أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (3) مناقب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5125 - عددالزوار : 2414466 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4714 - عددالزوار : 1725742 )           »          المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 384 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 631 - عددالزوار : 25305 )           »          الأخطاء الطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 10524 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 41 - عددالزوار : 25704 )           »          حديث أبي ذر.. رؤية إدارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 180 )           »          أسبـــاب هـــلاك الأمـــم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 490 - عددالزوار : 204077 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-08-2021, 08:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (3) مناقب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (3) مناقب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل






الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 2 - 5]، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ؛ فَضَّلَ الْبَشَرَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاصْطَفَى مِنْهُمْ رُسُلًا، وَاخْتَارَ لِلرُّسُلِ أَصْحَابًا، فَكَانُوا خِيَارَ الْأُمَمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا إِلَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَنَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ وَالرَّهْبَنَةِ، وَقَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.





أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَسْلِمُوا لَهُ الْقُلُوبَ؛ فَأَحِبُّوا أَوْلِيَاءَهُ وَوَالُوهُمْ، وَأَبْغِضُوا أَعْدَاءَهُ وَعَادُوهُمْ فَإِنَّ «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 55- 56].





أَيُّهَا النَّاسُ:

أَلْصَقُ النَّاسِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَاتُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، وَلَهُنَّ فَضْلٌ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِإِسْعَادِهِنَّ نَبِيَّهَا وَخِدْمَتِهِ وَمُعَاشَرَتِهِ، وَنَقْلِ أَحَادِيثِهِ وَأَحْوَالِهِ فِي بَيْتِهِ وَخَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ عِلْمٌ عَزِيزٌ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا عَنْ طَرِيقِهِنَّ. وَأَوَّلُهُنَّ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهِيَ أَكْثَرُهُنَّ إِقَامَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذِ انْفَرَدَتْ بِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً تَقْرِيبًا، وَأَنْجَبَتْ جَمِيعَ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ عَدَا إِبْرَاهِيمَ، وَلَهَا فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَمَقَامٌ كَرِيمٌ، وَمَنَاقِبُهَا كَثِيرَةٌ، وَالْأَخْبَارُ فِيهَا غَزِيرَةٌ، يَحْسُنُ بِالْمُؤْمِنِ مَعْرِفَتُهَا وَنَقْلُهَا إِلَى أَهْلِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَبَنَاتِهِ؛ لِيَقْتَفِينَ أَثَرَهَا، وَيَنْعَمْنَ بِسِيرَتِهَا:

وَمِنْ مَنَاقِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَلَّمَ عَلَيْهَا وَبَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ، وَنَقَلَ رِسَالَتَهُ إِلَيْهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. بَشَّرَهَا رَبُّهَا عَزَّ وَجَلَّ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ قَصْرًا مَعَ أَنَّهُ قَصْرٌ؛ مُقَابَلَةً لِصَنِيعِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ فَبَيْتُهَا أَوَّلُ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهِيَ أَوَّلُ رَبَّةِ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَأُسْرَتُهَا أَوَّلُ أُسْرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَيْتٌ مُسْلِمٌ إِلَّا بَيْتُهَا، فَبُشِّرَتْ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ. وَصِفَةُ هَذَا الْبَيْتِ أَنَّهُ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ؛ أَيْ: لَا إِزْعَاجَ وَلَا تَعَبَ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا أَتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ الْعَظِيمِ، وَالْخَبَرِ الْخَطِيرِ، وَهُوَ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ لَمْ تَتَّهِمْهُ فِي عَقْلِهِ، وَلَمْ تُقَابِلْ خَبَرَهُ بِالصُّرَاخِ وَالتَّكْذِيبِ، بَلْ هَدَّأَتْ رَوْعَهُ، وَبَدَّدَتْ خَوْفَهُ، وَشَدَّتْ أَزْرَهُ، وَطَمْأَنَتْهُ وَأَمَّنَتْهُ بِمَا تَعْلَمُ مِنْ حُسْنِ أَخْلَاقِهِ، وَجَمِيلِ أَفْعَالِهِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُخْزَى وَيُخْذَلَ. ثُمَّ لَمَّا دَعَاهَا لِلْإِيمَانِ طَاوَعَتْ فَكَانَتْ أَوَّلَ مُؤْمِنَةٍ، وَلَمْ تُعَارِضْهُ أَوْ تُجَادِلْهُ أَوْ تَشُقَّ عَلَيْهِ، بَلْ وَافَقَتْهُ وَآنَسَتْهُ وَعَاوَنَتْهُ عَلَى تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ؛ فَاسْتَحَقَّتْ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.





وَمِنْ مَنَاقِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا خَيْرُ نِسَاءِ زَمَنِهَا؛ لِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَهِيَ فِي مُقَدِّمَةِ أَفْضَلِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.





وَمِنْ مَنَاقِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا، وَيُثْنِي عَلَيْهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ يَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ، قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا». وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ يَقُولُ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلَانَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةَ خَدِيجَةَ. اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ فُلَانَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ خَدِيجَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ.





وَمِنْ مَنَاقِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَذَكَّرُهَا بِأُخْتِهَا هَالَةَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَغِرْتُ فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا، فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، قَالَ: مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلدُّولَابِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا وَاسْتِغْفَارٍ، فَذَكَرَهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَاحْتَمَلَتْنِي الْغَيْرَةُ فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللَّهُ مِنْ كَبِيرَةِ السِّنِّ، قَالَتْ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَسَقَطْتُ فِي جِلْدِي فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُولِكَ عَنِّي لَمْ أَعُدْ لِذِكْرِهَا بِسُوءٍ مَا بَقِيتُ، قَالَتْ: فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَقِيتُ قَالَ: كَيْفَ قُلْتِ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَأَوَتْنِي إِذْ رَفَضَنِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَرُزِقَتْ مِنِّي الْوَلَدَ حَيْثُ حُرِمْتُمُوهُ، قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْرًا».



اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ أُمِّنَا خَدِيجَةَ وَأَرْضِهَا، وَعَنْ سَائِرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ.



وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...





الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.





أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].





أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَذَكَّرُ خَدِيجَةَ فِي كُلِّ مَا يَمُرُّ بِهِ مِمَّا يُذَكِّرُهُ بِهَا، وَكَانَ يُكْرِمُ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ كَانَتْ لَهَا صِلَةٌ بِهَا، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.



وَمِنْ حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَرَفَ قِلَادَتَهَا لَمَّا بَعَثَتْ بِهَا ابْنَتُهُ زَيْنَبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِزَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ أَسِيرٌ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، فَتَحَرَّكَ قَلْبُهُ، وَخَبَرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ لِخَدِيجَةَ، أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا. قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَافْعَلُوا، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.





وَبَعْدُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ:

فَإِنَّ سِيرَةَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سِيرَةٌ حَافِلَةٌ بِالْإِيمَانِ وَالْوَفَاءِ وَالْعَطَاءِ، زَاخِرَةٌ بِالدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ وَالْعِظَاتِ، وَهِيَ أَجْدَرُ أَنْ تَتَرَبَّى عَلَيْهَا نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَفَتَيَاتُهُمْ، وَيَتَعَلَّمْنَ مِنْهَا الْقُوَّةَ فِي الْإِيمَانِ، وَالصَّلَابَةَ فِي الْحَقِّ، وَالْحَزْمَ فِي الْأُمُورِ، وَمُسَانَدَةَ أَزْوَاجِهِنَّ وَآبَائِهِنَّ وَإِخْوَانِهِنَّ وَأَبْنَائِهِنَّ، كَمَا كَانَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَنَدًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِعْثَتِهِ وَتَبْلِيغِ دَعَوْتِهِ. وَيَتَعَلَّمُ الرِّجَالُ مِنْ سِيرَتِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الْوَفَاءَ لِزَوْجَاتِهِمْ، وَالْبِرَّ بِأُمَّهَاتِهِمْ، وَالْإِحْسَانَ إِلَى أَخَوَاتِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ؛ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيًّا مَعَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي حَيَاتِهَا وَبَعْدَ مَمَاتِهَا، وَوَفِيًّا مَعَ صَدِيقَاتِهَا، وَوَفِيًّا مَعَ ابْنَتِهَا زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَالْوَفَاءُ خُلُقٌ جَمِيلٌ يَتَحَلَّى بِهِ الْكُمَّلُ مِنَ الرِّجَالِ.




وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.46 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]