مواطن القرب من الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5117 - عددالزوار : 2396699 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4705 - عددالزوار : 1702620 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 469 - عددالزوار : 20795 )           »          جهاد الأم في ميادين الصبر والتربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السجائر الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أكثر ما نحرص عليه أكثر ما نتركه خلفنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          إذا ثَقُلَ صدرُك راجِع وِرْدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          الثمرات اليانعات من روائع الفقرات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 7991 )           »          فضل الصدقة سرًا وعلانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          تداول النكت والطرائف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-12-2025, 08:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,421
الدولة : Egypt
افتراضي مواطن القرب من الله

مواطن القرب من الله

حسان أحمد العماري

الخطبة الأولى
الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء، وأحاط بكل خلقه علمًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحب عباده المتقين، ويقرب إليه المنكسرة قلوبهم والمحبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن القرب من الله نعمة لا تُضاهيها نعمة، وأن محبته عز وجل شرفٌ لا يُنال بالتمني، بل بالعمل والصدق والإخلاص.

أيها المؤمنون، إن من علامات صدق الإيمان ومقدار تعلُّق القلب بالله، أن ترى أثر هذه المحبة في حياة الإنسان وسلوكه ومواقفه. وقد أشار الإمام ابن القيم رحمه الله إلى أربعة مواطن يظهر فيها صدق محبة العبد لربه وتعلُّقه به: عند النوم، وعند الاستيقاظ، وفي الصلاة، وعند الشدائد والمصائب.

الموطن الأول: عند أخذ المضجع حين يسكن الجسد وتفرغ الجوارح من الشواغل، يبقى القلب وحده مع من أحبَّ.

فالمؤمن الذي امتلأ قلبه بمحبة الله لا ينام إلا على ذكره، ولا يضع رأسه على الوسادة إلا وقد طهَّر قلبه ولسانه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح»؛ (رواه البخاري).

فالنوم عند المؤمن راحة للجسد، وتجديد للعهد مع الله؛ تراه يختم يومه باستغفارٍ وتسبيحٍ وقراءةٍ للقرآن؛ لأنه يعلم أنه قد لا يستيقظ إلا على نداء الآخرة.

أما من غفل قلبه، فتجده ينام على الغفلة والهواتف والمقاطع، حتى يغيب عن الدنيا دون أن يذكر اسم الله، فتكون غفلته نومًا، ونومه خسارة، وغده حسرة.

إن من علامات الإيمان أن يكون آخر ما يجري على لسانك قبل نومك ذكر الله، وآخر ما يعيه قلبك إحساسك بأنك بين يديه.

الموطن الثاني: عند الاستيقاظ من النوم:
وهو موطنٌ آخر يظهر فيه صدق المحبة، فإن أول ما يسبق إلى قلب المؤمن عند استيقاظه ذكرُ ربه وشكره على الحياة من جديد، قال صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور»؛ (رواه البخاري).

والمعنى: أن الله ردَّ إليك روحك لتبدأ صفحة جديدة من الطاعة.

المحبُّ لله لا يبدأ يومه بهاتف أو رسالة أو أخبار، بل بحمدٍ ودعاءٍ وصلاةٍ وذكرٍ؛ لأنه يعلم أن العمر قصير، وأن كل صباح هو فرصة جديدة للقرب من الله.

لكن انظر إلى واقع كثير من الناس اليوم، يستيقظ أحدهم على صوت هاتفه، لا يُصلي الفجر، ولا يذكر ربَّه، وكأن يومه بدأ بغير الله، وانتهى بغيره! وهكذا يمضي يومه فارغًا من البركة والطاعة.

أما المؤمن المحب، فيبدأ فجْرَه بسجدةٍ تشهد له، وذكرٍ يرفع درجته، وطمأنينةٍ تغمر قلبه طوال يومه؛

قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152].

الموطن الثالث: عند الدخول في الصلاة:
وهي أعظم ميدان تُختبَر فيه المحبة الصادقة؛ فمن أحبَّ الله حقًّا وجد لذَّته في الصلاة؛ لأنها لحظة المناجاة والأنس والقرب؛ قال صلى الله عليه وسلم: «وجُعلت قرة عيني في الصلاة»؛ (رواه النسائي).

إن الصلاة ليست مجرد حركات وألفاظ، بل هي لقاء بين العبد وربِّه، يقف فيه خاشعًا منكسرًا، وكلما عظم الإيمان في القلب ازداد خشوعه وخضوعه، قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].

تأملوا واقع الناس اليوم: كم من مصلٍّ جسده في المسجد، وقلبه في الدنيا! يفكر في تجارته، أو هاتفه، أو مشاغله!

هذه الصلاة لا تثمر ولا تزكي القلب، أما من أحبَّ الله بصدق، فإنه يجد في صلاته راحةً من عناء الدنيا، ويخرج منها بقلبٍ نقيٍّ مطمئنٍّ.

وقد قال أحد السلف: إذا أردت أن تعرف قدر الإسلام في قلبك، فانظر إلى قدر الصلاة في حياتك.

فالصلاة ميزان الإيمان، وكلما ازداد خشوعك فيها ازداد قربك من الله.


الموطن الرابع: عند الشدائد والمصائب والأهوال:
وهنا يظهر صدق القلب؛ لأن الإنسان عند الكرب لا يذكر إلا من أحبَّ؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [العنكبوت: 65]، وفي الحديث: «تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»؛ (رواه الترمذي).

المحبُّ لله يلجأ إليه عند البلاء، يرفع يديه ويقول: يا ربّ؛ لأنه يعلم أنه لا ملجأ من الله إلا إليه.

وأما من لم يعرف الله في الرخاء، فإنه إذا نزل البلاء ضاع قلبه وتاه عقله، لا يعرف إلى من يلجأ، فيتخبَّط بين الناس ولا يجد راحة.

تأملوا واقعنا اليوم: كم من إنسان إذا أصيب بمصيبة أو ضاقت به الحياة لجأ إلى الله فوجد السكينة، وكم من آخر نسي ذكر الله فلجأ إلى الوسائل المادية وحدها فازداد قلقًا وتوتُّرًا.

فالمؤمن إذا اشتدت عليه الحياة، صلَّى وذكر واستغفر، فإذا به يخرج من كربه قوي القلب مطمئن النفس؛ لأن الإيمان يعطي صاحبه قوة لا تمنحها الدنيا كلها، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

فمن جعل الله ملاذه في الرخاء والشدة، حفظه الله، وأبدله خوفه أمنًا، وضعفه قوة، وحزنه رضًا ويقينًا.

أيها الأحبة في الله، هذه المواطن الأربعة هي امتحان القلب، كيف ينام؟ وكيف يستيقظ؟ وكيف يقف بين يدي ربِّه؟ وإلى من يفرُّ وقت البلاء؟

فمن وجد في نفسه حبًّا لله في هذه المواطن، فليبشر بخيرٍ كثيرٍ، ومن وجد قلبه غافلًا، فليبدأ رحلة الرجوع، فإن الله يفرح بتوبة عبده أشدّ من فرح العبد بعودته إلى أهله بعد ضياعٍ في الصحراء.

قلت قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين بالإيمان، وأذاق قلوب المحبين لذة القرب والرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله، إن محبة الله ليست شعارًا يُقال، بل هي اتباعٌ وطاعةٌ وصدقُ حال، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].

فمَنْ أحبَّ الله أطاعه، ومن أحب لقاءه سارع إلى طاعته، ومن خاف فراقه ترك معصيته، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما...»؛ (رواه البخاري ومسلم).

المحب لله يفرح إذا ذكره، ويحزن إن غفل عنه، ويجد في السجود راحةً لا تضاهيها لذة، أما الغافل، فيبحث عن السعادة في الدنيا فلا يجدها؛ لأن السعادة في القرب من الله وحده.

قال أحد العارفين: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، هي جنة معرفة الله ومحبته.

اللهم اجعل قلوبنا عامرةً بمحبَّتك، وألسنتنا رطبةً بذكرك، وأعمالنا خالصةً لوجهك الكريم.

اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم اجعلنا من الذين إذا ناموا ذكروك، وإذا استيقظوا شكروك، وإذا صلَّوا خشعوا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا أنعمتَ عليهم شكروا.

اللهم أصلح قلوبنا، ونقِّها من الغفلة والرياء، واملأها بمحبتك وتعظيمك وخشيتك.

اللهم انصر إخواننا المستضعفين في غزة وسائر بلاد الإسلام، وكن لهم معينًا وناصرًا، واحفظ دماءهم، واشفِ جرحاهم، وتقبَّل شهداءهم، وبدِّل خوفهم أمنًا.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأقم الصلاة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.57 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]