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٣٧٢ نقلًا عن أبي موسى المديني قال: وقد شرح في الصحيحين فأملى في شرح كل واحد منهما صدرًا صالحًا. ونقل نحوه في «السير» ٢٠/ ٨٤، وفي «تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢٨٠. وذكره أيضًا السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ وعبارته: ممن علمته شرح البخاري، محمد بن التيمي واعتنى بشرح ما لم يذكره الخطابي، مع التنبيه على أوهام له. اهـ بتصرف. وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٥. تتمة: ذكر ابن العماد في «شذرات الذهب» ٤/ ١٠٦ أن محمدًا هذا شرح صحيحي البخاري ومسلم فلما مات في حياة أبيه، أكملهما أبوه. قلت: أبوه هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر القرشي التيمي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة، توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة (١). -------------------------------(١) انظر ترجمته في: «التقييد» (٢٤٧)، و«تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٣٦٧ (٢٢٨)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ٨٠ (٤٩)، و«تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٢٧٧ (١٠٧٥)، و«الأعلام» ١/ ٣٢٣، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٩ (٢٨٢١). ذكر هذا الشرح ونسبه للأب، الذهبي في «طبقات الحفاظ» ص (٩٥)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٢٣)، والداودي في «طبقات المفسرين» أيضًا ١/ ١١٤ (١٠٥) كلاهما نقلًا عن أبي موسى المديني، أو عن الذهبي عنه. وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٤، والبغدادي في«هدية العارفين» ١/ ٢١١، والزركلي وكحالة. ورأيت في «فتح الباري» في تسعة مواضع قال الحافظ: «قال التيمي»، وأحيانًا يزيد: «فى»شرحه«. ورأيت في»عمدة القاري«أيضًا في مواضع بلغت خمسة وثمانين موضعًا قال فيها العيني: (قال التيمي)، في موضعين منها قال: (قال الكرماني: قال التيمي). لكن لا أعلم أيَّ التيميين يريدان الأب أم الابن؟ ١٥ -»النجاح في شرح أخبار كتاب الصحاح«: مؤلفه: العلامة المحدث، أبو حفص، عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد النسفي الحنفي، من أهل سمرقند، وكان صاحب فنون، ألف في الحديث والتفسير والشروط، وله نحو من مائة مصنف توفي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة (١). وهذا الكتاب ذكره ابن قطلوبغا في»تاج التراجم«ص (٢٧١)، وحاجي خليفة في»كشف الظنون«١/ ٥٥٣ قال: ذكر في أوله أسانيده عن خمسين طريقًا إلى المصنف. -------------------------------------(١) انظر ترجمته في:»تاريخ الإسلام«٣٦/ ٤٤٧ (٣٣٥)، و»سير أعلام النبلاء«٢٠/ ١٢٦ (٧٦)، و»معجم المؤلفين" ٢/ ٥٧١ (١٠٤٥٨). وذكره أيضًا في ٢/ ١٩٢٩ وقال: وهو لعمر النسفي، قال في أوله بعد ذكر أسانيده: هذِه خمسون طريقًا لإسناد كتاب «صحيح البخاري» أخذتها عن مشايخي. وذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧٨٣، وكحالة في «معجم المؤلفين». ١٦ - «الاحتواء على غاية المطلب والمراد في شرح ما اشتمل عليه مصنف البخاري من علم المتن بعد التعريف برجال الإسناد»: مؤلفه: أحمد بن محمد بن عمر، أبو القاسم التيمي المريي، المعروف بابن ورد، توفي في رمضان من سنة أربعين وخمسمائة (١). هذا الشرح ذكره بهذا الاسم السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وقال: وهو واسع جدًّا، وينقل عنه ابن رشيد. وذكره الحافظ الذهبي وقال: رأيت له المجلد الثاني من شرح البخاري يقتضي أن يكون من حساب مائتي مجلدة. وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٤٦. ١٧ - «شرح غريب الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن أحمد بن محمد بن خيثمة القيسي الحافظ أبو الحسن الجياني الأندلسي المالكي المتوفى بغرناطة سنة أربعين وخمسمائة. كذا ذكر اسمه في «هدية العارفين»، وعبارة حاجي خليفة في «كشف الظنون»: وشرح غريبه- أي: «صحيح البخاري»- لأبى الحسن محمد بن ---------------------------------(١) انظر ترجمته في «الصلة» ١/ ٨٢ (١٧٧)، «تاريخ الإسلام» ٣٦/ ٥٣٢ (٤٦٨). أحمد الجياني النحوي المتوفى سنة أربعين وخمسمائة. اهـ. وعنه تلقفها كحالة في «معجم المؤلفين» ولم يزد على ذلك (١). ١٨ - «شرح ابن العربي»: مؤلفه: الإمام العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، ابن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي، صاحب التصانيف، توفي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة (٢). وهذا الكتاب ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣، والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٩٠، ولا أستبعد أن يكون هذا الكتاب هو «شرح جامع الترمذي» المعروف بـ «عارضة الأحوذي» وهو مطبوع؛ فلم أجد أحدًا ممن ترجم لابن العربي ذكر أن له شرحًا على البخاري! والله أعلم. ١٩ - «الإفصاح عن معاني الصحاح»: مؤلفه: أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم، الشيباني الدوري العراقي، الحنبلي. الوزير الكامل، الإمام العالم العادل، عون الدين، يمين الخلافة، صاحب التصانيف، توفي سنة ستين وخمسمائة (٣). --------------------------------(١) انظر: «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣، و«هدية العارفين» ٢/ ٨٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٨ (١١٦٧٢). (٢) انظر ترجمته في: «الصلة» ٢/ ٥٩٠ (١٢٩٧)، و«وفيات الأعيان» ٤/ ٢٩٦ (٦٢٦)، و«تاريخ الإسلام» ٣٧/ ١٥٩ (١٧١)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٠/ ١٩٧ (١٢٨)، و«الوافي بالوفيات» ٣/ ٣٣٠ (١٣٨٨). (٣) انظر ترجمته في: «المنتظم» ١٠/ ٢١٤ (٣٠٦)، و«وفيات الأعيان» ٦/ ٢٣٠ (٨٠٧)، و«تاريخ الإسلام» ٣٨/ ٣٢٨ (٣٧٠)، و«السير» ٢٠/ ٤٢٦ (٢٨٢). والكتاب هذا مطبوع في عدة مجلدات بتحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، طبع دار الوطن. وهو شرح لكتاب «الجمع بين الصحيحين» للحميدي، أبي عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد، الأزدي، الحميدي الأندلسي الميورقي، الفقيه الظاهري صاحب ابن حزم وتلميذه، المتوفى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة (١). وقد طبع أيضًا في مجلدين كبيرين بتحقيق الدكتور علي حسين البواب، طبع دار ابن حزم. وفيه جمع الحميدي بين صحيحي البخاري ومسلم على مسانيد الصحابة، مبتدئًا بالمتفق عليه من أحاديث الصحابي، ثم بما انفرد به البخاري، ثم بما أنفرد به مسلم. ٢٠ - «كلام على حديثين من صحيح البخاري»: مؤلفه: الإمام العلامة الحافظ الكبير الثقة شيخ المحدثين، أبو موسى، محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي عيسى المديني الأصبهاني، الشافعي، صاحب التصانيف، وأشهرها «المغيث في اللغة»، توفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة (٢). ذُكر هذا الشرح في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ---------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٢ (٦١٦)، و«تاريخ الإسلام» ٣٣/ ٢٨٠ (٢٩٢)، و«السير» ١٩/ ١٢٠ (٦٣)، و«الوافي بالوفيات» ٤/ ٣١٧ (١٨٦٣). (٢) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٢٨٦ (٦١٨)، و«سير أعلام النبلاء» ٢١/ ١٥٢ (٧٨)، و«تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٣٣٤ (١٠٩٥) و«طبقات الشافعية الكبرى» ٦/ ١٦٠ (٦٧٥)، «الوافي بالوفيات» ٤/ ٢٤٦ (١٧٨٤)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٥٧ (١٤٩٩٦). ١/ ٥٦٨. ولم أجد أحدًا ممن ترجم له -فيما اطلعت عليه- ذكر أو أشار إلى هذا الكتاب أو هذا الجزء، والله أعلم. ٢١ - «كشف مشكل الصحيحين»: مؤلفه: الشيخ الإمام العلامة الحافظ المفسر شيخ الإسلام مفخر العراق، جمال الدين، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -عبد الله بن أبي قحافة- أبو الفرج ابن الجوزي، القرشي التيمي البكري البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم من التفسير والحديث والفقهْ والوعظ والزهد والتاريخ والطب، وغير ذلك، توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة (١). وكتابه هذا طبع حديثًا بتحقيق الدكتور علي البواب. وهو من الكتب التي ينقل عنها المصنف الشارح -رحمه الله- نقل عنه في عدة مواضع، وكذا الحافظ والعيني. ٢٢ - «المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح»: مؤلفه: عبد الواحد بن التين السفاقسي، أبو محمد، الشيخ الإمام العلامة الهمام المحدث الراوية المفسر المتفنن المتبحر، توفي سنة ٦١١ بسفاقس، وقبره بها معروف (٢). ------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٣/ ١٤٠ (٣٧٠)، و«تاريخ الإسلام» ٤٢/ ٢٨٧ (٣٧١)، و«سير أعلام النبلاء» ٢١/ ٣٦٥ (١٩٢). (٢) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (٥٢٨). ذكر هذا الشرح بهذا الاسم الشيخ محمد مخلوف في كتابه «شجرة النور الزكية» وقال: له في هذا الشرح اعتناء زائد في الفقه ممزوجًا بكثير من كلام «المدونة» وشراحها مع رشاقة العبارة ولطف الإشارة، اعتمده الحافظ ابن حجر في «شرح البخاري»، وكذلك ابن رشيد وغيرهما. قلت: وشرحنا هذا مملوء بالنقولات عن ابن التين، ويتجلى أيضًا من هذِه النقولات اهتمام ابن التين بالجوانب اللغوية والنحوية، وضبط كثير من ألفاظ وكلمات «الصحيح»، وكذا أسماء كثير من الرواة، وسيجد من يطالع شرحنا هذا أن الشارح -رحمه الله- كثيرًا ما يقول: (وضبطه ابن التين) أو يقول: (ووقع في شرح ابن التين) ويذكر لفظة أو اسم راوٍ، وهكذا، مع العلم بأن هذا الشرح من الشروح التي صرح المصنف بأنه اعتمد عليها في شرحه، كما ذكر ذلك في خاتمة هذا الشرح. وممن ينقل عنه أيضًا العيني في «عمدة القاري»، وذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١٠ - ٧١١ وأنه ممن ينقل عن الداودي. وذكر هذا الشرح أيضًا المقري في كتابه «أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض» ص (٢٢١) باسم: «المحير الفصيح في شرح البخاري الصحيح» فلعله تصحيف، وذكره صاحبا كتاب «معجم المصنفات الواردة في فتح الباري» ص (٢٢٧) (٦٦٣) وسمياه: «المنجد الفصيح في شرح البخاري الصحيح» والله أعلم. ٢٣ - «شرح مشكل البخاري»: مؤلفه: الإمام العالم الثقة الحافظ شيخ القراء حجة المحدثين، أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي سعيد بن يحيى بن علي بن حجاج الدبيثي، ثم الواسطي الشافعي، صاحب التصانيف، توفي سنة سبع وثلاثين وستمائة (١). هذا الشرح ذكره فؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٢٩. ٢٤ - «شرح الصغاني»: مؤلفه: الشيخ الإمام العلامة المحدث إمام اللغة، الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي، أبو الفضائل، رضي الدين، القرشي العدوي العمري، الصغاني -أو الصاغانى- الأصل، الهندي اللهوري المولد، البغدادي الوفاة، المكي المدفن، الفقيه الحنفي صاحب التصانيف. توفي سنة خمسين وستمائة، في تاسع عشر من شعبان (٢). وهذا الشرح ذكره الحافظ الذهبي وقال: في مجلد. وكذا الصفدي، والكتبي، وقطلوبغا، والحافظ السيوطي في «بغية الوعاة» ١/ ٥١٩ (١٠٧٦)، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ وقال: وهو مختصر في مجلد، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٢٨١، وكحالة في «معجم المؤلفين» وذكروا من تصانيفه أيضًا على الصحيحين كتاب «مشارق الأنوار في الجمع بين الصحيحين». ---------------------------------------(١) انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» ٤/ ٣٩٤ (٦٦١)، و«تاريخ الإسلام» ٤٦/ ٣٤٢ (٤٩٦)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ٦٨ (٥٠)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٢٥ (١٣٢٩٧). (٢) انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» ٣/ ٩٤ (٣٣٥)، و«تاريخ الإسلام» ٤٧/ ٤٤٣ (٥٩٨)، و«سير أعلام النبلاء» ٢٣/ ٢٨٢ (١٩١)، و«الوافي بالوفيات» ١٢/ ٢٤٠ (٢١٩)، و«فوات الوفيات» ١/ ٣٥٨ (١٢٩)، و«تاج التراجم» (٩٦)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٥٨٣ (٤٣٨٨). ٢٥ - «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح»: مؤلفه: العلامة الأوحد، جمال الدين، محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك، أبو عبد الله الطائي الجياني الشافعي النحوي الشهير، صاحب «الألفية» في النحو والصرف، توفي سنة اثنتين وسبعين وستمائة (١). وهذا الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور طه محسن، طبع مكتبة ابن تيمية، في جزء واحد غلاف. وهو عبارة عن جزء لطيف يحوي تعليقاتٍ ونكتًا نحوية ولغوية على بعض المواضع في «صحيح البخاري». وقد نقل عنه الشارح في غير ما موضع. ٢٦ - وله أيضًا: «التوضيح في إعراب البخاري»: ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب» ٣/ ١٦٨. ولعله هو الكتاب الأول «شواهد التوضيح» والله أعلم. ٢٧ - «شرح النووي»: مؤلفه: يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين، مفتي الأمة شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النووي، الحافظ الفقيه الشافعي الزاهد، أحد الأعلام. توفي سنة ست وسبعين وستمائة (٢). ----------------------------------(١) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥/ ١٠٨ (٨٣)، و«الوافي بالوفيات» ٣/ ٣٥٩ (١٤٣٩)، و«فوات الوفيات» ٣/ ٤٠٧ (٤٧٢)، و«بغية الوعاة» ١/ ١٣٠ (٢٢٤)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٤٥٠ (١٤٣٣٨). (٢) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥/ ٢٤٦ (٣٣٠)، و«تذكرة الحفاظ» ٤/ ١٤٧٠ (١١٦٢)، و«فوات الوفيات» ٤/ ٢٦٤ (٥٦٨)، و«معجم المؤلفين» ٤/ ٩٨ (١٨٠٣٩). هذا الشرح تواتر ذكره، وقد ذكره النووي نفسه في مقدمة «شرح مسلم» ١/ ٤ فقال: أما «صحيح البخاري» -رحمه الله- فقد جمعت في شرحه جملًا مستكثرات، مشتملة على نفائس من أنواع العلوم بعبارات وجيزات، وأنا مشمر في شرحه راج من الله الكريم في إتمامه المعونات. اهـ قلت: لم يتمه رحمه الله، وانما وصل فيه إلى كتاب الإيمان، قاله حاجي خليفة في «كشف الظنون»، ١/ ٥٥٠. وقد ذكره النووي أيضًا في مواضع من «شرح مسلم»، وذكره الحافظ الذهبي في «التاريخ»، و«التذكرة»، وذكره في موضع آخر من«تاريخ الإسلام» ٣/ ٦٥٩ قال: وقال الشيخ محيي الدين النووي في شرحه للبخاري، وذكر كلامًا. وذكره أيضًا الكتبي، ونقل عنه الحافظ كثيرًا في «الفتح»، وكذلك المصنف الشارح -رحمه الله- في أوائل كتابنا هذا. ونفيد القاري الكريم أن هذا الشرح توجد نسخه في بعض المكتبات، ذكر ذلك بروكلمان ٣/ ١٦٧ وسزكين ١/ ٢٢٩، وأفاد الدكتور عبد الغني عبد الخالق في كتابه «الإمام البخاري وصحيحه» ص ٢٣٨ أن شرح النووي هذا قد طبع في المنيرية سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وألف. (وقد طُبع أخيرا بدار طيبة بالرياض في مجلدين). ٢٨ - «شرح ابن المنير»: مؤلفه: القاضي الأوحد، علي بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر، زين الدين، أبو الحسن ابن القاضي أبي المعالي الجذامي، الإسكندراني المالكي، أخو القاضي العلامة ناصر الدين ابن المنير، الأصغر، توفي سنة خمس، وقيل: ست وتسعين وستمائة (١). ذكر شرحه هذا الحافظ في «هدي الساري» ص ١٤، والحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وقال: وشرحه في نحو عشر مجلدات، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦ - مع خطأ سيأتي تفصيله- والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧١٤، ومخلوف في «شجرة النور الزكية» (٦٢٦)، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٧ (١٠١٢٢). ٢٩ - «المتواري على تراجم أبواب البخاري»: مؤلفه: القاضي العلامة، أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم ابن مختار، ناصر الدين، ابن المنير، الإسكندراني المالكي، قاضي الإسكندرية وعالمها، وأخو زين الدين ابن المنير -المتقدم- الأكبر، أعني هذا، وذاك الأصغر. توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة (٢). ذكر هذا الكتاب الحافظ الذهبي فقال: وله تأليف على تراجم البخاري. والصفدي، والكتبي، وأشار إليه الحافظ في «هدى الساري» ص ١٤ فقال: وقد جمع العلامة ناصر الدين أحمد بن المنير خطيب الإسكندرية من مشكلات تراجم البخاري أربعمائة ترجمة وتكلم عليها. اهـ بتصرف. قلت: وقد نقل الحافظ معظم هذا الكتاب إن لم يكن كله في مواضعه. --------------------------------(١) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥٢/ ٢٦٦ (٣٤٥)، و«الوافي بالوفيات» ٢٢/ ١٤٢ (٨٩). (٢) انظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» ٥١/ ١٣٦ (١٥٤)، و«الوافي بالوفيات» ٨/ ١٢٨ (٣٥٤٨)، و«فوات الوفيات» ١/ ١٤٩ (٥٥). ومناسباته في «الفتح» وكذا المصنف -رحمه الله- لطالما نقل عنه في التراجم المشكلة المتكلم فيها. ويغني عن ذكر هذا كله أن الكتاب هذا مطبوع بتحقيق وتعليق صلاح الدين مقبول أحمد -طبع مكتبة المعلا (الكويت). فائدة: إنما ذكرت هذا الكتاب وما تلاه من مصادر ذكرتْه، رغم أن هذا ليس محل ولا موضع ذكره، فبحثنا حصر لشروح وتعليقات وحواشي «الصحيح»، ذكرت ذلك لاضطراب حصل وتنوقل في اسم هذين المصنفين ومؤلفاتهما: فقال حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦: وشرح الإمام ناصر الدين علي بن محمد بن المنير الإسكندراني، وهو كبير في نحو عشر مجلدات، وله حواشٍ على «شرح ابن بطال»، وله أيضًا كلام على التراجم سماه «المتواري»! كذا قال فكنى الأصغر بكنية الأكبر، ونسب المصنفين-«الشرح» و«المتوارى»- لواحد. وتبعه البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧١٤ فنسبهما لعلي الأصغر، وأصاب في ذكر كنيته فقال: زين الدين. وكذا كحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٧ (١٠١٢٢) ترجمة علي الأصغر، فأقام الاسم، لكنه عزا الكتابين له! وترجم لأحمد الأكبر ١/ ٢٩٩ (٢١٧٠) فأقام الاسم، ولم ينسب إليه أحدهما. وكذا الكاندهلوي في كتابه «لامع الدراري» كما في مقدمة "عمدة القاري» ١/ ٢٦ فقال: شرح ناصر الدين بن المنير ١٠ مجلدات!. وقد ذكر محقق «المتواري» مزيد أدلة تؤكد نسبة الكتاب لأحمد الأكبر فلينظر. فائدة أخرى: قرأت في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١: ولابن المنير حواشٍ على «شرح ابن بطال»، بل وعمل أيضًا على التراجم سماه «المتواري»، قلت: يقصد هنا الأكبر، كما هو معلوم. ٣٠ - «بهجة النفوس وتحليها بمعرفة مالها وما عليها»: مؤلفه: أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة، المحدث المقرئ توفي سنة تسع وتسعين وستمائة (١). وهذا الشرح مطبوع في أربعة أجزاء في مجلدين، طبع دار الكتب العلمية (بيروت- لبنان). والكتاب هذا شرح فيه مصنفه -رحمه الله- مختصره لصحيح البخاري، حيث اختصر «صحيح البخاري» في مختصر سماه «جمع النهاية في بدء الخير والغاية» بلغت أحاديثه سبعة وتسعين ومائتين. وهو من الشروح التي نقل عنها المصنف الشارح -رحمه الله- في عدة مواضع خاصة في بدايات الشرح، وكذا نقله عنه الحافظ في «الفتح» والعيني في «عمدة القاري». وقد ذكر سزكين ١/ ٢٤٥ أن ابن أبي جمرة قد ألف عن هذا الكتاب -أي «جمع النهاية»- رسالة، ذكر عنوانها، وأن لها نسخة في المتحف ----------------------------------(١) انظر: «معجم المؤلفين» ٢/ ٢٣٤ (٧٨٦٥). البريطاني (٤٦١)، الإضافات (٩٦٨١). وعلى هذا الشرح صنف الشارح نفسه جزءًا سماه «المرائي الحسان» جمع فيه مجموعة من الرؤى التي رآها حين شرح مختصره لصحيح البخاري، فهي تقاريظ ربانية ونبوية شريفة لكتابه هذا، تدل على مميزات شرحه، وهي ملحقة بهذا الشرح، بلغ عدد الرؤى التي قيدها سبعين رؤية. ولأهمية هذا المختصر، قام بشرحه غير واحد، مثل: «شرح الأجهوري»، و«النور الساري»، و«التعليق الفخري». ٣١ - «الراموز على صحيح البخاري»: مؤلفه: الشيخ الإمام المفتي المحدث الحافظ المتقن القدوة بركة الوقت، شرف الدين، علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد، أبو الحسين اليونيني الحنبلي، توفي سنة إحدى وسبعمائة (١). لم يذكر هذا الشرح أحد ممن ترجم لليونيني، وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٨ ونسخته في رامبور ٢/ ١١٨. قلت: وهي رموز اليونيني التي اصطلح عليها للدلالة على الروايات التي ذكرها في نسخته من الصحيح المعروفة باليونينية، وعندنا مصورة منها من المكتبة الأزهرية وهي عبارة عن ثلاث لوحات فيها أسانيد اليونيني ورموزه في صحيح البخاري (٢). ------------------------(١) انظر ترجمته في: «ذيل تاريخ الإسلام» ٥٣/ ١٨ (٦)، و«الوافي بالوفيات» ٢١/ ٤٢١ (٢٩٥)، و«ذيل التقييد» ٢/ ٣١٥ (١٤٥٢)، و«الدرر الكامنة» ٣/ ٩٨ (٢٢٣). (٢) وهي لم تطبع حتى الآن مع أي طبعة من طبعات صحيح البخاري ولا مع النسخة التي أمر بطبعها السلطان عبد الحميد الثاني سنة ١٣١١ هـ مما يدل على أن بروكلمان ذكره خطأ على أنه شرح. ![]()
__________________
|
|
#6
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 126 الى صـــ 150 الحلقة (6) ٣٢ - «ترجمان التراجم في إبداء مناسبة تراجم البخاري»: مؤلفه: الشيخ الإمام الحافظ الناقد الخطيب، أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن عمر بن محمد بن رشيد الفهري، السبتي، توفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة (١). وذكر هذا الكتاب الحافظ في «الدرر الكامنة» وقال: أطال فيه النفس ولم يكمل. وانظر «هدي الساري» ص ١٤ ووجدته قد نقل عنه في مواضع في «الفتح». وكذا العيني في «عمدة القاري». وذكره أيضًا السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وذكر أنه ينقل عن ابن المرابط وعن ابن ورد التميمي وأبي الأصبغ الأسدي وقال المقري في «أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض» ص ٢٢١: كان ابن رشيد يعتمد في شرح كلام البخاري على «المحير الفصيح في شرح البخاري الصحيح» لابن التين. قلت: لعله: (المخبر). وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٥٥١، وكحالة ٣/ ٥٦٧ (١٥٠٤٨). ٣٣ - «البدر المنير الساري في الكلام على البخاري»: مؤلفه: الشيخ الإمام العالم الحافظ الناقد الصادق، مفتي الديار المصرية، قطب الدين -أبو علي، عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري، صاحب التصانيف. ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «ذيل تاريخ الإسلام» ٥٣/ ١٧٨ (٥٦٥)، و«الوافي بالوفيات» ٤/ ٢٨٤ (١٨٠٥)، و«ذيل التقييد» ١/ ٢٠٠ (٣٧٦)، و«الدر الكامنة» ٤/ ١١١ (٣٠٨)، و«بغية الوعاة» ١/ ١٩٩ (٣٤٣). توفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة (١). وشرحه هذا ذكره الحافظ الذهبي في «التاريخ» فقال: وله تواليف مفيدة منها شرح شطر البخاري. وكذا الصفدي، وقال الحافظ في «الدرر الكامنة» ٢/ ٣٩٨ (٢٤٨٣): شرع في شرح البخاري، وهو مطول أيضًا بيض أوائله إلى قريب النصف. والسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١. وكذا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦. وتوجد نسخة من هذا الكتاب في برلين، قاله بروكلمان ٣/ ١٦٨، وسزكين ١/ ٢٢٩. ٣٤ - «التلويح في شرح الجامع الصحيح»: مؤلفه: مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري الحنفي الحكري، الحافظ، علاء الدين، صاحب كتاب «إكمال تهذيب الكمال»، توفي سنة اثنتين وستين وسبعمائة (٢). وهذا الشرح معروف مشهور، ذكره الحافظ في «الدرر الكامنة»، وقال في «اللسان»: شرح البخاري في نحو عشرين مجلدة. وذكره ابن فهد المكي في «لحظ الألحاظ» ص ٣٦٦، وقطلوبغا في «تاج التراجم» وقال: في نحو عشرين مجلدًا. ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في «ذيل تاريخ الإسلام» ٥٣/ ٣٠٤ (٩٢٥)، و«الوافي بالوفيات» ١٩/ ٨٠ (٧٩)، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٢٠٨ (٧٦٦٩). (٢) انظر ترجمته في: «الوفيات» لابن رافع السلامي ٢٤٣/ ٢ (٧٥٩)، و«تاج التراجم» (٣٠١)، و«الدرر الكامنة» ٤/ ٩٦٣، و«لسان الميزان» ٦/ ٧٢ (٨٥٨٢)، و«النجوم الزاهرة» ١١/ ٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٩٠٣ (١٧١٨٣). وذكره أيضًا ابن تغري بردي، والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٤٦٧، وكحالة في «معجم المؤلفين». وقال حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦: هو شرح كبير بالقول أوله: الحمد لله الذي أيقظ من خلقه .. إلخ. قال صاحب «الكواكب»: وشرحه بتتميم الأطراف أشبه، وتصحيف تصحيح التعليقات أمثل، وكأنه من إخلائه من مقاصد الكتاب على ضمان ومن شرح ألفاظه وتوضيح معانيه على أمان. اهـ. وهذا الشرح نقل عنه المصنف -رحمه الله- كثيرًا جدًّا، وهو من الشروح التي نص المصنف في خاتمته للكتاب أنه اعتمد عليها في شرحه. وأيضًا نقل عنه الحافظ في «فتح الباري» وأكثر هذِه النقولات تعقبات على مغلطاي؛ فأكثرها عبارته فيها: «زعم مغلطاي» وما شابه ذلك. وكذا العيني في «عمدة القاري» نقل عن هذا الشرح كثيرًا جدًّا، فكثيرًا ما يقول: (قال مغلطاي)، أو يقول: (قال صاحب التلويح). ٣٥ - «العقد الغالي في حل إشكال صحيح البخاري»: أو: «العقد الجلي في حل إشكال الجامع الصحيح»: مؤلفه: أحمد بن أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسى الكردي الأصل، الهكاري، شهاب الدين، عارف بالرجال، توفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة (١). هذا الشرح ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٣ بالاسم الأول، وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ 230 ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في «الدرر الكامنة» ١/ ٩٨ (٢٦٦)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٢ (٦٩٩). بالاسم الثاني، وذكر كلاهما أن منه نسخة في باريس (٢٦٧٧). ولم أجد من ذكر هذا الشرح إلا هما، ولما ترجم له الحافظ في «الدرر» ذكر أنه جمع كتابًا في رجال الصحيحين، ولم يزد، وكذا كحالة. والعلم عند الله. ٣٦ - «شرح ابن كثير»: مؤلفه: المحدث المؤرخ المفسر الفقيه، إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع، الشهير بابن كثير، عماد الدين، أبو الفداء، البصروي ثم الدمشقي، الشافعي، توفي سنة أربع وسبعين وسبعمائة (١). وهذا الشرح لا شك ولا مرية في نسبته لابن كثير طرفة عين؛ فهو بنفسه قد ذكره في «تفسيره» وعزا إليه، فقال في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)﴾ [البقرة: ٣] .. بل قد حكاه الشاَفعي وأحمد وأبو عبيد وغير واحد إجماعًا أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وقد ورد فيه آثار كثيرة وأحاديث أوردنا الكلام فيها في أول «شرح البخاري»، ولله الحمد والمنة اهـ «تفسير ابن كثير» ١/ ٢٦٤. وقد تتبعت المواضع التي ذكر فيها شرحه هذا وعزا إليه، فوجدتها بلغت أربعة عشر موضعًا غير هذا الموضع، انظرها في «تفسيره» ٣/ ٨٣، ١٣٠، و٦/ ٢٤٩، ٤٧٢، و٧/ ١٥، ٨٩، ٣٢٢، و١١/ ٨٤، ١٣٤، ١٦٣، و١٢/ ٢٥٥، و١٣/ ٨٠، ١٤٥، ٥٤٠. ط. مكتبة أولاد الشيخ --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ١/ ٣٧٣ (٩٤٤)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٢٣١، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٣ (٢٧٧٨). للتراث. وذكره أيضًا في «البداية والنهاية» في أربعة مواضع ٣/ ٣، ٢٢، و٤/ ٢٥٨، و١١/ ٣٣. وذكره أيضًا الحافظ في «الدرر الكامنة»، والسخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وابن العماد الحنبلي، وحاجي خليفة ١/ ٥٥٠، وذكروا أنه لم يكمله. ٣٧ - «شرح الكازروني»: مؤلفه: محمد بن محمد -المدعو سعيد- بن مسعود بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الأستاذ أبي علي الدقاق، وهو الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم، نسيم الدين، أبو عبد الله بن سعيد الدين، النيسابوري، ثم الكازروني، الشافعي، توفي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، ووقع في «الأعلام» سنة خمس (١). ذكر هذا الشرح السخاوي في «الضوء اللامع» فقال: صنف الكثير، ومن ذلك «شرح البخاري» وقال أنه استمد فيه من ثلاثمائة شرح عليه. كذا قال. وذكره أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ وقال: فرغ منه في شهر ربيع الأول سنة لست وستين وسبعمائة، بمدينة شيراز. وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام» ٣/ ١٠١. ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٢٤٢ (٤٧٥)، و«درر العقود الفريدة» ٣/ ١٦٨ (١٠٦٣)، و«إنباء الغمر» ١/ ٢٣٠، و«الضوء اللامع» ٤/ ٣٦٢ (٦٣)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٠. ٣٨ - «شرح القرمي»: مؤلفه: أحمد بن محمد بن عبد المؤمن القرمي، يقال له: قاضي قرم، ركن الدين الحنفي، ونسبه بعضهم فقال القريمي يقال له: قاضي قريم- بزيادة ياء! وقال التقي الغزي في «الطبقات السنية في تراجم الحنفية»: القرمي المعروف بالمرتعش؛ لرعشة كانت به يديم معها تحريك رأسه. توفي سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة (١). وهذا الشرح ذكره الحافظ في «إنباء الغمر» فقال: وجمع شرحًا على البخاري، استمد فيه من شرح شيخنا ابن الملقن -قلت: أي شرحنا هذا- رأيت بعضه، وكان يرمى بالهنات. اهـ. وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٩، وابن العماد الحنبلي، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١١٤، وكحالة في «معجم المؤلفين» ١/ ٢٧٧ (٢٠٢١). ٣٩ - «فيض الباري في شرح صحيح مسلم والبخاري»: مؤلفه: محمد بن محمود بن أحمد، ويقال: محمد بن محمد بن محمود، الرومي، البابرتي، أكمل الدين بن شمس الدين بن جمال الدين، توفي سنة يست وثمانين وسبعمائة (٢). --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «إنباء الغمر» ١/ ٨٩، و«الطبقات السنية» ص ١٤١، و«شذرات الذهب» ٦/ ٢٧٩. (٢) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٤/ ٢٥٠ (٦٨٦)، و«إنباء الغمر بأبناء العمر» ١/ ١١٢، و«تاج التراجم» (٢٦٠)، و«بغية الوعاة» ١/ ٢٣٩ (٤٣٦)، و«مفتاح السعادة» ٢/ ٢٤٣، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٩١ (١٥٨٤٤) و٣/ ٦٩٩ (١٥٩٠٠). ذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨، وهو -فيما ذكروا- شرح على البخاري ومسلم معًا، وليعلم أن كل من ترجم للبابرتي هذا -فيما اطلعت عليه- لم يذكروا في مصنفاته هذا الكتاب، وإنما ذكروا ضمنها كتاب «شرح مشارق الأنوار» للقاضي عياض، فالله أعلم. ٤٠ - «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني ثم البغدادي، شمس الدين، فقيه أصولي محدث مفسر متكلم نحوي بياني، توفي سنة ست وثمانين وسبعمائة (١). ذكر هذا الشرح غير واحد، وقال الحافظ في «الدرر الكامنة»: ودخل إلى الشام ومصر لما شرع في شرح البخاري، وسمى شرحه «الكواكب الدراري» وهو في مجلدين ضخمين، وفي الغالب يوجد في أربعة أو خمسة أجزاء، سمعه منه جماعة، وهو شرح مفيد على أوهام فيه في النقل؛ لأنه لم يأخذ إلا من الصحف، وقد عاب في خطبة كتابه على «شرح ابن بطال» ثم على «شرح القطب الحلبي» و«شرح مغلطاي». اهـ. قلت: وهذا الشرح مطبوع في خمسة وعشرين جزءًا في تسعة مجلدات طبع مؤسسة المطبوعات الإسلامية، عاريًا عن هذا الاسم، إنما هو باسم «البخاري بشرح الكرماني». --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٤/ ٣١٠ (٨٣٦)، و«بغية الوعاة» ١/ ٢٧٩ (٥١٥)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٨٤ (١٦٤٧١). ٤١ - «مختصر شرح مغلطاي»: مؤلفه: جلال بن أحمد بن يوسف، جلال الدين، المعروف بالتباني، ويقال اسمه رسولًا، فقيه محدث، توفي سنة ثلاث وتسعين وسبعمائه (١). ذكر هذا الشرح الحافظ، وقال: رأيته بخطه، وذكره أيضًا الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وابن قطلوبغا في «تاج التراجم» ص ٨٩ (٨٧)، والسيوطي في «بغية الوعاة» ١/ ٤٨٨ (١٠١٠)، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦، وكحاله، وغيرهم كثير. ٤٢ - «التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن عبد الله بن بهادر بن عبد الله الزركشي التركي أصلًا، المصري مولدًا، بدر الدين أبو عبد الله، الشافعي العلامة المصنف الفقيه الأصولي المحدث المفسر، لقب بالزركشي، نسبة للزركش؛ لأنه تعلم صنعة الزركش في صغره، توفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة (٢). وهذا الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور يحيى بن محمد علي الحكمي، طبع مكتبة الرشد، في ثلاثة أجزاء. وقد أفاد الحافظ في «الدرر» قائلًا: شرع في شرح البخاري فتركه ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ١/ ٥٤٥ (١٤٧٤)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٣٢٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ٥٠٠ (٣٧٥٦)، ١/ ٧١٤ (٥٣٤٠). (٢) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٣/ ٣٩٧ (١٠٥٩)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٣٣٥، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٧٤ (١٢٤٧٤) و٣/ ٤٣٣ (١٤٢١٦). مسودة وقفت على بعضها، ولخص منه التنقيح في مجلد. وأما عن صفة هذا الكتاب فندع الزركشي يوضح ذلك، قال ١/ ١: إني قصدت في هذا الإملاء إلى إيضاح ما وقع في «صحيح البخاري» من لفظ غريب أو إعراب غامض أو نسب عويص، أو راو يخشى في اسمه التصحيف … إلى آخر كلامه. بالإضافة إلى بعض التعليقات الفقيهية والعقائدية وغيرها. وقد تناوله بعض الشراح بالاختصار والتنكيت، وما إلى ذلك، وسيأتي. فائدة: ذكر الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ أن للزركشي شرحًا على البخاري، قال: وهو غير «تنقيحه» الذي تداوله الناس. وإلى هذا أشار الحافظ، كما تقدم. ٤٣ - «فتح الباري شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن بن محمد ابن مسعود البغدادي الدمشقي، ابن رجب الحنبلي، أبو الفرج، الحافظ الفقيه، شيخ الإسلام، توفي سنة خمس وتسعين وسبعمائة (١). لهذا الشرح طبعتان: الأولى: نشر مكتبة الغرباء الأثرية (المدينة المنورة) في عشرة مجلدات، والثانية: طبع دار ابن الجوزي، بتحقيق طارق بن عوض الله، في سبعة مجلدات. وهو شرح بديع نفيس ثمين غير أنه لم يكتمل، إنما وصل فيه إلى كتاب الجنائز، قاله غير واحد، والقطعة المطبوعة منه الآن حتى حديث -------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الدرر الكامنة» ٢/ ٣٢١ (٢٢٧٦)، و«الجوهر المنضد» (٥٧)، و«شذرات الذهب» ٦/ ٣٣٩، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٧٤ (٦٧٥١). (١٢٣٦) في كتاب السهو، فيبدو أنه فقد منه جزء. ويكفينا عن هذا الشرح ما قاله ابن عبد الهادي في «الجوهر المنضد» ص (٥٠): وشرح قطعة من البخاري إلى كتاب الجنائز، وهي من عجائب الدهر، ولو كمل كان من العجائب. ٤٤ - «شرح البلبيسي»: مؤلفه: إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى الكناني البلبيسي، نزيل القاهرة، مجد الدين، أبو محمد، الحنفي، توفي سنة اثنتين وثمانمائة (١). وهذا الشرح ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ وورخ وفاته سنة عشر وثمانمائة. ولم يذكره إلا هو وكحالة في «معجم المؤلفين» ١/ ٣٥٧ (٢٦٥٣)؛ فترجم له من ترجم كتقي الدين الفاسي، والمقريزي في كتابيه «المقفى» و«الدرر»، والحافظ في «الذيل» و«رفع الإصر» و«الإنباء»، والسخاوي، وابن العماد الحنبلي، ولم يذكر واحد منهم هذا الشرح! فالله أعلم. ٤٥ - «الفيض الجاري على الجامع الصحيح للبخاري»: مؤلفه: المحدث الحافظ الفقيه الأصولي، أبو حفص، عمر ابن رسلان بن نصير بن صالح بن عبد الخالق بن عبد الحق، الكناني القاهري الشافعي، سراج الدين البلقيني، توفي سنة خمس -------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٤٦٢ (٨٩٥)، و«المقفى الكبير» ٢/ ٦٣ (٧٢٥)، «درر العقود الفريدة» ١/ ٤٠٨ (٣٣٨)، و«ذيل الدرر الكامنة» (٦٣)، و«رفع الإصر عن قضاة مصر» (٣٦)، «وإنباء الغمر» ١/ ٢٤٢، و«الضوء اللامع» ١/ ٣٣٥، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٦. وثمانمائة (١). وهذا الشرح ذكره الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ دون تسمية، وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥٠ وقال: وهو شرح قطعة من أوله إلى كتاب الإيمان في نحو خمسين كراسة. والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٧٩٢ وسمياه بهذا الاسم. ونقل عنه الحافظ في «الفتح» كثيرًا جدًّا، وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر. وللبلقيني هذا أيضًا. ٤٦ - «مناسبات تراجم أبواب البخاري»: ذكره الزركلي في «الأعلام»، ووجدت الحافظ ألمح إلى هذا الكتاب؛ فقال في «الفتح» ١٣/ ٥٤٢: وقال شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في كلامه على مناسبة أبواب «صحيح البخاري» الذي نقلته عنه في أواخر المقدمة، وساق كلامًا. لكن قد يكون مصنفًا وحده، وقد يكون ضمن شرحه المذكور، وهذا أقرب والله أعلم. ٤٧ - «التحفة الملكية في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: لعله: نصر الله بن أحمد بن عمر، التستري الأصل، البغدادي، الحنبلي، نزيل القاهرة، جلال الدين، أبو الفتح، وقال بعضهم: الششتري، بدل: التستري، توفي سنة اثنتي عشرة وثمانمائة (٢). ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ٥١، و«الأعلام» ٥/ ٤٦، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥٥٨ (١٠٣٦٤). (٢) انظر ترجمته في: «درر العقود الفريدة» ٣/ ٥٠٣ (١٤١٨)، و«إنباء الغمر» ١/ ٣٦٥، و«ذيل الدرر الكامنة» (٣٣٩)، و«النجوم الزاهرة» ١٣/ ١٧٥، و«الضوء اللامع» ٥/ ١٠٥ (٨٤٩)، و«شذرات الذهب» ٧/ ٩٩، و«هدية العارفين» ٢/ ٤٩٣، و«معجم المؤلفين» ٤/ ٢٦ (١٧٦٢٨). وهو شرح لم أجد له ذكرًا عند أحد ممن ترجم لهذا المؤلف، فلم يُذكر -فيما علمت- إلا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨ وفيه: شرحه تستري بعنوان: «التحفة الملكية في شرح صحيح البخاري»، لذا قلت: (العله) وأظن -والله أعلم- أنه غير مستبعد؛ ففي ترجمته أنه أخذ عن الكرماني شارح البخاري، فالأمر قريب إذًا. والله تعالى أعلم. ٤٨ - «فتح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أبي إدريس فضل الله ابن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، قاضي القضاة ببلاد اليمن، مجد الدين، أبو الطاهر بن أبي يوسف، الفيروزأبادي، الشافعي اللغوي. مات في شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة (١). هذا الشرح ذكره الحافظ في «إنباء الغمر» ٢/ ٤١٨ فقال: وشرع في شرح البخاري وملأه بغرائب المنقولات، وذكر لي أنه بلغ عشرين سفرًا، إلا أنه لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي، صار الشيخ مجد الدين يدخل في شرح البخاري من كلام ابن عربي في «الفتوحات» ما كان سببًا لشين الكتاب. اهـ. وذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، والسيوطي، وصاحب «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠، وكحالة في «معجم المؤلفين» ------------------------------- (١) انظر ترجمته في «ذيل التقييد» ١/ ٢٧٦ (٥٥٣)، و«طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة ٤/ ٦٣ (٧٥٢)، و«بغية الوعاة» ١/ ٢٧٣ (٥٠٦)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٢٦، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٧٦ (١٦٤٢٦). ٤٩ - «دروس في الكلام على الجامع الصحيح»: مؤلفه: أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرج بن بدر بن عثمان بن جابر ابن فضل بن ضوء، القاضي شهاب الدين، أبو نعيم الغزي العامري، الدمشقي الشافعي، المعروف بالغزي، توفي بمكة المكرمة يوم الخميس، سادس شوال من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة (١). ذكره تقي الدين الفاسي في «العقد الثمين» فقال: له تأليف على «صحيح البخاري» يتعلق برجاله. وكذا ذكره في «درر العقود». وقال ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية»: كتب قطعة من رجال البخاري. وابن تغري بردي في «المنهل الصافي» ١/ ٦٦، وكحالة في «معجم المؤلفين» فقال: تعليق على «صحيح البخاري» في ثلاثة مجلدات. وذُكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠ بهذا الاسم. ٥٠ - «الإفهام لما في صحيح البخاري من الإبهام»: مؤلفه: عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن عبد الخالق بن عبد الحق بن شهاب البلقيني، القاضي جلال الدين، أبو الفضل ابن شيخ الإسلام سراج الدين -صاحب «الفيض الجاري» -الشافعي، توفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة (٢). ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٣٢١ (٦٣٨)، و«العقد الثمين» ٣/ ٥٥ (٥٦٦)، و«درر العقود الفريدة» ١/ ٢٤٩ (١٦١)، و«طبقات الشافعية» ٤/ ٧٨ (٧٦٠)، و«إنباء الغمر» ١/ ٤٧٨، و«الضوء اللامع» ١/ ٢٢٩، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٥٣، و«الأعلام» ١/ ١٩٥، و«معجم المؤلفين» ١/ ١٧٨ (١٣٢٦). (٢) انظر ترجمته في: «رفع الإصر عن قضاة مصر» (١١١)، و«لحظ الألحاظ» ص (٢٨٢)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٦٦، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٠٣ (٦٩٢٤). وهذا الكتاب ذكره الحافظ في «رفع الإصر عن قضاة مصر» وقال: ولما صار ابن البلقيني يحضر لسماع البخاري في القلعة، أدمن مطالعة شرح شيخنا ابن الملقن، وأحب الاطلاع على معرفة أسماء من أبهم في «الجامع الصحيح» من الرواة ومن جرى ذكره في الصحيح، فحصل من ذلك شيئًا كثيرًا بإدمان المطالعة والمراجعة، فجمع كتاب «الإفهام بما في البخاري من الإبهام»، وذكر فيه فصلًا يختص بما استفاده من مطالعته، زائدًا عما استفاده من الكتب المصنفة في المبهمات والشروح، فكان عددًا كثيرًا. اهـ. وقال ابن فهد المكي في «لحظ الألحاظ»: وله على «صحيح البخاري» تعليقات نفيسات، ومنها بيان ما وقع فيه من المبهمات، سماه «الإفهام لما في البخاري من الإبهام». وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥١، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٥٣٠، وذكره بروكلمان ٣/ ١٦٩ وأن منه نسخة في آيا صوفيا (٤٧٩)، وكذا سزكين ١/ ٢٣٣. ٥١ - «تعليقات القلقشندي على شرح السراج البلقيني»: مؤلفه: المحدث المفسر، عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل القلقشندي المقدسي الشافعي، زين الدين، توفي سنة ست وعشرين وثمانمائة (١). هذا الكتاب ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٥٣٠، وكحالة في «معجم المؤلفين». -------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ١٧٤، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٠٩ (٦٩٦٣). ٥٢ - «مصابيح الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن سليمان بن جعفر بن يحيى بن حسين بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن علي بن صالح بن إبراهيم، القرشي المخزومي السكندري، المالكي، الشهير بابن الدماميني. توفي سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وقيل: سنة ثمانٍ (١). وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: قد وقفت عليه في مجلد، وجله في الإعراب ونحوه. وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٤٩ وقال: أوله الحمد لله الذي جعل في خدمة السنة النبوية أعظم سيادة … إلخ، ذكر أنه ألفه للسلطان أحمد شاه بن محمد بن مظفر من ملوك الهند، وعلق على أبواب منه، ومواضع تحتوي على غرائب وإعراب وتنبيه. وذكره أيضًا البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٨٥ وسماه: «المصابيح في شرح الجامع الصحيح». ومخلوف في «الشجرة». وذكر الزركلي في «الأعلام» ٦/ ٥٧ أن له نسخًا متعددة إحداها في مجلد ضخم في مكتبة أدوز بالسوس، ذكرها صاحب خلال جزولة. اهـ وذكره بروكلمان ٣/ ١٦٩، وسزكين ١/ ٢٣٣ وذكرا له نسخًا. ٥٣ - «التحقيق والشرح والتوضيح إلى ألفاظ متوالية من الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن المحب، عبد الله بن ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ٤٥٠، و«بغية الوعاة» ١/ ٦٦ (١١٣)، و«شجرة النور الزكية» (٨٦٣)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٧٠ (١٢٤٤٦). أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن منصور بن عبد الرحمن، الشمس، أبو عبد الله ابن الشمس، السعدي، المقدسي، الصالحى، الحنبلي، المعروف بابن المحب، توفي بمكة المكرمة، في رمضان سنة ثمان وعشرين وثمانمائة (١). ذكره الحافظ في «الإنباء» فقال: وشرع في شرح البخاري، وتركه بعده مسودة. هكذا دون تسمية للكتاب. والحافظ يوسف بن عبد الهادي في «الجوهر المنضد» فقال: صنف كتاب «التنقيح على الألفاظ المتوالية في الجامع الصحيح» في أربع مجلدات، وهو كتاب حسن كثير الفوائد. وذكره أيضًا العليمي في «المنهج الأحمد»، و«الدر المنضد» دون تسمية. وكذا ابن مفلح في «المقصد الأرشد». والبردي في «تسهيل السابلة» نقلًا عن الحافظ. وابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب». والنجدي في «السحب الوابلة» نقلًا عن الحافظ ابن حجر أيضًا، دون تسمية. وأفاد محققا الكتاب فذكراه في الهامش بهذا الاسم المصدر به الترجمة، وقالا: جزؤه الخامس في مكتبة جستربيتي بخطه. ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «ذيل التقييد» ١/ ٢٤٦ (٤٨٢)، و«إنباء الغمر» ٢/ ٣٨، و«الجوهر المنضد» (١٦٠)، و«المنهج الأحمد» ٥/ ٢٠٧ (١٥٠٧)، و«الدر المنضد» ٢/ ٦١٣ (١٥٣١)، و«المقصد الأرشد» ٢/ ٥٢٥ (١٠٨٥)، و«تسهيل السابلة» ٣/ ١٣٠١ (٢١٣٠)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٨٦، و«السحب الوابلة» ٣/ ١٠٧٢ (٧٠٨)، و«الأعلام» ٧/ ٤٥، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٤٢٨ (١٤١٧٩). أما الزركلي فجعله كتابين، فقال: وشرع في شرح الصحيحين، ثم تركه مسودة، وصنف «التحقيق والشرح والتوضيح لألفاظ متوالي من الجامع الصحيح» محفوظ في شسترتبي (٣٣٥١). فهل الشرح المتروك مسودة -كما ذكر الحافظ- هو هو «التحقيق» هذا أم غيره؟ فالله أعلم. وبهذا الاسم ذكره أيضًا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. ٥٤ - «التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن أحمد بن موسى بن عبد الله، الشمس، أبو عبد الله الكفيري، العجلوني، ثم الدمشقي، الشافعي -مولده بالكفير-مصغر- من عمل دمشق، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة (١). ذكر هذا الشرح بهذا الاسم ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» وقال: في ستة مجلدات. وكذا قال الحافظ في «إنباء الغمر» نقلًا عن ابن قاضي شهبة، لكنه لم يسمه. والسخاوي في «الضوء اللامع» قائلًا: صنف «التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح» واستمد فيه من البدر الزركشي والكرماني وابن الملقن، وزاد فيه أشياء مفيدة، وهو شرح جيد في خمسة مجلدات. والبغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٣٢٠، وفي «هدية العارفين» ٢/ ١٨٦ وأشار في الثاني أنه في خمسة مجلدات. -------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «طبقات الشافعية» ٤/ ٩٩ (٧٧٥)، و«إنباء الغمر» ٢/ ٥٩، و«الضوء اللامع» ٣/ ٤٢٩، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٩٦، و«الأعلام» ٥/ ٣٣١، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١١١ (١٢٠٥٨). ٥٥ - «الكوكب الساري في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: هو الكفيري المتقدم. ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٨٦ - ١٨٧ لكن قال: في اختصار البخاري. وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٩، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٣ وذكرا أن منه نسخة في برلين (١٢٠٠) وأضاف سزكين قائلًا: بخط المؤلف. وقد ذكراه بهذا الاسم، وكذا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. والزركلي في «الأعلام» فقال: وفي فهرس دار الكتب الشعبية في صوفيا: الجزء الثالث من «الكوكب الساري في شرح صحيح البخاري» مخطوط. قلت: وهذِه فائدة عزيزة، لكن قال قبل هذا الكلام: للكفيري تصانيف، عدَّ السخاوي منها: «التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح» خمسة مجلدات، في شرح البخاري. قلت: والمعروف أن «التلويح» هو لقطلوبغا. اهـ. قلت: وها هنا مأخذان: الأول: أن «التلويح» المشهور المعروف، إنما هو لمغلطاي، لا لقطلوبغا، وأظن -والله أعلم- أن الذي أوقعه في ذلك؛ إنما هو تشابه الإسمين. الثاني: ليس معنى أن لمغلطاي «التلويح في شرح الصحيح» أن ذلك يمنع أن يكون للكفيري شرح على البخاري أسمه أيضًا «التلويح» وقد نسبه له غير واحد من المتقدمين، ولا يمنع أيضًا أن يكون للكفيري شرح آخر اسمه «الكوكب الساري». هذا وقد أشار الحافظ في «الإنباء» لذلك فقال: وجمع شرحًا على البخاري في ستة مجلدات، وكان قد لخص «شرح ابن الملقن» و«شرح الكرماني» ثم جمع بينهما. وقال ابن قاضي شهبة: له شرح على البخاري في ستة مجلدات سماه «التلويح». واختصر شرح البخاري لابن الملقن في أربعة مجلدات، والكرماني في ثلاثة. فأقول: لعله لما جمع بين «شرح ابن الملقن»، و«شرح الكرماني» -كما ذكر الحافظ- سماه «الكوكب الساري»، والعلم عند الله. فائدة وتنبيه: لما ترجم الزركلي في «الأعلام» ٦/ ٣١٧ للكفيري محمد بن عمر بن عبد القادر، الحنفي، الدمشقي، حفيد الكفيري صاحب الترجمة ومؤلف «التلويح»، و«الكوكب الساري»، ذكر ضمن مؤلفاته -أي الكفيري الحفيد المتوفى سنة ثلاثين ومائة وألف- «شرح البخاري» ستة مجلدات. وهو وهم وقع فيه؛ لأنه استقى ترجمته من «سَلْك الدرر» للمرادي ٤/ ٤٠ حيث قال المرادي: محمد الكفيري ابن زين الدين عمر، ابن عبد القادر، ابن العلامة شمس الدين أبر عبد الله محمد الكفيري، صاحب التآليف المفيدة. منها شرحه على البخاري في ستة مجلدات. قلت: يقصد المرادي أن الشرح هذا للجد لا للحفيد، ففهم الزركلي -رحمه الله- أنه للحفيد. وفهم ما فهمته، وقرر ما قررته، عبد الحي الكتاني، فلما ترجم للكفيري الحفيد في «فهرس الفهارس» ١/ ٤٩٧ (٢٨٥) قال: وجدت ترجمته في «سلك الدرر» وذكر المرادي له عدة تآليف منها ثبته المسمى: «إضاءة النور اللامع فيما اتصل من أحاديث النبي الشافع»، وأن لجد أبيه العلامة الشمس محمد الكفيري شرحًا على البخاري في ست مجلدات. اهـ. هذا والله أعلم بالصواب. ٥٦ - «اللامع الصبيح على الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن عبد الدائم بن موسى بن عبد الدائم بن فارس -وقيل: عبد الله- بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، الشمس أبو عبد الله بن أبي محمد بن الشرف، أبي عمران النعيمي -بالضم نسبة لنعيم المجمر- العسقلاني الأصل، البرماوي، ثم القاهري، الشافعي، توفي سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة (١). ذكر هذا الشرح الحافظ في «إنباء الغمر» فقال: وشرح البخاري في أربعة مجلدات. والسخاوي فقال: من تصانيفه شرح البخاري في أربعة مجلدات، ومن أصوله التي استمد منها فيه مقدمة «فتح الباري» للحافظ ابن حجر، ولم يبيض إلا بعد موته، وتداوله الفضلاء مع ما فيه من إعواز. وذكره أيضًا في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٧ وقال: هو شرح حسن في أربعة أجزاء، أوله: الحمد لله المرشد إلى الجامع الصحيح .. إلخ، ذكر فيه أنه جمع ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «إنباء الغمر» ٢/ ٦٠، «الضوء اللامع» ٣/ ٥١١ (٧٢٥)، و«شذرات الذهب» ٧/ ١٩٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٨٨ (١٣٩٢١). بين «شرح الكرماني» باقتصار- وبين «التنقيح» للزركشي بإيضاح وتنبيه. وذكره ابن العماد الحنبلي، وكحالة، ولهذا الكتاب نسخ في بعض المكتبات، ذكرها بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٩، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٣. ٥٧ - «مجمع البحرين وجواهر الحبرين في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: يحيى بن محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن سعيد، السعيدي ثم القاهري، الشافعي، يعرف بابن الكرماني، وهو ابن الكرماني صاحب الشرح على البخاري المسمى «الكواكب الدراري»، توفي سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة (١). ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٦ - ٥٤٧ وقال: استمد فيه من شرح أبيه وشرح ابن الملقن، وأضاف إليه من شرح الزركشي وغيره، وما سنح له من حواشي الدمياطي و«فتح الباري» والبدر. وذكره أيضًا البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٥٢٧ وأنه في ثمانية أجزاء. وذكره أيضًا كحالة. فائدة: ذكر هذا الشرح الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١ وذكر أنه لخصه من شرحنا هذا ومن «الكواكب الدراري». ٥٨ - «الكوكب الساري»: مؤلفه: علي بن حسين بن عروة، العلاء، أبو الحسن المشرقي ثم الدمشقي الحنبلي، ويعرف بابن زكنون بفتح أوله، والمشهور أيضًا بابن -------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٧/ ٢٠٦، و«معجم المؤلفين» ٤/ ١١٦ (١٨١٣٨). عروة الحنبلي، توفي سنة سبع وثلاثين وثمانمائة (١). هذا الكتاب ذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٤ وأنه له نسخة في رامبور ١/ ١٠٦. قلت: ولعل هذا الكتاب هو كتاب «الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري». وهو شرح لمسند الإمام أحمد، لا لصحيح البخاري؛ فكل من يترجم لابن عروة، يذكر كتاب «الكواكب الدراري» هذا، ولا يذكر أن له شرحًا على «صحيح البخاري». والله أعلم. ٥٩ - «التلقيح لفهم قارئ الصحيح»: مؤلفه: المحدث الحافظ إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الأصل -طرابلس الشام- الحلبي المولد والدار، الشافعي، سبط ابن العجمي، برهان الدين، أبو إسحاق، توفي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة (٢). هذا الكتاب ذكره الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٧١١، وفي «الضوء اللامع» وقال: شرحًا مختصرًا على البخاري، وهو بخطه في مجلدين، وبخط غيره في أربعة، وفيه فوائد حسنة، وذكر أنه والحافظ ابن حجر، نقل كلاهما عن الآخر في شرحيهما. وقال أيضًا: وله على البخاري عدة إملاءات كتبها عنه ------------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ٥١، و«الأعلام» ٤/ ٢٨٠، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤٣٠ (٩٤٠٤). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٨٨، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٣٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ٦١ (٤٦١). جماعة من طلبته. وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٥٤٧، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٢٠، وله نسخ في بعض المكتبات، ذكر ذلك سزكين ١/ ٢٣٤. ونفيد القارئ الكريم أن صاحب الترجمة هذا له الباع الأكبر في نسخ شرحنا هذا «التوضيح»، ونسخته هي النسخة الأصلية والمعول عليها غالبًا. ونضيف كذلك أني رأيت الحافظ قد ألمح في «الإصابة» ٤/ ٢٧٩. أن شرح سبط هذا يعد تلخيصًا لـ«التوضيح»، حيث قال: حمنة بنت أبي سلمة، قيل: هي المذكورة في حديث أم حبيبة حين عرضت على النبي - ﷺ - أن يتزوج أختها .. قرأته في شرح البخاري للشيخ برهان الدين الحلبي الذي لخصه من شرح ابن الملقن. ٦٠ - «افتتاح القاري لصحيح البخاري»: مؤلفه: محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي، شمس الدين، أبو عبد الله بن أبي بكر، القيسي الحموي الأصل، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي، توفي سنة اثنتين واربعين وثمانمائة (١). ذكره ابن فهد المكي في «لحظ الألحاظ» ص (٣٢٠)، والسخاوي في «الضوء اللامع»، وقال النعيمي في «الدارس في تاريخ المدارس» --------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «لحظ الألحاظ» ص (٣١٧)، و«الضوء اللامع» ٤/ ١٢٩، و«الدارس في تاريخ المدارس» ١/ ٤١، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٤٣، و«فهرس الفهارس» ٢/ ٦٧٥ (٣٥٤)، و«الأعلام» ٦/ ٢٣٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٦٨ (١٢٤٣٧)، ٣/ ٤٥٣ (١٤٣٤٥). ١/ ٤٢ من تأليفه: كراريس في افتتاح الصحيح، وعدة ختوم نقلت ذلك من خطه. وابن العماد الحنبلي في»الشذرات«، والبغدادي في»إيضاح المكنون«١/ ١٠٨، وفي»هدية العرافين«٢/ ١٩٣ وفي الثاني سماه: افتتاح القاري في شرح الجامع الصحيح للبخاري». وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، والزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «المعجم». ٦١ - «المتجر الربيح والمسعى الرجيح والمرحب الفسيح في شرح الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن مرزوق، أبو عبد الله العجيسي التلمساني المالكي، ويعرف بحفيد ابن مرزوق، وقد يختصر بابن مرزوق. توفي سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة (١). ذكر هذا الشرح الحافظ السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: لم يكمل. وكذا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠، والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٩٢، والزركلي في «الأعلام» وأفاد قائلًا: كان منه الجزءان الأول والثاني بخطه في الجامع الجديد، ثم فقد الأول. ومخلوف في «الشجرة» وأشار أيضًا إلى أنه لم يكمل، وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٤ وأن منه نسخة في الكتاني بالرباط (٥٧٢). ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣٦٧/ ٣، و«شجرة النور الزكية» (٩١٨)، و«الأعلام» ٥/ ٣٣١، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٩٧ (١١٩٦١). ولهذا المصنف أيضًا: ٦٢ - «أنوار الدراري في مكررات البخاري»: ذكره الكتاني في «فهرس الفهارس» ١/ ٥٢٥، والبغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ١٤٣، وفي «هدية العارفين» ٢/ ١٩٢، وكحالة. ووقع في «الضوء اللامع» باسم: «أنواع الذراري في مكررات البخاري»، وكذا في «الأعلام»، وأظنه تحريفًا. ٦٣ - «شرح ابن أرسلان»: مؤلفه: أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن يوسف بن علي بن أرسلان- قال السخاوي: بالهمزة كما بخطه -الرملي الشافعي، شهاب الدين-أبو العباس. وقال بعضهم: رسلان بغير همزة، توفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة (١). وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: وصل فيه إلى آخر كتاب الحج، قيل: في ثلاثة مجلدات. وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥٤، والزركلي، وكحالة. ٦٤ - «النكت على التنقيح شرح الجامع الصحيح» للزركشي: مؤلفه: أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر بن أحمد التستري الأصل، البغدادي الحنبلي، المعروف بابن نصر الله، محب الدين، توفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة (٢). -------------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١٣٣، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٤٨، و«الأعلام» ١/ ١١٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ١٢٨ (٩٥٩). (٢) انظر ترجمته في «شذرات الذهب» ٧/ ٢٥٠، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣١٩ (٢٢٤٣). ![]()
__________________
|
|
#7
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 151 الى صـــ 175 الحلقة (7) هذا الكتاب ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٤٩، وابن العماد الحنبلي، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٢٦، وكحالة. ٦٥ - «فتح الباري بشرح صحيح البخاري»: مؤلفه: العالم الحبر البحر الفهامة ذو الفنون وحائزها، شيخ الإسلام الحافظ أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد الكناني العسقلاني المصري، الشهير بابن حجر، شهاب الدين، أبو الفضل، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (١). شرحه هذا أشهر وأعرف من أن يُعَرَّف، فهو أشهر شرح لـ«صحيح البخاري» على الإطلاق، وهو شرح جاب الآفاق، وعرفه الصغير قبل الكبير، وطالب العلم قبل العالم، وكذا من قال: «لا هجرة بعد الفتح» قال حاجي خليفة: وشهرته وانفراده بما يشتمل عليه من الفوائد الحديثية والنكات الأدبية والفوائد الفقهية تغني عن وصفه وصدق من قال: ما أوفى بحق البخاري إلا العسقلاني، أو نحو هذا. وقد صنف الحافظ في طليعة الشرح مقدمة أسماها «هدي الساري» تطبع وحدها في مجلد، قدم فيها للشرح وعقد فصولًا عدة، سبر فيها ما يتعلق بـ «الصحيح» من أسماء الرواة وتقييدهم، والرواة المتكلم فيهم والرد على ذلك، والأحاديث التي انتقدت، والرد على ذلك، وعدة أحاديث الكتاب، وما إلى ذلك. ------------------------------ (١) انظر ترجمته في: كتاب «الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» تصنيف شمس الدين السخاوي، جمع فيه السخاوي رحمه الله كل دقيقة وجليلة عن الحافظ فأوعى، فجاء موسوعة حياتية عن الحافظ رحمه الله. وأيضًا ينظر «شذرات الذهب» ٧/ ٢٧٠، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢١٠ (١٥٥٢). ٦٦ - ٨١ - ونضيف أيضًا أن الحافظ قد أولى اهتمامًا بالغًا بالصحيح، فإلى جانب هذا الشرح، صنف مصنفات أخرى لها تعلق بـ «الصحيح» من ذلك: (١) «تغليق التعليق»: وهو كتاب قام فيه بوصل المعلقات التي رويت في «صحيح البخاري» إما بإسناده أو نقلًا من أحد الكتب المسندة، وهو كتاب مطبوع متداول، لا يستغني عنه طالب علم ولا عالم. (٢) «التشويق إلى وصل المهم من التعليق»: وهو اختصار لكتاب «التعليق». (٣) «التوفيق لوصل المهم من التعليق»: واقتصر في هذا الكتاب على الأحاديث التي لم يوصل البخاري أسانيدها في مكان آخر من «جامعه». ذكرهما السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٦٦٦. (٤) «انتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري»: وهو كتاب مطبوع في مجلدين، بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي معية صبحي السامرائي، طبع مكتبة الرشد، وشركة الرياض. وهذا الكتاب له قصة وسبب، وهو أن العيني -ستأتي ترجمته- قد ألف كتابه «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» واهتم بالرد على الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» وكان يتعقبه وينتقده كلما وجد مجالًا لذلك، فما كان من الحافظ إلا أن انبرى له، ورد عليه في هذا الكتاب، وأجاب فيه على تلك الاعتراضات باختصار، مقتصرًا على بعضها؛ إذ لو أجاب عليها كلها لطال ذلك. (٥) «الاستنثار على الطاني المعثار»: ذكر الحافظ في «الانتقاض» ١/ ٢٥ سبب تأليفه لهذا الكتاب في معرض كلامه عن «عمدة القاري» فقال: ثم ذكر العيني مقدمة لطيفة انتزعها من القطعة التي كتبها النووي، ولو كان نسخها من نسخة صحيحة ونسبها إليه لاستفاد السلامة مما وقع في خطه من التصحيف لكثير من الأسماء والسمات، والتحريف لبعض الكلمات، وقد تتبعت ما وقع له من ذلك في تلك الكراسة، فزاد على ثمانين غلطة، فأفردت ذلك في جزء سميته … فذكر هذا الكتاب. وذكره أيضًا السخاوي في «الجواهر» ٢/ ٦٩٠، وحاجي خليفة ١/ ٥٥١ - ٥٥٢ وسمياه: «الاستنصار على الطاعن المعثار». وذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٦٩، وفي «هدية العارفين» ١/ ١٢٩ وسماه: «الاستبصار على الطاعن المعثار». (٦) «بغية الداري -أو الراوي- بأبدال البخاري»: وهو مصنف جمع فيه عوالي البخاري، وهي ما أخرجه عن شيخ يكون بين أحد الأئمة الستة وبينه واسطة. ذكره السخاوي في «الجواهر والدرر» ٢/ ٦٦٧. (٧) «تقريب الغريب الواقع في البخاري»: ذكره السخا وي ٢/ ٦٧٧ وقال: اختصره من القرطبي مع الزيادة عليه والفوائد المهمة في سنة ثماني عشرة وثمانمائة. وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٤٦٤، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٢٩، وكذا ابن العماد الحنبلي. (٨)»المهمل من شيوخ البخاري«: ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٨. (٩)»هدي الساري«- أو»هداية الساري لسند البخاري«: ذكره السخاوي ٢/ ٦٨٢ وقال: في كراستين، صنفها قديمًا في سنة خمس وثمانمائة، وسمعها عليه حينئذ الشمس ابن القطان وغيره من شيوخه. (١٠)»فوائد الاحتفال في بيان أحوال الرجال المذكورين في البخاري زيادة على ما في تهذيب الكمال«: ذكره السخاوي ١/ ٦٨٢ وقال: مجلد ضخم مسودة. وذكره أيضًا حاجي خليفة ٢/ ١٢٩٥ و١٥١١، وابن العماد الحنبلي في، الشذرات» ٧/ ٢٧١ - ٢٧٢، والبغدادي في، «الهداية» ١/ ١٣٠. (١١) «الإعلام بمن ذكر في البخاري من الأعلام»: ذكر السخاوي ٢/ ٦٨٢ أنه اسم آخر للكتاب السابق، وكذا ذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥٢، وجعله البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٢٩ كتابًا آخر، وفيه نظر. (١٢) «الملتقط من التلقيح في شرح الجامع الصحيح» للبرهان الحلبي: ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٦ وقال: التقطه بحلب في سنة ست وثلاثين. (١٣) «النكت على تنقيح الزركشي»: وهي تعليقات على كتاب «التنقيح» للزركشي، ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٧، وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٤٩ وقال: هي تعليقة بالقول ولم تكمل. (١٤) «تجريد التفسير من صحيح البخاري»: هو على ترتيب السور منسوبًا لمن نقل عنه، ذكره السخاوي ٢/ ٦٧٦، وابن العماد ٧/ ٢٧٢. (١٥) «شرح ثلاثيات البخاري»: ذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٩. (١٦) «النكت على صحيح البخاري»: ذكر سزكين ١/ ٢٣٦ أنه مختصر من «فتح الباري» أعده المصنف نفسه. وهذا الكتاب والذي قبله لم يذكرهما السخاوي! والله أعلم. ٨٢ - «تيسير منهل القاري في تفسير مشكل البخاري»: مؤلفه: محمد بن محمد بن يوسف بن يحيى، ناصر الدين المنزلي الشافعي، سبط سويدان، وبه يشهر، فيقال له ابن سويدان، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (١). ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٦٩ وأخطأ في اسمه فقال: (موسى)، بدل: (يوسف)، وقال (الحنبلي) بدل (المنزلي)! وأفاد أنه ألفه سنة ست وأربعين وثمانمائة. وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٤ وذكرا أن للكتاب نسخة في الإسكوريال ثاني برقم (١٦١٦)، وزاد سزكين أنها بخط المؤلف. والله أعلم. وذكره أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. ٨٣ - «عمدة القاري شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود الحلبي ثم القاهري، الحنفي، المعروف بالعيني، بدر الدين، --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٤/ ٣٦٨ (٩٢)، و«الأعلام» ٧/ ٤٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٠٠ (١٥٩٠٤). فقيه أصولي مفسر محدث، توفي سنة خمس وخمسين وثمانمائة (١). وهذا الشرح مطبوع في عشرين مجلدًا من القطع الكبير، ويمتاز -مع ما عليه من مؤاخذات وانتقادات- بأمور منها: تنظيم الشرح والتعليق على الحديث، وغالبًا ما يقسم الشرح إلى فقرات معنونًا كل فقرة، فيبدأ ببيان تعلق الحديث أو الآية بالترجمة، ثم ببيان رجال ورواة الحديث، ثم ذكر المواضع التي تكرر فيها الحديث، وبيان اللغة والإعراب، ثم بيان معنى الحديث العام، وهكذا. أيضًا يمتاز ببسط كثير من المسائل النحوية واللغوية، وأيضًا بسط كثير من المسائل الفقهية. أما الذي انتقد عليه، فقال السخاوي في «الضوء اللامع» ٥/ ٦٣: استمد العيني في «عمدة القاري» من شرح شيخنا -يقصد الحافظ- بحيث ينقل الورقة بكمالها، وربما اعترض. وبهذا الكلام صرح الحافظ نفسه في مقدمة «انتقاض الاعتراض» ١/ ٢٦. وكذلك من يطالع شرحنا هذا يجد العيني ينقل منه الصفحات الطوال، بل الأبواب بتمامها دون عزو ولا نسبة إلى مخترعه، والله أعلم. ٨٤ - «مفتاح القاري لجامع البخاري»: مؤلفه: حسين بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أبي بكر، ابن الشيخ الكبير علي الأهدل، ابن عمر بن محمد بن سليمان بن عبيد بن عيسى بن علوي بن محمد بن حمحام بن عدي بن الحسن بن الحسين بن زيد العابدين -ويقال له: عيون- ابن علي بن الحسين بن --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «بغية الوعاة» ٢/ ٢٧٥ (١٩٦٧)، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٨٦، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٩٧ (١٦٥٣٥). علي بن أبي طالب، البدر، أبو محمد، وأبو علي الحسني نسبًا وبلدًا، الشافعي، الأشعري، توفي سنة خمس وخمسين وثمانمائة (١). هذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» فقال: وألف حواشي على البخاري انتقاها من الكرماني مع زيادات وسماها «مفتاح القاري». وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٤ وسماه «مصباح القاري». والبغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٥٢٧، وكحالة في «معجم المؤلفين». ٨٥ - «تعليقة النويري على البخاري»: مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الخالق، المحب، أبو القاسم بن الفاضل الشمس النويري الميموني القاهري المالكي، توفي سنة سبع وخمسين وثمانمائة (٢). ذكر هذا الكتاب حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠ وقال: وهو شرح مواضع منه. والبغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ١٩٩، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٧ وأن له نسخة في صائب بأنقرة. ٨٦ - «تلخيص أبي الفتح لمقاصد الفتح»: مؤلفه: أبو الفتح، محمد بن أبي بكر بن الحسين بن عمر بن ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٦٣ (٥٥٧)، و«معجم المؤلفين» ١/ ٦١٤ (٤٦٣٦). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٤/ ٣٠٧ (٥٩٨)، و«شذرات الذهب» ٧/ ٢٩٢، و«شجرة النور الزكية» (٨٦٩). حدث خطأ في تحميل الصفحة السلامي، وقيل: السلابي -بالباء- البيري الأصل، الحلبي، أبو عبد الله الشافعي، شمس الدين، توفي سنة تسع وسبعين وثمانمائة (١). ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٣ وسمى مؤلف الشرح محمود، بدل محمد، وأفاد أن له نسخة في آيا صوفيا (٦٨٨ - ٦٨٩). وذكر في «الفهرس الشامل للتراث» ١/ ٥٦٩. ٨٩ - «التوضيح للأوهام الواقعة في الصحيح»: مؤلفه: أحمد بن إبراهيم بن محمود -وقيل: محمد- ابن خليل الطرابلسي الأصل، ثم الحلبي المولد والدار، الشافعي، أبو ذر، البرهان، موفق الدين، ابن البرهان الحلبي، صاحب «التلقيح» -المتقدم- ويعرف أيضًا بسبط ابن العجمي، كأبيه. توفي سنة أربع وثمانين وثمانمائة (٢). وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» وقال: وأفرد مبهمات البخاري، وكذا إعرابه، بل جمع عليه تعليقًا لطيفًا لخصه من الكرماني والبرماوي و«فتح الباري»، وآخر أخصر منه. وذكره أيضًا حاجي خليفة ١/ ٥٥٣، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٣٤، والزركلي وكحالة. وذكره بروكلمان ٣/ ١٧٠ باسم: «الدر في شرح البخاري»! ولعله تحريف وذكر أن له نسخة في القاهرة ثاني ١/ ١٢٥. ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٣/ ٣١١، و«هدية العارفين» ٢/ ٢٠٨، و«الأعلام» ٦/ ١٤٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٩ (١١٥٣٣). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٩٤، و«الأعلام» ١/ ٨٨، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٠ (٦٨٥). وكذا سزكين ١/ ٢٣٧ على الصواب. ٩٠ - «مواهب الجليل على شرح صحيح الإمام محمد بن إسماعيل»: مؤلفه: يحيى بن أحمد بن عبد السلام بن رحمون الشرف، أبو زكريا بن الشهاب أبي العباس القسنطيني، المغربي، المالكي، نزيل القاهرة ثم مكة، المعروف بالعلمي بضم العين وفتح اللام، وربما سكنت، نسبة فيما قاله للسخاوي -في «الضوء اللامع»- إلى العلم. توفي عصر يوم الإثنين رابع ربيع الثاني سنة ثمان وثمانين وثمانمائة (١). ذكره السخاوي فقال: بلغني أنه كتب على البخاري. ومخلوف في «الشجرة» وقال أنه توفي في ربيع الأول! والله أعلم. والزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «المعجم»، والكاندهلوي في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٩، وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠. وهم الذين ذكروه بهذا الاسم. ٩١ - «شرح البكري»: مؤلفه: محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم بن يحيى بن موسى بن الحسن بن عيسى بن عشبان بن عيسى بن شعبان بن داود بن محمد بن نوح بن طلحة بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، الجلال، أبو البقاء بن العز أبي الفضل بن الزين أبي العباس بن ناصر الدين بن البكري، الدهروظي ------------------------------------ (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٥/ ١١٦ (٩٤١)، و«شجرة النور الزكية» (٩٨٠)، و«الأعلام» ٨/ ١٣٩، و«معجم المؤلفين» ٤/ ٨٦ (١٧٩٦٣). الشافعي، المعروف بابن شكم، توفي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة (١). ذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠: شرحه ابن شكم بعنوان «المنطق الفصيح في ختم الصحيح». فلا أدري أهو شرح كما هو في صدر الكلام، أم هو ختمة للصحيح كسائر الختمات، والله أعلم. ٩٤ - «شرح ابن العيني»: مؤلفه: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، الزين بن العز، زين الدين، ابن العيني، الدمشقي، الحنفي، توفي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة (٢). ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٣ فقال: وهو في ثلاثة مجلدات، كتب «الصحيح» على هامشه. ٩٥ - «الكوثر الجاري إلى رياض البخاري»: مؤلفه: أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن أحمد بن رشيد بن إبراهيم، شرف الدين، ثم دعي شهاب الدين، الشهرزوري الهمداني التبريزي الكوراني، ثم القاهري عالم بلاد الروم، توفي سنة ثلاث -وقيل أربع- وتسعين وثمانمائة (٣). ------------------------------------ (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ١٣٣، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢٩٢ (٢١٢٥). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٢١٦، و«الأعلام» ٣/ ٣٠٠، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٨٥ (٦٧٩٣). (٣) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١١٤، و«الأعلام» ١/ ٩٧، و«معجم المؤلفين» ١/ ١٠٤ (٧٨٣). وهذا الشرح ذكره السخاوي في «الضوء اللامع» دون تسمية، فقال: بلغني أنه عمل تفسيرًا وشرحًا على البخاري. وذكره بهذا الاسم المتقي الغزي في «الطبقات السنية في تراجم الحنفية» ص (٨٣)، وحاجي خليفة ١/ ٥٥، والبغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٣٥، والزركلي وكحالة، وكذا بروكلمان ٣/ ١٧٠، وسزكين ١/ ٢٣٧ وذكرا أن له نسخًا في بعض المكتبات. ٩٦ - «المنهل الجاري المجرد من فتح الباري شرح الجامع الصحيح للبخاري»: مؤلفه: محمد بن محمد بن عبد الله بن خيضر بن سليمان بن داود بن فلاح بن حميد، الدمشقي، القاضي قطب الدين -الرملي الشافعي، الخيضري، وخيضِر بكسر الضاد، توفي بالقاهرة في ربيع الأول سنة أربع وتسعين وثمانمائة (١). ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٥ فقال: وجرد الشيخ قطب الدين محمد بن محمد الخيضري من «فتح الباري» أسئلة مع الأجوبة، وسماها «المنهل الجاري» وذكره أيضًا البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٢١٦. ٩٧ - «شرح السنوسي»: مؤلفه: محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي، التلمساني، الحسني من جهة الأم، أبو عبد الله، عالم تلمسان في عصره وصالحها، ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٤/ ٢٩٦ (٥٦٦)، و«نظم العقيان» (١٧٠)، و«الدارس في تاريخ المدارس» للنعيمي ١/ ٣، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٥٤ (١٥٦٥٠). توفي سنة خمس وتسعين وثمانمائة (١). ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» ٢/ ٩٩٩ فقال: له شرح عجيب على البخاري، لم يكمله، وحاشية لطيفة على مشكلاته. وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام»، ومخلوف في «الشجرة» وقال: وصل فيه إلى باب: من استبرأ لدينه. والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٧ وذكر أن شرحه هذا مختصر لتنقيح الزركشي، والله أعلم، وذكر له أيضًا «شرح مشكلات البخاري» في كراستين. ٩٨ - «شرح النعماني»: مؤلفه: إبراهيم بن علي بن أحمد بن بركة بن علي بن أبي بكر بن المكرم، برهان الدين، المصري، الشافعي، النعماني، توفي سنة ثمان وتسعين وثمانمائة (٢). قال السخاوي في «الضوء اللامع»: شرع في الجمع بين شرح الحافظ ابن حجر والعيني على البخاري، فكتب منه جملة مع إضافة حاصل ما اشتمل عليه «انتقاض الاعتراض». وذكر هذا الشرح أيضًا حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥١ فقال: وشرح برهان الدين إبراهيم النعماني إلى أثناء الصلاة، ولم يفِ بما التزمه. ------------------------------ (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ٢/ ٢١٦، و«شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (٩٨٤)، و«الأعلام» ٧/ ١٥٤، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٨١ (١٦٤٥١)، ٣/ ٧٨٦ (١٦٤٧٥). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٣٦، و«الأعلام» ١/ ٥٣. وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام». وقال بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٠: وكتب ابن حجر «انتقاض الاعتراض»، وكتب عليه إبراهيم بن علي الشافعي النعماني كتاب «المزيد»، الجزء الخامس منه في الإسكوريال ثاني (١٤٥٦). اهـ بتصرف. وكذا سزكين في «تاريخ التراث» ١/ ٢٣٦ وأفاد أن هذا الجزء الموجود عدد ورقاته مائة وثمانية وثلاثون ورقة. ٩٩ - «البارع الفصيح في شرح الجامع الصحيح»: مؤلفه: محمد بن علي بن خلف الأحمدي، المصري الشافعي، نزيل المدينة، أبو البقاء، لم أظفر له بتاريخ وفاة، وإنما قيل: إنه كان حيًّا في سنة تسع وتسعمائة، أي ما توفي إلا بعدها (١). وهذا الشرح ورد بهذا الاسم في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨. وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٧ وذكر أن له نسخة في «فيض الله» (٢٦٩) و«القاهرة»، «مجموع» (٥٢١) وسماه: «الباري الفصيح في الجامع الصحيح». وذكره حاجي خليفة ١/ ٥٥١ وقال: وهو شرح كبير ممزوج وكان ابتدأ تأليفه في شعبان سنة تسع وتسعمائة، أوله: الحمد لله الواجب الوجود … إلخ، ذكر أنه جعله كـ «الوسيط»، برزخًا بين «الوجيز» و«البسيط»، ملخصًا من شروح المتأخرين كالكرماني وابن حجر والعيني. وذكره البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٢٢٤ دون تسمية وقال: بدأ ------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ٦/ ٢٨٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥١٠ (١٤٧٠٦). فيه سنة تسع وتسعمائة. وذكره الزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «معجم المؤلفين» دون تسمية أيضًا. ١٠٠ - «التوشيح شرح الجامع الصحيح»: مؤلفه: عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين أبي بكر بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين همام الخضيري، العلامة المشهور في الآفاق، جلال الدين السيوطي، أو الأسيوطي. توفي سنة إحدى عشر وتسعمائة (١). وهذا الكتاب طبع بتحقيق رضوان جامع رضوان، في عشرة مجلدات، طبع مكتبة الرشد وشركة الرياض. ويعد من الشروح المختصرة، اقتصر فيه مصنفه على بعض النقولات خاصة من «فتح الباري»، وذكر معاني بعض الألفاظ. وبعض التعليقات اللطيفة على بعض كلمات الحديث، وفي بعض الأحيان يتطرق لذكر اختلافات نسخ «الصحيح». وذكر بروكلمان في «تاريخه» ٣/ ١٧١ أن على هذا الشرح تعليقات في (برلين ١٢١٦). وذكر حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥٠ أن للسيوطي أيضًا -------------------- (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٢١٣، و«طبقات المفسرين» للأدنوى (٤٨٢)، و«شذرات الذهب» ٨/ ٥١، و«الأعلام» ٣/ ٣٠١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٨٢ (٦٧٩٢). «الترشيح ولم يتم». ١٠١ - «شرح غريب البخاري»: مؤلفه: محمد بن أحمد بن عبد الله، اليفرني، الفاسي، المغربي، المؤرخ، المالكي، أبو عبد الله، المشهور بالمكناسي، توفي سنة سبع وقيل: ثمان عشرة وتسعمائة (١). ذكر هذا الكتاب أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. ١٠٢ - «إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب»: مؤلفه: محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي، أبو عبد الله، المغربي، المكناسي، المالكي، الشهير بابن غازي، توفي سنة تسع عشرة وتسعمائة (٢). ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٦٢، وفي «هدية العارفين» ٢/ ٢٢٦ ومنه سقت اسم المؤلف. ومخلوف في «الشجرة» فقال: له تآليف منها تقييد نبيل على البخاري. وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» ٢/ ٨٩١ فقال: ألف في الحديث حاشية على البخاري في أربع كراريس. وهي أنزل تواليفه، واستنبط من حديث: «أبا عمير ما فعل النغير» مائتى فائدة. ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية» (١٠٢٥)، و«الأعلام» ٦/ ٢٣٩، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٧٨ (١١٨٣٤). (٢) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ٢/ ٢٢٦، و«شجرة النور الزكية» (١٠٢٩)، و«معجم المؤلفين» ٣/ ١٠٧ (١٢٠٣٠). ثم قال: وتعليقه على الصحيح في نحو ثماني كراريس في القالب الرباعي، سماه «إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب» قال في أوله: أودعته نكتًا يخف حملها، ويسهل إن شاء الله تناولها ونقلها، انتقيتها من كلام شراح البخاري، قال: وجعلته كالتكملة لتنقيح الزركشي، فلا أذكر غالبًا إلا ما أغفله. وذكره أيضًا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠. ١٠٣ - «إرشاد الساري على صحيح البخاري»: مؤلفه: أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك بن الزين أحمد بن الجمال محمد بن الصفي محمد بن المجد حسين بن التاج علي، القسطلاني الأصل، المصري الشافعي، ويعرف بالقسطلاني، أبو العباس، شهاب الدين، توفي سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة (١). وهذا الشرح مطبوع في اثني عشر مجلدًا، بحاشيته «تحفة الباري» لزكريا الأنصاري. وهو من الشروح النفيسة لـ«صحيح البخاري» حتى قال العيدروس في «النور السافر في أهل القرن العاشر» -فيما نقله عنه الكتاني في «فهرس الفهارس»-: لعله أجمع شروح البخاري وأحسنها. ثم قال الكتاني: وكان بعض شيوخنا يفضله على جميع الشروح من حيث الجمع وسهولة الأخذ والتكرار والإفادة، وبالجملة فهو للمدرس أحسن وأقرب من «فتح الباري» فمن دونه، ولابن الطيب الشركسي ------------------------------------ (١) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ٢٤١، و«شذرات الذهب» ٨/ ١٢١، و«فهرس الفهارس» ٢/ ٩٦٧ (٥٤٦)، و«الأعلام» ١/ ٢٣٢، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢٥٤ (١٨٢٨). عليه حاشية في مجلدين، واختصره الشمس الحضيكي السوسي، عندي منه المجلد الثاني. اهـ. وليعلم أن للقسطلاني أعمالًا أخرى على «صحيح البخاري»، من ذلك اختصار «إرشاد الساري» ولم يكمله، ذكر ذلك الكتاني. وله أيضًا «الدراري في ترتيب أبواب البخاري» ذكره كحالة. فائدة: ذكر البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٩٥ أن لحمد الله الأنقرهوي كتابًا في فهرسة «إرشاد الساري»، سماه «النجوم الدراري إلى إرشاد الساري في فهرسة شرح البخاري» للقسطلاني. ١٠٤ - «منحة الباري بشرح صحيح البخاري» أو «تحفة الباري بشرح صحيح البخاري»: مؤلفه: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي القاهرة الأزهري الشافعي، زين الدين، أبو يحيى، توفي سنة ست وعشرين وتسعمائة (١). وهذا الشرح مطبوع في عشرة مجلدات، بعناية: سليمان بن دريع العازمي، بالتعاون مع مركز الفلاح للبحوث العلمية. طبع مكتبة الرشد. والكتاب أشبه بالشرح اللغوي، فهو في الغالب يهتم بضبط ألفاظ وكلمات «الصحيح» مع الإشارة إلى اختلاف هذِه الألفاظ في نسخ «الصحيح» المتعددة، ويهتم أيضًا بنسبته أسماء الرواة المهملين. ١٠٥ - «معونة القاري لصحيح البخاري». مؤلفه: علي بن محمد بن محمد بن محمد بن خلف بن جبريل، ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٨/ ١٣٤، و«معجم المؤلفين» ١/ ٧٣٣ (٥٤٨٠). المنوفي المصري مولدًا، الشاذلي طريقة وبها يعرف، نور الدين، أبو الحسن المالكي، الإمام الجليل الفقيه، صاحب التصانيف، توفي سنة تسع وثلاثين وتسعمائة (١). ذكره بهذا الاسم الزركلي في «الأعلام» وقال: مخطوط في مجلد ضخم، فرغ من تأليفه في رمضان سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، رأيته في خزانة الرباط (١٩١٢ كتاني) وعليه اسم مصنفه: علي بن محمد بن علي المالكي. اهـ. وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٠ باسم «مئونة القاري»- ولعله تصحيف- وذكر له نسخًا. وأشار إليه كل من مخلوف في «الشجرة»، وكحالة في «المعجم» فقالا: له شرحان على البخاري. ١٠٦ - «صيانة القاري عن الخطأ واللحن في البخاري»: مؤلفه: المنوفي المتقدم. ذكره بهذا الاسم الزركلي في «الأعلام» ٥/ ١١ وقال: ذكره صاحب «نيل الابتهاج». وأشار إليه مخلوف في «شجرة النور الزكية» ص ٢٧٢، وكحالة في «معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٤ (١٠١٠٢). ١٠٧ - «شرح الدلجي»: مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، شمس الدين، -------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ٧٤٣، «شجرة النور الزكية» (١٠٠٧)، و«الأعلام» ٥/ ١١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥٢٤ (١٠١٠٢). أبو عبد الله، العثماني، الشافعي، الدلجي، توفي سنة سبع -وقيل: تسع-وأربعين وتسعمائة، وقيل: سنة خمسين وتسعمائة (١). ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥١ وقال: كتب قطعة منه. وكذا ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ٢/ ٢٣٧، وكحالة. ١٠٨ - «شرح الحديث الأول من الجامع الصحيح للبخاري»: مؤلفه: عيسى بن محمد بن عبد الله -وقيل: عبيد الله- بن محمد السيد الشريف العلامة المحقق المدقق الفهامة، أبو الخير، قطب الدين، الحسني، الحسيني، الإيجي، الشافعي الصوفي، المعروف بالصفوي؛ نسبة إلى جده لأمه السيد صفي الدين والد الشيخ معين الدين الإيجي صاحب التفسير، توفي سنة ثلاث، -وقيل: خمس- وخمسين وتسعمائة (٢). ذكره الزركلي في «الأعلام» وأشار إلى أنه رسالة مخطوطة، وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠. ١٠٩ - «شرح السفيري»: مؤلفه: شمس الدين محمد بن الشيخ زين الدين عمر بن ولي الله الشيخ شهاب الدين أحمد، السفيري الحلبي، الشافعي، الإمام العلامة، اختلف في سنة وفاته، فورخ ابن العماد الحنبلي وفاته سنة ست وخمسين وتسعمائة، وتبعه الزركلي، وورخها البغدادي في ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٨/ ٢٧٠، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٧٠ (١٥٧٦٤). (٢) انظر ترجمته في: «الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة» ص ٣٣٤، و«شذرات الذهب» ٨/ ٢٩٧، و«هدية العارفين» ١/ ٨١٠، و«الأعلام» ٥/ ١٠٨، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥٩٨ (١٠٦٤١). «الهدية» سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، وأفاد أنه تلميذ السيوطي. أما كحالة فأبهم القول فقال في «المعجم»: كان حيًّا سنة تسع وثلاثين وتسعمائة. (١) ذكر هذا الشرح الزركلي في «الأعلام» وأفاد أن منه مجلدين مخطوطين في التيمورية. وكحالة في «معجم المؤلفين»، وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩. وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٢ وأن منه نسخة في برلين (١٢١٢)، والإسكندرية (٣١) حديث. وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٠ وقال: الصفيري، بدل: السفيري، وهو خطأ. ١١٠ - «ضوء الساري في شرح صحيح البخاري» أو «فيض الباري في شرح غريب صحيح البخاري»: مؤلفه: عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن حسن بن داود بن سالم بن معالي، ابن الموفق أبي ذر بن الشهاب، بدر الدين، أبو الفتح، العباسي الحموي الأصل، القاهري الدمشقي الشافعي، توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة (٢). ذكر هذا الشرح حاجي خليفة في «كشف الظنون» ١/ ٥٥١ دون تسمية وقال: رتبه على ترتيب عجيب وأسلوب غريب، فوضعه كما ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «شذرات الذهب» ٨/ ٣١١، و«هدية العارفين» ٢/ ٢٣٤، و«الأعلام» ٦/ ٣١٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٥٦ (١٤٩٩٣). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ٢/ ٢٨٢، و«شذرات الذهب» ٨/ ٣٣٥، و«الأعلام» ٣/ ٣٤٥، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٣١ (٧١٠٦). قال في ديباجته على منوال مصنف ابن الأثير، وبناه على مثال «جامعه» وجرده من الأسانيد راقمًا على هامشه بإزاء كل حديث حرفًا أو حروفًا يعلم بها من وافق البخاري على إخراج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الخمسة، جاعلًا إثر كل كتاب منه بابًا لشرح غريبه، واضعًا للكلمات الغريبة بهيئتها على هامش الكتاب موازيًا لشرحها، وقرظ له عليه البرهان بن أبي شريف وعبد البر بن شحنة والرضى الغربي. وذكره ابن العماد وقال: أهدى هذا الشرح للسلطان بايزيد، فكافأه السلطان. وكذا ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٥٦٣، وكحالة في «معجم المؤلفين» جميعًا دون تسمية. وذكره سزكين ١/ ٢٤٠ بهذين الاسمين، وأنهما اسمان لكتاب واحد، وذكر له عدة نسخ في بعض المكتبات، وكذا ذكره الزركلي في «الأعلام» بالاسم الثاني. ١١١ - «بداية القاري في ختم صحيح البخاري»: مؤلفه: محمد بن سالم بن علي، الشيخ الإمام العلامة، شيخ الإسلام، بقية السلف الكرام، ناصر الدين الطبلاوي، الشافعي، توفي بمصر، عاشر جمادى الآخرة سنة لست وستين وتسعمائة (١). ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ١٦٨، وفي «هدية العارفين». --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الكواكب السائرة» ص (٢١٨)، و«شذرات الذهب» ٨/ ٣٤٨، و«هدية العارفين» ٢/ ٢٤٧، و«الأعلام» ٦/ ١٣٤، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣١٠ (١٣٣٩٤). والزركلي وقال: نسخة خطية بخطه في دار الكتب المصرية (١: ٩٢). وكحالة في «المعجم» وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٢ وقال: سليم، بدل: سالم، وهو خطأ، وورخ وفاته سنة تسع وستين وتسعمائة، وهو خطأ، إنما هو سنة ست، وذكر له نسخة في جاريت (١٣٥٣)، والقاهرة أولى (١: ٢٧٥). وذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠: شرح الطبلاوي الباب الأخير منه بعنوان «بداية القاري» ووقع في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٩:«هداية القاري» لمحمد بن سليم بن علي الطبقلاوي، وهو خطأ؛ إنما هو الطبلاوي من غير قاف. ١١٢ - «فتح الباري شرح الجامع الصحيح للبخاري» أو «فيض الباري شرح الجامع الصحيح للبخاري»: مؤلفه: عبد الأول بن ميرعلائي الحُسَيني، الزيدبوري الهندى الحنفي، توفي بدهلي سنة ثمان وستين وتسعمائة (١). ذكره البغدادي في «هدية العارفين» بالاسم الأول. وذُكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩ بالاسم الثاني. والله أعلم. ١١٣ - «غاية التوضيح في شرح الجامع الصحيح»: مؤلفه: عثمان بن عيسى الحنفي، كذا ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ١٣٩، وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ٤٩٣. ٣/ ١٧٣ فقال: «غاية التوضيح» لعثمان بن إبراهيم الصديق الحنفي، في المائة العاشرة، المكتب الهندي أول (١٢٩ - ١٣٠)، أصفية (١: ٦٥ رقم ٢٢٠)، بانته (٢: ٤٤٥ رقم ٢٦٢١). وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٠ فقال: «غاية التوضيح» تأليف عثمان بن عيسى بن إبراهيم الصديقي الحنفي، المتوفى في نهاية القرن العاشر الهجري. وذكر نحو ما ذكره بروكلمان. وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧٠. ولم أظفر للصديقي هذا بترجمة، والله أعلم. ١١٤ - «بغية السامع والقاري بشرح صحيح البخاري»: مؤلفه: أبو يوسف، جمال الدين بن عمر بن حسن ليًا، لم أجد بَعْدَ بحثٍ مستقصٍ مَنْ تَرْجَمَهُ، وذكره سزكين في«تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤١ وقال: في القرن العاشر الهجري، يوجد مخطوطًا في دار الكتب بالقاهرة، حديث (٢٠٨٩) مجلدان بخط المؤلف، ومنه نسخة برقم (٢٢٩٤٧ ب) انظر فهرس المخطوطات ١/ ١٠٧، ولي الدين (٥٩٩) [٣٦٢٠٣ ورقة] في سنة ٩٧٣ هـ، (٦٠٠) الرابع (٣٤٠) ورقة في سنة (٩٧٤) اهـ. وذكر أيضًا في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط»١/ ٥٦٩. ١١٥ - «الأبحاث التي كالبحر الجاري على آخر حديث في البخاري»: مؤلفه: لعله تاج العارفين بن محمد بن علي، البكري، المصري، الشافعي، أبو الوفاء، توفي سنة ثمان، وقيل: سبع وألف (١). -------------------------- (١) انظر ترجمته في: «خلاصة الأثر» ١/ ٤٧٤، و«هدية العارفين» ١/ ٢٤٥، و«معجم المؤلفين» ١/ ٤٥٦ (٣٤٣٤). ![]()
__________________
|
|
#8
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 176 الى صـــ 200 الحلقة (8) ذكر هذا الكتاب في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨: شرح تاج العارفين آخر حديث فيه، وذكروا هذا الاسم، ولم أعرف أيَّ تاج العارفين يريدون، لذا قلت: (لعله) والله أعلم بالصواب. ١١٦ - «إفحام المجاري في إفهام البخاري»: مؤلفه: عبد القادر بن محمد بن يحيى بن مكرم بن محب الدين بن رضي الدين بن محب الدين بن شهاب الدين بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن فارس بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن موسى بن إبراهيم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، محيي الدين الحسيني المكي الشافعي، المعروف بالمحب الطبري، توفي سنة ثلاث وثلاثين وألف (١). ذكره المحبي في «خلاصة الأثر» ٢/ ٤٥٩ وقال: له رسائل علمية منها: قطعة على أوائل «صحيح البخاري». وكذا قال البغدادي في «هدية العارفين»، و«إيضاح المكنون» ١/ ١٠٨. ١١٧ - «شرح الأجهوري»: مؤلفه: علي بن زين العابدين محمد بن أبي محمد زين الدين عبد الرحمن بن علي، أبو الإرشاد، نور الدين الأجهوري، بضم الهمزة وسكون الجيم وضم الهاء، نسبة إلى أجهور الورد، قرية بريف مصر، المالكي، شيخ المالكية في عصره بالقاهرة وإمام الأئمة وعلم الإرشاد ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر» ٢/ ٤٥٧، و«هدية العارفين» ١/ ٦٠٠، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٩٧ (٧٥٩٥). وبركة الزمان، كان محدثًا فقيهًا، توفي سنة ست وستين وألف (١). وشرحه هذا لمختصر البخاري لابن أبي جمرة، ذكره المحبي في «خلاصة الأثر» فقال: وألف مجلدًا في الأحاديث التي اختصرها ابن أبي جمرة من البخاري. وذكره أيضًا محمد مخلوف في «شجرة النور الزكية»، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٦ وذكر للكتاب عدة نسخ في بعض المكتبات. وذكره الزركلي في «الأعلام» وقال: رأيت نسخة منه في الرباط (٤٤٨ جلاوي). ١١٨ - «الخير الجاري شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: محمد يعقوب الدهلوي. ذَكَرَ الدهلويَّ هذا عَبْدُ الحيَّ الكتانيُّ في «فهرس الفهارس» ١/ ٢٠٥ ضمن ترجمة أخرى، وكذا في ١/ ٣٦٢. وهذا الشرح ذكر في كتاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩. وذكره بهذا الاسم بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٤، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤١ ونسباه لمحمد يعقوب البنباني، بدل: الدهلوي، وذكرا أنه في القرن الحادي عشر الهجري، وأن له نسخًا في بنكيبور، ورامبور. وذكره أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩ ونسبوه أيضًا لمحمد يعقوب البنباني! --------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر» ٣/ ١٥٧، و«شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (١١٧٤)، و«الأعلام» ٥/ ١٣، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٥١٠ (١٠٠٠٧). وذكره محمد زكريا الكاندهلوي في «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٨ بهذا الاسم ونسبه ليعقوب اللاهوري، وذكر أنه في ثلاثة مجلدات. ومحمد يعقوب هذا أو ذاك لم أجد له ترجمة، وذكرتهما معًا للاشتراك في اسم الكتاب، وفي الاسم وهو محمد يعقوب، واختلفا فقط في النسبة، ويبدو -والله أعلم- أنهما واحد. ١١٩ - «الضياء الساري على صحيح البخاري»: مؤلفه: الإمام المحدث، عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى، البصري الأصل، المكي، جمال الدين، توفي بمكة سنة أربع وثلاثين ومائة وألف (١). ذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٧٥، وفي «هدية العارفين» ١/ ٤٨٠ وقال: في ثلاثة مجلدات. وصديق بن حسن القنوجي في «أبجد العلوم» ٣/ ١٧٧ فقال: له شرح عز أن يلقى في الشروح له مثال، لكن ضاق به الوقت عن الإكمال، سماه «ضياء الساري»، وهذا الاسم موافق لعام الشروع في تأليفه وأشار إليه أيضًا في ٣/ ٢٣٩. وقال في كتابه «الحطة في ذكر الصحاح الستة» وذكره قال: السيد آزاد في «تسلية الفؤاد»: وله شرح على «صحيح البخاري» سار في الأنفس والآفاق سير الروح، ولعمري لقد عز أن يلقى مثله في سائر الشروح، لكن ضاق الوقت عن إكماله وضن الزمان الشحيح بإفاضة -------------------------- (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ٤٨٠، و«فهرس الفهارس» ١/ ١٩٣ - ١٩٩، و«الأعلام» ٤/ ٨٨، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٢٤٣ (٧٩٤٥). نواله، والنسخة التي نسخها الشيخ بيده الشريفة، وهي أصل الأصول للنسخ الشائعة في الآفاق، رأيتها عند مولانا محمد أسعد الحنفي المكي من تلامذة الشيخ تاج الدين المكي ببلدة آركات. أخذ الشيخ عن ولد المصنف، فقلت للشيخ محمد أسعد: هذِه النسخة المباركة حقها أن تكون في الحرمين المكرمين، فقال الشيخ: هذا الكلام حق، ولكن ما فارقتها لفرط محبتي إياها، ثم أرسل الشيخ كتبه من آركات إلى أورنق آباد احتياطًا لما رأى من هيجان الفتنة بتلك البلاد، فوصلت النسخة إلى أورنق آباد، وهي موجودة بها الآن حفظها الله تعالى. اهـ ص (١٩٧). وذكره أيضًا عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» وقال: قال الشمس ابن عقيلة عن شيخه البصري: شرح البخاري وذكر فيه عيون ما في «فتح الباري» والكرماني وغيرهما، فهو أبسط من القسطلاني و«فتح الباري»، ووصل إلى الثلث ونحوه. ثم قال: وفي «النفس اليماني» [٦٨] للوجيه الأهدل عن الجمال البصري: أن عبد الله بن سالم البصري قرأ «صحيح البخاري» في جوف الكعبة المشرفة مرارًا، وأن شرحه على الصحيح عز أن يلقى له مثال، قال: وهذا الاسم كاد أن يكون من قبيل المعمى؛ فإنه موافق لعام الشروع في تأليفه. قال: ومن مناقبه تصحيحه للكتب الستة، ومن أعظمها «صحيح البخاري» الذي وجد فيه ما في اليونينية وزيادة، أخذ في تصحيحه وكتابته نحوًا من عشرين سنة. اهـ من «الفهرس». وذكره الزركلي في «الأعلام»، وكحالة، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ٢٤١/ ١. وذكره أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨ وذكروا شرحًا آخر لسالم بن عبد الله ترجمته في «معجم المؤلفين» ١/ ٧٤٩ (٥٥٧٢) توفي سنة ستين ومائة وألف. والله أعلم. ١٢٠ - «الفيض الجاري شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني، العجلوني، الجراحي، أبو الفداء، الشافعي، المؤرخ، صاحب الكتاب المشهور «كشف الخفا» توفي سنة اثنتين وستين ومائة وألف (١). وهذا الشرح ذكره المرادي في «سلك الدرر» فقال: ومن مؤلفات العجلوني الباهرة، وهو أجلها شرحه على البخاري، وقد كتبتُ من مسوداته مائتين واثنتين وتسعين كراسة، وصل فيها إلى قول البخاري: باب: مرجع النبي - ﷺ - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، من المغازي، ولو كمل هذا الشرح لكان من نتائج الدهر. قلت: أي وصل إلى حديث (٤١١٧ - ٤١٢٤) من الكتاب والباب المذكورين. وذكره البغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٢١٣، وفي «هدية العارفين» ١/ ٢٢١، وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» فقال: له شرح على «الصحيح» قال عنه تلميذه الشهاب أحمد العطاء: شرحه شرحًا يرحل إليه، جعله خلاصة الشروح السابقة، وأطال فيه من الفوائد والنكات والأحكام، سماه «الفيض الجاري»، وصل فيه إلى كتاب التفسير، واخترمته المنية قبل كماله. ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «سلك الدرر» ٢٥٩/ ١، و«فهرس الفهارس» ١/ ٩٨، و«الأعلام» ١/ ٣٢٥، و«معجم المؤلفين» ١/ ٣٧٨ (٢٨١٧). قلت: كتاب التفسير يبدأ بحديث رقم (٤٤٧٤)، ولا تعارض بين هذا القول وما قاله المرادي آنفًا، فيحمل قول المرادي على ما كتبه هو من هذا الشرح، وأنه فاته من الباب المذكور إلى هذا الموضع من كتاب التفسير، والذي يزيد على ثلاثمائة حديث. والله أعلم. وذكر هذا الشرح أيضًا الزركلي في «الأعلام» وقال: ثمانية مجلدات منه بخطه، في مكتبة زهير الشاويش ببيروت، كتبها سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف، ولم يتمه. قلت: وهذِه فائدة عزيزة، وذكره أيضًا كحالة. وذكره بروكلمان ٣/ ١٧٤، وسزكين ١/ ٢٤٢ وذكروا له نسخًا في بعض المكتبات. وذكروا أيضًا أن له كتاب «الفوائد الدراري بترجمة الإمام البخاري». ١٢١ - «نجاح القاري في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: عبد الله بن محمد بن يوسف بن عبد المنان الحلمي، الإسلامبولي الحنفي، الرومي، أبو محمد، المعروف بعبد الله حلمي، ويوسف زاده، ويوسف أفندي، والأماسي، الفاضل المحدث المفسر رئيس القراء، توفي في ذي الحجة سنة سبع وستين ومائة وألف، ودفن عند والده خارج طوب قبو (١). ذكره المرادي في «السلك»، والبغدادي في «إيضاح المكنون» ٢/ ٦٢٦ وقال: أوله: إن أبهى ما يتوشح به صدور الكتب حمد من رفع ذكر العلماء .. إلخ. ------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «سلك الدرر» ٣/ ٨٧، و«هدية العارفين» ١/ ٤٨٢، و«الأعلام» ٤/ ١٢٩، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٢٩٤ (٨٣٦٦). وذكره أيضًا في «هدية العارفين». والزركلي في «الأعلام» وقالا: عشرون مجلدًا، زاد الزركلي: منه جزء في طوب قبو. وكحالة في «المعجم» وقال: في ثلاثين مجلدًا. قلت: لعل له عدة مخطوطات. وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٢ وذكر له نسخًا عدة في مكتبات عدة. وكذا ذكره أصحاب «القوس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. ١٢٢ - «إضاءة الدراري في شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: أحمد بن علي بن عمر بن صالح بن أحمد بن سليمان بن إدريس بن إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم، الحنفي، الطرابلسي الأصل، المنيني المولد، الدمشقي المنشأ، أبو النجاح، شهاب الدين، توفي في يوم السبت، تاسع عشر جمادى الثانية، سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف (١). ذكره المرادي في «السلك» ١/ ١٣٥ وقال: وصل فيه إلى كتاب الصلاة، ولم يكمله. والبغدادي في «إيضاح المكنون» ١/ ٩٤، وفي «هدية العارفين»، وعبد الحي الكتاني في «الفهرس» ٢/ ٨٢٨ إشارة، وقال في ٢/ ٩٧٦: له شرح على «الصحيح» وصل فيه إلى كتاب الصلاة، سماه «إضاءة الدراري في شرح صحيح البخاري»، وقفت عليه بدمشق. وذكره أيضًا كحالة في «معجم المؤلفين». ------------------------------------ (١) انظر ترجمته في: «سلك الدرر» ١/ ١٣٣، و«هدية العارفين» ١/ ١٧٥، و«فهرس الفهارس» ٢/ ٩٧٦، و«الأعلام» ١/ ١٨١، و«معجم المؤلفين» ١/ ٢٠٧ (١٥٣١). ١٢٣ - «شرح الدهلوي»: مؤلفه: أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي، الهندي، الحنفي، أبو عبد العزيز، الملقب شاه ولي الله، توفي بدهلي سنة ست وسبعين- وقيل: ثمانين ومائة وألف (١). وهو شرح مطبوع، وهو لتراجم أبواب البخاري، كذا قال الزركلي في «الأعلام». وذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٤ مع خطأ في اسم الدهلوي. وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩. ١٢٤ - «ضوء الدراري شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: غلام علي آزاد بن السيد نوح الحسيني، الواسطي حسبًا، البلكرامي الهندي، مولده في بلكرام، حنفي المذهب، كان من الفضلاء، توفي في أورنك آباد، سنة أربع وتسعين ومائة وألف، ولقبه حسان الهند (٢). ذكره صديق حسن القنوجي في «أبجد العلوم» ٣/ ٢٥١، وورخ وفاته سنة أربع وتسعين كما ذكرنا، وذكره أيضًا في «الحطة في ذكر الصحاح الستة» ص ١٩٦ - ١٩٧ وأطال قائلًا: أوله: الحمد لمن تواترت آلاؤه وتسلسلت نعماؤه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ما أعلى شأنه وما أحسن بيانه، وعلى آله المتكئين على سرر مرفوعة، -------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ١/ ١٧٧، و«فهرس الفهارس» ١/ ١٧٨، و«الأعلام» ١/ ١٤٩. (٢) انظر ترجمته في: «أبجد العلوم» ٣/ ٢٥٠، و«هدية العارفين» ١/ ٧٧٠، و«الأعلام» ٥/ ١٢١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٦٠٤ (١٠٦٨٣). وأصحابه المتجرعين من أكواب موضوعة، وفيه يقول: إني لما وصلت إلى المدينة المؤسسة في أوائل سنة إحدى وخمسين ومائة وألف من الهجرة المقدسة، واتفق بعونه تعالى قراءتي «صحيح البخاري» ومطالعة شرحه المسمى «بإرشاد الساري» للقسطلاني، هممت أن ألتقط منه ما يتعلق بمتن الحديث من حل المباني وتحقيق المعاني مقتصرًا عليه عن أسماء الرجال، وما بعثني على أخذ القليل إلا حمل السفر الثقيل في السفر الطويل؛ فإن هي إلا عدة معان، وما تلك إلا عدة عجلان، وسميته «ضوء الدراري شرح صحيح البخاري» نستعين بالمولى الكريم ونهتدي به إلى الصراط المستقيم، وقال في آخره: هذا آخر كتاب الزكاة، ولما بلغت هذا المكان سكن القلم عن الجريان، وقد تكاثرت العوائق عن الكتابة، لكنها ما كفتني عن القراءة، فالحمد لله على نعمه الوافرة، وله الحمد في الأولى والآخرة. انتهى. ومن خطه رحمه الله تعالى نقلت. اهـ بتصرف. وذكره كذلك البغدادي في «هدية العارفين»، والزركلي في «الأعلام». ١٢٥ - «النور الساري على متن مختصر البخاري»: مؤلفه: أحمد بن أحمد بن محمد السجاعي البدراوي الأزهري، فقيه شافعي مصري، نسبة إلى السجاعية من غربية مصر، توفي سنة سبع وتسعين ومائة وألف (١). وشرحه هذا ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ١٨٠، وكحالة في «معجم المؤلفين»، وسزكين ٣/ ٢٤٦ وذكر له بعض النسخ. ------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ١/ ٩٣، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٧ (٧٣٤). ١٢٦ - «مواهب رب البرية بالأملاء الشيخونية»: مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، أبو الفيض الزبيدي، اليمني، ثم المصري، الحنفي، الفقيه اللغوي- الصوفي، الشهير بالمرتضى، صاحب كتاب «تاج العروس» توفي سنة خمس ومائتين وألف (١). ذكره البغدادي في «هدية العارفين» لكنه لم يشر أن هذا الكتاب شرح لصحيح البخاري، وإنما ذكره ضمن شروح البخاري أصحابُ «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١، والله أعلم. ١٢٧ - «حاشية القسطلاني»: مؤلفه: عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر، الكوكباني، أستاذ الشوكاني، توفي سنة سبع ومائتين وألف (٢). ذكره صديق حسن القنوجي في «أبجد العلوم» فقال: له من المؤلفات ما يزيد على أربعين مؤلفًا، منها حاشية القسطلاني في مجلدين. وعن القنوجي نَقَلَ البغداديُّ في «هدية العارفين» ١/ ٥٩٩ وقال: «حاشية على شرح البخاري». ١٢٨ - «زاد المجد الساري لمطالع البخاري»: مؤلفه: العلامة المحدث الصالح المعمر، إمام فقهاء المغرب، --------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «هدية العارفين» ٢/ ٣٤٧، و«فهرس الفهارس» ١/ ٥٢٦ (٣٠٠)، و«الأعلام» ٧/ ٧٠، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٨١ (١٥٨٠١). (٢) انظر ترجمته في: «أبجد العلوم» ٣/ ١٨٣، و«الأعلام» ٤/ ٣٧، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٨٤ (٧٤٩١). أبو عبد الله محمد التاودي بن الطالب بن علي بن قاسم بن محمد بن علي بن قاسم بن أبي محمد، القاسم بن محمد بن أبي القاسم ابن سودة المري الفاسي، توفي بفاس سنة تسع وقيل: سبع ومائتين وألف (١). وهو مطبوع، وذكره مخلوف في «شجرة النور» وذكر أنها حاشية، وعبد الحي الكتاني في «الفهرس» فقال:«زاد المجد الساري» في نحو أربعة مجلدات، وحاشيته هذِه طبعت بفاس. ونقل عنه في موضع آخر ٢/ ١١٣٣. والزركلي في «الأعلام»، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧٣، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٣ وقال: «زاد المجد الساري». وذكر له نسخًا مخطوطة، ثم قال: وبعنوان آخر هو «الحاشية على صحيح البخاري» الذي طبع في فاس في أربعة مجلدات ١٣٢٧ - ١٣٣٠ هـ. أما بالاسم المذكور أول الترجمة، ذكر في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨. ١٢٩ - «نظم اللآلي في شرح ثلاثيات البخاري»: مؤلفه: عبد الباسط بن رستم علي بن علي، أصغر القنوجي، من علماء الهند، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف (٢). ذكره في «أبجد العلوم» ٣/ ١٦١، و«إيضاح المكنون» ٢/ ٦٦٠، و«هدية العارفين»، و«معجم المؤلفين». ------------------------------------ (١) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية» (١٤٨٦)، وفهرس الفهارس ١/ ٢٥٦ (٩٨)، و«الأعلام» ٦/ ٦٢، ١٧٠، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٣٦٣ (١٣٧٥٩). (٢) انظر ترجمته في: «أبجد العلوم» ٣/ ١٦١، و«هدية العارفين» ١/ ٤٩٤، و«الأعلام» ٣/ ٢٧١، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤١ (٦٤٩٥). ١٣٠ - «حاشية على مختصر البخاري لابن أبي جمرة»: مؤلفه: محمد بن علي بن منصور الشنواني الشافعي، المصري، ولي مشيخة الجامع الأزهر، نسبته إلى شنوان الغرف من قرى المنوفية، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف (١). ذكر هذِه الحاشيةَ الزركليُّ في «الأعلام»، وكحالةُ في «معجم المؤلفين»، وسزكين ١/ ٢٤٦، وبروكلمان ٣/ ١٧٥ وذكرا له نسخًا. وقال إدوارد فنديك في «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» ص ١٢٦: طبعت هذِه الحاشية في القاهرة سنة أربع وثلاثمائة وألف، في ثمان عشرة ومائتي صفحة، والمختصر هذا مع الحاشية هذِه مرغوبان عند طلبة علم الحديث. ١٣١ - «التعليق الفخري»: مؤلفه: محمد عباس علي خان. وقد طبع هذا التعليق في الهند سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف. وينظر: «تاريخ الأدب العربي» ١/ ١٧٥. ١٣٢ - «روح التوشيح على الصحيح»: مؤلفه: علي بن سليمان الدمنتي -أو الدمناتي- البوجمعوي المغربي المالكي، أبو الحسن، فقيه مؤرخ محدث مفسر شاعر، ولد بدمنات، وتوفي بمراكش في الثامن والعشرين من ربيع الثاني سنة أربع وثلاثين ومائتين وألف (٢). ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ٦/ ٢٩٧، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٥٤٨ (١٤٩٣٤). (٢) انظر ترجمته في: «معجم المؤلفين» ٢/ ٤٤٧ (٩٥٣٢). وشرحه هذا مطبوع، ذكر إدوارد فنديك في «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» ص (١٢٩) أنه شرح لغوي، طبع في القاهرة سنة ١٢٩٨ م. وأفاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٣٨ أن هذا الشرح مختصر لشرح السيوطي المسمى بـ «التوشيح» -المتقدم ذكره- ومن قبله بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» ٣/ ١٧١. ١٣٣ - «شرح البناني»: مؤلفه: محمد بن محمد بن محمد بن العربي بن عبد السلام بن حمدون بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بوسته ابن عبد الله بن أبي القاسم البناني، المغربي، القلعي أصلًا، المكي دارًا، ومفتي المالكية بمكة المكرمة، توفي في ربيع الثاني سنة خمس وأربعين ومائتين وألف (١). ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، والزركلي، وكحالة. ١٣٤ - «شرح أول ترجمة من صحيح البخاري»: مؤلفه: عبد القادر بن أحمد بن أبي جيدة الكوهن، الفاسي، العلامة المحدث، الصوفي، أبو محمد، توفي بالمدينة المنورة، سنة أربع وخمسين ومائتين وألف. وورخ كحالة وفاته سنة ثلاث وخمسين (٢). ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، وكحالة في «معجم المؤلفين» وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «فهرس الفهارس» ١/ ٢٢٩ (٨٠)، و«الأعلام» ٧/ ٧٢، و«معجم المؤلفين» ٣/ ٦٨٣ (١٥٨٠٩). (٢) انظر ترجمته في: «شجرة النور الزكية» (١٥٨٢)، و«فهرس الفهارس» ١/ ٤٩٠٢ (٢٨٢)، و«الأعلام» ٤/ ٣٧، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٨٣ (٧٤٨٨). ١٣٥ - «المسك الداري شرح آخر ترجمة للبخاري»: مؤلفه: هو الكوهن المتقدم. ذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٦٠٤، والزركلي في «الأعلام» كلاهما بهذا الاسم، وأفاد أن له نسخة مخطوطة في دار الكتب. وعبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»، وكحالة في «معجم المؤلفين». وذكره أيضًا أصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١ بهذا الاسم. ١٣٦ - «شرح السوسي»: مؤلفه: عبد الرحمن -وقيل: عبد الرحيم- بن إبراهيم بن عبد الله، التغرغرتي -وقيل: التغارغرتي- السوسي، المالكي، توفي سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف (١). ذكره عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس» فقال: له شرح على البخاري في أربعة مجلدات كامل. وذكر أيضًا في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٩ وأشاروا أنه شرح جزءًا منه فقط، وكلام الكتاني يرده، والله أعلم. ١٣٧ - «كشف الالتباس عما أورده الإمام البخاري على بعض الناس»: مؤلفه: عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم بن سليمان الغنيمي، الدمشقي، الحنفي، المشهور بالميدانى، توفي بدمشق سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف (٢). ------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «فهرس الفهارس» ٢/ ٧٤٢ (٣٩٩)، و«الأعلام» ٣/ ٢٩٣. (٢) انظر ترجمته في: «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر» ١/ ٣٨٢، و«هدية العارفين» ١/ ٥٩٤، و«الأعلام» ٤/ ٣٣، و«معجم المؤلفين» ٢/ ١٧٩ (٧٤٥١). ذكره الزركلي في «الأعلام» وذكر أنه مخطوط، وكحالة في المعجم، وأصحاب «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٧١. وذكره عبد الرزاق البيطار في «حلية البشر» باسم: «كشف الالتباس في قول البخاري: قال بعض الناس». ١٣٨ - «سلم القاري لشرح صحيح البخاري»: مؤلفه: محمد بن أحمد بن عبد الباري، الأهدل، الحسيني، التهامي، الشافعي، توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف (١). ذكر هذا الشرحَّ كحالةُ في «معجم المؤلفين» فقال: له حاشية على «الجامع الصحيح» للبخاري، سماها «سلم القارئ»، وذكره أيضًا الزركلي في «الأعلام». ١٣٩ - «النور الساري من فيض صحيح البخاري»: مؤلفه: حسن العدوي الحمزاوي، المالكي، من قرية عِدْوة بمصر، تعلم ودرس بالأزهر، وهو راوٍ علامة خادم السنة، اشتهر بحفظ السنة وسير الصالحين، توفي في رمضان سنة ثلاث وثلاثمائة وألف بالقاهرة (٢). كتابه هذا مطبوع، ذكره الزركلي في «الأعلام» وقال: في خمسة مجلدات. وأدورد فنديك في «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» ص ١٢٦ في كلامه على «جامع البخاري» وطبعاته، فقال: طبع في القاهرة سنة تسع وسبعين ومائتين وألف، في عشرة أجزاء، وعلى هوامشها «النور ---------------------------------- (١) انظر ترجمته في:»الأعلام«٦/ ١٩، و»معجم المؤلفين«٣/ ٧١ (١١٧٨٣). (٢) انظر ترجمته في:»الأعلام«٢/ ١٩٩، و»شجرة النور الزكية في طبقات المالكية«(١٦٣١)، و»معجم المؤلفين" ١/ ٥٦٣ (٤٢٢١). الساري» وهو شرح للشيخ حسن العدوي. وكذا قال سركيس في «معجم المطبوعات» ١/ ٥٣٦ و٢/ ١٣١٣. وذكره البغدادي في «هدية العارفين» ١/ ٣٠٣، ومخلوف في «شجرة النور»، وكحالة في «معجم المؤلفين» وذكره بروكلمان ٣/ ١٧٦، وسزكين ١/ ٢٤٣. ١٤٠ - «عون الباري لحل أدلة البخاري»: مؤلفه: علي بن حسن بن علي بن لطف الله، الحسيني البخاري، القنوجي، ولما ترجم لنفسه في «أبجد العلوم» قال: صديق بن حسن بن علي. ولما ترجمه الزركلي في «الأعلام» قال: محمد صديق خان بن حسن بن علي. وذكره كحالة في «المعجم» كما ذكرناه أولًا. وهو علامة محدث، اشتهر بصديق حسن خان أبو الطيب، توفي في رجب من سنة سبع وثلاثمائة وألف (١). وهذا الشرح مطبوع في خمسة مجلدات ضخام، نشر: دار الرشيد، حلب سوريا. والكتاب عبارة عن شرح لمختصر البخاري، تأليف العلامة أحمد بن أحمد بن زين الدين عبد اللطيف بن أبي بكر، الشرجي الزبيدي، اليماني، الحنفي، أبو العباس زين الدين، محدث الديار اليمانية، المتوفى بزبيد سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة (٢). ---------------- (١) انظر ترجمته في: كتابه «أبجد العلوم» ٣/ ٢٧١، و«الأعلام» ٦/ ١٦٧، و«معجم المؤلفين» ٢/ ٤٢٥ (٩٣٦٨). (٢) انظر ترجمته في: «الضوء اللامع» ١/ ١٣٦، و«فهرس الفهارس» ٢/ ١٠٦٦ (٥٩٧)، و«الأعلام» ١/ ٩١، و«معجم المؤلفين» ١/ ٩٦ (٧٢٠). وهو المسمى «التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح» قال عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»: جرد فيه أحاديث «الصحيح» من غير تكرار، وجعلها محذوفة الأسانيد، ولم يذكر من الأحاديث إلا ما كان مسندًا متصلًا، وتحافظ على الألفاظ النبوية ما أمكنه، وقد أشتهر، وشرحه جماعة. قلت: منهم العلامة صديق حسن القنوجي في كتابه «عون الباري». وهذا المختصر قد اشتهر بـ «مختصر الزبيدي». ١٤١ - «نعمة الباري شرح صحيح البخاري»: مؤلفه: عبد الله بن درويش، الركابي السكري، الدمشقي، الحنفي، توفي في الثالث عشر من شوال، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف (١). ذكره الزركلي في «الأعلام»، وكحالة في «معجم المؤلفين». ١٤٢ - «فيض الباري على صحيح البخاري»: مؤلفه: محمد أنورشاه الهندي الكشميري، فاضل، توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف (٢). وهو شرح مطبوع، قال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في مقدمة كتابه «لامع الدراري» كما في مقدمة «عمدة القاري» ١/ ٢٩: «فيض الباري» شرح المحدث الكبير أنورشاه، جمعها تلميذه الرشيد مولانا السيد بدر المهاجر المدني، طبع بمصر في ثلاثة مجلدات كبار. وذكره سزكين في «تاريخ التراث العربي» ١/ ٢٤٣ وقال: طبع بالقاهرة سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة وألف، ميلادية. ----------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «الأعلام» ٤/ ٨٥، و«معجم المؤلفين» ٢٤١ (٧٩٢٧). (٢) انظر ترجمته في: «معجم المؤلفين» ٣/ ١٤٩ (١٢٢٩٧). ١٤٣ - «تذكرة الأحباب»: مؤلفه: الفقيه محمود حسن التونكي، له معرفة بالرجال، ولد في بلدة تونك عاصمة إحدى الإمارات الإسلامية في الهند، ونشأ بها، وأخذ عن علمائها، وبها توفي سنة ست وستين وثلاثمائة وألف (١). ذُكر هذا الشرح في «الفهرس الشامل للتراث المخطوط» ١/ ٥٦٨. هذا ما تيسر ذكره في هذِه المقدمة فيما يتعلق بالكتب الخادمة للصحيح، وهناك كثير من الشروح الأخرى والمصنفات التي لها صلة بصحيح البخاري نعد ببيانها في مؤلف مستقل قريبا إن شاء الله. ----------------------------------------- (١) انظر ترجمته في: «معجم المؤلفين» ٣/ ٨٠٢ (١٦٥٦٠). ترجمة ابن الملقن * التعريف بالمصنف: هو عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، سراج الدين أبو حفص، الأنصاري، الأندلسي الأصل. الوادي آشي ثم التكروري، المصري، الشافعي، ابن النحوي، المعروف بـ «ابن الملقن». * أما كنيته: ذكرت المصادر كلها أنه أبو حفص إلا أن ابن فهد (١) ذكر أن كنيته: أبو علي، ولعل ابن فهد ذكر ذلك باعتبار اسم ابنه علي، إلا أن المشهور الأول. والأنصاري: نسبة إلى أنصار المدينة، بني الأوس والخزرج، ذلك أنه لما تم الفتح الإسلامي لغرناطة، نزلت بها بعض القبائل العربية، فكان منهم جماعة من الأنصار. (٢) أما الوادي آشي (٣): نسبةً إلى مدينة «وادي آش» ------------------------------------ (١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧). (٢) يقول الأستاذ/ جمال السيد: فالرجل -أي ابن الملقن- فيما يبدو- عربي تنحدر أصوله من الأنصار، - رضي الله عنهم -. اهـ. وانظر: «اللمحة البدرية في الدولة النصرية» (ص ١٦). (٣) قال يا قوت الحموي (١/ ٢٣٤ رقم ٦٧٨): أش: بالفتح، والشين مخففة، وربما مدت همزته: مدينة الأشات بالأندلس من كورة البيرة وتعرف بوادي أش، والغالب على شجرها الشاهبلُّوط، وتنحدر إليها أنهار من جبال الثلج، بينها وبين = التكروري (١) ينسب إلى التكرور؛ لأن أباه رحل من الأندلس إلى بلاد التكرور، ومكث فيها مدة، فأقرأ أهلها القرآن، وحصل له من أهلها مال كثير، وأُنعم عليه بدنيا طائلة. المصري (٢): نسبة إلى مصر، حيث إن أباه ارتحل من التكرور إلى مصر، ونزل «بالقاهرة»، وهناك تأهل، وولد له ابنه «عمر» صاحب هذِه الترجمة. الشافعي (٣): نسبة إلى المذهب الشافعي، وله مؤلفات عديدة في فقه المذهب ورجاله. أما ابن النحوي: فلكون أبيه كان عالمًا بالنحو (٤). أما شهرته: ابن الملقن (٥): عرف الشيخ بـ «ابن الملقن»، وذلك لأن أباه -قبل وفاته- أوصى به إلى صديقه الشيخ عيسى المغربي، وكان يلقن القرآن بجامع ابن طولون -فتزوّج بأم المصنف، فصار ينسب إليه، وبه عرف، والظاهر أن المصنف كان يكره هذِه الكنية. ------------------------------------------- = غرناطة أربعون ميلًا، وهي بين غرناطة وبجانة. اهـ. قلتُ: واشتهر منها محمد بن جابر الوادي آشي صاحب «البرنامج». (١) نسبة إلى تكرور، قال عنها ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (٢/ ٤٤): بلاد تنسب إلى قبيلة من السودان في أقصى جنوب المغرب، وأهلها أشبه الناس بالزنوج. اهـ انظر: «إنباء الغمر» (٢/ ٢١٦)، و«لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧). (٢) وانظر: «إنباء الغمر»: (٢/ ٢١٦). (٣) انظر: «طبقات الشافعية». (٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). (٥) قال السخاوي في «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠): وكان -فيما بلغني- يغضب منها بحيث لم يكتبها بخطه، إنما كان يكتب غالبًا: ابن النحوي، وبها اشتهر في بلاد اليمن. اهـ. * مولده: قال السخاوي (١): ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين في ثاني عشريه كما قرأته بخطه، وقيل: في يوم السبت رابع عشريه -والأول أصح- بالقاهرة. * أسرته: نشأ ابن الملقن في بيت علم مما هيأ له طلب العلم مبكرا. * والده: أما والده أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الأنصاري الوادي آشي فقد كان عالمًا بالنحو. قال ابن العماد (٢): قال في «المنهل»: رحل أبوه نور الدين من الأندلس إلى بلاد الترك، وأقرأ أهلها هناك القرآن الكريم، فنال منهم مالًا جزيلًا، فقدم به إلى القاهرة واستوطنها، فولد له بها سراج الدين هذا في يوم السبت رابع عشري ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة. قال ابن حجر (٣): كان أبوه أبو الحسن عالمًا بالنحو، أخذ عنه الشيخ جمال الدين الإسنائي وغيره، فلهذا كان شيخنا يكتب بخطه: عمر بن أبي الحسن النحويِّ، وبهذا اشتهر في بلاد اليمن لكثرة ما رواها بخطه في تصانيفه. اهـ. ------------------------------------- (١) «الضوء اللامع» (١/ ١٠٠). (٢) «شذرات الذهب» (٧/ ٤٤). (٣) «المجمع المؤسس» (٢/ ٣١١). ذكر المقريزي في «السلوك» (٣/ ١/ ٧٩) في ترجمة ابن المعزى أنه أخذ النحو بالقاهرة عن أبي الحسن، والد الشيخ سراج الدين بن الملقن. وذكره السيوطي في «بغية الوعاة» (١). وقد أخذ عنه النحو عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي (ت ٧٧٢ هـ) (٢) ومحمد بن علي ابن يوسف الأسنوي كمال الدين ت ٧٨٤ هـ (٣) وأحمد بن لؤلؤ الرومي شهاب الدين بن النقيب (ت ٧٦٩ هـ) (٤) وصلاح الدين عبد الله بن محمد بن كثير التاجر النحوي (ت ٧٦٣ هـ) (٥) وغيرهم. * أبناؤه: خلف ابن الملقن ابنا وحيدًا هو علي ويلقب بنور الدين، ترجم له السخاوي (٦)؛ فقال: ولد في سابع شوال سنة ثمان وستين وسبعمائة، ونشأ في كنف أبيه، فحفظ القرآن وكتبًا، وعرض على جماعة، وأجاز له جماعة، بل رحل مع أبيه إلى دمشق وحماة، وأسمعه هناك علي بن أميلة وغيره من أصحاب الفخر وغيره، وكذا سمع بالقاهرة على العز أبي اليمن بن الكويك، وتفقه قليلًا بأبيه وغيره، ودرس في جهات أبيه بعد موته، وناب في القضاء بالقاهرة والشرقية وغيرها، وتمول بآخره، وكثرت معاملاته، وكان ساكنًا حييًّا، زاحم الكبار … ومات- فيما أرخه به العيني- في أوائل رمضان سنة سبع بمدينة بلبيس، وحمل إلى القاهرة فدفن بها -يعني في تربة سعيد السعداء عند أبيه- قال: ولم يكن مثل أبيه ولا قريبًا منه. وأرخه غيره في يوم ------------------------------------- (١) «بغية الوعاة» (٢/ ١٤٤). (٢) «الدرر الكامنة» (٢/ ٣٥٤). (٣) «الدرر الكامنة» (٤/ ٩٩). (٤) «الدرر الكامنة» (١/ ٢٣٩). (٥) «السلوك للمقريزي» (٣/ ١/ ٧٩). (٦) «الضوء اللامع» (٥/ ٢٦٧ - ٢٦٨). الاثنين سلخ شعبان منها وهو أشبه، ولكن أرخه المقريزي في «عقوده» بأول رمضان وقال: إنه كثر ماله وتزايدت حشمته، وكانت بيني وبينه صداقة، رحمه الله وإيانا. وقد رأيته أختصر «المبهمات» لابن بشكوال مع زيادات له فيها. وقال عنه المقريزي (١): برع في الفقه، ودرس بعد أبيه في عدة مواضع، وناب في الحكم عدة أعوام حتى فخم ذكره، وتعين لقضاء القضاة الشافعية، وكثر ماله. وذكر أيضًا أنه عين في إفتاء دار العدل مضافًا لمن كان بها في المحرم من سنة ٨٠٢ هـ (٢) وذكر السخاوي من تلاميذه عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الأنصاري (ت ٨٥٨ هـ) (٣). وترجم له ابن تغري بردي في «الدليل الشافي» (١/ ٤٦٥) ووصفه بالعلامة، ولا ريب أنه قد ترجم له في «المنهل». وقد ذكر له صاحب «الرسالة المستطرفة» (٤) من الكتب اختصاره للغوامض والمبهمات لابن بشكوال مع حذف أسانيده، ويقول المقريزي: إن له زيادات عليه. * أحفاد ابن الملقن: خلف علي ثلاثة من الولد هم الجلال عبد الرحمن وأختاه خديجة وصالحة. فأما عبد الرحمن فقد ولد بالقاهرة ودرس على عدد من المشايخ منهم الشمس السعودي الذي حفظ عليه القرآن، وحفظ «العمدة» ------------------------------------- (١) «السلوك» (٣/ ٣/ ١١٦٨). (٢) «السلوك» (٣/ ٣/ ٩٧٩). (٣) «الضوء اللامع» (٤/ ٢٢٨). (٤) «الرسالة المستطرفة» (ص ٩١). و«المنهاج» وغيرهما، وعرض على جده السراج ابن الملقن والزين العراقي والصدر المناوي والكمال الدميرى وآخرين وأجازوا له، وكذلك سمع على جده والتنوخي والعراقي وابن أبي المجد والهيثمي والحلاوي وغيرهم، وباشر في وظائف والده علي، وناب في القضاء. وكان إنسانًا حسنا ذا سكينة ووقار، وسمت حسن، وخط حسن، مع التواضع والديانة والفقه، والانجماع عن الناس وحسن السيرة، ومزيد العقل والتودد، وتقدمه في الشهرة، وعدم التبسط في معيشته، والدخول فيما لا يعنيه، والتصدق سرًّا ومداومته على حفظ «المنهاج» إلى آخر وقت، ومداومته على تدريس الحديث، وحج سنة (٨٠٩ هـ) وتوفي سنة (٨٧٠) صبيحة الجمعة ثامن شوال، وكانت جنازته حافلة رحمه الله (١). وقد تتلمذ عليه كثيرون ممن لا نطيل بذكرهم ذكرهم السخاوي أثناء كتابه (٢). خديجة: ولدت خديجة سنة (٧٨٨ هـ)، وأحضرت في سابع شهر يوم الثلاثاء سابع عشري صفر بقراءة أبيها على العز أبي اليمن الكويك الختم من «الموطأ» رواية يحيى بن يحيى عن مالك، وحدثت به غير مرة، سمعه منها الفضلاء، قال السخاوي: أخذته عنها، وكانت قد قرأت في صغرها بعض القرآن وتعلمت شيئًا قليلًا، وكانت تعلم النساء الخط وأحكام الحيض ونحوه، مع مداومة المطالعة والبراعة في استخلاص الخطوط المتنوعة، وكانت غاية في الخير ------------------------------------------------------ (١) «الضوء اللامع» (١٠/ ١٠١). (٢) انظر: «الضوء اللامع» (٣/ ٢٦٥، ٤/ ١٢٢، ٢٨٠، ٣١٠، ٦/ ٢٦٩، ٧/ ٣٥، ١٥١، ٢٥٤، ٩/ ٦٤، ١٦٢، ١٧٣، ٢٢٥، ١٠/ ٧٢، ١١/ ٩٣). والديانة والمحافظة على الصلوات والقيام، ولم تزل ممتعة بسمعها وبصرها وسائر حواسها حتى ماتت في شوال سنة (٨٧٣ هـ) رحمها الله (١). تزوجها أحمد بن عثمان بن محمد المناوي السلمي القاهري (٨٢٥ هـ) (٢). وذكر السخاوي أنها أجازت محمد بن إبراهيم بن علي أبا السعود عالم الحجاز (٣). صالحة: ولدت سنة (٧٩٥ هـ) وأحضرت في الثالثة في شوال سنة (٧٩٧) وبعدها على جدها، بل سمعت عليه المسلسل وغيره، وحدثت عنه، سمع منها الفضلاء، وحمل عنها السخاوي وقال: كانت كاسمها. وماتت في رمضان سنة (٨٧٦ هـ) رحمها الله (٤). تزوجها خليل بن أبي بكر الأندلسي القاهري الشافعي (٣٨٣ هـ)، وأنجبها ابنه محمدًا (٥). ويذكر السخاوي أنها أجازت محمد بن إبراهيم أبا السعود عالم الحجاز، ومحمد بن بركات بن حسن بن عجلان الحسيني مالك الحجاز (٦). ------------------------- (١) «الضوء اللامع» (١٢/ ٢٩). (٢) «الضوء اللامع» (١/ ٣٨٠). (٣) «الضوء اللامع» (٦/ ٢٦٩). (٤) «الضوء اللامع» (١٢/ ٧٠). (٥) «الضوء اللامع» (٣/ ١٩٤). (٦) «الضوء اللامع» (٧/ ١٥١). ![]()
__________________
|
|
#9
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 201 الى صـــ 225 الحلقة (9) * نشأته: مات والده وهو صغير وقبل وفاته أوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي يحدثنا عن ذلك ابن فهد (١) فيقول: مات أبوه عنه وهو ابن سنة، فأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي، وكان خيّرًا صالحًا يلقِّن القرآن العظيم بجامع ابن طولون، فتزوج بأمّه، وتربى في حجره فنُسب إليه، حتى صار يعرف بابن الملقن، وصار علمًا عليه إلى أن مات، فحصل له من جهته خير كثير. * اهتمام الشيخ عيسى المغربي بابن الملقن: بعد أن توفي والد ابن الملقن اهتم به وصيه الشيخ عيسى المغربي، فنشأ في كفالته، وكان رجلًا صالحًا يلقن الناس القرآن بجامع ابن طولون، فتزوج بأمه وعاش السراج في رعايته حتى صار بمنزلة ابنه، ولذا دعي بابن الملقن، ولقد كان الشيخ عيسى له نعم الوالد حقًّا بعد أبيه، فقد أحسن تربيته والقيام على تعليمه وتأديبه حتى بلغ هذِه المنزلة العظيمة في ميدان العلم. فقد ابتدأ الشيخ عيسى بتحفيظه القرآن فحفظه، ثم حفظ بعده «عمدة الأحكام»، وأراد أن يقرئه في مذهب مالك فأشار عليه ابن جماعة صديق والده بأن يقرئه في المذهب الشافعي فدرس «المنهاج» للنووي وحفظه، ثم أسمعه على الحافظين أبي الفتح بن سيد الناس والقطب الحلبي. ومن أجل تأمين حياة طيبة لابن الملقن، وكفايته مؤنة السعي على طلب الرزق (فإن وصيه أنشا له ربعًا (٢)، أنفق عليه قريبًا من ستين ألف -------------------------------------------- (١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧). (٢) الربع: الدار بعينها حيث كانت، والجمع رباع، وربوع، وأرباع، وأربع. والربع أيضًا: المحلة. «مختار الصحاح» (ص ٢٢٩). درهم، فكان يغل عليه جملة صالحة) (١) وكان (يكتفي بأجرته، ويوفر بقية ماله للكتب) (٢). * اهتمامه بالعلم منذ صغره: مرَّ بنا أن وصيه اتجه به نحو العلم منذ صغره حيث أسمعه الحديث على ابن سيد الناس، والقطب الحلبي، ثم سعى لتحصيل الإجازة له من علماء مصر والشام منهم الحافظ المزي (٣). قال ابن حجر (٤): عني في صغره بالتحصيل. وقال ابن فهد (٥): وطلب الحديث في صغره بنفسه، فأقبل عليه، وعني به لتوفر الدواعي وتفرغه. ويذكر السخاوي (٦) أنه لازم جلة شيوخ عصره كالشيخ علاء الدين مغلطاي والشيخ زين الدين الرحبي، حتى تخرج بهما، وقرأ البخاري على ثانيهما وقرأ «صحيح مسلم» على الزين ابن عبد الهادي. وقد اهتم ابن الملقن بفنون العلم الأخرى كالفقه والقراءات والعربية يظهر ذلك جليًا عند ذكر مشايخه، فمنهم من كان عالمًا بالفقه، ومنهم من كان عالمًا بالقراءات، ومنهم من كان عالمًا بالعربية. * رحلاته: رحل ابن الملقن -كما هي عادة المحدثين- طلبًا للعلم والتحصيل، وقد قام بعدة رحلات خارج مصر وهي: ------------------------------------------ (١) «لحظ الألحاظ» (ص ١٩٧، ١٩٨). (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). (٣) انظر «لحظ الألحاظ» لابن فهد (ص ١٩٧). (٤) «إنباء الغمر» (٢/ ٢١٧). (٥) «لحظ الألحاظ» ص ١٩٧. (٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠ - ١٠١). ١ - رحلته إلى القدس الشريف، والتي التقى فيها بالحافظ العلائي، وقرأ عليه، وأخذ عنه. وقد أشار إلى هذِه الرحلة في كتابه «البدر المنير» في أثناء ترجمته للإمام الرافعي، فقال -عند سياقه جملة من أحاديث الرافعي-: «ومن حديثه: ما أخبرنا بقية الحفاظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي، بالقدس الشريف، بقراءتي عليه، قال: ..» (١). وقال أيضًا في «البدر المنير» عند الكلام على حديث: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب»: وعزاه غير واحد إلى صحيح الإمام أبي بكر ابن خزيمة .. وهو كما قالوا فقد رأيته كذلك فيه بالقدس الشريف في رحلتي إليها. وقال أيضًا في «البدر» -عند الكلام على حديث أنه عليه الصلاة والسلام تيمم بتراب المدينة وأرضها سبخة-: قال ابن خزيمة .. وفي هذا ما بان وثبت أن التيمم بالسباخ جائز هذا لفظه ومن «صحيحه» في رحلتي إلى القدس نقلته. وقد قرأ في هذِه الرحلة كتاب «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» على مؤلفه الحافظ العلائي، وأشار إلى هذا السخاوي (٢). وأثبت العلائي ذلك في طبقة السماع، ووصفه بالشيخ، الفقيه، الإمام، العالم، المحدث، الحافظ، المتقين، شرف الفقهاء والمحدثين ..، وأجاز له جميع ما يجوز عنه روايته، وهو ثابت بخطه على نسخة «جامع التحصيل» (٣). --------------------------------------------- (١) انظر مقدمة المؤلف للبدر المنير. (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١). (٣) انظر «مقدمة جامع التحصيل» (ص ٦، ٧) صورة الورقة الأولى من مخطوطة الكتاب. ٢ - رحلته إلى دمشق سنة (٧٧٠ هـ)، وأشار إلى هذِه الرحلة أكثر الذين ترجموا لابن الملقن (١). قال الشهاب ابن حجي: «ورد علينا دمشق في سنة سبعين طالبًا لسماع الحديث» (٢). وفي هذِه الرحلة «اجتمع بالسبكي، ونوه به، بل كتب له تقريظًا على تخريج الرافعي له … ولزم العماد بن كثير فكتب له أيضًا» (٣). وذكره ابن الملقن نفسه في «التوضيح» عند شرح حديث (٢٩٢٤): «حمص من الشام، رأيتها في رحلتين إليها». ٣ - رحلته إلى مكة لأداء الحج، والتي أشار إليها السخاوي فقال: «قرأت بخطه إجازة كتبها وهو بمكة سنة إحدى وستين وسبعمائة (٧٦١ هـ) تجاه الكعبة قال فيها: إن مروياته: الكتب الستة، ومسند الشافعي، وأحمد، والدارمي ..» (٤)، وذكر فيها مشا يخه، ومؤلفاته. وعند شرحه لحديث (٥١٨٨) في «التوضيح» كتب تلميذه سبط في الحاشية: ذكر لي شيخنا المؤلف أنه ابن أبي جبرة بالباء، وأنه رآه كذلك بمكة«.. * مكتبته: يشير ابن العماد (٥) إلى أن ابن الملقن كان جمَّاعة للكتب. ----------------------------------- (١) انظر مثلًا:»إنباء الغمر«(٢/ ٢١٨) و»الضوء اللامع«(٦/ ١٠١). (٢)»طبقات الشافعية«لابن قاضي شهبة (٤/ ٥٦). (٣)»طبقات الشافعية«لابن قاضي شهبة (٤/ ٥٦). (٤)»الضوء اللامع«(٦/ ١٠١). (٥)»الشذرات" (٧/ ٤٥). ويشير ابن الملقن نفسه -رحمه الله- إلى ذلك فيقول في خطبة «البدر المنير»: «ويسر الله -تعالى-لنا-سبحانه وله الحمد والمنة- من الكتب التي يحتاج إليها طالب هذا الفن زيادة على مائة تأليف ..». وذكر في خاتمة «التوضيح» ما يدل على أنه رجع إلى مئات الكتب خلال تأليفه للكتاب، وذكر منها الكثير، ثم اختصر الكلام على بعضها بقوله: وأما الأجزاء فلا تنحصر، وكذا كتب الفقه. وقد كان من أهم الأسباب التي هيأت لابن الملقن تكوين هذِه المكتبة: يسر حاله، وقلة عياله، ذلك أنه كان له مال ثابت، يتحصل عليه من الربع الذي أنشأه له وصيه، «فكان يكتفي بأجرته، وتوفر له بقية ماله، فكان يقتني الكتب» (١). وقال المقريزي في «عقوده»: «كان يتحصل له من ريع»الربع«كل يوم مثقال ذهب، مع رخاء الأسعار، وعدم العيال» (٢). ويصور لنا ابن حجر (٣) مدى إقبال ابن الملقن على شراء الكتب فيقول: كان يقتني الكتب، بلغني أنه حضر في الطاعون العام بيع كتب شخص من المحدثين، فكان وصيه لا يبيع إلا بالنقد الحاضر، قال: فتوجهت إلى منزلي فأخذت كيسًا من الدراهم ودخلت الحلقة فصببته فصرت لا أزيد في الكتاب شيئًا إلا قال: بع له، فكان فيما اشتريت «مسند الإمام أحمد» بثلاثين درهمًا، ويذكر ابن حجر أن مكتبة ابن الملقن كانت تحتوي بعض الكتب التي لا يمتلكها فيقول: __________________________ (١) «إنباء الغمر» (٢/ ٢١٧). (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). (٣) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٢). وعنده من الكتب ما لا يدخل تحت الحصر منها ما هو ملكه ومنها ما هو من أوقاف المدارس لا سيما الفاضلية (١). احتراق مكتبته: تذكر لنا المصادر أن مكتبته احترقت، ويحدثنا عن ذلك الحافظ ابن حجر فيقول (٢) بعد ذكر مؤلفاته: ولكن لم يوجد ذلك بعده؛ لأن كتبه أحرقت قبل موته بقليل وراح منها من الكتب النفيسة الموقوفة وغير الموقوفة شيء كثير جدًّا، وقلت في ذلك أخاطبه بعد أحتراق كتبه: لا يزعجنك يا سراج الدين إن … لعبت بكتبك ألسن النيران لله قد قربتها فتقبلت … والنار مسرعة إلى القربان وقلت في ذلك أيضًا: ألا يا سراج الدين لا تأس إن غنَّت … بكتبك نار ما لمعرورها عار لربك قد قربتها فتقبلت … كذلكم القربان تأكله النار --------------------------------------(١) «إنباء الغمر» (٥/ ٤٥). (٢) «ذيل الدرر الكامنة» (ص ١٢٢). * عقيدة ابن الملقن من خلال كتاب «التوضيح»: كان ابن الملقن ينقل عقيدة الأشاعرة دون تمحيص إذ هي عقيدة حكام البلاد وملوكها وغالب علمائها في ذلك الوقت، وقليلًا ما ينقل عقيدة السلف بنوع من الإقرار. وكما هو معلوم فإن في كلامِ الأشاعرة كثيرًا من الحق، وكذلك في كثير من مقدماتهم، لكنهم يصلون بها إلى التأويل في نهاية المطاف، وقد بيَّنَّا وعلقنا على غالب المواضع المذكورة بما يُغني عن الرد هنا؛ إذ ليس هذا موضعه، وإنما الغرض تقرير عقيدة ابن الملقن بتفصيل لا يدع مجالا للشك في صحة هذا الاستنتاج، وتظهر في النقاط التالية: - تقرير مذهب الأشاعرة، في إثبات سبع صفات فقط وتأويل الباقي. - تأويل كثير من الصفات التي يؤوِّلها الأشاعرة. - استخدام لغة المتكلمين بغرض الوصول إلى التأويل، مثل: الحدث، الاسم والمسمى، صفات الذات وصفات الفعل، القديم، الجارحة، الجهة، الكلام النفسي .. إلى آخره، وكذلك المقدمات الموصلة إلى التأويل. - النقل عن أهل التأويل دون استدراك عليهم. - النقل عن غلاة المؤولة دون تمحيص. - مناقشته لما عدَّه شبهات الحشوية والمجسمة وتفصيل الرد عليها. - تعريفه لبعض المصطلحات بغير ما عرفها السلف. - خلطه كلام المشبهة والمجسمة بعقيدة السلف كلما هو حال المتكلمين. - تقريره لبعض عقائد السلف. ويظهر ذلك في المواضع التالية: - في شرحه لحديث جبريل (٥٠) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - ﷺ - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ باللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ» … الحديث. قال: (الخامسة: الإيمان بالله: هو التصديق بوجوده تعالى وأنه لا يجوز عليه العدم، وأنه تعالى موصوف بصفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر والحياة، وأنه تعالى مُنزه عن صفات النقص التي هي أضداد تلك الصفات، وعن صفات الأجسام والمتحيزات، وأنه واحد حق صمد فرد خالق جميع المخلوقات متصرف فيها بما شاء من التصرفات، يفعل في ملكه ما يريد ويحكم في خلقه ما يشاء). - وفي شرحه لحديث (٣٤٩) عن أَبي ذَرٍّ مرفوعًا: «فرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي ..» قال: (.. واعلم أن الأئمة - رضي الله عنهم - اعتنوا بالإسراء، وأفردوه بالتأليف، منهم: أبو شامة، وابن المنير في مجلد ضخم، وابن دحية، فلنلخص من كلامهم فوائد: الأولى: لا بد لك عند مرورك بهذا الحديث بطرقه عندما يتصور فيه وهمك من استحضار قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وتنفي الجهة والجسمية والتكلم بحرف أو صوت تعالى الله عن ذَلِكَ، وفوض علم ذَلِكَ إلى الرب ﷻ، أو أوله عَلَى ما يليق به مع التنزيه، فالحجب للمخلوق لا للخالق، وحي ربك قدسه هناك، واجعل العرش قبلتك في المناجاة بعيدًا). - وفي آخر شرح حديث (٦٦١) ناقلا عن ابن عبد البر كالمقر لكلامه: (قال أبو عمر: هذا أحسن حديث يروى في فضائل الأعمال وأصحها -إن شاء الله- لأن العلم محيط بأن كل من كان في ظل الله تعالى يوم القيامة لم ينل هول الموقف، والظل في الحديث يراد به الرحمة، والله أعلم. ومن رحمته الجنة، ..) - وفي شرحه لحديث (٨٠٦) عن أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟». قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟». قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، .. الحديث وفيه: فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَي جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ،. قال في فوائده: (رابعها: قوله:»فيأتيهم الله" الإتيان هنا إنما هو كشف الحجب التي بين أبصارنا وبين رؤية الله -عز وجل-، لأن الحركة والانتقال لا تجوز عَلَى الله تعالى؛ لأنها صفات الأجسام المتناهية، والله تعالى لا يوصف بشيء من ذَلِكَ، فلم يبق من معنى الإتيان إلا ظهوره -عز وجل- إلى الأبصار، لم تكن تراه ولا تدركه، والعادة أن من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالإتيان، فعبر به عن الرؤية مجازًا، ولا شك أن ما كان عليه السلف من التسليم أسلم، لكن مع القطع بأن الظواهر المذكورة يستحيل حملها على ظواهرها لما يعارضها من ظواهر أخر، والمتأول أولها عَلَى ما يليق بها عَلَى حسب مواقعها، وإنما يسوغ تأويلها لمن كان عارفا بلسان العرب، وقواعد الأصول والفروع. وزعم القاضي عياض أن الإتيان فعل من أفعال الله تعالى سماه إتيانًا. قَالَ: والأشبه أن المراد يأتيهم بعض الملائكة، ويكون هذا الملك الذي جاءهم في الصورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرة عليه، أو يكون معناه: يأتيهم في صورة لا تشبه صفات الإلهية؛ ليختبرهم وهو آخر امتحان المؤمنين، فإذا قَالَ لهم هذا الملك أو هذِه الصورة: أنا ربكم. رأوا عليه من علامات المخلوق ما ينكرونه ويعلمون أنه ليس ربهم فيستعيذون بالله منه). وفي شرحه لنفس الحديث قال: (السادس عشر: .. وقول الرب جلَّ وعلا: «ما أغدرك» تلطف بعبده وتأنيس لكثرة إدلاله عليه وسؤاله. والضحك من صفات الرب ﷻ، ومعناه: الاستبشار والرضا لا الضحك بلَهَواتٍ وتعجب). - وفي شرحه لحديث (٢٨٢٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلَانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هذا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ». قال: (الضحك مفسر برواية النسائي السالفة «يعجب من رجلين» ونقل ابن الجوزي عن أكثر السلف أنهم كانوا يمنعون من تفسير مثل هذا ويمرونه كما جاء، قَالَ: وينبغي أن تُرَاعَى قاعدة في هذا قبل الإمرار وهي: أنه لا يجوز أن يحدث لله صفة ولا تشبه صفاته صفات الخلق فيكون والعياذ بالله معنى إمرار الحديث الجهل بتفسيره. قَالَ الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح، أو يستفزهم الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هو مثل مضروب لهذا الصنيع الذي يحل محل التعجب عند البشر، فإذا رأوه أضحكهم، ومعنى الضحك في صفة الله: الإخبار عن الرضا بفعل أحد هذين والقبول من الآخر ومجازاتهما على صنيعهما الجنة مع تباين مقاصدهما. وقال ابن حبان في «صحيحه»: يريد أضحك الله ملائكته وعجبهم من وجود ما قضى. وقال ابن فورك: أن يُبْدِي الله من فضله ونعمه توفيقًا لهذين الرجلين كما تقول العرب: ضحكت الأرض بالنبات إذا ظهر فيها، وكذلك قالوا للطلع إذا انفتق عنه: كافره الضحك؛ لأجل أن ذَلِكَ يبدو منه البياض الظاهر كبياض الثغر. وقال الداودي: أراد قبول أعمالهما ورحمتهما والرضى عنهما. وكذا قَالَ ابن بطال: المعنى: يتلقاهما بالرحمة والرضوان، والضحك منه على المجاز؛ لأنه لا يكون منه تعالى على ما يكون من البشر؛ لأنه ليس كمثله شيء). وقد نقل هنا وفي مواضع كثيرة عن ابن فورك دون تمحيص، وحال ابن فورك معروفة من غلوه في التأويل. وكذلك عن محمد بن شجاع الثلجي: - ففي التفسير: باب قَوْلهِ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ عند شرحه لحديث (٤٨١١): جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ السمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعِ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَع، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَع" .. وفي آخره: فَضَحِكَ رسول الله - ﷺ - تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. قال: (وهذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان مشهوران: التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها مع الاعتقاد أن الظاهر غير مراد، فعلى الأول الإصبع هنا: القدرة، أي: خلقها مع عظمها بلا تعب ولا ملل، وذكره هنا للمبالغة، ويحتمل -كما قاله ابن فورك- أن يكون المراد به هنا أصابع بعض مخلوقاته، وهو غير ممتنع، وكذا قال محمد بن شجاع الثلجي، يحتمل أن يكون خلق من خلقه يوافق اسمه اسم الإصبع، وما ورد في بعض الروايات من أصابع الرحمن يؤول على القدرة والملك). - وفي شرحه لحديث (٤٠٧٣) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -:»اشْتَدَّ غضب اللهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ قال: (يريد بقوله: «اشتد غضب الله» أنَ ذلك من أعظم السيئات عنده ويجازي عليه، ليس الغضب الذي هو عرض؛ لأن القديم لا تحيله الأعراض؛ لأنها حوادث، ويستحيل وجودها فيه). - وفي شرحه لحديث ٥٢٢٨ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: "إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً .. قال: (وكذلك إذا قال: لقيت اسم زيد. لا يفهم منه أنه لقي زيدًا. ويبين ذلك ما نشاهده من تبديل اسماء المماليك وتبديل كنى الأحرار، ولا تتبدل الأشخاص مع ذلك، وإنما يصح عند تحقيق النظر أن يكون الاسم هو المسمى في الله وحده فقط، لا فيما سواه من المخلوقين، لمباينته تعالى وأسمائه وصفاته حكمَ أسماء المخلوقين وصفاتهم، بيان عدم اللزوم في حقه تعالى أن طرق العلم بالشيء إنما تؤخذ من جهة الاستدلال عليه بمثله وشبهه، أو من حكم ضده، وعلمنا يقينًا أنه تعالى لا شبيه له بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، وبقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾ فثبت بذلك أنه لا ضد له؛ لأن حكم الضد رسول الله - ﷺ -: يقبض أصابعه ويبسطها. وليس اليد في الصفات بمعنى الجارحة حَتَّى يتوهم بثبوتها ثبوت الأصابع، فدل على أنه -عليه السلام- هو الذي يقبض أصابعه ويبسطها، وذكر الأصابع لم يوجد في شيء من الكتاب والسنة المقطوع بصحتها؛ فإن قلت: قد ورد ذكر الإصبع في غير ما حديث كحديث الصحيحين، أنه -عليه السلام- أتاه رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، أَبَلَغَكَ أن الله تعالى يحمل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع؟ فضحك رسول الله - ﷺ - حَتَّى بدت نواجده فنزل: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. وحديث «الصحيحين» من طريق عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول: «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفها حيث يشاء» ثم قال - ﷺ -: «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» ومثله كثير. فالجواب: أما إطلاق الجارحة هنا فمحال تقدس الله عن ذَلِكَ، وهو هنا بمعنى القدرة على الشيء، ويسر تقليبه، وهو كثير في كلامهم، فلما كانت السماوات والأرض أعظم الموجودات قدرًا، وأكثرها خلقًا، كان إمساكها بالنسبة إلى الله كالشيء الحقير الذي نجعله نحن بين أصابعنا، ونتصرف فيه كيف شئنا، فتكون الإشارة بقوله: «ثم يقبض أصابعه، ويبسطها، ثم يهزهن» كما في بعض ألفاظ مسلم. أي: هذِه في قدرته كالحبة (مثلًا) في كف أحدنا التي لا يبالي بإمساكها، ولا بهزها، ولا بحركتها، والقبض والبسط عليها، ولا يجد في ذَلِكَ صعوبة ولا مشقة، وقد تكون الإصبع في كلام العرب بمعنى: النعمة، وهو المراد بقوله: «إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن» أي: بين نعمتين من نعمه، يقال: لفلان عليَّ إصبع. أي: أثر حسن إذا أنعم عليه نعمة حسنة، وللراعي على ماشيته إصبع أي: أثر حسن. وفيه عدة أشعار. فإن قلت: كيف يجوز إطلاق الشمال على الله تعالى وذلك يقضي بالنقص؟ فالجواب: أنه مما تفرد به عمر بن حمزة عن سالم وقد روى هذا الحديث نافع وابن مقسم عن ابن عمر فلم يذكر فيه الشمال، ورواه أيضًا أبو هريرة وغيره عن رسول الله - ﷺ -، ولم يذكر واحد منهم الشمال. وقال البيهقي: روي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذِه القصة، إلا أنه ضعيف بمرة، وكيف يصح ذَلِكَ مع ما صح عنه أنه سمى كلتا يديه يمينًا، وكان من قال ذَلِكَ أرسله من لفظه على ما وقع له إذ عادة العرب ذكرها في مقابلة اليمين. قال الخطابي: ليس فيما يضاف إلى الله تعالى من صفة اليد شمال؛ لأن الشمال محل النقص والضعف، وليس معنى اليد عندنا الجارحة، إنما هي صفة جاء بها التوقيف، فنحن نطلقها على ما جاءت، وننتهي إلى حيث انتهى بها الكتاب والسنة المأثورة الصحيحة، وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وقد تكون اليمين في كلام العرب بمعنى القدرة والملك، ومنه قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يريد: الملك. وقال ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ أي: بالقوة والقدرة، أي: أخذنا قوته وقدرته، كذا ذكره الفراء، وأنشد فيه للشماخ وغيره، وقد تكون في كلامهم بمعنى التبجيل والتعظيم، تقول: فلان عندنا باليمين. أي: بالمحل الجليل، وأنشد عليه. وأما قوله: «كلتا يديه يمين» فإنه أراد بذلك التمام والكمال). - وفي أول كِتَابِ التَّعْبِيرِ حديث (٦٩٨٢) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ قال: (واتفق العلماء على جواز رؤية الباري تعالى في المنام وصحتها ولو رآه إنسان على صفة لا تليق بجلاله من صفات الأجسام؛ لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى، ولا يجوز عليه التجسم، ولا اختلاف الأحوال باختلاف رؤية سيدنا رسول الله - ﷺ -). وفي أول كِتَاب التَّوحِيدِ والرَّد على الجهْميةِ، قال: (فصل: ينبغي أن يعتقد أن الله تعالى في عظمته لا يشبه شيئًا من مخلوقاته ولا يُشبَّهُ به، وأن ما جاء مما أطلقه الشرع على الخلق والمخلوقات فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي؛ إذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات، فكذلك صفته لا تشبه صفات المخلوقين؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأعراض، والأعراض هو تعالى منزه عنها. قال بعضهم: التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات، ولا معطلة عن الصفات. وقال الواسطي: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ، وجلَّت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة، كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة، من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره فهو مشبه، ومن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، وإن اعترف بموجود، اعترف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد. وقال ذو النون: حقيقة التوحيد أن تعلم أن قدرة الله في الأشياء بلا علاج، وصنعه لها بلا مزاج، وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه، وما تصور في وهمك فالله بخلافه). وفي شرحه لحديث (٧٣٧٢) وما بعده قال: (وتضمنت ترجمة الباب: أن الله واحد، وأنه ليس بجسم؛ لأن الجسم ليس بشيء واحد، وإنما هي أشياء كثيرة مؤلفة، في نفس الترجمة الرد على الجهمية في قولها: إنه تعالى جسم. تعالى الله عن قولهم، والدليل على استحالة كونه جسمًا: أن الجسم موضوع في اللغة للمؤلف المجتمع وذلك محال عليه تعالى؛ لأنه لو كان كذلك لم ينفك عن الأعراض المتعاقبة عليه الدالة بتعاقبها عليه على حدثها لفناء بعضها عند مجيء أضدادها، وما لم ينفك عن المحدثات فمحدث مثلها، وقد قام الدليل على قدمه تعالى، فبطل كونه جسمًا). ثم قال: (فصل: ينبغي أن يعتقد أن الله تعالى في عظمته لا يشبه شيئًا من مخلوقاته ولا يشبه به، وأن ما جاء مما أطلقه الشرع على الخلق والمخلوقات فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي؛ إذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات، فكذلك صفته لا تشبه صفات المخلوقين؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأعراض، والأعراض هو تعالى منزه عنها. قال بعضهم: التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات، ولا معطلة عن الصفات. وقال الواسطي: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ، وجلَّت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة، كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة، من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره فهو مشبه، ومن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، وإن (اعترف) بموجود، اعترف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد). - وفي شرحه لحديث (٧٣٧٦) عن جَرِيرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - ﷺ - «لَا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ الناس». قال: (وغرضه في هذا الباب إثبات الرحمة، وهي صفة من صفات ذاته لا من صفات أفعاله، والرحمن وصف به نفسه تعالى، وهو متضمن لمعنى الرحمة، كتضمن وصفه لنفسه بأنه عالم وقادر وحي وسميع وبصير ومتكلم ومريد للعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والكلام والإرادة التي جميعها صفات ذاته لا صفات أفعاله؛ لقيام الدليل على أنه تعالى لم يزل ولا يزال حيًّا عالمًا قادرًا سميعًا بصيرًا متكلمًا مريدًا، ومن صفات ذاته الغضب والسخط. والمراد: برحمته تعالى: إرادته لنفع من سبق في علمه أنه ينفعه ويثيبه على أعماله فسماها رحمة. والمراد بغضبه وسخطه إرادته لإضرار من سبق في علمه إضراره، وعقابه على ذنوبه، فسماها غضبًا وسخطًا). وقرر ابن الملقن تَقسيم الصفاتِ إلى صفاتِ ذاتٍ وصفاتِ أفْعالٍ ولكن على طريقة الأشاعِرة، ووافق مَنْ اتخذ هذا التقسيم وسيلة لتأويل بعض الصفات كما هو الحال عند كثير من المتكلمين، ومن الأمثلة على ذلك: في شرحه لحديث (٧٣٨٣) عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - كَانَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الذِي لَا إله إِلا أَنْتَ، الذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالانْسُ يَمُوتون». وحديث (٧٣٨٤) عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - وفيه: «.. قَدْ قَدْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ». قال: (العزيز متضمن للعزة، ويجوز أن تكون صفة ذات بمعنى: القدرة والعظمة، وأن تكون صفة فعل بمعنى: القهر لمخلوقاته والغلبة لهم.) وقال: (الحكيم متضمن الحكمة وهو على وجهين أيضًا: صفة ذات تكون بمعنى العلم، والعلم من صفات ذاته، والثاني: أن يكون بمعنى الأحكام للفعل والإتقان له، وذلك من صفات الفعل وإحكام الله تعالى لمخلوقاته فعل من أفعاله، وليس إحكامه لها شيئًا زائدًا على مقابل بل إحكامه لها جعلها تقاد.) ثم أكمل الكلام ناقلا طريقة الأشاعرة في معالجة هذِه المسائل معتبرا ذلك مذهب أهل السنة: (وأما على ما ذهب إليه أهل السنة أن خلق الشيء وإحكامه هو نفس الشيء، وإلا أدى القول بأن الأحكام والخلق غير المحكم المخلوق إلى التسلسل إلى ما لا نهاية له، والخروج إلى ما لا نهاية له إلى الوجود مستحيل، فبان الفرق بين الحالف بعزة الله التي هي صفة ذاته، وبين من حلف بعزته التي هي صفة فعله أنه حانث في حلفه بصفة الذات دون صفة الفعل، بل هو منهي عن الحلف بصفة الفعل؛ لقول القائل: وحق السماء، وحق زيد؛ لقوله -عليه السلام-: «مَنْ كان حالِفًا فليحلفْ بالله»). ثم قال: (ثالثها: القَدَم لفظ مشترك يصلح استعماله في الجارحة وفيما ليس بجارحة، فيستحيل وصفه تعالى بالقدم الذي هو الجارحة؛ لأن وصفه بذلك يوجب أن يكون جسمًا والجسم مؤلف حامل للصفات وأضدادها غير متوهم خلوه منها، وقد بان أن المتضادات لا يصح وجودها معا، إذا استحال هذا ثبت وجودها على طريق التعاقب وعدم نقضها عند مجيء بعض، وذلك دليل على حدوثها، وما لا يصح خلوه من الحوادث فواجب كونه محدثًا، فثبت أن المراد بالقدم في هذا الحديث: خلق من خلقه تقدم علمه أنه لا يملأ جهنم إلا به، قاله ابن بطال. ثم قال: وقال النضر بن شميل: القدم ها هنا هم الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار، وأنه يملأ النار بهم حتى ينزوي بعضها إلى بعض من الملء؛ لتضايق أهلها فتقول: قط قط. أي: امتلأتُ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ﴾ أي: سابقة صدق وقال ابن الأعرابي: القدم هنا هو المتقدم في الشرف والفضل، وقد قد وقط قط بمعنى: حسبي، أي: كفاني، وقال: قدني وقطني بمعنى). (ثم حكى في القدم أقوالًا: أحدها: عن الحسن: يجعل الله فيها الذين قدمهم من شرار خلقه، فهم الذين قدم الله للنار، كأن المسلمين قدم للجنة. فمعنى القَدَم على هذا المتقدم أي: سبق في علم الله أنهم من أهل النار، وهذا قد سلف عن النضر. ثانيها: أنهم قوم يختلقون يوم القيامة يسميهم الله قدمًا. ثالثها: المعنى: قدم بعض خلقه فأضيف إليه، كما يقال: ضرب الأمير اللص فيضاف الضرب إليه على معنى أمره وحكمه. وقال الداودي: قيل معناه: وعد الصدق الذي وعد لعباده أن ينجي منهم المتقين قال تعالى: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾. وقال بعض المفسرين: قدم صدق محمد - ﷺ -، قال: فإن كان كذلك فهي الشفاعة التي تكون منه، فيأمر الله الملائكة أن يخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، وهذا من المقام المحمود الذي وعده، وهذا خلاف نص الحديث؛ لأن فيه أن رب العالمين يضع فيها قدمه بعد أن قالت: «هل مِنْ مزيد»؛ وكيف ينقص منها وهي تطلب الزائد، وإنما ينزوي بما جعل فيها ليس بما يخرج منها، وفي هذا الخبر دلالة على من تأول في الخبر الآخر «حتى يضعَ الجبارُ فيها قدمه» أن الجبار إبليسُ وشيعته؛ لأنه أول من تكبر، ولذلك رد من قال: يراد به غير الله من المتجبرين). - وفي شرحه لحديث (٧٤٠٧) «إِنَّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» قال: (الشرح: ما ذكره في تفسير: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ هو قول قتادة، وهو معروف في اللغة يقال: صنعت الفرس وصنعته إذا أحسنت القيام عليه، واستدلاله من هذِه الآية والحديث على أن لله تعالى صفة سماها (عينا) ليست هو ولا غيره وليست كالجوارح المعقولة سببا؛ لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء تعالى عن ذلك، خلافًا لما تقوله المجسمة من أنه تعالى جسم لا كالأجسام. واستدلوا على ذلك بهذِه، كما استدلوا بالآيات المتضمنة لمعنى الوجه، واليدين ووصفه لنفسه بالإتيان والمجيء والهرولة في حديث الرسول، وذلك كله باطل وكفر من متأوله؛ لقيام الدليل على تساوي الأجسام في دلائل الحدث القائم بها واستحالة كونه من جنس المحدثات، إذ المحدث إنما كان محدثًا من حيث متعلق هو متعلق بمحدث أحدثه، وجعله بالوجود أولى منه بالعدم. فإن قالوا: الدليل على صحة ما نذهب إليه من أنه تعالى جسم أنه - أي: الله -ليس بأعور، وإشارته إلى عينه، وأن المسيح الدجال أعور عين اليمين ففي إشارته إلى عينه بيده؛ تنبيه على أن عينه كسائر الأعين. قلنا لهم: قد تقدم في دليلنا استحالة كونه جسمًا؛ لاستحالة كونه محدثًا وإذا صح ذلك وجب صرف قوله، وإشارته بيده إلى معنًى يليق به وهو نفي النقص والعور عنه تعالى، وأنه ليس كمن لا يرى ولا يبصر بل هو منتفٍ عنه جميع النقائص والآفات التي هي أضداد البصر والسمع وسائر صفات ذاته التي يستحيل وصفه بأضدادها إذ الموصوف بها تارة وأضدادها أخرى محدث مربوب؛ لدلالة قيام الحوادث به على حدثه). وفي شرحه لحديث (٧٤١٠)»يَجْمَعُ اللهُ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هذا. وحديث (٧٤١١) «يَدُ اللهِ مَلأى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». وَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَده» وَقَالَ: «عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرى المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ». وحديث (٧٤١٢) «إِنَّ اللهَ يَقْبِضُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَرْضَ، وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ». وما بعده .. قال: (الشرح: اليد هنا: القدرة، قال الداودي: يحتمل أن يريد ذلك، وقال أبو المعالي: ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليد والعين والوجه صفات ثابتة للرب، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل، والذي يصح عندنا حمل اليدين على القدرة، والعين على البصر، والوجه على الوجود. قال ابن فورك: قوله: «يد الله مع الجماعة»، من أصحابنا من قال: اليد هنا بمعنى الذات كقوله تعالى: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ أي: ما عملنا، قال: فإن قال قائل: إذا حملتم اليد على معنى الذات فهلا حملتموه في قوله: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ على الذات: قيل: لا يصح ذلك ذكره ابن التين، قال: والفرق بينهما أن الله تعالى قال ذلك لإبليس محتجًّا عليه مفضلًا لآدم بهذا التخصيص مبطلا لقوله: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾، فلو حمل على معنى الذات سقطت الفائدة وبطل معنى الاحتجاج منه تعالى على إبليس فيه. وقال ابن بطال: استدلاله بقوله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ وسائر أحاديث الباب على إثبات يدين لله تعالى هما صفتان من صفات ذاته ليستا بجارحتين بخلاف قول المجسمة المثبتة أنهما جارحتان، وخلاف قول القدرية النفاة لصفات ذاته ثم إذا لم يجز أن يقال: إنهما جارحتان لم يجز أن يقال: إنهما قدرتان ولا أنهما نعمتان؛ لأنهما لو كانتا قدرتين لفسد ذلك من وجهين: أحدهما: أن الأمة أجمعت من بين ناف لصفات ذاته وبين مثبت لها أن الله تعالى ليس له قدرتان بل واحدة في قول المثبتة ولا قدرة في قول النافية لصفاته؛ لأنهم يعتقدون كونه قادرًا بنفسه لا بقدرته، والآخر: أن الله تعالى قال لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ الآية قال إبليس مجيبًا له: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ﴾ فأخبر بالعلة التي لأجلها لم يسجد، وأخبره تعالى بالعلة التي لها أوجب السجود وهي خلقه بيده، فلو كانت القدرة: اليد التي خلق آدم بها وبها خلق إبليس لم يكن لاحتجاجه تعالى عليه بأن خلقها بما يوجب عليه السجود معنًى؛ إذ إبليس مشارك لآدم فيما خلقه به تعالى من قدرته، ولم يفخر إبليس بأن يقول له: أي رب فأي فضل له وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته، ولم يعدل إبليس عن هذا الجواب إلى أن يقول: أنا خير منه؛ لأنه خلقه من نار وخلق آدم من طين، فعدول إبليس عن هذا الاحتجاج مع وضوحه دليل على أن آدم خصه الله من خلقه بيده بما لم يخص به إبليس، وقد يسوغ للقدرية القول بأن اليد هنا القدرة، وظاهر الآية مع هذا يقتضي يدين، فينبغي على الظاهر إثبات قدرتين وذلك خلاف الأمة ولا يجوز أن يكون المراد باليدين: نعمتين؛ لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله؛ لأن النعم مخلوقة كلها، وإذا استحال كونهما جارحتين ونعمتين وقدرتين ثبت أنهما يدان صفتان لا كالأيدي، والجوارح المعروفة عندنا اختص آدم بأن خلقه بهما من بين سائر خلقه تكريمًا له وتشريفًا). - وفي باب قوله تعالى ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ حديث (٧٤١٨) وفيه:»كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وما بعده. قال: (وغرضه في الباب حديث العرش بدليل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، وبدليل قوله في حديث أبي سعيد الآتي: «فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش» فوصفه تعالى بأنه مربوب كسائر المخلوقات، ووصفه -عليه السلام- بأنه ذو أبعاض وأجزاء منها ما تسمى قائمة، والمبعض والمتجزئ لا محالة جسم، والجسم مخلوق؛ لدلائل قيام الحدث به من التأليف خلافًا لما يقوله الفلاسفة أن العرش هو الصانع الخالق). قال: (فصل: وأما الاستواء فاختلف الناس في معناه: فقالت المعتزلة: إنه بمعنى الاستيلاء والقهر والغلبة، واحتجوا بقول الشاعر: قد استوى بشر على العراق … من غير سيف ودم مهراق يعني: قهر وغلب. وقال كثير من أهل اللغة: إن معنى ﴿عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ استقر؛ لقوله تعالى ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾، وأنكر بعضهم الأول، وقال: لا يقال استولى إلا لمن لم يكن مستوليًا؛ لأنه تعالى لم يزل مستوليًا). وفيه كلام طويل تضمن كثيرًا من أقوال المتكلمين، فانظره في موضعه. وقال: (قال ابن فورك في قوله: «سبقت غضبى» معنى الغضب والرحمة في صفاته تعالى يرجع إلى صفة واحدة في رحمة يوصف بها أنها إرادة لتنعيم من علم أنه ينعمه بالجنة، ..). وقال: (وغرضه في هذا الباب رد شبهة الجهمية المجسمة في تعلقها بظاهر قوله تعالى: ذى المعارج ﴿ذِي الْمَعَارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾، وبقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ وما تضمنته أحاديث الباب، من هذا المعنى، وقد سلف الكلام في الرد عليهم، وهو أن الدلائل الواضحة قد قامت على أن الباري تعالى ليس بجسم ولا محتاجًا إلى مكان يحله ويستقر فيه؛ لأنه تعالى قد كان ولا مكان وهو على ما كان، ثم خلق المكان، فمحال كونه غنيًّا عن المكان قبل خلقه إياه ثم يحتاج إليه بعد خلقه له -هذا مستحيل- ولا حجة لهم في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ لأنه إنما أضاف المعارج إليه إضافة فعل، وقد كان ولا فعل له موجود، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ هو بمعنى: العلو والرفعة. وكذلك لا شبهة لهم في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ لأن صعود الكلم إليه تعالى لا يقتضي كونه في جهة العلو، إذ الباري تعالى لا تحويه جهة، إذ كان موجودًا ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب أن يكون تأويل قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ رفعته وإعتلاؤه على خليقته وتنزيهه عن الكون في جهة؛ لأن ذلك ما يوجب كونه جسمًا -تعالى الله عن ذلك- وإنما وصف الكلم بالصعود إليه (فمحال أيضًا وامتناع)؛ لأن الكلم عرض، والعرض لا يفعل؛ لأن من شرط الفاعل كونه حيًّا قادرًا عالمًا مريدًا، فوجب صرف الصعود المضاف إلى الكلم إلى الملائكة الصاعدين به). ![]()
__________________
|
|
#10
|
||||
|
||||
![]() الكتاب: التوضيح لشرح الجامع الصحيح المؤلف: سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بـ ابن الملقن (٧٢٣ - ٨٠٤ هـ) الناشر: دار النوادر، دمشق - سوريا الطبعة: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م عدد الأجزاء: ٣٦ (٣٣ والفهارس) المجلد (1) من صـــ 226 الى صـــ 250 الحلقة (10) - وفي باب قَوْلِ الله -عز وجل-: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ شرحه لحديث (٧٤٣٤) وما بعده. ذكر فيه كلامًا طويلًا غالبه حق موافق للسلف، لكن خلطه بألفاظ المتكلمين. - وأيضًا في باب كَلَامِ الرَّبِّ -عز وجل- مَعَ جِبْرِيلَ وَنداءِ اللهِ المَلَائِكَةَ. وشرحه لحديث (٧٤٨٥) "إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادى جِبْرِيلَ .. وما بعده قال: (هذا الباب كالباب الذي قبله في إثبات كلامه تعالى وإسماعه جبريل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين؛ إذ ليس بحروف ولا تقطيع بفم، وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقته أن يكون مسموعًا مفهومًا، ولا يليق بالباري تعالى أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات، فمن قال: لم أشاهد كلامًا إلا بأدوات لزمه التشبيه؛ إذ حكم على الله بحكم المخلوقين، وخالف قوله -عز وجل-: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾.) وانظر أيضًا شرحه لحديث (٧٥٠٩) وما بعده. وحديث (٧٥١٥) وما بعده حتى آخر الكتاب، قرر فيه بعض عقائد السلف مع خلطه ببعض أقوال المتكلمين. * صوفيته الذي يرى بعض كتب ابن الملقن مثل كتاب «طبقات الأوليا» و«حدائق الأولياء» يظن للوهلة الأولى أنه صوفي قح، فهو من الذين لبسوا خرقة التصوف وألبسوها بالإسناد، وهو يذكر في آخر كتابه «طبقات الأولياء» سلاسل خرقه بأسانيد كأسانيد الحديث، فمرة ينتهي السند إلى أويس القرني، عن عمر وعلي، عن رسول الله - ﷺ -، ومرة إلى عائشة رضي الله عنها موقوفًا! وثالثة إلى علقمة عن ابن مسعود عن رسول الله - ﷺ -! ولا ريب في وهاء هذِه الأسانيد وبطلانها. قال السخاوي (١): حديث لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي. قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل. وكذا قال شيخنا -أي ابن حجر-: إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي - ﷺ - ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحدًا من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى في ذلك صريحًا فباطل .. إلخ. وكان ابن الملقن -رحمه الله- من المؤمنين بوجود الخضر -عليه السلام- ويذكر في «طبقات الأولياء» (ص ٥٥٩) قصتين في اجتماعه بالخضر، (والذي رجح في قصته في «التوضيح» حياته) وكل هذا من آثار تصوفه، وفي كتابه المشار إليه من هذا القبيل عجائب وغرائب. رحمه الله وإيانا والمسلمين. ------------------------------------ (١) «المقاصد الحسنة» (ص ٣٣١). ومن ذلك ما حكاه أيضًا في ترجمة «أحمد بن أبي الحواري»، من أنه كان بينه وبين أبي سليمان الداراني عهد ألا يخالفه في شيء يأمره به، فجاء يومًا والداراني في مجلسه، فقال له: إن التنور قد سجر، فبم تأمر؟ فلم يجبه ثلاث مرات، فلما ألح عليه، قال له: اذهب فاقعد فيه! ثم تغافل، واشتغل عنه ساعة، ثم ذكره، فقال: اطلبوا أحمد فإنِّه في التنور. فذهبوا إليه، فإذا هو في التنور، لم تحترق منه شعرة. وعلى الرغم مما سبق فإنه باستقراء المواضع التي تكلم فيها عن الصوفية في كتاب التوضيح نجد أشياء مخالفة للقطع بصوفيته: * أولا إخبار عام عن التصوف دون التعرض لهم بنقد أو إقرار: قال في المقدمة: في فصل في بيان رجال «صحيح البخاري» منه إلينا: (فائدة: السجزي -بكسر السين- نسبة إلى سجزة، وقال السمعاني: سجستان، قَالَ ابن ماكولا وغيره: هي نسبة إلى غير القياس. والهروي نسبة إلى هراة، مدينة مشهورة بخراسان، خرج منها خلائق من الأئمة. والصوفي نسبة إلى الصوفية، وهم الزهاد العباد، وسموا بذلك للبسهم الصوف غالبًا، وحكى السمعاني قولًا: أنهم نسبوا إلى بني صوفة جماعة من العرب كانوا يتزهدون، وأما من قَالَ: إنه مشتق من الصفاء أو صفة مسجد رسول الله - ﷺ - أو الصف ففاسد من حيث العربية. ومن أحسن حدود التصوف: أنه استعمال كل خلق سَنِيٍّ، وترك كل خلق دني.) وفي باب الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ. الأحاديث (٥٨١ - ٥٨٤) عَنِ ابن عَبَّاسِ قَالَ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ: أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ. وعن ابن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا». وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ صَلَاتَيْنِ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشمْسُ«.. قال: (ثانيهما: لا يقدح في الإجماع السالف عَلَى كراهة صلاة لا سبب لها في هذِه الأوقات بما رُوِي عن داود السالف؛ لأن خلافه لا يقدح في الإجماع، وكذا لا يقدح في جواز الفرائض المؤدَّاة فيها ما حكاه ابن العربي من المنع، وما نقله ابن حزم عن أبي بكرة وكعب بن عجرة أنهما نهيا عن الفرائض أيضًا. وحكي عن قوم أنهم لم يروا الصلاة أصلًا في هذِه الأوقات كلها. وأبدى الشيخ شهاب الدين السهروردي حكمة الكراهة بعد الصبح والعصر أنها لأجل راحة العمال من الأعمال، وهو معنى صوفي.) وقال في شرحه لحديث: (٨٤٣) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ - فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَا وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، .. الحديث. قال: (الثاني: فيه تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وهو أصح المذاهب الخمسة فيه، وإن كان جمهور الصوفية عَلَى ترجيح الفقير الصابر؛ لسبقه قبل الأغنياء بخمسمائة عام، وهم مسؤولون.) وفي شرحه لحديث (٧١٦٣)» .. فَمَا جَاءَكَ مِنْ هذا المَالِ- وَأَنْتَ غير مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ - فَخُذْهُ، وَإِلَّا فَلَا تتبِعْهُ نَفْسَكَ» قال: (فصل: ذهب بعض الصوفية: أن المال إذا جاء من غير إشراف نفس ولا سؤال لا يرد، فإن رد عوقب بالحرمان، ويحكى عن أحمد أيضًا وأهل الظاهر.) * ثانيا: كلام يوحي بإقراره ببعض معتقداتهم وأفكارهم: وقال في شرحه لحديث (٤) عن جابر مرفوعًا: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا المَلَكُ الذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ .. الحديث قال: (الثانية بعد العشرين: فيه دلالة لما تقوله الصوفية أن التحلي لا يكون إلا بعد التخلي فتخلى أولًا بالجهد ثمَّ تحلى بإلقاء الوحي إليه). وانظر تعليقنا على ذلك في موضعه. وفي شرحه أيضًا للحديث السابق: (السادسة بعد الأربعين: فيه دلالة للصوفية في قولهم استصحاب العمل وترك الالتفات ودوام الإقبال؛ لأن النظر إلى كثرة العمل تورث الكسل، فكيف به إِذَا كان النظر لغير العمل؟ ومنه قولهم للوقت: سيف. المراد: اقطع الوقت بالعمل؛ لئلا يقطعك بالتسويف.) * ثالثا: ذكر مذهبهم في المسألة بطريقة توحي بعدم إقراره لهم: قال في شرحه لحديث (١٢٩٩، ١٣٠٠) باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ. عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ - ﷺ - قَتْلُ ابن حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، .. الحديث. وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - شَهْرًا حِينَ قُتِلَ القُراءُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ. قال: (قَالَ الطبري: إن قَالَ قائل: إن أحوال الناس في الصبر متفاوتة، فمنهم من يظهر حزنه على المصيبة في وجهه بالتغير له، وفي عينيه بانحدار الدموع. ولا ينطق بالسيئ من القول، ومنهم من يظهر ذلك في وجهه وينطق بالهجر المنهي عنه، ومنهم من يجمع ذلك كله ويزيد عليه إظهاره في مطعمه وملبسه، ومنهم من يكون حاله في حال المصيبة وقبلها سواء. فأيهم المستحق اسم الصبر؟ قيل: قد اختلف السلف في ذلك فقال بعضهم: المستحق لاسم الصبر هو الذي يكون في حالها مثله قبلها، ولا يظهر عليه حزن في جارحة ولا لسان. قَالَ غيره -كما زعمت الصوفية-: أن الولي لا تتم له ولاية إلا إذا تم له الرضا بالقدر، ولا يحزن على شيء، والناس في هذا الحال مختلفون، فمنهم من في طبعه الجلد وقلة المبالاة بالمصائب، ومنهم من هو بخلاف ذلك، فالذي يكون في طبعه الجزع ويملك نفسه ويستشعر الصبر أعظم أجرًا من الذي الجلد طباعه). * رابعا: ذكره التصوف بالنقد: قال في شرحه لحديث (١٨٨٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي». وحديث (١٨٨٩) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - المَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، .. الحديث. قال: (الثالث: حديث عائشة ووعك أبي بكر وبلال وإنشادهما في ذلك، فإن الله تعالى لما ابتلى نبيه بالهجرة وفراق الوطن ابتلى أصحابه بما يكرهون من الأمراض التي تؤلمهم، فتكلم كل إنسان حسب علمه ويقينه بعواقب الأمور فتعزى الصديق عند أخذ الحمى له بما ينزل به من الموت في صباحه ومسائه، ورأى أن ذلك شامل للخلق، فلذلك قال: كل امرئ مصبح في أهله. يعني: تصبحه الآفات وتمسيه وأما بلال فإنه تمنى الرجوع إلى مكة وطنه الذي اعتاده ودامت فيه صحته، فبان فضل الصديق وعلمه بسرعة فناء الدنيا حتى مثل الموت بشراك نعله، فلما رأى -عليه السلام- وما نزل بأصحابه من الحمى والوباء خشي منهم كراهية البلد؛ لما في النفوس من استثقال ما تكرهه، فدعا ربه تعالى في رفع الوباء عنهم، وأن يحبب إليهم المدينة كحبهم مكة أو أشد، فدل ذلك أن أسباب التحبيب والتكرمة بيد الله تعالى وهبة منه يهبها لمن يشاء، وفي هذا حجة واضحة على من كذب بالقدر إذ الذي ملك النفوس فيحبب إليها ما أحب ويكره إليها ما أكره هو الرب ﷻ، فأجاب الله دعوة نبيه، فأحبوها حبا دام في نفوسهم حتى ماتوا عليه، وفيه رد على الصوفية إذ قالوا: إن الولي لا تتم ولايته إلا إذا تم له الرضى بجميع ما نزل به، ولا يدعو الله في كشف ذلك عنه، فإن دعا فليس في الولاية كاملًا. وقد أزروا في قولهم هذا بنبيه وأصحابه، وقد كان - ﷺ - إذا نزل به شيء يكثر عليه الرقى والدعاء في كشفه). وقال في شرحه لحديث (٢٢١٦): (وفيه: رأفته بالحاضرين، وتفقد الغائبين، وهو رد على جهلة الصوفية حيث يقولون: من غاب غاب نصيبه.) قال في باب حَمْلِ الزَّادِ فِي الغَزْوِ. وَقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾. عند شرحه للأحاديث: (٢٩٧٩ إلى ٢٩٨٢) وهي: حديث عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى المَدِينَةِ، .. الحديث. وحديث جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - ﷺ - إِلَى المَدِينَةِ. وحديث سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - ﷺ - عَامَ خَيْبَرَ، .. الحديث. قال: (الشرح: ما ذكره ظاهر في أخذ الزاد وتحمل ثقله في الأسفار البعيدة اقتداء بخير البرية وأكرمها على ربه وعباده، وشفيع الأمم كلها يوم القيامة، والآية نزلت عند جماعة من المفسرين في ناس من أهل اليمن كانوا يخرجون إلى مكة بغير زاد، وقد سلف ذَلِكَ في الحج، وهو رافع لما يدعيه أهل البطالة من الصوفية والمخرقة على الناس باسم التوكل الذي المترودون أولى به منهم، ولما أملقوا جمع بقايا أزوادهم وجعلهم فيه سواء، ليس من كان له بقية منها بأولى بمن لم يكن له شيء، ففيه أنه إذا أصاب الناس مخمصة ومجاعة يأمر الإمام الناس بالمواساة، ويجبرهم عليه على وجه النظر لهم بثمن وغيره، وقد استدل به بعض الفقهاء على أنه يجوز للإمام عند قلة الطعام أن يأمر من عنده طعام يفضل عن قوته أنه يخرجه للبيع ويجبره عليه؛ لما فيه من صلاح الناس، ولم يره مالك وقال: لا إجبار فيه. وفيه أيضًا أن للإمام أن يحبس الناس في الغزو ويصبرهم على الجوع وعلى غير زاد، ويعللهم بما أمكن حَتَّى يتم قصده.) وفي أول كِتَاب الخُمُسِ حديث (٣٠٩١) حديث علي قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغنَم يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ - ﷺ - أعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله - ﷺ - وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ فَنَأتِيَ بِإذْخِرٍ أرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى .. الحديث بطوله مع باقي أَحاديث الباب. قال: (وفيه: جواز ادخار الرجل لنفسه وأهله قوت سنة، وأن ذَلِكَ كان فعله - ﷺ - حين فتح الله عليه بني النضير وفدك وغيرهما. وهو خلاف قول جهلة الصوفية المنكرين للادخار الزاعمين أن من ادخر لغد فقد أساء الظن بربه، ولم يتوكل عليه حق توكله.) وفي شرحه لحديث (٢٧٩٠) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - ﷺ - «مَنْ آمنَ باللهِ وَبِرَسُولِهِ وَأقَامَ الصَّلَاةَ .. الحديث. قال: (وقوله:»من آمن بالله ورسوله .. " إلى آخره؛ فيه تأنيس لمن حرم الجهاد في سبيل الله، فإن له من الإيمان بالله تعالى والتزام الفرائض ما يوصله إلى الجنة؛ لأنها هي غاية الطالبين ومن أجلها تبذل النفوس في الجهاد؛ خلافًا لما يقوله بعض جهلة الصوفية.) وفي باب حَبْسِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَيْفَ نَفَقَاتُ العِيَالِ؟ في معرض شرحه لحديث (٥٣٥٧) وما بعده، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لأهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ وحديث عن عمر رضي الله عنه مطولًا. وفيه: ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال. قال: (وفيه دليل كما ترجم له: ادخار القوت للأهل والعيال، وأنه ليس بحكرة، وأن ما ضمه الإنسان من أرضه أو جدَّه من نخله وثمره وحبسه لقوته لا يسمى حكرة، ولا خلاف في هذا بين الفقهاء، كما قاله المهلب. قال الطبري: وفيه رد على الصوفية في قولهم: إنه ليس لأحد ادخار شيء في يومه لغده وأن فاعل ذَلِكَ قد أساء الظن بربه، ولم يتوكل عليه حق توكله. ولا خفاء بفساد هذا القول؛ لثبوت الخبر عن الشارع أنه كان يدخر لأهله قوت السنة. وفيه أكبر الأسوة لأمر الله تعالى عباده اتباع سنته، فهو الحجة على جميع خلقه، وقد سلف ذَلِكَ في الخمس واضحًا.) وقال في شرحه لحديث (٥٣٧٩) عن أَنَسَ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ - ﷺ - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ- قَالَ أَنَسٌ:- فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَرَأَيْتُهُ يتتبع الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَي القَصْعَةِ- قَالَ:- فَلَمْ أَزَلْ أحب الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَئِذٍ قال: (فصل: وَيجوز أن يجمع على مائدته بين لونين وإدامين، لا كما يزعمه بعض الصوفية، ويذكرون فيه حديثًا غير صحيح، والصواب ما ذكرناه) وفي باب مَا كَانَ السلَفُ يَدَّخِرُونَ فِي بُيُويهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ مِنَ الطعَامِ وَاللَّحْمِ وَكَيْرِهِ. حديث (٥٤٢٣) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَنَهَى النَّبِيُّ - ﷺ - أنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ؟ قَالَتْ: مَا فَعَلَهُ إِلَّا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الغَنِيُّ الفَقِيرَ، .. الحديث. وحديث (٥٤٢٤) جَابِر قَالَ: كُنَّا نتَزَوَّدُ لُحُومَ الهَدْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - ﷺ - إِلَى المَدِينَةِ. قال: (وهذا الباب رد على الصوفية في قولهم: إنه لا يجوز ادخار طعام لغدٍ، وأن المؤمن الكامل الإيمان لا يستحق اسم الولاية لله؛ حَتَّى يتصدق بما يفضل عن شبعه. ولا يترك طعامًا لغد، ولا يصبح عنده شيء من عين ولا عرض، يسمي لذلك، ومن خالف ذَلِكَ فقد اساء الظن بربه ولم يتوكل عليه حق توكله. وهذِه الآثار ثابتة بادخار الصحابة، وتزود الشارع وأصحابه في أسفارهم، وهي المقنع والحجة الكافية في رد قولهم. وقد سلف في كتاب الخمس في حديث مالك بن أوس بن الحدثان قول عمر رضي الله عنه لعلي والعباس حين جاءا يطلبان ما أفاء الله على رسوله من بني النضير إلى قول عمر رضي الله عنه، فكان -عليه السلام- ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال. وقد صح بهذا ادخاره لأهله فوق سنتهم.) وفي باب مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الوَبَاءِ وَالْحُمَّى. حديث (٥٦٧٧) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله - ﷺ - وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَال، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ … وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ .. الحديث. قال: (وفيه من الفقه: جواز الدعاء إلى الله في رفع الوباء والحمى والرغبة إليه في الصحة والعافية. وهذا رد على الصوفية في قولهم: إن الولي لا تتم له الولاية إلاَّ إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، ولا يدعُ الله في كشفه، وهو من العجائب، وقد سلف زيفه. وفي أول كِتَاب الطِّبِّ حديث (٥٦٧٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً». قال: (فصل: فيه: إباحة التداوي وجواز الطب، وهو رد على الصوفية أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء ولا يجوز له مداواته. وقد أباح الشارع التداوي وقال للرجلين: «أيكما أطب؟» فقالا: أو في الطب خير يا رسول الله؟ فقال: «أَنْزل الداء الذي أنزل الأدواء» أخرجه مالك في «الموطأ» عن زيد بن أسلم. وروى الأولى منه عاصم بن عمر، عن سهيل، عن أبي هريرة مرفوعًا، والباقي بأسانيد صحيحة، فلا معنى لقول من أنكر ذلك، وفيه الإعلام أن تلك الأدوية تشفي بإذن الله، وأن البرء ليس في وسعه أن يُعَجِّلَه قبل نزول وقته.) وفي الطب أيضًا: باب الحَلْقِ مِنَ الأَذى. حديث (٥٧٠٣) عَنْ كَعْبٍ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ - ﷺ - زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِي، فَقَالَ: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أيامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً». قال: (وفيه: أن كل ما يتأذى به المؤمن وإن صغر أذاه فمباح له إزالته وإماطته عنه؛ لأن تناثر القمل على كعب كان من شعث الإحرام، وذلك لا محالة أهون من علة لو كانت بجسده، فكما أمره - ﷺ - بإماطة أذى القمل عنه كان مداواة أسقام الجسد أولى بإماطتها بالدواء، بخلاف قول الصوفية الذين لا يرون بالمداواة.) وفي باب مَنِ اَكْتَوى أَوْ كَوى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ. حديث (٥٧٠٤) عن جابر عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيتِكُمْ شِفَاءٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكتَوِيَ». و(٥٧٠٥) عن ابن عَبَّاسِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، .. الحديث وفيه: وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هؤلاء سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ». إلى أن قال: «هُمُ الذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». إلخ. قال في الشرح: (وقال أبو الحسن القابسي: معنى «لا يسترقون» يريد به الذي كانوا يسترقون به في الجاهلية مما ليس في كتاب الله، وهو ضرب من السحر، فأما الاسترقاء بكتاب الله فقد فعله - ﷺ - وأمر به، وليس بمخرج عن التوكل؛ لأن الثقة بالله، والاعتماد في الأمور عليه، وتفويض كل ذلك بعد استفراغ الوسع في السعي فيما بالعبد الحاجة إليه في أمر دينه ودنياه، على ما أمر به لا كما قاله بعض الصوفية أن التوكل حده الاستسلام للسباع وترك الاحتراز من الأعداء ورفض السعي للمعايش والمكاسب والإعراض عن علاج العلل تمسكا بقوله: «ولا يكتوون ..» الحديث. ومعناه: معتقدين أن الشفاء والبرء في الكي وغيره دون إذن الله بالشفاء، وأما من اكتوى معتقدا إذا شفي أن الله هو الذي شفاه فهو المتوكل على ربه.) وفي حديث (٥٨٠٧) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ نَاسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - ﷺ -: «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي». وفيه حديث الهجرة والغار وقصة أسماء، بطوله. قال: (وفيه: اتخاذ الفضلاء الزاد في أسفارهم وردُّ قول من أنكر ذلك من الصوفية، وزعم أن من صح توكله ينزل عليه طعام من السماء إذا احتاج. ولا أجد أصح توكلًا من الشارع والصديق.) * والخلاصة في موقف ابن الملقن من التصوف: يمكننا أن نبرر اختلاف نظرة ابن الملقن للتصوف والصوفية إلى أحد أمرين أو كليهما معا: - إما أنها كانت مرحلة زمنية كان الغالب عليه موافقة الصوفية ومشاركته لهم، ثم تلا ذلك مرحلة التحقيق العلمي، والنظر إلى أفعالهم نظرة نقدية فيها القبول والرد بحسب ما يجد من دليل، ومما يقوي ذلك أنه كثيرًا ما يحيل في مؤلفاته على أخرى، ولم أقف في شرحه هذا على إحالته لكتاب «طبقات الأولياء» أو «حدائق الأولياء». ولو كان للتصوف مكانة عنده لاعتز بالإحالة إليهما في شرحه هذا. - أو أنها مسألة تساهل تجاه التصوف كما هو حال غالب العلماء في هذِه العصور، فهم في الغالب يقرون بالتصوف كتوجه مشروع ولكن لا يقرون كل أعمالهم، ولهم مآخذ على كثير من المتصوفة. وهذا أيضًا قريب من موقفهم من مسألة التأويل، فهم يقرون كثيرًا من كلام الأشاعرة ويتساهلون، ولكن في مواضع ليست بالقليلة يردون عليهم بكلام السلف وعقيدة أهل السنة والجماعة، ولكن دون إظهار كبير فارق بين الفريقين. * شيوخه: يقول د/ عبد الله بن سعاف اللحياني (١): قيض الله -عز وجل- للإمام ابن الملقن صفوة ممتازة من كبار علماء عصره؛ فتتلمذ عليهم وأخذ العلم عنهم، وكان لهم أكبر الأثر في نبوغه وتفوقه؛ فقد كان أكثر مشايخه رأسًا في علم من العلوم أو أكثر؛ فأبو حيان وابن هشام شيخا العربية في وقته؛ والإمام السبكي تقي الدين وابن جماعة من أعيان الفقهاء الشافعيين، وابن سيد الناس محدث عصره وغيرهم، وسأذكر من وقفت عليه من مشايخه فيما يلي مرتبين على حروف المعجم: ١ - إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم شرف الدين المناوي (ت ٧٥٧ هـ) (٢). قرأ عليه في الأصول. ٢ - إبراهيم بن علي الزرزاري (ت ٧٤١ هـ) (٣). ٣ - أحمد بن إبراهيم بن يونس الدمشقي (٤). أجاز له ولولده علي سنة (٧٧٨) ولم يذكر الحافظ ابن حجر سنة وفاته. ٤ - أحمد بن سالم بن ياقوت المكي المؤذن (ت ٧٧٨ هـ) (٥). أجاز له ولولده علي سنة (٧٧١ هـ). ٥ - أحمد بن علي بن أيوب المشتولي (ت ٧٤٤) (٦). -------------------------------------- (١) مقدمة تحفة المحتاج. (٢) «الدرر الكامنة» (١/ ١٧). (٣) «مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤). (٤) «الدرر الكامنة» (١/ ٩٧). (٥) «الدرر الكامنة» (١/ ١٣٤). (٦) «مقدمة طبقات الأولياء» ص ٣٤. ٦ - أحمد بن عمر بن أحمد النشائي كمال الدين أبو العباس الفقيه الشافعي الخطيب (ت ٧٥٧ هـ). أخذ عنه الفقه. ذكر له الحافظ ابن حجر عدة مؤلفات، وقال عنه الأسنوي: كان حافظًا للمذهب (١). ٧ - أحمد بن كُشْتُغْدي -بضم الكاف والتاء وسكون الشين المعجمة بينهما وسكون الغين المعجمة- ابن عبد الله المعزي الصيرفي (ت ٧٤٤) (٢). ٨ - أحمد بن محمد بن عمر، شهاب الدين العقيلي الحلبي الحنفي (ت ٧٦٥) (٣). ٩ - أحمد بن محمد بن محمد بن قطب الدين محمد القسطلاني شهاب الدين (ت ٧٧٦ هـ) (٤) أجاز له ولولده. ١٠ - أحمد بن يحيى بن إسحاق الشيباني الدمشقي شهاب الدين ابن قاضي زرع ت ٧٧٢ هـ (٥) أجاز له ولولده. ١١ - برهان الدين الرشيدي (ت ٧٤٩) (٦) أخذ عنه القراءات. ١٢ - الحسن بن سديد الدين (٧). ------------------------------------ (١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (١/ ٢٢٥). (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤) و«الدرر الكامنة» (١/ ٢٣٨). (٣) «مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤)، «الدرر الكامنة» (١/ ٢٨٩). (٤) «الدرر الكامنة» (١/ ٣٠٠). (٥) «الدرر الكامنة» (١/ ٣٢٨). (٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٣) و«طبقات ابن الجزري» (١/ ٢٨). (٧) «مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٤)، و«الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). ١٣ - خليل بن كيكلدي العلائي صلاح الدين أبو سعيد الشافعي (ت ٧٦١ هـ) الإمام المشهور صاحب «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» وغيره من المصنفات العظيمة. قرأ عليه في بيت المقدس كتابه «جامع التحصيل»، وأثنى عليه العلائي ثناءً بالغًا (١). ١٤ - عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الهادي زين الدين الصالحى (ت ٧٨٩ هـ) سمع عليه «صحيح مسلم» وغيره (٢). ١٥ - عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي أبو محمد جمال الدين المصري الشافعي الإمام (ت ٧٧٢ هـ). كان شيخ الشافعية في وقته (٣). ١٦ - وعبد العزيز بن محمد بن إبراهيم عز الدين أبو عمر الكناني المصري المعروف بابن جماعة (ت ٧٦٧)، من أعلام الشافعية في عصره. أخذ عنه الفقه (٤). ١٧ - عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري قطب الدين أبو علي ت ٧٣٥ هـ (٥) ذكر له الحافظ بعض التصانيف في الحديث وغيره. ١٨ - عبد الله بن يوسف بن عبد الله جمال الدين أبو محمد النحوي المشهور بابن هشام (ت ٧٦١) الإمام المشهور شيخ العربية صاحب التصانيف الكثيرة النافعة. أخذ عنه العربية (٦). ----------------------------- (١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١). (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«مقدمة طبقات الأولياء» (ص ٣٣ - ٣٤). (٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٢) و«شذرات الذهب» (٦/ ٢٢٣ - ٢٢٤). (٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). (٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). (٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«الدرر الكامنة» (٢/ ٣٠٨ - ٣١٠). ١٩ - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن القروي محيي الدين الإسكندراني (ت ٧٨٨ هـ) (١) سمع منه الحديث. ٢٠ - علي بن أحمد بن قصور -بضم القاف والمهملة مخففًا- علاء الدين الحموي. حدث عنه ابن الملقن (٢). ٢١ - علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي الأنصاري تقي الدين أبو الحسن الشافعي (ت ٧٥٦ هـ)، الإمام المشهور الحافظ المجتهد، صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة (٣). أخذ عنه الفقه. ٢٢ - عمر بن حمزة بن يونس العدوي الأربلي ثم الدمشقي ثم الصالحين (ت ٧٨٢ هـ) (٤) أجاز له ولولده. ٢٣ - محمد بن أحمد بن خالد الفارقي المصري بدر الدين (ت ٧٤١ هـ) (٥). ٢٤ - محمد بن عبد الرحمن بن علي الزمردي شمس الدين بن الصائغ النحوي الحنفي (ت ٧٧٦ هـ) (٦). أخذ عنه العربية. ٢٥ - محمد بن غالي بن نجم بن عبد العزيز الدمياطي شمس الدين أبو عبد الله بن الشماع (ت ٧٤١ هـ) (٧). --------------------------------- (١) «الدرر الكامنة» (٢/ ٤٣٠ - ٤٣١). (٢) «الدرر الكامنة» (٣/ ١٩ - ٢٠) ولم يذكر الحافظ سنة وفاته. (٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (٦٣/ ٣ - ٧١). (٤) «الدرر الكامنة» (٣/ ١٦١). (٥) «الدرر الكامنة» ٣/ ٣١٥ - ٣١٦. (٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«الدرر الكامنة» (٣/ ٤٩٩). (٧) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) و«الدرر الكامنة» (٤/ ١٣٣). ٢٦ - محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي صدر الدين أبو الفتح (ت ٨٥٤ هـ (١). ٢٧ - محمد بن محمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح اليعمري الشهير بابن سيد الناس، الحافظ العلامة الأديب المشهور (ت ٧٣٤ هـ) (٢). ٢٨ - محمد بن محمد بن نمير سراج الدين الكاتب (ت ٧٤٧ هـ). كتب عليه الخط المنسوب (٣). ٢٩ - محمد بن يوسف بن علي الغرناطي، أثير الدين أبو حيان الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ) الإمام النحوي الكبير صاحب «البحر المحيط» أخذ عنه العربية (٤). ٣٠ - مغلطاي بن قليج بن عبد الله الحنفي الحافظ علاء الدين، صاحب التصانيف التي تربو على المائة (ت ٧٦٢ هـ) (٥). لازمه وتخرج به. ٣١ - يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف الحلبي الأصل المزي أبو الحجاج جمال الدين، الإمام الكبير والحافظ العلم (ت ٧٤٢ هـ) (٦). أجاز له. ٣٢ - يوسف بن محمد بن نصر المعدني الحنبلي جمال الدين (ت ٧٤٥ هـ) (٧). ----------------------------------------(١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١) و«الدرر الكامنة» (٤/ ١٥٧). (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) و«الدرر الكامنة» (٤/ ٢٠٨ - ٢١٣). (٣) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠) «الوفيات للسلامي» (٢/ ٣٢). (٤) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (٤/ ٣٠٢). (٥) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «طبقات الحفاظ للسيوطي» (ص ٥٣٤). (٦) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١)، «الدرر الكامنة» (٤/ ٤٥٧). (٧) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠١)، «الدرر الكامنة» (٤/ ٤٧٦). ٣٣ - أبو بكر بن قاسم بن أبي بكر الكناني الرحبي زين الدين (ت ٧٤٩ هـ) (١). قرأ عليه «صحيح البخاري» ولازمه وتخرج به. ٣٤ - الشمس العسقلاني المقرئ (٢). أجاز له. ---------------------------------- (١) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠)، «الدرر الكامنة» (١/ ٤٥٥). (٢) «الضوء اللامع» (٦/ ١٠٠). * تلاميذه: كانت شهرة ابن الملقن وعظمته سببًا في إقبال الطلبة عليه، وتزاحمهم على دروسه، وكانت دماثة خلقه ورحابة صدره وتواضعه من دواعي حب الناس له ورغبتهم فيما عنده، ولهذا كثر الآخذون عنه من جميع المذاهب والمشارب، وفيما يلي بيان بأسماء تلاميذه مرتبة على حروف المعجم: ١ - إبراهيم بن أحمد بن أحمد الميلق بن محمد الحسيني (ت ٨٦٧ هـ) (١). ٢ - إبراهيم بن أحمد الخجندي المدني الحنفي الأديب برهان الدين (ت ٨٥١ هـ) (٢). ٣ - إبراهيم بن أحمد بن غانم المقدسي، شيخ الخانقاه الصلاحية ببيت المقدس كان حيًّا سنة سبع وتسعين وثمانمائة (٣). ٤ - إبراهيم بن صدقة بن إبراهيم المقدسي الصالحى القاهري الحنبلي (ت ٨٥٢ هـ) (٤). ٥ - إبراهيم بن علي بن أحمد بن أبي بكر البهنسي القاهري الشافعي (ت ٨٤٦ هـ) (٥). ٦ - إبراهيم بن علي البيضاوي المكي الشهير بالزمزمي (ت ٨٦٤ هـ). أجاز له ابن الملقن (٦). ---------------------------------- (١) «الضوء اللامع» (١/ ٩). (٢) «الضوء اللامع» (١/ ٢٤). (٣) «الضوء اللامع» (١/ ٢١). (٤) «الضوء اللامع» (١/ ٥٥). (٥) «الضوء اللامع» (١/ ٨١). (٦) «معجم الشيوخ لابن فهد» (ص ٤٥). ٧ - إبراهيم بن العز محمد بن أحمد الهاشمي النويري المالكي الشافعي (ت ٨١٩ هـ) (١). أجاز له. ٨ - إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الحلبي الشافعي أبو الوفاء المعروف بسبط ابن العجمي، الإمام العلامة حافظ بلاد الشام، صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة (ت ٨٤١ هـ) (٢). حضر دروس ابن الملقن بالقاهرة وكتب عنه شرحه للبخاري وهي النسخة التي اعتمدناها أصلًا في معظم الكتاب. ٩ - إبراهيم بن محمد بن علي النحريري الشافعي الرفاعي (ت ٨٦١ هـ) (٣). ١٠ - أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الشهاب الأبودري المالكي كان حيًّا سنة (٨٩٢ هـ) (٤). ١١ - أحمد بن إسماعيل بن محمد المقدسي القلقشندي (ت ٨٤٤ هـ) (٥). ١٢ - أحمد بن حسن بن محمد البطائحي المصري الشافعى (ت ٨١٠ هـ) (٦). كان ملازمًا لابن الملقن. ١٣ - أحمد بن حسين بن علي الشهاب أبو البقاء الزبيري (ت ٨٥٤ هـ) (٧). ١٤ - أحمد بن رجب المعروف بابن المجدي القاهري الشافعي (ت ٨٥٠ هـ) (٨). تفقه بابن الملقن. -------------------------------------- (١) «الضوء اللامع» (١/ ١٢٧). (٢) «معجم الشيوخ» (ص ٤٩)، و«الضوء اللامع» (١/ ١٣٩). (٣) «الضوء اللامع» (١/ ١٥٤). (٤) «الضوء اللامع» (١/ ١٩٥). (٥) «الضوء اللامع» (١/ ٢٤٣). (٦) «الضوء اللامع» (١/ ٢٧٨). (٧) «الضوء اللامع» (١/ ٢٨٩). (٨) «الضوء اللامع» (١/ ٣٠٠)، و«البدر الطالع» (١/ ٥٧). ١٥ - أحمد بن عبد الرحمن بن عوض الأندلسي القاهري الشافعي (ت ٨٤٢ هـ) (١). لازم ابن الملقن. ١٦ - أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي الولي أبو زرعة الحافظ المشهور ابن الحافظ الكبير (ت ٨٢٦ هـ) (٢). ١٧ - أحمد بن عثمان بن محمد الشهاب الريشي القاهري، ويعرف بالكوم الريشي (ت ٨٥٢ هـ) (٣). عرض العمدة -أي «عمدة الأحكام»- على ابن الملقن. ١٨ - أحمد بن علي المقريزي، تقي الدين -الإمام المؤرخ المشهور (ت ٨٤٥ هـ) (٤). ١٩ - أحمد بن علي الكناني العسقلاني الشهير بابن حجر، الإمام الكبير، خاتمة الحفاظ ت ٨٥٢ هـ. تفقه على ابن الملقن، وقرأ عليه في الحديث أيضًا. وقد ذكر الحافظ ابن حجر ما قرأه على شيخه في معجمه (٥) فقال: قرأت على الشيخ قطعة كبيرة من شرحه الكبير على المنهاج وأجاز لي. وقرأت عليه جزءين السادس والسابع من «أمالي المخلص». ثم قال: وسمعت منه المسلسل بالأولية والجزء الخامس من مشيخة النجيب تخريج أبي العياش ابن الطاهري. ----------------------------- (١) «الضوء اللامع» (١/ ٣٣٢). (٢) «الضوء اللامع» (١/ ٣٣٨، ٦/ ١٠٤)، «البدر الطالع» (١/ ٧٣). (٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٢). (٤) «السلوك» (٣/ ٢/ ٥٠٠، ٤/ ٣/ ١٢٣١). (٥) «المعجم المؤسس» (٢/ ٨٠ - ٩٠) وانظر «معجم الشيوخ» لابن فهد (ص ٧٢). و«بغية العلماء والرواة» (ص ٧٧). وكما أفاد الحافظ من دروس شيخه فقد انتفع أيضًا بكتبه الكثيرة، و«فتح الباري» مليء بالنقول عن شيخه. ٢٠ - أحمد بن علي بن أبي بكر الشارمساحي ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٥ هـ) (١). ٢١ - أحمد بن علي بن محمد المحلي المدني شهاب الدين (ت ٨٥٨ هـ) (٢). ٢٢ - أحمد بن عمر بن أحمد الأنصاري المصري الشاذلي الشافعي الواعظ المعروف بالشاب التائب (ت ٨٣٢ هـ) (٣). ٢٣ - أحمد بن عمر بن سالم بن علي الشامي القاهري البولاقي الشافعي. قال السخاوي: مات بعيد شيخنا -أي ابن حجر- بيسير ظنًّا (٤). ٢٤ - أحمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الفيشي -بالفاء والمعجمة- ثم القاهري المالكي (ت ٨٤٨ هـ). عرض عليه ألفية ابن مالك وأجازه (٥). ٢٥ - أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي السعدي العبادي المكي المالكي (ت ٨٤٣ هـ). أجاز له ابن الملقن (٦). ----------------------------------- (١) «الضوء اللامع» (٢/ ١٧). (٢) «معجم الشيوخ» (ص ٧٨). (٣) «الضوء اللامع» (٢/ ٥٠). (٤) «الضوء اللامع» (٢/ ٥٣). (٥) «الضوء اللامع» (٢/ ٦٩). (٦) «الضوء اللامع» (٢/ ٨٧). ٢٦ - أحمد بن محمد بن أحمد الكناني الزفتاوي المصري الشافعي (ت ٨٦١ هـ) أخذ عنه الفقه (١). ٢٧ - أحمد بن محمد بن إلياس الدينوري الأصل القاهري الشافعي ويعرف بالمزملاتي. قال عنه السخاوي: أحد الصلحاء المعتبرين. ولم يؤرخ وفاته (٢). ٢٨ - أحمد بن محمد بن صدقة الشهاب المصري القادري الشافعي، أحد الصوفية بالصلاحية، والجماعة القادرية، توفي في حدود الستين بعد الثمانمائة (٣). ٢٩ - أحمد بن محمد بن الصلاح محمد بن عثمان الأموي العثماني المصري الشهير بابن المحمرة -بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الميم وفتح الراء- العلامة قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس (ت ٨٤٠ هـ). حضر دروسه ولازمه (٤). ٣٠ - أحمد بن محمد بن أبي العباس الأنصاري الخزرجي السعدي العبادي نسبة إلى سعد بن عبادة الصحابي المشهور (ت ٨٤٣ هـ). أجاز له ابن الملقن (٥). ٣١ - أحمد بن محمد بن عبد الله الحسني الجرواني ثم القاهري الشافعي (ت ٨٥٠ هـ) تقريبًا (٦). --------------------------------- (١) «الضوء اللامع» (٢/ ٧٦). (٢) «الضوء اللامع» (٢/ ٩٩). (٣) «الضوء اللامع» (٢/ ١١٧ - ١١٨). (٤) «معجم الشيوخ» (ص ٨٩) و«الضوء اللامع» (١٢/ ١٨٦). (٥) «معجم الشيوخ» (ص ٨٤ - ٨٥). (٦) «الضوء اللامع» (٢/ ١٣٦). ![]()
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |