حسن المعاملة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4939 - عددالزوار : 2029853 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4514 - عددالزوار : 1306121 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 123404 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77597 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 49028 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61501 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42899 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-07-2025, 06:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي حسن المعاملة

حسن المعاملة

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من النار.

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وسُئِلت أمنا عائشة رضي الله عنها عن خُلُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ((كان خُلُقُه القرآن))[1]، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان ذا خلق رفيع، وكان حسن المعاملة مع الناس، يخالطهم بقدر ما ينفعهم ويفيدهم من غير أن يمَلوه أو يحرجهم.

حسن المعاملة هو عنوان خطبتنا اليوم، أيها الإخوة المؤمنون.

عباد الله: حسن المعاملة مع الخلق من محاسن الأخلاق ومكارمها، وله صور عديدة؛ منها:
أولًا: حسن المعاملة مع الوالدين: فخيرهم أسبق، أحسنوا إلينا صغارًا؛ فلْنُحسن إليهم كبارًا؛ ونبَّه الله إلى هذا بقوله: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24]، وقال: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك))[2]، فوجب حسنُ صحبتهما حتى ولو كانا كافرين؛ فبالأحرى إذا كانا مؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].

ثانيًا: حسن المعاملة مع الزوجة: قال صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))[3]، وقال: ((استوصوا بالنساء خيرًا))[4]، وقال: ((لا يفرك مؤمن مؤمنةً، إن كرِه منها خلقًا، رضِيَ منها آخر))[5]؛ أي: لا تبغضها كل البغض؛ فإن في أخلاقها محاسنَ لو تأملت، والعكس صحيح، فلا ينبغي لمؤمنة بُغضُ زوجها، فلو تأملَت ففيه محاسن أخرى، ويوجد في الكثير من البيوت مشاكل، وسببها غياب حسن المعاملة بالمودة والرحمة؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، والحياة الزوجية إذا خلت من المودة والرحمة، كانت كالجسد الميت إذا لم يُدفن، فاح عفنه ونَتَنُه؛ يعني: إن الحياة الزوجية تفقد جوهرها وقيمتها، إذا لم تكن مبنية على المودة والرحمة، وتصبح علاقة سامة ومؤذية للطرفين.

ثالثًا: حسن المعاملة مع الجار: قال صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُحْسن إلى جاره))[6]، وفي رواية: ((فليكرم))، وفي رواية: ((فلا يؤذِ جاره))، ولا بد من الصبر على أذاه؛ يقول ابن الوردي في لاميته:
دارِ جار السوء بالصبر وإن
لم تجد صبرًا فما أحلى النقل!


والسلف الصالح يضربون أروع الأمثلة في حسن الجوار؛ فهذا محمد بن الجهم كان جارًا لسعيد بن العاص، عاش سنوات ينعَم بجواره، فلما عرض محمد بن الجهم داره للبيع بخمسين ألف درهم، وحضر الشهود ليشهدوا، قال: بكم تشترون مني جوار سعيد بن العاص؟ قالوا: إن الجوار لا يُباع، وما جئنا إلا لنشتري الدار، فقال: وكيف لا يُباع جوار من إذا سألته أعطاك، وإن سكت عنه بادرك بالسؤال، وإن أسأت إليه أحسن إليك، وإن هِجته عطف عليك؟ فبلغ ذلك الكلام جاره سعيد بن العاص فبعث إليه بمائة ألف درهم، وقال له: أمْسِكْ عليك دارك؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه)[7].

رابعًا: حسن المعاملة مع الحيوان: قال صلى الله عليه وسلم: ((بينا رجل يمشي، فاشتدَّ عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يلهَث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقيَ، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر))[8].

هناك بعض الناس يضعون ماءً في فناء الدار أو سطح المنزل أو في الحديقة، ويتركونه للحيوانات، فقد أحسنوا فعلًا؛ لأنك لا تدري بأي ذنب يغفر الله لك، فلا تحقِر من المعروف شيئًا.

خامسًا: حسن المعاملة مع الناس: قال صلى الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن))[9]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن شر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة من تركه الناس اتقاءَ شرِّه))[10]، عامِلِ الناس بأخلاقك الطيبة لا بأخلاقهم، أحِبَّ لهم من الخير مثل ما تحب لنفسك، اكره لهم من الشر مثل ما تكره لنفسك، خالطهم واصبر على أذاهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضلُ من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم))[11].

إذا كنت تاجرًا مثلًا، فكن رحيمًا في بيعك وشرائك؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((رحِم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى))[12]، فلا ترفع السعر إذا كنت بائعًا، ولا تبخس قيمة السلعة إذا كنت مشتريًا، ولا تشدد في طلب ديونك إذا كان المدين معسرًا؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].

فاللهم حسِّن أخلاقنا، وحسِّن معاملاتنا، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، وصلى الله على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن لآثارهم اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فاليوم نستقبل العام الهجري الجديد (1447 هجرية)، ونسأل الله أن يكون عامَ نصرٍ وتمكين، نصراً يُعِز به الإسلام والمسلمين، ويُذل فيه الشرك والمشركين، وما أحوجنا إلى تجديد سلوكنا في هذا العام! قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، ولن يتأتى لنا قطفُ ثمار وفوائد وآثار حسن المعاملة إلا بهذا التغيير.

ومن تلكم الفوائد:
محبة الناس واحترامهم لمن يعاملهم معاملة حسنة؛ فالنفوس مجبولة على حب من أحسن إليه، ورحمة الله على أبي الفتح البستي القائل:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
إنك بالنفس لا بالجسم إنسانُ
من استعان بغير الله في طلب
فإن ناصره عجز وخذلانُ


حسن المعاملة يثقل الميزان يوم القيامة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ فإن الله تعالى لَيُبغض الفاحش البذيء))[13].

حسن المعاملة طريق للنجاة يوم القيامة من النار، واستحقاق دخول الجنة، والقرب من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ألَا أخبركم بمن يُحرَّم على النار، وبمن تُحرَّم عليه النار؟ على كل قريب هيِّنٍ سهل))[14]، قريب أي: قريب من الناس، وهين أي: سمته الهدوء والوقار والتواضع، وسهل أي: سهل في المعاملة؛ وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إليَّ، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنُكم أخلاقًا))[15]، و((ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا: لم يعمل خيرًا قط، وكان يداين الناس، فيقول لرسوله: خذ ما تيسر، واترك ما عسر وتجاوز، لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله له: هل عمِلت خيرًا قط؟ قال: لا، إلا أنه كان لي غلام، وكنت أُداين الناس، فإذا بعثته يتقاضى، قلت له: خذ ما تيسر، واترك ما عسر، وتجاوز، لعل الله يتجاوز عنه، قال الله تعالى: قد تجاوزت عنك))[16].

فاللهم تجاوز عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
(تتمة الدعاء)

[1] رواه أحمد في مسنده، رقم: 25813.

[2] رواه مسلم، رقم: 2548.

[3] رواه الترمذي، رقم: 3895.

[4] رواه البخاري، رقم: 5185.

[5] رواه مسلم، رقم: 1469.

[6] رواه مسلم، رقم: 48.

[7] رواه البخاري، رقم: 6014.

[8] رواه البخاري، رقم: 2363.

[9] رواه الترمذي، رقم: 1987.

[10] رواه البخاري، رقم: 6032.

[11] رواه ابن ماجه، رقم: 4032.

[12] رواه البخاري، رقم: 2076.

[13] رواه الترمذي، رقم: 2002.

[14] رواه الترمذي، رقم: 2488.

[15] رواه الترمذي، رقم: 2018.

[16] صحيح الترغيب، رقم: 905






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.43 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.29%)]