فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         طريقة عمل كرات اللحم بالبسلة والكارى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حيل بسيطة لإزالة الصدأ من الأوانى والمقالى.. حافظى على صحة أسرتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          4 أساسيات للانش بوكس مثالى للمدرسة.. لفطار رايق وصحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح منطقة الفم وتوحيد لون البشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ابني بيكره المدرسة.. إزاي تحلي المشكلة من غير توتر أو إجبار؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          طريقة عمل فتة الطعمية.. إفطار مختلف بالأكلة الشعبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من الشيب المبكر فى الشعر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          5 وصفات عشاء خفيف.. سريعة الهضم ومشبعة وتتعمل فى 10 دقائق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          طريقة عمل كيك الشاى بالسميد.. مغذية وطعمها حكاية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          5 أخطاء يومية بتزود تجاعيد البشرة.. من وضعية نومك للخروج فى الشمس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2025, 11:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,957
الدولة : Egypt
افتراضي فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام

فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام

د. محمود بن أحمد الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ[1] امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ[2] وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلَادَهَا.

فَغَزَا، فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ[3]، وَأَنَا مَأْمُورٌ[4]، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ -يَعْنِي النَّارَ- لِتَأْكُلَهَا[5]، فَلَمْ تَطْعَمْهَا[6]. فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ[7]، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ. فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ[8]، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ. فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعَهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا. فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ؛ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا، فَأَحَلَّهَا لَنَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَهَذَا النَّبِيُّ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَحَدُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ الَّذِي اصْطَحَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ إِلَى الْخَضِرِ؛ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ ﴾ [الْكَهْفِ: 60]. وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «فَخَرَجَ مُوسَى، وَمَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمَعَهُمَا الْحُوتُ، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَنَزَلَا عِنْدَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَإِنَّمَا سُمِّيَ فَتَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ، وَيَأْخُذُ عَنْهُ الْعِلْمَ، وَيَخْدِمُهُ)[9]. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَخَلَفَهُ فِي شَرِيعَتِهِ، فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى)[10].

وَجَاءَ التَّصْرِيحُ بِاسْمِهِ، وَبِحَبْسِ الشَّمْسِ لَهُ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ، لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ هَذَا كَانَ فِي فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ)[11]. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الشَّمْسَ حُبِسَتْ عَلَى يُوشَعَ ‌لَيَالِيَ ‌قَاتَلَ ‌الْجَبَّارِينَ)[12].

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ:
1- أَنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَدَدًا جَمًّا لَمْ يُسَمَّ فِي الْقُرْآنِ: مِنْهُمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، الَّذِي دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فِي عَهْدِهِ.

2- مَشْرُوعِيَّةُ الْجِهَادِ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ: وَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 146]، وَكَذَلِكَ قِصَّةُ طَالُوتَ وَجَالُوتَ وَدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: [246-252].

3- الْأُمُورُ الْمُهِمَّةُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَوَّضَ إِلَّا لِحَازِمٍ، فَارِغِ الْبَالِ لَهَا: قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْأُمُورُ الْمُهِمَّةُ يَنْبَغِي أَلَّا تُفَوَّضَ إِلَّا إِلَى أُولِي الْحَزْمِ، وَفَرَاغِ الْبَالِ لَهَا، وَلَا تُفَوَّضَ إِلَى مُتَعَلِّقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ عَزْمَهُ، وَيُفَوِّتُ كَمَالَ بَذْلِ وُسْعِهِ)[13].

4- فِتَنُ الدُّنْيَا تَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْهَلَعِ، وَمَحَبَّةِ الْبَقَاءِ: قَالَ الْمُهَلَّبُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ دَخَلَ بِهَا، وَكَانَ عَلَى قُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا، ‌وَيَجِدُ ‌الشَّيْطَانُ ‌السَّبِيلَ إِلَى شَغْلِ قَلْبِهِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا)[14].

5- حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ فِي اسْتِثْنَاءِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ: لِأَنَّهُمْ سَيُشْغَلُونَ بِمَا أَهَمَّهُمْ؛ فَالْأَوَّلُ: مَشْغُولٌ بِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وَالثَّانِي: مَشْغُولٌ بِبَيْتِهِ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ بِنَاؤُهُ. وَالثَّالِثُ: مَشْغُولٌ بِغَنَمِهِ وَإِبِلِهِ الَّتِي يَنْتَظِرُ وِلَادَتَهَا، فَكَيْفَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُجَاهِدُوا؟!

6- لَا بُدَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُفَرِّغَ قَلْبَهُ لِلطَّاعَةِ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالْغَرَضُ أَنْ ‌يَتَفَرَّغَ ‌قَلْبُهُ ‌لِلْجِهَادِ، وَيُقْبِلَ عَلَيْهِ بِنَشَاطٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْقِدُ عَقْدَهُ عَلَى امْرَأَةٍ يَبْقَى مُتَعَلِّقَ الْخَاطِرِ بِهَا؛ بِخِلَافِ مَا إِذَا دَخَلَ بِهَا؛ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الْأَمْرُ فِي حَقِّهِ أَخَفَّ غَالِبًا، وَنَظِيرُهُ الِاشْتِغَالُ بِالْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ)[15] ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (نَهَى هَذَا النَّبِيُّ قَوْمَهُ عَنِ اتِّبَاعِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهَا يَكُونُونَ مُتَعَلِّقِي النُّفُوسِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، فَتَضْعُفُ عَزَائِمُهُمْ، وَتَفْتُرُ رَغَبَاتُهُمْ فِي الْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ، وَرُبَّمَا يَفْرُطُ ذَلِكَ التَّعَلُّقُ فَيُفْضِي إِلَى كَرَاهِيَةِ الْجِهَادِ، وَأَعْمَالِ الْخَيْرِ)[16].

7- النَّصْرُ لَا يَأْتِي بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِالْكَيْفِيَّةِ وَالنَّوْعِيَّةِ: فَرَجُلٌ صَادِقٌ مُخْلِصٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ تَشُوبُ قُلُوبَهُمْ الشَّوَائِبُ، وَفِعْلُ يُوشَعَ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِفِعْلِ طَالُوتَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 249]، وَبِذَلِكَ صَفَّى طَالُوتُ جَيْشَهُ مِنَ الْعَنَاصِرِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي تَكُونُ سَبَبًا فِي الْهَزِيمَةِ.

8- التَّغْلِيظُ عَلَى فَوَاتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ: لِأَنَّ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ؛ حَتَّى يَتَمَكَّنُوا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَهَزِيمَةِ أَعْدَائِهِمْ.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:
9- اسْتِجَابَةُ دُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ: وَسَبَبُ الدُّعَاءِ: هُوَ أَنْ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَشِيَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، وَدَخَلَ اللَّيْلُ أَلَّا يَنْتَصِرُوا عَلَى أَعْدَائِهِمْ؛ لِصُعُوبَةِ الْقِتَالِ لَيْلًا.

10- عَظَمَةُ اللَّهِ وَقُدْرَتُهُ، وَأَنَّهُ الْمُدَبِّرُ لِهَذَا الْكَوْنِ: فَيُجْرِي الْأُمُورَ عَلَى غَيْرِ طَبَائِعِهَا؛ كَحَبْسِ الشَّمْسِ، وَنُزُولِ النَّارِ مِنَ السَّمَاءِ، فَلَا هِيَ مِنْ أَشْجَارِ الْأَرْضِ، وَلَا مِنْ حَطَبِ الْأَرْضِ، بَلْ مِنَ السَّمَاءِ؛ فَتَأْكُلُ هَذِهِ الْغَنِيمَةَ الَّتِي جُمِعَتْ. فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ؛ بِلَا مُدَافِعٍ، وَلَا مُنَازِعٍ، وَلَا مُمَانِعٍ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ[17].

11- تَأْيِيدُ الْأَنْبِيَاءِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ: فَالسُّنَنُ الْإِلَهِيَّةُ فِي الْأَنْفُسِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ أَكْثَرُ مُضِيًّا مِنَ السُّنَنِ الْكَوْنِيَّةِ، فَالشَّمْسُ سُنَّةٌ كَوْنِيَّةٌ، أَوْقَفَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ؛ لِتَمْضِيَ سُنَّتُهُ الْإِلَهِيَّةُ فِي عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ[18].

12- الشَّمْسُ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الْأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ مَا يُرْوَى أَنَّهُ وَقَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ)[19].

13- فِيهِ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الطَّبِيعَةِ، الَّذِينَ يَزْعُمُونَ: بِأَنَّ الْأَفْلَاكَ لَا تَتَغَيَّرُ: لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْخَالِقَ سُبْحَانَهُ، وَيَعْتَقِدُونَ بِأَنَّهُ لَا أَحَدَ يَتَصَرَّفُ فِي هَذِهِ الْأَفْلَاكِ!

وَقَدْ دَلَّتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْأَفْلَاكَ تَتَغَيَّرُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِنْهَا: أَنَّ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا اللَّهَ وَوَقَفَتِ الشَّمْسُ، وَلَمَّا طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ؛ أَشَارَ إِلَى الْقَمَرِ؛ فَانْشَقَّ شُقَّتَيْنِ، وَهُمْ يُشَاهِدُونَ شُقَّةً عَلَى الصَّفَا، وَشُقَّةً عَلَى الْمَرْوَةِ، وَفِي هَذَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ [الْقَمَرِ: 1-2][20].

14- لُجُوءُ الْمُؤْمِنِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُلِمَّاتِ وَالشَّدَائِدِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُوقِنَ بِاسْتِجَابَةِ اللَّهِ لِدُعَائِهِ، وَلَا يَسْتَعْظِمَ شَيْئًا عَلَى اللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ.

15- الْغُلُولُ وَخِيمُ الْعَاقِبَةِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ.

16- مُعَاقَبَةُ الْجَمَاعَةِ بِفِعْلِ سُفَائِهَا: وَمِنْ دُعَاءِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 155][21].

17- تَحْرِيمُ الْأَخْذِ مِنَ الْغَنَائِمِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا.

18- الْأَنْبِيَاءُ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ: إِلَّا مَا أَطْلَعَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾ [الْجِنِّ: 26-27]. فَلَوْ كَانَ هَذَا النَّبِيُّ يَعْلَمُ الْغَيْبَ لَمَا احْتَاجَ أَنْ يُبَايِعَ الْقَبَائِلَ لِيَصِلَ إِلَى الْجَانِي.

19- فَضِيلَةُ إِظْهَارِ الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى: لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ؛ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا، فَأَحَلَّهَا لَنَا».

20- أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْغَنَائِمَ، وَسَتَرَ عَلَيْهَا الْغُلُولَ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحِمَهَا؛ لِشَرَفِ نَبِيِّهَا عِنْدَهُ؛ فَأَحَلَّ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ ‌وَسَتَرَ ‌عَلَيْهِمُ ‌الْغُلُولَ، فَطَوَى عَنْهُمْ فَضِيحَةَ أَمْرِ عَدَمِ الْقَبُولِ)[22].

21- الْأَضْعَفُ قَدْ يَكُونُ الْأَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى: فَالْفَضْلُ لَا يُقَاسُ بِالْقُوَّةِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا: بِدَعْوَتِهِمْ، وَصَلَاتِهِمْ، وَإِخْلَاصِهِمْ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. فَالْأُمَمُ السَّابِقَةُ أَقْوَى، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ هِيَ الْأَفْضَلُ.

[1] البُضْع: كناية عن فرج المرأة، أي: مَلَكَ فرجَها بالنكاح. أو المَهْر، أو عَقْد النكاح. والمراد: رجُلٌ عقَدَ على امرأة ولم يدخل بها. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (3/ 531).

[2] خَلِفَات: جمع خَلِفَة، وهي الناقة الحامل. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 68).

[3] إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ: أي: أمرًا كونيًّا؛ بالسَّير.

[4] وَأَنَا مَأْمُورٌ: أي: أمرًا شرعيًّا؛ بالجهاد.

[5] كانت عادة الأنبياء في الغنائم: أن يجمعوها، فتجيئ نار من السماء فتأكلها، فيكون ذلك علامة قبولها، وعدم الغلول فيها، فلما جاءت هذه النار فلم تأكلها؛ عُلِمَ أنَّ فيها غلولًا. انظر: دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، لابن علان (ص215).

[6] فَلَمْ تَطْعَمْهَا: أَيْ: لَمْ تَذُقْ لَهَا طَعْمًا، ‌وَهُوَ ‌بِطَرِيقِ ‌الْمُبَالَغَةِ. انظر: فتح الباري، لابن حجر (6/ 223).

[7] فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ: لَيْسَتْ هَذِهِ مُبَايَعَةٌ حَقِيقَةٌ، كَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَإِنَّمَا صُورَتُهَا صُورَةُ الْمُبَايَعَةِ بِوَضْعِ الْكَفِّ فِي الْكَفِّ لِلْمُعْجِزَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ ‌لُصُوقُ ‌كَفِّ ‌الْغَالِّ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ قَبِيلَتِهِ. انظر: طرح التثريب في شرح التقريب، للعراقي (7/ 248).

[8] فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ: جعل اللهُ علامةَ الغلول إلزاق يد الغال، وفيه تنبيهٌ على أنها يدٌ عليها حَقٌّ، يُطلب أنْ يُتَخَلَّص منه، أو أنها يدٌ ينبغي أنْ يُضرَب عليها، ويُحْبَس صاحبها حتى يؤدِّي الحقَّ إلى الإمام، وهو من جنس شهادة اليد على صاحبها يوم القيامة. وهذه الطريقة التي كشف بها النبيُّ عليه السلام الغلولَ لا تكون إلاَّ بوحي. انظر: فتح المنعم شرح صحيح مسلم، (7/ 114).

[9] زاد المسير في علم التفسير، (3/ 95).

[10] جامع الأصول في أحاديث الرسول، (12/ 115).

[11] البداية والنهاية، (1/ 376).

[12] اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للسيوطي (1/ 312).

[13] شرح النووي على مسلم، (12/ 51).

[14] فتح الباري، لابن حجر (6/ 223).

[15] المصدر نفسه، (6/ 122).

[16] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (3/ 531).

[17] انظر: شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (1/ 316).

[18] انظر: شرح صحيح القصص النبوي، (ص63).

[19] سلسلة الأحاديث الصحيحة، (1/ 399).

[20] انظر: شرح رياض الصالحين، (1/ 316).

[21] انظر: من قصص الماضين في حديث سيد المرسلين، (ص62).

[22] فتح الباري، (6/ 224).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.21 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]