|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() النفس المظلومة هي مظلومة لأنها تتحمَّل أخطاء العقل، فالإنسان كلما تصرَّف تصرُّفًا خاطئًا بمحض إرادته واختيار عقله حمَّل نفسه تبعات تصرفه ولامها، بل قد يُسيء إليها! ظنًّا منه أنَّ هذا هو مفهوم قوله تعالى: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ (يوسف: من الآية 53)، رغم أنه من معاني هذه الآية الكريمة أنَّ النفس تُقهَر على الاستجابة للسوء من خلال ضغوط العقل عليها حين يأمرها بأمر سيِّئ بعدما يستجيب هو ويستسلم لوساوس الشيطان، كما يُفهَم من تفسير ابن عاشور في "التحرير والتنوير" لقوله تعالى: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)﴾ (الناس)؛ حيث يقول: ".. يشمل الشياطين التي تُلقي في أنفس الناس الخواطر الشريرة.. ويشمل الوسواس كلَّ من يتكلم كلامًا خفيًّا من الناس، وهم أصحاب المكائد والمؤامرات. والخنس والخنوس: الاختفاء، والشيطان يُلقب بالخنَّاس؛ لأنه يتصل بعقل الإنسان وعزمه من غير شعور فكأنه خنس فيه"، وكما يُفهَم من تفسيره أيضًا لقوله تعالى: ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ (ق: من الآية 16)؛ حيث يقول: ".. تجمع مختلف ما يجول في العقل من التقادير..". إنَّ الأمر عند بعض العلماء هو على العكس من ذلك الذي قد شاع بيننا! فالنفس عندهم مُبَرْمَجَة من خالقها الكريم على الخير، والخير فقط! كما يُفهَم من قوله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾ (الشمس)، والذي قال فيه الإمام ابن كثير في تفسيره: "خلقها سويةً مستقيمةً على الفطرة القويمة كما قال تعالى: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ (الروم: من الآية 30) وكما قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة.."، وفي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: "إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" (ومعنى اجتالتهم أي استخفَّت بهم وجالت معهم في الباطل كما قاله الإمام النووي).. وقوله: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾ (الشمس)، قال ابن عباس: "بَيَّنَ لها الخير والشر"؛ أي وضع سبحانه في النفس الميزان والمقياس و"الترمومتر" الذي به تَعرف وتزِن الخير والصواب من الشر والخطأ، فتتبع الأول لتسعد، وتحثُّ عليه عند البُعد عنه لتعود للسعادة مُسرعةً، وتنفر من الثاني وتؤنَّب عليه عند فعله للحثِّ على تركه ومراراته، فإذا ما قادها العقل للخير، وهو مُحركها وقائدها، كما وضَّح ذلك الإمام الماوردي في "النكت والعيون" عند تفسيره للآية السابقة بقوله: ".. ويُحتَمَل ثالثًا: سوَّاها بالعقل الذي فضَّلها به على جميع الحيوانات"، انطلقت وأسرعت وسعدت، بينما إذا قادها للشر، تراجعت وتثاقلت، حتى يُقهرها هو على فعله، فحينئذٍ تشقى وتتعس، وُتخاصمه وُتضاده، ليكون ذلك حافزًا له ليفيق ويعود للصواب والصلاح والسعادة. فالنفس إذن (أو القلب أو الروح أو الفطرة، وكلها مرادفات لمعنى واحد عند كثير من العلماء)؛ ما هي إلا مجموعة من الصفات الحسنة وضعها الله تعالى خالق الإنسان فيه لتؤهِّله لحُسن الانتفاع بالحياة والسعادة فيها، كالشجاعة والكرم والتعاون والصدق والعدل والتشاور والإيجابية والانطلاق والتفاؤل والوفاء والحب والرحمة والتواصل مع خالقها والتصديق به وبتوجيهاته لتطمئن وتهنأ كما يقول: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ (الأعراف: من الآية 172) ونحو ذلك، ثم إن العقل إمَّا أن يُنمِّي هذه الصفات الوليدة- والتي يتساوَى جميع البشر ذكورًا وإناثًا في تسلمها عند خروجهم للحياة تحقيقًا لعدل الله بينهم - ويُوجِّهها نحو الخير فيسعد الإنسان نفسيًّا وجسديًّا وفكريًّا، وإما أن يهملها ويُضمرها أو يُوجهها نحو الشر فيتعس؛ حيث يُحوِّل مثلاً الشجاعة لتجبُّرٍ أو الكرم لإسرافٍ أو الحب لعشقٍ أو الرحمة لذلةٍ أو الإيجابية لتهوُّرٍ أو الحوار لجدالٍ أو الحرية لفوضى أو ما شابه هذا. فما ذنبها هي إذن؟! إنًّ العصبي أو البخيل أو الجبان أو سيِّئ الأخلاق عمومًا، لم يُخلق كذلك! ولم يرثْها من أحد! وإلا ظلمنا المُوَرِّث وساعدنا هذا الوارث على الاتكال على أنه لن ينصلح بسبب خلقه هكذا! بل وأسأنا للخالق ذاته!! لأنه تعالى يُنافي ذلك بقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾ (التين)، قال الإمام ابن عجيبة في "البحر المديد": "أي كائنًا في أحسن ما يكون من التقويم والتعديل صورةً ومعنًى؛ حيث جعله الله مستوِيَ القامة متناسب الأعضاء متصفًا بصفات البارئ تعالى..." ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)﴾ (التين)؛ لعدم جريانه على موجب ما خلقه عليه من الصفات التي لو عمل بمقتضاها لكان في أعلى عليين"؛ فهل صفات البارئ تعالى أو روحه التي نفخ أجزاء منها في خلقه من بني آدم ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ (الحجر: من الآية 29) فيها سوء؟!. إنَّ الإنسان يكتسب السوء من البيئة المحيطة به إذا هو استسلم لها باختيار عقله، كما يُفهَم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المعروف، والذي له عدة روايات منها: "مَنْ يُولد، يُولد على هذه الفطرة، فأبواه يهودانه ويُنصرانه، كما تنتجون الإبل، فهل تجدون فيها جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟" (رواه مسلم وغيره)، أي أنتم الذين تقطعون أطرافها! أي أنتم الذين تغيِّرون أخلاقكم الحسنة التي ُفطِرتم عليها!. إنَّ النفس درجات لا أنواع، كما أورد الإمام الألوسي في تفسيره لقوله تعالي: ﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾ (القيامة): ".. النفس اللوامة فوق الأمَّارة وتحت المطمئنة.."، بمعنى أنه إذا سار العقل بها نحو كل خير كانت مطمئنةً سعيدةً هانئةً ودخلت في خطاب قوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)﴾ (الفجر)، فإذا ما أخطأ العقل الذي يُحركها ويقودها- لنسيانه ولاتباعه وساوس الشيطان وانخداعه بها- فإنها تلومه لتُعيده للصواب وللسعادة فتكون (النفس اللوامة)، فإذا ما أصرَّ العقل المدير لها على عناده وفساده واستسلامه لشيطانه أخذها للهاوية وأتعسها في حياتها وبعد مماتها في ﴿أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾... وحينئذ يحق لها أن تقول هي عليه: "إنَّ العقل لأمَّار بالسوء". إنَّ النفس لا يمكن أن تُلوَّث، بل هي صمام الأمان للإنسان، حتى لأسوأ شخص من حب الله لخلقه، حتى يظل كل عاصٍ له أمل في العودة لها، لخيرها؛ ليسعد في حياته وبعد مماته، إذا ما انصلح عقله وقاوَمَ شيطانه، فيفرح به ربه ويُعينه ويجزيه المزيد. إنَّ تعامُل العقل مع النفس على أنها مُعاونة له ومرجع ومقياس لكل تصرُّف هل هو حسن أم سيئ، كما يُفهم من حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) المعروف: "استفتِ قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردَّد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك" (رواه أحمد)، والذي قال فيه الإمام القاري في "مرقاة المفاتيح": "الإنسان إذا خُلِّي وطبعَه الأصلي اختار الأحسن من العقائد والأخلاق والأفعال وسائر الأحوال"، يجعلهما متناسقين متناغمين في الحياة، فيستقر الإنسان ويطمئن ويسعد، بينما لو تعامَل معها على أنها مُعادية له لا تأمره إلا بكل سوء نشأ بينهما الصراع والاضطراب وانتهى الأمر غالبًا بالتعاسة. فكن أيها الداعي إلى الله والإسلام- خاصةً ونحن في شهور طيبة كريمة- ممَّن لا يظلمون نفوسهم والذين قال تعالى فيهم: ﴿وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (يونس: من الآية 44)، بل كن ممَّن يعتبرونها مُعاونةً لهم، وصمامَ أمان، يعودون إليها، ويقيسون كل قول أو فعل على ما تحبه وتعرفه؛ لأن الذي برمجها خيريةً هكذا هو الله تعالى، الذي يحب خلقه والمُحِبّ لكل ما يُسعدهم، تَعِش بسلاسة معها ومع حياتك فتسعد في الداريْن.. وادع غيرك لمثل هذا، حتى يسعد الجميع في دنياهم وآخرتهم، وتنال أعظم الثواب. |
#2
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة مشرفنا الطيب أبو مصعب المصري مشكور اخى الكريم على الموضوع الطيب بارك الله فيك على المشاركه القيمه منك جعله الله في ميزان حسناتك دمتم في حفظ الرحمن |
#3
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله كل خي اخي مشرفنا الغالي ابو مصعب المصري وجعله بميزان حسناتك واسكنك فسيح جنانه على الموضوع والطرح المميز تقبل مروري دمت بحفظ الرحمن ورعايته |
#4
|
|||
|
|||
![]() بورك مروكم جميعا
وجزاكم الله خيرا |
#5
|
||||
|
||||
![]() نحن قوم اعزنا الله بالاسلام .. فان ابتغينا العزة.. في غيره اذلنا الله منذ ولدت و أنت تفخر بالاسلام ..... فمتى يفخر الاسلام بك |
#6
|
|||
|
|||
![]() بوورك مرورك استاذى الفاضل
|
#7
|
||||
|
||||
![]() موضوع هام وقيم فعلاً بارك الله فيك أخي الفاضل تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() بارك الله بك و جزاك كل خيرمشرفنا الفاضل على هذه الدعوة الطيبة بصراحة موضوع غاية في الروعة و الجمال و نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا
__________________
: : : : : ![]() مش هتهون الدعوة عليَّا .. لو بإديَّا .. هضحِّي دهور مش هتنازل عن سفينتها .. أنا حبتها .. حُـب النــور هيَّ الـدم اللي فـ شراييني .. مهما يجيني .. ظلـم وجـور هيَّ حيـاتي ونبض إيمـاني .. على جثمـاني .. هتبقى زهـور هيَّ سنين عُمري اللي بشوفهـا .. راسمة حروفهـا .. بمهر الحـور |
#9
|
||||
|
||||
![]() موضوع قيم بطرح وإبداع متجدد نفعنا الله بروائع قلمك وفيض كلماتك وبارك الله فيك وبك أخي وجٍُزيت الجنة
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
#10
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله كل خير اخي على الافادة والمعلومات النافعة
وشكرا |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |