|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أشنع جريمة في التاريخ كله فهد عبدالله محمد السعيدي ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21]. عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "قتلت بنو إسرائيل ثلاثمائة نبيٍّ من أول النهار، وأقاموا سوقَ بقلهم من آخره"؛ [رواه ابن أبي حاتم]. ما زال كلام ابن مسعود هذا يجول في خاطري، ويضطرب له قلبي؛ لأن هذه الجريمة فريدة من نوعها، منذ خلق الله هذا الكون وإلى قيام الساعة. ما زلت أتساءل: كيف رتَّبوا لهذه الفعلة الشنيعة؟ وكيف خططوا لها؟ وكيف تجرؤوا عليها؟ ألم يكن فيهم من يحبسهم عن فعل هذه الجريمة، ولو عن نبي واحد من هؤلاء الأنبياء؟ أين قاداتهم ووجهاؤهم وأصحاب البأس فيهم؟ بل أعجب من هذا؛ ألم يكن لهؤلاء الأنبياء آباء وأبناء، وأعمام وأخوال، وأصهار وجيران وأصدقاء؟ كما كان لسائر الأنبياء أبناء عمٍّ ينصرونهم ولو لم يؤمنوا بهم؛ فقد ناصر بنو هاشم وبنو المَطْلَبِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ولم يُسلم منهم إلا عدة رجال ونساء؛ حتى عاشوا معه في الحصار ثلاث سنوات. وفي بني إسرائيل ثلاثمائة نبيٍّ، يكفي أن يكون أنصارهم من أقاربهم وأصدقائهم عشرات الآلاف، فأين هم من هذه الفعلة الشنيعة؟ لا خير في القتلة، ولا خير في أنصار هؤلاء الأنبياء، هل لو كان القتل في غير الأنبياء كانوا سينتقمون لهم؟ ربما؛ والشاهد أمامنا حين يُظلم أهل الخير فلا ناصر لهم، وحين ينتقم المظلوم من أهل الشر فالأنصار كثير. أن تتم هذه المجزرة الشنيعة في صبيحة واحدة، ثم يقيم القتلة سوق بيع البقل؛ يدل أن الأمور مشَتْ وكأن لم يكن شيء. لا ردة فعلٍ ولا خوف من ردة فعلٍ، بل كان يومهم ذلك كسائر أيامهم، يا ألله! ما أنكر تلك الحادثة! وما أشد خبث صانعيها! ثم تأمل معي خاصة أنت أيها المظلوم في هذه الأيام من هذه الأمة الخبيثة، تأمل حال أولئك الأنبياء عند مقتلهم، يُقتل النبي جوار النبي وهم ينظرون للناس ولا ناصر لهم، ولا يوجد من يغضب لهم إلا علماء من بني إسرائيل، أنكروا ذلك فطالتهم أيدي القتل والتنكيل. تأمل والنبي ينظر إلى سكوت جمهور الناس الذين كان يعلِّمهم الخير ويدلهم عليه، وإذا بهم كأن الأمر لا يعنيهم، كأن الذي يُذبح الآن أمامهم حيوانٌ يجوز ذبحه. تعزَّ بمصيبة أولئك؛ لعلها تخفف ألم المصيبة، وقهر الخذلان الذي يحيط بك من إخوانك في الدين والنسب؛ فَلَكَ في ثلاثمائة نبي أسوة حسنة، ثلاثمائة نبيٍّ يُقتلون دون سابق إنذار. جميع الأمم المكذِّبة توعدت أنبياءها، لكن لم تُقدم على قتلهم، فقوم صالحٍ كانوا أشدَّاء، وما فكروا بقتل صالح إلا تسعة نفر منهم في آخر ليلة عاشوا بها، حين انتهت مهلة ثلاث الليالي التي سيأتيهم في آخرها عذاب الله تعالى، فلم يصلوا إليه لأن العذاب سبقهم. وكذا قوم إبراهيم أرادوا قتله غيظًا منهم على ما فعله بآلهتهم، وقد ذكروا في قصته أنهم مكثوا عدة أشهر يجمعون الحطب؛ ليُشعلوا الوادي؛ أي كانوا أكثر تأنيًا من بني إسرائيل، بل أرادوا قتل إبراهيم لأنهم يخالفونه في دينه، أما بنو إسرائيل فقد كانوا يرَون أنهم مسلمون، وأن قتلهم للأنبياء كان كأي معصية يفعلونها. وبالمناسبة هنا نذكر أن قريشًا لم تخطط لقتل النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد مكوثه فيهم ثلاث عشرة سنة، يسفِّه آلهتهم، ويقرأ عليهم الآياتِ الزاجرةَ لهم. أما كفار اليهود في المدينة المنورة، فمنذ أول سنتين خانوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أرادوا قتله عدة مرات؛ وكان آخرها حادثة أكل السم الذي وضعوه له في لحم شاةٍ، قدموها له ضيافةً من عندهم، وهم يعرفون أنه نبي كما يعرفون أبناءهم، فكانوا أسرع إجرامًا من كفار قريش، مع علمهم أنه نبي حقًّا، بل لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب تسميم لحم الشاة، قالوا: نريد أن نختبرك: هل أنت نبي أو لا؟ ومع ذلك كان الاختبار ناجحًا؛ حيث بانَ لهم أنه رسول الله خاتم الأنبياء، ولم يؤمن ولو واحدًا منهم بعد هذا الاختبار. إننا نقف عند أعجب الأمم في تاريخ البشر، قوم لا تعرف الخليقة من هم أجرأ منهم على الخبث، وعلى الفساد في الأرض. قوم لا يصالحونك إلا لمصلحتهم فقط بنسبة 100%، لو تستفيد من الصلح معهم 1%، لَحسدوك عليه، وأرادوا نزع هذا المكسب الضئيل منك، هذه أمة غريبة في أخلاقها وأساليب عيشها، وكيفية التعايش معها؛ لهذا ضرب الله عليهم الذِّلَّة والمسكنة إلى يوم القيامة؛ لأنها أمة لا تستحق أن تكون في يوم من الدهر في مقدمة الأمم، بل لا يصلح أن تكون بعدها أمة وثنية أو أمة ملحدة، فهم في آخر الأمم على الإطلاق، فمن يرِدْ أن يؤخِّر نفسه، فليتقرب منهم، ليصير في آخر صفوف الأمم، ولينزل دركات كثيرة حتى يبلغ دركتهم السافلة. هم لم يرضوا عن جميع الأنبياء منهم ومن غيرهم، وتريدونهم أن يرضوا عنكم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |