طعامك في الحج 3

[ابوالوليد المسلم]

طعامك في الحج 3
عبد المطلب السح



* ما هي أمراض موسم الحج التي لها علاقة بالغذاء بشكل أو بآخر؟

في الحج يمكن أن يحدث أي مرض مثله في ذلك مثل باقي أيام السنة، ولكن نظراً لخصوصية الزحام والظروف الخاصة بالحج والسفر وتغير نمط الحياة وعادات الغذاء مؤقتاً فإنه قد تحدث بعض الحالات بتواتر أكبر، من أهم الحالات وأشيعها النزلات المعدية المعوية وهي التهاب يصيب المعدة والأمعاء، ويكون السبب عبارة عن جرثومة أو فيروس أو سبب آخر، ينتقل عادة للإنسان بطريق الفم من الأيدي الملوثة أو الطعام الفاسد أو الملوث أو الأدوات الملوثة، وقد يأتي الفيروس من البيئة، قد يبدأ المرض بأقياء إن كانت الإصابة أكثر في المعدة، أو بإسهال إن كان المرض يشمل الأمعاء أكثر، إن صفات الأقياء والإسهال تختلف من حالة لأخرى، كما قد يبدأ المرض بألم بطني أو حمى، وقد تنقص الشهية للطعام، إن الاختلاط الأهم هو حدوث الجفاف وخصوصاً عند الأطفال، والجفاف يؤدي لتدهور الحالة العامة للمريض ولحدوث أذيات بأعضاء الجسم المختلفة وقد تصل الحالة للوفاة – لا سمح الله -.

كثيراً ما تنجم هذه الإصابة في موسم الحج عن سوء التصرف الغذائي، سواء من حيث النوعية أو بسبب تغير العادات الطعامية أو بسبب بعض الإهمال في التحضير والإعداد، لقد تطورت الأمور الصحية كثيراً، فالحج أصبح منظماً، وعبارة عن حملات على الغالب بحيث يمكن متابعة النظافة الغذائية والحرص على النوعيات والانتظام بالوجبات، على الحاج ألا يتناول كل ما يشك بنظافته أو بصلاحيته، وعليه اتباع أساليب النظافة الأولية من غسيل اليدين إلى ما هنالك من إجراءات بسيطة واستعمال المراحيض والحرص على نظافتها.

العلاج عادة ما يكون عبارة عن تلقي السوائل بالكميات الكافية وكذلك تناول المأكولات المناسبة مثل البطاطا المسلوقة والجزر والتفاح والعصير واللبن (الزبادي)، وتجنب المواد الدسمة والبهارات والتوابل والمواد المهيجة للأمعاء، وأحياناً تلزم المضادات الحيوية والأدوية العرضية مثل مضادات الإقياء ومضادات المغص وخافضات للحرارة.

الحالة الشائعة الأخرى هي التهاب البلعوم وهو التهاب تنفسي في الحلق، وبصدده هناك ظاهرة صحية أصبحنا نلاحظها - ولو على خجل - ألا وهي وضع قناع خفيف على الفم والأنف، وهذا الإجراء بسيط ولكنه كبير الأهمية، فالمصاب يخدم غيره بذلك حيث يمنع انتقال المرض لغيره، وغير المصاب يحمي نفسه قدر الإمكان، وكذلك فإن استخدام الأدوات التي تستعمل لمرة واحدة أمر هام، إن على المصاب أن يجنب غيره الإصابة وأن يستر فمه أثناء العطاس والسعال بمنديل وليس بيده، وألا يدع أخاه يستعمل حاجياته، كما أنصح بتجنب تغيرات الجو الشديدة وتجنب الجلوس بمواجهة المكيفات وتجنب السوائل الباردة جداً.

أما بالنسبة للعلاج فيجب تلقيه باكراً ما أمكن، إن السوائل وخصوصاً العصير واللبن (الزبادي) والخضار والفواكه وخصوصاً الحمضيات تساعد على التغلب على نقص الشهية، إن الغرغرة بعصير الليمون أو ما شابه مفيدة، إن المواد الدسمة والدهون ثقيلة على معدة المصاب وربما تثير الغثيان أو الأقياء ولذلك أنصح بتجنبها خلال المرض.

هناك حالات قد تكثر في الحج منها ضربات الشمس، وتنجم الإصابات عن حرارة الجو الزائدة عندما تتولد الحرارة داخل الجسم بشكل زائد ولا يستطيع الجسم تصريفها، وهذا يحصل عندما يتعرض الإنسان لحرارة عالية ويقوم بجهد زائد، وخصوصاً إذا ما كان الجو رطباً، وتمثل حالة إسعافية حادة، وتكثر أثناء موجات الحر، كما أن الأشخاص المسنين هم الأكثر عرضة، حيث أن أكثر من 80% من الحالات تحدث عند الذين تجاوزت أعمارهم الخمسين، إن البدانة والعجز الجسدي والداء القلبي وبعض الأدوية تزيد من الخطر، الوفيات تتراوح من 17-70% حسب شدة الإصابة وعمر المريض، لذلك يجب الابتعاد عن التعرض للحر الشديد ما أمكن، علماً بأنه من الجائز شرعاً أن يستظل المسلم خلال الحج بالشجرة والخيمة والبيت والمظلة (الشمسية) شرط ألا يمس شيء من ذلك رأسه ووجهه، أما في حال حصلت الإصابة - لا سمح الله - فالعلاج يكون في الحالات الخفيفة عبارة عن راحة جسدية وزيادة المتناول من ملح الطعام والشراب والمخللات لتعويض الضائع من الأملاح، وفي الحالات الشديدة تقدم المحاليل الملحية الوريدية، ومن ثم تقدم بالفم سوائل وأطعمة غنية بالملح وكذلك يراح المريض في مكان بارد أو مهوى جيداً، أما ضربة الشمس الشديدة فتعالج إسعافياً وبالطريقة الطبية المناسبة. وهناك الإغماء وهو حالة يتدهور فيها وعي الإنسان، وعادة ما يحدث ذلك خلال الحج بشكل حاد، والأسباب متعددة، منها من الناحية الغذائية نقص السكر في الدم، وأسبابه متعددة. وهناك الحرق وهو تأذي الجلد بدرجات مختلفة، فقد يكون الأمر مجرد احمرار بسيط يزول بعد أيام، وقد يصل الحرق إلى حالة تهدد حياة المريض، والحروق تنجم عادة عن اشتعال النيران أو انفجار أسطوانات الغاز أو تسرب الغاز أو اشتعال المشتقات البترولية والخيام، وتحضير الأطعمة بشكل مخالف ضمن الخيام يعتبر من أشيع الأسباب، إن الحملات المنظمة قد أدت للاستغناء عن الوسائل الفردية في الطبخ وما شابه، كما أن الخيام المضادة للحريق تساعد - بإذن الله -، وعلى الحاج أن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يشعل ناراً سواء كان ذلك عود ثقاب أم سيكارة.

* ما هو سر ازدياد هذه الحالات خلال موسم الحج؟ نرى سنوياً ازدياد هذه الحالات خلال فترة الحج، والسبب أن الازدحام يؤدي لزيادة احتمال العدوى ولانتشار جرثومة أو أكثر بين الحجاج، كما أن الجراثيم والفيروسات تختلف من بلد لآخر وتنتقل مع المسافرين، وبالتالي تنتشر الإصابة بين الحجاج خصوصاً إذا قلت العناية الصحية، وقد تكون المناشف والأدوات الشخصية واسطة انتقال للمرض، ومن أهم أسباب المرض هو عدم الالتزام بالقواعد الصحية السليمة.

إن صحة زوار بيت الله الحرام غالية علينا جميعاً، والحجاج نتوقع منهم أن يكونوا مثالاً للوعي الصحي، ليكون الحج نموذجاً صحياً رائعاً أمام العالم كل العالم، وحجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً وتجارة لن تبور- إن شاء الله -.