|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() ![]() السلام عليكم ورحمة الله ![]() اما بعد اخوة الاسلام اردت طرح هذا الموضوع على طاولة البحث لاعضاء هدا المنتدى المبارك كواجهة للتعريف بالعلم واهله والتعرف على ما تعرض له العلماء قديما وحديثا من المحن جراء قول كلمة الحق فهو موضوع لكل الاخوة والاخوة الافاضل والفضليات وارجوا من الله ان ينال اعجابكم لاسيما لما تشهده الاسلامية فالوقت الراهن و لما يتعرض له المسلمون من محن فاثرت ان يكون هذا الموضوع البلسم لهم فهم سائرون على خطى السلف ![]() http://http://www.perfspot.com/docs/doc.asp?id=106761 http://http://media.masr.me/ZAfXJieJRgQ |
#2
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() ![]() السلام عليكم ورحمة الله ![]() اما بعد اخوة الاسلام اردت طرح هذا الموضوع على طاولة البحث لاعضاء هدا المنتدى المبارك كواجهة للتعريف بالعلم واهله والتعرف على ما تعرض له العلماء قديما وحديثا من المحن جراء قول كلمة الحق فهو موضوع لكل الاخوة والاخوة الافاضل والفضليات وارجوا من الله ان ينال اعجابكم لاسيما لما تشهده الاسلامية فالوقت الراهن و لما يتعرض له المسلمون من محن فاثرت ان يكون هذا الموضوع البلسم لهم فهم سائرون على خطى السلف ![]() http://media.masr.me/ZAfXJieJRgQ http://www.perfspot.com/docs/doc.asp?id=106761 اترككم في عون الله بانتظار قصة اخرى ومشاركاتكم |
#3
|
|||
|
|||
![]() محنة امام اهل السنة والجماعة سنة ثمان عشرة ومئتان من كتاب البداية والنهاية للمحدث اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ![]() في هذه السنة كتب المأمون إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب يأمره أن يمتحن القضاة والمحدثين بالقول بخلق القرآن ، وأن يرسل إليه جماعة منهم إلى الرقة ونسخة كتاب المأمون إلى نائبه مطولة ، قد سردها ابن [ ص: 208 ] جرير ومضمونها الاحتجاج على أن القرآن محدث وليس بقديم ، وعنده أن كل محدث فهو مخلوق ، وهذا أمر لا يوافقه عليه كثير من المتكلمين ولا المحدثين ، فإن القائلين بأن الله تعالى تقوم به الأفعال الاختيارية لا يقولون بأن فعله تعالى القائم بذاته المقدسة - بعد أن لم يكن - مخلوق ، بل يقولون : هو محدث وليس بمخلوق . بل هو كلام الله تعالى القائم بذاته المقدسة ، وما كان قائما بذاته لا يكون مخلوقا ، وقد قال الله تعالى : ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث [ الأنبياء : 2 ] وقال تعالى : ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم [ الأعراف : 11 ] فالأمر بالسجود لآدم صدر منه تعالى بعد خلق آدم ،فالكلام القائم بالذات ليس مخلوقا ، وهذا له موضع آخر . وقد صنف البخاري - رحمه الله - كتابا في هذا المعنى سماه " " خلق أفعال العباد " " . والمقصود : أن كتاب المأمون لما ورد بغداد قرئ على الناس ، وقد عين المأمون جماعة من المحدثين ليحضرهم إليه ، وهم محمد بن سعد كاتبالواقدي ، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون ويحيى بن معين ، وأبو خيثمة زهير بن حرب ، وإسماعيل بن داود ، وإسماعيل بن أبي مسعود ،وأحمد بن إبراهيم [ ص: 209 ] الدورقي . فبعث بهم إلى المأمون إلى الرقة فامتحنهم بالقول بخلق القرآن ، فأجابوه إلى ذلك وأظهروا موافقته ، وهم كارهون ، فردهم إلى بغداد وأمر بإشهار أمرهم بين الفقهاء ، ففعل إسحاق بن إبراهيم ذلك ، وأحضر خلقا من مشايخ الحديث والفقهاء ، والقضاة وأئمة المساجد وغيرهم ، فدعاهم الى ذلك عن أمر المأمون وذكر لهم موافقة أولئك المحدثين له على ذلك ، فأجابوا بمثل جواب أولئك موافقة لهم ، ووقعت بين الناس فتنة عظيمة فإنا لله وإنا إليه راجعون . ثم كتب المأمون كتابا ثانيا إلى إسحاق يستدل فيه على القول بخلق القرآن بشبه من الدلائل لا تحقيق تحتها ، ولا حاصل لها بل هي من المتشابهات، وأورد من القرآن آيات هي حجة عليه لا له وقد أورده ابن جرير بطوله وأمره أن يقرأ ذلك على الناس ، وأن يدعوهم إليه وإلى القول بخلق القرآن ، فأحضر إسحاق بن إبراهيم جماعة من الأئمة ؛ وهم أحمد بن حنبل ، وقتيبة ، وأبو حسان الزيادي ، وبشر بن الوليد الكندي ، وعلي بن أبي مقاتل ، وسعدويه الواسطي ، وعلي بن الجعد ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وابن الهرش ، وابن علية الأكبر ، ويحيى بن عبد الحميد العمري ،وشيخ آخر من سلالة عمر [ ص: 210 ] كان قاضيا على الرقة وأبو نصر التمار ، وأبو معمر القطيعي ، ومحمد بن حاتم بن ميمون ، ومحمد بن نوح الجنديسابوري المضروب ، وابن الفرخان ، والنضر بن شميل ، وابن علي بن عاصم ، وأبو العوام البزاز ، وأبو شجاع ، وعبد الرحمن بن إسحاق وجماعة . فلما دخلوا على إسحاق بن إبراهيم قرأ عليهم كتاب المأمون فلما فهموه قال لبشر بن الوليد :ما تقول في القرآن ؟ فقال : هو كلام الله . قال : ليس عن هذا أسألك ، وإنما أسألك أهو مخلوق ؟ قال : ليس بخالق . قال : ولا عن هذا أسألك . فقال : ما أحسن غير هذا . وصمم على ذلك . فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله أحدا فردا لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء ولا يشبهه شيء من خلقه في معنى من المعاني ولا وجه من الوجوه ؟ قال : نعم . فقال للكاتب : اكتب بما قال . فكتب ، ثم امتحنهم رجلا رجلا ، فأكثرهم امتنع من القول بخلق القرآن ، فكان إذا امتنع الرجل منهم يمتحنه بما في الرقعة التي وافق عليها بشر بن الوليد الكندي ، من أنه تعالى لا يشبهه شيء من خلقه في معنى من المعاني ولا وجه من الوجوه فيقول : نعم . كما قال بشر . [ ص: 211 ] ولما انتهت النوبة إلى امتحان أحمد بن حنبل ، فقال له : أتقول إن القرآن مخلوق ؟ فقال : القرآن كلام الله ، لا أزيد على هذا . فقال له : ما تقول في هذه الرقعة ؟ فقال : أقول ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ الشورى : 11 ] فقال رجل من المعتزلة : إنه يقول سميع بأذن بصير بعين . فقال له إسحاق : ما أردت بقولك سميع بصير ؟ فقال : أردت منها ما أراده الله منها ، وهو كما وصف نفسه ، ولا أزيد على ذلك . فكتب جوابات القوم رجلا رجلا ، وبعث بها ![]() فصل : قد تقدم أن إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد لما امتحن الجماعة في القول بخلق القرآن ، ونفى التشبيه ، فأجابوا كلهم إلى نفي المماثلة ، وأما القول بخلق القرآن فامتنعوا من ذلك وقالوا كلهم : القرآن كلام الله . قال الإمام أحمد : ولا أزيد على هذا حرفا أبدا وقرأ في نفي المماثلة قوله تعالىليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ الشورى : 11 ] فقالوا : ما أردت بقولك السميع البصير ؟ فقال : أردت منها ما أراده الله منها ، وكان من الحاضرين من أجاب إلى القول بخلق القرآن مصانعة مكرها ؛ لأنهم كانوا يعزلون من لا يجيب عن وظائفه ، وإن كان له رزق على بيت المال قطع ، وإن كان مفتيا منع من الإفتاء ، وإن كان شيخ حديث ردع عن الإسماع والأداء ، ووقعت فتنة صماء ومحنة شنعاء وداهية دهياء ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم العزيز الحكيم . [ ص: 212 ] وأمر النائب إسحاق بن إبراهيم الكاتب ، فكتب عن كل واحد منهم جوابه بعينه ، وبعث به إلى المأمون فجاء الجواب بمدح النائب على ما فعل ، والرد على كل فرد ، فرد ما قال في كتاب أرسله ، وأمر نائبه أن يمتحنهم أيضا ، فمن أجاب منهم شهر أمره في الناس ، ومن لم يجب منهم إلى القول بخلق القرآن ، فابعث به إلى عسكر أمير المؤمنين مقيدا ، محتفظا به حتى يصل إلى أمير المؤمنين فيرى فيه رأيه ، ومن مذهبه أن يضرب عنق من لم يقل بخلق القرآن . فعقد الأمير ببغداد مجلسا آخر ، وأحضر أولئك وفيهم إبراهيم بن المهدي وكان صاحبا لبشر بن الوليد الكندي ، وقد نص المأمون على قتلهما إن لم يجيبا على الفور ، فلما امتحنهم إسحاق بن إبراهيم ثانيا بعد قراءة كتاب الخليفة أجابوا كلهم مكرهين متأولين قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [ النحل : 106 ] إلا أربعة ؛ وهم : أحمد بن حنبل ، ومحمد بن نوح ، والحسن بن حماد سجادة ، وعبيد الله بن عمر القواريري .فقيدهم وأرصدهم ليبعث بهم إلى المأمون ثم استدعى بهم في اليوم الثاني فامتحنهم ، فأجاب سجادة إلى القول بخلق القرآن ، فأطلق قيده وأطلقه ، ثم امتحنهم في [ ص: 213 ] اليوم الثالث فأجاب القواريري إلى ذلك ، فأطلق قيده أيضا وأطلقه ، وأصر أحمد بن حنبلومحمد بن نوح الجنديسابوري على الامتناع من ذلك فأكد قيودهما وجمعهما في الحديد ، وبعث بهما إلى الخليفة وهو بطرسوس ، وكتب معهما كتابا بإرسالهما إليه ، فسارا مقيدين في محارة على جمل متعادلين رضي الله عنهما ، وجعل الإمام أحمد يدعو الله عز وجل أن لا يجمع بينهما وبين المأمون وأن لا يرياه ولا يراهما . وجاء كتاب المأمون إلى نائبه ؛ أنه قد بلغني أن القوم إنما أجابوا مكرهين ، متأولين قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمانوقد أخطئوا في ذلك خطأ كبيرا فأرسلهم كلهم إلى أمير المؤمنين . فاستدعاهم إسحاق وألزمهم بالمسير إلى طرسوس فساروا إليها ، فلما كانوا ببعض الطريق بلغهم موت المأمون فردوا إلى الرقة ثم أذن لهم في الرجوع إلى بغداد . وكان أحمد بن حنبل ، وابن نوح قد سبقا الناس ، ولكن لم يجتمعا به حتى مات ، واستجاب الله سبحانه دعاء عبده ووليه الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله ، فلم يجتمعوا بالمأمون ، وردوا إلى بغداد وسيأتي تمام ما وقع من الأمر الفظيع في أول ولاية المعتصم بن الرشيد ، وتمام الكلام على ذلك في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل ، عند ذكر وفاته في سنة إحدى وأربعين ومائتين ، وبالله المستعان . ![]() |
#4
|
|||
|
|||
![]() محنة الإمام مالك بن أنس تعرض الإمام مالك لمحنة لروايته حديث: "ليس على مستكره يمين" فرأى الخليفة و الحكام أن التحديث به ينقض البيعة، إذ كانوا يكرهون الناس على الحلف بالطلاق عند البيعة، و بسبب ذلك ضرب بالسياط و انخلعت كتفه. مع بُعد الإمام مالك، رضي الله عنه، عن الفتن، وامتناعه عن تأييدها، نزلت به محنة شديدة في عهد أبي جعفر المنصور، ثاني الخلفاء العباسيين . وقد اتفق المؤرخون على نزولها بذلك العالم الجليل، وأكثر الرواة على أنها نزلت في عام 146هـ. وقد اختلف المؤرخون في سبب نزول هذه المحنة قال القاضي عياض السبتي رضي الله عنه: " قال ابن مهدي: اختلف فيمن ضرب مالكاً، وفي السبب في ضربه، وفي خلافة من ضَرب". فقال بعضهم: إن سببها أنه كان يفتي بتحريم المتعة، وهي عقد مؤقت يبيح للرجل أن يعيش مع المرأة مدة معلومة بأجر معلوم يتكافأ مع المدة ومع حالها، وإذا امتنعت عن طاعته مدة نقص من هذا الأجر، كالأجرة في الإجارة تماماً، وأنه إذ كان يفتي بتحريمها أخذت عليه الفتيا، لأنه روى عن ابن عباس ـ جد المنصور ـ أنه كان يحلها... وهذا لا يصلح سببا، لأنه ما عرف أن المنصور كان يستبيح المتعة، ولأن أكثر الرواة على أن ابن عباس رجع عنها بعد أن لامه على ذلك ابن عمه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وقيل أن السبب أنه كان يفضل سيدنا عثمان على الإمام علي كرم الله وجهه، فوشى به العلويون . وفي ترتيب المدارك للقاضي عياض: " وخالف هذا كله ابن بكير فقال: ما ضرب مالك إلا في تقديمه عثمان على علي، فسعى به الطالبيون حتى ضرب. فقيل لابن بكير: خالفت أصحابك، هم يقولون: ضرب في البيعة. قال: أنا أعلم من أصحابي". وهذا أيضا لا يصلح سببا، لأن الزمن الذي نزلت فيه المحنة كان العلويون مبغضين إلى المنصور غير راض عنهم، لخروج محمد النفس الزكية بالمدينة، وأخيه إبراهيم ببغداد عام 145 هـ . وإن السبب الذي نراه معقولا، وهو أنه كان يحدث بحديث: "ليس على مستكره يمين". وقد كان العلويون والذين خرجوا مع النفس الزكية يدعون أن بيعة المنصور قد أخذت كرها، فاتخذ هذا الحديث ذريعة لإبطال البيعة، فنهاه والي المدينة باسم المنصور عن أن يحدث به، ثم دس عليه من يسأله عنه، فحدث به على رؤوس الأشهاد. على ما ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك: " قال الواقدي: لما سود مالك، وسمع منه وقبل قوله، حسده الناس وبغوه، فلما ولى جعفر بن سليمان على المدينة، سعوا به إليه وكثروا عليه عنده. وقالوا: لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشئ، وهو يأخذ بحديث يرويه ثابت الأحنف، في طلاق المكره أنه لا يلزم". فالحديث مع روايته اعتراه نظران: ـ نظر الساسة والسياسيين والمنافقين الذين يلتفون حولهم دائماً، وهؤلاء ظنوا أنه بروايته يروج الدعاية ضدهم ويمالئ بروايته في وقت خروج الخارجين. ـ والثاني نظر الإمام، فهو يروي الحديث إذا سئل عنه، لأن في روايته إذاعة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإفشاءً للعلم، وامتناعاً عن كتمانه. ولا يبالي في ذلك شيئاً، وإن امتنع عد نفسه عاصيا كاتما لما جاء على لسان الرسول، وقد حكم الله بلعنه، لأنه لعن من يكتم علماً. وكانت المحنة أن ضرب بالسياط، وأن مدت يده حتى انخلعت من كتفه، قال الواقدي في ذلك أن جعفرا غضب ، ودعا بمالك، فاحتج عليه بما رفع إليه "ثم جرده ومده فضربه بالسياط، ومدت يده حتى انخلعت كتفُه". وفي رواية عنه: "ومدت يداه حتى انخلع كتفاه". قال مصعب: "ضرب جعفرُ بن سليمان مالكاً ثلاثين سوطاً، وقيل نيفاًُ وثلاثين، ويقال: ستين". وقال مكي بن إبراهيم: "سبعين سوطاً، وقيل نيفاُ وسبعين سوطاً"، وقيل مائة سوط من رواية الحارث عن ابن القاسم. قال الدراوردي: لما أحضر مالك لضربه في البيعة التي أفتى بها ـ وكنت أقرب الخلق منه ـ سمعته يقول: كلما ضُرب سوطاُ: (اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون) حتى فرغ من ضربه. ويذكر الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء أنه بعد ضرب الإمام مالك أمر جعفر بن سليمان أن يطاف به في المدينة، فيقول:"لما ضُرب ـ مالك ـ حُلق وحُمل على بعير، فقيل له: ناد على نفسك، فقال: "ألا من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس، أقول: طلاق المكره ليس بشيء"، فبلغ ذلك جعفر بن سليمان الأمير فقال: "أدركوه، أنزلوه". وحمل مغشيا عليه إلى بيته. قال مطرف: فرأيت آثار السياط في ظهره، قد شرحته تشريحاً، وكان حين مدوه في الحبل بين يديه خلعوا كتفه، حتى ما كان يستطيع أن يسوي رداءه. وكان جعفر بن سليمان قد مَدَّ يديْ الإمام مالك بين العقابين (العقابين: آلة توضع فيها اليدان عند الضرب، فتمسكهما وتمنعهما من الحركة)، فلذلك كان لا يأتي المسجد، لخروج ريح من موضع الكتف. قال إبراهيم بن حماد إنه: "كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى". وكان لذلك وقع شديد في نفوس أهل المدينة وطلاب العلم الذين قصدوه. فقد رأوا فقيه دار الهجرة وإمامها ينزل به ذلك، وما حرض على فتنة، ولا بغى في قول، ولا تجاوز حد الإفتاء، ونكأ جروحهم أنه سار على خطته بعد الأذى، فلزم درسه بعد أن رقئت جراحه، واستمر لا يحرض على فتنة. ولا يدعو إلى فساد، فنقموا ذلك الأمر من الحاكمين، وسخطوا عليهم. وغلت النفوس بالآلام منهم. وقال الجياني: "بقي مالك بعد الضرب مطابق اليدين، لا يستطيع أن يرفعهما، وارتكب منه أمر عظيم، فو الله ما زال مالك بعد ذلك الضرب في رفعة من الناس وعلو وإعظام، حتى كأنما كانت تلك الأسواط حلياً حلي بها". ثم إن الحكام أحسوا مرارة ما فعلوا، أو على الأقل أرادوا أن يداووا الجراح التي جرحوها، وخصوصا أبو جعفر المنصور، فإنه لم يكن في ظاهر الأمر ضارباً، ولم يثبت أنه أمر بضرب، أو رضَى عنه. ولذلك لما جاء إلى الحجاز حاجا، أرسل إلى مالك يستدعيه ليعتذر إليه. ولنسق الخبر كما جاء على لسان مالك رضي الله عنه، لنرى مقدار عظمته في سماحته، كما كان عظيما بعلمه وخصاله ومهابته، وها هو ذا الخبر( كما في ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض السبتي): لما دخلت على أبي جعفر، وقد عهد إلي أن آتيه بالموسم، قال لي: والله الذي لا إله إلا هو، ما أردت الذي كان ولا علمته، وإنه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم، وإني أخالك أماناً لهم من عذاب الله، ولقد رفع الله بك عنهم سطوة عظيمة، فإنهم أسرع الناس للفتن، وقد أمرت بعدو الله أن يؤتى به من المدينة إلى العراق على قتب، وأمرت (نصيرا) بحبسه، والاستبلاغ في امتهانه ولا بد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما نالك منه. فقلت عافى الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه. ونزهته من أمري، وقلت له: قد عفوت عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته منك. فقال لي: عفا الله عنك ووصلك. وقد كان الإمام مالك قد عفا عن ضاربه قبل ذلك: "قال القروي والعمري ـ وأحدهما يزيد على الآخر ـ: لما ضرب مالك ونيل منه، حمل مغشياً عليه، فدخل الناس عليه، فأفاق فقال: أشهدكم إني جعلت ضاربي في حل. فعدناه في اليوم الثاني فإذا به قد تماثل، فقلنا له ما سمعنا منه، وقلنا له: قد نال منك. فقال: تخوفت أن أموت أمس فألقى النبي صلى الله عليه وسلم، فأستحي منه أن يدخل بعض أهله النار بسببي. فما كان إلا مدة، حتى غضب المنصور على ضاربه، وضُرب ونيل منه أمر شديد، فبشر مالك بذلك فقال: سبحان الله! أترون حظنا مما نزل بنا الشماتة به؟ إنا لنرجو له من عقوبة الله أكثر من هذا، ونرجو لنا من عفو الله أكثر من هذا، ولقد ضرب فيما ضربت فيه محمد بن المنكدر، وربيعة، وابن المسيب، ولا خير فيمن لا يؤذى في هذا الأمر". قال محمد ابن خالد، ابن عثمة: كنا عند جعفر بن سليمان في مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه حماد بن زيد، فقال له: يا أبا إسماعيل، رأيت في منامي مالك بن أنس، فسلمت عليه فلم يرد، فأعدت عليه فرد، وقال: (إن لي ولك غداً مقاماً عند الله) فأرقت لذلك وغمني. فقال له حماد: إن مالكاً من الإسلام بمكان جليل، وما هو إلا الندم والاستغفار. ويقول الإمام الذهبي في تعليقه على هذا الحدث: "قلت هذا ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ( ومن يرد الله به خيرا يصيب منه ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل قضاء المؤمن خير له". وقال الله تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) [ سورة: محمد،الآية: 31 ]، وأنزل الله تعالى في وقعة أحد قوله: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا. قل هو من عند انفسكم ) [سورة: آل عمران، الآية: 165 ] وقال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) [سورة: الشورى، الآية: 30 ] فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه، فالله حَكم مُقسط، ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخيرٌ له". وقال الليث: إني لأرجو أن يرفع الله مالكاً بكل سوط درجة في الجنة. وهكذا خرج الإمام من هذه المحنة مكرما، وزاد بها رفعة عند الخليفة وعند الناس. (اقتباس). |
#5
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() ![]() محنة الامام العلامة المحدث البخاري (رحمه الله تعالى) ![]() محنة البخاري في نيسابور: بدأ البخاري في طلب الحديث وهو دون العاشرة، فسمع من مشايخ بلده، ثم خرج في رحلة علمية طويلة لسماع الحديث وطلب العلم فطاف البلاد ودخل العواصم والتقى مع آلاف الشيوخ ولم يترك بقعة من بقاع العالم الإسلامي المعروفة بالعلم والحديث إلا زارها ودخلها، فطاف خراسان كلها ودخل العراق فزار بغداد والبصرة والكوفة مرات كثيرة، ودخل الشام والحجاز واليمن ومصر، وكان كلما دخل بلدًا انهال عليه الآلاف من أهلها من طلبة العلم وغيرهم للاستفادة من علمه الغزير وأدبه الوفير وسمته وهديه، وكان الناس يستقبلونه استقبال الملوك والخلفاء والعظماء ويبالغون في تعظيمه وتبجيله واحترامه. ![]() وبدأت فصول محنة البخاري عندما توجه إلى مدينة نيسابور وهي من المدن الكبيرة في خراسان، فلما وصل إليها خرج إليه أهلها عن بكرة أبيهم، فلقد استقبله أربعة آلاف رجل ركبانًا على الخيل سوى من ركب بغلاً أو حمارًا، وسوى الرجال، وخرج الولاة والعلماء كافة لاستقباله قبل أن يدخل المدينة بمرحلتين أو ثلاثة [قرابة المائة كيلو متر مربع] وبالغوا في إكرامه بصورة لم تكن لأحد قبله ولا حتى بعده. ![]() ومن روعة الاستقبال وعظيم التقدير والاحترام الذي وجده البخاري بنيسابور قرر المقام فيها لفترة طويلة واتخذ فيها دارًا، وأخذ علماء نيسابور في حض طلبة العلم على السماع من البخاري، وكان رأس علماء نيسابور وقتها الإمام محمد بن يحيى الذهلي، وكان رأسًا متبوعًا مطاعًا ليس في نيسابور وحدها بل في خراسان كلها، الناس يطيعونه أكثر من طاعتهم للخليفة والوالي، وكان الذهلي ممن حض الناس على الجلوس للبخاري وحضور مجالسه ودروسه، والذهلي نفسه كان ممن استفاد كثيرًا من البخاري، حتى أنه كان يمشي خلف البخاري في الجنائز يسأله عن الأسامي والكنى والعلل والبخاري يمر فيه مثل السهم. ![]() ومع استقرار البخاري في نيسابور أخذت مجالس التحديث تخلو شيئًا فشيئًا من طلاب الحديث لصالح مجلس البخاري، حتى ظهر الخلل في مجلس كبير علماء نيسابور محمد بن يحيى الذهلي نفسه، عندها تحركت النوازع البشرية المركوزة في قلوب الأقران، فدب الحسد في قلب الذهلي وتسللت الغيرة المذمومة إلى نفسه شيئًا فشيئًا، حتى وصل الأمر به لأن يخوض في حق البخاري ويتكلم فيه ويرميه بتهمة البخاري بريء منها، فما هذه التهمة يا ترى والتي كانت سبب محنة البخاري؟ ![]() هذه التهمة هي تهمة اللفظية، وهي تعني قول القائل: أن لفظي بالقرآن مخلوق، فقد قال لأصحاب الحديث إن البخاري يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق، فامتحنوه في المجلس، فلما حضر الناس مجلس البخاري، قام إليه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فأعاد الرجل السؤال ثلاث مرات، فالتفت إليه البخاري وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة، أي أن البخاري قد أدرك مغزى السؤال وعلم أنه من جنس السؤالات التي لا يراد بها وجه الله عز وجل، وإنما يراد بها امتحان العلماء وإثارة الفتن والفرقة بين الناس، فشغب الرجل السائل على مجلس البخاري فقام البخاري من مجلسه وجلس في منزله. ![]() ولعل البعض لا يدري ما المراد بمسألة اللفظية هذه، لذلك يحسن أن نبين معناها في عجالة، ذلك أنه خلال فتنة القول بخلق القرآن وامتحان الخلفاء المأمون والمعتصم والواثق للناس فيها، التبس الأمر على بعض الناس، فتوقف البعض في المسألة، وقال البعض الآخر إن لفظنا بالقرآن مخلوق، وكان أول من قال إن اللفظ بالقرآن مخلوق هو الفقيه الكرابيسي، فأنكر عليه الإمام أحمد بشدة واعتبره من قبيل البدع وسبيلاً للتجهم والاعتزال، وقال الإمام أحمد: من قال القرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال: القرآن كلام الله ولا يقول: غير مخلوق ولا مخلوق فهو واقفي، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع، فرد الفقيه الكرابيسي وأوضح المسألة فقال: تلفظك بالقرآن يعني غير الملفوظ من باب أن أفعالنا مخلوقة. ومع ذلك أنكر الإمام أحمد عليه هذه المقولة وذهب لأن يعرض الإنسان عن هذه الكلمة بالكلية حتى لا تفتح بابًا للتجهم والابتداع في الدين. ![]() والخلاصة أن مسألة اللفظ يراد بها أمران: أحدهما الملفوظ نفسه وهو غير مقدور للعبد ولا فعل له فيه، والثاني التلفظ به والأداء له وهو فعل العبد، فإطلاق الخلق على اللفظ قد يوهم المعنى الأول وهو خطأ، وإطلاق نفي الخلق عليه قد يوهم المعنى الثاني وهو خطأ أيضًا، فمنعا الإطلاقين، أما إذا فصَّل القائل في المسألة وفرق بين اللفظ والملفوظ، فقال إن الملفوظ هو كلام الله عز وجل والمتلو هو القرآن المسموع بالآذان وبالأداء من فم الرسول صلى الله عليه وسلم وهي حروف وكلمات وسور وآيات تلاه جبريل وبلَّغه جبريل عن الله تعالى، وهو صفة من صفات الله وبالتالي الملفوظ غير مخلوق، أما لفظ العباد وأصواتهم وحركاتهم وأداؤهم كل ذلك مخلوق لله بائن عنه ـ فهذا حق وصواب تمامًا لا مرية فيه، وهذا ما كان يقول به البخاري. ![]() بعد هذه الحادثة أخذ الذهلي في التشنيع على البخاري واتهمه بالتجهم وقال: قد أظهر البخاري قول اللفظية واللفظية عندي شر من الجهمية، ومن ذهب بعد إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه، ثم تمادى الذهلي في التشنيع والهجوم على البخاري ونادى عليه في الناس ومنع طلبة الحديث من الجلوس إليه، ثم ألزم كل من يحضر مجلسه ألا يجلس للبخاري، فقال يومًا: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا، وكان في المجلس وقتها الإمام الكبير مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة، فقام الاثنان من مجلس الذهلي، وهذا الأمر جعل الذهلي يزداد في هجومه على البخاري، ويصل لأعلى درجات الغلو والغيرة المذمومة، إذ قال بعد حادثة خروج الإمام مسلم من مجلسه: لا يساكنني هذا الرجل [يعني البخاري] في البلد، وأخذ الجهال والسفهاء يتعرضون للبخاري في الطريق يؤذونه بالقول والفعل، مما أجبر معه البخاري في النهاية لأن يخرج من البلد. ![]() وبالنظر لما قام به الذهلي بحق البخاري نجد أن الذهلي قد تدرج في التشنيع والهجوم على الإمام البخاري للوصول لغاية محددة منذ البداية، ألا وهي إخراج البخاري من نيسابور حسدًا منه على مكانة البخاري العلمية، وحتى لا ينسحب بساط الرياسة العلمية منه لصالح البخاري، وهذا ما فهمه البخاري منذ البداية وقاله لتلامذته ومن سأله عن هذه النازلة، فهذا تلميذه محمد بن شاذل يقول: دخلت على البخاري لما وقع فيه محمد بن يحيى فقلت: يا أبا عبد الله، ما الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى، كل من يختلف إليك يطرد؟ فقال البخاري: كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء، وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله هذا رجل مقبول بخراسان خصوصًا في هذه المدينة، وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى؟ فقبض البخاري على لحيته ثم قرأ: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [غافر: 44]، اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرًا ولا بطرًا ولا طلبًا للرياسة وقد قصدني هذا الرجل [يقصد الذهلي] حسدًا لما آتاني الله لا غير، ثم قال لي: يا أحمد إني خارج غدًا لتتخلصوا من حديثه لأجلي، فقال أحمد بن سلمة: فأخبرت جماعة من أصحابنا بخروج الإمام، فوالله ما شيعه غيري وكنت معه حين خرج من البلد. ![]() وبالفعل خرج البخاري من نيسابور واتجه إلى مرو من أعمال خراسان ليواصل رحلته العلمية، فإذا بالذهلي يواصل هجومه الشرس على البخاري حتى بعد خروجه من نيسابور، حيث أخذ في الكتابة لسائر بلاد ومدن خراسان يحذرهم من البخاري وأنه يتبنى قول اللفظية، وقد أتت هذه الحملة أكلها، فكلما توجه البخاري إلى بلد في خراسان وجد الناس ثائرين عليه، وكتب الذهلي في حقه تنهال على علماء المدن وأمرائها فتوغر الصدور وتحرك الشكوك وتسيء الظنون، حتى وصلت حدة الحملات التشويهية ضد البخاري لأن يقدم رجلان من أكبر علماء الرجال في الحديث وهما أبو حاتم وأبو زرعة لأن يقولا: إن البخاري متروك، ولا يكتبان حديثه بسبب مسألة اللفظ، وسبحان الله لا أدري كيف أقدم أبو حاتم وأبو زرعة على مثل هذه المقولة؟ وكيف تجاسرا عليه؟ والبخاري حامل لواء الصناعة ومقدم أهل السنة والجماعة، والبخاري أعلى منهما كعبًا في كل باب في الحديث والفقه والحفظ، قال الذهبي في السير: كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به لاسيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين. ![]() وكان البخاري يؤكد في كل مكان أنه لم يقل إن لفظه بالقرآن مخلوق، فعندما سأله الحافظ أبو عمرو الخفاق عن هذه المسألة فقال له: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور وقوس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله، إلا إني قلت: أفعال العباد مخلوقة. ومعنى هذا التصريح أن الذهلي الذي خاض في حق البخاري وشوه سيرته ومكانته قد بنى حملته على البخاري على لازم قول البخاري أن الأفعال مخلوقة، فقال الذهبي: إن البخاري يقول: إن ألفاظنا من أفعالنا وأفعالنا مخلوقة، إذًا هو يقول إن لفظي بالقرآن مخلوق ولازم القول ليس بلازم كما هو مذهب جمهور المحققين من العلماء، إلا إذا التزمه صاحب القول، أما إذا نفاه وتبرأ منه فلا يلزمه ولا يشنع عليه بسببه، قال الذهبي: ونعوذ بالله من الهوى والمراء في الدين وأن نكفر مسلمًا موحدًا بلازم قوله وهو يفر من ذلك اللازم وينزه ويعظم الرب، لذلك كان البخاري ينفي في كل موطن هذه التهمة عن نفسه ويبرأ منها. ![]() وهكذا نرى كيف كانت فصول محنة البخاري وهي كما قال الذهبي رحمه الله: لا يسلم منها عصر من الأعصار، فهي كانت وما زالت قائمة وموجودة، بل هي الآن على أشدها، فكم من عالم وداعية خاض الحاسدون وعشاق التصنيف وأنصار الحزبية في حقه ورموه بكل قبيح ونسبوا إليه من هو منه براء لا لشيء إلا حسدًا من عند أنفسهم على حب الناس له والتفافهم حوله، وكم عالم وداعية راح ضحية هذه التشنيعات حتى ضاع ذكره وخبره تحت أمواج الوشايات والأباطيل التي ملأت الأسماع وأوغرت الصدور وشحنت النفوس، حتى أصبح مجرد ذكر اسم هذا العالم أو الداعية مدعاة للطعن والشك والريب والطرح. محنت البخاري مع أمير بخارى روى أحمد بن منصور الشيرازي قال سمعت بعض أصحابنا يقول لما قدم أبوعبد الله بخارى نصبت له القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق أحد إلا استقبله ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فبقي أياما قال فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج. ![]() قال أحمد بن منصور فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الذي أخرج فيه من بخارى فتقدمت إليه فقلت يا أبا عبد الله كيف ترى هذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر فقال لا أبالي إذا سلم ديني. ![]() وروي عن بكر بن منير بن خليد بن عسكر أنه قال: بعث الأمير خالد ابن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب الجامع و التاريخ وغيرهما لأسمع منك فقال لرسوله أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة فاحضر في مسجدي أو في داري وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة لأني لا أكتم العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار" فكان سبب الوحشة بينهما هذا. وفاة البخاري توفي البخاري ـ رحمه الله ـ ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين وقد بلغ اثنتين وستين سنة، وروي في قصة وفاته عدة روايات منها: ![]() قال محمد بن أبي حاتم سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أياما فمرض واشتد به المرض، فلما وافى تهيأ للركوب فلبس خفيه وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ورجل آخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلوني فقد ضعفت فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه الله فسال منه العرق شيء لا يوصف فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك فدام ذلك أياما ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس وغلبنا على أنفسنا فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ولم يكونوا يخلصون إلى القبر وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته وخرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب قال محمد بن أبي حاتم ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل وأوصى أن يدفن إلى جنبه. ![]() وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله قال أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها. رحم الله الإمام البخاري رحمة واسعة وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين وعن حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم ). |
#6
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرا على مبادراتك الطيبه أسأل الله ان يجعلها فى ميزان حسناتك واسمح لى ان اشارك فى الموضوع واضع محنة الامام سعيد بن جبير (( رحمه الله ورضى عنه ))
__________________
![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() بعد أن أعطى سعيد بن جبير بيعته للحجاج بن يوسف الثقفي بحد السيف في مكة بعد مقتل ابن الزبير رضي الله عنهما، عاد إلى الكوفة وأخذ في نشر العلم ورواية الحديث، ولكن سرعان ما فوجئ بتعيين الحجاج واليًا على العراق، ولما دخل الحجاج العراق حاول استمالة العلماء والقراء لعلمه بسخط الناس وأهل العلم على سياسته وظلمه وأسلوبه في الحكم، فأغدق العطايا على الإمام سعيد وجعله بمثابة القاضي والمشير ومن خاصته، ولكن لم تكن تلك اللعاعة من الدنيا لتغري إمامًا مثل سعيد بن جبير وتغير موقفه ورأيه في الحجاج وسياسته وجرائمه. اتبع الحجاج سياسة ذكية في احتواء ثورات أهل العراق وطاقاتهم الكبيرة بشغلهم بالجهاد في سبيل الله في بلاد المشرق حيث كفار الترك، فانصرف الناس لنصرة دين الله عز وجل عدة سنوات، والحجاج مستمر على سياسته وبطشه بالمعارضين، حتى كانت سنة 82هـ وفيها وقعت أعنف ثورة قام بها أهل العراق، وهي فتنة ابن الأشعث، وكان ابن الأشعث أحد قادة الحجاج وكان الحجاج يبغضه بشدة للتنافس بين الرجلين، وللطموح الذي يجمع بينهما، وكان سبب الثورة هو إصرار الحجاج على أن يواصل جيش ابن الأشعث التوغل في بلاد «الرتبيل» ملك الترك، في حين رفض ابن الأشعث الأوامر لقسوة فصل الشتاء وكثرة الثلوج ووعورة الطريق، فترددت الرسائل الخشنة بين الرجلين، ثم انتهت بإعلان ابن الأشعث العصيان والثورة وخلع الطاعة للحجاج ولعبد الملك بن مروان الخليفة الأموي أيضًا. كان في جيش ابن الأشعث العديد من العلماء والفقهاء وحفظة كتاب الله، ممن خرج للجهاد ونصرة دين الله عز وجل، منهم سعيد بن جبير وطلق بن حبيب ومجاهد بن جبر والشعبي وابن أبي ليلى وهم علماء الزمان وأهم شيوخ العصر عامة والعراق خاصة، فأعلن هؤلاء العلماء والقراء دعمهم لابن الأشعث ضد الحجاج الذي فاقت جرائمه بحق المسلمين كل حدود، وكان لذلك الدعم المعنوي من جانب العلماء أثر كبير في ثورة ابن الأشعث، فانضم إليها الناس من كل مكان، فلقد كان الحجاج مبغوضًا من الجميع. وقعت العديد من المعارك الطاحنة بين الفريقين كان لكتيبة العلماء والقراء دور كبير في تحميس الناس وتقوية عزائمهم، وكان سعيد بن جبير يقف بين الصفوف ويشد من أزر المقاتلين ويقول: قاتلوهم على جورهم واستذلالهم الضعفاء وإماتتهم الصلاة، وكذلك فعل الشعبي وجبلة بن زحر زعيم القراء وطبعًا ربما يتطرق البعض للكلام على مدى جواز اشتراك العلماء والفقهاء في مثل تلك الثورة، وهل يعد ذلك خروجًا على السلطة أم لا؟ ولنا في موقفهم عبرة وعظة، وفي إجماعهم على ذلك ـ وهم أعلام الأمة وأكبر علمائها ـ دليل على جواز ذلك بشروط مخصوصة كانوا هم أدرى بها وأعلم بطبيعتها، وهم قد رأوا من الحجاج ما سمعناه نحن فقط، وعاينوا على الطبيعة أفعاله وجرائمه لذلك فهم أحق الناس بالحكم على الأمر. ظلت ثورة ابن الأشعث مشتعلة بأرض العراق كلها طيلة سنتين كاملتين وكادت أن تؤتي أكلها، ولكنها فشلت في النهاية، وأمعن الحجاج في التنكيل بالثوار فقتل منهم عشرات الآلاف، وكان يؤتى بالرجل بين يدي الحجاج فيطلب منه أن يشهد على نفسه بالكفر فإن فعل أطلق سراحه، وإلا ضرب عنقه، فاضطر كثير من الناس للفرار من العراق، ومنهم سعيد بن جبير وطلق بن حبيب ومجاهد بن جبر وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار، وهم وجوه الناس وعلماؤهم. انتقل سعيد بن جبير إلى أصبهان وعاش هناك في الخفاء، وكان حريصًا على ألا يعرفه أحد وذلك سنة 83هـ، ومع ذلك لم يترك الحج والعمرة كل سنة فعلم الحجاج بوجوده بأصبهان فأرسل في طلبه، فهرب منها ودخل العراق مستخفيًا، وأخذ في التنقل من مكان لآخر، والحجاج يشتد في طلبه، وذلك طيلة اثني عشر سنة كاملة، وفي النهاية استقر في مكة ليسهل عليه الحج والعمرة، واستقر معه باقي إخوانه العلماء، وكان والي مكة خالد القسري يغض الطرف عنهم، حتى قام الخليفة الوليد بن عبد الملك بعزل عمر بن عبد العزيز عن ولاية المدينة، وعين مكانه عثمان بن حيان الذي أخذ في القبض على أصحاب ابن الأشعث في المدينة وإرسالهم للحجاج بالعراق ليقتلهم فاضطر عندها خالد القسري لحذو فعله، فقبض على سعيد بن جبير واصحابه، وقد عُرض على سعيد الهروب من مكة فقال: والله لقد استحييت من الله من كثرة الفرار، ولا مفر من قدر الله، وكان الحجاج قد أرسل إلى خالد القسري يتهدده من أجل إرسالهم، فلم يجد خالد من بدّ في ذلك. حمل سعيد بن جبير وأصحابه مثقلين بالقيود والحديد في رحلة طويلة من المدينة إلى الكوفة، وفي الطريق الطويل الشاق مات طلق بن حبيب، ولما وصلوا إلى الكوفة أمر الحجاج بسجنهم باستثناء سعيد بن جبير الذي أمر بإحضاره بين يديه وقد بسط له النطع وأحضر السياف والجلاد للتنكيل بالإمام سعيد بن جبير، فلما أحضر بين يدي الحجاج قال له: اشهد على نفسك بالكفر، فقال الإمام: لا أفعل ذلك أبدًا، فقال الطاغية: اختر أي قتلة أقتلك، قال: اختر أنت، فإن القصاص أمامك، ثم دار حوار بين الطاغية والإمام انتهى بمقتل الإمام وتقطيع أوصاله بصورة مأساوية بشعة تدل على مدى حقد الطاغية الحجاج الثقفي على الإمام سعيد بن الجبير. لقد كان سعيد بن جبير مستجاب الدعوة، لا يرد الله عز وجل له دعوة قط، وكان يستطيع أن يدعو على الحجاج فلا ينال منه بسوء، ولكنه استقتل لله ورحب بالشهادة، وكانت دعوته التي دعا بها قبل موته على الحجاج: ألا يسلطه الله عز وجل على أحد بعده، فاستجاب الله عز وجل له، ومات الحجاج مذمومًا مدحورًا بعد سعيد بن جبير بأربعين ليلة ولم يقتل أحدًا بعد سعيد، واشتهر الرجلان في التاريخ أيما شهرة، ولكن شتان بينهما هذا صار علمًا للدعاة والمجاهدين والعلماء، وذاك صار علمًا للطغاة والظلمة المستكبرين. ومات سعيد شهيدًا سنة 95هـ، وله من العمر سبع وخمسون سنة، مات ولسانه رطب بذكر الله. نعم! وهب سعيد حياته للإسلام، ولم يَخْشْ إلا الله. كان يملك لسانًا صادقًا وقلبًا حافظًا، لا يهاب الطغاة، ولا يسكت عن قول الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، فلم يستطع الحجاج أن يسكت لســانه عن قول الحق بالتـهديد أو التخويف، فقد كان سعيد بن جبير مؤمنًا قوي الإيمان، يعلم أن الموت والحياة والرزق كلها بيد الله، ولا يقدر عليه أحد سواه. فاتبع الحجاج مع سعيد بن جبير طريقًا آخر، لعله يزحزحه عن الحق، أغراه بالمال والدنيا، وضع أموالا كثيرة بين يديه، فما كان من هذا الإمام الجليل إلا أن أعطى الحجاج درسًا قاسيًا، فقال: إن كنت يا حجاج قد جمعت هذا المال لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح، وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت. لقد أفهمه سعيد أن المال هو أعظم وسيلة لإصلاح الأعمال وصلاح الآخرة، إن جمعه صاحبه بطريق الحلال لاتـِّقاء فزع يوم القيامة..{يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء:88-89]. ومرة أخرى تفشل محاولات الحجاج لإغراء سعيد، فهو ليس من عباد الدنيا ولا ممن يبيعون دينهم بدنياهم، وبدأ الحجاج يهدد سعيدًا بالقضاء عليه، ودار هذا المشهد بينهما: الحجاج: ويلك يا سعيد! سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار. الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟ سعيد: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة. الحجاج: أتريد أن أعفو عنك؟ سعيد: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عُذر. الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه. فلما خرجوا ليقتلوه، بكي ابنه لما رآه في هذا الموقف، فنظر إليه سعيد وقال له: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ وبكي أيضًا صديق له، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ الرجل: لما أصابك. سعيد: فلا تبك، كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} [الحديد:22] ثم ضحك سعيد، فتعجب الناس وأخبروا الحجاج، فأمر بردِّه، فسأله الحجاج: ما أضحكك؟ سعيد: عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك. الحجاج: اقتلوه. سعيد: {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين} [الأنعام: 79]. الحجاج: وجهوه لغير القبلة. سعيد: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: 115]. الحجاج: كبوه على وجهه. سعيد: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55]. الحجاج: اذبحوه. سعيد: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، خذها مني يا حجاج حتى تلقاني بها يوم القيامة، ثم دعا سعيد ربه فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.
__________________
![]() |
#8
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() اللحمد لله الذي شرح صدور اهل الاسلام للهدى ونكت في قلوب اهل الطغيان فلا تعي الحكمة ابدا واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له اله احدا فردا صمدا لم يتخد صاحبة ولا ولدا واشهد ان محمدا عبده ورسوله ما اعظمه عبدا وسيدا واكرمه اصلا ومحتداوابهره صدرا وموردا واطهره مضجعا ومولدا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه غيوث الندى وليوث العدى صلاة وسلاما دائمين من اليوم الىان يبعث الناس غدا بارك الله فيك اختنا الكريمة بستان العابدين برحب والسعة في اي وقت مبادرة جميلة ومشارك اجمل واسال الله ان يجعلها في ميزان حسناتك واقول بالله التوفيق ان ما يحدث من محن لامتنا الاسلامية محنة تلو الاخرى وخصوصا ما يحدث في سوريا من تقتيل همجي جعلني اطرح هذا الموضوع فبالمحن تاتي المنح فكما زال الحجاج وزبانيته سياتى الدور على اعداء الله الباقين قال تعالى إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين فالرسول صلى الله عليه وسلم مع اصحابه هجر وعودي وحورب ولكن لمن كانت الغلبة هذه صورة وقعت في الماضي وغيرها كثير لم يكن أحد يتخيل حدوثها في ظل موازين القوى المختلفة بين الفريقين ، ففريق قوي مسيطر يملك كل شيء ، وفريق آخر ضعيف مستعبد لا يملك شيئاً بل يملك قوة الايمان ، ومع ذلك فقد حدث الذي حدث ، وسيحدث من مثله ما شاء الله أن يكون ، يدرك ذلك المتقون المؤمنون ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في مكة قبل الفتح ، عندما قال له بعضهم من شدة ما يلاقي من الأذى ولا يجد ما يكف به ذلك : ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو الله لنا ؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «والله ! ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله ، أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون» ( رواه البخاري ، كتاب المناقب ، رقم 3343 ). فهذا الصحابي لما رأى من شدة التباين في موازين القوى بين معسكر الإيمان الضعيف مادياً في ذلك الزمان ، وبين معسكر الكفر القوي مادياً ، ورأى من خلال المقاييس والحسابات المادية والتصورات العقلية أنه ليس بإمكان المسلمين النصر على العدو ، ورأى أن ذلك لا يمكن حدوثه إلا من خلال عقوبة إلهية ؛ طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء والاستنصار ، وكان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا التصور الذي قد يدفع بعض الناس إلى الإحباط وفقدان الأمل ؛ يتمثل في أمرين: الأول : التبشير بالنصر والتمكين ؛ وبغلبة الحق وأهله ، واندحار الباطل وجنده : « والله ليتمن هذا الأمر ». الثاني: دعوته لهم بعدم الاستعجال، حيث ينبغي عليهم الصبر والتحمل والعمل والجد والاجتهاد والجهاد : « ولكنكم تستعجلون ». وهذا ما ينبغي علينا فعله اليوم إزاء تكبر الأعداء وطغيانهم ؛ أن نبشر قومنا بأن النصر حليفهم وإن طال الزمان ، وأن على الباغي تدور الدوائر ، وأن ندعوهم إلى الإيمان الصادق والعمل الصالح ، والجد والاجتهاد والجهاد ، { وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة } [الأنفال:60]، والرسول صلى الله عليه وسلم في موقفه هذا ينطلق من السنّة القدرية المكنونة في قوله تعالى: { وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس } [آل عمران:140]؛ أي أن النصر والغلبة في الحروب تكون تارة للمؤمنين على الكافرين ، وتارة للكافرين على المؤمنين ، وكل ذلك يجري بأسبابه التي قدّرها الله تعالى في إطار المشيئة الربانية التي تحوي حِكَماً عديدة من وراء علو الكافرين أحياناً وتسلطهم على المسلمين. * أسباب إدالة الكافرين على المسلمين: تجتمع أسباب إدالة الكافرين على المسلمين - أي غلبة الكافرين للمسلمين - في كلمة واحدة ؛ وهي: (معصية المسلمين ربهم)، فمتى عصى المسلمون ربهم ، وانتشرت بينهم المعاصي بغير نكير منهم ، أو بنكير ليس فيه تغيير ؛ عاقب الله المسلمين بذلك ، وأظهر عليهم الكافرين جزاء ما فعلوا ، وقد تبين من النصوص الشرعية أن المؤمنين منصورون غالبون قاهرون لعدوهم مهما كانت قوة العدو وعدده وعدته ، ومهما اختلت موازين القوى لصالح الكفار ؛ إذا كان المؤمنون صادقين عاملين بما يجب عليهم ، تاركين لما نُهوا عنه ، قد أخذوا من أسباب القوة ما كان في طاقاتهم ووسعهم ، ولم يقصّروا في امتلاك القوة التي يمكنهم امتلاكها ، وقد قال الله تعالى مبيناً ذلك: { كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [المجادلة:21]، وقال سبحانه: { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الصافات:173]، وقال تعالى: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ } [غافر:51]، والآيات في ذلك كثيرة. وكان عمر - رضي الله عنه - يحذر جيوشه المنطلقة للقتال في سبيل الله من الوقوع في المعاصي ، ويقول لهم : " إن أهم أمركم عندي الصلاة " (أخرجه مالك في الموطأ ، 1/6 )، ويبين ابن رواحة - رضي الله عنه - أن المسلمين لا ينتصرون على عدوهم بعدد أو عدة ، وإنما ينتصرون بطاعة المسلمين لله ، ومعصية الكافرين لله ، ويقول عندما استشاره زيد في لقاء الروم بعد أن جمعوا جموعاً كثيرة : " لسنا نقاتلهم بعدد ولا عدة ، والرأيُ المسير إليهم " (سير أعلام النبلاء 1/240 ). وقد كانت الجيوش الإسلامية التي يبلغ تعدادها ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف تقاتل الجيوش الكافرة التي تربو على مائتين وخمسين ألفاً ، ثم يكون النصر حليف المسلمين ، {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة : 249] ، ثم يعقب الله على ذلك بقوله:{ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } ، والصبر هنا ، وفي مثله من المواضع ، ليس هو الصبر الذي يفهمه كثير من الناس اليوم بمعنى الإذعان للواقع والاستكانة للظلمة المتجبرين ، ، وإنما الصبر المراد هنا هو حبس النفس عن الجزع عند ملاقاة العدو ، والثبات على الحق ، وعدم التخلي عنه أو التحايل عليه ، وتحمل المشاق في الدعوة إلى الله والعمل الصالح رجاء ما عند الله من المثوبة (انظر تفسير ابن جرير الطبري ، 2/624 ، 10/38 )، وقد بيَّن أهل العلم أن النصر والظفر قرين الطاعة. قال الزجاج : " ومعنى نداولها : أي نجعل الدولة في وقت للكفار على المؤمنين إذا عصى المؤمنون ، فأما إذا أطاعوا فهم منصورون وقال القرطبي : " { وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس } [آل عمران:140]؛ قيل هذا في الحرب تكون مرة للمؤمنين لينصر الله دينه ، ومرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ؛ ليبتليهم وليمحص ذنوبهم ، فأما إذا لم يعصوا فإن حزب الله هم الغالبون " (تفسير القرطبي ، 4/ 218 ). ومن هنا يتبين أن الجيش المقاتل في سبيل الله عليه أن يحرص على الطاعات والبعد عن الوقوع في المعاصي ؛ مثل أو أكثر مما يحرص على امتلاك السلاح المتقدم ، فإن السلاح المتقدم بيد العاصي الخوار الجبان أقل غنى من السلاح العادي بيد الطائع القانت لربه ، { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال: 17]. *الحكمة من إدالة الكافرين على المسلمين: ولله سبحانه وتعالى في ذلك حكم عظيمة ، ظهر أكثرها فيما ورد من الآيات التي عالجت غزوة أحد ، والتي ظهر فيها الكفار على المسلمين بسبب معصيتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا بسبب ضعفهم أو قلّتهم ، قال الله تعالى: { أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } [آل عمران:165]، وقال سبحانه: { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } [آل عمران:152]، فبين أن ما لحق بهم كان لمعصيتهم بعد ما لاحت بشائر النصر ، وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - ما فهمه من الحكم المتعلقة بمداولة الأيام بين الناس في كتابه ( زاد المعاد ) ، نذكرها مختصرة مع زيادات قليلة تناسب المقام ، فمن الحكم والغايات المحمودة في ذلك : تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية والفشل والتنازع ، وأن هذا أشد عليهم من أسلحة أعدائهم . ومنها : أن النصر لو كان للمسلمين في كل مرة دخل معهم الصادقون وغيرهم لم يتميز المؤمن حقاً من غيره . ومنها : أنه لو انتُصر عليهم دائماً وكانوا على مر الزمان مقهورين لم يحصل المقصود من البعثة والرسالة ، وهو إظهار الحق وإقامة الحجة على الناس . ومنها : فضح المنافقين وإظهارهم للناس حتى يحذروهم ، وحتى يستقيم الصف بخلوّه منهم ، وذلك أن المنافقين عند هزيمة المسلمين يظهرون ما كانوا يكتمون ويصرحون بما كانوا يلوحون ، ومن هنا يدرك المسلمون أن لهم عدواً من أنفسهم يعيش معهم وبين ظهرانيهم لا يفارقهم ، فيستعدون لهم ويحذرون منهم ، وهذا من سنة الله تعالى أنه لا يترك المؤمنين مختلطين بالمنافقين من غير أن يُقدِّر امتحاناً أو بلاء تتميز به الصفوف ،قال الله تعالى: { مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } [آل عمران:179]. ومنها : استخراج عبودية أوليائه وحزبه في الضراء كما هي في السراء ، وفيما يكرهون كما فيما يحبون ، فإن المسلم إذا ثبت على الطاعة والعبودية في السراء والضراء وفيما يحب وفيما يكره ؛ كانت عبوديته حقة ، وليس كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية . ومنها : أن الله لو نصر المؤمنين في كل موقف وكل موقعة فلربما طغت نفوس أكثر الناس ، وبغوا في الأرض ، ووقع في نفوسهم أن النصر من عندهم وليس من عند الله . ومنها : أنه إذا امتحنهم بالهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا وابتهلوا إلى الله وتضرعوا ، فيستوجبون بذلك من الله النصر والعز . ومنها : أن بلوغ الدرجات العالية في الجنة لا تنال إلا بالأعمال العظيمة ، ومن الناس من لا تبلغ أعمالهم تلك المنازل فيقيض الله لهم من أسباب الابتلاء والامتحان ما يرفع به درجاتهم . ومنها : أن الله يبلغ بعضاً من عباده درجة الشهادة التي هي من أعلى مراتب الأولياء ، ولا تنال هذه الشهادة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها . ومنها : أن الله سبحانه إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم ؛ قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها الهلاك والمحق ، ومن أعظمها بعد كفرهم بغيهم وطغيانهم ومبالغتهم في أذى أوليائه ، ومحاربتهم وقتالهم والتسلط عليهم ، فيكون ذلك سبباً في تعجيل العذاب في الدنيا للكفار وهلاكهم ، كما قال تعالى في بيان الحكمة من غلبة الكفار :{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:141]، قال ابن كثير - رحمه الله - : " وقوله { وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ } ؛ أي فإنهم إذا ظفروا بغوا وبطروا ، فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ومحقهم وفنائهم " (انظر : زاد المعاد ، لابن قيم الجوزية ، ففيه المزيد من الحكم في هذا الباب ). ومنها : تنقية المؤمنين وتخليصهم من الذنوب وآفات النفوس التي قلّما ينفك منها الناس ، كما قال تعالى :{ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ }.. إلى غير ذلك من الحكم والغايات المحمودة (تفسير ابن كثير ، 1/440 ). * وسائل دفع غلبة الكافرين : من أول هذه الوسائل : الإيمان الصادق والاعتقاد السليم ، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ؛ إيماناً لا تخالطه شائبة ، إيماناً مبرءاً من البدع والقصور ، إيماناً يبعث على العمل الذي تتحق به المنجزات . ومنها : الحرص على الطاعة والبعد عن المعصية ، فإن هذا أولى ما تُوجه إليه الهمم بعد الإيمان ؛ بحيث يكون الغالب على جماعة المسلمين الطاعة ، وتكون المعصية منغمرة في جنب ذلك ليس لها ظهور ولا فشو ، فقد قيل للرسول صلى الله عليه وسلم :« أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم ! إذا كَثُر الخبث » (أخرجه البخاري ، كتاب أحاديث الأنبياء ، رقم 3097 ، و مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة ، رقم 5128 ). ولذلك فإن من أهم ما يستحق العناية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقوم بذلك الأفراد والهيئات والدول ، فإن طاعة الله تعالى من أهم ما يجلب للمؤمنين نصره ، وللكافرين الهزيمة والخذلان. ومنها : إعداد العدة المستطاعة لمنازلة العدو ؛ إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، والإسلام لم يطلب منا أن نعد العدة الكاملة القادرة على مواجهة الكفار ، ولكن طلب منا أن نبذل جهدنا واستطاعتنا ، فقال تعالى:{ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } [الأنفال:60]، وذلك أن النصر من عند الله وليس من عند أنفسنا وليس من سلاحنا. ومنها : ترك الوهن والضعف والتخاذل الذي يقضي على كل همّة ، ويجلب الذل والهزيمة في ميادين الجهاد ، وترك الحزن الذي يستحكم في النفوس فيحيلها إلى نفوس هامدة قابعة ليس لها قدرة على المواجهة ، قال تعالى بعد هزيمة المسلمين في أُحد مسلياً لهم ومحرضاً لهم على الثبات: { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران:139]. ومنها : اليقين بأن تسلط الكفار على المسلمين لن يدوم ، وإنما هذا ابتلاء من الله ، وأن الأيام يداولها الله بين الناس، وأن على المسلمين أن يأخذوا بأسباب التغيير التي تغير الأوضاع التي بها تمكن الكفار منهم، قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد:11]. ومنها : اليقين بما وعد الله عباده المؤمنين ، ومن ثم العمل على تحقيق الوعد ، قال الله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً } [النور:55]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها » (أخرجه مسلم ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ، حديث رقم 5144 ). وقال : « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر ، إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله به الإسلام ، وذلاً يذل الله به الكفر » (أخرجه أحمد ، مسند الشاميين ، حديث رقم 16344 ). نسأل الله من فضله أن يجعل ذلك قريباً ، وأن يوفقنا للعمل بالأسباب التي تجعل الدولة للمسلمين على الكافرين. انتظر مشاركات اخرى لك ان شاء الله ![]() |
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() اسمه ونسبه سعيد بن المسيب ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة ، هكذا كما نسبه الذهبي في سير أعلام النبلاء ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضى الله عنه، وقيل لاربع مضين منها بالمدينة . ![]() ذكر طرف من شيوخه ذكر الذهبي في سير الاعلام شيوخ بن المسيب ومعظمهم من الصحابة " رأى عمر، وسمع عثمان، وعليا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى، وسعدا، وعائشة وأبا هريرة، وابن عباس، ومحمد بن مسلمة، وأم سلمة، وخلقا سواهم. وقيل: إنه سمع من عمر. وروى عن أبي بن كعب مرسلا، وبلال كذلك، وسعد بن عبادة كذلك، وأبي ذر وأبي الدرداء كذلك. وروايته عن علي، وسعد، وعثمان، وأبي موسى، وعائشة، وأم شريك، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن عمرو، وأبيه المسيب، وأبي سعيد في " الصحيحين " وعن حسان بن ثابت، وصفوان بن أمية، ومعمربن عبدالله، ومعاوية، وأم سلمة، في صحيح مسلم. وروايته عن جبير بن مطعم وجابر، وغيرهما في البخاري. وروايته عن عمر في السنن الاربعة. وروى أيضا عن زيد بن ثابت، وسراقة بن مالك، وصهيب، والضحاك بن سفيان، وعبد الرحمن بن عثمان التيمي، وروايته عن عتاب بن أسيد في السنن الاربعة، وهو مرسل. وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر الصديق وكان زوج بنت أبي هريرة، وأعلم الناس بحديثه " ا.هـ . ![]() طرف من الرواة عنه أما الرواة عنه فحدث ولا حرج فهم كثر أورد جزءا منهم الذهبي في سير الاعلام " عطاء الخراساني ، وعمرو بن دينار، وعمرو بن مرة ، وقتادة، ومحمد بن صفوان، ومحمد بن عبدالرحمن بن أبي لبيبة، وأبو جعفر محمد بن علي، ومحمد بن عمرو بن عطاء، والزهري، وابن المنكدر ، ويحيى بن سعيد الانصاري , وشريك بن أبي نمر، وعبد الرحمن بن حرملة " ا.هـ باختصار ![]() مكانة بن المسيب كان سعيد بن المسيب أفضل التابعين في زمانه قال الزركلى في كتابه الأعلام " كان أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع " ا.هـ قال الذهبي في سير الاعلام " وكان ممن برز في العلم والعمل " ا.هـ بتصرف قال قتادة: ما رأيت أعلم من سعيد بن المسيب. قال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أحدا أوسع علما من ابن المسيب. عن نافع، أن ابن عمر ذكر سعيد بن المسيب فقال: هو والله أحد المفتين. عن أبي حرملة، عن ابن المسيب قال: ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة . وقد ذكر بن سعد في الطبقات ان الزهرى قال " كان يقال: ليس أحد أعلم بكل ما قضى به عمر وعثمان منه " ا.هـ . وعن قدامة بن موسى، قال: كان ابن المسيب يفتي والصحابة أحياء . وعن محمد بن يحيى بن حبان، قال: كان المقدم في الفتوى في دهره سعيد بن المسيب، ويقال له: فقيه الفقهاء . عن مكحول، قال: سعيد بن المسيب عالم العلماء وعن علي بن الحسين، قال: ابن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، وأفقههم في رأيه وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما كان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه، وكنت أوتى بما عند سعيد بن المسيب عن سعيد بن المسيب قال: ما بقي أحد أعلم بكل قضاء قضاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر وعمر مني. قال مسعر: وأحسبه قال وعثمان ومعاوية. عن يحيى بن سعيد قال: كان يقال بن المسيب راوية عمر. قال الليث بن سعد : لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته. عن شهاب بن عباد العصري قال: حججت فأتينا المدينة فسألنا عن أعلم أهل المدينة فقالوا: سعيد بن المسيب. عن مالك بن أنس قال: كان عمر بن عبد العزيز لا يقضي بقضاه حتى يسأل سعيد بن المسيب، فأرسل إليه إنسانا يسأله فدعاه فجاءه حتى دخل فقال عمر: أخطأ الرسول، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك. عن يحيى بن سعيد قال: كان عبد الله بن عمر إذا سئل عن الشيء يشكل عليه قال: سلوا سعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين. ![]() ذكر طرف من حياته كان سعيد بن المسيب كما تقدم من فقهاء المدينة السبعة وكان يعرف بالعلم والورع والتقوى والخشية فكان يكثر أن يقول في مجالسه : اللهم سلم سلم كما أخبر عن ذلك يحيي بن سعيد القطان وكان رحمه الله من الصوام القوام إذا حكى عنه أنه كان يسرد الصوم سردا - اللهم تقبل صيمانا في شهر الصوم وغيره - . وكان حريصا على صلاة الجماعة أيما حرص حيث اخبر عن نفسه فقال : ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة . وقال أيضا : ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد . وقال أيضا : ما نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة منذ عشرين سنة. ولذلك قال الاوزاعى : كانت لسعيد بن المسيب فضيلة لا نعلمها كان لأحد من التابعين، لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة عشرين منها لم ينظر في أقفية الناس. وحج بن المسيب أربعين حجة كما اخبر عن نفسه . وكانت نفس سعيد بن المسيب أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب ، فلم يكن يبالي بنفسه طالما في رضا ربه ، وهذا هو حب الله كما قال القائل : ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مضجعي . وعن ابن حرملة، قال: حفظت صلاة ابن المسيب وعمله بالنهار، فسألت مولاه عن عمله بالليل، فأخبرني فقال: وكان لا يدع أن يقرأ بصاد والقرآن كل ليلة، فسألته عن ذلك فأخبرني فقال: أن رجلاً من الأنصار صلى إلى شجرة فقرأ بصاد فلما مر بالسجدة سجد وسجدت الشجرة معه فسمعها تقول: اللهم أعطني بهذه السجدة أجراً، وضع عني بها وزراً، وارزقني بها شكراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود. وعن علي بن زيد أنه قال : قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك، ولا يحركك، ولا يؤذيك ؟ قال: والله ما أدري، إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد، فصلى صلاة لايتم ركوعها ولا سجودها، فأخذت كفا من حصى فحصبته بها. قال الحجاج: مازلت بعد أحسن الصلاة وزوج بن المسيب ابنته على درهمين فعن عمران بن عبد الله قال: زوج سعيد بن المسيب بنتا له من شاب من قريش. فلما أمست، قال لها شدي عليك ثيابك واتبعيني، ففعلت، ثم قال: صلي ركعتين، فصلت، ثم أرسل إلى زوجها فوضع يدها في يده وقال: انطلق بها. فذهب بها، فلما رأتها أمه، قالت: من هذه ؟ قال: امرأتي. قالت: وجهي من وجهك حرام إن أفضيت إليها حتى أصنع بها صالح ما يصنع بنساء قريش. فأصلحتها ثم بنى بها . وعن عاصم قال: رأيت سعيد بن المسيب لا يدع ظفره يطول، ورأيت سعيدا يحفي شاربه شبيها بالحلق، ورأيته يصافح كل من لقيه، ورأيت سعيدا يكره كثرة الضحك، ورأيت سعيدا يتوضأ كلما بال وإذا توضأ شبك بين أصابعه. وكان بن المسيب يخشى من فتنة النساء حتى بعد بلوغه الثمانين وأكثر وبعد أن فقد إحداى عينيه ومع ذلك يخاف على نفيه من فتنة النساء عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء. وعن على بن زيد أيضا قال: أخبرنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما شيء أخوف عندي من النساء. وعن عمران بن عبد الله قال: قال سعيد بن المسيب: ما خفت على نفسي شيئا مخافة النساء. قال فقالوا: يا أبا محمد إن مثلك لا يريد النساء ولا تريده النساء، قال: هو ما أقول لكم. قال وكان شيخا كبيرا أعمش. يا الله شيخ كبير جاوز الثمانين ، وقد فقد بصر أحد عينيه ، والاخرى على وشك ، ومع ذلك يخاف على نفسه فتنة النساء ولما لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " أو كما قال صلى الله عليه وسلم فهذا هو الاتباع ، وهذا هو التصديق الجازم والمطلق لكلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ومن المواقف المبهرة ، أنه ذات يوم وهو في مرضه دخل عليه المطلب بن حنظب وكان سعيد مضطجعا ، فسأله المطلب عن حديث فقال: أقعدوني فأقعدوه، قال: إني أكره أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع . رغم مرضه إلا انه الادب مع رسول الله ومع كلام رسول الله ما بال سعيد لو رأى حالنا اليوم !!! ![]() عزة نفس وصدوع بالحق قال الذهبي في سيره " كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم. وكان لا يقبل عطاءهم" ا.هـ. فعن ميمون ابن مهران، قال: قدم عبدالملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلة، واستيقظ، فقال لحاجبه: انظر، هل في المسجد أحد من حداثنا ؟ فخرج فإذا سعيد بن المسيب في حلقته، فقام حيث ينظر إليه، ثم غمزه وأشار بأصبعه، ثم ولى، فلم يتحرك سعيد، فقال: لا أراه فطن، فجاء ودنا منه، ثم غمزه وقال: ألم ترني أشير إليك ؟ قال: وما حاجتك ؟ قال: أجب أمير المؤمنين. فقال: إلي أرسلك ؟ قال: لا، ولكن قال: انظر بعض حداثنا فلم أر أحدا أهيأ منك. قال: اذهب فأعلمه أني لست من حداثه. فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إلا مجنونا، وذهب فأخبر عبدالملك، فقال: ذاك سعيد بن المسيب فدعه. وعن عمران بن عبدالله بن طلحة الخزاعي، قال: حج عبد الملك بن مروان، فلما قدم المدينة، ووقف على باب المسجد أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلا يدعوه ولا يحركه، فأتاه الرسول وقال: أجب أمير المؤمنين، واقف بالباب يريد أن يكلمك. فقال: ما لامير المؤمنين إلي حاجة، ومالي إليه حاجة، وإن حاجته لي لغير مقضية، فرجع الرسول، فأخبره فقال: ارجع فقل له: إنما أريد أن أكلمك، ولا تحركه. فرجع إليه، فقال له: أجب أمير المؤمنين. فرد عليه مثل ما قال أولا. فقال: لولا أنه تقدم إلي فيك ما ذهبت إليه إلا برأسك، يرسل إليك أمير المؤمنين يكلمك تقول مثل هذا ! فقال: إن كان يريد أن يصنع بي خيرا، فهو لك، وإن كان يريد غير ذلك فلا أحل حبوتي حتى يقضي ما هو قاض، فأتاه فأخبره، فقال: رحم الله أبا محمد، أبى إلا صلابة. وزاد عمرو بن عاصم في حديثه : فلما استخلف الوليد، قدم المدينة، فدخل المسجد، فرأى شيخا قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا ؟ قالوا: سعيد بن المسيب، فلما جلس أرسل إليه، فأتاه الرسول فقال: أجب أمير المؤمنين، فقال: لعلك أخطأت باسمي، أو لعله أرسلك إلى غيري، فرد الرسول، فأخبره، فغضب وهم به، قال: وفي الناس يومئذ تقية، فأقبلوا عليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، فقيه المدينة، وشيخ قريش، وصديق أبيك، لم يطمع ملك قبلك أن يأتيه. فما زالوا به حتى أضرب عنه . ![]() ![]() ![]() محنة بن المسيب كانت محنة الامام وسيد التابعين بن المسيب على يد عمال المدينة – حكام المدينة - ، وما كانت محنته إلا لانه يقول الحق فعن محمد بن عمر -وهو الواقدي - قال : حدثنا عبدالله بن جعفر، وغيره من أصحابنا، قالوا: استعمل ابن الزبير جابر بن الاسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة [ لابن الزبير ] فقال سعيد بن المسيب: لا، حتى يجتمع الناس. فضربه ستين سوطا. فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول: مالنا ولسعيد، دعه وعن عبد الواحد بن أبي عون، قال: كان جابر بن الاسود عامل ابن الزبير على المدينة قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، فلما ضرب سعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه: والله ما ربعت على كتاب الله، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، وما هي إلا ليال فاصنع ما بدا لك، فسوف يأتيك ما تكره. فما مكث إلا يسيرا حتى قتل ابن الزبير وعن الواقدي قال : حدثنا عبدالله بن جعفر وغيره أن عبد العزيز بن مروان توفي بمصر سنة أربع وثمانين، فعقد عبدالملك لابنيه: الوليد وسليمان بالعهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان، وعامله يومئذ على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي، فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوا، وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما وقال: حتى أنظر، فضربه هشام ستين سوطا، وطاف به في تبان من شعر، حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به قال: أين تكرون بي ؟ قالوا إلى السجن. فقال: والله لولا أني ظننته الصلب، ما لبست هذا التبان أبدا. فردوه إلى السجن، فحبسه وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه. فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ويقول: سعيد، كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده خلاف . و عن عبدالرحمن بن عبد القاري قال لسعيد بن المسيب حين قامت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة: إني مشير عليك بخصال، قال: ما هن ؟ قال: تعتزل مقامك، فإنك تقوم حيث يراك هشام بن إسماعيل، قال: ماكنت لاغير مقاما قمته منذ أربعين سنة. قال: تخرج معتمرا. قال: ماكنت لانفق مالي وأجهد بدني في شئ ليس لي فيه نية، قال: فما الثالثة ؟ قال: تبايع، قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي ؟ قال - وكان أعمى - قال رجاء: فدعاه هشام بن إسماعيل إلى البيعة، فأبى، فكتب فيه إلى عبدالملك. فكتب إليه عبد الملك: مالك ولسعيد، ما كان علينا منه شئ نكرهه، فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر، وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس. فدعاه هشام فأبى وقال: لا أبايع لاثنين. فألبسه تبان شعر، وضربه ثلاثين سوطا، وأوقفه للناس. فحدثني الايليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة قالوا: علمنا أنه لا يلبس التبان طائعا، قلنا له: يا أبا محمد، إنه القتل، فاستر عورتك، قال: فلبسه، فلما ضرب تبين له أنا خدعناه، قال: يا معجلة أهل أيلة، لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته . وعن سلام بن مسكين قال: حدثنا عمران قال: كان لسعيد بن المسيب في بيت المال بضعة وثلاثون ألفا عطاءه، فكان يدعى إليها فيأبى ويقول: لا حاجة لي فيها حتى يحكم الله بيني وبين بني مروان. وعن قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن رجل من آل عمر قال: قيل لسعيد بن المسيب ادع على بني أمية، فقال: اللهم أعز دينك وأظهر أولياءك وأخز أعداءك في عافية لأمة محمد، صلى الله عليه وسلم. ![]() بن المسيب والتعبير- تفسير الأحلام - قال الواقدي: كان سعيد من المسيب من أعبر الناس للرؤيا، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأخذته أسماء عن أبيها . نذكر منها بعض ما ذكره بن سعد في الطبقات عن عمر بن حبيب بن قليع قال: كنت جالسا عند سعيد بن المسيب يوما وقد ضاقت علي الأشياء ورهقني دين، فجلست إلى بن المسيب وما أدري أين أذهب، فجاءه رجل فقال: يا أبا محمد إني رأيت رؤيا، قال: ما هي؟ قال: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلى الأرض ثم بطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد. قال:ما أنت رأيتها، قال: بلى أنا رأيتها، قال: لا أخبرك أو تخبرني، قال: بن الزبير رآها وهو بعثني إليك. قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك بن مروان وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة. قال فدخلت إلى عبد الملك بن مروان بالشام فأخبرته بذلك عن سعيد بن المسيب فسره وسألني عن سعيد وعن حاله فأخبرته، وأمر لي بقضاء ديني وأصبت منه خيرا. عن مسلم الخياط قال: قال رجل لابن المسيب إني أراني أبول في يدي، فقال: اتق الله فإن تحتك ذات محرم. فنظر فإذا امرأة بينها وبينه رضاع. وجاءه آخر فقال: يا أبا محمد إني أرى كأني أبول في أصل زيتونة. قال: انظر من تحتك، تحتك ذات محرم. فنظر فإذا امرأة لا يحل له نكاحها. عن مسلم الخياط عن بن المسيب قال: قال له رجل إني رأيت حمامة وقعت على المنارة منارة المسجد. فقال: يتزوج الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. عن مسلم الخياط قال: جاء رجل إلى بن المسيب فقال إني أرى أن تيسا أقبل يشتد من الثنية. فقال: اذبح اذبح. قال: ذبحت، قال: مات بن أم صلاء. فما برح حتى جاءه الخبر أنه قد مات. قال محمد بن عمر: وكان بن أم صلاء رجلا من موالي أهل المدينة يسعى بالناس. وعن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب قال : قال رجل من فهم لابن المسيب إنه يرى في النوم كأنه يخوض النار. فقال: إن صدقت رؤياك لا تموت حتى تركب البحر وتموت قتلا. قال فركب البحر فأشفى على الهلكة وقتل يوم قديد بالسيف. عن مسلم الخياط عن بن المسيب قال: الكبل في النوم ثبات في الدين. قال وقال له رجل: يا أبا محمد إني رأيت كأني جالس في الظل فقمت إلى الشمس. فقال بن المسيب: والله لئن صدقت رؤياك لتخرجن من الإسلام. قال: يا أبا محمد إني أراني أخرجت حتى أدخلت في الشمس فخسلت. قال: تكره على الكفر. قال فخرج في زمان عبد الملك بن مروان فأسر فأكره على الكفر فرجع ثم قدم المدينة وكان يخبر بهذا. ![]() طرف من أقواله الحقيقة سعيد بن المسيب له كلمات في غاية الروعة والجمال ، كلمات رقراقة عذبة تخترق القلب وتنقش على صفحته كلمات ترتاح لها النفوس ، ولولا أني لا أريد الاطالة لذكرت جملة كبيرة من كلماته لكني أقتبس لكم خمس كلمات من كلمته العذبة الجميلة عن سعيد بن المسيب، قال: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة. خالد بن داود عن سعيد بن المسيب، قال: وسألته ما يقطع الصلاة? قال: الفجور ويسترها التقوى . و عن سعيد بن المسيب، قال: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله. وعنه كان يقول: يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله. الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته . عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب لتفسيره أنه كان للأوابين غفوراً، قال: الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ولا يعود في شيء قصداً. ![]() وفاة بن المسيب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: أوصيت أهلي إذا حضرني الموت بثلاث: ألا يتبعني راجز ولا نار وأن يعجل بي فإن يكن لي عند ربي خير فهو خير مما عندكم. عن أبي حازم قال: قال سعيد بن المسيب في مرضه الذي مات فيه: إذا مت فلا تضربوا على قبري فسطاطا، ولا تحملوني على قطيفة حمراء، ولا تتبعوني بنار، ولا تؤذنوا بي أحدا، حسبي من يبلغني ربي ولا يتبعني راجزهم هذا. عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي قال: اشتكى سعيد بن المسيب فاشتد وجعه فدخل عليه نافع بن جبير بن مطعم يعوده فأغمي عليه فقال نافع بن جبير بن مطعم: وجهوا فراشه إلى القبلة، ففعلوا فأفاق فقال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى القبلة، أنافع بن جبير أمركم؟ فقال نافع: نعم، فقال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة ولا ينفعني توجيهكم فراشي. عن زرعة بن عبد الرحمن قال: شهدت سعيد بن المسيب يوم مات يقول: يا زرعة إني أشهدك على ابني محمد لا يؤذنن بي أحدا، حسبي أربعة يحملوني إلى ربي ولا تتبعني صائحة تقول في ما ليس في. عن يحيى بن سعيد قال: لما حضر سعيد بن المسيب الموت ترك دنانير فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها حسبي وديني. عن عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة قال: شهدت سعيد بن المسيب يوم مات فرأيت قبره قد رش عليه الماء. وقال الهيثم بن عدي: مات في سنة أربع وتسعين عدة فقهاء، منهم سعيد بن المسيب. ![]() .......... **منقول بتصرف **
__________________
![]() |
#10
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك اختنا الكريمة
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |