التخلص من اليأس والإحباط

[ابوالوليد المسلم]

التخلص من اليأس والإحباط


أ. أسماء حما



السؤال

♦ الملخص:
فتاة في الثلاثين مِن العمر، تشعُر بيأسٍ كبيرٍ، ولا تَرْغَب في مُواصَلة الحياة؛ لأنها لا تستطيع أن تُحقِّقَ أمانيها في الحياة.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في الثلاثين مِن عمري، جامعية ومُوظَّفة، لكن مشكلتي أنني أشعُر بيأسٍ كبيرٍ، ولا أرغَب في مُواصلة الحياة، أريد أن يُطَهِّرَني الله ويأخذني للجنة!


الحياةُ قاسية ومتعِبة، وكنتُ أطمَح منذ أيام دراستي الجامعية أن أواصلَ تعليمي في الخارج، وأتزوجَ وأعيش في أمريكا، لكن كان الواقعُ قاسيًا؛ فقد تخرَّجتُ وظللتُ أبحث عن وظيفةٍ، لكن كل الوظائف كانتْ غير مناسبةٍ، وكان راتبُها ضعيفًا للغاية!


أُصِبْتُ باكتئابٍ حاد وحالةٍ نفسية سيئة جدًّا، وراجعتُ الأطباء النفسيين، فمنهم مَن قال: اكتئاب حاد، ومنهم مَن قال: اضطراب ثنائي القطب!


توظفتُ وظيفةً جيدة، براتب جيدٍ، لكن ما زلتُ متعبة نفسيًّا، وكرهتُ الوظيفة، وجلستُ أفكِّر وأتساءل: لماذا تكون الحياةُ هكذا؛ ما بين سيئ وأسوأ؟! ألا يوجد خيار غير هذين؟!


الآن أنا غيرُ مرتاحةٍ في وظيفتي، لكني أصبر عليها حتى لا أُصابَ بالاكتئاب لو تركتُها، ولا أعلم لماذا الحياة هكذا؟! لماذا لا أستطيع تحقيق أحلامي؟! أحلامي ليستْ صعبة المنال، فكلُّ ما أريده أن أكملَ تعليمي وأتزوج، فهل هذه أحلام أو أمنيات صعبة المنال؟!


ظللتُ وقتًا طويلاً وأنا متفائلة، لكن إلى متى أظل متماسكة، وأنا أعلم من داخلي أنه لا أمل في تحقيق مرادي؟! وفي النهاية أدركتُ أني حمقاء ساذجة!


الآن كل حياتي مُقسَّمة بين العمل ومهام البيت، ولا أفكر في شيءٍ غير هذا، وهذا يصيبني بألم شديدٍ؛ لأني أرى مَن حولي يعيشون في رخاء مادي ونفسي، ويُسافرون ويعيشون حياتهم بِتَرَفٍ وفي نِعَم شتى.
أخبِروني كيف أعيش بلا مشكلاتٍ نفسية؟ كيف أعيش بدون إحباطٍ أو يأسٍ؟!

الجواب

الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلًا ومرحبًا بك في شبكة الألوكة، وفَرَّج الله عنك كل ما أَهَمَّك.


بالنسبة لما طرحتِ عن مسيرة حياتك المُكَلَّلة بالحلم والأمل، والذي تباطَأ حتى أوشك أن يغيبَ، أقول لك: ليس عليك أن تفقدي الأمل في عدل الله ورحمته، وتَلْفِظي نفسك التي بثَّ الله فيها الروح وتتمنين لها الموت.


مِن حقِّك أن تحلمي ببيت الزوجيَّة الذي تَشعُرين فيه بالطمأنينة والسكينة والراحة مع زوجٍ تُحبِّينه ويحبك، وتتبادلين معه المشاعر الكريمة التي قال الله تعالى فيها: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، فهذه فطرةُ الله التي فطَر الناس عليها؛ فكان أن اجتمع عليك هَمّ عدم الالتقاء بشريك الحياة، وهَمّ العمل ومشقته، غير أني أطمئنك أنَّ الإنجازَ وتحقيق الأحلام يأتي بإذن الله بعد الصبر والمثابَرة.


إنَّ المُتعة والسعادة في الحياة ليستْ دائمًا بالمال والسفر، فاشكري الله على ما وهَبَك مِن العقل والهمة، واحرصي على أن تكوني في أعلى المراتب والصحة والعافية، وتذكَّري الإيجابيات الكثيرة في حياتك، عدِّديها وسجِّليها على ورقٍ.


أرسِلي لنفسك رسائلَ إيجابية وتفاءلي، مِن خلال كلماتك: أنا بخير، وسوف يُحقق الله لي ما أتمنى، فالحياةُ الإيجابية تتطلَّب منك ألا تتكلمي إلا بالإيجابية، وألا تسمعي إلا الإيجابية، وألا تنظُري إلا للإيجابية، لتعيشي الإيجابية في حياتك.


أعيدي صياغةَ أهداف حياتك، واسعَي في سبيل تحقيقها، واستمري في السعي وإن طال بك الزمانُ، استمري في السعي وليس عليك التوقُّف والانتظار.


وجود أهداف تعمَلين على تحقيقها يجعل حياتك ممتعةً وذات معنى، وخلال طريقك إلى هدفك سوف تُحققين نجاحات أخرى ما كانتْ تَخْطُر لك على بال.


جدِّدي علاقاتك الاجتماعية، اتَّصلي بصديقاتك، اخرجي لزيارتهنَّ، اجعلي لك برنامجًا ثَرِيًّا مِن العلاقات، ومن الجميل أيضًا لو تَطَوَّعتِ لمساعدة إنسان محتاجٍ، وأدخلتِ السرورَ على قلبه.


أكْثِري مِن الذِّكْر والاستغفار وتقديم الصدقات بنِيَّة أن يكشفَ الله عنك الهَم، ويرزقك الفرَج مِن حيث لا تحتسبين.
كلُّ الناسِ تَمُرُّ بهم محطاتُ يأسٍ وإحباطٍ حتى يظنوا أن الدنيا سوف تتوقَّف بهم عند هذه المحطة، لكن الله يُعطيهم القوة والدافع والأمل فينهضون ويُتابعون بعزيمةٍ وإصرارٍ أكبر، فلا تتمنَّي الموتَ لضرٍّ أصابك، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ((لا يتمنَّ أحدُكم الموت، ولا يدْعُ به مِن قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا))؛ رواه مسلم.



تضرَّعي إلى مولاك، وافزعي إليه، وانكَسِري بين يديه، فلن يُغيثك ويكشفَ عنك الهَم والغم والاكتئاب إلا هو وحده سبحانه لا إله إلا هو، وكان من الدعاء العظيم الذي علمناه النبيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم: ((يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث، أصْلِحْ لي شأني كله، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفة عين)).
فرَّج الله عنك