أقسام الخلق في منازل "إياك نعبد وإياك نستعين" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1094 - عددالزوار : 127816 )           »          أدركتني دعوة أمي! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية .. روائع الأوقاف في الصحة العامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حقيقة الإسلام ومحاسنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          المرأة .. والتنمية الاقتصادية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أسباب الثبات على الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 4795 )           »          مفاسد الغفلة وصفات أصحابها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          من جهود علماء الكويت في ترسيخ عقيدة السلف الصالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سفراء الدين والوطن .. الابتعاث فرص تعليمية وتحديات ثقافية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-02-2023, 02:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,734
الدولة : Egypt
افتراضي أقسام الخلق في منازل "إياك نعبد وإياك نستعين"

أقسام الخلق في منازل "إياك نعبد وإياك نستعين"
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي


إذا علم هذا فلا بدَّ أن يُعلم بأنَّ النَّاسَ في هذين الأصلين - وهما العبادة والاستعانة - أربعةُ أقسام[1]:القسم الأوَّل: المؤمنون المتَّقون الذين جمعوا بين الأمرين، فهم يعبدونَ الله ويستعينُون به، وهؤلاء قامت جوارحُهم بالأسباب واعتمد قلبُهم على مسبِّبِ الأسباب - سبحانه وتعالى - فَعِبَادَةُ اللَّهِ غَايَةُ مُرَادِهِمْ، وَطَلَبُهُمْ مِنْهُ أَنْ يُعِينَهُمْ عَلَيْهَا، وَيُوَفِّقَهُمْ لِلْقِيَامِ بِهَا، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أَفْضَلِ مَا يُسْأَلُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْإِعَانَةُ عَلَى مَرْضَاتِهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِحِبِّهِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَلَا تَنْسَ أَنْ تَقُولَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

فَأَنْفَعُ الدُّعَاءِ طَلَبُ الْعَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ، وَأَفْضَلُ الْمَوَاهِبِ إِسْعَافُهُ بِهَذَا الْمَطْلُوبِ، وَجَمِيعُ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ مَدَارُهَا عَلَى هَذَا، وَعَلَى دَفْعِ مَا يُضَادُّهُ، وَعَلَى تَكْمِيلِهِ وَتَيْسِيرِ أَسْبَابِهِ، فَتَأَمَّلْهَا.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِابْنُ تَيْمِيَّةَ -قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ-: تَأَمَّلْتُ أَنْفَعَ الدُّعَاءِ فَإِذَا هُوَ سُؤَالُ الْعَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ (الفاتحة: 5)[2].

وحالة المتوكِّل على الله تشبه حَالَةَ الطِّفْلِ مَعَ أَبَوَيْهِ فِيمَا يَنْوِيهِ مِنْ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ...، فَانْظُرْ فِي تَجَرُّدِ قَلْبِهِ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ أَبَوَيْهِ، وَحَبْسِ هَمِّهِ عَلَى إِنْزَالِ مَا يَنْوِيهِ بِهِمَا، فَهَذِهِ حَالُ الْمُتَوَكِّلِ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا مَعَ اللَّهِ فَاللَّهُ كَافِيهِ وَلَا بُدَّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: 3)؛ أَيْ: كَافِيه[3].

تنبيه:
قال شيخنا الفقيه العلامة ابنُ عثيمين (ت 1421هـ) - رحمه الله-: وأعلى المراتب: الأولى أن تجمع بين العبادة والاستعانة، ولننظر في حالنا الآن - وأنا أتكلَّمُ عن حالي - دائمًا نغلِّب جانب العبادة، فتجد الإنسان يتوضَّأ وليس في نفسه شعورٌ أنْ يستعينَ اللهَ على وضوئِه، ويصلِّي وليس في نفسه شعورٌ أنْ يستعينَ اللهَ على الصَّلاة، وأنَّه إنْ لَمْ يُعِنْهُ ما صلَّى... فإذا صلَّيتَ مثلًا وشعرتَ أنَّك تصلِّي لكن بمعونةِ الله، وأنَّه لولا معونةُ الله ما صلَّيتَ، وأنَّك مفتقرٌ إلى اللهِ أن يعينَكَ حتَّى تصلِّيَ وتتمَّ الصَّلاةَ، حَصَّلْتَ عبادتين: الصَّلاةَ والاستعانةَ...[4].

القسم الثَّاني: من لا عبادةَ ولا استعانةَ لهم، وهؤلاء هم الملحدون من المادِّيين والعقلانيِّين - والعياذُ بالله- وهؤلاء وقعوا في الشِّرك؛ لأنَّهم أثبتُوا مُوجدًا مع الله مستقلًّا بالضر والنفع، وهذا باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع، كما أن الأسباب قد تتخلَّف عن مسبِّباتها بإذن الله كما يشهد لذلك الحسُّ، والواحدُ من هؤلاء إن استعان بالله وسأله، فعلى حظوظه وشهواته، لا على مرضاة ربِّه وحقوقه، واللهُ سُبْحَانَهُ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَسْأَلُهُ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ، وَيَمُدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَأَبْغَضُ خَلْقِهِ عَدُّوُهُ إِبْلِيسُ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ سَأَلَهُ حَاجَةً فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَمَتَّعَهُ بِهَا، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَوْنًا لَهُ عَلَى مَرْضَاتِهِ، كَانَتْ زِيَادَةً لَهُ فِي شِقْوَتِهِ، وَبُعْدِهِ عَنِ اللَّهِ وَطَرْدِهِ عَنْهُ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنِ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى أَمْرٍ وَسَأَلَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَوْنًا عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُبْعِدًا لَهُ عَنْ مَرْضَاتِهِ، قَاطِعًا لَهُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ[5].

القسم الثَّالث:من لهم نوعُ عبادةٍ بلاَ استعانةٍ، فحظُّهم ناقصٌ من التَّوكلِ والاستعانةِ به، ولهؤلاء من الخُذلانِ والضّعفِ والعجزِ بحسَبِ قلَّةِ استعانتِهم وتوكُّلهم، وَهَؤُلَاءِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: من نفى تأثير الأسباب بالكليَّة: وهم القدريَّة الجبْرية الذين جعلوا العبد مجبورًا على أفعاله، وأنَّ حركاته جميعًا حركات اضطراريَّة كالورقة في مهبِّ الرِّيح، وهؤلاء يرون أنَّ الأسباب لا تأثير لها في مسبِّباتها، فالله لم يجعل في الأسباب قُوًى وطبائعَ تؤثِّر، وهذا الموقف فاسد باطل مخالف للكتاب والسنَّة والإجماع.

وقد وصف العلماء هذا القول بأنَّه (قدح في العقل).

النَّوْعُ الثَّانِي: من أعرض عن الأسباب بالكليِّة: كحال غالب الصُّوفيَّة، فهم لا يرون تحقيق التَّوكُّلِ إلَّا في ترك الأسباب بالكليَّة، فتركوا التَّكسُّب والعمل والاحتراز والاحتياط والتَّزوُّد في السَّفر والطَّعام، ويرون ذلك كلَّه منافيًا للتَّوكُّل، ولهم شبه ضعيفة أجاب عنها العلماء، وقد وصف العلماء هذا القول بأنَّه (قدح في الشَّرع).

فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ التَّوْفِيقِ وَالنُّفُوذِ وَالتَّأْثِيرِ، بِحَسَبِ اسْتِعَانَتِهِمْ وَتَوَكُّلِهِمْ، وَلَهُمْ مِنَ الْخِذْلَانِ وَالضَّعْفِ وَالْمَهَانَةِ وَالْعَجْزِ بِحَسَبِ قِلَّةِ اسْتِعَانَتِهِمْ وَتَوَكُّلِهِمْ[6].

القسم الرَّابع:من عندهم استعانةٌ بلا عبادة؛ وهؤلاء استعانوا بربِّهم، لكن ما استعانوا به على العبادة، وإنما استعانوا به على الدِّرهم والدِّينار، واستعانوا به على الدُّنيا، والواحد منهم قد شَهِدَ تَفَرُّدَ اللَّهِ بِالنَّفْعِ وَالضُّرِّ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلَمْ يَدُرْ مَعَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، فَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى حُظُوظِهِ وَشَهَوَاتِهِ وَأَغْرَاضِهِ، وَطَلَبَهَا مِنْهُ، وَأَنْزَلَهَا بِهِ، فَقُضِيَتْ لَهُ، وَأُسْعِفَ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ أمْوَالًا أَوْ رِيَاسَةً أَوْ جَاهًا عِنْدَ الْخَلْقِ، أَوْ أَحْوَالًا مِنْ كَشْفٍ وَتَأْثِيرٍ وَقُوَّةٍ وَتَمْكِينٍ، وَلَكِنْ لَا عَاقِبَةَ لَهُ، فَإِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُلْكِ الظَّاهِرِ، وَالْأَمْوَالُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ، فَضْلًا عَنِ الْوِلَايَةِ وَالْقُرْبِ مِنَ اللَّه[7].

ولعل في هذا كفاية، والحمد لله رب العالمين.

[1] التّدمرية (234-235)، ومجموع الفتاوى (3/ 124) وما بعدها، ومدارج السَّالكين (1/ 99) وما بعدها، وأعلام الموقعين (2/ 123).

[2] مدارج السَّالكين (1/ 100).

[3] مدارج السَّالكين (1/ 103).

[4] شرح الأصول من علم الأصول (190-191). شرح الأصول من علم الأصول المؤلف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) الناشر: دار ابن الجوزي الطبعة: الرابعة، 1430 هـ - 2009 م عدد الأجزاء: 1.

[5] مدارج السَّالكين (1/ 100).

[6] مدارج السَّالكين (1/ 102-103).

[7] مدارج السَّالكين (1/ 103).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.98 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]