أكثروا من ذكر هادم اللذات

[بشرى فلسطين]

أخوتي في الله أتدرون من هو هادم اللذات إسمعوا هذا الحديث

النسائي " عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا ذكر هادم اللذات " يعني الموت . أخرجه ابن ماجه و الترمذي أيضاً . و خرجه أبو نعيم الحافظ بإسناده من حديث مالك بن أنس " عن يحيى بن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا من ذكر هادم اللذات قلنا يا رسول الله : و ما هادم اللذات ؟ قال : الموت " .

وعن ابن عمر أنه قال (كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من الأنصار فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : أي المؤمنين أفضل ؟ قال : ( أحسنهم خلقا )قال : فأي المؤمنين أكيس ؟ قال : ( أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس )أخرجه مالك
وعن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله ) حديث حسن
وروي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكثروا ذكر الموت ، فإنه يمحص الذنوب ، ويزهد في الدنيا )
وقيل له يا رسول الله : هل يحشر مع الشهداء أحد ؟ قال (نعم ؛من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مره )
وقال السدى في قوله تعالى ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملآ ) أي أكثركم للموت ذكرا
فذكر الموت يورث استشعار الإنزعاج عن هذه الدار الفانية ، والتوجه في كل لحظه إلى الدار الآخرة الباقية ،ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالتي ضيق وسعه ، ونعمة ومحنة ،فإن كان في حال ضيق ومحنة فذكر الموت يسهل عليه بعض ما هو فيه ،فإنه لا يدوم ، والموت أصعب منه
أو في حال نعمة وسعه فذكر الموت يمنعه من الإغترار بها ، والسكون إليها ، لقطعه عنها وصدق من قال
لاشيء مما ترى تبقى بشاشته
يبقى الإله ويودى المال والولد
لم تغن عن هرمزٍ يوما ً خزائنه
والخلد قد حاولت عاد ٌ فما خلدوا
اين الملوك التي كانت لعزتها
من كل أوب ٍ إليها وافد ٌ يفد ؟
حوض ٌ هناك مورود ٌ بلا كذب ٍ
لا بد من ورده يوما ً كما وردوا
وقال الدقاق : من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء :
1- تعجيل التوبه
2- وقناعة القلب
3- ونشاط العبادة
ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء :
1- تسويف التوبه
2-وترك الرضى بالكفاف
3- والتكاسل في العباده
فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته ، وصعوبة كأسه ومرارته فيا للموت من وعدٍ ما أصدقه ، ومن حاكم ٍ ما أعدله ،
كفى بالموت مفزعا للقلوب ، ومبكيا للعيون ، ومفرقا للجماعات ، وهادما للذات ، وقاطعا للأمنيات ،
فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك ، وانتقالك من موضعك ، وإذا نقلت من سعة ٍ إلى ضيق ، وهجرك الأخ والصديق
وأخذت من فراشك وغطائك إلى غرر ، وغطوك من بعد لين لحافك بتراب ومدر
فيا جامع المال والمجتهد في البنيان ليس لك والله من مالك إلا الأكفان
بل هي والله للخراب والذهاب وجسمك للتراب والمآب
فأين ما جمعته من أموال ؟ فهل أنقذتك من الأهوال ؟ كلا بل تركته إلى من لايحمدك ، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك
قال الشاعر
هي القناعة لا تبغي بها بدلا
فيما النعيم وفيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكفن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته