حديث: من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213624 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-02-2022, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي حديث: من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا

حديث: من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك



عن ثابت بن الضحاك الأنصاري - رضي الله عنه - أنه بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – تحت الشجرة، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملِك".

وفي رواية: "لعن المومن كقتله".

وفي رواية: "من ادعى دعوى كاذبة ليستكثر بها لم يزده الله إلا قلة".

قوله: (من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال).

قال الحافظ: (الملة: الدين والشريعة، وهي نكرة في سياق الشرط، فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية، ومن لحق بهم من المجوسية والصابئة، وأهل الأوثان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة وغيرهم.

قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال: أكفر بالله ونحو ذلك، إن فعلت ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة، وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه، ولا يكون كافرًا إلا أن أضمر ذلك بقلبه، وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق هو يمين، وعليه الكفارة، قال ابن المنذر: والأول أصح لقوله: مَن حلف باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ولم يذكر كفارة زاد غيره، ولذا قال: من حلف بملة غير الإسلام، فهو كما قال، فأراد التغليظ في ذلك؛ حتى لا يجترئ أحد عليه، وقال بعض الشافعية: ظاهر الحديث أنه يحكم عليه بالكفر إذا كان كاذبًا، والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التعليق، فينظر فإن كان أراد أن يكون متصفًا بذلك كفر؛ لأن إرادة الكفر كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر، قال عياض: يستفاد منها أن الحالف المتعمد إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كاذب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه، لم يكفر، وإن قاله معتقدًا لليمين بتلك الملة، لكونها حقًّا كفر، وإن قالها لمجرد التعظيم لها احتُمِلَ)[1].

قال الحافظ: (وينقدح بأن يقال: إن أراد تعظيمها باعتبار ما كانت قبل النسخ، لم يكفر أيضًا، قال: ولهذه الخصلة في حديث ثابت بن الضحاك شاهد من حديث بريدة أخرجه النسائي وصححه من طريق الحسين بن واقد عن عبدالله بن بريدة عن أبيه رفعه من قال: إني بريء من الإسلام فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا لم يعد إلى الإسلام سالِمًا؛ يعني إذا حلف بذلك.

قوله: (ومن قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة)، وفي رواية: "عذب به في نار جهنم".

قال ابن دقيق العيد: هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم؛ لأن نفسه ليست ملكًا له مطلقًا، بل هي لله تعالى، فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه)[2].
قوله: (وليس على رجل نذر فيما لا يملك).

وأخرج مسلم من حديث عمران بن حصين في قصة المرأة التي كانت أسيرة، فهربت على ناقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فان الذين أسروا المرأة انتهبوها، فنذرت إن سلمت أن تنحرها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم، ولأبي داود من حديث عمر بلفظ: لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة رحم ولا فيما لا يملك.

قال الحافظ: واختلف فيمن وقَع منه النذر في ذلك هل تجب فيه كفارة، فقال الجمهور: لا، وعن أحمد والثوري وإسحاق وبعض الشافعية والحنفية: نعم، ونقل الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك كالقولين، واتفقوا على تحريم النذر في المعصية، واختلافهم إنما هو في وجوب الكفارة، واحتج من أوجبها بحديث عائشة لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين، أخرجه أصحاب السنن، قال: واستدل بحديث لا نذر في معصية لصحة النذر في المباح؛ لأن فيه نفي النذر في المعصية، فبقِي ما عداه ثابتًا، واحتج من قال أنه يزرع في المباح بما أخرجه أبو داود من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأخرجه أحمد والترمذي من حديث بريدة أن امرأة قالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، فقال: أوفِ بنذرك، وزاد في حديث بريدة، إن ذلك وقت خروجه في غزوة، فنذرت إن رده الله تعالى سالِمًا، وفي رواية أحمد في حديث بريدة إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا[3].

قال الحافظ: وقد اختلف في جواز الضرب بالدف في غير النكاح والختان، ورجح الرافعي في المحرر، وتبعه في المنهاج الإباحة، والحديث حجة في ذلك.

قوله: (لعن المؤمن كقتله)؛ أي: لأنه إذا لعنه فكأنه دعا عليه بالهلاك، وقيل: يشبهه في الإثم[4]. والله أعلم.

تتمة:
قال في الاختيارات: الحالف لا بد له من شيئين من كراهة الشرط وكراهة الجزاء عند الشرط، ومن لم يكن كذلك لم يكن حالفًا سواء قصده الحض والمنع أو لم يكن، قال أصحابنا: فإن حلف باسم من أسماء الله تعالى التي قد يسمى بها غيره وإطلاقه ينصرف إلى الله تعالى، فهو يمين إن نوى به الله أو أطلق، وإن نوى غيره فليس بيمين، قال أبو العباس: هذا من التأويل؛ لأنه نوى خلاف الظاهر، فإن كان ظالِمًا لم تنفعه وتنفع المظلوم، وفي غيرهما وجهان؛ إذ الكلام المحلوف به كالمحلوف عليه، وأظن أن كلام أحمد في المحلوف به نصًّا، قال في "المحرر": فإن قال اسم الله مع الواو أو عدمه أو منصوبًا مع الواو، ويعني في القسم باسم، فهو يمين إلا أن يكون من أهل العربية ولا يريد اليمين.

قال أبو العباس: يتوجه فيمن يعرف العربية إذا أطلق وجهان؛ كما جاء في "الحاسب" و"النحوي" في الطلاق؛ كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة في اثنين، ويتوجه أن هذا يمين بكل حال؛ لأن ربطه جملة القسم يوجب في اللغة أن يكون يمينًا، لكنه لحن لحنًا لا يحيل المعنى، بخلاف مسألة الطلاق قال في "المحرر": وإن قال إيمان البيعة لازمة لي أو تلزمني إن فعلت كذا، فهذه يمين رتبها الحجاج، تتضمن اليمين بالله تعالى، والطلاق والعتاق وصدقة المال، فإن عرفها الحالف ونواها، انعقدت يمينه بما فيها وإلا فلا، وقيل: تنعقد إذا نواها وإن لم يعرفها، وقيل: لا تنعقد إلا بما عدا اليمين بالله بشرط النية، قال أبو العباس: قياس إبمان المسلمين تلزمني أنه عرف إيمان البيعة انعقدت بلا نية، ويتوجه أيضًا أنها تلزمه بكل حال يعرفها وهو مقتضى قول الخرقي وابن بطة.

ثم قال صاحب "المحرر": ولو قال إيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا، ألزمه يمين الظهار والطلاق والعتاق والنذر واليمين بالله، نوى ذلك أو لم ينو؛ ذكره القاضي، وقيل: لا يتناوله اليمين بالله تعالى.

قال أبو العباس: قياس إبمان البيعة تلزمني ألا تنعقد إبمان المسلمين تلزمني إلا بالنية وجمع المسلمين.

كما ذكره صاحب المحرر كأنه من طريقين ولو قال: عليَّ لأفعلنَّ فيمين، لأن هذه لام القسم، فلا تذكر إلا معه مظهرًا أو مقدرًا.

قال في "المحرر": وإن عقدها يظن صدق نفسه، فبان بخلافه، فهو كمن حلف على عدم فعل شيء في المستقبل، ففعله ناسيًا.

قال أبو العباس: وهذا ذهول؛ لأن أبا حنيفة ومالكًا يحنثان الناسي ولا يحنثان هذا؛ لأن تلك اليمين انعقدت بلا شك، وهذه لم تنعقد، ولم يقل أحد: إن اليمين على شيء تغيِّره عن صفته، بحيث توجب إبجابًا أو تحرم تحريمًا لا ترفعه الكفارة، ويجب إبرار القسم على معين، ويحرم الحلف بغير الله تعالى وهو ظاهر المذهب، وعن ابن مسعود وغيره: لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا.

قال أبو العباس: لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك، واختلف كلام أبي العباس في الحلف بالطلاق، فاختار في موضع آخر أنه لا يكره وأنه قول غير واحد من أصحابنا؛ لأنه لم يحلف بمخلوق ولم يلتزم لغير الله شيئًا، وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر والالتزام به، بدليل النذر له واليمين به، ولهذا لم تنكر الصحابة على من حلف بذلك، كما أنكروا على من حلف بالكعبة والعهود والعقود متقاربة المعنى أو متفقة، فإذا قال: أعاهد الله أني أحج العام، فهو نذر وعهد ويمين، وإن قال: لا أكلم زيدًا فيمين وعهد لا نذر، فالأيمان تضمنت معنى النذر، وهو أن يلتزم لله قربة لزمه الوفاء، وهي عقد وعهد ومعاهدة لله؛ لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه، وإن تضمنت معنى العقود التي بين الناس، وهو أن يلتزم كل من المتعاقدين للآخر ما اتفقا عليه، فمعاقدة ومعاهدة يلزم الوفاء بها إن كان العقد لازمًا، وإن لم يكن لازمًا خير، وهذه أيمان بنص القرآن، ولم يعرض لها ما يحل عقدتها إجماعًا، ولو حلف لا يغدر، فغدر كفر للقسم إلا لعذر مع أن الكفارة لا ترفع إثمه، ومن كرر أيمانًا قبل التكفير، فروايتان ثالثها وهو الصحيح: إن كانت على فعل فكفارة، وإلا فكفارتان، ومثل ذلك الحلف بنذور مكفرة وطلاق مكفر، ولا يجوز التعريض لغير ظالم، وهو قول بعض العلماء كما لظالم بلا حاجة، ولأنه تدليس كتدليس المبيع، وقد كره أحمد التدليس، وقال: لا يعجبني، ونصه: لا يجوز التعريض مع اليمين ولو حلف ليتزوجنَّ على امرأته، المنصوص عن أحمد لا يبر حتى يتزوج ويدخل بها، ولا يشترط مباشرتها، والكلام يتضمن فعلًا كالحركة، ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني، ولهذا يجعل القول قسيمًا للفعل تارة وقسمًا منه أخرى، وبنى عليه من حلف لا يعمل عملًا، فقال قولًا كالقراءة ونحوها، هل يحنث، وفيه وجهان في مذهب أحمد وغيره، والزيارة ليست سكنى اتفاقًا ولو طالت مدتها[5].

وقال في الاختيارات أيضًا: وإذا حلف على معين موصوف بصفة، فبان موصوفًا بغيرها؛ كقوله: والله لا أكلم هذا الصبي فتبين شيخًا أو لا أشرب من هذا الخمر فتبين خلًا أوكان الحالف يعتقد أن المخاطب يفعل المحلوف عليه لاعتقاده أنه ممن لا يخالفه إذا أكد عليه ولا يحنثه أو لكون الزوجة قريبته وهو لا يختار تطليقها، ثم تبيَّن أنه كان غالطًا في اعتقاده، فهذه المسألة وشبهها فيها نزاع، والأشبه أنه لا يقع كما لو لَقِيَ امرأة ظنها أجنبية، فقال: أنت طالق، فتبيَّن أنها امرأته، فإنها لا تطلق على الصحيح؛ إذ الاعتبار بما قصده في قلبه وهو قصد معينًا موصوفًا، ليس هو هذا العين، وكذا لا حنث عليه إذا حلف على غيره ليفعلنَّه، فخالفه إذا قصد إكرامه لا إلزامه به؛ لأنه كالأمر إذا فهم منه الإكرام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر بالوقوف في الصف ولم يقف، ويتوجه أن يفرق بين المخالفة في الذات والمخالفة في الصفات، كما فرق بينهما في صحة العقد وفساده، ولو حلف لا يدخل الدار، فأدخل بعض جسده، فهل يحنث على روايتين، ويتوجه أن يفرق بين أن يكون المقصود تحريم البقية على الرجل، فيحنث بإدخال بعض جسده إلى بعضها، لمباشرته بعض المحرم، وبين أن يكون مقصوده التزامه بقعة، فإذا أخرج بعضه لم يحنث كما في المعتكف، ولو حلف: لا آكل الربا ولا أشرب الخمر ولا أزني، فشرب النبيذ المختلف فيه، أو أقرض قرضًا جر منفعة أو نكح بلا ولي ولا شهود، فيحنث عندنا إن اعتقد التحريم، أو لم يكن له اعتقاد وحددناه، وإن اعتقد حله أو لم نحده، ففي تحنيثه تردد، ويتوجه أن يفرق بين ما يسوغ فيه الخلاف؛ كبيع الأشنان بالأشنان متفاضلًا، وما يسوغ فيه الخلاف؛ كالحيل الربوية وكمسألة النبيذ ولو حلف، لا أشارك فلانًا ففسخا الشركة، وبقيت بينهما ديون مشتركة أو أعيان.

قال أبو العباس: أفتيت أن اليمين تنحل بانفساخ عقد الشركة، ومن حلف لا يشم وردًا ولا بنفسجًا، فشم دهنهما أو ماء الورد حنث، وقال القاضي: لا يحنث قال أبو العباس: ويتوجه أن يحنث بالماء دون الدهن، وكذلك ماء اللبان والنيلوفر؛ لأن الماء هو الحامل لرائحة الورد ورائحته فيه بخلاف الدهن، فإنه مضاف إلى الورد، ولا تظهر فيه الرائحة كثيرًا، وفي دخول الفاكهة اليابسة في مطلق الحلف على الفاكهة نظر، وكذلك استثنى أبو محمد بعض ثمر الشجر كالزيتون، ومن حلف لا يدخل دار فلان، فدخل دارًا أوصى له بمنفعتها، فهي كالمستأجرة، وكذلك الموقوفة على عينه، وإن كانت وقفًا على الجنس، فهي أقوى من المعارة؛ لأن المنفعة مستحقة للجنس، ولا يدخل العقيق والسبح في مطلق الحلف على لُبس الحلي، إلا ممن عادته التحلي به، وإذا زوج ابنته، ثم قال: والله لا أزوجكها أو ما بقيت أزوجكها، فهنا التزويج اسم للتسليم الذي هو الدخول، وكذلك في الإجارة ونحوها، ولو حلف لا يكلم فلانًا حينًا ولم ينو شيئًا، فهو ستة أشهر؛ نص عليه أحمد، وهذه المسألة تقتضي أصلًا، وهو أن اللفظ المطلق الذي له حد في العرف، وقد عُلم أنه لم يزدد فيما يتناوله الاسم، فإنه ينزل على ما وقع من استعمال الشرع، وإن كان اتفاقيًّا كما يقوله في مواطن كثيرة، وإذا حلف لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا ليمينه، أو جاهلًا بأنه المحلوف عليه، فلا حنث عليه ولو في الطلاق والعتاق وغيرهما، ويمينه باقية، وهو رواية عن أحمد ورواتها بقدر رواة التفرقة، ويدخل في هذا من فعله متاولًا؛ إما تقليدًا لمن أفتاه، أو مقلدًا لعالم ميت مصيبًا كان أو مخطئًا، ويدخل في هذا إذا خالع وفعل المحلوف عليه معتقدًا أن الفعل بعد الخلع لم تتناوله يمينه، أو فعل المحلوف عليه معتقدًا زوال النكاح، ولم يكن كذلك ولو حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه، فتبيَّن بخلافه، فهذه المسألة أولى بعدم الحنث من مسألة فعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا، وقد ظن طائفة من الفقهاء أنه إذا حلف بالطلاق على أمر يعتقده كما حلف، فتبين بخلافه أنه يحنث قولًا واحدًا، وهذا خطأ، بل الخلاف في مذهب أحمد، ولو حلف على نفسه أو غيره، ليفعلنَّ شيئًا فجهله أو نسيه، فلا حنث عليه إذ لا فرق بين أن يتعذر المحلوف عليه، لعدم العلم أو لعدم القدرة، ويتوجه فيما إذا نسي اليمين بالكلية أن يقضي الفعل إن أمكن قضاؤه، وإن لم يعلم المحلوف عليه بيمين الحالف، فكالناسي ولو حلف لا يزوج بنته، فزوجها الأبعد أو الحاكم حنث إن تسبب في التزويج، وإن لم يتسبب فلا حنث إلا أنه تقتضي النية أو التسبب أن مقصوده أنه لا يمكنها من التزويج، فإن قدر على ذلك فلم يمنعها حنث وإلا فلا، وإن كان المقصود أنها لا تتزوج حنث بكل حال ولو حلف لا يعامل زيدًا ولا يبيعه، فعامل وكيله أو باعه حنث، ومتى فعل المحلوف على تزويجه بنفسه أو وكيله أو باعه حنث؛ قال في "المجرد" و"الفصول": فإن كان بيد زوجته تمرة، فقال: إن أكلتيها فأنت طالق، وإن لم تأكليها فأنت طالق، فأكلت بعضها حنث بناءً على قولنا فيمن حلف ألا يأكل هذا الرغيف، فأكل بعضه.

قال أبو العباس: ينبغي أن يقال في مثل هذه اليمين مثل قوله في مسألة السلم وهي إن نزلت أو صعدت أو أقمت في الماء أو خرجت أن يحنث بكل حال، لمنعه لها من الأكل، ومن تركه فكأن الطلاق معلق بوجود الشيء وبعدمه، فوجود بعضه وعدم البعض لا يخرج عن الصفتين، كما إذا علق بحال الوجود فقط أو بحال العدم فقط[6]؛ انتهى والله أعلم.

[1] فتح الباري: (11/537).

[2] فتح الباري: (11/539).

[3] فتح الباري: (11/587).

[4] فتح الباري: (11/588).

[5] الاختيارات الفقهية: (1/ 620- 622).

[6] الاختيارات الفقهية: (1/ 579- 582).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.98 كيلو بايت... تم توفير 1.94 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]