تفسير الزركشي لآيات من سورة الواقعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1369 - عددالزوار : 139991 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-07-2020, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,143
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير الزركشي لآيات من سورة الواقعة

تفسير الزركشي لآيات من سورة الواقعة
د. جمال بن فرحان الريمي




﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [الواقعة: 2]
قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [الواقعة: 2] أي: تكذيب[1].

﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ [الواقعة: 7]
قوله تعالى: ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾ [الواقعة: 7 - 10]، أصحاب المشأمة: هم الظالمون لأنفسهم، وأصحاب الميمنة: هم المقتصدون، والسابقون: هم السابقون بالخيرات[2].


﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴾ [الواقعة: 17]
قوله تعالى: ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴾ [الواقعة: 17]، فالفاكهة، ولحم الطير، والحور العين، لا تطوف وإنما يطاف بها[3].


﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴾ [الواقعة: 18]
قوله تعالى ﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ ﴾، لم يقل "وكؤوس"؛ لأن الكأس إناء فيه شراب، فإن لم يكن فيه شراب فليس بكأس، بل قدح، والقدح إذا جعل فيه الشراب فالاعتبار للشراب، لا لإنائه؛ لأن المقصود هو المشروب، والظرف اتخذ للآلة، ولولا الشراب والحاجة إلى شربه لما اتُّخِذا، والقدح مصنوع والشراب جنس، فلو قال "كؤوس" لكان اعتبر حال القدح والقدح تبع، ولما لم يُجمع اعتبر حال الشراب، وهو أصل، واعتبار الأصل أولى، فانظر كيف اختار الأحسن من الألفاظ.


وكثير من الفصحاء قالوا: دارت الكؤوس، ومال الرؤوس، فدعاهم السجع إلى اختيار غير الأحسن، فلم يدخل كلامهم في حَدّ الفصاحة، والذي يدل على ما ذكرنا إن الله تعالى لما ذكر الكأس واعتبر الأصل قال ﴿ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴾، فذكر الشراب.

وحيث ذكر المصنوع، ولم يكن في اللفظ دلالة على الشراب جَمَع، فقال بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ، ثم ذكر ما يتخذ منه فقال: ﴿ مِنْ فِضَّةٍ ﴾[4].


﴿ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴾ [الواقعة: 19]
قوله تعالى: ﴿ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴾، كيف نَفى بهذين جميع عيوب الخمر، وجمع بقوله: ﴿ وَلَا يُنْزِفُونَ ﴾ عدم العقل، وذهاب المال، ونفاد الشراب[5].


﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ [الواقعة: 23]
قوله تعالى: ﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ ﴾، زيدت الألف بعد الهمزة تنبيهًا على معنى البياض والصفاء بالنسبة إلى ما ليس بمكنون وعلى تفصيل الإفراد، يدل عليه قوله: ﴿ كَأَمْثَالِ ﴾، وهو على خلاف حال: ﴿ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ ﴾ [الطور: 24] فلم تزد الألف للإجمال وخفاء التفصيل[6]، ﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ ﴾، ثابت الألف؛ لأنه تعين للفهم جهة التماثل وهو البياض والصفاء[7].


﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ﴾ [الواقعة: 25]
قوله تعالى: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ [الواقعة: 25، 26] [8]، اللغو في الحثيثة المنكرة، والتأثيم في الحيثية الناكرة، واللغو منشأ المنكر ومبدأ درجاته، والتأثيم منشأ التكبر ومبدأ درجاته، فلا نكير إلا بعد منكر، ولا اعتقاد إنكار إلا بعد اعتقاد تأثيم، ومنشأ اللغو في أول طرف المكروهات وآخره في طرف المحظورات ومبدأ التأثيم[9].


﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ [الواقعة: 30]
قوله تعالى: ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾، وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - الجنة فقال: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا"[10] ثم قال: "اقرءوا إن شئتم: ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾"[11].

﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 34]
قوله تعالى: ﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ أي: نساؤه، بدليل قوله: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴾ [الواقعة: 35] [12].


﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ﴾ [الواقعة: 41]
قوله تعالى: ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ﴾، أفرد لفظ "الشمال"؛ لأن المراد أهل هذه الجهة، ومصيرهم إلى جهة واحدة هي جهة أهل الشمال مستقر أهل النار، فإنها من جهة أهل الشمال فلا يحسن مجيئها مجموعة[13].


﴿ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة: 43، 44]
قوله تعالى: ﴿ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [14]، وذلك لأن الظل من شأنه الاسترواح واللطافة، فنُفِيَ هنا، وذلك أنهم لا يستأهلون الظل الكريم[15].

﴿ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 46]
قوله تعالى: ﴿ وَكَانُوا يُصِرُّونَ ﴾، و﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ [هود: 5][16]، فبالصاد من التمادي، وبالسين من السِّر[17].


﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ [الواقعة: 65]
قوله سبحانه: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾، وقال سبحانه في الماء: ﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا ﴾ [الواقعة: 70] [18]، بغير لام، والفرق بينهما من أربعة أوجه:
أحدها: أن صيرورة الماء ملحًا أسهلُ وأكثر من جعل الحرث حطامًا؛ إذ الماء العذب يمرُّ بالأرض السبخة فيصير ملحًا، فالتوعد به لا يحتاج إلى تأكيد، وهذا كما أن الإنسان إذا توعد عبده بالضرب بعصا ونحوه لم يحتج إلى توكيد، وإذا توعد بالقتل احتاج إلى تأكيد.


والثاني: إنَّ جعل الحرث حطامًا - قلب للمادة والصورة، وجَعْل الماء أجاجًا قلب للكيفية فقط، وهو أسهل وأيسر.


الثالث: أن "لو" لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعليق الجزاء "بالشرط" أتى باللَّام عَلَمًا على ذلك، ثم حذف الثاني للعلم بها؛ لأن الشيء إذا علم، و"شهر موقعه وصار مألوفًا ومأنوسًا به" لم يبالَ بإسقاطه عن اللفظ "استغناء بمعرفة السامع"، ويساوى لشهرته حذفَه وإثباته، مع ما في حذفه من خفة اللفظ ورشاقته؛ لأن تقدم ذكرها - والمسافة قصيرة - يغنى عن ذكرها ثانيًا.


الرابع: أنَّ اللام أدخِلت في آية المطعوم؛ للدلالة على أنه يقدّم على أمر المشروب، وأن الوعيدَ بفقده أشد وأصعب، من قِبَل أن المشروب إنما يحتاج إليه تَبَعًا للمطعوم، ولهذا قُدِّمت آية المطعوم على آية المشروب، ذكرها والذي قبله الزمخشري[19]


قوله تعالى: ﴿ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴾ [الواقعة: 65، 66] [20]، أي يقولون: إنا لمغرمون أي: معذبون، و﴿ تفكهون ﴾: تندمون[21].

﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 70]
قوله تعالى: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا ﴾ [الواقعة: 65] بغير لام، فإنه يفيد التعجيل، أي جعلناه أجاجًا لوقته[22].


﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77]
قال القاضي أبو المعالي عزيزي بن عبدالملك رحمه الله: وسمَّاه - أي القرآن - قرآنا، فقال: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾[23].


قال رحمه الله: وأما القرآن فقد اختلفوا فيه؛ فقيل هو اسمٌ غير مشتق من شيء؛ بل هو اسمٌ خاص بكلام الله، وقيل مشتق من القَرْي، وهو الجمع، ومنه قَرَيتُ الماء في الحوض أي جمعته، قاله الجوهري[24] وغيره.


وقال الرَّاغب: لا يقال لكل جمعٍ قرآن ولا لجمع كل كلام قرآن[25]؛ ولعل مرادَه بذلك في العرف والاستعمال لا أصل اللغة.


وقال الهروي: كل شيء جمعته فقد قرأته.

وقال أبو عبيد[26]: سمي القرآن قرآنًا؛ لأنه جَمْع السور بعضها إلى بعض.


وقال الرَّاغب: سمي قرآنًا لكونه جَمَع ثمرات الكتب المنزلة السابقة[27].


وقيل: لأنه جَمَع أنواع العلوم كلَّها بمعان، كما قال تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38] [28] وقال بعض المتأخرين: لا يكون القرآن و"قرأ" مادته بمعنى جَمَع لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [29]، فغاير بينهما، وإنما مادته "قرأ" بمعنى أظهر وبيّن، والقارئ يظهر القرآن ويخرجه، والقرء: الدم، لظهوره وخروجه، والقُرْء: الوقت، فإن التوقيت لا يكون إلا بما يظهر.


وقيل: سمي قرآنًا؛ لأن القرآءة عنه والتلاوة منه، وقد قرئت بعضها عن بعض.


وفي تاريخ بغداد للخطيب[30] في ترجمة الشافعي قال: وقرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين[31] وكان يقول: القرآن اسم وليس مهموزًا، ولم يؤخذ من "قرأت"، ولو أخذ من "قرأت" لكان كل ما قرئ قرآنًا، ولكنه اسم للقرآن، مثل التوراة والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن[32].


وقال الواحدي: كان ابن كثير[33] يقرأ بغير همز، وهي قراءة الشافعي أيضًا، وقال البيهقي[34]: كان الشافعي يهمز "قرأت"، ولا يهمز القرآن، ويقول: هو اسم لكتاب الله غير مهموز[35].


قال الواحدي: قول الشافعي هو اسم لكتاب الله، يعنى أنه اسم علم غير مشتق، كما قاله جماعة من الأئمة.


وقال: وذهب آخرون إلى أنه مشتق من قَرَنْتُ الشيء بالشيء إذا ضممته إليه فسمي بذلك لقرآن السور والآيات والحروف فيه، ومنه قيل للجمع بين الحج والعمرة قِران، قال وإلى هذا المعنى ذهب الأشعري.


وقال القرطبي[36]: القرآن بغير همز مأخوذ من القرائن، لأن الآيات منه يصدّق بعضها بعضًا، ويشابه بعضها بعضًا، فهي حينئذٍ قرائن.


قال الزَّجَّاج: وهذا القول سهو، والصحيح أن ترك الهمز فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، وهذا ما أشار إليه الفارسي في "الحلبيّات"[37]، وقوله: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17] [38]، أي جَمْعَه في قلبك حفظًا، وعلى لسانك تلاوةً، وفي سمعك فهمًا وعلمًا، ولهذا قال بعض أصحابنا: إن عند قراءة القارئ تُسمع قراءته المخلوقة، ويفهم منها كلام الله القديم، وهذا معنى قوله: ﴿ لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ ﴾ [فصلت: 26] [39]، أي لا تفهموا ولا تعقلوا؛ لأن السمع الطبيعي يحصل للسامع شاء أو أبى[40].


﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]
قال رحمه الله: من معاني الخبر "النهي" كقوله تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [41].


﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82]
قوله تعالى: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾، أي شكر رزقكم، وقيل: تجعلون التكذيب شكر رزقكم[42] أو: بدل شكر رزقكم[43].


﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [الواقعة: 83 - 88]
قوله تعالى ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴾، أضمر النفس لدلالة ذكر الحلقوم عليها[44]، والمعنى: فهلا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم إن كنتم مؤمنين، وحالتكم أنكم شاهدون ذلك، ونحن أقرب إلى المحتضر منكم بعلمنا أو بالملائكة، ولكنكم لا تشاهدون ذلك، ولولا الثانية تكرار للأولى[45].

﴿ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾ [الواقعة: 89]
ومنه قوله تعالى: ﴿ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾، مدَّت "تاء" الجنة لكونها بمعنى فعل التنعّم بالنعيم، بدليل اقترانها بالروح والريحان وتأخرها عنهما وهما من الجنة، فهذه جنة خاصة بالمنعم بها، وأما: ﴿ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾ [الشعراء: 85] [46]، و: ﴿ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾ [المعارج: 38] [47]، فإن هذا بمعنى الاسم الكلي[48]

قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ... ﴾ [الواقعة: 88، 89] [49]، قال الفارسي: قد اجتمع - هنا - شرطان وجواب واحد، فليس يخلو إما أن يكون جوابًا لـ "أمَّا" أو لـ"إن"، ولا يجوز أن يكون جوابًا لهما؛ لأنا لم نر شرطين لهما جواب واحد، ولو كان هذا لجاز شرط واحد له جوابان، ولا يجوز أن يكون جوابًا لـ "إن" دون "أمَّا"؛ لأن "أمَّا" لم تستعمل بغير جواب، فجعل جوابًا لـ "أمَّا"، فتجعل "أمَّا" وما بعدها جوابًا لـ "إن".

وتابعه ابن مالك في كون الجواب لـ "أمَّا"، وقد سبقهما إليه إمام الصناعة سيبويه، ونازع بعض المتأخرين في عدِّ هذه الآية من هذا، قال: وليس من الاعتراض أن يُقرن الثاني بفاء الجواب لفظًا، نحو: إن تكلم زيد فإن أجاد فأحسن إليه؛ لأن الشرط الثاني، وجوابه جواب الأول، أو يقرن بفاء الجواب تقديرًا كهذه الآية الشريفة؛ لأن الأصلَ عند النجاة: "مهما يكن من شيء فإن كان المتوفَّى من المقربين فجزاؤه رَوْح" فحذف "مهما" وجملة شرطها، وأنيب عنها "أمَّا"، فصار "أمَّا فإن كان" مفردًا من ذلك لوجهين: أحدهما: أنَّ الجواب لا يلي أداة الشرط بغير فاصل، وثانيهما: أن الفاء في الأصل للعطف، فحقها أن تقع بين سببين، وهما المتعاطفان؛ فلما أخرجوها من باب العطف، حفظوا عليها المعنى الآخر، وهو التوسّط، فوجب أن يقدم شيء مما في حيِّزها عليها إصلاحًا للفظ، فقدمت جملة الشرط الثاني؛ لأنها كالجزاء الواحد، كما قدم المفعول في قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ﴾[50]، فصار ﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ ﴾ [الواقعة: 88، 89] [51]، فحذفت الفاء التي في جواب "إن" لئلا يلتقيَ فاءان، فتخلص أن جواب "أمَّا" ليس محذوفًا بل مقدمًا بعضه على الفاء فلا اعتراض[52].


﴿ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ [الواقعة: 93]
قوله تعالى: ﴿ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ والنُزُل لغة: هو الذي يقدم للنازل تكرمةً له قبل حضور الضيافة[53].


[1] المصدر السابق: بيان حقيقته ومجازه - إقامة صيغة مقام أخرى 2/ 178.

[2] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - التقسيم 3/ 288.

[3] المصدر السابق: أقسام الحذف 3/ 81.

[4] سورة الإنسان:15. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - فيما ورد في القرآن مجموعًا ومفردًا والحكم في ذلك 4/ 16.

[5] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - بديع الإيجاز 3/ 145.

[6] المصدر السابق: علم مرسوم الخط - زيادة الألف 1/ 267.

[7] المصدر السابق: حذف الألف 1/ 274.

[8] سورة الواقعة: 25-26.

[9] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - المقابلة 3/ 281.

[10] رواه البخاري من حديث أنس بن مالك ت، كتاب بدء الخلق - باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، ص/ 803، رقم الحديث 3251، ورواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب "إن في الجنة شجرة، يسير الراكب في ظلها مائة عام، لا يقطعها" ص/ 1298، رقم الحديث 2826.

[11] البرهان: معاضدة السنة للقرآن 2/ 86.

[12] سورة الواقعة:35. البرهان: بيان حقيقته ومجازه - إطلاق اسم المحل على الحال 2/ 174.

[13] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - فيما ورد في القرآن مجموعًا ومفردًا والحكم في ذلك 4/ 11.

[14] سورة الواقعة: 43-44.

[15] البرهان: وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن الكريم –خطاب التهكم 2/ 146.

[16] سورة هود: 5.

[17] البرهان: علم مرسوم الخط - حروف متقاربة تختلف في اللفظ لاختلاف المعنى 1/ 295.

[18] سورة الواقعة: 70.

[19] الكشاف 6/ 34. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - زيادة اللام3/ 59.

[20] سورة الواقعة: 65-66.

[21] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - حذف القول 3/ 127.

[22] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - اللام غير العاملة 4/ 206.

[23] المصدر السابق: معرفة أسمائه واشتقاقاتها 1/ 192.

[24] الصحاح للجوهري 1/ 65.

[25] المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص/ 520 بتصرف في العبارة.

[26] لم أقف على قوله.

[27] المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، ص/ 520.

[28] سورة الأنعام: 38.

[29] سورة القيامة: 17.

[30] هو أبو بكر الخطيب، أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، الحافظ، أحد الأئمة الأعلام، وصاحب التآليف المنتشرة في الإسلام، ولد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة، تفقه في مذهب الشافعي على القاضي أبي الطيب الطبري، وأبي الحسن المحاملى، وغيرهما، قال ابن ماكولا: كان أحد الأعيان ممن شاهدناه، معرفةً، وحفظًا، واثباتًا، وضبطًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفنُّنًا في علله وأسانيده، وعِلمًا بصحيحه وغريبه، وفرده ومنكره، قال: ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله، له "تاريخ بغداد" الذي لم يُصَنَّف مثله، قال ابن الأهدل: تصانيفه قريب من مائة مصنف في اللغة، وبرع فيه، ثم غلب عليه الحديث والتاريخ، مات سنة 463هـ، وكان قد تصدق بجميع ماله وهو مائتا دينار على العلماء والفقراء، وأوصى أن يتصدق بثيابه ووقف كتبه على المسلمين ولم يكن له عقب. شذرات الذهب 5/ 262.

[31] هو قارئ مكة في زمنه، إسماعيل بن عبدالله بن قُسْطَنْطِين المخزومي، المعروف بالقُسط، قرأ عليه الشافعي وجماعة، توفي سنة 190هـ، وله تسعون سنة. شذرات الذهب 2/ 416.

[32] تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية - بيروت/ لبنان، ج/ 2 ص/ 62.

[33] هو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان، بن هُرمز الإمام العلم مقرئ مكة، وأحد القراء السبعة أبو معبد الكناني الداري المكي، قرأ على مجاهد ودرباس مولى ابن عباس، تلا عليه أبو عمرو بن العلاء، ومعروف بن مشكان، وإسماعيل بن قسطنطين وعدة، ولد ابن كثير بمكة سنة 48 ومات سنة عشرين ومئة. تهذيب سير أعلام النبلاء 1/ 197 رقم الترجمة 780.

[34] البيهقي: هو الأمام العلم، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخُسْرَوْجِرْدي - نسبة إلى خُسْرَوْجِرْد، قرية ببيهق - الشافعي الحافظ صاحب التصانيف، قال ابن ناصر الدين: كان واحد زمانه، وفرد أقرانه، حفظًا واتقانًا وثقةً وعمدةً، وهو شيخ خُراسان، وله "السنن الكبرى" و"الصغرى" و"المعارف" و"كتاب الأسماء والصفات" و"دلائل النبوة" وغير ذلك، وقال في "العبر": بلغت تصانيفه ألف جزء، ونفع الله بها المسلمين شرقًا وغربًا لأمانة الرجل ودينه وفضله وإتقانه، توفي في عاشر جمادى الأولى بنيسابور، سنة 458هـ، ونقل تابوته إلى بَيْهَق، وكان قد عاش أربعا وسبعين سنة. شذرات الذهب 5/ 248.

[35] مناقب الشافعي للبيهقي 1/ 277.

[36] هو الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي القرطبي، صاحب كتاب "التذكرة بأمور الآخرة" و"الجامع لأحكام القرآن" الحاكي مذاهب السلف كلها، وكان إمامًا علمًا من الغواصين على معاني الحديث، حسن التصنيف، جيد النقل، توفي بمنية بني خَصِيب من صعيد مصر، سنة 671هـ. شذرات الذهب لابن العماد 7/ 585.

[37] المسائل الحلبيات، للفارسي، دار القلم - دمشق، دار المنارة - بيروت، ط/ 1 ت/ 1407هـ - 1987م، ص/ 297.

[38] سورة القيامة: 17.

[39] سورة فصلت: 26.

[40] البرهان: معرفة أسمائه واشتقاقاتها 1/ 194-195.

[41] المصدر السابق: أقسام معنى الكلام 2/ 199.

[42] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - حذف الفاعل 3/ 97.

[43] المصدر السابق: حذف المضاف والمضاف إليه 3/ 99.

[44] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة- قاعدة في الضمائر 4/ 20.

[45] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - لولا 4/ 231.

[46] سورة الشعراء: 85.

[47] سورة المعارج: 38.

[48] البرهان: علم مرسوم الخط - مد التاء وقبضها 1/ 286.

[49] سورة الواقعة: 88-89.

[50] سورة الضحى: 9.

[51] سورة الواقعة: 88-89.

[52] البرهان: أقسام معنى الكلام 2/ 228.

[53] المصدر السابق: وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن الكريم - خطاب التهكم 2/ 145.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.47 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]