وفد قريش إلى النجاشي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 194 - عددالزوار : 118965 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 202 - عددالزوار : 136807 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 27297 )           »          وجوب نصرة الدين والسعي في نصرة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الصبر على الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حصر الواقع ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حديث عجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          فمِنكَ وحدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          علة حديث: (من غسَّل واغتسل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-02-2024, 10:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي وفد قريش إلى النجاشي

وفد قريش إلى النجاشي


لَمَّا عَلِمَتْ قُرَيْشٌ بِهِجْرَةِ المُسْلِمِيْنَ إِلَى الحَبَشَةِ جُنَّ جُنُونُهَا، فَأَرْسَلَتْ وَفْدًا مُؤَلَّفًا مِنْ عَمْرُو بْنِ العَاصِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيْعَةَ، وَهَذَا الوَفْدُ مَعَهُ هَدَايَا ثَمِيْنَةٌ إِلَى النَّجَاشِيُّ وَإِلَى بَطَارِقَتِهِ بِهَدَفِ أَنْ يُعِيْدَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ المُهَاجِرِيْنَ لِيُنَكِّلُوا بِهِمْ وَلِيُعِيْدُهُمْ إِلَى مَكَّةَ {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: 21].

فَفِي« مُسْنَدِ » أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ»[1]، مِنْ حَدِيْثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَتْ: لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمَّنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللهَ تَعَالَى، لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ الْأَدَمُ، فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً، ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ، وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ وَقَالُوا لَهُمَا: ادْفَعَا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ، ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ، ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ.

قَالَتْ: فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، وَخَيْرِ جَارٍ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالَ: لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِنَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ، بِأَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْنَا وَلَا يُكَلِّمَهُمْ فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُمَا: نَعَمْ.

ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا، ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ.

قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَهُمْ، فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا فَلْيَرُدَّانِهِمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ، قَالَ: فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ ثُمَّ قَالَ: لَا هَايْمُ اللهِ إِذًا لَا أُسْلِمَهُمْ إِلَيْهِمَا وَلَا أَكَادُ قَوْمًا جَاوَرُونِي، وَنَزَلُوا بِلَادِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ، فَأَسْأَلَهُمْ مَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا، وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي.

قَالَتْ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللهِ مَا عَلِمْنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ لِيَسْأَلَهُمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ، وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ.

قَالَتْ: فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيئُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ تَعَالَى لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ، قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا فَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ.

قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللهِ مِنْ شَيْءٍ، قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ ﴿ {كهيعص} ﴾ [مريم: 1]، قَالَتْ: فَبَكَى وَاللهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أَكَادُ.

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا أَعِيبُهُمْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ.

قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: - وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا - لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا قَالَ: وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام عَبْدٌ، قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ؟
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللهِ فِيهِ مَا قَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ.

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ.

قَالَتْ: فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ فَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللهِ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي - وَالسُّيُومُ الْآمِنُونَ - مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرَ ذَهَبٍ وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ -وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْجَبَلُ- رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا، فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا فَوَاللهِ مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ فِيَّ النَّاسَ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ، قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ، قَالَتْ: فَوَاللهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ، قَالَتْ: وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ قَالَ: فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ، قَالَتْ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَا، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا، قَالَتْ: فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ، قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللهَ تَعَالَى لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ، وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ، وَاسْتَوْثَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ، فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِمَكَّةَ».

• أَيُّهَا النَّاسُ - لَقَدْ أَسْلَمَ النَّجَاشِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَدَقَ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْفَى إِيْمَانَهُ عَنْ قَوْمِهِ، لَمَا عَلِمَهُ فِيْهِمْ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى البَاطِلِ، وَحَرْصِهِمْ عَلَى الضَّلَالِ وَجُمُودِهِمْ عَلَى العَقَائِدِ المُنْحَرِفَةِ، فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[2] مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: نَعَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا».

وَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[3] مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: «مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ».

[1](صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5/ 290)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ» (124).
[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 1245)، وَمُسْلِمٌ (951).
[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3877)، وَمُسْلِمٌ (952).
__________________________________________________ ______
الكاتب: أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 30-08-2024 الساعة 09:34 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.09 كيلو بايت... تم توفير 1.70 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]