أوهامنا وواقعنا وحقيقتنا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1071 - عددالزوار : 126919 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-12-2020, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,696
الدولة : Egypt
افتراضي أوهامنا وواقعنا وحقيقتنا

أوهامنا وواقعنا وحقيقتنا






د. خالد رُوشه






الأمل كلمة تحتاج إلى دعم واقعي حتى تتحقق، لقد عاشت بين فراغات سطور الروايات وحروف أبيات الشعراء الحالمين، إنهم رددوها كثيرًا حتى صارت لا تعني شيئًا إلا الخيال صعب التحقق!


كلهم يتحدثون عن أمل في غد غير مقدور عليه من أحد، وعن تحد لا يملك أحد مقدراته، بل إنهم يتكلمون عن عمر لا يستطيع أحدهم ضمان استمراره ولو لدقائق معدودة!

كلنا يعمه الضعف، كلنا يحتويه الوهن، كلنا يقعده الفيروس غير المرئي والبكتيريا المندسة والميكروبات الحقيرة! أي قوة إذن نمتلكها؟! وأي قدرة نعول عليها في آمالنا المزعومة؟ وأي ضمان نستطيع أن نعطيه حتى لأنفسنا حتى نحدثها عن غد مرجو؟!

إن الأشياء من حولنا أقوى منا بالفعل، أقوى بمراحل كبيرة، الجماد أقوى، الزمن أقوى، الهم أقوى، المرض أقوى، كل ما يحيط بنا يكاد أن يكون أقوى منا، يا للضعف البالغ الذي نعانيه في كل لحظة!

حتى نفوسنا التي بين جنباتنا تتقوى علينا بهواها ورغباتها وشهواتها، حتى نفوسنا تكسرنا فنستذل لها فنجد ذواتنا منهارة أمامها ترتكب القبائح التي ربما ترفضها، وتسكت عن الرذائل التي تعلن أنها تستنكرها، حتى نفوسنا صارت من أعدائنا، فأي حياة يعيشها المرء إذن إذا كان ضعيفا أمام نفسه؟!

أما القلوب، فأمرها أشد وأخطر، ففراغاتها مليئة بمحبة الأشياء الراحلة عادة، وداخلًا تعلق بالظواهر دون الحقائق، فترى كثيرًا من القلوب سهلة التقلب، سريعة التأثر بالانحراف، مستعدة لتشرب الخطأ!

حتى من نحب، ما نلبث أن نفارقهم، أو نختلف معهم، أو نقف عاجزين أمام آلامهم أو محنهم، ويلفنا الصمت المطبق أمام صرخاتهم الجريحة.. يا لها من خيبة عميقة! إنها حياة بئيسة تلك التي نعدها كامل نرتجيه، وضعف مطبق يلفنا لا يكاد يصلح أن نرتجي معه إنجاز شيء نفتخر به!

إنها الآية الربانية الإيمانية العظمى تنادينا بكل معنى من معاني الحياة، إن الرجاء كله يجب أن يكون مع الله، والأمل كله يجب أن يكون في الله. إنها آية لا تبين إلا لمن وثق في الله لا غيره، وأيقن أنه لا حل إلا اللجوء إليه سبحانه، مُتجردًا من أثر الأشياء، وذاهلًا عن أثر الأسباب من حوله، فهو عندئذ مستعد لتلقي معاني الانتصار.

فالغد يشرق توكلا على قادر على إشراقه، فشمسه تجري بأمره، ونوره يسطع بحوله وقدرته، وما دون ذلك فظلام دامس وعمى محيط.. والمرض يتصاغر أمام قدرته العظمى سبحانه، فالطب والدواء يعجز، والقدرة الأسمى تقدر الخير للمريض، فتجد اختيار الأفضل له على كل حال.

والأشياء والجمادات والجبال والأحجار والبحار تسخر لنا من حولنا إن نحن سرنا في منظومة ما يحبه الله ويرضاه، فهو القوى المتعال، فالجبال تسبح، والبحار تخضع، والجمادات تهتز وتتهافت.. الظالمون ينكسرون في طرفة عين بقدرة القوي الأعلى، والمتجبرون يصيرون نسيًا منسيًا، كيف لا والصخور تصير هباءًا منثورًا بأمره سبحانه!

أعمارنا والزمان من حولنا يعنى معان جديدة بعبوديتنا لله سبحانه، فالعمر تحتويه البركة التي تعظم لحظاته، وتعينه على الإنجاز والعمل المتقن، والزمان يصبح له معنى آخر، فكل لحظة لها قيمة، إذ إنها تحسب في ميزان الصالحات، فكل لحظة بمنزلة عليا وعمل صالح وقرب واقتراب.

إنه أمل حقيقي إذن، ليس كذلك المتوهم في كلام الشعراء بعيدًا عن الله سبحانه، ورجاء فعلي موثوق، ليس كما يسطره الضعفاء متعلقين بزخرف زائل، إنه الرجاء في القادر العظيم، والعزيز الحكيم، رب العالمين.


إن الحقيقة العظمى التي يجب أن تدور حولها حياتنا هي حقيقة أن لا حول ولا قوة إلا بالله، فحولنا واهن وقوتنا راحلة، وأجسادنا فانية، وميراثنا منتقل، والأمر كله في النهاية لله سبحانه، فالفناء ينتظرنا، والموت هو المثوى المنتظر لكل متوهم للقوة أو الجبروت، والجميع زائل إلى يوم يقول فيه الجبار: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16].

دعني إذن أعيد صياغة العبارات، فالدنيا سوداء مظلمة إلا بنور الهداية الإيمانية، والطرق مسدودة إلا الطريق إلى الإيمان بالله سبحانه، والهموم تعتري الجميع، إلا الملتجئين إلى الرحمن الرحيم، المتوكلين عليه، الآملين في رحمته، الراجين نصرته وتوفيقه وفضله، وهو ذو الفضل العظيم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.36 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]