|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() إن من أجَّلِ نعم الله علينا، ومن رحمته بنا، أن ضمن لنا رزقنا وأجلنا وأحاطه بعنايته ورعايته وجعله محفوظًا في السماوات العلا، بعيدًا عن ظلم الظالمين وعبث العابثين، فقال سبحانه ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)﴾ (الذاريات), فلا تصل إليهما يد ظالم ولا جبار وجعل سبحانه خزائن رحمته وفضله مفاتيحها في يده عز وجل فهو وحده المعطي الوهاب فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ﴿مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (فاطر: من الآية 2).
ولكن كثيرًا من الناس بآيات الله يجحدون، وعن نعمه غافلون، وفي عطائه ومنعه وقدرته يشُكُّون، فهم في ريبهم يترددون، يعتذرون عن طاعة الله والاستقامة على طريقه مخافة أن يصاب في نعيمه بالنقصان، أو الحرمان من جزرة السلطان, يخاف أن يأتيه من فرعون أو هامان سوط يؤذيه أو بطش يرديه، فارتضى الذل في عيشه والاستكانة في مسلكه, وأصبح بين الناس لا يرى، لا يسمع، لا يتكلم، فهو يعيش بجوار الحائط أو بداخله فذلك لا يهم، المهم أن تمر الأيام بسلام, حتى يستطيع كسب المال وتربية العيال، وضمان مستقبلهم حتى ولو كان هذا المستقبل داخل الحائط أو تحته, فالمستقبل في الحرص على السلامة ولزوم الاستكانة فبهما لا تزول النعم ولا تحدث النقم. هذا المنطق المغلوط والمعكوس سبقهم فيه أبو جهل وأبو لهب وشيبة وعتبة والحارث بن عثمان بن نوفل وصناديد الكفر من قريش, فقالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم ما بيَّنه الله في كتابه العزيز: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57)﴾ (القصص)، فاعتذروا عن اتباع الهدى حرصًا على مكاسبهم، وخوفًا على مصالحهم، فطريق الجنة محفوف بالمكاره, وهم ليس لهم صبر على تحمل هذه المكاره، فقد يكون فيها أذىً من العباد، أو ضياع رزق الأولاد، أو الحرمان من وظيفة أو الإبعاد عنها، أو عدم الحصول على الحوافز، قال القرطبي في تفسيره لهذه الآية: (هذا قول مشركي مكة قال ابن عباس: قائل ذلك من قريش الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف القرشي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لنعلم أن قولك حق، ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك، ونؤمن بك، مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا- يعني مكة- لاجتماعهم على خلافنا، ولا طاقة لنا بهم وكان هذا من تعللاتهم فأجاب الله تعالى عما اعتل به فقال: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾ أي ذا أمن. وذلك أن العرب كانت في الجاهلية يغير بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضًا، وأهل مكة آمنون حيث كانوا بحرمة الحرم، فأخبر أنه قد أمنهم بحرمة البيت، ومنع عنهم عدوهم، فلا يخافون أن تستحل العرب حرمة في قتالهم ثم إنه ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، أي يجمع إليه ثمرات كل أرض وبلد. هذا هو المنطق المعكوس لقريش التي تعيش آمنة في ظل بيت الله الآمن، فالكفر عندها هو الذي يحقق الأمن والأمان، أما الإسلام والهدى والإيمان فإنه يؤدي إلى نقيض هذا الأمان، فيعرضهم للمخافة، ويغري بهم الأعداء، ويفقدهم العون والنصير، بل ويعود عليهم بالفقر والبوار. هذا القول القرشي الباطل، يردده الكثيرون هذه الأيام... فإذا ما دعوا إلى الإيمان والالتزام بالإسلام في جميع جوانب الحياة, قالوا لك بمنطق قريش ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾، إن تطبيقنا للإسلام سيؤلب علينا الدنيا قاصيها ودانيها, سيفقدنا الأمن والأمان؛ سيثير علينا الحروب والفتن ما ظهر منها وما بطن، وستحاربنا الدول الكافرة جميعها، وسنخسر ودها ودعمها، وفي النهاية إن تطبيق الإسلام سيجر علينا كل الويلات. إن هذا المنطق المعكوس- القديم والحديث- يجب أن نقف عنده وقفة تأمل كبرى في مسيرتنا نحن المسلمين اليوم, نستقيها مما حدث لقريش نفسها, فإن قريشًا لمًّا آمنت ولبت داعي الهدى ودخلت في دين الله أفواجًا مع غيرها من القبائل, ما زال أمنها ولا زاد خوفها, ولا تسلطت عليها الأمم الكبرى من حولها, وإنما رجع إليها أمنها أقوى مما كان, وسيطرت على مشارق الأرض ومغاربها في ربع قرن أو أقل من الزمان, وصارت- بما معها من عقيدة ومنهج حياة- تنشر الأمن والعدل في كل الدنيا من حولها. ومع أن الحياة دروس وعبر إلا أن كثيرًا من خلق الله لا يعتبر, لضعف في إيمانهم وفي فهمهم وتصورهم, ضعف في يقينهم بربهم الذي خلقهم ورزقهم وصورهم وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ (إبراهيم: من الآية 34), ولو أنهم وثقوا في ربهم وتمكن الإيمان من قلوبهم لتغيرت نظرتهم وتقديرهم، ولتبدَّلت أفهامهم وأحكامهم, واستيقنوا من وعد ربهم الحفيظ الرحيم: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (يوسف: من الآية 64)، فالأمن والحفظ في اللجوء إلى الله والحمى بحماه, والخوف كل الخوف في البعد عن الله, فالله وحده هو النافع، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع, وهو القاهر فوق عباده وهو اللطيف الخبير. وأصحاب الدعوات فروا إلى الله ولجأوا إليه واحتموا بحماه, ولم يَلِجوا إلا بابه, ولم يخشوا إلا عذابه, ولم يطمعوا إلا في ثوابه, ولم يقفوا إلا على أعتابه, ولم يخضعوا إلا لعظمته, ولم يهابوا إلا سطوته, ولم يطلبوا إلا رحمته, وهم من ناحية أخرى فرحون بما آتاهم الله من فضله، ويتنعمون بالبذل والعطاء لدعوة الله, ويعلمون أن ما يعانونه من تعب ونصب وتضييق ومشقة في سبيل دعوتهم ونصرة دينهم علامة أنهم على الحق, فهذه سنة الدعوات وإن رأى الناس غير ذلك. وما يزال أصحاب الدعوات على دربهم سائرين، مهما كاد المبطلون، وزاد في ظلمهم الظالمون، وامتلأت بالصالحين السجون، ومهما انتفش الباطل وعلا, وتوسَّد السفهاء المراتب والذرى, فيقين أهل الحق في ربهم لا ينقضي, وجباههم لغيره لن تنحني, ولن تمل الألسن الشامخات عن الذكر والتذكير والنصح الوفي, وسينقضي الليل البهيم وإن تمدد واتسع, فسينحسر وسينجلي, فإن بعد العسر يسرًا, إن بعد العسر يسرًا. سيظل طلاب الشهادة في ميدانهم مرابطين، وعلى الحق ظاهرين، لن تثنيهم مداهمات البيوت، أو أوامر الاعتقال، أو الحديد والنار, ولو أعادوا أمر الاعتقال, ولو حوكموا في مدنية أو عسكرية, ستظل ألسنتهم بالحق ناطقة أبية, لا يخشون في الله لومة لائم, هممهم عالية، غاياتهم سامية, الله وحده أن يعبد، وشريعته أن تَحكُم, ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يُقتدَى ويُفتدَى, وحياتهم وهبوها للوهَّاب, وسبيلهم فيها الجهاد, وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر, أرواحهم على أكفهم يقدمونها رخيصة للرحمن, طمعًا في جنة الرضوان, يوم يعرضون لا تخفى منهم خافية, ويختصمون مع فرعون وهامان وجنودهما أمام الديَّان, ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227),﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (الإسراء: من الآية 51). وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين. ------------------ |
#2
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرا كثيرا اخي الكريم ابو مصعب فعلا هذا المفهوم اصبح كغزو فكري عندنا مثل الاب يقول لابنه لا تربي لحيتك لانه يخاف من شكل السنة ويخاف من التطرف الي اخره والام تقف امام ابنتها في ارتداء النقاب والخمار من اجل الزواج.. واصبحت الاسرة المسلمة ترحب بكل ما هو حرام .. ولا حول ولا قوة الا بالله.. وفعلا نحن في زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك
وجزاك كل خير ![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك اخي الحبيب على الطرح المبارك
جعله الله في ميزان حسناتك بالتوفيق |
#5
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
والشكر موصول لاخواتى الكريمات دعوتنا الاخوان-اخت مسلمة بورك مروركن |
#6
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك وفي طرحك المتميز والجاد اخي الغالي ابو مصعب ,نرجو من الله الاخلاص في القول والعمل ونرجوه ان يوفقنا لخدمة ديننا واسلامنا الحنيف والى الامام دمتم بحفظ الله ورعايته
|
#7
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
بورك مرورك سيدى ولا تحرمنا من طلتتك واشراقتك وانى احبك فى الله |
#8
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك على مشاركاتك الطيبة
|
#9
|
|||
|
|||
![]() جزيتى خيرا اختاه لمرورك
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |