|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() من صيام التطوع: صوم يوم وإفطار يوم د. عبدالرحمن أبو موسى أفضل صيام التطوع هو صوم يوم وفطر يوم، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أقول لأقومنَّ الليل ولأَصومنَّ النهار ما عشت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت الذي تقول ذلك؟ فقلت له: قد قلته يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنك لا تستطيع ذلك، فصُمْ وأفطِر، ونَم وقُم، وصُم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر، قال: قلت فإني أُطيق أفضل من ذلك، قال: صُم يوما وأفطر يومين، قال قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال: صُم يومًا وأفطِر يومًا، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام - وفي رواية أفضل - قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا أفضل من ذلك)؛ [خ 3418، م 1159]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمتى كانت العبادة توجب له ضررًا يَمنعه عن فعل واجب، أنفع له منها كانت محرَّمة؛ مثل أن يصوم صومًا يُضعفه عن الكسب الواجب، أو يَمنعه عن العقل أو الفهم الواجب، أو يمنعه عن الجهاد الواجب، وكذلك إذا كانت توقعه في محل محرَّم لا يقاوم مَفسدته مصلحتها؛ مثل أن يخرج ماله كله، ثم يستشرف إلى أموال الناس ويسألهم، وأما إن أضعَفته عما هو أصلح منها، وأوقعته في مكروهات، فإنها مكروهة"؛ [مجموع الفتاوى 25/ 272]. اختلف العلماء في صوم الدهر: القول الأول: أنه مكروه، إلا إذا تضمن صيام أيام النهي فيَحرم، وهذا هو مذهب الحنابلة، واستدلوا بما يأتي: 1- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: (لا صام من صام الأبد)؛ [خ 1977، م 1159]. 2- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: (لا صوم فوق صوم داود، شطر الدهر، صُمْ يومًا، وأفطر يومًا)؛ [خ 1980، م 1159]. 3- عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سُئل عن صيام الدهر، فقال: لا صام ولا أفطر، أو ما صام وما أفطر، قال: فسئل عن صوم يومين وإفطار يوم، قال: ومن يطيق ذلك، قال: وسئل عن صوم يوم وإفطار يومين، قال: ليت أن الله قوَّانا لذلك، قال: وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم، قال: ذاك صوم أخي داود عليه السلام)؛ [م 1162]. قالوا: والمراد بهذه الأحاديث إن صام الدهر مع أيام النهي، أما إن لم يصُم أيام النهي، فالأمر لا يعدو الكراهة. وأُجيب بما قاله ابن دقيق العيد: "... أن في هذا خروجًا عن الحقيقة الشرعية، وهو مدلول لفظة (صام)، فإن هذه الأيام غير قابلة للصوم شرعًا؛ إذ لا يتصور فيها حقيقة الصوم، فلا يحصل حقيقة (صام) شرعًا لمن أمسَك في هذه الأيام"؛ [إحكام الأحكام 2/ 29، وانظر زاد المعاد 2/ 80]. 4- أن صيام الدهر لو لم يكن مكروهًا للزِم أحد ثلاثة أمور، الأول: أن يكون أحبَّ إلى الله من صوم يوم وفطر يوم؛ لأنه زياد عمل، وهذا مردودٌ بنص الحديث أن أحب الصيام إلى الله صيام داود، والثاني: أن يكون مساويًا لصوم يوم وفطر يوم في الفضل، هذا ممتنع إذا يتساويان، والثالث: أن يكون مباحًا، وهذا ممتنع إذا ليس هناك عبادة مباحة، بل العبادة إما راجحة أو مرجوحة، وكل عبادة مشروعة هي إما واجبة أو مستحبة؛ [زاد المعاد 2/ 81]. وهذا الدليل ذكره ابن القيم في زاد المعاد، وهو صالح لأن يكون دليلًا على تحريم صيام الدهر أيضًا. القول الثاني: أنه مستحب، وهذا مذهب الجمهور، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: "يا رسول الله إني أسرد الصوم"؛ [خ 1942، م 1121]. وأُجيب عنه بأن السرد لا يلزَم منه صيام الدهر، بل السرد هو متابعة الصيام، ولهذا في رواية مسلم قال: (يا رسول الله، إني رجل أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ قال: صم إن شئت وأفطر إن شئت)، فسأله عن الصيام في السفر، فدل على أنه يكثر الصوم فقط، ولهذا جاء في رواية للبخاري: (وكان كثير الصيام)؛ [خ 1943]. القول الثالث: أنه محرَّم، وهو مذهب الظاهرية، واستدلوا بما يأتي: 1- حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعًا: (من صام الدهر ضُيِّقت عليه جهنم هكذا، وقبض كفَّه)؛ [حم 19214، قال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح، وصححه ابن خزيمة 3/ 313، والمعلق على زاد المعاد 2/ 83]، وأُجيب بأن المراد: ضيقت عنه؛ [المجموع شرح المهذب 6/ 389]. ورد هذا بما ذكره صاحب المغني قال: "قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فسر مسدد قول أبي موسى: (من صام الدهر ضُيِّقت عليه جهنم)، فلا يدخلها، فضحك وقال: من قال هذا؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم كَرِهَ ذلك"؛ [المغني 4/ 430، وانظر زاد المعاد 2/ 82، فتح الباري 4/ 222]. 2- ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عمرو الشيباني قال: "بلغ عمر أن رجلًا يصوم الدهر، فأتاه فعلاه بالدرة وجعل يقول: كلْ يا دهري"؛ [المصنف 2/ 492، وقال الحافظ في الفتح: "بإسناد صحيح"، رقم الحديث 1977]، والأقرب هو القول الثالث.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |