المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هل قراءة سورة البقرة من المسجل يطرد الشيطان من المنزل؟ (اخر مشاركة : الروقي - عددالردود : 12 - عددالزوار : 6688 )           »          طريقة حذف حساب إنستجرام نهائيًا أو تعطيله مؤقتًا.. الخطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حماية أكبر للأطفال.. آبل تعزز الرقابة الأبوية وتحسن إعدادات حسابات أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          خطوة بخطوة.. إزاى تربط موبايلك بالكمبيوتر وتنقل البيانات بسهولة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          نستجرام يطلق ميزات جديدة لتحسين تجربة المراسلة المباشرة.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما هو برنامج الفدية؟.. وكيف تحمي هاتفك من الاختراق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          قبل ما تبيع موبايلك.. تأكد من مسح بياناتك بالشكل الصحيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          6 مميزات فى ويندوز 11 غير موجودة بإصدار 10 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مقارنة هواتف.. أبرز الفروق بين هاتفى iPhone 16e وiPhone 16 pro max ‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          كيف تحمى نفسك من تطبيقات التجسس على هاتفك الأندرويد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-12-2025, 05:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ الى صــ
الحلقة(1)




يقع كتاب المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي في دائرة اهتمام الباحثين والطلاب المهتمين بالدراسات الفقهية؛ حيث يندرج كتاب المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي ضمن نطاق تخصص علوم أصول الفقه والتخصصات قريبة الصلة من عقيدة وحديث وسيرة نبوية وغيرها من فروع العلوم الشرعية. ومعلومات كما يلي:
الفرع الأكاديمي: علم أصول الفقه
المؤلف المالك للحقوق: مالك بن أنس الأصبحي
اسم الكتاب: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي




[ ص: 113 ] كتاب الوضوء ما جاء في الوضوء قال سحنون : قلت لعبد الرحمن بن القاسم : أرأيت الوضوء أكان مالك يوقت فيه واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ؟

قال : لا إلا ما أسبغ ، ولم يكن مالك يوقت ، وقد اختلفت الآثار في التوقيت .

قال ابن القاسم : لم يكن مالك يوقت في الوضوء مرة ولا مرتين ولا ثلاثا . وقال : إنما قال الله تبارك وتعالى . { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } فلم يوقت تبارك وتعالى واحدة من ثلاث .

قال ابن القاسم : ما رأيت عند مالك في الغسل والوضوء توقيتا لا واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثا ، ولكنه كان يقول : يتوضأ أو يغتسل ويسبغهما جميعا .

قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني عن أبيه يحيى أنه سمع جده أبا حسن يسأل عبد الله بن زيد بن عاصم ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جد عمرو بن يحيى : { هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قال عبد الله : نعم ، قال : فدعا عبد الله بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين مرتين ثم تمضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين ، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل وأدبر بهما ، بدأ من مقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع بهما إلى المكان الذي منه بدأ ، ثم غسل رجليه } ، قال مالك : وعبد العزيز بن أبي سلمة أحسن ما سمعنا في ذلك وأعمه عندنا في مسح الرأس هذا .

قال سحنون : وذكر ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن حمران مولى عثمان بن عفان أخبره { أن عثمان بن عفان دعا يوما [ ص: 114 ] بوضوء ، فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنثر ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل يده اليسرى أيضا إلى المرفق ثلاث مرات ثم مسح رأسه وأذنيه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعب ثلاث مرات ثم غسل رجله اليسرى إلى الكعب ثلاث مرات ، وأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه } .

قال ابن وهب عن ابن شهاب وكان علماؤنا بالمدينة يقولون : هذا الوضوء أسبغ ما توضأ به أحد للصلاة . قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار { عن ابن عباس أنه قال : ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فدعا بماء فأراهم مرة مرة فجعل في يده اليمنى ثم صب بها على يده اليسرى فتوضأ مرة مرة } . حدثنا وكيع عن علي عن سفيان عن عبد الله بن جابر أنه بلغه عن إبراهيم النخعي قال : حدثني من رأى عمر بن الخطاب يتوضأ مرتين مرتين .

قال سحنون عن وكيع عن سفيان عن عبد الله بن جابر قال : سألت الحسن البصري عن الوضوء فقال : يجزيك مرة أو مرتان أو ثلاث .

قال وكيع عن سفيان عن جابر بن يزيد الجعفي عن الشعبي قال : يجزيك مرة إذا أسبغت .

قال سحنون عن ابن وهب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنثر من غرفة واحدة }
في الوضوء بماء الخبز والنبيذ والإدام والماء الذي يقع فيه الخشاش وغير ذلك قال : وقال مالك : لا يتوضأ من الماء الذي يبل فيه الخبز .

قلت : فما قوله في الفول والعدس والحنطة وما أشبه ذلك ؟

قال : إنما سألناه عن الخبز وهذا مثل الخبز .

قال ابن القاسم : وأخبرنا بعض أصحابنا أن سائلا سأل مالكا عن الجلد يقع في الماء فيخرج مكانه أو الثوب هل ترى بأسا أن يتوضأ بذلك الماء ؟

قال : فقال مالك : لا أرى به بأسا ، قال فقال له : فما بال الخبز ؟ فقال له مالك : أرأيت إذا أخذ رجل جلدا فأنقعه أياما في ماء أيتوضأ بذلك الماء وقد ابتل الجلد في ذلك الماء ؟ فقال : لا ، فقال مالك : هذا مثل الخبز ولكل شيء وجه . قال : وقال مالك : لا يتوضأ بشيء من الأنبذة ولا العسل الممزوج بالماء ، قال : والتيمم أحب إلي من ذلك .

قال : وقال مالك : لا يتوضأ من شيء من الطعام والشراب ولا يتوضأ بشيء من أبوال الإبل ولا من ألبانها ، قال : ولكن أحب [ ص: 115 ] إلي أن يتمضمض من اللبن واللحم ويغسل الغمر إذا أراد الصلاة .

قال : وقال مالك : لا يتوضأ بماء قد توضأ به مرة ولا خير فيه .

قلت : فإن أصاب ما قد توضأ به مرة ثوب رجل ؟

قال : إن كان الذي توضأ به طاهر فإنه لا يفسد عليه ثوبه .

قلت : فلو لم يجد رجل إلا ماء قد توضأ به مرة أيتيمم أم يتوضأ بما قد توضأ به مرة ؟

قال : يتوضأ بذلك الماء الذي قد توضأ به مرة أحب إلي إذا كان الذي توضأ به طاهرا .

قال : وقال مالك في النخاعة والبصاق والمخاط يقع في الماء ، قال : لا بأس بالوضوء منه .

قال : وقال مالك : كل ما وقع من خشاش الأرض في إناء فيه ماء أو في قدر فيه طعام فإنه يتوضأ بذلك الماء ويؤكل ما في القدور ، وخشاش الأرض : الزنبور والعقرب والصرار والخنفساء وبنات وردان وما أشبه هذا من الأشياء .

قال : وقال مالك : في بنات وردان والعقرب والخنفساء وخشاش الأرض ودواب الماء مثل السرطان والضفدع ما مات من هذا في طعام أو شراب فإنه لا يفسد الطعام ولا الشراب .

قال : وقال مالك : لا أرى بأسا بأبوال ما يؤكل كل لحمه مما لا يأكل الجيف وأرواثها إذا أصاب الثوب

قال ابن القاسم : وأرى أنه إن وقع في الماء فإنه لا ينجسه قال : وسئل مالك عن حيتان ملحت فأصيبت فيها ضفادع قد ماتت ، قال : لا أرى بأكلها بأسا لأن هذا من صيد البحر .
في الوضوء بسؤر الدواب والدجاج والكلاب قال وسألت مالكا عن سؤر الحمار والبغل فقال : لا بأس به .

قلت : أرأيت إن أصاب غيره ؟

قال : هو وغيره سواء .

قال : وقال مالك : لا بأس بعرق البرذون والبغل والحمار ، قال وقال مالك : في الإناء يكون فيه الماء يلغ فيه الكلب يتوضأ به رجل ؟

قال : قال مالك : إن توضأ به وصلى أجزأه ، قال : ولم يكن يرى الكلب كغيره .

قال : وقال مالك : إن شرب من الإناء ما يأكل الجيف من الطير والسباع لم يتوضأ به .

قال : وقال مالك : إن ولغ الكلب في إناء فيه لبن فلا بأس بأن يؤكل ذلك اللبن .

قلت : هل كان مالك يقول يغسل الإناء سبع مرات إذا ولغ الكلب في الإناء في اللبن وفي الماء ؟

قال : قال مالك : قد جاء هذا الحديث وما أدري ما حقيقته ، قال : وكأنه كان يرى أن الكلب كأنه من أهل البيت وليس كغيره من السباع ، وكان يقول : إن كان يغسل ففي الماء وحده وكان يضعفه ، وكان يقول : لا يغسل من سمن ولا لبن ويؤكل ما ولغ فيه من ذلك وأراه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى الكلب ولغ فيه .

قلت : أرأيت إن شرب من اللبن ما يأكل الجيف من الطير والسباع والدجاج التي تأكل النتن أيؤكل اللبن أم لا ؟

قال : [ ص: 116 ] أما ما تيقنت أن في منقاره قذرا فلا يؤكل ، وما لم تره في منقاره فلا بأس به وليس هو مثل الماء لأن الماء يطرح ولا يتوضأ به .

قال سحنون : أخبرني ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وبكير بن عبد الله بن الأشج أنهما كانا يقولان : لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل سؤر الحمير والبغال وغيرهما من الدواب . وقال ابن شهاب مثله في الحمار . وقال عطاء بن أبي رباح وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو الزناد في الحمار والبغل مثله ، وتلا عطاء قول الله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة }

وقاله مالك من حديث ابن وهب . قال علي بن زياد عن مالك : في الذي يتوضأ بماء قد ولغ فيه الكلب ثم صلى ، قال : لا أرى عليه إعادة وإن علم في الوقت ولا غيره .

قال علي وابن وهب عن مالك : ولا يعجبني الوضوء بفضل الكلب إذا كان الماء قليلا ، قال : ولا بأس به إذا كان الماء كثيرا كهيئة الحوض يكون فيه ماء كثير أو بعض ما يكون فيه من الماء الكثير .

قال ابن وهب عن ابن جريج : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد ومعه أبو بكر وعمر على حوض فخرج أهل الحوض فقالوا : يا رسول الله إن الكلاب والسباع تلغ في هذا الحوض ، فقال : لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا } .

وأخبرنا عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال عمر : لا تخبرنا يا صاحب الحوض فإنا نرد على السباع وترد علينا فالكلب أيسر مؤنة من السباع ، والهر أيسرهما لأنه مما يتخذه الناس .

قال ابن القاسم وقال مالك : لا بأس بلعاب الكلب يصيب الثوب وقاله ربيعة .

وقال ابن شهاب : لا بأس إذا اضطررت إلى سؤر الكلب أن يتوضأ به ، وقال مالك : يؤكل صيده فكيف يكره لعابه ؟

قلت : فالدجاج المخلاة التي تأكل الجيف إن شربت من إناء فتوضأ به رجل أعاد ما دام في الوقت فإن مضى فلا إعادة عليه قال : نعم وإن كانت الدجاج مقصورة فهي بمنزلة غيرها من الحمام وما أشبه ذلك لا بأس بسؤرها ؟

قال : نعم ، قال : وقد سألنا مالكا عن الخبز من سؤر الفأرة ، قال : لا بأس به ، قال : فقلنا له : هل يغسل بول الفأرة يصيب الثوب ؟

قال : نعم ، قال : وسألنا مالكا عن الدجاج والإوز تشرب في الإناء أيتوضأ به ؟

قال : لا إلا أن تكون مقصورة لا تصل إلى النتن وكذلك الطير التي تأكل الجيف .

قال ابن القاسم : ولا أرى يتوضأ به وإن لم يجد غيره وليتيمم إذا علم أنها تأكل النتن .

قال : وقال مالك : وإن كانت مقصورة فلا بأس بسؤرها .

قال : وسألت ابن القاسم عن خرء الطير والدجاج التي ليست بمخلاة تقع في الإناء فيه الماء ما قول مالك فيه ؟

قال : كل ما لا يفسد الثوب فلا يفسد الماء ، وأن [ ص: 117 ] ابن مسعود ذرق عليه طائر فنفضه بإصبعه من حديث وكيع عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي عثمان النهدي .

قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أنه كان يكره فضل الدجاج . قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب في الإوز والدجاج مثله . وقال الليث بن سعد مثله .

وقال مالك : إذا كانت بمكان تصيب فيه الأذى فلا خير فيه وإذا كانت بمكان لا تصيب فيه الأذى فلا بأس به .

قال وكيع عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي : رأيت طائرا ذرق على سالم بن عبد الله فمسحه عنه من حديث ابن وهب .

استقبال القبلة للغائط والبول

قال وقال مالك : إنما الحديث الذي جاء { لا تستقبل القبلة لغائط ولا لبول } إنما يعني بذلك فيافي الأرض ولم يعن بذلك القرى والمدائن ، قال : فقلت له : أرأيت مراحيض تكون على السطوح ؟

قال : لا بأس بذلك ولم يعن بالحديث هذه المراحيض .

قلت : أيجامع الرجل امرأته مستقبل القبلة في قول مالك ؟

قال : لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أنه لا بأس به لأنه لا يرى بالمراحيض بأسا في المدائن والقرى وإن كانت مستقبلة القبلة .

قلت : كان مالك يكره استقبال القبلة واستدبارها لبول أو لغائط في فيافي الأرض ، قال : نعم الاستقبال والاستدبار سواء .

قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق أنه سمع أبا أيوب يقول : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ذهب أحدكم لغائط أو لبول فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها } .

قال ابن وهب وذكر عن حمزة بن عبد الواحد المدني يحدث عن عيسى بن أبي عيسى الحناط عن الشعبي في استقبال القبلة لغائط أو لبول ، قال : إنما ذلك في الفلوات فإن لله عبادا يصلون له من خلقه فأما حشوشكم هذه التي في بيوتكم فإنها لا قبلة لها .

الاستنجاء من الريح والغائط قال وقال مالك : لا يستنجى من الريح ولكن إن بال أو تغوط فليغسل مخرج الأذى وحده فقط إن بال فمخرج البول الإحليل وإن تغوط فمخرج الأذى فقط .

قال ابن القاسم قلت لمالك : فمن تغوط فاستنجى بالحجارة ثم توضأ ولم يغسل ما هنالك بالماء حتى صلى ؟

قال : تجزئه صلاته وليغسل ما هنالك بالماء فيما يستقبل .

قال مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن طحلاء عن عثمان بن عبد الرحمن : أن أباه أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب يتوضأ بالماء وضوءا لما تحت إزاره ، قال مالك : يريد الاستنجاء بالماء .

قال [ ص: 118 ] ابن وهب عن الليث بن سعد عن أبي معشر عن محمد بن قيس قاضي عمر بن عبد العزيز : { إن المغيرة بن شعبة اتبع النبي عليه السلام في غزوة تبوك بإداوة من ماء حين تبرز فأخذ الإداوة منه ، وقال : تأخر عني ففعلت فاستنجى بالماء } .

قال ابن وهب عن مسلمة بن علي عن الأوزاعي عن عائشة قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله ، وقالت : إنه شفاء من الباسور .

قال ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي { عن عبد الله بن مسعود قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فسمعتهم يستفتونه عن الاستنجاء فسمعته يقول : ثلاثة أحجار فقالوا : فكيف بالماء ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو أطهر وأطيب } .

في الوضوء من مس الذكر قلت : فهل ينتقض وضوءه إذا غسل دبره فمس الشرج ؟

قال : قال مالك : لا ينتقض وضوءه من مس شرج ولا رفع ولا شيء مما هنالك إلا من مس الذكر وحده بباطن الكف ، فإن مسه بظاهر الكف أو الذراع فلا ينتقض وضوءه .

قلت : فإن مسه بباطن الأصابع ؟

قال : أرى باطن الأصابع بمنزلة باطن الكف ، قال لأن مالكا قال لي : إن باطن الأصابع وباطن الكف بمنزلة واحدة .

قال : وبلغني أن مالكا قال في مس المرأة فرجها إنه لا وضوء عليها . وقال مالك فيمن مس ذكره في غسله من الجنابة قال : يعيد وضوءه إذا فرغ من غسله من الجنابة إلا أن يكون قد أمر يديه على مواضع الوضوء منه في غسله فأرى ذلك مجزيا عنه .

قال ابن القاسم وعلي بن زياد وابن وهب وابن نافع عن مالك عن عبد الله بن بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول : دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء ، فقال مروان : ومن مس الذكر الوضوء ؟ فقال عروة : ما علمت ذلك ، فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول : { إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ } .

قال عروة : ثم أرسل مروان إلى بسرة رسولا يسألها عن ذلك فأتاه عنها بمثل الذي قال ، وقالوا كلهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول : إذا مس رجل فرجه فقد وجب عليه الوضوء ، وقالوا أيضا عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يغتسل ثم يتوضأ قال فقلت له : ما يجزيك الغسل من الوضوء ؟ قال : بلى ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ .

وذكروا أيضا عن مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن المصعب بن سعد عن سعد أنه كان يقول : الوضوء من مس الذكر ، وذكروا أيضا عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عروة أنه كان يقول : من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء .
[ ص: 119 ] الوضوء من النوم قال : وقال مالك : من نام في سجوده فاستثقل نوما وطال ذلك أن وضوءه منتقض . قال : ومن نام نوما خفيفا - الخطرة ونحوها - لم أر وضوءه منتقضا .

قال : وقال مالك فيمن نام على دابته قال : إن طال ذلك به انتقض وضوءه وإن كان شيئا خفيفا فهو على وضوئه .

قال : فقلت له : أرأيت إن نام الذي على دابته قدر ما بين المغرب والعشاء ؟

قال : أرى أن يعيد الوضوء في مثل هذا وهذا كثير ، قال : وهو عندي بمنزلة القاعد .

قال : وقال مالك : من نام وهو محتب في يوم الجمعة وما أشبه ذلك فإن ذلك خفيف ولا أرى عليه الوضوء لأن هذا لا يثبت ، قال : فإن نام وهو جالس بلا احتباء ؟

قال : هذا أشد لأن هذا يثبت وعلى هذا الوضوء إن كثر ذلك وطال .

قال مالك : عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن تفسير هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } إن ذلك إذا قمتم من المضاجع يعني النوم .

قال مالك : عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال : إذا نام أحدكم وهو مضطجع فليتوضأ .

قال ابن وهب عن حيوة بن شريح عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن قسيط أن أبا هريرة كان يقول : ليس على المجتبي النائم ولا على القائم النائم وضوء .

قال ابن وهب وقال عطاء بن أبي رباح ومجاهد : إن الرجل إذا نام راكعا أو ساجدا فعليه الوضوء .

قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : إن السنة فيمن نام راكعا أو ساجدا فعليه الوضوء .

قال علي بن زياد عن سفيان عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي خالد بن علاق العبسي عن أبي هريرة قال : من استحق نوما فقد وجب عليه الوضوء ، قال ابن وهب : وأن ربيعة بن أبي عبد الرحمن كانت في يده مروحة وهو جالس فسقطت من يده المروحة وهو ناعس فتوضأ ، وقال قال ابن أبي سلمة : من استثقل نوما فعليه الوضوء على أي حال كان .
ما جاء في سلس البول والمذي والدود والدم يخرج من الدبر قال : وسألت ابن القاسم عن الذكر يخرج منه المذي هل على صاحبه منه الوضوء ؟

قال : قال مالك : إن كان ذلك من سلس من برد أو ما أشبه ذلك قد استنكحه ودام به فلا [ ص: 120 ] أرى عليه الوضوء ، وإن كان ذلك من طول عزبة أو تذكر فخرج منه أو كان إنما يخرج منه المرة بعد المرة فأرى أن ينصرف فيغسل ما به ويعيد الوضوء .

قلت : فالدود يخرج من الدبر ؟

قال : لا شيء عليه عند مالك .

وقال إبراهيم النخعي مثله من حديث ابن وهب عن أشهب عن شعبة .

قلت : فإن خرج من ذكره بول لم يتعمده ؟

قال : عليه الوضوء لكل صلاة إلا أن يكون ذلك شيئا قد استنكحه فلا أرى عليه الوضوء لكل صلاة .

قال : وقال مالك في سلس البول : إن أذاه الوضوء واشتد عليه البرد فلا أرى عليه الوضوء .

قلت : فإن خرج من فرج المرأة دم ؟

قال : عليها الغسل عند مالك إلا أن تكون مستحاضة فعليها الوضوء لكل صلاة .

قال : وقال لي مالك : المستحاضة والسلس البول يتوضآن لكل صلاة أحب إلي من غير أن أوجب ذلك عليهما وأحب أن يتوضأ لكل صلاة .

قال : وسئل مالك عن الذي يصيبه المذي وهو في الصلاة أو في غير الصلاة فيكثر ذلك عليه أترى أن يتوضأ ؟

قال : فقال مالك : أما من كان ذلك منه من طول عزبة أو تذكر فإني أرى عليه أن يتوضأ ، وأما من كان ذلك منه من استنكاح قد استنكحه من إبردة أو غيرها فكثر ذلك عليه فلا أرى عليه وضوءا ، وإن كان قد أيقن أنه خرج ذلك منه فليكف ذلك بخرقة أو بشيء وليصل ولا يعيد الوضوء . قال : وسمعت مالكا يذكر قول الناس في الوضوء حتى يقطر أو يسيل ، قال : فسمعته وهو يقول : قطرا قطرا استنكارا لذلك ، قال : قلت لابن القاسم : فهل حد في هذا حدا أنه مذي ما لم يقطر أو يسل ؟

قال : ما سمعته حد لنا في هذا حدا ولكنه قال : يتوضأ . قال : وقد ذكر لنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال : إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة فإذا وجد أحدكم ذلك فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة قال مالك : يعني المذي .

قال ابن وهب عن عمر بن محمد العمري أن عمر بن الخطاب قال : إني لأجده ينحدر مني في الصلاة على فخذي كخرز اللؤلؤ فما أنصرف حتى أقضي صلاتي .

قال مالك بن أنس عن الصلت بن زيد أنه قال : سألت سليمان بن يسار عن البلل أجده فقال سليمان : انضح ما تحت ثوبك بالماء واله عنه . قال ابن وهب عن القاسم بن محمد أنه قال في الرجل يجد البلة قال : إذا استبريت وفرغت فارشش بالماء ، وقال ابن وهب عن ابن المسيب أنه قال في المذي : إذا توضأت فانضح بالماء ثم قل هو الماء .

قال ابن وهب عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب أنه قال : بلغني أن زيد بن ثابت كان يسلس البول منه حين كبر فكان يداري ما غلب من ذلك وما غلبه لم يزد على أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يصلي .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-12-2025, 05:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 121 الى صــ 130
الحلقة(2)





قال مالك عن أبي النضر حدثه عن سليمان بن يسار { عن المقداد بن الأسود : أن علي بن أبي طالب أمر أن يسأل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحدنا يخرج منه المذي ماذا عليه ؟ فإن عندي ابنته وأنا [ ص: 121 ] استحي أن أسأله ، قال المقداد : فسألته فقال : إذا وجد أحدكم ذلك فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة } .

قال علي بن زياد قال مالك : ليس على الرجل غسل أنثييه من المذي عند وضوئه منه إلا أن يخشى أن يكون قد أصاب أنثييه منه شيء إنما عليه غسل ذكره ، قال مالك : المذي عندنا أشد من الودي لأن الفرج يغسل عندنا من المذي ، والودي عندنا بمنزلة البول .

قال ابن وهب عن عقبة بن نافع قال : سئل يحيى بن سعيد عن الرجل يكون به الباسور لا يزال يطلع منه فيرده بيده ، قال : إذا كان ذلك لازما في كل حين لم يكن عليه إلا غسل يده فإن كثر ذلك عليه وتتابع لم نر عليه غسل يده وكأن ذلك بلاء نزل عليه فيعذر به بمنزلة القرحة .
في وضوء المجنون والسكران والمغمى عليه إذا أفاقوا قال وسألت مالكا عن المجنون يخنق ؟ قال : أرى عليه الوضوء إذا أفاق .

قلت لابن القاسم : فإن خنق قائما أو قاعدا ؟

قال : لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكني أرى أن يعيد الوضوء .

قلت : فمن ذهب عقله من لبن سكر منه أو نبيذ ؟

قال : لم أسأل عنه مالكا ولكن فيه الوضوء .

قال : وقال مالك من أغمي عليه فعليه الوضوء ، قال : فقيل لمالك : فالمجنون أعليه الغسل إذا أفاق ؟

قال : لا ، ولكن عليه الوضوء . قال : وكان مالك يأمر من أسلم من المشركين بالغسل ، قال : وقد يتوضأ من هو أيسر شأنا ممن فقد عقله بجنون أو بإغماء أو بسكر وهو النائم الذي ينام ساجدا أو مضطجعا لقول الله تبارك وتعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } وقد قال زيد بن أسلم : إنما تفسير هذه الآية : إذا قمتم إلى الصلاة من المضاجع يعني من النوم .

ما جاء في الملامسة والقبلة قال : وقال مالك في المرأة تمس ذكر الرجل ، قال : إن كانت مسته لشهوة فعليها الوضوء وإن كانت مسته لغير شهوة لمرض أو نحوه فلا وضوء عليها ، قال : فإذا مست المرأة الرجل للذة فعليها الوضوء ، قال : وكذلك إذا مس الرجل المرأة بيده للذة فعليه الوضوء من فوق ثوب كان أو من تحته فهو بمنزلة واحدة ، قال : وعليه الوضوء قال : والمرأة بمنزلة الرجل في هذا ، قال : وإن جسها للذة فلم ينعظ فعليه الوضوء .

قلت لابن [ ص: 122 ] القاسم : فإن قبلته المرأة على غير فيه على جبهته أو ظهره أو يده أتكون هي الملامسة دونه في قول مالك ؟

قال : نعم إلا أن يلتذ لذلك الرجل أو ينعظ فإن التذ لذلك أو أنعظ فعليه الوضوء ، قال : فإن هو لامسها أيضا أو قبلها على غير الفم والتذت هي لذلك فعليها أيضا الوضوء وإن لم تلتذ لذلك أو تشتهي فلا وضوء عليها .

قال مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يقول : الوضوء من قبلة الرجل امرأته ومن جسها بيده ، قال مالك : وبلغني عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول : من قبلة الرجل امرأته الوضوء .

وعن سعيد بن المسيب وعائشة وابن شهاب وربيعة وعبد الله بن يزيد بن هرمز وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد ومالك بن أنس والليث بن سعد وعبد العزيز بن أبي سلمة مثله من حديث ابن وهب .

قال علي بن زياد عن سفيان أن إبراهيم النخعي ، كان يرى في القبلة الوضوء .

في الذي يشك في الوضوء والحدث قال : وقال مالك : وفيمن شك في بعض وضوئه يعرض له هذا كثيرا قال : يمضي ولا شيء عليه وهو بمنزلة الصلاة .

قال : وقال مالك فيمن توضأ فشك في الحدث فلا يدري أحدث بعد الوضوء أم لا أنه يعيد الوضوء بمنزلة من شك في صلاته فلا يدري أثلاثا صلى أم أربعا فإنه يلغي الشك .

قال ابن القاسم : وقول مالك في الوضوء مثل الصلاة ما شك فيه من مواضع الوضوء فلا يتيقن أنه غسله فليلغ ذلك وليعد غسل ذلك الشيء .

قلت لابن القاسم : أرأيت من توضأ فأيقن بالوضوء ثم شك بعد ذلك فلم يدر أحدث أم لا وهو شاك في الحدث ؟

قال : إن كان ذلك يستنكحه كثيرا فهو على وضوئه وإن كان لا يستنكحه فليعد وضوءه وهو قول مالك ، وكذلك كل مستنكح مبتلى في الوضوء والصلاة .

ما جاء في الوضوء بسؤر الحائض والجنب والنصراني قال : وقال مالك : لا بأس بالوضوء بسؤر الحائض والجنب وفضل وضوئهما إذا لم يكن في أيديهما نجس .

قال : وقال مالك : لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما أدخل يده فيه .

قال علي بن زياد عن مالك قال في الوضوء : من فضل غسل الجنب وشرابه أو الاغتسال به أو شربه ، قال : فقال : لا بأس بذلك كله ، بلغنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وعائشة من إناء واحد } ، قال : وفضل الحائض عندنا في ذلك بمنزلة فضل الجنب .

قال [ ص: 123 ] ابن وهب قال : قال نافع عن ابن عمر : أنه كان يتوضأ بسؤر البعير والبقرة والشاة والبرذون والفرس والحائض والجنب .

ما جاء في تنكيس الوضوء

قال : وسألت مالكا عمن نكس وضوءه فغسل رجليه قبل يديه ثم وجهه ثم صلى ، قال : صلاته مجزئة عنه ، قال : قلت له : أترى أن يعيد الوضوء ؟

قال : ذلك أحب إلي ، قال : ولا ندري ما وجوبه .

قال ابن وهب قال : بلغني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ونعيم بن عبد الله بن عمر المجمر عن أبي هريرة قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا توضأ أحدكم فليبدأ بميامنه } .

وذكر وكيع بن الجراح عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود أنهما قالا : ما نبالي بدأنا بأيسارنا أو بأيماننا .

فيمن نسي المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين ومن فرق وضوءه أو غسله متعمدا أو نسي بعضه قال : وقال مالك فيمن توضأ فغسل وجهه ويديه ثم ترك أن يمسح برأسه وترك غسل رجليه حتى جف وضوءه وطال ذلك ، وقال : إن كان ترك ذلك ناسيا بنى على وضوئه وإن تطاول ذلك ، قال : وإن كان ترك ذلك عامدا استأنف الوضوء .

قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة أن رجلا جاء إلى سعيد بن المسيب فقال : إني اغتسلت من الجنابة ونسيت أن أغسل رأسي ، قال : فأمر رجلا من أهل المجلس أن يقوم معه إلى المطهرة فيصب على رأسه دلوا من ماء .

قال : وقال مالك : ومن ترك المضمضة والاستنشاق وداخل أذنيه في الغسل من الجنابة حتى صلى ، قال : يتمضمض ويستنشق لما يستقبل وصلاته التي صلى تامة ، قال : ومن ترك المضمضة والاستنشاق ومسح داخل الأذنين في الغسل من الجنابة والذي ترك ذلك في الوضوء فهما سواء وليمسح داخلهما فيما يستقبل .

قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال : لو نسيه لم يكن من الوضوء .

قال ابن وهب قال الليث بن سعد وقال يحيى بن سعيد : لو نسي ذلك حتى صلى لم يقل له عد لصلاتك ، ولم نر أن ذلك ينقص صلاته .

قال ابن وهب وقال ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعبيد الله بن عمر إنه لا يعيد إلا مما ذكر الله في كتابه .

قال ابن وهب وقاله مالك والليث بن سعد مثله .

قال ابن وهب عن يونس عن ربيعة أنه كان يقول : إن تفريق الغسل مما يكره وإنه لم يكن [ ص: 124 ] غسلا حتى يتبع بعضه بعضا فأيما رجل يفرق غسله متحريا لذلك فإن ذلك ليس بغسل ، وقال مالك والليث بن سعد مثله .

ما جاء في مسح الرأس قال مالك : المرأة في مسح الرأس بمنزلة الرجل تمسح على رأسها كلها وإن كان معقوصا فلتمسح على ضفرها ولا تمسح على خمار ولا غيره .

قال : وقال مالك : الأذنان من الرأس ويستأنف لهما الماء وكذلك فعل ابن عمر . قال : وقد قال لي مالك : في الحناء تكون على الرأس فأراد صاحبه أن يمسح على رأسه في الوضوء قال : لا يجزئه أن يمسح على الحناء حتى ينزعها فيمسح على شعره . قال : وقال مالك : في المرأة يكون لها الشعر المرخى على خديها من نحو الدلالين أنها تمسح عليهما بالماء ورأسها كله مقدمه ومؤخره ، ورواه ابن وهب أيضا وكذلك الذي له شعر طويل من الرجال .

قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة عن عائشة : أنها كانت إذا توضأت تدخل يدها تحت الوقاية وتمسح برأسها كله .

قال ابن وهب قال : وبلغني عن جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم وصفية امرأة ابن عمر وسعيد بن المسيب وابن شهاب ويحيى بن سعيد ونافع مثل ذلك ، وقال مالك : في المرأة تمسح على خمارها أنها تعيد الصلاة والوضوء .

ما جاء فيمن عجزه الوضوء أو نسي بعض وضوئه أو غسله قال : وقال مالك فيمن توضأ ففرغ من بعض الوضوء وبقي بعضه فقام لأخذ الماء فقال : إن كان قريبا فأرى أن يبني على وضوئه وإن تطاول ذلك وتباعد أخذه الماء وجف وضوءه فأرى أن يعيد الوضوء من أوله .

قال ابن القاسم : أيما رجل اغتسل من جنابة أو حائض اغتسلت فبقيت لمعة من أجسادهما لم يصبها الماء أو توضأ فبقيت لمعة من مواضع الوضوء حتى صليا ومضى الوقت ، قال : إن كان إنما ترك اللمعة عامدا أعاد الذي اغتسل غسله والذي توضأ وضوءه وأعادوا الصلاة وإن كانوا إنما تركوا ذلك سهوا فليغسلوا تلك اللمعة وليعيدوا الصلاة ، فإن لم يغسلوا ذلك حين ذكروا ذلك فليعيدوا الوضوء والغسل وهو قول مالك .

قال سحنون وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في تبعيض الغسل مثل ذلك .

وقال ابن المسيب في الذي ترك رأسه ناسيا في الغسل ، مثل ذلك ، وقال مالك [ ص: 125 ] في الذي ينسى أن يمسح برأسه فذكره وهو في الصلاة وفي لحيته بلل ، قال : لا يجزئه أن يمسح بذلك البلل ، قال : ولكن ليأخذ الماء لرأسه وليبتدئ الصلاة بعدما يمسح برأسه .

قلت : فهل كان مالك يأمر بأن يغسل رجليه بعدما يمسح برأسه ؟

قال : إن كان ناسيا وخف وضوءه فلا يكون عليه إلا مسح رأسه .

في مسح الوضوء بالمنديل قال : وقال مالك : لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء ، قال ابن وهب عن زيد بن الحباب عن أبي معاذ عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة ينتشف بها بعد الوضوء } .
جامع الوضوء وتحريك اللحية قال : وقال مالك : من كان على وضوء فذبح فلا ينتقض لذلك وضوءه ، وقال فيمن توضأ ثم حلق رأسه : إنه ليس عليه أن يمسح رأسه بالماء ثانية .

قال ابن القاسم وقال عبد العزيز بن أبي سلمة : هذا من لحن الفقه ، قال : وسمعت مالكا يذكر قول الناس في الوضوء حتى يقطر أو يسيل ، قال فسمعته وهو يقول : قطرا قطرا إنكارا لذلك .

قال : وقال مالك : وقد كان بعض من مضى يتوضأ بثلث المد .

قال : وقال مالك : تحرك اللحية في الوضوء من غير تخليل قال ابن وهب : إن ربيعة بن أبي عبد الرحمن كان ينكر تخليل اللحية ، وقال : يكفيها ما مر عليها من الماء .

وقال القاسم بن محمد : أغرف ما يكفيني من الماء فأغسل به وجهي وأمره على لحيتي ، من حديث ابن وهب عن حيوة بن شريح عن سليمان بن أبي زينب .

وقال ابن القاسم : لست من الذين يخللون لحاهم ، وقال إبراهيم النخعي : يكفيها ما مر عليها من الماء من حديث وكيع عن الفضيل عن منصور .

قال وكيع وقال ابن سيرين : ليس من السنة غسل اللحية وأن ابن عباس لم يكن يخلل لحيته عند الوضوء من حديث ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر .
ما جاء في القيء والحجامة والقلس والوضوء منها قال : وقال مالك : القيء قيآن أما ما يخرج بمنزلة الطعام فكان لا يرى ما أصاب الجسد من ذلك بنجس ، وما تغير عن حال الطعام فأصاب جسده أو ثوبه غسله قال : [ ص: 126 ] وقال مالك : في موضع المحاجم قال : يغسله ولا يجزيه أن يمسحه ، قال مالك : وإن مسح موضع المحاجم ثم صلى ولم يغسل ذلك أنه يعيد ما دام في الوقت .

قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن القاسم بن محمد : أنه كان لا يتوضأ من القيء ولا يرى منه الوضوء .

قال ابن وهب : وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد وزيد بن أسلم وعبد العزيز بن أبي سلمة مثله .

قال ابن وهب : وبلغني عن يحيى بن سعيد ومجاهد وطاوس وربيعة بن أبي عبد الرحمن في القلس مثله ، قال مالك : ولقد رأيت ربيعة بن أبي عبد الرحمن بعد المغرب يقلس في المسجد مرارا فلا ينصرف حتى يصلي .

قال ابن وهب : وقد قال ابن عباس وابن عمرو الحسن في الحجامة يغسل موضع المحاجم فقط .

قال ابن وهب قال : وقال يحيى بن سعيد في العرق يقطع والمحاجم مثله .

وقال ابن شهاب في الحجامة مثله وربيعة بن أبي عبد الرحمن مثله .

في القرحة تسيل قال : وقال مالك : كل قرحة إذا تركها صاحبها لم يسل منها شيء وإذا نكأها بشيء سال منها ، فإن تلك ما سال منها يغسل منه الثوب وإن سال على جسده غسله إلا أن يكون الشيء اليسير مثل الدم الذي يفتله ولا ينصرف ، وما كان من قرحة يسيل لا يجف وهي تمصل فإن تلك يجعل عليها خرقة ويداريها ما استطاع ، وإن أصاب ثوبه لم أر بأسا أن يصلي به ما لم يتفاحش ذلك وإن تفاحش ذلك فأحب إلي أن يغسله ولا يصلي به .

قال ابن القاسم : والقيح والصديد عند مالك بمنزلة الدم .

قال : وقال مالك فيمن كانت به قرحة فنكأها فسال الدم أو خرج الدم هو نفسه سال من غير أن ينكأها ، قال : هذا يقطع الصلاة إن كان الدم قد سال والقيح فيغسل ذلك عنه ولا يبني ويستأنف ولا يبني إلا في الرعاف وحده ، قال : إن كان ذلك الدم الذي خرج من هذه القرحة دما يسيرا فليمسحه وليفتله وليمض على صلاته .

قال ابن وهب : إن عمر بن الخطاب صلى والجرح يثعب دما ، قال يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال : أما الشيء اللازم من جرح يمصل أو أثر براغيث فصل بثوبك ، وإذا تفاحش منظره ذلك أو تغير ريحه فاغسله وليس به بأس ما لم يتفاحش منظره ويظهر ريحه ما دمت تداري ذلك .

قال ابن وهب قال يونس : قال ابن شهاب في الجراح يمصل قال : تداري ما عليك من ذلك ثم تصلي . قال ابن وهب قال يونس قال أبو الزناد : أما الذي لا يبرح فلا غسل فيه .

قال ابن وهب وقد قال عروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح مثله في الدمل والقرحة .

قال ابن وهب : إن أبا هريرة [ ص: 127 ] وابن المسيب وسالم بن عبد الله كانوا يخرجون أصابعهم من أنوفهم مختضبة دما فيفتلونه ويمسحونه ثم يصلون ولا يتوضئون .

قال ابن وهب : وبلغني أن ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح وربيعة ومحمد بن كعب القرظي فيما يخرج من الفم من الدم لا يرون فيه وضوءا .

وقال سالم ويحيى بن سعيد مثله .
ما جاء في الصلاة والوضوء والوطء على أرواث الدواب قال : وقال مالك : معنى قول النبي عليه السلام : { في الدرع يطهره ما بعده } وهذا في القشب اليابس .

قال ابن القاسم : كان مالك يقول : دهره في الرجل يطأ بخفه على أرواث الدواب ثم يأتي المسجد أنه يغسله ولا يصلي فيه قبل أن يغسله ، ثم كان آخر ما فارقناه عليه أن قال : أرجو أن يكون واسعا ، قال : وما كان الناس يتحفظون هذا التحفظ .

وقال مالك فيمن وطئ بخفيه أو بنعليه على دم أو على عذرة قال : لا يصلي فيه حتى يغسله ، قال : وإذا وطئ على أرواث الدواب وأبوالها ؟

قال : فهذا يدلكه ويصلي به وهذا خفيف .

قال ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن رجل عن أنس بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا جاء أحدكم إلى المسجد فإن كان ليلا فليدلك نعليه وإن كان نهارا فلينظر إلى أسفلهما } . قال ابن وهب قال الليث بن سعد وسمعت يحيى بن سعيد يقول : نكره أن يصلي ببول الحمير والبغال والخيل وأرواثها ولا نكره ذلك من الإبل والبقر والغنم ، وقاله ابن شهاب وعطاء وعبد الرحمن بن القاسم ونافع وأبو الزناد وسالم ومجاهد في الإبل والبقر والغنم .

وقال مالك : إن أهل العلم لا يرون على من أصابه شيء من أبوال البقر والإبل والغنم وإن أصاب ثوبه فلا يغسله ، ويرون على من أصابه شيء من أبوال الدواب : الخيل والبغال والحمير أن يغسله والذي فرق بين ذلك أن تلك تشرب ألبانها وتؤكل لحومها ، وأن هذه لا تشرب ألبانها ولا تؤكل لحومها وقد سألت بعض أهل العلم عن هذا فقالوا لي هذا .

قال ابن وهب عن عمر بن قيس عن عطاء قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون حفاة فما وطئوا عليه من قشب رطب غسلوه وما وطئوا عليه من قشب يابس لم يغسلوه .

قال وكيع عن سفيان بن عيينة عن سليمان بن مهران عن شقيق بن سلمة { عن عبد الله بن مسعود قال : كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتوضأ من موطئ } قال وكيع عن عيسى بن يونس عن محمد بن مجاشع التغلبي عن أبيه عن كهيل قال : رأيت علي بن أبي طالب يخوض طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه .

قال : وقال مالك : لا بأس بطين المطر وماء المطر المستنقع في السكك والطرق [ ص: 128 ] وما أصاب من ثوب أو خف أو نعل أو جسد فلا بأس بذلك ، قال : فقلنا له : إنه يكون فيه أرواث الدواب وأبوالها والعذرة ، قال : لا بأس بذلك ما زالت الطرق هذا فيها وكانوا يخوضون المطر وطينه ويصلون ولا يغسلونه .

في الدم وغيره يكون في الثوب يصلي به الرجل قال : وقال مالك في الرجل يصلي وفي ثوبه دم يسير من دم حيضة أو غيره فيراه وهو في الصلاة قال : يمضي على صلاته ولا يبالي ألا ينزعه ولو نزعه لم أر به بأسا ، وإن كان دما كثيرا كان دم حيضة أو غيره نزعه واستأنف الصلاة من أولها بإقامة ، ولا يبني على شيء مما صلى وإن رأى بعدما فرغ أعاد ما دام في الوقت والدم كله عندي سواء دم الحيضة وغيره ، ودم الحوت عند مالك مثل جميع الدم ، قال : ويغسل قليل الدم وكثيره من الدم كله وإن كان دم ذباب رأيت أن يغسل .

قلت : فإن كان في نافلة فلما صلى ركعة رأى في ثوبه دما كثيرا أيقطع أم يمضي ؟ فإن قطع أيكون عليه قضاء أم لا ؟

قال : يقطع ولا أرى عليه قضاء إلا أن يحب أن يصلي ، قال : فقيل لمالك : فدم البراغيث ؟

قال : إن كثر ذلك وانتشر فأرى أن يغسل ، قال : والبول والرجيع والاحتلام والمذي وخرء الطير التي تأكل الجيف والدجاج التي تأكل النتن فإن قليل خرئها وكثيره سواء ، إن ذكر وهو في الصلاة وهو في ثوبه أو إزاره نزع وقطع الصلاة واستأنفها من أولها بإقامة جديدة كان مع الإمام أو وحده فإن صلاها أعادها ما دام في الوقت فإن ذهب الوقت فلا إعادة عليه ، قال : فقلت له : فإن رأى في ثوبه دما ما قبل أن يدخل في الصلاة فنسي حتى دخل في الصلاة ؟

قال : هو مثل هذا كله يفعل فيه كما يفعل فيما فسرت لك في هذا ، قال : وأرواث الدواب : الخيل والبغال والحمير أرى أن يفعل فيها كما يفعل في البول والرجيع والمذي يكون في الثوب ؟

قال : ولا بأس ببول ما يؤكل لحمه مثل البعير والشاة والبقر .

قال : وقال مالك في المني يصيب الثوب فيجف فيحته قال : لا يجزيه ذلك حتى يغسله .

قال : وقال مالك : ومن صلى وفي جسده دنس فهو بمنزلة من هو في ثوبه يصنع به كما يصنع من صلى وفي ثوبه دنس .

قال : وقال مالك في دم البراغيث يكون في الثوب متفرقا قال : إذا تفاحش ذلك غسله فإن كان غير متفاحش ، فلا أرى به بأسا ، قال مالك : ودم الذباب يغسل ، قال : وما رأيت مالكا يفرق بين الدماء ولكنه يجعل دم كل شيء سواء ، وذلك أني كنت سألت ابن القاسم عن دم القراد والسمك والذباب فقال : ودم السمك أيضا يغسل . [ ص: 129 ] قال : وقال مالك في الثوب يكون فيه النجس قال : لا يطهره شيء إلا الماء وكذلك ، قال : فقلت لمالك : فالقطرة من الدم تكون في الثوب أيمجه بفيه أي يقلعه من ثوبه وينزعه ؟

قال : يكرهه لثوبه ويدخله في فيه فكره ذلك .

قال : وقال مالك في الثوب يصيبه البول أو الاحتلام فيخطئ موضعه ولا يعرفه قال : يغسله كله .

قلت له : فإن عرف تلك الناحية ؟

قال : يغسل تلك الناحية منه .

قلت : فإن شك فلم يستيقن أصابه أو لم يصبه ؟

قال : ينضحه بالماء ولا يغسله وذكر النضح ، فقال : هو الشأن وهو من أمر الناس ، قال : وهو طهور ولكل ما شك فيه .

قلت : أرأيت ما تطاير علي من البول قدر رءوس الإبر هل تحفظ من مالك فيه شيئا ؟

قال : أما هذا بعينه مثل رءوس الإبر فلا ولكن قول مالك : يغسل قليل البول وكثيره .

قال سحنون عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : بلغنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد في ثوبه دما في الصلاة فانصرف } .

قال ابن وهب وقال ابن شهاب : القيح بمنزلة الدم في الثوب وهو نجس .

وقال مجاهد والليث بن سعد مثله : يغسله بالماء .

قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة { أن خولة بنت يسار قالت : يا رسول الله أفرأيت إن لم يخرج الدم من الثوب ؟ قال : يكفيك الماء ولا يضرك أثره } .

قال مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب غسل الاحتلام من ثوبه .

قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال فيمن أصاب ثوبه بول أو رجيع أو ساقه أو بعض جسده حتى صلى وفرغ قال : إن كان مما يكون من الناس فإنه يعيد صلاته وإن كان قد فات الوقت فلا يعيد .

وقال ابن شهاب فيمن صلى بثوب فيه احتلام مثل قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن ويونس ، وقال ربيعة في دم البراغيث يكون في الثوب : إذا تفاحشت منظرته أو تغير ريحه فاغسله ولا بأس به ما لم يتفاحش منظره ويظهره ريحه فلا بأس ما دمت تداري ذلك .

قال وكيع عن أفلح بن حميد عن أبيه قال : عرسنا مع ابن عمر بالأبواء ثم سرنا حين صلينا الفجر حتى ارتفع النهار فقلت لابن عمر : إني صليت في إزاري وفيه احتلام ولم أغسله ، فوقف علي ابن عمر فقال : انزل فاطرح إزارك وصل ركعتين وأقم الصلاة ثم صل الفجر ففعلت .

قال سحنون : وإنما ذكرت هذا حجة على من زعم أنه لا يعيد في الوقت ، وقال ابن عمر وأبو هريرة في الثوب تصيبه الجنابة فلا يعرف موضعها يغسل الثوب كله من حديث ابن وهب .
في المسح على الجبائر والظفر المكسي قال : وسألت ابن القاسم عن المسح على الجبائر فقال : قال مالك : يمسح عليها ، [ ص: 130 ] قال ابن القاسم : فأرى إن هو ترك المسح على الجبائر أن يعيد الصلاة أبدا .

قال : وقال مالك : ولو أن رجلا جنبا أصابه كسر أو شجة وكان ينكب عنها الماء لموضع الجبائر فإنه إذا صح ذلك كان عليه أن يغسل ذلك الموضع الذي كانت عليه الجبائر أو الشجة .

قلت : فإن صح ولم يغسل ذلك الموضع حتى صلى صلاة أو صلوات ؟

قال : إن كان في موضع لا يصيبه الوضوء إنما هو في المنكب أو الظهر ، فأرى أن يعيد كل ما صلى من حين كان يقدر على أن يمسه بالماء لأنه بمنزلة من بقي في جسده موضع لم يصبه الماء في جنابة اغتسل منها حتى صلى صلوات أنه يعيد الصلوات كلها وإنما عليه أن يمس ذلك الموضع بالماء فقط .

قال : وقال مالك في الظفر يسقط قال : لا بأس أن يكسي الدواء ثم يمسح عليه .

قلت لابن القاسم : والمرأة بهذه المنزلة ؟

قال : نعم هي مثله . قال : ابن وهب وقد قال : يمسح على الجبائر الحسن البصري وإبراهيم النخعي ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وقال ربيعة : والشجة في الوجه يجعل عليها الدواء ويمسح عليها ، وقال مالك في القرطاس أو لشيء يجعل على الصدغ من صداع أو من وجع به أنه يمسح عليه من رواية ابن وهب .

ما جاء في وضوء الأقطع قال ابن القاسم : قال مالك فيمن قطعت رجلاه إلى الكعبين قال : إذا توضأ غسل بالماء ما بقي من الكعبين وغسل موضع القطع أيضا .

قلت لابن القاسم : أيبقى من الكعبين شيء ؟

قال : نعم إنما يقطع من تحت الكعبين ويبقى الكعبان في الساقين ، وقد قال الله تبارك وتعالى : { وأرجلكم إلى الكعبين } . ولقد وقفت مالكا على الكعبين اللذين إليهما حد الوضوء الذي ذكر الله في كتابه فوضع لي يده على الكعبين اللذين في أسفل الساقين فقال لي : هذان هما .

قلت : فإن هو قطعت يداه من المرفقين أيغسل ما بقي من المرفقين ويغسل موضع القطع ؟

قال : لا يغسل موضع القطع ولم يبق من المرفقين شيء فليس عليه أن يغسل شيئا من يديه إذا قطعتا من المرفقين .

قلت : وكيف لم يبق من المرفقين شيء ؟

قال : لأن القطع قد أتى على جميع الذراعين والمرفقان في الذراعين فلما ذهب المرفقان مع الذراعين لم يكن عليه أن يغسل موضع القطع ، قال : وأما الكعبان فهما باقيان في الساقين فلذلك غسل موضع القطع ، قلت : وهذا قول مالك أيضا ، قال : سألت مالكا عن الذراعين ؟

قال ابن القاسم : والتيمم هو في ذلك مثل الوضوء .

قال ابن القاسم : إلا أن يكون بقي شيء من المرفقين في العضدين يعرف ذلك الناس ويعرفه العرب فإن كان كذلك فليغسل ما بقي من المرفقين .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-12-2025, 05:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 131 الى صــ 140
الحلقة(3)



[ ص: 131 ] في غسل بول الجارية والغلام قال : وقال مالك في الجارية والغلام بولهما سواء إذا أصاب بولهما ثوب رجل أو امرأة غسلا ذلك وإن لم يأكلا الطعام ، قال : وأما الأم فأحب إلي أن يكون لها ثوب سوى ثوبها الذي ترضع فيه إذ كانت تقدر على ذلك ، وإن لم تكن تقدر على ذلك فلتصل في ثوبها ولتدار البول عنها جهدها ولتغسل ما أصاب من البول ثوبها جهدها .
ما جاء في الذي يبول قائما قال : وقال مالك في الرجل يبول قائما قال : إن كان في موضع رمل أو ما أشبه ذلك لا يتطاير عليه منه شيء فلا بأس بذلك ، وإن كان في موضع صفا يتطاير عليه فأكره له ذلك وليبل جالسا .

قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان { عن النبي عليه السلام : أنه بال قائما ومسح على خفيه } .

الوضوء من ماء البئر تقع فيه الدابة والبرك قال : وسمعت مالكا وسئل عن جباب إنطابلس التي يكون فيها ماء السماء تقع فيه الشاة أو الدابة فتموت فيه ؟

قال : لا أحب لأحد أن يشرب منه ولا يغتسل به ، فقيل له : أتسقى منه البهائم ؟

قال : لا أرى بذلك بأسا .

قال ابن القاسم وقال مالك في البئر من آبار المدينة تقع فيه الوزغة أو الفأرة وقال : يستقي منها حتى تطيب وينزفون منها على قدر ما يظنون أنها قد طابت ينزفون منها ما استطاعوا .

قال مالك : وكره للجنب أن يغتسل في الماء الدائم إذا كان غديرا يشبه البرك .

قلت : أرأيت ما كان في الطريق من الغدر والآبار والحياض أو في الفلوات يصيبها الرجل قد انثنت وهو لا يدري من أي شيء انثنت أيتوضأ منها أم لا ؟

قال : قال مالك : إذا كانت البئر قد انثنت من الحمأة أو نحو ذلك فلا بأس بالوضوء منها .

قال : وهذا مثل ذلك .

قال ابن وهب : قال وسمعت مالكا وسئل عن رجل أصابته السماء حتى استنقع ذلك الماء القليل أيتوضأ من ذلك الماء ؟

قال : نعم يتوضأ منه ، قيل له : فإن جف ذلك الماء ؟

قال : يتيمم بذلك الطين ، قيل له : يخاف أن يكون فيه زبل ؟

قال : لا بأس به ، قال : وسئل مالك عن مواجل أرض برقة تقع فيه الدابة فتموت فيه ؟

قال : لا يتوضأ به ولا يشرب منه ، قال : ولا بأس أن تسقى منه الماشية ، قال : والعسل تقع فيه الدابة فتموت فيه ؟

قال : إن كان ذلك ذائبا فلا يؤكل ولا يباع ولا بأس أن يعلف النحل ذلك العسل الذي ماتت فيه الدابة .

قال ابن وهب عن ابن لهيعة [ ص: 132 ] عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الماء الذي لا يجري تموت فيه الدابة أيشرب منه ويغسل منه الثياب ، فقالا أنزله إلى نظرك بعينك فإن رأيت ماء لا يدنسه ما وقع فترجو أن لا يكون به بأس قال سحنون وقال علي قال مالك : من توضأ بماء وقعت فيه ميتة تغير لونه أو طعمه وصلى أعاد ، وإن ذهب الوقت وإن لم يتغير لون الماء ولا طعمه أعاد ما دام في الوقت ، وقال ابن شهاب وربيعة بن عبد الرحمن : كل ماء فيه فضل عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا رائحته لا يضره ذلك .

قال ربيعة : إن تغير لون الماء أو طعمه نزع منه قدر ما يذهب الرائحة عنه ، قال سحنون : إنما هذا في البئر .

قال ابن وهب عن أنس بن عياش عن الحارث بن عبد الرحمن عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يبول أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب } .

قال ابن وهب : بلغني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثم يغتسل فيه " .

في عرق الحائض والجنب والدواب قال : وقال مالك : لا بأس بالثوب يعرق فيه الجنب ما لم يكن في جسده نجس فإن كان في جسده نجس فإنه يكره ذلك لأنه إذا عرق فيه ابتل موضع النجس الذي في جسده ، وقال : لا بأس بعرق الدواب وما يخرج من أنوفها ورواه ابن وهب قال : وكذلك الثوب يكون فيه النجس ثم يلبسه أو ينام فيه فيعرق فهو بتلك المنزلة ، قال : إلا أن يكون في ليال لا يعرق فيها فلا بأس أن ينام في ذلك الثوب الذي فيه النجاسة .

قال ابن وهب أخبرني ابن لهيعة والليث وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن جريج قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول : { إن أم حبيبة سئلت هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي كان يجامع فيه ؟ فقالت : نعم إذا لم ير فيه أذى } .

قال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يعرق في الثوب وهو جنب ثم يصلي فيه .

قال ابن وهب عن مسلمة بن علي عن هشام بن حسان عن عكرمة مولى ابن عباس أن ابن عباس قال : لا بأس بعرق الجنب والحائض في الثوب ، وقاله مالك .

قال وكيع عن جرير عن المغيرة أو غيره عن إبراهيم : إنه كان لا يرى بتنخع الدابة الذي يخرج منها بأسا .

قال ابن وهب : إن أبا هريرة كان يركب فرسا عريا ، وقال الليث بن سعد لا بأس بعرق الدواب ، وقال ابن وهب وقال مالك : لا بأس بعرق الدواب ، وما يخرج من أنوفها .
في الجنب ينغمس في النهر انغماسا ولا يتدلك قال : وقال مالك في الجنب يأتي النهر فينغمس فيه انغماسا وهو ينوي الغسل من [ ص: 133 ] الجنابة ثم يخرج ، قال : لا يجزئه إلا أن يتدلك وإن نوى الغسل لم يجزه إلا أن يتدلك ، قال : وكذلك الوضوء أيضا .

قلت : أرأيت إن أمر يديه على بعض جسده ولم يمرهما على جميع جسده ؟

قال : قال مالك : لا يجزئه ذلك حتى يمرهما على جميع جسده كله ويتدلك .

في اغتسال الجنب في الماء الدائم قال : وسمعت مالكا يكره للجنب أن يغتسل في الماء الدائم ، قال : وقد جاء في الحديث : { لا يغتسل الجنب في الماء الدائم } قال : وقال مالك : لا يغتسل الجنب في الماء الدائم .

قلت لابن القاسم : فما تقول في هذه الحياض التي تسقى منها الدواب لو أن رجلا اغتسل فيها وهو جنب أيفسدها في قول مالك أم لا ؟

قال : نعم إلا أن يكون غسل يديه قبل دخوله فيها وغسل فرجه وموضع الأذى منه فلا يكون بذلك بأس لأن الحائض تدخل يدها في الإناء ، والجنب يدخل يده في الإناء فلا يفسد ذلك الماء ، قال : فجميع جسده بمنزلة يده قال ابن وهب في الحائض تدخل يدها في إناء ؟

قال : لا بأس به . قال : وقال مالك في الجنب يدخل في القصرية يغتسل فيها من الجنابة ، قال لا خير في ذلك ، قال : وإن كان غير جنب فلا بأس بذلك . قال : وسألت مالكا عن البئر القليلة الماء أو ما أشبه ذلك يأتيها الجنب وليس معه ما يغرف به وفي يديه قذر ؟

قال : يحتال لذلك حتى يغسل يده ثم يغرف منها فيغتسل ، قال : فأدرته ، فجعل يقول لي : يحتال لذلك وكره أن يقول لي يغتسل فيها وجعل لا يزيدني على ذلك .

قال : وقد جاء الحديث : { أنه نهى الجنب عن الغسل في الماء الدائم } ، قال ابن القاسم : ولو اغتسل فيه لم أر ذلك ينجسه إذا كان ماء معينا ورأيت ذلك مجزيا عنه . قال سحنون عن أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يبول أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب } . قال : وبلغني عن أبي هريرة أنه قال : ثم يغتسل فيه .

قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب } . فقالوا : كيف يفعل أبا هريرة ؟

قال : يتناوله تناولا .

قال علي بن زياد قيل لمالك : فإذا اضطر الجنب ؟

قال : يغتسل فيه إنما كره ذلك له إذا وجد منه بدا فأما إذا اضطر إليه فلا بأس بأن يغتسل فيه إذا كان الماء كثيرا يحمل ذلك ، ورواه ابن وهب أيضا قال ابن وهب قال الليث عن يحيى بن سعيد قال : سألته عن البئر والفسقية أو الحوض يكون ماء ذلك كله كثيرا راكدا غير جار وهو يغتسل [ ص: 134 ] فيه الجنب أو الحائض هل يكره لأحد أن ينتفع بمائها إن فعل ذلك جاهل من جنب أو حائض ؟ قال يحيى : أما البئر المعين فإني لا أرى اغتسال الجنب والحائض فيها بمانع مرافقها من الناس وأما الفسقية أو الحوض فإني لا أرى أن ينتفع أحد بمائها ما لم يكن ماؤها كثيرا .

في الغسل من الجنابة ، والمرأة توطأ ثم تحيض بعد ذلك ، والماء ينتضح في الإناء قال ابن القاسم : كان مالك يأمر الجنب بالوضوء قبل الغسل من الجنابة ، قال مالك : فإن هو اغتسل قبل أن يتوضأ أجزأه ذلك .

قال : وقال مالك في المتوضئ يغتسل من الجنابة ويؤخر غسل رجليه حتى يفرغ من غسله ثم يتنحى ويغسل رجليه في مكان طاهر ، قال : يجزئه ذلك .

قال : وقال مالك في الماء الذي يكفي الجنب ، قال : ليس الناس في هذا سواء .

قال : وقال مالك في الحائض والجنب لا تنتقض شعرها عند الغسل ولكن تضغثه بيديها .

قال : وقال مالك في الجنب يغتسل فينتضح من غسله في إنائه ، قال : لا بأس به ولا تستطيع الناس الامتناع من هذا .

وقال الحسن وابن سيرين وعطاء وربيعة وابن شهاب مثل قول مالك ، إلا ابن سيرين قال : إنا لنرجو من سعة رحمة ربنا ما هو أوسع من هذا ، قال : وسئل مالك عن الرجل يغسل جسده ولا يغسل رأسه وذلك لخوف من امرأته ثم يدع غسل رأسه حتى يجف جسده ثم تأتي امرأته لتغسل رأسه هل يجزئه ذلك من غسل الجنابة ؟

قال : وليستأنف الغسل ، قال . وقال مالك في المرأة تصيبها الجنابة ثم تحيض أنه لا غسل عليها حتى تطهر من حيضتها .

قال ابن وهب عن يونس عن ربيعة وأبي الزناد أنهما قالا : إن مسها ثم حاضت قبل أن تغتسل فليس عليها غسل حتى تطهر إن أحبت من الحيضة ، وقاله بكير ويحيى بن سعيد وقد قال ربيعة في أول الكتاب في تبعيض الغسل : إن ذلك لا يجزئه .

قال مالك ويحيى بن عبد الله وابن أبي الزناد أن هشام بن عروة أخبرهم عن أبيه عن عائشة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يغمس يديه في الماء فيخلل بأصابعه حتى يستبرئ البشرة أصول شعر رأسه ثم يفيض على رأسه ثلاث غرفات من الماء بيديه ثم يفيض الماء بعد بيديه على جلده } .

قال ابن وهب عن أسامة بن زيد أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه أنه سمع أم سلمة تقول : { جاءت امرأة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت : يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فكيف أصنع إذا اغتسلت ؟ قال : حفني على رأسك ثلاث حفنات ثم اغمزيه على أثر كل حفنة يكفيك } .

[ ص: 135 ] قال مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سأل أباه عبد الله بن عمر عن الرجل يجنب فيغتسل ولا يتوضأ ؟ قال : وأي وضوء أطهر من الغسل ما لم يمس فرجه .
في مجاوزة الختان الختان قال : وقال مالك : إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل .

قال ابن القاسم : إنما ذلك إذا غابت الحشفة فأما أن يمسه وهو زاهق إلى أسفل ولم تغب الحشفة فلا يجب الغسل لذلك . قال : وسألت مالكا عن الرجل يجامع امرأته فيما دون الفرج فيقضي خارجا من فرجها فيصل الماء إلى داخل فرجها أترى عليها الغسل ؟ فقال : لا إلا أن تكون التذت يريد بذلك أنزلت .

قال ابن وهب عن عياض بن عبد الله القرشي وابن لهيعة عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله قال : وأخبرتني أم كلثوم عن عائشة { أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل ترى عليه من غسل ؟ وعائشة جالسة فقال عليه السلام : إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل } .

قال مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة كانوا يقولون : إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل .

قال ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه سئل ما يوجب الغسل ؟ فقال : إذا التقى الختانان وغابت الحشفة فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل } قال ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب قال : كان يزيد بن أبي حبيب وعطاء بن دينار ومشايخ من أهل العلم يقولون : إذا دخل من ماء الرجل شيء في قبل المرأة فعليها الغسل وإن لم يلتق الختانان ، وقاله الليث وقال مالك : إذا التذت يريد بذلك أنزلت .

وضوء الجنب قبل أن ينام قلت : هل كان مالك يأمر من أراد أن ينام أو يطعم إذا كان جنبا بالوضوء ؟

قال : أما النوم فكان يأمره أن لا ينام حتى يتوضأ جميع وضوئه للصلاة : غسل رجليه وغيره من ليل كان أو نهار . قال : وأما الطعام فكان يأمره بغسل يده إذا كان الأذى قد أصابهما ويأكل وإن لم يتوضأ ؟

قال : وقال مالك : ينام الجنب حتى يتوضأ ولا بأس أن يعاود أهله قبل أن يتوضأ ، قال : ولا بأس أن يأكل قبل أن يتوضأ . قال : وأما الحائض فلا بأس أن تنام قبل أن تتوضأ وليس الحائض في هذا بمنزلة الجنب . قال ابن وهب عن الليث بن سعد ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت : { كان [ ص: 136 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ للنوم وضوءه للصلاة قبل أن ينام } ، قال : وأخبرني رجال من أهل العلم أن عمر بن الخطاب وأبا سعيد الخدري سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأمرهما بالوضوء .

قال ابن وهب : وكان عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وابن المسيب وربيعة ويحيى بن سعيد ومالك يقو لون : إذا أراد الجنب أن يطعم غسل كفيه فقط .

في الذي يجد الجنابة في لحافه قال وقال مالك : من انتبه من نومه فرأى بللا على فخذيه ، وفي فراشه ، قال : ينظر فإن كان مذيا توضأ ولم يكن عليه الغسل وإن كان منيا اغتسل ، قال : والمذي في هذا يعرف من المني ، قال : وهو بمنزلة الرجل في اليقظة إذا لاعب امرأته إن أمذى توضأ وإن أمنى اغتسل . قال : وقد يكون الرجل يرى في منامه أنه يجامع فلا يمني ولكنه يمذي وهو في النوم مثل من لاعب امرأته في اليقظة ، قال : وقد يكون الرجل يرى في منامه أنه يجامع في منامه فلا ينزل وليس الغسل إلا من المني .

قال : وقال مالك : والمرأة في هذا بمنزلة الرجل في المنام في الذي يرى .

في المسافر يريد أن يطأ أهله وليس معه ماء قلت : أرأيت المسافر يكون على وضوء ولا يكون على وضوء أراد أن يطأ أهله أو جاريته وليس معه ماء ؟

قال : وقال مالك : لا يطأ المسافر امرأته ولا جاريته إلا ومعه ماء ، قال ابن القاسم : وهما سواء ، قال : فقلت لمالك : فالرجل يكون به الشجة أو الجرح لا يستطيع أن يغسله بالماء أله أن يطأ أهله ؟

قال : نعم ، ولا يشبه هذا المسافر لأن صاحب الشجة يطول أمره إلى أن يبرأ أو المسافر ليس بتلك المنزلة .

قال ابن القاسم : ولم يكن محمل المسافر عندنا ولا عند مالك إلا أنه كان على غير وضوء الذي ينهاه عن الوطء .

قال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال : لا يجامع الرجل امرأته بمفازة حتى يعلم أن معه ماء .

قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر وأبي الخير المري ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة ومالك أنهم كانوا يكرهون ذلك .

في الجنب يغتسل ولا ينوي الجنابة قال : وقال مالك : من أصابته جنابة فاغتسل للجمعة ولم ينو به غسل الجنابة أو [ ص: 137 ] اغتسل من حر يجده لا ينوي به غسل الجنابة أو اغتسل على أي وجه كان ما لم ينو به غسل الجنابة لم يجزه ذلك من غسل الجنابة ، قال : وهو بمنزلة رجل صلى نافلة فلا تجزئه من فريضة ، قال مالك : وإن توضأ يريد صلاة نافلة أو قراءة مصحف أو يريد به طهر صلاة فذلك يجزئه ، قال مالك : وإن توضأ من حر يجده أو نحو ذلك ولا ينوي الوضوء لما ذكرت لك فلا يجزئه من وضوء للصلاة ولا من مس المصحف ولا النافلة ونحوه .

قال ابن القاسم : لا يكون الوضوء عند مالك إلا بنية .

قلت : فإن توضأ وبقي رجلاه فخاض نهرا أو مسح بيديه رجليه في الماء إلا أنه ينوي بتخويضه غسل رجليه ؟

قال : لا يجزئه هذا .

قال ابن وهب قال وأخبرني عبد الجبار بن عمر عن ربيعة أنه قال : لو أن رجلا دخل نهرا فاغتسل فيه ولا يعمل غسل الجنابة لم يجز ذلك عنه حتى يعمد بالغسل غسل الجنابة وإن صلى أرى أن يعيد الصلاة .

قال ابن وهب : وبلغني عن علي بن أبي طالب أنه قال : لا يطهره ذلك حتى يذكر غسله من الجنابة .

قال ابن وهب وقال مالك والليث بن سعد مثله ، وقال مالك : وإنما الأعمال بالنية .

في مرور الجنب في المسجد قال : وقال مالك قال زيد بن أسلم : لا بأس أن يمر الجنب في المسجد عابر سبيل ، قال : وكان زيد يتأول هذه الآية في ذلك { ولا جنبا إلا عابري سبيل } وكان يوسع في ذلك ، قال مالك : ولا يعجبني أن يدخل الجنب في المسجد عابر سبيل ولا غير ذلك ولا أرى بأسا أن يمر فيه من كان على غير وضوء ويقعد فيه .
في اغتسال النصرانية من الجنابة والحيضة قال : وقال مالك : لا يجبر الرجل المسلم امرأته النصرانية على أن تغتسل من الجنابة ، وقال ابن القاسم عن مالك في النصرانية تكون تحت المسلم فتحيض فتطهر : إنها تجبر على الغسل من الحيضة ليطأها زوجها من قبل أن المسلم لا يطأ امرأته حتى تطهر من الحيض وأما الجنابة فلا بأس أن يطأها وهي جنب .
في الرجل يصلي ولا يذكر جنابته قال : وسألت مالكا عن الرجل تصيبه الجنابة ولا يعلم بذلك حتى يخرج إلى السوق فيرى الجنابة في ثوبه وقد كان صلى قبل ذلك ؟

قال : ينصرف مكانه فيغتسل [ ص: 138 ] ويغسل ما في ثوبه ويصلي تلك الصلاة وليذهب إلى حاجته .

قال : وقال مالك في الجنب يصلي بالقوم وهو لا يعلم بجنابته فيصلي بهم ركعة أو ركعتين أو ثلاثا ثم يذكر أنه جنب ، قال : ينصرف ويستخلف من يصلي بالقوم ما بقي من الصلاة وصلاة القوم خلفه تامة ، قال : وإن فرغ من الصلاة ولم يذكر أنه جنب حتى فرغ فصلاة من خلفه تامة وعليه أن يعيد هو وحده ، وإن كان الإمام حين صلى بهم كان ذاكرا للجنابة فصلاة القوم كلهم فاسدة . قال : ومن علم بجنابته ممن خلفه ممن يقتدي به والإمام ناس لجنابته فصلاته فاسدة ، قال : وإن كان صلى بالقوم بعدما ذكر الجنابة جاهلا أو مستحيا فقد أفسد على القوم صلاتهم .

قال ابن القاسم : وكل من صلى بقوم فدخل عليه ما ينقض صلاته فتمادى بهم فصلاتهم منتقضة وعليهم الإعادة متى علموا ، وقد صلى عمر بن الخطاب بالناس وهو جنب ثم قضى الصلاة ولم يأمر الناس بالقضاء .

قال علي عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : إذا صلى الإمام على غير وضوء أعاد ولم يعيدوا .

في الثوب يصلي فيه وفيه النجاسة قال : وسمعت مالكا عن الدم يكون في الثوب أو الدنس فيصلي به ثم يعلم بعد ذلك بعد اصفرار الشمس ؟

قال : إن لم يذكر حتى اصفرت الشمس فلا إعادة عليه ، قال : وجعل مالك وقت من صلى وفي ثوبه دنس إلى اصفرار الشمس وفرق بينه وبين الذي يسلم قبل مغيب الشمس ، والمجنون يفيق قبل مغيب الشمس ، والحائض تطهر قبل مغيب الشمس ، كان يقول : النهار كله حتى تغيب الشمس وقت لهؤلاء ، وأما من صلى وفي ثوبه دنس فوقته إلى اصفرار الشمس هذا وحده جعل له مالك إلى اصفرار الشمس وقتا ، والذي يصلي إلى غير القبلة مثله .

قلت : فإن كان الدنس في جسده ؟

قال : سمعت مالكا يقول : الدنس في الجسد وفي الثوب سواء ، وقد قال مالك : يعيد ما كان في الوقت ، قال ربيعة وابن شهاب مثله .

قال : وقال مالك : من صلى على موضع نجس عليه الإعادة ما دام في الوقت بمنزلة من صلى وفي ثوبه دنس .

قلت : فإن كانت النجاسة إنما هي في موضع جبهته فقط أو موضع كفيه أو موضع قدميه فقط أو موضع جلوسه فقط ؟

قال : أرى عليه الإعادة ما دام في الوقت وإن لم تكن النجاسة إلا في موضع الكفين وحده أو موضع الجبهة وحدها أو موضع القدمين أو موضع جلوسه وحده . قال : وقال مالك : من كان معه ثوب واحد وليس معه غيره وفيه نجس ، قال : يصلي به وإذا أصاب ثوبا غيره وأصاب ماء فغسله أعاد ما دام في الوقت ، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه ، قلت : فإن [ ص: 139 ] كان معه ثوب حرير وثوب نجس بأيهما تحب أن يصلي ؟

قال : يصلي بالحرير أحب إلي ويعيد إن وجد غيره ما دام في الوقت وكذلك بلغني عن مالك أنه قال ، لأن { رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الحرير } .
في الصلاة بالحقن قال وسألت مالكا عن الرجل يصيبه الحقن ؟

قال : إذا أصابه من ذلك شيء خفيف رأيت أن يصلي ، وإن أصابه من ذلك ما يشغله عن صلاته فلا يصلي حتى يقضي حاجته ثم يتوضأ ويصلي .

قلت : فإن أصابه غيثان أو قرقرة في بطنه ما قول مالك فيه إذا كان يشغله في صلاته ؟

قال : لا أحفظ من مالك فيه شيئا والقرقرة عند مالك بمنزلة الحقن .

قلت : أرأيت إذا أعجله عن صلاته أهو مما يشغله ؟

قال : نعم .

قلت : فإن صلى على ذلك وفرغ أترى عليه إعادة ؟

قال : إذا شغله فأحب إلي أن يعيد .

قلت له : في الوقت وبعد الوقت ؟

قال : إذا كان عليه الإعادة فهو كذلك يعيد وإن خرج الوقت ، وقد بلغني ذلك عن مالك ثم قال : قال عمر بن الخطاب : لا يصلي أحدكم وهو ضام بين وركيه قال يحيى بن أيوب عن يعقوب بن مجاهد أن القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد حدثاه أن عائشة حدثتهما قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يقوم أحدكم إلى الصلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان الغائط والبول } .

وذكر مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة } .

وذكر عن عطاء : إن كان الذي به شيء لا يشغله عن الصلاة صلى به ، وإن ابن عمر قال : ما كنت أبالي أن يكون في جانب ردائي إذا كنت مدافعا لغائط أو لبول من حديث ابن وهب عن السدي عن التيمي عن عبد الله ، وذكر عن ابن مسعود مثل قول ابن عمر .

قال : في الصلاة بوضوء واحد وقال مالك : لا بأس أن يقيم الرجل على وضوء واحد يصلي به يومين أو أكثر من ذلك .

قال ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي غطيف الهذلي أن عبد الله بن عمر قال له : إن كان لكافي وضوئي لصلاة الصبح صلواتي كلها ما لم أحدث ، قال ابن وهب عن سفيان بن سعيد عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه صلى يوم فتح مكة الصلوات كلها بوضوء واحد ومسح على خفيه ، فقال عمر : رأيتك صنعت شيئا ما كنت تصنعه ؟ فقال : عمدا صنعته يا عمر } .

[ ص: 140 ] في الصلاة بثياب أهل الذمة قال : وقال مالك : لا يصلي في ثياب أهل الذمة التي يلبسونها ، قال : وأما ما نسجوا فلا بأس به ، قال : مضى الصالحون على هذا .

قال : وقال مالك : لا أرى أن يصلي بخفي النصراني اللذين يلبسهما حتى يغسلا .

قال وكيع عن الفضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن الحسن : أنه كان لا يرى بأسا بالثوب ينسجه المجوسي يلبسه المسلم .

في غسل النصراني إذا أسلم قال ابن القاسم : قلت لمالك : إذا أسلم النصراني هل عليه الغسل ؟

قال : نعم .

قلت لابن القاسم : متى يغتسل أقبل أن يسلم أو بعد أن يسلم ؟

قال : ما سألته إلا ما أخبرتك ، ولكن أرى إن هو اغتسل للإسلام وقد أجمع على أن يسلم فإن ذلك يجزئه لأنه إنما أراد بذلك الغسل لإسلامه .

قلت : فإن أراد أن يسلم وليس معه ماء أيتيمم أم لا ؟

قال : نعم يتيمم .

قلت : أتحفظه عن مالك ؟

قال : لا ولكن هذا رأيي ، والنصراني عندي جنب فإذا أسلم أو تيمم ثم أدرك الماء فعليه الغسل .

قال ابن القاسم : وإذا تيمم النصراني للإسلام نوى بتيممه ذلك تيمم الجنابة أيضا ، قال : وكان مالك يأمر من أسلم من المشركين بالغسل .

قال ابن وهب وابن نافع عن عبد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد فأسروا ثمامة بن أثال ، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يأتيه كل غداة ثلاث غدوات يعرض عليه الإسلام فأسلم ، ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى حائط أبي طلحة فيغتسل } .

فيمن صلى في موضع نجس أو تيمم قال : وقال مالك : من صلى على الموضع النجس أعاد ما دام في الوقت .

قلت لابن القاسم : فلو كان بولا فجف ؟

قال : إنما سألته عن الموضع النجس فإن جف أعاد ، فقلت له : فمن تيمم به أعاد ؟

قال : يعيد ما دام في الوقت وهو مثل من صلى بثوب غير طاهر .

قال ابن وهب وقد قال ربيعة وابن شهاب في الثوب : يعيد ما دام في الوقت .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-12-2025, 06:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 141 الى صــ 149
الحلقة(4)



ما جاء في الرعاف

قال : وقال مالك : ينصرف من الرعاف في الصلاة إذا سال شيء أو قطر قليلا كان [ ص: 141 ] أو كثيرا فيغسله عنه ثم يبني على صلاته ، قال : وإن كان غير قاطر ولا سائل فيفتله بأصابعه ولا شيء عليه ، قال : وقد كان سالم بن عبد الله يدخل أصابعه في أنفه وهو في الصلاة فيخرجها وفيها دم فيفتلها ولا ينصرف ، مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال لأصحابه : ما تقولون في رجل رعف فلم ينقطع عنه الدم ؟ فسكت القوم ، قال سعيد : يومئ إيماء .

قال : وقال مالك فيمن رعف خلف الإمام ثم ذهب يغسل الدم عنه إنه يصلي في بيته أو حيث أحب .

قال ابن القاسم : قول مالك عندي حيث أحب أي أقرب المواضع منه حيث يغسل الدم عنه ، وذلك إذا كان الإمام قد فرغ من صلاته إلا أن تكون جمعة فإنه يرجع إلى المسجد لأن الجمعة لا تكون إلا في المسجد .

قال : وقال مالك : فيمن رعف بعدما ركع أو بعدما رفع رأسه من ركوعه أو سجد سجدة من الركعة ، رجع فغسل الدم عنه وألغى الركعة بسجدتيها وابتدأ القراءة قراءة تلك الركعة من أولها . قال : وسألت مالكا عن الرجل يرعف قبل أن يسلم الإمام وقد تشهد وفرغ من تشهده ؟

قال : ينصرف فيغسل الدم ثم يرجع ، فإن كان الإمام قد انصرف قعد فتشهد وسلم ، فإن رعف بعدما سلم الإمام ولم يسلم هو سلم وأجزأت عنه صلاته .

قال : وقال مالك : في الرجل يكون مع الإمام يوم الجمعة فيرعف بعدما صلى مع الإمام ركعة بسجدتيها ، قال : يخرج ويغسل الدم عنه ثم يرجع إلى المسجد فيصلي ما بقي عليه من صلاة الجمعة ركعة وسجدتيها ، قال ابن القاسم : وإذا رجع والإمام لم يفرغ لأنه في التشهد جالس جلس معه ، فإذا جلس الإمام قضى الركعة التي بقيت عليه وإن جاء وقد ذهب الإمام صلى ركعة بسجدتيها .

قال : وقال مالك : فإن هو صلى مع الإمام ركعة بسجدتيها ثم ركع أيضا مع الإمام الركعة الثانية وسجد معه سجدة من الركعة الثانية ثم رعف ، قال : يخرج فيغسل الدم عنه ثم يرجع فيصلي ركعة بسجدتيها ويلغي الركعة الثانية التي لم تتم مع الإمام بسجدتيها أدرك الإمام أو لم يدركه ، قال : وكذلك لو أنه رعف بعدما صلى مع الإمام ركعة وسجد معه سجدة ثم ذهب يغسل الدم عنه ثم يرجع قبل أن يركع الإمام الركعة الثانية ، قال : يلغي الركعة الأولى ولا يعتد بالركعة التي لم يتم سجودها حتى رعف ولا يسجد السجدة التي بقيت عليه .

قال : وقال مالك : كل من رعف في صلاته فإنه يقضي في بيته أو حيث أحب حيث غسل الدم عنه في أقرب المواضع إليه .

قال ابن القاسم : وذلك إذا علم أنه لا يدرك مع الإمام شيئا مما بقي عليه من الصلاة إلا الجمعة فإنه لا يصلي ما بقي عليه إذا هو رعف إلا في المسجد لأن الجمعة لا تكون إلا في المسجد .

قال : وقال مالك : وإن هو افتتح مع الإمام الصلاة يوم الجمعة فلم يركع معه أو ركع وسجد إحدى السجدتين ثم رعف ثم [ ص: 142 ] ذهب يغسل الدم عنه فلم يرجع حتى فرغ الإمام من الصلاة ، قال : يبتدي الظهر أربعا .

قال : وقال مالك : إذا هو رعف بعد ركعة بسجدتيها يوم الجمعة فخرج فغسل الدم عنه ثم رجع وقد فرغ الإمام من الركعة الثانية ، قال : يصلي الركعة الباقية بقراءة ، قال : وإن هو سها عن قراءة السورة التي مع القرآن في الركعة التي يقضي سجد للسهو قبل السلام قلت له : فإن سها عن قراءة أم القرآن في الركعة التي يقضي ؟

قال : يسجد لسهوه قبل السلام ثم يسلم ثم يقوم فيصلي الظهر أربعا ؟

قال : وقال مالك : وهذا الذي رعف يوم الجمعة وقد بقيت عليه ركعة ثم رجع يصليها وقد فرغ الإمام من صلاته .

قال : يجهر بالقراءة كما كان الإمام يفعل ، قال : وقال مالك فيمن رعف مع الإمام في الظهر بعدما صلى معه ركعة فخرج فغسل الدم عنه ثم جاء وقد صلى الإمام ركعتين وبقيت له ركعة ، قال : يتبع الإمام فيما يصلي الإمام ولا يصلي ما فاته به الإمام حتى يفرغ الإمام ، فإذا فرغ الإمام قام فقضى ما فاته مما صلى الإمام وهو غائب عن الإمام .

قال : وقال مالك : من قاء عامدا أو غير عامد في الصلاة استأنف ولم يبن وليس هو بمنزلة الرعاف عنده لأن صاحب الرعاف يبني وهذا لا يبني .

قال مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى على ما صلى ولم يتكلم .

قال ابن وهب قال : وبلغني عن سعيد بن المسيب وسالم وابن عباس وطاوس وعروة بن الزبير ويحيى بن سعيد مثله ، قال يحيى : ما نعلم عليه وضوءا وهذا الذي عليه الناس .

قال علي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة بن قيس : أنه أم قوما فرعف فأشار إلى رجل فتقدم فذهب فتوضأ ثم رجع فصلى ما بقي من صلاته وحده .

قال وكيع عن علي عن مغيرة عن إبراهيم قال : البول والريح يعيد منهما الوضوء والصلاة .

ما جاء في هيئة المسح على الخفين قال : وقال مالك : يمسح على ظهور الخفين وبطونهما ولا يتبع غضونهما والغضون الكسر الذي يكون في الخفين على ظهور القدمين ، ومسحهما إلى موضع الكعبين من أسفل وفوق .

قال ابن القاسم ولم يحد لنا في ذلك حدا قال ابن القاسم : أرانا مالك المسح على الخفين فوضع يده اليمنى على أطراف أصابعه من ظاهر قدمه ووضع اليسرى من تحت أطراف أصابعه من باطن خفه فأمرهما وبلغ اليسرى حتى بلغ بهما إلى عقبيه فأمرهما إلى موضع الوضوء وذلك أصل الساق حذو الكعبين .

قال : وقال مالك : وسألت ابن شهاب فقال : هكذا المسح .

قلت : فإن كان في أسفل الخفين طين أيمسح ذلك [ ص: 143 ] الطين عن الخفين حتى يصل الماء إلى الخفين ؟

قال : هكذا قوله .

قلت : فهل يجزئ عند مالك باطن الخف من ظاهره أو ظاهره من باطنه ؟

قال : لا ولكن لو مسح رجل ظاهره ثم صلى لم أر عليه الإعادة إلا في الوقت لأن عروة بن الزبير كان يمسح ظهورهما ولا يمسح بطونهما ، أخبرنا بذلك مالك وأما في الوقت فأحب إلي أن يعيد ما دام في الوقت .

قال ابن وهب عن رجل من رعين عن أشياخ لهم { عن أبي أمامة الباهلي وعبادة بن الصامت أنهما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أسفل الخفين وأعلاهما } .

قال ابن وهب : إن ابن عباس وعطاء بن أبي رباح قالا : لا يمسح على غضون الخفين ، وإن ابن عمر قال : يمسح أعلاهما وأسفلهما من حديث ابن وهب عن أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر .
قال : وقال مالك : في الخرق يكون في الخف ، قال : إن كان قليلا لا يظهر منه القدم فليمسح عليه وإن كان كثيرا فاحشا يظهر منه القدم فلا يمسح عليه .

قال : وقال لي مالك : في الخفين يقطعهما أسفل من الكعبين المحرم وغيره لا يمسح عليهما من أجل أن بعض مواضع الوضوء قد ظهر .

قال : وقال مالك في رجل لبس خفيه على طهر ثم أحدث فمسح على خفيه ثم لبس خفين آخرين فوق خفيه أيضا فأحدث ؟

قال : يمسح عليهما عند مالك ، قال ابن القاسم : لأن الرجل إذا توضأ فغسل رجليه ولبس خفيه ثم أحدث فمسح على خفيه ولم ينزعهما : فيغسل رجليه ، قال : فإذا لبس خفين على خفين وقد مسح على الداخلين فهو قياس القدمين والخفين .

قال : وقال مالك : في الرجل يلبس الخفين على الخفين ؟

قال : يمسح على الأعلى منهما .

قال ابن القاسم : كان يقول مالك في الجوربين يكونان على الرجل وأسفلهما جلد مخروز وظاهرهما جلد مخروز أنه يمسح عليهما . قال : ثم رجع فقال : لا يمسح عليهما .

قلت : أليس هذا إذا كان الجلد دون الكعبين ما لم يبلغ بالجلد الكعبين ؟

قال : وقال مالك : وإن كان فوق الكعبين فلا يمسح عليهما .

قلت : فإن لبس جرموقين على خفين ما قول مالك في ذلك ؟

قال : أما في قول مالك الأول إذا كان الجرموقان أسفلهما جلد حتى يبلغا مواضع الوضوء مسح على الجرموقين ، فإن كان أسفلهما ليس كذلك لم يمسح عليهما وينزعهما ويمسح على الخفين وقوله الآخر لا يمسح عليهما أصلا وقوله الأول أعجب إلي إذا كان عليهما جلد كما وصفت لك .

قال ابن القاسم : وإن نزع الخفين الأعليين اللذين مسح عليهما ثم مسح على الأسفل مكانه أجزأه ذلك وكان على وضوئه ، فإن أخر ذلك استأنف الوضوء مثل الذي ينزع خفيه يعني وقد مسح عليهما فإن غسل رجليه مكانه أجزأه ذلك وكان على وضوئه فإن أخر ذلك استأنف الوضوء ، قال : وليس يأخذ مالك بحديث ابن عمر في تأخير المسح .

[ ص: 144 ] قال : وقال مالك : والمرأة في المسح على الخفين والرأس بمنزلة الرجل سواء في جميع ذلك إلا أنها إذا مسحت على رأسها لا تنقض شعرها .

قلت : أرأيت من توضأ فلبس خفيه ثم أحدث فمسح عليهما ثم لبس خفين آخرين فوق خفيه هل تحفظ عن مالك أنه يمسح على هذين الظاهرين أيضا ؟

قال : لا أحفظه عن مالك ولكن لا أرى أن يمسح عليهما ، ويجزئه المسح على الداخلين ، قال : ومثل ذلك أنه إذا توضأ أو غسل رجليه ثم لبس خفيه لم يكن عليه أن يمسح على خفيه .

قال : وقال مالك في الرجل يتوضأ ويمسح على خفيه ثم يمكث إلى نصف النهار ثم ينزع خفيه ، قال : إن غسل رجليه مكانه حين ينزع خفيه أجزأ وإن أخر غسل رجليه ولم يغسلهما حين ينزع الخفين أعاد الوضوء كله .

قال : وقال مالك فيمن نزع خفيه من موضع قدميه إلى الساقين وقد كان مسح عليهما حين توضأ : إنه ينزعهما ويغسل رجليه بحضرة ذلك وإن أخر ذلك استأنف الوضوء ، قال : وإن خرج العقب إلى الساق قليلا والقدم كما هي في الخف فلا أرى عليه شيئا ، قال : وكذلك إن كان واسعا فكان العقب يزول ويخرج إلى الساق وتجول القدم إلا أن القدم كما هي في الخفين فلا أرى عليه شيئا .

قال ابن القاسم فيمن تيمم وهو لا يجد الماء فصلى ثم وجد الماء في الوقت فتوضأ به : إنه لا يجزئه أن يمسح على خفيه وينزعهما ويغسل قدميه إذا كان أدخلهما غير طاهرتين .
قال : وسألت مالكا عن المرأة تخضب رجليها بالحناء وهي على وضوء فتلبس خفيها لتمسح عليهما إذا أحدثت أو نامت أو انتقض وضوءها ؟

قال : لا يعجبني ذلك ، قال سحنون : إن مسحت وصلت لم يكن عليها إعادة لا في وقت ولا غيره .

قلت لابن القاسم : فإن كان رجل على وضوء فأراد أن ينام أو يبول ؟ فقال : ألبس خفي كيما إذا أحدثت مسحت عليهما ، قال : سألت مالكا عن هذا في النوم فقال : هذا لا خير فيه والبول عندي مثله .

قلت لابن القاسم : أرأيت المستحاضة أتمسح على خفيها ؟

قال : نعم لها أن تمسح على خفيها .

قال : وقال مالك : لا يمسح المقيم على خفيه .

قال : وقد كان قبل ذلك يقول : يمسح عليهما ، قال : ويمسح المسافر وليس لذلك وقت .

قال ابن وهب وقال عطاء ويحيى بن سعيد ومحمد بن عجلان والليث بن سعد : يغسل رجليه إذا نزع خفيه وقد مسح عليهما .

قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي أنه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر عن عقبة بن عامر الجهني قال : قدمت على عمر بن الخطاب بفتح من الشام وعلي خفان فنظر إليهما فقال : كم لك مد لم تنزعهما ؟ قال : قلت : لبستهما يوم الجمعة واليوم الجمعة ثمان ، قال : قد أصبت .

قال ابن وهب : وسمعت زيد بن الحباب يذكر عن عمر بن الخطاب أنه قال : لو [ ص: 145 ] لبست الخفين ورجلاي طاهرتان وأنا على وضوء لم أبال أن لا أنزعهما حتى أبلغ العراق أو أقضي سفري .

ما جاء في التيمم قال : وقال مالك : التيمم من الجنابة والوضوء سواء والتيمم ضربة للوجه وضربة لليدين يضرب الأرض بيديه جميعا ضربة واحدة ، فإن تعلق بهما شيء نقضهما نقضا خفيفا ثم مسح بهما وجهه ثم يضرب ضربة أخرى بيديه فيبدأ باليسرى على اليمنى فيمرها من فوق الكف إلى المرفق ، ويمرها أيضا من باطن المرفق إلى الكف ويمر أيضا اليمنى على اليسرى وكذلك وأرانا ابن القاسم بيديه وقال : هكذا أرانا مالك ووصف لنا .

قال ابن وهب عن محمد بن عمرو عن رجل حدثه عن جعفر بن الزبير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في التيمم ضربة للوجه وأخرى للذراعين } .

قال : وقال مالك : لا يتيمم في أول الوقت مسافر ولا مريض ولا خائف إلا أن يكون المسافر على إياس من الماء ، فإذا كان على إياس من الماء يتيمم وصلى في أول الوقت وكان ذلك له جائزا ولا إعادة عليه . وإن قدر على الماء ، والمريض والخائف يتيممان في وسط الوقت وإن وجد المريض أو الخائف الماء في ذلك الوقت فعليهما الإعادة وإن وجد المسافر الماء بعد ذلك فلا إعادة عليه . وإن تيمم المسافر في أول الوقت وهو يعلم أنه يصل إلى الماء في الوقت ثم صلى ؟

قال ابن القاسم : فأرى أن يعيد هذا في الوقت إذا وجد الماء في الوقت قال : وقال مالك في المسافر والمريض والخائف لا يتيممون إلا في وسط الوقت ، قال : فإن تيمموا فصلوا ثم وجدوا الماء في الوقت ؟

قال : أما المسافر فلا يعيد ، وأما المريض والخائف الذي يعرف موضع الماء إلا أنه يخاف أن لا يبلغه فعليه أن يعيد إن قدر على الماء في وقت تلك الصلاة .

قال ابن وهب وأخبرني ابن لهيعة عن بكر بن سوادة الجذامي عن رجل حدثه { عن عطاء بن يسار أن رجلين احتلما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانا في السفر ، فالتمسا ماء فلم يجداه فتيمما ثم صليا ثم وجدا الماء قبل أن تطلع الشمس فاغتسلا ثم أعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر فذكر ذلك لرسول الله عليه السلام فقال : للذي أعاد لك الأجر مرتين وقال للآخر : تمت صلاتك } قال ابن وهب : قال وأخبرني الليث بن سعد عن معاذ بن محمد الأنصاري وغيره { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للذي أعاد صلاته لك مثل سهم جمع وقال للذي لم يعد : أجزت عنك صلاتك وأصبت السنة } .

قال : وقال مالك فيمن كان معه ماء وهو مسافر فنسي أن معه ماء ثم تيمم فصلى ثم ذكر أن معه ماء وهو في الوقت ، قال : أرى أن يعيد ما كان في [ ص: 146 ] الوقت فإذا ذهب الوقت لم يعده .
قال : وسألت مالكا عن الرجل تغيب له الشمس وقد خرج من قريته يريد قرية أخرى وهو فيما بين القريتين على غير وضوء وهو غير مسافر ؟

قال : إن طمع أن يدرك الماء قبل مغيب الشفق مضى إلى الماء وإن كان لا يطمع بذلك تيمم وصلى .

قال : وقال مالك : ومن ذلك أن من المنازل ما يكون على الميل والميلين لا يطمع أن يدركها قبل مغيب الشفق فإذا كان لا يدركها حتى يغيب الشفق تيمم وصلى .

قال مالك : وإن كان مسافرا وهو على يقين من الماء أنه يدركه في الوقت فليؤخره حتى يدرك الماء ، فإن لم يكن على يقين من الماء أنه يدركه في الوقت ؟

قال : يتيمم ، قال : والصلوات كلها : الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح أيضا يتيمم لها في وسط الوقت إلا أن يكون على يقين أنه يدرك الماء في الوقت فليؤخر ذلك ، وإن كان لا يطمع أن يدرك الماء في الوقت فليتيمم في وسط الوقت ويصلي .

قال مالك عن نافع قال : أقبلت أنا وعبد الله بن عمر من الجرف حتى إذا كنا بالمربد نزل عبد الله بن عمر فتيمم فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى . قال نافع : وكان ابن عمر يتيمم إلى المرفقين .

قال : وقال مالك : التيمم إلى المرفقين وإن تيمم إلى الكوعين أعاد التيمم والصلاة ما دام في الوقت فإن مضى الوقت لم يعد الصلاة وأعاد التيمم .

قلت : أيتيمم في الحضر إذا لم يجد الماء في قول مالك ؟

قال : نعم .

قال : وسألنا مالكا عمن كان في القبائل مثل المعافر أو أطراف الفسطاط فخشي إن ذهب يتوضأ أن تطلع عليه الشمس قبل أن يبلغ الماء ؟

قال : يتيمم ويصلي . قال : وسألنا مالكا عن المسافر يأتي البئر في آخر الوقت فهو يخشى إن نزل ينزع بالرشا ويتوضأ يذهب وقت تلك الصلاة ؟

قال : فليتيمم وليصل .

قلت لابن القاسم : أفيعيد الصلاة بعد ذلك في قول مالك إذا توضأ ؟

قال : لا .

قلت : فإن كان هذا الرجل في الحضر أتراه في قول مالك بهذه المنزلة في التيمم ؟

قال : نعم .

قال ابن القاسم : وقد كان مرة من قوله في الحضري أنه يعيد إذا توضأ .

قلت : أرأيت من كان في السجن فلم يجد الماء أيتيمم ؟

قال : نعم .

قلت : وهو قول مالك . قال : قد أخبرتك أن مالكا قال في الرجل في الحضر يخاف أن تطلع عليه الشمس إن ذهب إلى النيل وهو في المعافر أو في أطراف الفسطاط : إنه يتيمم ولا يذهب إلى الماء فهذا مثل ذلك ، وقال ابن القاسم : من تيمم في موضع النجاسة من الأرض موضع قد أصابه البول أو القذر فليعد ما دام في الوقت .

قلت له : هذا قول مالك ؟

قال : قد كان مالك يقول : من توضأ بماء غير طاهر أعاد ما دام في الوقت فكذلك هذا عندي .

قال ابن القاسم : سألت مالكا عن الرجل يجد الماء وهو على غير وضوء ولا يقدر عليه وهو في بئر أو في موضع لا يقدر عليه ؟

قال : يعالجه ما لم يخف فوات الوقت فإذا خاف فوات الوقت [ ص: 147 ] تيمم وصلى .

قلت : أرأيت إن تيمم رجل فيمم وجهه في موضع ويمم يديه في موضع آخر ؟

قال : إن تباعد ذلك فليبتدئ التيمم وإن لم يتطاول ذلك وإنما ضرب لوجهه في موضع ثم قام إلى موضع آخر قريب من ذلك فضرب ليديه أيضا وأتم تيممه فإنه يجزئه .

قلت : هذا قول مالك قال : هو عندي مثل الوضوء .

قلت له : فإن نكس التيمم فيمم يديه قبل وجهه ثم وجهه بعد يديه ؟

قال : إن صلى أجزأه ويعيد التيمم لما يستقبل .

قلت : وهذا قول مالك قال : هو مثل الوضوء .

وقال مالك في الجنب : لا يجد الماء فيتيمم ويصلي ثم يجد الماء بعد ذلك ، قال : يغتسل لما يستقبل وصلاته الأولى تامة ، وقاله سعيد بن المسيب وابن مسعود وقد كان يقول غير ذلك ثم رجع إلى هذا أنه يغتسل وذكره عن ابن مسعود سفيان بن عيينة .
قال : وقال مالك في المجدور والمحصوب إذا خافا على أنفسهما وقد أصابتهما جنابة : إنهما يتيممان لكل صلاة أحدثا في ذلك أو لم يحدثا يتيممان للجنابة ولا يغتسلان .

قلت : أرأيت المجروح الذي قد كثرت جراحاته في جسده حتى أتت على أكثر جسده كيف يفعل في قول مالك ؟ قال : هو بمنزلة المجدور والمحصوب إذا كان لا يستطيع أن يمس الماء جسده تيمم وصلى .

قلت : فإن كان بعض جسده صحيحا ليس فيه جروح وأكثر جسده فيه الجراحة ؟

قال : يغسل ما صح من جسده ويمسح على مواضع الجراحة إن قدر على ذلك وإلا فعلى الخرق التي عصب بها .

قلت : هذا قول مالك ؟

قال : نعم .

قال ابن وهب عن ابن جريج عن مجاهد قال : للمجدور وأشباهه رخصة أن لا يتوضأ ويتلو { وإن كنتم مرضى أو على سفر } قال : وذلك مما لا يخفى من تأويل القرآن .

قال ابن وهب قال ابن أبي سلمة وبلغني أن ابن عباس أفتى مجدورا بالتيمم .

قلت : أرأيت إن غمرت جسده ورأسه الجراحات إلا اليد والرجل أيغسل تلك اليد والرجل ويمر الماء على ما عصب من جسده أم يتيمم ؟

قال : لا أحفظ من مالك في هذا شيئا وأرى أن يتيمم إذا كان هكذا ، وقال لي مالك : إذا خاف الجنب على نفسه الموت في الثلج والبرد ونحوه إن هو اغتسل أجزأه التيمم قال ابن وهب عن جرير بن حازم عن النعمان بن راشد عن زيد بن أبي أنيسة الجزري قال : { كان رجل من المسلمين في غزوة خيبر أصابه جدري فأصابته جنابة فغسله أصحابه فتهرى لحمه فمات فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قتلوه قتلهم الله قتلوه قتلهم الله أما كان يكفيهم أن ييمموه بالصعيد } قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وغيره : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن العاص على جيش فسار وإنه احتلم في ليلة باردة فخاف على نفسه إن هو اغتسل بالماء البارد أن يموت ، فتيمم وصلى بهم وإنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له [ ص: 148 ] رسول الله : ما أحب أنك تركت شيئا مما فعلت ولا فعلت شيئا مما تركت } قال : وسئل مالك عن الحصباء أيتيمم عليها وهو لا يجد المدر ؟

قال : نعم ، وقيل لمالك : في الجبل يكون عليه الرجل وهو لا يجد المدر أيتيمم عليه ؟

قال : نعم ، وقد قال مالك في الطين يكون ولا يقدر الرجل على تراب يتيمم عليه وكيف يصنع ؟

قال : يضع يديه على الطين ويخفف ما استطاع ثم يتيمم .
في التيمم على اللبد في الثلج والطين الخضخاض قال : وسئل مالك عن اللبد أيتيمم عليه إذا كان الثلج ونحوه ؟ فأنكر ذلك وقال : لا يقيم عليه في قول مالك .

قلت لابن القاسم : فأين يتيمم في قول مالك إذا كان الثلج وقد كره له أن يتيمم على لبد وما أشبه ذلك من الثياب ؟

قال : بلغني عن مالك أنه أوسع له في أن يتيمم على الثلج ، وقال علي عن مالك : إنه يتيمم على الثلج ، قال : وسألت ابن القاسم عن الطين الخضخاض كيف يتيمم عليه في قول مالك ؟

قال : إن لم يكن ماء تيمم ويجفف يديه ، قال : ولم أسأله عن الخضخاض من الطين ولكن أرى ما لم يكن ماء وهو طين ، قال مالك : إنما يضع يديه وضعا خفيفا ويتيمم ، قال ابن وهب عن معاوية بن صالح قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : لا بأس بالصلاة على الصفا وفي السبخة ولا بأس بالتيمم بهما إذا لم يوجد تراب وهما بمنزلة التراب . وقال يحيى بن سعيد : ما حال بينك وبين الأرض فهو منها .

قال : وقال مالك في رجل تيمم ودخل في الصلاة ثم اطلع عليه رجل معه ماء ؟

قال : يمضي في صلاته ولا يقطعها فإن كان الماء في رحله قال يقطع صلاته ويتوضأ ويعيد الصلاة ، قال : وإن فرغ من صلاته ثم ذكر أن الماء كان في رحله فنسيه أو جهله أعاد الصلاة في الوقت .

قال : وسألت مالكا عن الجنب لا يجد الماء إلا بثمن ؟

قال : إن كان قليل الدراهم رأيت أن يتيمم وإن كان موسعا عليه يقدر رأيت أن يشتري ما لم يكثر عليه في الثمن فإن رفعوا عليه في الثمن يتيمم وصلى .

قال : وقال مالك : فيمن كان معه ماء وهو يخاف العطش إن توضأ به ؟

قال : يتيمم ويبقي ماءه ، قال ابن وهب : وقد قال ذلك علي بن أبي طالب والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح .

قلت : أرأيت الجنب إذا نام وقد تيمم قبل ذلك أو أحدث بعدما تيمم للجنابة ومعه من الماء قدر ما يتوضأ به هل يتوضأ به أم يتيمم ؟ قال : قال مالك : يتيمم ولا يتوضأ بما معه من الماء إلا أنه يغسل بذلك الماء ما أصابه من الأذى فأما الوضوء فليس نراه على الجنب إذا كان معه من الماء قدر ما يتوضأ به في أول [ ص: 149 ] ما تيمم في المرة الأولى ولا في الثانية وهو ينقض تيممه لكل صلاة ، ويعود إلى حال الجنابة ولا يجزئه الوضوء ولكنه ينتقض جميع التيمم ويتيمم للجنابة كما صلى قال : وقال مالك : في رجل تيمم وهو جنب ومعه ماء قدر ما يتوضأ به ؟

قال : يجزئه التيمم ولا يتوضأ . قال : وإن أحدث بعد ذلك فأراد أن يتنفل فليتيمم ولا يتوضأ لأنه حين أحدث انتقض تيممه الذي كان تيمم للجنابة ولم ينتقض موضع الوضوء وحده فإذا جاء وقت صلاة أخرى مكتوبة فكذلك أيضا ينتقض تيممه أحدث أو لم يحدث .

قال ابن وهب : وبلغني عن ابن شهاب في رجل أصابته جنابة في سفر فلم يجد من الماء إلا قدر وضوئه ، قال ابن شهاب : يتيمم صعيدا طيبا ، وقال ذلك عطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة .
قلت لابن القاسم : أرأيت المسافرين والمرضى إذا لم يكونوا على وضوء فخسف بالشمس أو بالقمر هل كان مالك يرى أن يتيمموا ويصلوا ؟

قال : لا أحفظ من مالك في ذلك شيئا ، ولكن أرى ذلك لهم .

قال ابن القاسم من قول مالك من أحدث خلف الإمام في صلاة العيدين قال : لا يقيم ، وقال مالك : لا يصلي الرجل على الجنازة بالتيمم إلا المسافر الذي لا يجد الماء ، قال : وكان لا يرى بأسا أن يتيمم من لا يجد الماء في السفر فيمس المصحف يقرأ حزبه .

قال وقال مالك في المسافر لا يكون معه ما يتيمم ويقرأ حزبه ويمس المصحف .

قلت لابن القاسم : إذا مر بالسجدة أيسجدها ؟

قال : نعم يسجدها .

قال : وقال مالك فيمن تيمم للفريضة فصلى ركعتين نافلة قبل أن يصلي الفريضة ؟

قال : فليعد التيمم لأنه لما صلى النافلة قبل المكتوبة انتقض تيممه للمكتوبة فعليه أن يتيمم للفريضة .

قلت : فما قوله في المسافر يكون جنبا في صلاة الصبح وهو لا يجد الماء فيتيمم للصلاة المكتوبة ثم يصلي ركعتي الفجر قبل المكتوبة أينتقض تيممه ؟

قال : قال مالك : وسألته عن ذلك فقال : يعيد التيمم لصلاة الصبح أيضا بعد ركعتي الفجر .

قلت : أرأيت من تيمم وهو جنب من نوم ولا ينوي به تيمم الصلاة ولا ينوي به تيمما لمس المصحف أيجوز له أن يتنفل بهذا التيمم أو يمس المصحف بهذا التيمم ؟

قال : لا .

قال : وقال مالك : لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحدة ، ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد مكتوبة . فلا بأس بذلك وإن تيمم فصلى مكتوبة ثم ذكر مكتوبة أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضا ولا يجزئه ذلك التيمم لهذه الصلاة .

قال ابن وهب قال : أخبرني جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ، قال الحكم وقال إبراهيم النخعي مثله ، قال ابن وهب : وأخبرني رجال من أهل العلم عن المسيب ويحيى بن سعيد



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-12-2025, 06:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 150 الى صــ 158
الحلقة(5)





وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة والليث بن سعد مثله .

قال : وقال مالك في المتيمم يؤم المتوضئين ؟

قال : يؤمهم المتوضئ أحب إلي وإن أمهم المتيمم رأيت صلاتهم مجزئة عنهم .

قال ابن وهب : وقال مثل قول مالك في المتيمم لا يؤم المتوضئين ، قال : يؤمهم المتوضئ أحب إلي ، قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح وقال : قال مالك مثله ، قال مالك : وإن أمهم المتيمم كانت الصلاة مجزئة ، قال : وسألت مالكا عن الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة ولا يعلم بجنابته وليس معه ماء فتيمم يريد بتيممه الوضوء ويصلي الصبح ثم يعلم أنه قد كان جنبا قبل صلاة الصبح أتجزئه صلاته بذلك التيمم ؟

قال : لا وعليه أن يتيمم ويعيد الصبح لأن تيممه ذلك كان للوضوء لا للغسل .

قلت : أرأيت المسافر يكون على وضوء أو لا يكون على وضوء فأراد أن يطأ امرأته أو جاريته وليس معه ماء ؟

قال : قال مالك : لا يطأ المسافر امرأته ولا جاريته إلا ومعه من الماء ما يكفيهما جميعا ، قال ابن القاسم : وهما سواء .

في امرأة طهرت في وقت صلاة فتيممت فأراد زوجها أن يطأها .

قال ابن القاسم : قلت لمالك : أرأيت امرأة طهرت من حيضتها في وقت صلاة فتيممت وصلت وأراد زوجها أن يمسها ؟

قال : لا يفعل حتى يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا .

قلت لابن القاسم : أرأيت المرأة إذا كانت حائضا في السفر فرأت القصة البيضاء ولم تجد الماء فتيممت وصلت ألزوجها أن يجامعها ؟

قال : لا .

قلت : لم ؟ قال : لا يجامعها زوجها إلا أن يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا .

قلت : أرأيت إن كان معه من الماء ما يغتسل به هو وحده فأراد أن يجامعها ؟

قال : لا ليس ذلك له ولا لها .

قلت له : ولم لا يكون ذلك له ؟

قال : ليس لها ولا له أن يدخلا على أنفسهما إذا لم يكن معهما ماء أكثر من حدث الوضوء ، فإن وقع الجماع فقد أدخلا على أنفسهما أكثر من حدث الوضوء وهو الغسل وهو قول مالك لي .

قلت : أرأيت المرأة أليس هي على جنابة إلا أنها متيممة فإذا كان مع الرجل قدر ما يغتسل به هو وحده ألا ترى أنه لم يدخل عليها أكثر مما كانت فيه لأنها كانت في جنابة ؟

قال : لا لأن ذلك لم يكن لها منه بد وقد تيممت فكان التيمم طهرا لما كانت فيه فليس للزوج أن يدخل عليها ما ينقض ذلك .

قلت : وتحفظ هذا عن مالك ؟

قال : نعم ، كذلك قال مالك . قال : وقال مالك : إذا كان الرجل والمرأة على وضوء فليس لواحد منهما أن يقبل صاحبه إذا لم يجد الماء لأن ذلك [ ص: 151 ] ينقض وضوءهما وليس لهما أن ينقضا وضوءهما إلا أن يكون معهما ماء إلا ما لا بد لهما منه من الحدث ونحوه .

ي الحائض والمستحاضة قلت : أرأيت إذا حاضت المرأة أول ما حاضت فتمادى بها الدم ؟

قال : تقعد فيما بينها وبين خمس عشرة ليلة .

قال سحنون عن نافع عن عاصم بن عمر عن أبي بكر بن عمر عن سالم بن عبد الله سئل : كم تترك الصلاة المستحاضة ؟ قال سالم : تترك الصلاة خمس عشرة ليلة ، قال : ثم تغتسل وتصلي .

قال ابن نافع عن عبد الله بن عمرو عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعن أخيه عبد الله إنهما كانا يقولان : أكثر ما تترك المرأة الصلاة للحيضة خمسة عشرة ليلة ثم تغتسل وتصلي ، وقد رواه علي بن زياد عن مالك يقال : إنها تقيم قدر أيام لداتها ثم هي ومستحاضة بعد ذلك تصلي وتصوم ويأتيها زوجها أبدا إلا أن ترى دما تستكثره لا تشك فيه أنه دم حيضة ، وقد قيل : إنها تقعد أيام لداتها عن مالك لأنه أقصى ما تحبس النساء الدم خمس عشرة ليلة .

قلت : أرأيت ما رأت المرأة من الدم أول ما تراه في قول مالك أهو حيض إذا كانت قد بلغت ؟ فقال : نعم .

قلت : أرأيت المرأة إذا رأت الدم بعد أيام حيضتها بأيام قبل أن يأتي وقت حيضتها المستقبلة أيكون ذلك حيضا ؟

قال : إذا كان بين الدمين من الأيام ما لا يضاف بعض الدم إلى بعض جعل هذا المستقبل حيضا .

قلت : أرأيت المرأة إذا كانت تحيض في شهر عشرة أيام وفي شهر ستة أيام وفي شهر ثمانية أيام مختلفة الحيضة فصارت مستحاضة كم تحسب أيام حيضتها إذا تمادى بها الدم أتظهر بثلاث ؟ قال : لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولكنها تستظهر على أكثر أيامها التي كانت تحيضها . وقال ابن القاسم : إذا كانت المرأة تحيض خمسة عشر يوما كل شهر ثم رأت الدم وصارت مستحاضة أنها لا تستظهر بشيء إذا تمادى بها الدم من بعد الخمسة عشر فهي مستحاضة مكانها تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها . وقال ابن القاسم : وكل امرأة كانت أيامها أقل من خمسة عشر يوما فإنها تستظهر بثلاث ما بينها وبين خمسة عشر مثل التي أيامها اثنا عشر تستظهر بثلاث ، ومثل التي أيامها ثلاثة عشر تستظهر بيومين والتي أيامها أربعة عشر تستظهر بيوم والتي أيامها خمسة عشر فلا تستظهر بشيء وتغتسل وتصلي ويأتيها زوجها ولا تقيم امرأة في حيض أكثر من خمسة عشر باستظهار كان أو غيره .

قال ابن القاسم : وكان مالك يوقت في دم الحيض أكثر دهره إذا تمادى بها الدم أنها تقعد خمسة عشر يوما ، فإن انقطع عنها فيما بين ذلك ألغت الأيام التي لم تر فيها الدم مثل ما فسرت لك واحتسبت بأيام الدم ، فإذا استكملت . خمس عشرة [ ص: 152 ] ليلة من أيام الدم اغتسلت وصلت وصنعت ما تصنع المستحاضة ، ثم رجع فقال : أرى أن تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها ثم تصلي وترك قوله الأول خمسة عشر . قال : وقال مالك في المرأة وترى الصفرة أو الكدرة في أيام حيضتها أو في غير أيام حيضتها فذلك حيض وإن لم تر ذلك دما ؟

قال : وإذا دفعت دفعة فتلك الدفعة حيض ، وقال : وقال مالك في المرأة ترى الدم فلا تدفع إلا دفعة في ليل أو في نهار إن ذلك عنده حيض فإن انقطع عنها الدم ولم تدفع إلا تلك الدفعة اغتسلت وصلت .

قلت : فهل حد مالك في هذا متى تغتسل ؟

قال : لا ولكنه قال : إذا علمت أنها أظهرت اغتسلت : إن كانت ممن ترى القصة البيضاء فحين ترى القصة ، وإن كانت لا ترى القصة فحين ترى الجفوف تغتسل وتصلي .

قال ابن القاسم : والجفوف عندي أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة ، قال مالك : وإن رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك من الأيام الدم إذا كان الدم الثاني قريبا من الدم الأول فهو مضاف إلى الدم الأول ، وذلك كله حيضة واحدة وما كان بين ذلك من الأيام طهر ، وإن كان ما بين الدمين متباعدا فالدم الثاني حيض ولم يوقت كم ذلك إلا قدر ما يعلم أنها حيضة مستقبلة ويعلم أن ما بينها من الأيام ما يكون طهرا .

قال : وقال مالك : إذا رأت المرأة الدم يوما ثم انقطع عنها يومين ثم رأته يوما بعد اليومين ثم انقطع عنها يوما أو يومين ثم رأته بعد ذلك يوما أو يومين ، قال : إذا اختلط هكذا حسبت أيام الدم وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما فإذا استكملت من أيام الدم قدر أيامها التي كانت تحيضها استظهرت بثلاثة أيام ، فإن اختلط عليها أيضا أيام الاستظهار حسبت أيام الدم وألغت أيام الطهر التي فيما بين الدمين حتى تستكمل ثلاثة أيام من أيام الدم ، فإذا استكملت ثلاثة أيام من أيام الدم بعد أيام حيضتها اغتسلت وصلت وكانت مستحاضة بعد ذلك والأيام التي استظهرت بها هي فيها حائض وهي مضافة إلى الحيض إن رأت الدم فيها بعد ذلك ، وإن لم تره ، والأيام التي كانت تلغيها فيما بين الدم التي كانت لا ترى فيها ما تصلي فيها ويأتيها زوجها وتصومها وهي فيها طاهر ، وليست تلك الأيام بطهر تعتد به في عدة من طلاق لأن الذي قبل تلك الأيام من الدم والتي بعد تلك الأيام قد أضيف بعضها إلى بعض تجعل حيضة واحدة ، وكان ما بين ذلك من الطهر ملغى ثم تغتسل بعد الاستظهار وتصلي وتتوضأ لكل صلاة إن رأت الدم في تلك الأيام ، وتغتسل كل يوم إذا انقطع عنها الدم من أيام الطهر وإنما أمرت أن تغتسل لأنه لا تدري لعل الدم لا يرجع إليها ولا تكف عن الصلاة بعد ذلك ، وإن تطاول بها الدم الأشهر إلا أن ترى في ذلك دما لا تشك وتستيقن أنه دم حيضة فلتكف عن الصلاة .

ويكون لها ذلك عدة من طلاق ، وإن لم تستيقن لم تكف عن الصلاة ولم يكن لها ذلك عدة وكانت عدتها عدة المستحاضة [ ص: 153 ] ويأتيها زوجها في ذلك وتصلي وتصوم .

قلت : أرأيت قول مالك دما تنكره كيف هذا الدم الذي تنكره ؟

قال : إن النساء يزعمن أن دم الحيض لا يشبه دم المستحاضة لريحه ولونه ، قال : وإذا رأت ذلك إن كان ذلك يعرف فلتكف عن الصلاة وإلا فلتصل ، قال : وكأني رأيت مالكا فيما ينحو ويذهب إليه من قوله أنه إنما يريد بهذا أن تصلي المستحاضة أبدا ، لأنه يقول : إن لم يعرف ذلك ولم تر ما تنكره من الدم صلت .

قال : وقال مالك : في امرأة رأت الدم خمسة عشر يوما ثم رأت الطهر خمسة أيام ثم رأت الدم أياما ثم رأت الطهر سبعة أيام ؟

قال : هذه مستحاضة .

قال ابن القاسم : سألت مالكا عن المستحاضة ينقطع عنها الدم وقد كانت اغتسلت قبل ذلك ؟

قال : فقال لي مرة : لا غسل عليها ثم رجع عن ذلك ، فقال : أحب إلي أن تغتسل إذا انقطع عنها الدم وهو أحب قوله إلي .

قلت : فما يقول مالك في الحائض تحيض بعد أن طلع الفجر وقد كانت حين طلع الفجر طاهرا هل عليها إعادة صلاة الصبح إذا طهرت ؟

قال : لا إعادة عليها إذا طهرت وإن نسيت الظهر فلم تصلها حتى دخل وقت العصر ثم حاضت فلا إعادة عليها للظهر ولا للعصر ، قال : وإن نسيت المغرب فلم تصلها حتى دخل وقت العشاء ثم حاضت فلا إعادة عليها لا المغرب ولا العشاء . قال : وقال مالك في الحائض لتشد عليها إزارها ثم شأنه بأعلاها .

قلت : ما معنى قول مالك ثم شأنه بأعلاها ؟

قال : سئل مالك عن الحائض أيجامعها زوجها فيما دون الفرج فيما بين فخذيها ؟

قال : لا ولكن شأنه بأعلاها .

قال : قوله عندنا شأنه بأعلاها أن يجامعها في أعلاها إن شاء في أعكانها وإن شاء في بطنها وإن شاء فيما شاء مما هو أعلاها .

قال مالك عن زيد بن أسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟

قال : " لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها " .

قال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه أرسل إلى عائشة : هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض ؟ فقالت : ليشد إزارها على أسفلها ثم ليباشرها إن شاء .

قلت : أرأيت امرأة كانت حيضتها خمسا خمسا فرأت الطهر في أربع أيحب مالك لزوجها أن يكف عنها حتى يمر اليوم الخامس ؟

قال : لا وليصبها إن شاء ، قال : وقال مالك في امرأة صلت ركعة من الظهر أو بعض العصر ثم حاضت ؟

قال : لا تقضي هذه الصلاة التي حاضت فيها .

ما جاء في النفساء قال ابن القاسم : كان مالك يقول في النفساء : أقصى ما يمسكها الدم ستون يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه ، فقال : أرى أن يسأل عن ذلك النساء وأهل المعرفة فتجلس بعد ذلك .

قال ابن نافع عن عاصم عن أبي بكر بن عمر عن سالم بن عبد الله أنه سئل [ ص: 154 ] عن النفساء كم أكثر ما تترك الصلاة إذا لم يرتفع عنها الدم ؟ فقال : تترك الصلاة شهرين فذلك أكثر ما تترك الصلاة ثم تغتسل وتصلي .

قال : وقال مالك في النفساء : متى ما رأت الطهر بعد الولادة وإن قرب فإنها تغتسل وتصلي فإن رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك دما مما هو قريب من دم النفاس كان مضافا إلى دم النفاس وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما ، فإن تباعد ما بين الدمين كان الدم المستقبل حيضا وإن كانت رأت الدم قرب دم النفاس كانت نفساء ، فإن تمادى بها الدم أقصى ما تقول النساء إنه دم نفاس وأهل المعرفة بذلك كانت إلى ذلك نفساء وإن زادت على ذلك كانت مستحاضة .

قال ابن القاسم : وقد كان حد لنا قبل اليوم في النفساء ستين يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه فقال : أكره أن أحد فيه حدا ولكن يسأل عن ذلك أهل المعرفة فتحمل على ذلك .

قال ابن وهب قال : سألنا مالكا عن النفساء كم تمكث في نفاسها إذا طال بها الدم حتى تغتسل وتصلي ؟

قال : ما أحد في ذلك حدا وقد كنت أقول في المستحاضة قولا ، وقد كان يقال لي : إن المرأة لا تقيم حائضا أكثر من خمسة عشر يوما ثم نظرت في ذلك فرأيت أن أحتاط لها فتصلي ، وليس ذلك عليها أحب إلي من أن تترك الصلاة وهي عليها فرأيت أن تستظهر بثلاث فهذه المستحاضة أرى اجتهاد العالم لها في ذلك سعة ، ويسأل أهل المعرفة بهذا فيحملها عليه لأن النساء ليس حالهن في ذلك حالا واحدا ، فاجتهاد العالم في ذلك يسعها .

قال : وقال مالك في النفساء : ترى الدم يومين وينقطع عنها يومين حتى يكثر ذلك عليها ؟

قال : تلغي الأيام التي لم تر فيها الدم وتحسب الأيام التي رأت فيها الدم حتى تستكمل أقصى ما تجلس له النساء من غير سقم ثم هي مستحاضة بعد ذلك ، قال : وترك قوله في النفاس أقصاه ستون يوما وقال تسأل النساء عن ذلك .

قال ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه أنه يقال : أيما امرأة كانت تهراق الدماء عند النفاس ثم رأت الطهر فلتطهر ولتصل فإن رأت دما بعد ذلك فلا تصلي ما رأت دما فإن أصبحت يوما وهي ترى الدم فلا تصم فإن انقطع عنها الدم إلى صلاة الظهر من ذلك اليوم فلتطهر .
ما جاء في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر قال ابن القاسم في المرأة الحامل : تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر فلا تضعه إلا بعد شهرين والدم يتمادى بها فيما بين الولدين ؟

قال : ينتظر أقصى ما يكون النفاس بالنفساء ولزوجها عليها الرجعة . وقد قيل فيها : إن حالها حال الحامل حتى تضع الولد الثاني .

قلت : وهل تستظهر الحامل إذا رأت الدم وتمادى بها بثلاث كم تستظهر [ ص: 155 ] الحائض ؟

قال : ما علمت أن مالكا قال في الحامل تستظهر بثلاثة لا قديما ولا حديثا .

قال ابن القاسم : ولو كانت الحامل تستظهر عنده بثلاث لقال إذا رأت الحامل الدم وتمادى بها جلست أيام حيضتها ثم استظهرت ، قال أشهب : إلا أن تكون استرابت من حيضتها شيئا من أول ما حملت هي على حيضتها فإنها تستظهر قال : وقال مالك في النفساء : ترى الدم يومين والطهر يومين فتمادى بها هكذا أياما ، قال مالك : إذ انقطع الدم اغتسلت وصلت وجامعها زوجها وإذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة حتى تبلغ أقصى ما تجلس إليه النساء .

قال لي أشهب : وقد سألنا مالكا عن الحامل ترى الدم ؟

قال : هي مثل غير الحامل تمسك أيام حيضتها كما تمسك التي هي غير حامل قال : ثم سمعته بعد ذلك يقول : ليس أول الحمل كآخره مثل رواية ابن القاسم ، قال لي أشهب : والرواية الأولى أحسن ما حبس الحمل من حيضتها مثل الذي حبس الرضاع والمرض وغير ذلك ثم تحيض فإنها تقعد حيضة واحدة .

قلت : أرأيت الحامل ترى الدم في حملها كم تمسك عن الصلاة ؟

قال : قال مالك : ليس أول الحمل كآخره إن رأت الدم في أول الحمل أمسكت عن الصلاة وما يجتهد لها فيه وليس في ذلك حد ، وقال ابن القاسم : إن رأت ذلك في ثلاثة أشهر ونحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما ونحو ذلك فإن جاوزت الستة أشهر من حملها ثم رأته تركت الصلاة ما بينها وبين العشرين يوما أو نحو ذلك .

قال ابن وهب عن الليث بن سعد وابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة عن عائشة أنها سئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي ؟ قالت : لا تصلي حتى يذهب عنها الدم .

قال ابن وهب قال : وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة مثله ، وقاله الليث بن سعد ، وقال مالك : وإذا طال عليها الدم فهي بمنزلة المستحاضة تصلي وذلك أحسن ما سمعت ، قال ابن وهب وقال الليث بن سعد وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : لا تصلي بدم الولد لا قبل ولا بعد . قال ابن وهب عن بكر بن مضر قال : قال يحيى بن سعيد : إذا رأت الحامل الدم أو الصفرة أو الكدرة لم تصل حتى ينقطع ذلك عنها ، وقد بلغنا عن عائشة أنها كانت تلقن بذلك النساء .

قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في المرأة : ترى الصفرة أو الكدرة أو كالغسالة ؟ قال : لا أرى ما دامت ترى من الترية شيئا إن كانت الترية عند الحيضة أو الحمل

[ ص: 156 ] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد نبيه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم كتاب الصلاة الأول ما جاء في وقت الصلاة قال سحنون قال ابن القاسم : قال مالك : أحب ما جاء في وقت صلاة الظهر إلي قول عمر بن الخطاب أن صلوا الظهر والفيء ذراع قال ابن القاسم قال مالك : وأحب إلي أن يصلي الناس الظهر في الشتاء والصيف والفيء ذراع ، قال : وإنما يقاس الظل في الشتاء والصيف لأنه ما دام في نقصان فهو غدوة بعد فإذا مد ذاهبا فمن ثم يقاس ذراع من ذلك الموضع فإذا كان الفيء ذراعا صلوا الظهر حين بقي الفيء ذراعا ، قال مالك : وقد كان ابن عمر ربما ركب في السفر بعدما يفيء الفيء ذراعا فيسير الميلين والثلاثة قبل أن يصلي الظهر .

قال ابن القاسم : ما رأيت مالكا يحد في وقت العصر قامتين ولكنه فيما رأيته يصف كان يقول : والشمس بيضاء نقية .

قال سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله : إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، ثم كتب : أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة .

قال مالك : ووقت المغرب إذا غابت الشمس للمقيمين وأما المسافرون فلا بأس أن يمدوا الميل ونحوه ثم ينزلون ويصلون ، وقد { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقام له جبريل الوقت في اليومين جميعا المغرب في وقت واحد حين غابت الشمس } ، وقد كان ابن عمر يؤخرها في السفر قليلا . قال ابن القاسم : وسألنا مالكا عن الحرس في الرباط يؤخرون صلاة العشاء إلى ثلث الليل فأنكر ذلك إنكارا شديدا وكأنه كان يقول : يصلون كما تصلي الناس وكأنه يستحب وقت الناس الذين يصلون فيه [ ص: 157 ] العشاء الأخيرة يؤخرون بعد مغيب الشفق قليلا ، قال : وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فلم يؤخروا هذا التأخير .

قلت : فما وقت صلاة الصبح عند مالك ؟

قال : الإغلاس والنجوم بادية مشتبكة .

قلت : فما آخر وقتها عنده ؟

قال : إذا أسفر ، وقد قال عمر في كتابه إلى أبي موسى الأشعري أن صل الصبح والنجوم بادية مشتبكة .

قال ابن القاسم : ولم أر مالكا يعجبه هذا الحديث الذي جاء : إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله . وقال : وذلك أنه كان يرى هذا أن الناس يصلون في الوقت - بعدما يدخل ويتمكن ويمضي منه بعضه - الظهر والعصر والعشاء والصبح فهكذا رأيته يذهب إليه ولم أجترئ على أن أسأله عن ذلك ، قال مالك : وقد صلى الناس قديما وعرف وقت الصلوات .

قال : وقال مالك : ويغلس في السفر في الصبح ، فقلت له : هل يقرأ فيها والسماء ذات البروج و ( سبح ) وما أشبههما ؟

قال : إني لأرجو أن يكون ذلك واسعا وإلا كرياء يعجلون الناس .


ما جاء في الأذان والإقامة قال ابن القاسم قال مالك : الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، قال : ثم يرجع بأرفع من صوته بها أول مرة فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، قال : فهذا قول مالك في رفع الصوت ، ثم حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، قال : وإن كان الأذان في صلاة الصبح في سفر أو حضر ؟

قال : الصلاة خير من النوم مرتين بعد حي على الفلاح ، قال : وأخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم عن ابن جريج قال : حدثني غير واحد من آل أبي محذورة { أن أبا محذورة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب فأذن عند المسجد الحرام ، قال : قلت : كيف أؤذن يا رسول الله ؟ قال : فعلمني الأولى : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال : ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله } .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18-12-2025, 06:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي



اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 159 الى صــ 164
الحلقة(6)





قال ابن جريج وقال عطاء : ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم وكان أبو محذورة [ ص: 158 ] يؤذن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى أدركه عطاء وهو يؤذن ( ابن وهب ) وقال الليث ومالك ، قال ابن القاسم والإقامة : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، وأخبرني ابن وهب قال بلغني عن أنس بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الآذان ويوتر الإقامة } ابن وهب وقال لي مالك مثله .
قلت : فما قوله في التطريب في الأذان ؟

قال : ينكره وما رأيت أحدا من مؤذني أهل المدينة يطربون ، قال ابن القاسم : وسألت مالكا عن المؤذن يدور في أذانه ويلتفت عن يمينه وشماله فأنكره ، وبلغني عنه أيضا أنه قال : إن كان يريد بذلك أن يسمع فنعم وإلا فلا ولم يعرف الإدارة .

قلت : ولا يدور حتى يبلغ حي على الصلاة حي على الفلاح ؟

قال : لا يعرف هذا الذي يقول الناس يدور ولا هذا الذي يقول الناس يلتفت يمينا وشمالا ، قال ابن القاسم : وكان مالك ينكره إنكارا شديدا إلا أن يكون يريد أن يسمع ، قال : فإن لم يرد به ذلك فكان ينكره إنكارا شديدا أن يكون هذا من حد الأذان ويراه من الخطأ وكان يوسع أن يؤذن كيف تيسر عليه ، قال ابن القاسم : ورأيت المؤذنين بالمدينة يؤذنون ووجوههم إلى القبلة . قال ورأيته يرى أن ذلك واسع يصنع كيف يشاء ، قال ابن القاسم : ورأيت مؤذني المدينة يقيمون عرضا يخرجون مع الإمام وهم يقيمون .

قال : وقال مالك : لا يتكلم أحد في الأذان ولا يرد على من سلم عليه ، قال : وكذلك الملبي لا يتكلم في تلبية ولا يرد على أحد سلم عليه ، قال : وأكره أن يسلم أحد على الملبي حتى يفرغ من تلبيته .

قلت لابن القاسم : فإن تكلم في أذانه أيبتدئه أم يمضي ؟

قال : يمضي ، وأخبرني سحنون عن علي عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال : يكره للمؤذن أن يتكلم في أذانه أو يتكلم في إقامته ، وقال مالك : لا يؤذن إلا من احتلم قال لأن المؤذن إمام ولا يكون من لم يحتلم إماما ، قال مالك : وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أعمى وكان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذنا وإماما .

قال : وقال مالك : ليس على النساء أذان ولا إقامة قال : وإن أقامت المرأة فحسن ( ابن وهب ) عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال : ليس على النساء أذان ولا إقامة ( ابن وهب ) . وقاله أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وابن شهاب وربيعة وأبو الزناد ويحيى بن سعيد ( ابن وهب ) وقال مالك : والليث مثله .

قال ابن القاسم وقال مالك : لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا وأنكر ذلك إنكارا شديدا ، وقال : إلا من عذر يؤذن لنفسه إذا كان مريضا .

قال : وقال مالك : لا بأس أن يؤذن رجل ويقيم غيره .
قال : وقال مالك : في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان قال : ذلك واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك ، قال : وكان مالك يكره التطريب في الأذان كراهية شديدة ، قال ابن القاسم : ورأيت [ ص: 159 ] المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم .

قلت لابن القاسم : هل الإقامة عند مالك في وضع اليدين في الأذنين بمنزلة الأذان ؟

قال : لا أحفظ منه شيئا وهو عندي مثله .

قال : وقال مالك في مؤذن أذن فأخطأ فأقام ساهيا ، قال : لا يجزئه ويبتدئ الأذان من أوله .

قال : وقال مالك : إذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة المكتوبة فلا تقل مثل ما يقول وإذا أذن وأنت في النافلة فقل مثل ما يقول ، قال مالك : ومعنى الحديث الذي جاء إذا أذن المؤذن فقل مثل ما يقول إنما ذلك إلى هذا الموضع أشهد أن محمدا رسول الله فيما يقع بقلبي ولو فعل ذلك رجل لم أر بأسا ابن وهب عن مالك ويونس عن يزيد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن أبا سعيد الخدري قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن } ابن وهب عن ابن لهيعة قال يزيد بن أبي حبيب مثله .

قلت لابن القاسم : إذا قال المؤذن حي على الفلاح ثم قال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله أيقول مثله ؟

قال : هو من ذلك في سعة أي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل .

قال ابن وهب قلت لمالك : أرأيت إن أبطأ المؤذن فقلت مثل ما يقول وعجلت قبل المؤذن ؟

قال : أرى ذلك يجزئ وأراه واسعا .

قال وقال مالك : يؤذن المؤذن على غير وضوء ولا يقيم إلا على وضوء ( علي بن زياد ) عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنهم كانوا لا يرون بأسا أن يؤذن الرجل على غير وضوئه ، قال وقال لي مالك : يؤذن المؤذن في السفر راكبا ويقيم وهو نازل ولا يقيم وهو راكب ابن وهب عن عمر بن محمد العمري أنه رأى سالم بن عبد الله في السفر حين يرى الفجر ينادي بالصلاة على البعير فإذا نزل أقام ولا ينادي في غيرها من الصلوات إلا الإقامة ، قال : وكان ابن عمر يفعل ذلك قال وكان ابن عمر لا يزيد على واحدة في الإقامة قال وكان سالم يفعل ذلك .
قال ابن القاسم وقال مالك : لا ينادي لشيء من الصلوات قبل وقتها إلا الصبح وحدها ، وقد { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم } . قال : وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت قال مالك : لم يبلغنا أن صلاة أذن لها قبل وقتها إلا الصبح ولا ينادى لغيرها قبل دخول وقتها ولا الجمعة .
قلت لابن القاسم : أرأيت مسجدا من مساجد القبائل اتخذوا له مؤذنين أو ثلاثة أو أربعة يجوز لهم ذلك ؟

قال : لا بأس بذلك عندي .

قلت : هل تحفظ عن مالك ؟

قال : نعم لا بأس به .

قال : وسئل مالك عن القوم يكونون في السفر أو في مسجد الحرس أو في المركب فيؤذن لهم مؤذنان أو ثلاثة ؟

قال : لا بأس بذلك .

قال : وسألنا مالكا عن الإمام إمام المصر يخرج إلى الجنازة فيحضر الصلاة أيصلي بأذان وإقامة أو بإقامة وحدها ؟

قال : لا بل بالأذان والإقامة .

قال : وقال مالك : والصلاة بالمزدلفة [ ص: 160 ] بأذانين وإقامتين للإمام وأما غير الإمام فيجزئهم إقامة إقامة ; للمغرب إقامة وللعشاء إقامة ، قال مالك : وبعرفة أيضا أذانان وإقامتان ، قال مالك : وكل ما كان من صلاة الأئمة فأذان وإقامة لكل صلاة وإن كان في حضر فإذا جمع الإمام صلاتين فأذانان وإقامتان . وقال : وقال مالك : كل شيء من أمر الأمراء إنما هو بأذان وإقامة .

قال : وقال مالك : وليس الأذان إلا في مساجد الجماعة ومساجد القبائل بل والمواضع التي تجمع فيها الأئمة ، فأما ما سوى هؤلاء من أهل السفر والحضر فالإقامة تجزئهم في الصلوات كلها : الصبح وغير الصبح وقال وإن أذنوا فحسن ( ابن وهب ) عن عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يؤذن في السفر بالأولى ولكنه كان يقيم الصلاة ويقول : إنما التثويب بالأولى في السفر مع الأمراء الذين معهم الناس ليجتمع الناس إلى الصلاة .

قال ابن وهب وسألت مالكا عمن صلى بغير إقامة ناسيا ؟

قال : لا شيء عليه ، قال : قلت : فإن تعمد ؟

قال : فليستغفر الله ولا شيء عليه ، ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال : إن نسي الإقامة فلا يعد الصلاة ، ابن وهب وقاله ربيعة ويحيى بن سعيد والليث ، علي عن سفيان قال منصور وسألت إبراهيم قلت : نسيت أن أقيم في السفر ؟

قال : تجزئك صلاتك .

قال ابن القاسم وقال مالك فيمن دخل المسجد وقد صلى أهله ، قال : لا تجزئه إقامتهم وليقم أيضا لنفسه إذا صلى ، قال : ومن صلى في بيته فلا تجزئه إقامة أهل المصر ابن وهب عن حيوة بن شريح عن زهرة بن معبد القرشي أنه سمع سعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر يقولان : إذا صلى الرجل وحده فليؤذن بالإقامة سرا في نفسه ، ابن وهب عن عطاء ومجاهد قالا : من جاء المسجد وقد فرغ من الصلاة فليقم ، ابن وهب وقاله مالك ( ابن القاسم ) وقال مالك : من نسي صلوات كثيرة يجزئه أن يقضيها بإقامة إقامة بلا أذان ولا يصليها إن كانت صلاتين بإقامة واحدة ولكن يصلي كل صلاة بإقامة إقامة .

، قال : وقال مالك : لا بأس بإجارة المؤذنين .

قال : وسألت مالكا عن الرجل يستأجر الرجل يؤذن في مسجده ويصلي بأهله يعمره بذلك ؟

قال : لا بأس به ، قال وكان مالك يكره إجارة قسام القاضي ، قال وقال مالك : لا بأس بما يأخذه المعلم اشترط ذلك أو لم يشترط ، قال : وإن كان اشترط على تعليم القرآن شيئا معلوما كان ذلك جائزا ولم أر به بأسا .

قال : وقال مالك : إذا فرغ المؤذن من الإقامة انتظر الإمام قليلا قدر ما تستوي الصفوف ثم يكبر ويبتدئ القراءة ولا يكون بين القراءة والتكبير شيء ، وقد كان عمر وعثمان يوكلان رجالا لتسوية الصفوف فإذا أخبروهما أن قد استوت كبر ، قال وكان مالك لا يوقت للناس وقتا إذا أقيمت الصلاة يقومون عند ذلك ولكنه كان يقول : ذلك على قدر طاقة الناس فمنهم القوي ومنهم الضعيف .
[ ص: 161 ] في الإحرام للصلاة قال : وقال مالك : تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم .

قال ابن القاسم قال مالك : ولا يجزئ من السلام من الصلاة إلا السلام عليكم ولا يجزئ من الإحرام في الصلاة إلا الله أكبر ، قال وكان مالك لا يرى هذا الذي يقول الناس سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وكان لا يعرفه ، ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين .

قال : وقال مالك : ومن كان وراء الإمام ومن هو وحده ومن كان إماما فلا يقل : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ولكن يكبروا ثم يبتدءوا القراءة وسألت ابن القاسم عمن افتتح الصلاة بالعجمية وهو لا يعرف العربية ما قول مالك فيه ؟ فقال : سئل مالك عن الرجل يحلف بالعجمية فكره ذلك وقال : أما يقرأ أما يصلي إنكارا لذلك أي ليتكلم بالعربية لا بالعجمية ، قال : فما يدريه أن الذي قال أهو كما قال ، أي الذي حلف به أنه هو الله ما يدريه أنه هو الله أم لا ، قال وقال مالك : أكره أن يدعو الرجل بالأعجمية في الصلاة ، قال : ولقد رأيت مالكا يكره للأعجمي أن يحلف بالعجمية ويستثقله ، قال : وأخبرني مالك أن عمر بن الخطاب نهى عن رطانة الأعاجم وقال : إنها خب .

قال وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن أبيه قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم } .

قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال : قال عبد الله بن مسعود : تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم .

قال وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي قال : مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وانقضاؤها التسليم .

فيمن دخل مع الإمام في الصلاة فنسي تكبيرة الافتتاح قال وقال مالك فيمن دخل مع الإمام في صلاته فنسي تكبيرة الافتتاح ، قال : إن كان كبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته ، وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح فليمض مع الإمام حتى . إذا فرغ الإمام أعاد الصلاة ، قال : فإن هو لم يكبر للركوع ولا للافتتاح مع الإمام حتى ركع الإمام ركعة وركعها معه ثم ذكر : ابتدأ الإحرام وكان الآن داخلا في الصلاة فليتم بقية الصلاة مع الإمام ثم يقضي ركعة إذا سلم الإمام ، قال وقال مالك : إن دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ولم ينو بها تكبيرة [ ص: 162 ] الافتتاح مضى في صلاته ولم يقطعها فإذا فرغ من صلاته مع الإمام أعادها ، قال : فإن كان وحده قطع وإن كان قد صلى من صلاته ركعة أو ركعتين ثم إنه لم يكن كبر للافتتاح قطع أيضا ، قال : وإنما ذلك لمن خلف الإمام وحده قال : وقال مالك فيما بلغني أنه قال : إنما أمرت من خلف الإمام بما أمرته به لأني سمعت أن سعيد بن المسيب قال : يجزئ الرجل مع الإمام إذا نسي تكبيرة الافتتاح تكبيرة الركوع ، قال : وكنت أرى ربيعة بن أبي عبد الرحمن يعيد الصلاة مرارا فأقول له ما لك يا أبا عثمان ؟ فيقول : إني نسيت تكبيرة الافتتاح ، فأنا أحب له في قول سعيد أن يمضي لأني أرجو أن يجزئ عنه وأحب له في قول ربيعة أن يعيد احتياطا وهذا في الذي مع الإمام .
قال : وقال مالك : إذا نسي الإمام تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع وكبر من خلف الإمام تكبيرة الافتتاح ثم صلوا معه حتى فرغوا ، قال : يعيد الإمام ويعيدون .

قلت لابن القاسم : فإن نسي الإمام تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح ؟

قال : لا يجزئ عنهم ويعيد الإمام ويعيد من خلفه في قول مالك لأنه لو كان وحده لم تجزه صلاته وكذلك إذا كان إماما عند مالك يعيد .

قال سحنون : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { التحريم التكبير } ، ولا ينبغي للرجل أن يبتدئ الصلاة بالركوع قبل القيام وذلك يجزئ من كان خلف إمام لأن قراءة الإمام وفعله كان يحسب لهذا لأنه أدرك معه الركعة فحمل عنه الإمام ما مضى إذا نوى تكبيرة الافتتاح .

قال : وقال مالك : من كبر للافتتاح خلف الإمام وهو يظن أن الإمام قد كبر ثم كبر الإمام بعد ذلك فمضى معه حتى فرغ من صلاته ، قال : أرى أن يعيد صلاته إلا أن يكون علم فكبر بعدما كبر الإمام فإن كان كبر بعدما كبر الإمام أجزأته صلاته ، قال : فقلت لمالك : أرأيت هذا الذي كبر قبل الإمام للافتتاح ثم علم أن الإمام قد كبر بعده أيسلم ثم يكبر بعد الإمام ؟

قال : لا بل يكبر بعد الإمام ولا يسلم .

القراءة في الصلاة قال : وقال مالك : لا يقرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم في المكتوبة لا سرا في نفسه ولا جهرا .

قال : وقال مالك : وهي السنة وعليها أدركت الناس ، قال : وقال مالك في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة ، قال : الشأن ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة قال : لا يقرأ سرا ولا علانية لا إمام ولا غير إمام ، قال : وفي النافلة : إن أحب فعل ، وإن أحب ترك ، ذلك واسع .

قال : وقال مالك : ولا يتعوذ الرجل في المكتوبة قبل القراءة ولكن يتعوذ في قيام رمضان إذا قرأ ، قال : ولم يزل القراء يتعوذون [ ص: 163 ] في رمضان إذا قاموا . قال مالك : ومن قرأ في غير صلاة تعوذ قبل القراءة إن شاء .

قال : وقال مالك في الرجل إذا صلى وحده صلاة الجهر : أسمع نفسه فيها وفوق ذلك قليلا ولا يشبه المرأة في الجهر الرجل .

قال : وقال مالك في المرأة تصلي وحدها صلاة يجهر فيها بالقراءة ، قال : تسمع المرأة نفسها قال : وليس شأن النساء الجهر إلا الأمر الخفيف في التلبية وغير ذلك .

قال : وقال مالك : ليس العمل عندي أن يقرأ الرجل في الركعة الآخرة من المغرب بعد أم القرآن بهذه الآية { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا } .

ما جاء في ترك القراءة في الصلاة قال : وقال مالك : ليس العمل على قول عمر حين ترك القراءة فقالوا له إنك لم تقرأ ، فقال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسن ، قال : فلا بأس إذن ، قال مالك : وأرى أن يعيد من فعل هذا وإن ذهب الوقت قال : وكان مالك لا يرى ما قرأ الرجل به في الصلاة في نفسه ما لم يحرك به لسانه قراءة ، قال : وكذلك بلغني عنه قال : وقال مالك في رجل ترك القراءة في ركعتين من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة قال : لا تجزئه الصلاة وعليه أن يعيد .

قال : وكان مالك يقول : من ترك القراءة في جل ذلك أعاد وإن قرأ في بعضها وترك بعضها أعاد أيضا ، قال : وذلك أيضا إذا قرأ في ركعتين وترك القراءة في ركعتين فإنه يعيد الصلاة من أي الصلوات كانت .

قلت لابن القاسم : فإن ترك القراءة في ركعة من المغرب والصبح ؟ قال : إنما كشفنا مالكا عن الصلوات ولم نكشفه عن المغرب والصبح .

قال ابن القاسم : والصلوات عند مالك محمل واحد فإذا قرأ في ركعة من الصبح وترك ركعة أعاد ، قال وإن كان مالك يستحب أن يعيد إذا ترك القراءة في ركعة واحدة في خاصة نفسه من أي الصلوات كانت ، وقد كان قبل مرته الآخرة يقول ذلك وقد قاله لي غير عام واحد ، ثم قال : أرجو أن تجزئه سجدتا السهو قبل السلام وما هو عندي بالبين .
قال : وقال مالك : وإن قرأ بأم القرآن في صلاته كلها وترك ما سوى ذلك من القرآن فلم يقرأ مع أم القرآن شيئا في صلاته ، قال : يجزئه ويسجد سجدتي السهو قبل السلام .

قال مالك وإن هو ترك قراءة السورة مع أم القرآن في الركعتين الأولتين سجد للوهم ، وإن هو قرأ سورة مع أم القرآن في الركعتين الأخريين فليس عليه سجدتا الوهم .

قلت : فإن هو ترك قراءة السورة التي مع أم القرآن في الركعتين الأوليين عامدا ماذا عليه في قول مالك أيسجد للوهم ؟ قال : لم نكشف مالكا عن هذا ولم نجترئ عليه [ ص: 164 ] بهذا ، قال ابن القاسم : ولا أرى عليه إعادة ويستغفر الله ولا سجود سهو عليه لأنه لم يسه .
قلت : أرأيت إن قرأ في أول ركعة من الصبح ولم يقرأ في الركعة الأخرى ، قال : يعيد الصلاة أيضا .

قال : وقال مالك : من نسي قراءة أم القرآن حتى قرأ السورة فإنه يرجع فيقرأ أم القرآن ثم يقرأ سورة أيضا بعد قراءته أم القرآن .

قال : وقال مالك : لا يقضي قراءة نسيها من ركعة في ركعة أخرى .

قال : وقال مالك فمن ترك قراءة سورة من إحدى الركعتين الأوليين ساهيا وقد قرأ فيها بأم القرآن : إنه يسجد لسهوه ، قال : وإن قرأ في الركعتين الأخريين بأم القرآن وسورة في كل ركعة ساهيا فلا سهو عليه .
قال : وقال ابن القاسم : قول مالك قديما إن أم القرآن تجزئ من غيرها من القرآن ولا يجزئ من أم القرآن ما سواها من القرآن ، قال : فلما سألناه قلنا له : أم القرآن تجزئ من غيرها من القرآن ولا يجزئ غير أم القرآن من أم القرآن ؟

قال : لا أدري ما هذا أو كأنه إنما كره .

مسألتان قال : وسألنا عن الرجل ينسى في الركعتين الأوليين أن يقرأ مع أم القرآن بسورة سورة ؟ قال : يسجد لسهوه وقد أجزأت عنه صلاته ، قلنا : فإن ترك أم القرآن في الركعتين وقد قرأ بغير أم القرآن ؟ قال : يعيد صلاته ، فعرفنا في هذا أن أم القرآن تجزئ من غيرها وأن غيرها لا يجزئ منها .
قال : وكان مالك يقول زمانا في رجل ترك القراءة في ركعة في الفريضة : إنه يلغي تلك الركعة بسجدتيها ولا يعتد بها ثم كان آخر قوله أن قال : يسجد لسهوه إذا ترك القراءة في ركعة وأرجو أن تكون مجزئة عنه وما هو عندي بالبين ، قال : وإن قرأ في ركعتين وترك في ركعتين أعاد الصلاة أيضا .
قال : وسألت مالكا غير مرة عمن نسي أم القرآن في ركعة ؟ قال : أحب إلي أن يلغي تلك الركعة ويعيدها ، وقال لي : حديث جابر هو الذي آخذ به أنه قال : كل ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم تصلها إلا وراء أمام ، قال : فأنا آخذ بهذا الحديث قال : ثم سمعته آخر ما فارقته عليه يقول : لو سجد سجدتين قبل السلام هذا الذي ترك أم القرآن يقرأ بها في ركعة لرجوت أن تجزئ عنه ركعته التي ترك القراءة فيها على تكره منه وما هو عندي بالبين . قال : وفيما رأيت منه أن القول الأول هو أعجب إليه ، قال ابن القاسم وهو رأيي قال : وقال مالك : أطول الصلوات قراءة صلاة الصبح والظهر .

قال ابن وهب عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال : قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم لم يكن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتحوا الصلاة ، قال مالك : وعلى ذلك الأمر عندنا .

قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة عن أنس بن مالك { أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون ب { الحمد لله رب العالمين } } .

قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك مثل [ ص: 165 ] ذلك .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18-12-2025, 06:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 165 الى صــ 171
الحلقة(7)




قال ابن وهب عن عيسى بن يونس عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة ب { الحمد لله رب العالمين } } .

قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : أخبرني محمود بن ربيع عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن } . قال ابن وهب عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب يحدث عن أبي هريرة أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام } .

قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبيد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم وخيثمة مثله .

قال مالك بن أنس عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء إمام .

قال وكيع عن الأعمش عن خيثمة ، قال : حدثني من سمع عمر بن الخطاب يقول : لا تجزئ صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وبشيء معها .

قال وكيع عن ابن عون قال : سمعت إبراهيم يقول : لو صليت خلف إمام علمت أنه لم يقرأ شيئا لأعدت صلاتي ، قال : وكيع عن عيسى بن يونس عن أبي إسحاق عن الشعبي أن عمر بن الخطاب صلى المغرب فلم يقرأ فيها فأعاد الصلاة وقال : لا صلاة إلا بقراءة .
في رفع اليدين في الركوع والإحرام قال : وقال مالك : لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة لا في خفض ولا في رفع إلا في افتتاح الصلاة يرفع يديه شيئا خفيفا والمرأة في ذلك بمنزلة الرجل ، قال ابن القاسم : وكان رفع اليدين عند مالك ضعيفا إلا في تكبيرة الإحرام .

قلت لابن القاسم : وعلى الصفا والمروة وعند الجمرتين وبعرفات وبالموقف وفي المشعر وفي الاستسقاء وعند استلام الحجر ؟

قال : نعم ، إلا في الاستسقاء بلغني أن مالكا رئي رافعا يديه وكان قد عزم عليهم الإمام فرفع مالك يديه فجعل بطونهما مما يلي الأرض وظهورهما مما يلي وجهه ، قال ابن القاسم وسمعته يقول : فإن كان الرفع فهكذا مثل ما صنع مالك .

قلت لابن القاسم : قوله إن كان الرفع فهكذا في أي شيء يكون هذا الرفع ؟

قال : في الاستسقاء وفي مواضع الدعاء .

قلت لابن القاسم : فعرفة من مواضع الدعاء ؟

قال : نعم والجمرتان والمشعر ، قال : ولقد سألت مالكا عن الرجل يمر بالركن فلا يستطيع أن يستلمه أيرفع يديه حين يكبر إذا حاذى الركن أم يكبر ويمضي ؟ قال : بل يكبر ويمضي ولا يرفع يديه .

قال ابن وهب وابن القاسم عن مالك عن ابن شهاب عن [ ص: 166 ] سالم بن عبد الله عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح التكبير للصلاة } .

قال وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود وعلقمة قالا : { قال عبد الله بن مسعود : ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة } ، قال وكيع عن ابن أبي ليلى عن عيسى أخيه والحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعها حتى ينصرف } .

قال وكيع عن أبي بكر بن عبد الله بن قطاف النهشلي عن عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود ، قال : وكان قد شهد معه صفين وكان أصحاب ابن مسعود يرفعون في الأولى ثم لا يعودون وكان إبراهيم النخعي يفعله .

الدب في الركوع قال : وقال مالك : من جاء والإمام راكع فليركع إن خشي أن يرفع الإمام رأسه إذا كان قريبا يطمع إذا ركع فدب راكعا أن يصل إلى الصف ، قال : قلت : يا أبا عبد الله : فإن هو لم يطمع أن يصل إلى الصف فركع ؟

قال : أرى ذلك مجزئا عنه .

قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا جاء والإمام راكع في صلاة العيدين أو في صلاة الخسوف أو في صلاة الاستسقاء فأراد أن يركع وهو لا يطمع أن يصل إلى الصف أيفعل في قول مالك أم لا ؟

قال : لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكنه عندي بمنزلة المكتوبة ، قال : فالمكتوبة أعظم من هذا وأرى أن يفعل .

قال سحنون عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه رأى زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع ، فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل إلى الصف وهو راكع كبر فركع ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف ، قال ابن وهب قال : وأخبرني رجال من أهل العلم عن القاسم بن محمد وعبد الله بن مسعود وابن شهاب مثله .

في الركوع والسجود قال : وقال مالك في الركوع والسجود : إذا أمكن يديه من ركبتيه وإن لم يسبح فذلك مجزئ عنه وكان لا يوقت تسبيحا .

قال : وقال مالك : تكبير الركوع والسجود كله سواء يكبر للركوع إذا انحط للركوع في حال الانحطاط ، ويقول سمع الله لمن حمده في حال رفع رأسه وكذلك في السجود يكبر إذا انحط ساجدا في حال الانحطاط وإذا رفع [ ص: 167 ] رأسه من السجود ويكبر في حال الرفع ، وإذا قام من الجلسة الأولى لم يكبر في حال القيام حتى يستوي قائما وكان يفرق بين تكبيرة القيام من الجلسة الأولى وبين تكبيرة الركوع والسجود .

قال ابن القاسم : وأخبرني بعض أهل العلم أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله يأمرهم أن يكبروا كل ما خفضوا ورفعوا في الركوع والسجود إلا في القيام من التشهد بعد الركعتين لا يكبر حتى يستوي قائما مثل قول مالك .

قال : وقال مالك في الركوع والسجود قدر ذلك أن يمكن في ركوعه يديه من ركبتيه وفي سجوده جبهته من الأرض ، فإذا تمكن مطمئنا فقد تم ركوعه وسجوده وكان يقول : إلى هذا تمام الركوع والسجود .

قلت لابن القاسم : أرأيت من كانت في جبهته جراحات وقروح لا يستطيع أن يضعها على الأرض وهو يقدر على أن يضع أنفه أيسجد على أنفه في قول مالك أم يومئ ؟ قال : بل يومئ إيماء .

قال : وقال مالك : السجود على الأنف والجبهة جميعا قلت لابن القاسم : أتحفظ عنه إن هو سجد على الأنف دون الجبهة شيئا قال : لا أحفظ عنه في هذا شيئا قلت : فإن فعل أترى أنت عليه الإعادة ؟

قال : نعم في الوقت وغيره .

قال : وسألت مالكا عن الرجل ينكس رأسه في الركوع أم يرفع رأسه ؟ فكره مسألتي وعابه على من فعله .

قال : وقال مالك : هذا يسألني عن الرجل أين يضع بصره في الصلاة ، قال : وبلغني عنه أنه قال : يضع بصره أمام قبلته وأنكر أن ينكس رأسه إلى الأرض ، قال ابن القاسم وابن وهب وعلي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر كلما خفض ورفع فلم تزل تلك صلاته حتى قبضه الله } ، وذكر أبو هريرة وأبو سعيد الخدري عن النبي عليه السلام مثله .

قال : وقال مالك : إذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن فلا يقل هو آمين ولكن يقول ذلك من خلفه ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده فلا يقل هو اللهم ربنا لك الحمد ولكن يقول ذلك من خلفه ، وإذا صلى الرجل وحده فقال : سمع الله لمن حمده فليقل اللهم ربنا ولك الحمد أيضا ، قال : وإذا قرأ وهو وحده فقال : ولا الضالين فليقل آمين . قال مالك : ويخفي من خلف الإمام آمين ولا يقول الإمام آمين ولا بأس للرجل إذا صلى وحده أن يقول آمين .

قلت لابن القاسم : هل كان مالك يأمر الرجل بأن يفرق أصابعه على ركبتيه في الركوع ويأمره أن يضمها في السجود ؟

قال : ما رأيته يحد في هذا حدا وسمعته يسأل عنه وكان يكره الحد في ذلك ويراه من البدع . ويقول : يسجد كما يسجد الناس ويركع كما يركعون .

قال : وقال مالك : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده لم يقل اللهم ربنا [ ص: 168 ] ولك الحمد وليقل من خلفه اللهم ربنا ولك الحمد ، ولا يقول من خلف الإمام سمع الله لمن حمده ولكن يقول اللهم ربنا ولك الحمد .

قال ابن القاسم وقال لي مالك مرة : اللهم ربنا لك الحمد ومرة اللهم ربنا ولك الحمد ، قال : وقال : وأحبهما إلي اللهم ربنا ولك الحمد .
قال ابن القاسم : في الذي ينعس خلف الإمام وما يكره من الدعاء في الركوع الذي أرى وآخذ به في نفسي في الذي ينعس خلف الإمام في الركعة الأولى أنه لا يتبع الإمام فيها ، وإن كان يدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها وليسجد مع الإمام ويلغي تلك الركعة ويقضيها إذا قضى الإمام صلاته ، وإنما يتبع الإمام عندي بالركعة في الثانية والثالثة والرابعة إذا طمع أن يدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها ، وأما الأولى فلا تشبه عندي الثانية في هذا ولا الثالثة وهذا رأيي ورأي من أرضاه .

قال : وقال مالك في السجود والركوع : في قول الناس في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده وفي السجود سبحان ربي العظيم وبحمده وفي السجود سبحان ربي الأعلى ، قال : لا أعرفه وأنكره ولم يحد فيه دعاء موقوتا ولكن يمكن يديه من ركبتيه في الركوع ويمكن جبهته وأنفه من الأرض في السجود ، وليس لذلك عنده حد وكان مالك يكره الدعاء في الركوع ولا يرى به بأسا في السجود .

قلت لابن القاسم : أرأيت مالكا حين كره الدعاء في الركوع وكان يكره التسبيح في الركوع ؟ فقال : لا .

ما جاء في جلوس الصلاة قال : وقال مالك : الجلوس فيما بين السجدتين مثل الجلوس في التشهد يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمين ويثني رجله اليسرى ، وإذا نصب رجله اليمنى جعل باطن الإبهام على الأرض لا ظاهر الإبهام ، قال مالك : وإذا نهض من بعد السجدتين من الركعة الأولى فلا يرجع جالسا ولكن ينهض كما هو القيام .

قال : وقال مالك : ما أدركت أحدا من أهل العلم إلا وهو ينهي عن الإقعاء ويكرهه .

قال : وقال مالك في سجود النساء في الصلاة وجلوسهن وتشهدهن كسجود الرجال وجلوسهم وتشهدهم ينصبن اليمنى ويثنين اليسرى ويقعدن على أوراكهن كما تقعد الرجال في ذلك كله .

قال ابن وهب وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك ، وقال من حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي : قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض في جلوسه الأخير في الصلاة [ ص: 169 ] ويخرج قدميه من ناحية واحدة } .

قال مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعافري أنه قال : { رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة فلما انصرفت نهاني وقال : اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع . قلت : وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قال : كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ويضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ، وقال : هكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم . }

ما جاء في هيئة السجود قلت لابن القاسم : فما قول مالك في سجود الرجل في صلاته هل يرفع بطنه عن فخذيه ويجافي بضبعيه ؟

قال : نعم ولا يفرج ذلك التفريج ولكن تفريجا متقاربا .

قلت : أيجوز في المكتوبة أن يضع ذراعيه على فخذيه ؟

قال : قال مالك : لا إنما ذلك في النوافل لطول السجود فأما في المكتوبة وما خف من النوافل فلا .

قال : وقال مالك : كره أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود .

قال : وقال مالك : يوجه بيديه إلى القبلة ، قال : ولم يحد لنا أين يضعهما .

قال سحنون قال ابن وهب أخبرني عبد الله بن لهيعة أن أبا الزبير المكي حدثه عن جابر بن عبد الله قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن يعتدل الرجل في السجود ولا يسجد الرجل باسطا ذراعيه كالكلب } .

قال سحنون وذكر ابن وهب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته ، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته } من حديث ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير بن سوادة عن صالح بن خيوان الشيباني .

قال ابن وهب : وذكر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يرى بياض إبطيه } من حديث ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس .
الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد قال : وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط ؟ فقال : أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا أرى به بأسا ، قال ابن القاسم : والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط ، قال وقال مالك : إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد وكان لا يكره الاعتماد ، قال : وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر أرفق ذلك به فيصنعه .

قال : وقال مالك : في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ؟ قال : لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه ، قال [ ص: 170 ] سحنون عن ابن وهب عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده اليمنى على اليسرى في الصلاة .

في السجود على الثياب والبسط والمصليات والخمرة والثوب تكون فيه النجاسة قال : وقال مالك : أرى أن لا يضع الرجل كفيه إلا على الذي يضع عليه جبهته ، قال : وإن كان حر أو برد فلا بأس بأن يبسط ثوبا يسجد عليه ويجعل كفيه عليه .

قال : وقال مالك : بلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يفعلان ذلك .

قال : وقال مالك : تبدي المرأة كفيها في السجود حتى تضعهما على ما تضع عليه جبهتها .

قال : وقال مالك : فيمن سجد على كور العمامة قال : أحب إلي أن يرفع عن بعض جبهته حتى يمس بعض جبهته الأرض .

قلت له : فإن سجد على كور العمامة ؟

قال : أكرهه فإن فعل فلا إعادة عليه .

قال : وقال مالك : ولا يعجبني أن يحمل الرجل الحصباء أو التراب من موضع الظل إلى موضع الشمس يسجد عليه ، قال : وكان مالك يكره أن يسجد الرجل على الطنافس وبسط الشعر والثياب والإدام وكان يقول : لا بأس أن يقوم عليها ويركع عليها ويقعد عليها ولا يسجد عليها ولا يضع كفيه عليها ، وكان لا يرى بأسا بالحصر وما أشبهها مما تنبت الأرض أن يسجد عليها وأن يضع كفيه عليها .

قال : وقال مالك : لا يسجد على الثوب إلا من حر أو برد كتانا كان أو قطنا ، قال مالك : وبلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يسجدان على الثوب من الحر والبرد ويضعان أيديهما عليه .

قلت لابن القاسم : فهل يسجد على اللبد والبسط من الحر والبرد ؟

قال : ما سألنا مالكا عن هذا ، ولكن مالكا كره الثياب فإن كانت من قطن أو كتان فهي عندي بمنزلة البسط واللبود فقد وسع مالك أن يسجد على الثوب من حر أو برد .

قلت : أفترى أن يكون اللبد بتلك المنزلة ؟

قال : نعم .

قال : وقال مالك في الحصيرة يكون في ناحية منها قذر ويصلي الرجل على الناحية الأخرى لا بأس بذلك .

قال : وقال مالك : لا بأس بالرجل يقوم في الصلاة على أحلاس الدواب التي قد حلست بها مثل اللبود التي في السروج ويركع عليها ويسجد على الأرض ، ويقوم على الثياب والبسط وما أشبه ذلك من المصليات وغير ذلك ويسجد على الخمرة والحصيرة وما أشبه ذلك ويضع يديه على الذي يضع عليه جبهته .

قال وسألنا مالكا عن الفراش يكون فيه النجس هل يصلي عليه المريض ؟ قال : إذا جعل فوقه ثوبا طاهرا فلا بأس بالصلاة عليه إذا بسط عليه ثوبا طاهرا [ ص: 171 ] كثيفا سحنون قال : قال ابن وهب : أخبرني رجل عن ابن عباس { أن النبي عليه السلام كان يتقي بفضول ثيابه برد الأرض وحرها ، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته } من حديث ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير بن سوادة عن صالح بن خيوان الشيباني .

في صلاة المريض قال ابن القاسم قال مالك في المريض الذي لا يستطيع أن يسجد وهو يقدر على الركوع قائما ويقدر على الجلوس ولا يقدر على السجود والركوع جميعا ويقدر على القيام والجلوس ، أنه إذا قدر على القيام والركوع والجلوس قام فقرأ ثم ركع وجلس فأومأ للسجود جالسا على قدر ما يطيق وإن كان لا يقدر على الركوع قام فقرأ وركع قائما فأومأ للركوع ثم يجلس ويسجد إيماء .

قال ابن القاسم : والذي بجبهته وأنفه من الجراح ما لا يستطيع معه السجود يفعل كما يفعل الذي يقدر على القيام والركوع والجلوس كما فسرت لك .

قال ابن القاسم : وسأل شيخ مالكا وأنا عنده عن الذي يكون بركبتيه ما يمنعه من السجود والجلوس عليهما في الصلاة ؟ فقال له : افعل من ذلك ما استطعت وما يسر عليك فإن دين الله يسر ، قال ابن القاسم في الذي يفتتح الصلاة جالسا ولا يقوى إلا على ذلك : فيصح بعد في بعض صلاته أنه يقوم فيما بقي من صلاته وصلاته مجزئة عندي وكذلك لو افتتحها قائما ثم عرض له ما يمنعه من القيام صلى ما بقي من صلاته جالسا .

وقال في المريض الذي لا يستطاع تحويله إلى القبلة لمرض به أو جراح : إنه لا يصلي إلا إلى القبلة ويحتال له في ذلك فإن هو صلى إلى غير القبلة أعاد ما دام في الوقت وهو في هذا بمنزلة الصحيح .

قال : وقال مالك : فإن لم يستطع المريض أن يصلي متربعا صلى على قدر ما يطيق من قعود أو على جنبه أو على ظهره ويستقبل به القبلة ، وقال مالك في المريض لا يستطيع الصلاة قاعدا ، قال : يصلي على قدر ما يطيق من قعوده فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا فعلى جنبه أو على ظهره يجعل رجليه مما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة .

قلت لابن القاسم : أرأيت إن كان يقدر على الجلوس هذا المريض إذا رفدوه أيصلي جالسا مرفودا أحب إليك أم يصلي مضطجعا ؟

قال : بل يصلي جالسا ممسوكا أحب إلي ولا يصلي مضطجعا ولا يستند لحائض ولا جنب . قال : وسألت مالكا عن الرجل يقدر على القيام ولا يقدر على الركوع والسجود كيف يصلي ؟ قال : يومئ برأسه قائما للركوع على قدر طاقته ويمد يديه إلى ركبتيه فإن كان يقدر على السجود سجد وإن لم يكن يقدر على السجود ويقدر على الجلوس أومأ للسجود جالسا ، [ ص: 172 ] ويتشهد ويسلم جالسا في وسط صلاته وفي آخر صلاته إن كان يقدر على الجلوس فإن كان لا يقدر إلا على القيام صلى صلاته كلها قائما يومئ للركوع والسجود قائما ويجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه لركوعه .
في صلاة المريض قال ابن القاسم قال مالك في المريض الذي لا يستطيع أن يسجد وهو يقدر على الركوع قائما ويقدر على الجلوس ولا يقدر على السجود والركوع جميعا ويقدر على القيام والجلوس ، أنه إذا قدر على القيام والركوع والجلوس قام فقرأ ثم ركع وجلس فأومأ للسجود جالسا على قدر ما يطيق وإن كان لا يقدر على الركوع قام فقرأ وركع قائما فأومأ للركوع ثم يجلس ويسجد إيماء .

قال ابن القاسم : والذي بجبهته وأنفه من الجراح ما لا يستطيع معه السجود يفعل كما يفعل الذي يقدر على القيام والركوع والجلوس كما فسرت لك .

قال ابن القاسم : وسأل شيخ مالكا وأنا عنده عن الذي يكون بركبتيه ما يمنعه من السجود والجلوس عليهما في الصلاة ؟ فقال له : افعل من ذلك ما استطعت وما يسر عليك فإن دين الله يسر ، قال ابن القاسم في الذي يفتتح الصلاة جالسا ولا يقوى إلا على ذلك : فيصح بعد في بعض صلاته أنه يقوم فيما بقي من صلاته وصلاته مجزئة عندي وكذلك لو افتتحها قائما ثم عرض له ما يمنعه من القيام صلى ما بقي من صلاته جالسا .

وقال في المريض الذي لا يستطاع تحويله إلى القبلة لمرض به أو جراح : إنه لا يصلي إلا إلى القبلة ويحتال له في ذلك فإن هو صلى إلى غير القبلة أعاد ما دام في الوقت وهو في هذا بمنزلة الصحيح .

قال : وقال مالك : فإن لم يستطع المريض أن يصلي متربعا صلى على قدر ما يطيق من قعود أو على جنبه أو على ظهره ويستقبل به القبلة ، وقال مالك في المريض لا يستطيع الصلاة قاعدا ، قال : يصلي على قدر ما يطيق من قعوده فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا فعلى جنبه أو على ظهره يجعل رجليه مما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة .

قلت لابن القاسم : أرأيت إن كان يقدر على الجلوس هذا المريض إذا رفدوه أيصلي جالسا مرفودا أحب إليك أم يصلي مضطجعا ؟

قال : بل يصلي جالسا ممسوكا أحب إلي ولا يصلي مضطجعا ولا يستند لحائض ولا جنب . قال : وسألت مالكا عن الرجل يقدر على القيام ولا يقدر على الركوع والسجود كيف يصلي ؟ قال : يومئ برأسه قائما للركوع على قدر طاقته ويمد يديه إلى ركبتيه فإن كان يقدر على السجود سجد وإن لم يكن يقدر على السجود ويقدر على الجلوس أومأ للسجود جالسا ، [ ص: 172 ] ويتشهد ويسلم جالسا في وسط صلاته وفي آخر صلاته إن كان يقدر على الجلوس فإن كان لا يقدر إلا على القيام صلى صلاته كلها قائما يومئ للركوع والسجود قائما ويجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه لركوعه .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18-12-2025, 06:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,465
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 172 الى صــ 177
الحلقة(8)



قال : وسألنا مالكا عن الرجل لا يستطيع أن يسجد لرمد بعينه أو قرحة بوجهه أو صداع يجده وهو يقدر على أن يومئ جالسا ويركع قائما ويقوم قائما أيصلي إذا كان لا يقدر على السجود ؟

قال : لا ولكن ليقم فيقرأ أو يركع ويقعد ويثني رجليه ويومئ إيماء لسجوده ويفعل في صلاته كذلك حتى يفرغ .

قلت لابن القاسم : كيف الإيماء بالرأس دون الظهر ؟

قال : بل يومئ بظهره وبرأسه .

قلت : هو قول مالك ؟

قال : نعم .

قال ابن القاسم وقال مالك : إذا صلى المضطجع الذي لا يقدر على القيام فليومئ برأسه إيماء ولا يدع الإيماء وإن كان مضطجعا .
قال : وقال مالك في المريض الذي يستطيع السجود : إنه لا يرفع إلى جبهته شيئا ولا ينصب بين يديه وسادة ولا شيئا من الأشياء يسجد عليه .

قلت لابن القاسم : فإن كان لا يستطيع السجود على الأرض وهو إذا جعلت له وسادة استطاع أن يسجد عليها إذا رفع له عن الأرض شيء ؟ قال : لا يسجد عليه في قول مالك ولا يرفع له شيء يسجد عليه إن استطاع أن يسجد على الأرض وإلا أومأ إيماء .

قال ابن القاسم : فإن رفع إليه شيء وجهل ذلك لم يكن عليه إعادة وكذلك بلغني عن مالك قال وقال مالك في إمام صلى يقوم يركع ويسجد ويقوم وخلفه مرضى لا يقدرون على السجود ولا الركوع إلا إيماء وقوم لا يقدرون على القيام وهم يصلون بصلاته يومئون قعودا ، قال : تجزئهم صلاتهم ، قال : وكان مالك يكره للرجل أن يقدح الماء من عينيه فلا يصلي إيماء إلا مستلقيا ، قال كان يكرهه ويقول : لا ينبغي له أن يفعل ذلك وقال ابن القاسم في الذي يقدح الماء من عينيه : فيؤمر بالاضطجاع على ظهره فيصلي بتلك الحال على ظهره فلا يزال كذلك اليومين ونحو ذلك ، قال : سئل عنه مالك فكرهه وقال : لا أحب لأحد أن يفعله .

قال ابن القاسم ولو فعله رجل فصلى على حاله تلك ؟ رأيت أن يعيد الصلاة متى ما ذكر في الوقت وغيره علي عن سفيان عن أبي إسحاق الهمداني عن يزيد بن معاوية العبسي قال : دخل عبد الله بن مسعود على أخيه عتبة بن مسعود وهو يصلي على سواك فأخذه من يده ورمى به ، وقال : أوم برأسك إيماء واجعل ركوعك أرفع من سجودك ، مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول : إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء ولم يرفع إلى جبهته شيئا . مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا } . ابن وهب عن عمر بن قيس عن ابن شهاب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي على عود } ابن [ ص: 173 ] وهب . وقال غيره عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه إيماء } .
صلاة الجالس قال : وسألت مالكا عن صلاة الجالس إذا تشهد في الركعتين فأراد أن يقوم في الركعة الثالثة أيكبر ينوي تكبيرة القيام أم يقرأ ولا يكبر ؟ قال : بل يكبر ينوي بذلك القيام قبل أن يقرأ .

قال : وقال مالك : لا بأس بالاحتباء في النوافل للذي يصلي جالسا بعقب تربعه .

قال ابن القاسم قال مالك : وقد بلغني أن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير كانا يفعلان ذلك ، قال وقال مالك في الرجل يصلي قاعدا ، قال : جلوسه في موضع الجلوس بمنزلة جلوس القائم يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويثني رجله اليسرى .

قلت : أرأيت من صلى قاعدا وهو يقدر على القيام أيعيد في قول مالك ؟

قال : نعم عليه الإعادة وإن ذهب الوقت .

قال : وقال مالك : من افتتح الصلاة نافلة جالسا وأراد أن يرجع قائما لم أر بذلك بأسا .

قلت : فإن افتتح الصلاة قائما وأراد أن يجلس ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : لا بأس به قال : ولا أرى أنا به أيضا بأسا .

قال مالك : ولا بأس أن يصلي النافلة محتبيا وأن يصلي النافلة على دابته في السفر حيثما توجهت به ، وحدثني عن علي بن زياد عن سفيان عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبيه قال : كان سعيد بن جبير يصلي قاعدا محتبيا فإذا بقي عليه عشر آيات قام قائما فقرأ أو ركع .

قال ابن وهب : وقد كان جابر بن عبد الله وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح يصلون في النافلة محتبين ، ابن وهب وقال لي مالك بن أنس : لا بأس بذلك .

لصلاة على المحمل قال : وسمعت مالكا وعبد العزيز بن أبي سلمة قال : ولم أسمع من عبد العزيز غير هذه المسألة وحدها يقولان في صلاة الجالس في المحمل : قيامه تربع فإذا ركع ركع متربعا فوضع يديه على ركبتيه فإذا رفع رأسه من ركوعه قال لي مالك : يرفع يديه عن ركبتيه ، قال : ولا أحفظ هذا الحرف رفع يديه عن ركبتيه عن عبد العزيز بن أبي سلمة ثم رجع إلى قولهما جميعا ، قالا : فإذا أهوى إلى الإيماء للسجود ثنى رجليه وسجد إلا أن يكون لا يقدر أن يثني رجليه عند الإيماء للسجود فيومئ متربعا .

قال مالك : والمحمل أشده عندي يشتد عليه أن يثني رجليه من تربعه عند سجوده فلا أرى بأسا إذا شق ذلك [ ص: 174 ] عليه أن يومئ لسجوده متربعا ، قال : وسألت مالكا عن المريض الشديد الذي لا يستطيع الجلوس أيصلي في محمله المكتوبة ؟ قال : لا يعجبني ويصلي على الأرض ، قال مالك : ومن خاف على نفسه السباع واللصوص وغيرها فإنه يصلي على دابته إيماء حيثما توجهت دابته ، وكان أحب إليه إن أمن في الوقت أن يعيد ولم يكن يراه مثل العدو .

قال : وقال لي مالك : لا يصلي على دابته التطوع إلا من هو مسافر ممن يجوز له قصر الصلاة فأما من خرج فرسخا أو فرسخين أو ثلاثة فإنه لا يصلي على دابته تطوعا .

قال : وقال مالك : ولا يصلي على دابته في الحضر وإن كان وجهه إلى القبلة ، قال : ولا يصلي مضطجعا إلا مريض ، قال : ولا يتنفل على دابته إلا في السفر الذي تقصر في مثله الصلاة .

قال : وقال مالك : يتنفل الرجل في السفر ليلا أو نهارا على دابته حيثما توجهت به ، قال : وكذلك على الأرض يتنفل ليلا أو نهارا في السفر . قال : وقال مالك : يصلي المسافر ركعتي الفجر على الراحلة ويوتر أيضا عليها في السفر .

قال : وقال مالك : لا يصلي أحد في غير سفر تقصر في مثله الصلاة على دابته للقبلة ولا يسجد عليها سجدة تلاوة للقبلة ولا لغير القبلة .

قال : وقال مالك فيمن قرأ سجدة وهو على دابته مسافر ، قال : يومئ إيماء ، وكيع عن سفيان عن عمر شيخ من الأنصار قال : رأيت أنس بن مالك يصلي على طنفسة متربعا متطوعا وبين يديه خمرة يسجد عليها . وحدث عن علي عن سفيان عن رجل عن إبراهيم النخعي قال : صلاة الجالس متربعا فإذا أراد أن يسجد ثنى رجليه ، وأخبرني عن ابن وهب عن مالك بن أنس ويحيى بن عبد الله عن عمرو بن يحيى والمازني عن سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار متوجها إلى خيبر وهو يسير } .

قال ابن وهب : وأخبرني غير واحد عن جابر بن عبد الله وعامر بن ربيعة وأنس بن مالك { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به إلى غير القبلة } .

الإمام يصلي بالناس قاعدا قال : وقال مالك : لا ينبغي لأحد أن يؤم في النافلة قاعدا . قال : ومن نزل به شيء وهو إمام قوم حتى صار لا يستطيع أن يصلي بهم إلا قاعدا ، فليستخلف غيره يصلي بالقوم ، ويرجع هو إلى الصف فيصلي بصلاة الإمام مع القوم . قال : وسألنا مالكا عن المريض الذي لا يستطيع القيام يصلي جالسا ويصلي بصلاته ناس ؟ قال : لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك ، وحدثني عن علي عن سفيان عن جابر بن يزيد عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يؤم الرجل القوم جالسا . }
[ ص: 175 ] في الإمام يصلي بالناس على أرفع مما عليه أصحابه قال : وقال مالك : لو أن إماما صلى بقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك ، قال مالك : لا يعجبني ذلك . وقال : وكره مالك أن يصلي الإمام على شيء وهو أرفع مما يصلي عليه ومن خلفه مثل الدكان الذي يكون في المحراب ونحوه من الأشياء .

قلت : فإن فعل ؟

قال : عليهم الإعادة وإن خرج الوقت لأن هؤلاء يعبثون إلا أن يكون على دكان يسير الارتفاع مثل ما كان عندنا بمصر فأرى صلاتهم تامة . وأخبرني عن علي عن سفيان عن إبراهيم النخعي قال : يكره أن يكون مكان الإمام أرفع من مكان أصحابه .

الصلاة أمام القبلة بصلاة الإمام قال : وقال مالك : ومن صلى في دور أمام القبلة بصلاة الإمام وهم يسمعون تكبير الإمام فيصلون بصلاته ويركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ، فصلاتهم تامة وإن كانوا بين يدي الإمام ، قال : ولا أحب لهم أن يفعلوا ذلك .

قال ابن القاسم قال مالك : وقد بلغني أن دارا لآل عمر بن الخطاب وهي أمام القبلة كانوا يصلون بصلاة الإمام فيها فيما مضى من الزمان ، قال مالك : وما أحب أن يفعله أحد ومن فعله أجزأه .

في الصلاة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام قال : وقال مالك : لا بأس في غير الجمعة أن يصلي الرجل بصلاة الإمام على ظهر المسجد والإمام في داخل المسجد . قال : وكان آخر ما فارقنا مالكا أنه كره أن يصلي الرجل خلف الإمام بصلاة الإمام على ظهر المسجد ، قال : ولا يعجبني هذا من قوله ، وقوله الأول به آخذ .
قلت : ما قول مالك في صلاة الرجل على قعيقعان وعلى أبي قبيس بصلاة الإمام في المسجد الحرام ؟ قال : لم أسمع فيه شيئا ولا يعجبني .
قال : وقال الإمام يصلي في السفينة يصلي على السقف والقوم تحته ، قال : لا يعجبني ، قال : وإن صلى الإمام أسفل والناس فوق السقف فلا بأس بذلك إذا كان إمامهم قدامهم . قال : فقلنا لمالك كيف يجمع هؤلاء الذين أمامهم فوق السقف ؟

قال : يصلي الذين فوق السقف بإمام والذين أسفل بإمام آخر .

قال : وقال مالك في القوم يكونون في السفن يصلي بعضهم بصلاة بعض وإمامهم في إحدى السفائن وهم يصلون بصلاته وهم في غير سفينته ، قال : فإن كانت السفن بعضها قريبة من بعض فلا بأس بذلك .
قال : وقال مالك : لو أن دورا محجورا عليها صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير الجمعة فصلاتهم تامة إذا كان لتلك [ ص: 176 ] الدور كوى أو مقاصير يرون منها ما يصنع الناس والإمام ، فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز وإن لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون منها ما تصنع الناس والإمام إلا أنهم يسمعون الإمام فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز .
قال : وسألنا مالكا عن النهر الصغير يكون بين الإمام وبين قوم وهم يصلون بصلاة الإمام ؟ قال : لا بأس بذلك إذا كان النهر صغيرا ، قال : وإذا صلى رجل بقوم فصلى بصلاة ذلك الرجل قوم آخرون بينهم وبين ذلك الإمام طريق فلا بأس بذلك ، قال : وذلك أني سألته عن ذلك فقلت له : إن أصحاب الأسواق يفعلون ذلك عندنا في حوانيتهم ، فقال : لا بأس بذلك .

قال سحنون وأخبرني ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عبد الرحمن : أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يصلين في بيوتهن بصلاة أهل المسجد .

قال سحنون : وأخبرني ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز وزيد بن أسلم وربيعة مثله ، إلا أن عمر بن الخطاب قال : ما لم تكن جمعة .

قال سحنون : وأخبرني ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة قال : صليت مع أبي هريرة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام وهو أسفل وقاله إبراهيم النخعي .

في الصلاة خلف هؤلاء الولاة قلت : أفكان مالك يقول تجزئنا الصلاة خلف هؤلاء الولاة والجمعة خلفهم ؟

قال : نعم .

قلت : فإن كانوا قوما خوارج غلبوا أكان مالك يأمر بالصلاة خلفهم والجمعة خلفهم ؟

قال : كان مالك يقول : إذا علمت أن الإمام من أهل الأهواء فلا تصل خلفه ولا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء .

قلت : أفسألته عن الحرورية ؟

قال : ما اختلف يومئذ عندي أن الحرورية وغيرهم سواء .

قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال : دخلت على عثمان بن عفان وهو محصور فقلت له إنك إمام العامة وقد نزل بك ما ترى وإنه يصلي لنا إمام فتنة وإنا نتحرج من الصلاة خلفه ، فقال عثمان : فلا تفعل فإن الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم .
الصلاة خلف أهل الصلاح وأهل البدع وإمامة الرجل في داره وإمامة من لا يحسن القرآن قال : وقال مالك : يتقدم القوم أعلمهم إذا كانت حالته حسنة قال وإن للسن حقا ، [ ص: 177 ] قال : قلت له فاقرأهم ؟

قال : قد يقرأ من لا . قال : يريد بقوله من لا : من لا يرضى حاله .


قال : وقال مالك : يقال أولى بمقدم الدابة صاحب الدابة وأولى بالإمامة صاحب الدار إذا صلوا في منزله إلا أن يأذن في ذلك ، ورأيته يرى ذلك الشأن ويستحسنه .

قلت لابن القاسم فما قول مالك فيمن صلى وهو يحسن القرآن خلف من لا يحسن القرآن ؟ قال : قال مالك : إذا صلى الإمام بقوم فترك القراءة انتقضت صلاته وصلاة من خلفه وأعادوا ، وإن ذهب الوقت قال : فذلك الذي لا يحسن القرآن أشد عندي من هذا لأنه لا ينبغي لأحد أن يأتم بمن لا يحسن القرآن .
قال : وسألت مالكا عن الصلاة خلف الإمام القدري ؟ قال : إن استيقنت أنه قدري فلا تصل خلفه ، قال : قلت : ولا الجمعة ؟

قال : ولا الجمعة إن استيقنت ، قال : وأرى إن كنت تتقيه وتخافه على نفسك أن تصلي معه وتعيدها ظهرا قال مالك : فأهل الأهواء مثل أهل القدر . قال : ورأيت مالكا إذا قيل له في إعادة الصلاة خلف أهل البدع يقف ولا يجيب في ذلك ، قال ابن القاسم : وأرى في ذلك الإعادة في الوقت . قال : وسئل مالك عمن صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود ؟ قال : يخرج ويدعه ولا يأثم به .

قال : وقال مالك : لا ينكح أهل البدع ولا ينكح إليهم ولا يسلم عليهم ولا يصلى خلفهم ولا تشهد جنائزهم .

قال : وقال مالك : من صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود فليخرج وليتركه .

قلت : فهل عليه أن يعيد إذا صلى خلفه في قول مالك ؟

قال ابن القاسم : إن قال لنا يخرج فأرى أنه يعيد في الوقت وبعده .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 331.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 326.32 كيلو بايت... تم توفير 4.90 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]