هل سلم اليوم الفقهاء و العلماء من مواطن الفتن؟(السلف الصالح كنمودج). - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118810 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40194 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366983 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-03-2009, 05:16 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي هل سلم اليوم الفقهاء و العلماء من مواطن الفتن؟(السلف الصالح كنمودج).

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام على خير الأنام و على آله الكرام.
ثم أما بعد:

إن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدى هدى الأنبياء و خير السنن سنة نبينا صلى الله عليه و سلم.
العلماء هم و رثة الأنبياء عليهم عهد أن يبينوا الحق للناس و لا يكتموه و لا يخافوا في الله لومة لائم.....

***********
***********إعتبروا يا أولي الأبصار************
قال ابن الجوزي في(المنتظم): ("جاء رجلٌ من الصوفية إلى "بجكم" – وهو أحد حكامالأتراك - فوعظه، وتكلَّم بالفارسية والعربية حتى أبكاه بكاء شديداً، فلما ولَّىقال "بجكم" لبعض من حضره: احْمِلْ معه ألف درهم، فحُمِلَتْ، وأقبل من بين يديه،فقال: ما أظنُّه يقبلها، وهذا متخرق بالعبادة؛ "أيش يعمل بالدراهم؟!"، فما كانبأسرع من أن جاء الغلام فارغَ اليد، فقال له "بجكم": أعطيتَه إياها؟ قال: نعم، فقال "بجكم": كلنا صيادون، ولكن الشباك تختلف".

ذكَّرَتْني تلك الحكاية العجيبة بحال الكثير من دعاة الفضائيات الإسلامية ودعوتها للمسلمين، فمَن تأمَّل ما يُبثُّ فيها، فلرُبَّما يشعرُ أن دعاتِها واقعون بين المِطْرَقة والسندان، وقد يتكشَّف له بعضُ أسباب قلَّةِ الانتفاع من أولئك الدعاة، وانحراف فريق منهم عن الجادة،وانصرافهم للاصطياد!!، فهل - يا تُرَى - السبب في ذلك: ضعف المستوى؟، أم عدم الانسجام والتناغم بين القول والفعل من الدعاة؟، أم شيوع الإغراءات؟، أم الخطأ المحض في العلم والفتوى؟ أم التكلف الملحوظ؟، أم التلاطف والظُّرْف الممزوج؟!

وأخطر الدواهي: إتيانُ بعضِهم أبوابَ أصحابِ المصائب العظيمة، والقبائح الوخيمة، والبلايا الجسيمة، كمَن حَكَمَ بالطاغوت، وحارب الموحِّدين؛ بل لم تُقِلَّ الأرضُ، ولم تظلَّ السماء مَن هو أفسدُ لدين الله، وأجرأعلى حدوده منهم، ولا مشى على رِجْلَيْن أخسرُ صفقةً، وأخبثُ سعيًا منهم؛ حتى إنه استبدل كتاب ربنا الجليل بما خضّر وصفّر!!، وهذا أمر معلوم لكل أحد من الناس،ويعرفه كل مُجِدٍّ وخامل، ولا يقدر أحدٌ على إنكاره ودفعه، بل هو أشهر من نار علىعلم.

وقد حذَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من مواطن الفتن تحذيرًاعامًّا، وبيَّن عظيمَ خطرها، وحثَّ على اجتنابها، والهرب منها واعتزالها، وبيَّن أن شرَّها وفِتْنَتَها يكون على حسب التعلق بها، وبيّن أن من تعاطاها أو تَشَوَّف لها،صرعتْه وأهلكته، وفتنته وأَرْدتْه؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ستكون فتنٌ، القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يَشرف لها، تَسْتَشْرِفْه، ومن وجد ملجأًأو معاذًا، فلَيَعذْ به» [متفق عليه، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه].

فكل من فتح باب شرٍّ وَلجَه ودخله، ولا يقدر أن يملك نفسه أو يمسكهاعن الدخول بعد فتحِه؛ كما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جَنَبتي الصراط سورانِ فيهماأبواب مفتَّحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقول: يا أيهاالناس، ادخلوا الصراط جميعًا ولا تتفرجوا، وداعٍ يدعو من جوف الصراط، فإذا أراد أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب، قال: ويحك! لا تفتحْه؛ فإنك إن تفتحه تَلِجْه»الحديثَ؛ [رواه أحمد وغيره، من حديث النواس بن سمعان، وصححه الألباني].

ثم إن ثمَّةَ فارقًا بين نقد مشاهيرالفضائيات؛ لتصحيح المسار، وتقويم المفتون، وإيقاظ الوسنان الغفلان - كما هومقصودنا، إن شاء الله تعالى في تلك المقالة - وبين من يقصد إسقاطهم، بل إسقاط الدعوة؛ كما يفعلُه العَلْمانيون، وأصحاب الأغراض والأهواء، وتجارالأديان.

فالفتنة غير مأمونة على أحد، مهما بلغت درجةإيمانه وعلمه، والمعصومُ مَن عصمه الله تعالى؛ وكان سيدُ البشر أجمعين - صلى اللهعليه وسلم - أكثرُ ما يحلف به: «لا، ومقلبِ القلوب»كمافي البخاري، عن ابن مسعود، وكان من دعائه في السفر: «اللهم إني أعوذ بك.... ومن الحَوْر بعد الكَوْر» [رواه الترمذي وصححه الألباني]..

أما طريق أهل السنة والجماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمةالمسلمين: كالأوزاعي وسفيان الثوري، ومالك بن أنس والشافعي، وأحمد بن حنبل والقاسم بن سلام، وإسحاق ومحمد بن ناصر المروزي، ومن سار على طريقهم واتبع سبيلهم – فهومجانبة أهل الباطل والدنيا والسلطان.

فقد روى أحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ومن أتى أبواب السلاطين، افْتُتِن»الحديثَ.

وروى الدارمي في(مسنده)عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "من أراد أن يُكْرم دِينه، فلا يَدْخل على السلطان، ولا يَخْلُوَنَّ بالنسْوانِ، ولا يخاصِمَنَّ أصحاب الأهواء".

وروى ابن سعد في(الطبقات)عن سلمة بن نبيط قال: "قلت لأَبي - وكان قد شهد النبي - صلى الله عليه وسلم – ورآه،وسمع منه -: يا أَبَتِ، لو أتيتَ هذا السلطان، فأصبتَ منهم، وأصاب قومك في جناحك،قال: أي بُنَيَّ، إني أخاف أن أجلس منهم مجلساً يُدْخلني النار".

وعن حذيفة - رضي الله تعالى عنه - قال: "إياكم ومواقفَ الفتن"، قيل: "وما مواقف الفتن؟"، قال: "أبواب الأمير؛ يدخل الرجل على الأمير،فيُصَدِّقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه".

بل إن الله تعالى قد حذر نبيه المجتبى – صلى الله عليه وسلم - من الركون إلى الظلمة؛ فقال عزّ مِن قائل: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُوَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113]، وقال: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]، وقال: {وَلَوْلاَ أَنثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاًلَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} [الإسراء: 74-75]،

وقال الأستاذ سيد قطب في(الظلال)( ....لتضع معالم الطريق كله، ولتقرِّر الميزان الذي توزن فيه القيم، بِغَض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات، بما في ذلك اعتبارمصلحة الدعوة كما يراها البشر؛ بل كما يراها سيدُ البشر - صلى الله عليه وسلم - وهنا يجيء العتاب من الله العليِّ الأعلى لنبيّه الكريم، صاحب الخلق العظيم، في أسلوب عنيف شديد، وللمرة الوحيدة في القرآن كلِّه يُقَال للرسول الحبيب القريب: {كلاّ!}، وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب؛ ذلك أنه الأمرالعظيم الذي يقوم عليه هذا الدين!!

فبين الله له: أن استقامة الدعوة على أصولها الدقيقةأهمُّ من إسلام أولئك الصناديد، وأبطل كيدَ الشيطان من الدخول إلى العقيدة من هذه الثغرة، وأحكم الله آياتِه، واطمأنت إلى هذا البيان قلوبُ المؤمنين".

فالهداية لله تعالى، وليس لبشرٍ منها شيءٌ،حتى لو كان رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقد تَمَنَّى ودعا لأقوام بالإسلام،ثم كَبّهم الله على مناخرهم في النار؛ كأبي طالب، ولعن أقوامًا آخرين، ثم كتب الله لهم الهداية؛ كأبي سفيان؛ فالعبدُ عبدٌ - وإن كان سيدَ البشر - والربُّ ربٌّ، وهوشأن الألوهية المتفردة بلا شريك؛ قال تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] .

هذا؛ وسأذكر بعض المواقف الحاسمةالقاسمة لسلفنا الصالح، في التحذير من مخالطة أهل الدنيا عمومًا، وأهل الحكم خصوصًا،ورحم الله القائل: "إذا رأيتم العالم يَزُورُالسلطان، فاتَّهموه على دينكم"،وقال وهب: "هؤلاء الذين يدخلون على الملوك لَهُمْ أضرُّ على الأمة من المقامرين"،وقال محمد بن مسلمة: "الذباب على العَذرةِ أحسنُ من قارئٍ على باب هؤلاء"، وكان سعيدُ بن المسيب يَتَّجِرُ في الزيت ويقول: "إن في هذالغنى عن هؤلاء السلاطين".

وأخرج أبو نعيم، وابن عساكر: أن بعض الأمراء أرسل إلى أبي حازم فأتاه - وعنده الإفريقي والزهْري وغيرهما - فقال له: تكلَّم - يا أباحازم - فقال أبو حازم: "إن خيرَ الأمراء من أحب العلماء، وإن شرَّ العلماء من أحب الأمراء، وكانوا فيما مضى إذا بعث الأمراء إلىالعلماء، لم يأتوهم، وإذا سألوهم، لم يُرَخصوا لهم، وكان الأمراء يأتون العلماء في بيوتهم فيسألونهم، وكان في ذلك صلاح للأمراء وصلاح للعلماء، فلما رأى ذلك ناس من الناس، قالوا: ما لنا لا نطلب العلم حتى نكون مثلَ هؤلاء؟! وطلبوا العلم، فأتواالأمراء، فحدَّثوهم، فرخصوا لهم، فخرَّبت العلماء على الأمراء، وخربت الأمراء علىالعلماء".

أخرج ابن النجارفي(تاريخه)"أن المأمون ناظَرَ إبراهيم بن إسحاق الحربي في الفقه، فجعل يخالفه، ويقول: القول في هذه المسألة خلاف هذا، فغضب المأمون، فلما كثرخلافه قال: عهدي بك، كأنك تذهب إلى أصحابك فتقول: خطَّأْتُ أمير المؤمنين، فقال: والله - يا أمير المؤمنين - إني لأستحي من أصحابي أن يعلموا أني جئتُك!! فقال المأمون: الحمد لله الذي جعل في رعيَّتي من يستحي أن يجيئني، ثم سجد لله شكرًا".

وأخرج البيهقي في)شعب الإيمان(قال بشر الحافي: "ما أقبحَ أن يُطْلَب العالم، فيقال: هو بباب الأمير"..

وأخرج البيهقي عنوهب بنمنبه: أنه قال لعطاء: "إياك وأبوابَ السلطان؛ فإن على أبواب السلطان فِتَنًا كمبارك الإبل، لا تصيب من دنياهم شيئًا، إلا أصابوا من دينك مثلَه".

وتأمَّليا أخي رعاك الله - إنكارَ أخٍ للزهري لمَّا رآه خالط السلطانَ، فكتب له: "عافاناالله وإياك - يا أبا بكر - من الفتن، فقد أصبحتَ بحال، ينبغي لمن يعرفك أن يدعو لكويرحمك، أصبحتَ شيخًا كبيرًا، وقد أثقلتْك نعم الله؛ لِما فهّمك من كتابه، وعلّمكمن سنَّة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء،واعلم أن أيسر ما ارتكبتَ، وأخف ما احتملتَ: أنك أَنِسْتَ وحشة الظالم، وسهَّلْتَ سبيل الغيِّ، بدُنُوِّك ممن لم يؤدِّ حقًّا، ولم يترك باطلاً حين أدناك، اتَّخَذَكقطبًا تدور عليك رحايا ظلمهم، وجسرًا يعبرون عليك إلى بلائهم، وسُلَّمًا يصعدون فيه إلى ضلالتهم، يُدْخلون بك الشك على العلماء، ويغتالون بك قلوب الجهَّال، فماأَيْسَرَ ما عمَّروا لك في جنب ما أخربوا عليك، وما أكثرَ ما أخذوا منك فيما أفسدواعليك من دينك، فما يُؤَمِّنُك أن تكون ممن قال الله فيهم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَيَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]؟! وإنك تُعَامِل مَن لا يجهل، ويحفظ عليك من لايغفل، فدَاوِ دينك؛ فقد دخله سقم، وهيِّئْ زادك؛ فقد حضره سفر بعيد، وما يخفى علىالله شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام"

وفي (تاريخ بغداد): "أن سلطان بخارى بعث إلى محمد بن إسماعيل البخاري يقول: احمل إليَّ كتاب: "الجامع"، و"التاريخ"؛ لأسمع منك، فقال البخاري لرسوله: قل له: أنا لا أُذِلُّ العلمَ، ولا آتي أبواب السلاطين، فإن كانت لك حاجةإلى شيء منه، فلتحضرني في مسجدي أو في داري".

وقال الزجاجي في(أماليه): "مَرَّ الحسن البصري بباب/عمرَ بنِ هبيرة/ وعليه القرَّاء، فسَلَّم، ثم قال: ما لكم جُلوسًا؟! قد أحفيتُم شوارِبَكم، وحلقتم رؤوسكم، وقصَّرتم أكمامكم، وفلطحتم نعالكم! أما والله، لو زهدتُم فيما عندهم، لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتُم فيما عندهم، فزهدوا فيما عندكم،فَضَحْتُم القرَّاء، فَضَحَكم الله".

قال الحسن أيضًا: "إنْ سَرَّكم أن تَسْلَموا ويَسْلم لكم دينكم، فكفُّوا أيديَكم عند ماء المسلمين، وكفُّوا بطونكم عن أموالهم، وكفُّوا ألسنتكم عن أعراضهم، ولاتجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك، فيلْبِسوا عليكم دينَكم".

ودخل سفيان الثوري على أبي جعفر بمنى، فقال له: "ارفع حاجتك،فقلت له:اتَّقِ الله؛ فإنك قد ملأتَ الأرض جورًا وظلمًا، قال: فطَأْطأ رأسه، ثم رفع وقال: ارفع لنا حاجتك، فقلت: إنما أُنْزلتَ هذه المنزلة بسيوف المهاجرين والأنصار،وأبناؤهم يموتون جوعًا، فاتَّقِ الله، وأوصلْ إليهم حقوقهم، قال: فطأطأ رأسه، ثم رفع وقال: ارفع إلينا حاجتك، قلت: حجَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال لخازنه: كم أنفقتَ؟ قال: بضعةَ عشرَ درهمًا، وأرى هنا أمورًا لا تُطيق الجمالُ حَمْلَها"

وروى الخطيب البغدادي عن مالك بن أنس - رحمهالله - قال: "أدركتُ بضعة عشر رجلاً من التابعين يقولون: لا تأتوهم، ولاتأمروهم؛ يعني السلطان".

فانظر - رعاك الله -: كيف فرَّ أهل العلم من سلاطين فتحوا البلاد، ومَصَّروا الأمصار، وأقاموا الحقَّ، وحكموا بالقسط، وحمُوا بيضةَالإسلام؟! فكيف الحال بالدخول والمدح والتملق لمن استبدل أحكام الله بزبالةالأذهان، وحُكْمِ الطَّغَاة، وضرب على المسلمين قوانين الرومان، فدمَّر الأخلاق والآداب والأديان، قوانينَ إفرنجية وَثَنِيَّة، أفسدت عقول الراعي والرعية؟!

فإن قيل: إذا امتنع عن الدخول أو الثناء، أُوذِيَ وعُودِي - قيل: فتلك رخصة، ولكن ليحذر من تَقِيَّة الشيعة الرَّدِيَّة؛ ففي التعريض مندوحة عن الكذب، وليكن في دخوله آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر؛ كما فعل السلف الصالح،وليحرصْ على ما يُقَوِّي الإيمان، ويَتَجَنَّب الذنوبَ التي بها يُسَلَّطون عليه؛فإن قول الحق في هذا المقام من أعظم الجهاد في سبيل الله، وليحذر أن يَنصر العدوَّعليه بذنوبه، ولكن إن كان الأمر فوق قدرته وطاقته، فلا يكلِّف الله نفسًا إلاوسعها، فلا يتعرض من البلاء لما لا يُطِيق، فيَسَعه السكوت، وليجلس في بيته؛ فهوأولى من التلبيس والتدليس، وإضلال العوام، وإغراء الجهَّال، وإيقاع الناس في القيلوالقال.

قال ابن الحاج في(المدخل) "ينبغي للعالم، بل يتعيَّن عليه: أن لا يتردد لأحدمن أبناء الدنيا؛ لأن العالم ينبغي أن يكون الناس على بابه، لا عكس الحال، أن يكون هو على بابهم، ولا حجة له في كونه يخاف من عدوٍّ أو حاسد، وما أشبهَهما بمن يخشى أن يُشَوّش عليه، أو يرجو أحدٌ منهم دفعَ شيء مما يخشاه، أو يرجو أن يكون ذلك شيئًا لقضاء حوائج المسلمين، من جلب مصلحة لهم أو دفع مضرة"

وتأمل ما أخرجه أبونعيم في "الحلية": "قيل لعبد الله بن المبارك: أن إسماعيل بن علية قد وَلِيالصدقات، فكتب إليه ابن المبارك:
يَا جَاعِلَ الْعِلْمِ لَهُ بَازِيًا يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِينْ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَاوَلَذَّاتِهَا بِحِيلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّينْ
فَصِرْتَ مَجْنُونًا بِهَابَعْدَمَا كُنْتَ دَوَاءً لِلْمَجَانِينْ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِي سَرْدِهَاعَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيرِينْ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيمَا مَضَى فِيتَرْكِ أَبْوَابِ السَّلاطِينْ
إِنْ قُلْتَ: أُكْرِهْتُ، فَمَاذَا كَذَا زَلَّ حَمَّارُ الْعِلْمِ فِي الطِّينْ
قال: فلما قرأ الكتاب بكىواستعفى
وليعلم: أن مصلحة الدعوة الحقيقية في الاستقامة على شرع الله، دونانحراف أو اختراع؛ قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيأَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَاللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين} [يوسف: 108]، "وطواعيةُ الله ورسوله أنفعُ لنا"؛ كما قال رافع بن خديج.

قال الأستاذ سيد قطب في(ظلال القرآن): "ولقد تدفع الحماسةُوالحرارة أصحابَ الدعوات بعدَ الرسل، والرغبةُ الملحة في انتشار الدعوات وانتصارها - تدفعهم إلى استمالة بعض الأشخاص، أو بعض العناصر، بالإغضاء في أول الأمر عن شيءمن مقتضيات الدعوة، يحسبونه هم ليس أصيلاً فيها، ومجاراتِهم في بعض أمرهم؛ كي لاينفروا من الدعوة ويخاصموها!

ولقد تدفعهم كذلك إلى اتخاذ وسائل وأساليب، لاتستقيم مع موازين الدعوة الدقيقة، ولا مع منهج الدعوة المستقيم؛ وذلك حرصاً علىسرعة انتصار الدعوة وانتشارها، واجتهاداً في تحقيق مصلحة الدعوة، ومصلحةُ الدعوةالحقيقية في استقامتها على النهج، دون انحراف قليل أو كثير".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الدعوة إلى الله هي الدعوة إلىالإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلكيتضمن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت،والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، والدعوة إلى أن يعبد العبدُ ربَّه كأنه يراه؛ فإن هذه الدرجات الثلاث، التي هي: "الإسلام"، و"الإيمان"، و"الإحسان" - داخلةٌ في الدين؛ كما قال في الحديث الصحيح: «هذا جبريلُ، جاءكم يُعَلِّمكم دينكم»".

وقال: "فالدعوة إلى الله: تكون بدعوة العبد إلى دينه، وأصلُ ذلك: عبادتُه وحدَه لا شريك له؛ كما بعث الله بذلك رسله، وأنزل به كتبه؛ قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوافِيهِ} [الشورى: 13]، وقال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوااللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل: 36]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]،والرسول - صلى الله عليه وسلم - قام بهذه الدعوة؛ فإنه أمر الخلق بكل ما أمر الله به، ونهاهم عن كل ما نهى الله عنه؛ أمر بكل معروف، ونهى عن كل منكر"
أخي الكريم:
الرسول صلى الله عيله و سلم أدى الأمانة و بلغ الرسالة
وسار على نهجه من لا يخاف في الله لومة لائم.
خافوا من غضب الله و لم يخافوا من جبروت الطغاة.
ما أحوجنا إلى أمثالهم في هذا الزمان.
لكن أنا على يقين :كيفما كانت أنفسكم يولى عليكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم إنا نسألك الهدى و التقى و الفلاح.
اللهم اصلح علمائنا فهم قدوتنا و نبراسنا.
اللهم قوي الإيمان في قلوبنا يامقلب القلوب.
آمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليك بطريق الحق,ولا تستوحش لقلة السالكين.وإياك وطريق الباطل و لا تغتربكثرة الهالكين.
أحسن الفقه هو أن لا تحول ذنوب المرء بينه و بين حسن الخاتمة.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 22-03-2009 الساعة 05:46 PM. سبب آخر: تصحيح كتابي..
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 211.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 209.76 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.82%)]