|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (1) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد: فالمتأمِّل لما كتبناه سابقًا من مقالات (أين نحن من أطفال السلف؟!)، تحاصره تساؤلاتٌ شتى عن تلك النماذج المضيئة، التي أثْرَت تراثنا الأخلاقي، ويأخذه شغفٌ كبير لمعرفة أي بطونٍ حملت بتلك النماذج الفريدة، التي أهدت للإنسانية قِيَمًا نبيلة، وتُلح عليه رغبة عارمة لمعرفة أي بيوتٍ أخرجت هؤلاء العظام رغم حداثتهم، وأي أمهاتٍ أرضعنهم الصلاحَ والتقوى قبل اللبن، ويجد المتأمل لذلك الفرقَ الشاسع بين ما كُنَّ عليه، وما هو كائنٌ من كثيراتٍ من أمهات اليوم. إن تاريخنا الإسلامي مليءٌ بقصص نساء يَعجِز عن أفعالهن - للأسف - كثيرٌ من رجالات اليوم! وليس هذا مجال حديثنا، ولكن غايتنا الآن الإبحار في سيرة هؤلاء النسوة، وساعتها لن نجد غرابةً ولا دهشةً من معرفة (لماذا تميز أطفال السلف؟)، (ولماذا تعثَّر أطفال الخلف؟). ولنبدأ رحلتنا مع (امرأة من أهل الجنة) شاهدَها الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم! إنها امرأة من أهل الجنة تمشي على الأرض. يا ألله! فما أروع أن يُبشر رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إنسانًا بالجنة، فيعيش مطمئنًّا أنه حين يلاقى ربه يوم لا ينفع مال ولا بنون، سيكون مأواه جنة عرضُها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين! إنها إحدى نساء الأنصار، بايعت رسول الله فأوفت البيعة، إنها من أوائل من أدرك وأقر أنه "لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله" على وجه البسيطة، إنها صحابية جليلة، قد لا يعرفها ولا يعرف قدْرَها الكثيرون على الرغم مما في سيرتها من عبرةٍ وقدوة. إنها امرأة تركت زوجها من أجل الإسلام! أسلمَتْ كغيرها من السابقين عندما سمعت عن دين الحق في يثرب قبل هجرة الرسول، وكان من أوائل من وقف في وجهها زوجها مالكٌ، الذي غضب وثار عندما رجع من سفره وعلم بإسلامها، ولما سمع مالك بن النضر زوجته تُردد بعزيمة أقوى من الصخر: "أشهد أنْ لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله"، خرج من البيت غاضبًا؛ بل خرج من المدينة كلها؛ لأنها أصبحت أرض إسلام لا مكان لكافر مثله بها، ومات بالشام، ضحت هذه المؤمنة بحياتها الزوجية، وبزوجها، وولدها الوحيد "أنس"؛ من أجل دينها وثباتها على مبدئها، ولم تتردد أو تتراجع! حينما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، كانت الأنصار ومن كان فيها من المهاجرين مشغولين باستقبال النبي - صلى الله عليه وسلم - فرحين مستبشرين بمقدَمِه - صلى الله عليه وسلم - فأقبلت الأفواج لزيارته - صلى الله عليه وسلم - فخرجت من بين هذه الجموع، ومعها ابنها أنس - رضي الله عنهما - فقالت: "يا رسول الله، إنه لم يبقَ رجل ولا امرأة من الأنصار، إلا وقد أتحفتك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أُتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدُمْك ما بدا لك". فكان ولدها هذا "أنس بن مالك" الذي اشتهر بخادم رسول الله، الذي لازم الرسول، وتعلم على يده، وروى عنه من الحديث الكثيرَ. تقدم لخطبتها بعد وفاة زوجها الأول "أبو طلحة زيد بن سهل"، وكان لا يزال مشركًا، وعرض عليها مهرًا كبيرًا، فترده؛ لأنها لا تتزوج مشركًا تقول: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركًا، أمَا تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها آل فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها نارًا لاحترقت؟ فعندما عاود لخطبتها قالت: "يا أبا طلحة، ما مثلك يُرَدُّ، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم، فذاك مهري، لا أسأل غيره"، فانطلق أبو طلحة يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسلم ويتشهد بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتزوجت منه - وهكذا دخل أبو طلحة الإسلام، وحسُن إسلامه على يد زوجته تلك الصحابية الرائعة. خرج زوجها أبو طلحة، وترك ولده وولدها مريضًا، فمات الولد في غياب والده، وعندما عاد أبو طلحة سأل عن ابنه المريض، لم تخبره بوفاته! بل تزيَّنت، وقدَّمت له العَشاء، ونال منها ما ينال الرجل من امرأته، وبعدها أخبرتْه بوفاة فِلْذَة كبدها وكبده، قالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعاروا عاريتَهم أهل بيت، فطلبوا عاريتَهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسِب ابنك! فغضب، وعجب كيف تُمَكِّنه من نفسها، وولدُها ميت؟! وخرج يشكوها لأهلها ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقبله النبي باسمًا، وقال: ((لقد بارك الله لكما في ليلتكما))، فحملت بولدها (عبدالله بن أبي طلحة) من كبار التابعين، وكان له عشرة بنين كلُّهم قد ختم القرآن، وكلهم حمل منه العلم! جاهَدَت مع الرسول في غزواته، ففي صحيح مسلم، وابن سعد في "الطبقات" بسند صحيح أن أم سليم اتخذت خَنجرًا يوم حُنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقالت: يا رسول الله، إن دنا مني مشرك بَقَرْتُ به بطنه! ويقول أنس - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا، فيسقين الماء، ويداوين الجرحى". قال رسول الله عنها: ((دخلْتُ الجنة، فسمعت خشفة "حركة"، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذه الرُّمَيْصَاءُ بنت ملحان أمُّ أنس بن مالك)). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أُرِيت أني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة)). لنرى كيف كانت تضحيتها بزوجها وولدها في سبيل إسلامها، ولنرى حجم تقصيرنا، ولنجبر عيوبنا، قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، فهل نحن فاعلون؟!
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (2 – أ ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد: فقد كانت أسماءُ بنت عُمَيس من المهاجراتِ الأُوَل، فهاجرت مع زوجها جعفر إلى الحبشة، وذاقت مرارةَ الغربة القاسية ولوعتها، وكان زوجُها خطيب المسلمين أمام ملك الحبشة - النَّجاشي آنذاك (أصحمة). وفي أرض الغربة ولَدَت لزوجها جعفر أبناءَه الثلاثة: عبدالله، ومحمد، وعونًا، وكان ولدها عبدالله شبيهًا بأبيه جعفر، وأبوه شبيهًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان ذلك يُسعِدها ويُحرِّك مشاعر الشوق عندها لرؤية النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقول لجعفر: ((أشبهتَ خَلْقي وخُلُقي)). ولمَّا أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين بالتوجُّه إلى المدينة كادت أسماءُ تطيرُ من الفرح، فها هو الحُلْم قد تحقَّق، وصار للمسلمين دولتُهم، فسيكونون جنودًا في جيش الإسلام لنشر دعوته وإعلاء كلمة الله. وهكذا خرجت أسماءُ - رضي الله عنها - مع الرَّكْب في هجرته الثانية من أرض الحبشة إلى المدينة، وما إن وصل الوفد المهاجر إلى المدينة حتى سمِع المسلمون بسقوط خيبر، وانتصار المسلمين، وارتفع التكبير من كل مكان فرحًا بانتصار الجيوش، وبعودة المهاجرين من الحبشة. ويتقدَّم جعفر من الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - فيتلقَّاه بالبِشْر ويُقبِّل جبهته، ثم يقول: ((والله ما أدري بأيِّهما أفرح، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟!)). ودخلت أسماء على أم المؤمنين حفصةَ بنتِ عمرَ - رضي الله عنهما - تزورُها، فدخل عمر - رضي الله عنه - على حفصةَ وأسماءُ عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: مَن هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس، قال عمر: هذه الحبشية البحرية، قالت أسماء: نعم، قال عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله -صلى الله عليه وسلم- منكم، وغضِبَت أسماء ولم تتمالك نفسها، فقالت: كلا والله، كنتم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُطعِم جائعَكم، ويعظ جاهلَكم، وكنا في دارٍ أو في أرض البعداء والبغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله -صلى الله عليه وسلم- وسكتت هُنَيْهة ثم تابعت: وايمُ الله، لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى أذكُرَ ما قلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن كنا نؤذَى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت له أسماء: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فما قلتِ له؟!))، قالت: قلت له: كذا وكذا، فقال - عليه أفضل الصلاة والسلام -: ((ليس بأحقَّ بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان))، وغمرت السعادة قلبَ أسماءَ بشهادة النبي -صلى الله عليه وسلم- شاع خبر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الناس، وبدأ الناس يَفِدُون على أسماء يستوضحون الخبر، فتقول أسماء: فلقد رأيت أبا موسي وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هُمْ به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم. ولما توجَّه جيش المسلمين إلى الشام، كان من بين أمرائه الثلاثة زوج أسماء (جعفر)، وهناك في أرض المعركة اختاره الله من بين العديد من الجيش ليفوز بالشهادة في سبيله، ويأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بيتِ أسماء، ويسأل عن الصبيان الثلاثة فيضمُّهم إليه ويشمُّهم ويمسح رؤوسهم، وتذرف عيناه الشريفتان الدموع، فقالت له أسماء، والجزع قد ملأ كيانها: بأبي أنت وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: ((نعم، أصيبوا هذا اليوم))! ولم تتمالك أسماءُ نفسَها من البكاء، فواساها -صلى الله عليه وسلم- وقال لها: ((تسَلَّي ثلاثًا ثم اصنعي ما شئت))، ثم قال - عليه الصلاة والسلام - لأهله: ((اصنعوا لأهل جعفر طعامًا، فإنه قد جاءهم ما يشغَلُهم)). ولم يكن للمرأة المؤمنة إلا أن تُجفِّف الدموع وتصبر، وتحتسب عند الله الأجر العظيم، بل باتت تتمنَّى أن تكون مع زوجها لتفوزَ بالشهادة مثله، وخاصةً عندما سمعت أحد رجال بني مرة بن عوف يقول - وكان في تلك الغزوة -: والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فَرَسٍ له شقراء، ثم عقرها، ثم قاتل حتى قُتِل وهو يقول: يا حبَّذا الجنة واقترابُها ![]() طيبةً وباردًا شرابُها ![]() والرُّوم رومٌ قد دنا عذابُها ![]() كافرةٌ بعيدةٌ أنسابُها ![]() ثم أخذ اللواءَ بيمينه فقُطِعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضُدَيْه حتى قتل - رضي الله عنه. وتُدرِك أسماء - رضي الله عنها - معنى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لولدِها: ((السلام عليك يا بن ذي الجَناحين))، فقد أبدله الله عن يدَيْه المقطوعتين جَناحين يطير بهما حيث شاء! تُرى كيف ستتصرَّف أسماء؟ هذا ما سنعرفه في الجزء القادم - إن شاء الله تعالى.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (2 –ب ) د. خاطر الشافعي فسوف تعطينا الآن أسماء درسًا في الصبر، فهي لم تجزَعْ ولم تيئس؛ بل انكبَّت الأم الصالحة الصابرة على تربية أطفالِها الثلاثة، وتنشئتهم على الصلاح، ولم تمضِ فترة طويلة حتى تقدم أبو بكر - رضي الله عنه - خاطبًا لأسماءَ، وذلك بعد وفاة زوجته أمِّ رُومان - رضي الله عنها - ولم يكن لأسماء أن ترفُضَ مثل الصِّدِّيق، وهكذا انتقلت إلى بيت الصديق لتستلهم منه المزيد من نور الخُلُق والإيمان، ولتُضفِي على بيته الحب والوفاء. وبعد فترةٍ من الزواج المبارك منَّ اللهُ عليهما، فرُزِقت منه بولد وهي بذي الحُلَيفة، وهم يريدون حجة الوداع، فأمرها أبو بكر - رضي الله عنه - أن تغتسل ثم أهلَّ بالحج بعد أن سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. ثم شهِدت أسماءُ من الأحداث الجِسام الكثيرَ والكثيرَ، وكان أشدَّها وفاةُ سيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم - وانقطاع الوحي من السماء. ثم شهدت زوجَها أبا بكر خليفةَ المسلمين وهو يواجِهُ أعضل المشكلات يومئذٍ؛ كقتال المرتدين ومانعي الزكاة، وبعث جيش أسامة، وكيف وقف كالطَّوْدِ لا يتزحزح ولا يتزعزع، وكيف نصر الله المسلمين بتلك المواقف الإيمانية الجريئة؟ وكانت أسماء تسهر على راحة زوجِها، وتعيش معه بكل مشاعرها حاملةً معها عبء الأمة الكبير، ولكن ذلك لم يدم طويلاً؛ فقد مرِض الخليفةُ الصِّدِّيق، واشتدَّ عليه المرض، وأخذ العرق يتصبَّب من جبهته فأحسَّ بشعور المؤمن الصادق بدنوِّ أجله، فسارع بوصيته، وكان من جملة ما أوصى به أن تُغسِّله زوجتُه أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - وكما عزم عليها أن تُفطِر قائلاً لها: هو أقوى لك. وشعُرت أسماء بقُرْب الفاجعة، فاسترجعت واستغفرت، وهي لا تميل بنظرها عن وجه زوجها الذي علاه الذبول إلى أن أسلمَ الرُّوح إلى بارئها، فدمعت العين وخشع القلب، ولكنها لم تقل إلا ما يرضي الرب - تبارك وتعالى - فاحتسبت وصبرت، ثم قامت بالمهمَّة التي طلبها منها زوجُها الفقيد؛ حيث كانت محلَّ ثقته، فبدأت بتغسيله وقد أضناها الهم والحزن، فنسيت وصيته الثانية، فسألت مَن حضر من المهاجرين قائلةً: إني صائمةٌ وهذا يومٌ شديد البرد، فهل عليَّ من غسل؟ فقالوا: لا، وفي آخر النهار وبعد أن وُورِي جثمان الصديق تذكَّرت أسماء وصية زوجها الثانية، فقد عزم عليها أن تفطر، فماذا عساها أن تفعل الآن؟ فالوقت آخر النهار وما هي إلا فترة وجيزة وتغيب الشمس ويفطر الصائم، فهل تستجيب أسماء لعزيمة زوجها؟ أم تنتظر لحظات؟! إن الوفاء للزوج أبَى عليها أن ترُدَّ عزيمة زوجها الراحل فدَعَت بماء وشربت، وقالت: والله لا أتبعه اليوم حنثًا. ولزمت أسماء بيتها ترعى أولادها من جعفر ومن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - وتحدب عليهم سائلةً الله أن يُصلِحَهم، ويصلح بهم، ويجعلهم للمتقين إمامًا، وهذا غاية ما كانت ترجوه من دنياها غير عالمة بما يُفاجِئُها من القدر المكنون في علم الله، فها هو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أخو جعفر الطيَّار ذي الجناحين يتقدَّم لأسماء طالبًا الزواج منها وفاءً لأخيه الحبيب جعفر ولصاحبه الصديق - رضي الله عنهما - وبعد تردُّد وتقليبٍ للأمور من كل جوانبِها قرَّرت الموافقة على الزواج من علي - رضي الله عنه - لتتيحَ له بذلك الفرصة لمساعدتها في رعاية أولاد أخيه جعفر. وانتقلت معه إلى بيته بعد وفاة فاطمه الزهراء - رضي الله عنها - فكانت له خيرَ زوجة صالحة، وكان لها خير زوج في حسن المعاشرة، وما زالت أسماء ترتفع وتسمو في عين علي - رضي الله عنه - حتى أصبح يُردِّد في كل مكان: "كذَّبتكم من النساء الحارقة، فما ثبتت منهن امرأة إلا أسماء بنت عميس". ويشاهد علي - رضي الله عنه - منظرًا غريبًا، فرأى ولدًا لأخيه جعفر يتشاجر مع محمد بن أبي بكر، وكل منهما يتفاخر على الآخر، ويقول: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، ولم يدرِ علي ماذا يقول لهما؟! وكيف يصلح بينهما بحيث يرضي عواطفَهما معًا؟ فما كان منه إلا أن استدعى أمَّهما أسماء، وقال لها: اقضي بينهما، وبفكر حاضر وحكمة بالغة قالت: ما رأيتُ شابًّا من العرب خيرًا من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيرًا من أبي بكر، وهكذا انتهت المشاجرة وعاد الصغيران إلى التعانق واللعب، ولكن عليًّا المُعجَب بحسن القضاء بين الأولاد نظر في وجه زوجته العاقلة قائلاً: ما تركتِلنا شيئًا يا أسماء! وبذكاء حادٍّ وشجاعة نادرة وأدب جم قالت: إن ثلاثةً أنت أخسُّهم خيارًا! ولم يستغرب علي - رضي الله عنه - مقالةَ زوجته العاقلة، فقال لها بكل شهامة ومروءة نادرة: لو قلتِ غير الذي قلتِ لمقتُّكِ! واختار المسلمون عليًّا - رضي الله عنه - خليفةً بعد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأصبحت أسماء للمرة الثانية زوجًا لأمير المؤمنين رابعِ الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم أجمعين. وكانت أسماءُ - رضي الله عنه - على مستوى المسؤولية كزوجةٍ لخليفة المسلمين. أما الأحداث العظام، فدفعت بولدَيْها عبدالله بن جعفر ومحمد بن أبي بكر إلى جانب أبيهما لنصرة الحق، ثم ما لبثت طويلاً حتى فُجِعت بولدِها محمد بن أبي بكر، وكان أثر هذا المصاب عليها عظيمًا، ولكن أسماء المؤمنة لا يمكن لها أن تخالف تعاليم الإسلام، فما كان منها إلا أن تجلَّدت واستعانت بالصبر والصلاة على ما ألَمَّ بها، وما زالت تكتمُ غيظَها حتى نزف ثدياها دمًا! وما كاد العام ينتهي حتى ثقُلَت وأحسَّت بالوهن يسري في جسمها سريعًا، ثم فارقت الحياة وبقيت رمزًا على مدار التاريخ بعد أن ضربت لنا أعظم النماذج في الحكمة والصبر على الشدائد، فهل نحن على الدرب سائرون؟!
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (3 ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين, وبعد: ففي حقيقة الدنيا تدبَّرت، وعن المضاجع تجافَى جنبُها، وعن المطامع تناءَى قلبُها، وعن السفاسف سمَت همَّتُها، فحفرت اسمها بماء التِّبْر في سجل التاريخ، فمَن منا يجاهد جهادها، ويكون عنوانًا للشجاعة والإخلاص مثلها، بطلة أُحُدٍ وما بعدها، (فهي أم عمارة نُسَيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف الأنصارية)، إحدى نساء بني مازن النجار. كانت إحدى امرأتين بايعَتا رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - بيعة العقبة الثانية، حسُن إسلامها، وكانت زوجةً (لزيد بن عاصم) وما تركت غزوةً إلا وخرجت فيها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تضمِّدُ الجرحى، وتسقي الجنود وتُعِدُّ الطعام, وتُحمِّس الرجال على القتال. ويوم أُحُدٍ لمَّا رأت المشركين يتكاثرون حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استلَّت سيفَها، وكانت مقاتلةً قوية، وشقَّتِ الصفوف حتى وصلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُقاتِلُ بين يدَيْه، وتضرب بالسيف يمينًا وشمالاً حتى هابها الرجال، وأثنى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((تقاتل دوني، ما التفتُّ يمينًا ولا شمالاً يوم أُحُدٍ إلاَّ وجدت نسيبة بنت كعب)). وكان ضمرة بن سعد المازني يُحدِّث عن جدته - وكانت قد شهدت أُحُدًا - قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لَمقامُ نُسَيبةَ بنت كعب اليوم خيرٌ من مقامِ فلان))، وكان يراها تقاتل أشد القتال، وإنها لحاجزةٌ ثوبَها على وسطها حتى جُرِحت ثلاثة عشر جرحًا، وكانت تقول: إني لأنظر إلى ابن قُمَيئة وهو يضربُها على عاتقِها وكان أعظم جرحِها، فداوَتْه سنةً، ثم نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - إلى حمراء الأسد، فشدّت عليها ثيابَها، فما استطاعت من نزفِ الدم - رضي الله عنها. وقالت أم عمارة: رأيتُني انكشف الناسُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما بقي إلا في نُفَيرٍ ما يُتِمُّون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذبُّ عنه، والناس يمرُّون به منهزمين، ورآني ولا تُرْسَ معي فرأى رجلاً مُوَلِّيًا ومعه تُرْس، فقال: ألقِ ترسك إلى مَن يُقاتِل، فألقاه فأخذته فجعلت أتترَّس به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، ولو كانوا رجَّالةً مثلنا أصابهم إن شاء الله، فيُقبِل رجل على فرس فيضربني وتترَّست له فلم يصنع شيئًا وولَّى، فأضرب عرقوب فرسِه فوقع على ظهرِه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يَصِيح: ((يا بن أم عمارة، أمك أمك))، قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شَعُوب - اسم من أسماء الموت - ولقد قالت: يا رسول الله، ادع الله أن أُرافِقَك في الجنة، فقال: ((اللَّهم اجعلهم رفقائي في الجنة))، جُرِحت يوم أُحُد جرحًا بليغًا، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطمئنُّ عليها ويسأل: ((كيف حال نسيبة؟))، وعندما أخذَت تحثُّ ابنها عبدالله بن زيد - عندما خرج يوم أُحُدٍ - فقالت: انهَض بُنَي وضارب القوم، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ومَن يُطِيق ما تُطِيقين يا أم عمارة؟!)). وتمضي الأيام، فشهِدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعةَ الرضوان في الحُدَيبية، وهي بيعة المعاهدة على الشهادة في سبيل الله، كما شهدت يوم حُنَين. ولما انتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى ارتدَّت بعضُ القبائل عن الإسلام، وعلى رأسهم مسيلمة الكذاب، حتى سارعت أم عمارة إلى أبي بكر الصديق- رضي الله عنه - تستأذنُه في الالتحاق بهذا الجيش لمحاربة المرتدِّين، فأذن لها فخرجت ومعها ابنها عبدالله بن زيد، وأبلت بلاءً حسنًا، وتعرضت لكثير من المخاطر. وعندما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولدها حبيبَ بن زيد إلى مسيلمة الكذَّاب باليمامة برسالة يُحذِّر فيها مُسَيلمة من ادِّعائه النبوة والكذب على الله، فأراد مسيلمةُ أن يضمه إليه فرفض، فقطع جسده عضوًا عضوًا وهو صابر، فلمَّا علمت نُسَيبة أقسمت أن تثأر منه، وخرجت مع البطل خالد بن الوليد - رضي الله عنه - لقتال مسيلمة، وقاتلت وكانت تَصِيح: أين أنت يا مسيلمة؟! اخرج يا عدو الله، وجُرِحت اثني عشر جرحًا، فواصلت الجهاد حتى قُطِعت يدها فلم تحسَّ بها، وتقدم وحشي بن حرب بحربتِه المشهورة ووجَّهها إلى مسيلمة، فصرعه وأجهز عليه ابنُها عبدالله بن زيد، وظل أبو بكر يطمئن عليها حتى شُفِيت وخرَجت مع المسلمين لقتال الفرس، وسقط إيوان كسرى وغنم المسلمون غنائم عظيمة فبكت وتذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يُشارِكُ في حفر الخندق ويضرب بالمِعْوَل صخرةً عظيمة، وهو يَصِيح: ((الله أكبر، أُعطِيتُ مفاتيح فارس)). هذه هي المجاهدة الشجاعة أم عمارة، وحقًّا مَن يُطِيق ما تُطِيقين يا أم عمارة؟! إن الرجال لا يُطِيقون ثباتَها وصبرها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - فكيف بالنساء؟! إن "أم عمارة" قدوةٌ تُحتذَى في شجاعتها وإقدامها وثباتها وصبرها، في وقتٍ نحن أحوجُ ما نكون للإقدام والثبات والصبر, فهل نحن مُقتَدون؟
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (4 ) د. خاطر الشافعي الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خيرِ المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد: فلا زلنا نُبحر في أطهرِ سيرة لأطهر نساء عرَفهن الوجود، اللواتي حفرن أسماءَهن في ذاكرة التاريخ مُقترنةً بأنبل القِيَم والمبادئ والأخلاق، وكيف لا وهنَّ السائراتُ على درب الطاعة، أينما حلَّت حلَلْنَ، وأينما كانت كُنَّ؟! واليوم موعدنا مع واحدة من نساء الصحابة اللاتي كان لهن دورٌ جليل في تاريخ الإسلام، وهي واحدةٌ ممن آثرن نعيمَ الآخرة المقيمَ على متاع الدنيا الزائل. إنها (أم الدَّحداح الأنصارية). • أسلمت أمُّ الدَّحداح حين قدم مصعَبُ بن عمير المدينة سفيرًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - ليدعوَ أهلها إلى الإسلام؛ حيث كانت ممن ناله شرفُ الدخول في الإسلام، كما أسلمت أسرتُها كلُّها، ومشَوا في رَكْب الإيمان. • زوجُها الصحابي الجليل أبو الدَّحداح، ثابت بن الدَّحداح - أو الدَّحداحة - بن نعيم بن غنم بن إياس، حليف الأنصار، وأحد فُرسان الإسلام، وأحد الأتباع الأبرار المُقتدين بنبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم - والسائرين على نهجه، الباذلين في سبيل الله أنفسَهم وأرواحَهم وأموالهم. • وقد كان لأبي الدَّحداح أرضٌ وفيرة في مائها، غنيَّة في ثمرها، فلما نزل قوله - تعالى -: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [الحديد: 11]، قال أبو الدَّحداح: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إنَّ اللهَ يستقرضُنا وهو غنيٌّ عن القرض؟ قال: ((نعم، يريد أن يدخلَكم الجنة به))، قال: فإني إن أقرضتُ ربي قرضًا يضمن لي به ولصبيتي الدَّحداحة معي في الجنة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم))، قال: فناوِلْني يدَك، فناوَله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده الشريفة، فقال: إنَّ لي حديقتين، إحداهما بالسافلة، والأخرى بالعالية، والله لا أملِكُ غيرهما، قد جعلتُهما قرضًا لله - تعالى - فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: ((اجعَلْ إحداهما لله، والأخرى دعها معيشة لعيالك))، قال: فأشهدك يا رسول الله أني جعلتُ خيرَهما لله - تعالى - وهو حائطٌ فيه ستمائة نخلة، قال: ((إذَنْ يجزيَك اللهُ به الجنة)). فانطلق أبو الدَّحداحِ حتى جاء أم الدَّحداح، وهي مع صبيانٍ في الحديقة تدور تحت النخل، فأنشأ يقول: هداك اللهُ سبلَ الرشاد ![]() إلى سبيلِ الخير والسداد ![]() بِيني من الحائط بالوداد ![]() فقد مضى قرضًا إلى التَّناد ![]() أقرضتُه الله على اعتمادي ![]() بالطوع لا مَنٍّ ولا ارتداد ![]() إلا رجاء الضعف في المعاد ![]() ارتحلي بالنفس والأولاد ![]() والبِرُّ لا شك فخيرُ زاد ![]() قدَّمه المرءُ إلى المعاد! ![]() قالت أمُّ الدَّحداح - رضي الله عنها -: ربِح بيعك! بارك اللهُ لك فيما اشتريتَ، ثم أجابته أمُّ الدَّحداح، وأنشأت تقول: بشَّرك الله بخيرٍ وفرَحْ ![]() مثلُك أدَّى ما لديه ونصَح ![]() قد متَّع الله عيالي ومنَحْ ![]() بالعجوة السوداء والزهو البلحْ ![]() والعبدُ يسعى وله قد كدَحْ ![]() طولَ الليالي وعليه ما اجترَحْ! ![]() ثم أقبلت أمُّ الدَّحداح - رضي الله عنها - على صبيانها تُخرِج ما في أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كم من عِذْقٍ رداح في الجنة لأبي الدَّحداح!)). • وكان أبو الدَّحداح - رضي الله عنه - مثالاً فريدًا في التضحية والفداء؛ فإنه لما كانت غزوةُ أُحد، أقبَل أبو الدَّحداح والمسلمون أوزاعٌ قد سُقط في أيديهم، فجعل يصيح: يا معشر الأنصار، إليَّ، أنا ثابت بن الدَّحداحة، قاتِلوا عن دِينكم؛ فإن اللهَ مُظهِركم وناصركم، فنهض إليه نفرٌ من الأنصار، فجعَل يحمل بمن معه من المسلمين، وقد وقفت له كتيبة خشناء، فيها رؤساؤُهم، خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، فجعَلوا يناوشونهم، وحمل عليه خالد بن الوليد الرُّمحَ، فأنفذه، فوقع ميتًا - رضي الله عنه - واستشهد أبو الدَّحداح فعلمت بذلك أمُّ الدَّحداح، فاسترجَعَتْ، وصبَرَتْ، واحتسبته عند الله - تعالى - الذي لا يُضيع أجرَ من أحسن عملاً. • يا الله! ما هذه القلوب الطاهرة؟! ما هذا الثَّبات المثير للفخر والاعتزاز؟! دررٌ في جبين الأمة، مَن لازم سيرتها سما وعلا، فهل نحنُ مُلتزمون؟!
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (5 ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد: فما زلنا نعيش في رحاب الطُّهر والنقاء، فما نكاد نغوص في سيرة الطاهرات، حتى تهدينا دررًا ناصعات، ترسُم بكل فخرٍ واعتزاز، الصورةَ المثالية لنساء المسلمين، وموعدنا اليوم مع المجاهِدة الذكية، الطاهرة النقية، التي لم ترض بالدنيا، بل تشوقت لتكون ممن يركب ذِروة سَنَام الإسلام، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو لها لتكون من الغزاة في سبيل الله، وما كان هذا السؤال منها إلا لأن قلبها قد امتلأ بحب الله ورسوله، والجهاد في سبيله، فاسترخصت النفس في مقابل ذلك، فرحمها الله، وأسكنها فسيح جناته. إنها (شهيدة البحر)! أُمُّ حَرَام بنت مِلحَان بن خالد بن زيد بن حَرَام الأنصاريةُ، من بني النجَّار، أخت أم سُلَيم وخالةُ أنس بن مالك. كانت تحت عُبَادة بن الصامت سيد الخزرج، وأحد النقباء الاثني عشر الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلَتِ الإسلام، وما تركَتْ غزوة إلا وخرجَتْ مع الجنود تسقي الظمأى، وتداوي الجرحى. وكان بيتها من أحسن البيوت، وأحبها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذات يوم أخذتْهُ سِنةٌ من النوم، ثم قام وهو يضحك فسألَتْه، فقال: ((أناس من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسِرَّة))، فقالت: يا رسول الله، ادعُ الله أن أكون منهم! فقال: ((أنتِ مع الأوَّلين))، فلما كان زمن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - سنة اثنتين وأربعين من الهجرة، ركبت أم حرام بنت ملحان البحر، وركب معها زوجها عُبادة بن الصامت، فلما قدمت إليها البغلة حين خرجت من البحر وقعت أم حرام، فاندقَّ عنقها، وماتت ونالت الشهادة، ودُفِنت في قبرص - رضي الله عنها وأرضاها. لقد آثرت ما عند الله، فما ركنت لطيب عيش، ولكنها جاهدت فركبت البحر؛ ابتغاء مرضاة الله، فصار لها البحر عرشًا، فما بالنا اليوم بمن يركبون البحر حبًّا في الدنيا، فلا يزالون يشربون ويشربون، حتى يصير البحر لهم نعشًا! حَرِيٌّ بنا الاقتداء بها وسط أمواج الفتن، فهل نحنُ فاعلون؟!
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (6 ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين, وبعد: فوسط السيل الجارف من مظاهر التقصير والإهمال، والركون إلى الدنيا الفانية، تُهدِينا السيرةُ أمثلةً لا تُقارَن لمن آثروا الباقية على الفانية، فكان إعزازُ الدين هو محورَ حياتهم، في حركاتهم وسكناتهم، فتشرَّبت قلوبهم قوَّة الإيمان، وهو ما نحتاجُه اليوم وسط أمواج الفتن. فها هي (صفية بنت عبدالمطلب) عمَّةُ رسول الله - صلي الله عليه وسلَّم - تُهدِينا أروع القِيَم، فقد جاء عنها كما في (الإصابة) أنها قالت: "إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا خرج إلى الخندق جعل النساء في أُطُمٍ - أي الحصن - يقال له: فارع، وجعل معهن حسان بن ثابت، قالت: فجاء إنسان من اليهود فرقى في الحصن حتى أطلَّ علينا، فقلت لحسان: قُمْ فاقتله، فقال: لو كان ذلك فيَّ كنت مع رسول الله (لأنه كان شيخًا فانيًا)، قالت: فاعتجرتُ وأخذت عمودًا، ونزلت من الحصن إليه فضربتُه بالعمود حتى قتلته وقطعت رأسه، وقلت لحسان: قم فاطرح رأسه على اليهود وهم أسفل الحصن، فقال: والله ما ذاك، قالت: فأخذت رأسه فرميتُ به عليهم، فقالوا: قد علمنا أنَّ هذا لم يكن ليترك أهله خلوفًا ليس معهم أحد فتفرَّقوا. وهي أول امرأة قتلت رجلاً من المشركين. أما حثّها للرجال على القتال، فلم يقتصر على لسانها فقط, ولم تحث القاعدين، بل حثت الغزاة الذين لم يظفروا بعدوِّهم، وكان ذلك الحث بجوارحها. قال في (الإصابة): وجاء من طريق حماد عن هشام عن أبيه أن صفية جاءت يوم أُحُدٍ، وقد انهزم الناس وبيدها رمح تضرب في وجوههم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يا زبيرُ، المرأةَ))! أما عن صبرها على المصيبة واحتسابها، فهي جبل أشم! قال في (الإصابة): "قُتِل حمزة، فأقبلت صفية بنت عبدالمطلب لتنظرَ إلى أخيها، فلقيها الزبير، فقال: أي أُمَّه، إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرك أن ترجعي، قالت: ولِم وقد بلغني أنه مُثِّل بأخي، وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك، لأصبرن وأحتسبن إن شاء الله، فجاء الزبير فأخبره، فقال: ((خلِّ سبيلها))، فأتت إليه واستغفرت له ثم أمر به ودفن...". وهذا النموذج فيه من قوة القلب والإيمان ما نحتاج لمثله اليومَ في نسائنا, ولا نظن أنَّ رجلاً يعلم أنَّ وراءه مثل صفية فينكصُ عن الجهاد والإقدام! فلنقارِنْ ما هو كائنٌ بما كان، ولنُغيِّر من أنفسنا، فنظرةٌ بسيطة لما كان كفيلة لأن نخجل من تقصيرنا، وأن نعود إلى رُشدِنا، فلا نجزع ولا نيئس، فإنه ﴿ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، فهل نحنُ مُقتدون؟!
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (7 ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسلين، سيدنا محمدٍ الأمين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد: فموعدنا اليوم مع قصة الصحابية أم شريك القرشية (المرأة الداعية)، واسمها غزية بنت جابر بن حكيم، وهي إحدى نساء قريش، ثم إحدى بني عامر بن لُؤَي، وكانت تحت أبي العكر الدوسي، وقد وقع في قلبِ أم شريك الإسلام وهي بمكة، وما إن تمكَّن الإيمان من قلبها وفهِمت ما يتوجَّب عليها تجاه هذا الدين الحنيف، حتى أوقفت حياتها لنشرِ دعوة التوحيد وإعلاء كلمة الله ورفع راية لا إله إلا الله، محمد رسول الله. وبدأت أم شريك تتحرَّك في دعوتها، وتدخلُ على نساء قريش سرًّا فتدعوهنَّ وترغِّبُهن في الإسلام دون كللٍ أو ملل، وهي تُدرِك ما ينتظرها من تضحيات وآلام، وما ينتظرها من أذى وبلاء في الأنفس والأموال، فالإيمان ليس كلمةً تقال باللسان، وإنما هو حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء، وجهاد يحتاج إلى صبر! وشاء الله بعد فترةٍ من الزمن أن تبدأ فترةُ الامتحان والتعرُّض للفتنة، فظهر أمر أم شريك لأهل مكة، فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردُّك إليهم. قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر - أهلُ زوجها - فقالوا: لعلك على دينه؟! فقلت: إي والله، إني لعلي دينه، قالوا: لا جرم، واللهِ، لنعذبنَّك عذابًا شديدًا، ثم ارتحلوا بنا من دارنا - ونحن كنا بذي الخلصة، وهو من صنعاء - فساروا يريدون منزلاً، وحملوني على جمل ثَفالٍ، شر رِكابهم وأغلظه، يطعموني الخبز والعسل، ولا يسقوني قطرةً من ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس نزلوا فضربوا أخبيتهم وتركوني في الشمس، حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري، فعلوا بي ذلك ثلاثة أيام. فقالوا لي في اليوم الثالث: اترُكي ما أنتِ عليه، قالت: ما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة وأشير بإصبعي إلى السماء بالتوحيد. قالت: فوالله، إني لعلى ذلك، وقد بلغني الجهد؛ إذ وجدت برد دلوٍ على صدري، فأخذته فشربت منه نفسًا واحدًا، ثم انتزعَ مني، فذهبت أنظر فإذا هو معلقٌ بين السماء والأرض، فلم أقدر عليه، ثم أُدلي إليَّ ثانيةً فشربت منه نفسًا، ثم رُفع فذهبت أنظر فإذا هو بين السماء والأرض، ثم أُدلي إلي الثالثةَ فشربت منه حتي رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي! قالت: فخرجوا فنظروا، وقالوا: من أين ذلك هذا يا عدوة الله؟! فقلت لهم: إن عدو الله غيري من خالف دينه، وأما قولكم من أين هذا؟ فمن عند الله رزقًا رزقنيه الله. قالت: فانطلقوا سراعًا إلى قِرَبِهم وأداويهم فوجدوها موكوءةً لم تُحَل، فقالوا: نشهد أنَّ ربك هو ربنا، وأنَّ الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا، هو الذي شرع الإسلام فأسلموا وهاجروا جميعًا إلى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وكانوا يعرفون فضلي عليهم وما صنع الله لي. فرحم الله أم شريك، فقد ضربت أروع الأمثلة في الدعوة إلى الله، وفي الثبات على الايمان والعقيدة، صابرةً على الابتلاء، معتصمةً بالله، وما خطر لها على بالٍ أن تلين أو تضعف فتتنازل ولو قليلاً لتُنقِذَ نفسها من الموت والهلاك، بل كانت نتيجة الثبات أن أكرمَها الله وأقرَّ عينَها بإسلام قومها، وهذا غاية ما يقصده المسلم من جهاده، ((فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حمر النَّعم)). فهل نحنُ إلى الله حقًّا وصدقًا داعون؟!
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (8 ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير المرسلين, سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد: فموعدنا اليوم مع الصابرة المحتسبة (أم الشهداء) أم عمرو تُماضِر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السُّلَمِيَّة الملقبة بالخنساء، من أشهر شاعرات العرب، وقد أجمع علماء الشعر أنه لم تكن امرأةٌ أشعرَ منها، وشِعرُها كلُّه في رثاء أخوَيْها معاوية وصخر، اشتهر رثاؤها في أخويها، وعظم مصابها. قدِمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع قومِها من بني سليم، وأعلنت إسلامَها إيمانها بعقيدة التوحيد، وحسُن إسلامها حتى أصبحت رمزًا متألقًا من رموز البسالة، وعزة النفس، وعنوانًا للأمومة المسلمة المشرفة. كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستنشدها ويُعجِبه شعرها، وكانت تنشده، وهو يقول: ((هيه يا خناس))، ويومئ بيده. وعندما أخذ المسلمون يحشدون جندهم ويعدُّون عدَّتهم زحفًا إلى القادسية، كل قبيلة تزحف تحت علمها مسارعةً إلى تلبية الجهاد، كانت الخنساء مع أبنائها الأربعة تزحف مع الزاحفين للقاء الفُرْس، وفي خيمةٍ من آلاف الخيام جمعت الخنساء بَنِيها الأربعة لتُلقِي إليهم بوصيتها, فقالت: "يا بَنِيَّ، أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خُنْتُ أباكم، ولا فضَحْتُ خالكم، ولا هجنت حسبَكم، ولا غيَّرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعدَّه الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أنَّ الدار الباقية خيرٌ من الدار الفانية، يقول الله -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالِمين فاغدُوا إلى قتال عدوِّكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحربَ قد شمَّرَت عن ساقها، واضطرب لظًى على سياقها، وجلجلت نارًا على أوراقها، فتيمَّموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالمَغْنَم والكرامة، في دار الخلد والمقامة. فلما أشرق الصبح، واصطفت الكتائب، وتلاقى الفريقان، باشروا القتال واحدًا بعد واحد، حتى قُتِلوا، وكان منهم إنشادٌ قبل أن يستشهدوا رجزًا: فقال الأول: يا إخوتي، إنَّ العجوز الناصحة قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة مقالة ذات بيانٍ واضحة فبادروا الحرب الضروس الكالحة وإنما تلقون عند الصائحة من آل ساسان كلابًا نابحة قد أيقنوا منكم بوقع الجائحة وأنتم بين حياةٍ صالحة أو ميتةٍ تورث غنمًا صالحة وتقدم فقاتل حتى استشهد - رحمه الله تعالى. ثم تقدم الثاني وهو يقول: إنَّ العجوز ذات حزمٍ وجَلَد والنظر الأوفق والرأي الأَسَد قد أمرتنا بالسداد والرَّشَدْ نصيحة منها وبرًّا بالولد فباكروا الحرب حماةً في العددْ إما لفوزٍ باردٍ على الكَبِد أو ميتة تُورِثُكم غُنْمَ الأبدْ في جنة الفردوس والعيش الرَّغَدْ فقاتل حتى استشهد - رحمه الله تعالى. ثم تقدم الثالث وهو يقول: والله لا نعصي العجوز حرفَا قد أمرتنا حدبًا وعطفَا نصحًا وبرًّا صادقًا ولُطْفَا فبادروا الحرب الضروسَ زحفَا حتى تلفُّوا آلَ كسرى لفَّا وتكشفوهم عن حماكم كشفَا فقاتل حتى استشهد - رحمه الله تعالى. وحمل الرابع وهو يقول: لستُ لخنساءَ ولا للأخرمِ ولا لعمرٍو ذي السناءِ الأقدمِ إن لم أَرِدْ في الجيش جيشِ العجمِ ماضٍ على المهول خضم خضرمِ إما لفوزٍ عاجلٍ ومَغْنَمِ أو لوفاةٍ في السبيل الأكرمِ فقاتل حتى استشهد - رحمه الله. فبلغ خبرُهم الخنساءَ أمَّهم، فقالت: الحمد لله الذي شرَّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته). يا الله! ما هذا الثبات؟! لم تلطم خدًّا، ولم تشقَّ جيبًا، ولكن صبرت واحتسبت، فما أحوجنا لصبرها، وما أحوجنا لثباتها، فهل نحن على درب الصبر سائرون؟!
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من نساء السلف؟! (9 ) د. خاطر الشافعي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على البشير النذير، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد: فموعدنا اليوم مع الشامخة القوية، الطاهرة الزكية، المؤمنة المحتسبة، الصابرة التقية، السميراءُ بنت قيس، التي أسلمت فشمخت بإسلامها، وشمخ بها الإسلام، فإذا هي نموذج فريد متحرِّك لما تنبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة. فحين نفر المسلمون إلى أُحُدٍ، سارعت السميراءُ تُحرِّضُ ولدَيْها، النعمان بن عبدعمرو، وسليم بن الحارث، على النُّفرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تمضي من خلف الرَّكب النبوي مع نفرٍ من نساء المسلمين تستطلع أخبار القتال، واحتدم القتال، والسميراء ورهطها يُراقِبْنَ عن بعدٍ مجرى المعركة، حتى إذا لاح لها فارس يقترب، نهضت إليه تستوقفه، وتسأله عن أخبار المعركة، فعرَفها الفارس، فنعى إليها ولديها النعمان وسليمًا، فما زادت على أن قالت: (إنا لله وإنا إليه راجعون)! وعادت إلى الرجل تقول: يا أخا الإسلام، ما عنهما سألتُك، أخبرني ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال الرجل: خيرًا إن شاء الله، هو بحمد الله على خير ما تحبين، قالت: أَرِنيه أنظر إليه، فأشار إليه، فقالت: وقد تهلَّل وجهُها، ونسيَتْ مصيبتها بولديها: "كل مصيبة بعدَك جللٌ يا رسول الله". وما هي إلا سويعات، حتى جيء لها بولديها الشهيدين، فقبَّلَتهما وحملتهما على ناقتها، ورجعت بهما إلى المدينة، وفي الطريق، قابلتها عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها. فقالت: ما وراءك يا سميراء؟ قالت: أما رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - فهو بحمد الله بخير، وأما المسلمون فقد اتخذ الله منهم شهداء.. حتى قالت عائشة - رضي الله عنها -: فمَن هؤلاء الذين فوق الناقة يا سميراء؟ قالت: هما ولداي، النعمان وسليم، قد شرفني الله باستشهادهما، وإني لأرجو الله أن يلحقني بهما في الجنة! يا الله! ما هذه القوة الإيمانية؟! وما هذا الثبات المنقطع النظير؟! رحم الله السميراء بنت قيس، وأسكنها الله فسيح جناته، وجمعها بولديها الشهيدين في الجنة؛ فقد أهدت لنا دروسًا في الثبات والصبر ورباطة الجأش، فهل نحنُ على خطاها سائرون؟!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |