تفسير قوله تعالى: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض... } - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 959 - عددالزوار : 121206 )           »          الصلاة دواء الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          يكفي إهمالا يا أبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          فتنة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حفظ اللسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التحذير من الغيبة والشائعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          قصة سيدنا موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-04-2025, 03:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,460
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير قوله تعالى: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض... }

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ... ﴾

سعيد مصطفى دياب

قوله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 133- 136].

أَمَرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التي من آثارها مَغْفِرَةُ الذنوبِ، والفوزُ بالجنان، ورضا الرحمن عزَّ وجلَّ؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد: 21].

وهذا الذي ينبغي أن تكون فيه المسابقةُ والمسارعةُ والتنافس، وقد ندب رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ أَنْ يُشْغَلُوا، وَقَبْلَ أَنْ تصيبهم فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»[1].

﴿ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾، وجاءَ لفظُ (مَغْفِرَةٍ) نكرةً لتَعْظِيمِهَا، وأضيفتْ إِلَى الربِّ تعالى ترغيبًا للعبادِ.

﴿ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾: في الكلام حذفٌ تَقْدِيرُهُ: عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، والمعنى: سَعَتُهَا كَاتِّسَاعِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وليس المرادُ بالعرضِ الذي يخالفُ الطولَ، وَيُطْلَقُ الْعَرْضُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الِاتِّسَاعِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْعَرِيضَ هُوَ الْوَاسِعُ فِي الْعُرْفِ؛ كما يقال: بِلَادٌ عَرِيضَةٌ، أَيْ وَاسِعَةٌ، كما قيل:
كَأَنَّ بِلَادَ اللَّهِ وَهْيَ عَرِيضَةٌ
عَلَى الْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ كِفَّةُ حَابِلِ




وَقَدَّمَ سبحانه وتَعَالَى ذِكْرَ الْمَغْفِرَةِ عَلَى الْجَنَّةِ لِأَنَّهَا السَّبَبُ الْمُوصِلُ إِلَى الْجَنَّةِ.

﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: أي: هُيئت لِلْمُتَّقِينَ، كما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]»[2].

وَخَصَّ اللهُ تَعَالَى الْمُتَّقِينَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ، وَغَيْرُهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ، وفيه دليلٌ على أَنَّ الجنةَ مخلوقةٌ.

﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾: السَّرَّاءُ: مَصْدَرُ سَرَّ مَسَرَّةً وَسُرُورًا، وَالضَّرَّاءُ: مَصْدَرُ ضَرَّ يُضَرُّ.

يُثنِي اللهُ تَعَالَى على الْمُتَّقِينَ ببيان صفاتهم التي أدخلهم الله بها الجنة، فقال: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾؛ يعني: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي حَالِ الرَّخَاءِ وَالسُّرُورِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ، وَرَغَدِ الْعَيْشِ، وَفِي حَالِ الضَّرِّ وَالشِّدَّةِ والضِّيقِ بِقلةِ الْمَالِ وَشَظفِ الْعَيْشِ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 274].

﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾، ومن صفاتِ الْمُتَّقِينَ كَظْمُ الْغَيْظِ وهو: رَدُّهُ فِي الْجَوْفِ، يُقَالُ: كَظَمَ غَيْظَهُ إِذَا لَمْ يُظْهِرْهُ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُظْهِرَهُ؛ عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ»[3]، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَي الْحُورِ شَاءَ»[4]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»[5].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ»[6].

وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَضَبَ لَيُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الصَّبْرُ الْعَسَلَ»[7].

وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: «إِنَّ الْغَضَبَ لِيُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ»[8].

وقيلَ: أقربُ مَا يُكُونُ المرءُ مِنْ غَضَبِ اللهِ إذَا غَضِبَ.

قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾: يعني: عَنْ ظُلْمِهِمْ وَإِسَاءَتِهِمْ، والْعَفْوُ دَلِيلُ شَرَفِ النَّفْسِ وَرِفْعَتِهَا؛ كَمَا قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:
لَنْ يَبْلُغَ الْمَجْدَ أَقْوَامٌ وَإِنْ شَرُفُوا
حَتَّى يَذِلُّوا وَإِنْ عَزُّوا لِأَقْوَامِ
وَيُشْتَمُوا فَتَرَى الْأَلْوَانَ مُشْرِقَةً
لَا عَفْوَ ذُلٍّ وَلَكِنْ عَفْوَ إِكْرَامِ


وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَقَفَ الْعِبَادُ لِلْحِسَابِ يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يُنَادِي الثَّانِيَةَ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، فَيُقَالُ: وَمَنْ ذَا الَّذِي أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، فَيَقُولُ: الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ، فَقَامَ كَذَا وَكَذَا فَدَخَلُوهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ»[9].

﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾: الإِحْسَانُ فِي كلِ شَيءِ أَعْلَاه وَذِرْوَتُه، فَالإِحْسَانُ فِي الاعتقادِ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَالإِحْسَانُ فِي العَطَاءِ أن تُعْطِي بِغَيرِ حِسَابِ، وأَنْ تنفقَ على مَنْ لا تلزمك نفقَتُهُ، ومن كان من أهل الإحْسَانِ كان أولى الناس بإحْسَانِ اللهِ إليه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

واللهُ تعالى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، حتى فِي ذَبْحِ البَهِيمَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»[10].

وَجَاءَتْ جَارِيَةٌ لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ذَاتَ يَوْمٍ بِصَحْفَةٍ فِيهَا مَرَقَةٌ حَارَّةٌ، وَعِنْدَهُ أَضْيَافٌ فَعَثَرَتْ فَصَبَّتِ الْمَرَقَةَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ مَيْمُونٌ أَنْ يعاقبها، فقالت: يا مولاي، ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾، فَقَالَ لَهَا: كَظَمْتُ غَيظِي، فَقَالَتْ: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، فَقَالَ: عَفَوْتُ عَنْكِ، فَقَالَتِ: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾، فَقَالَ مَيْمُونٌ: أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.

الأَسَالِيبُ البَلَاغِيةُ:
وفي الآية من الأَسَالِيبِ البَلَاغِيةِ: الاحتباكُ في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾، فالسَّرَّاءُ يقابلها الغَمُّ، وَالضَّرَّاءُ يقابلها النَّفْعُ، فذكر اللفظين المختلفي التقابل؛ ليدل كلُ واحدٍ على مقابله، والطِّبَاقُ بينَ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ في قوله تعالى: ﴿ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾.

والِاحْتِرَاسُ بذكْرِ الْعَفْوِ عَنِ النّاسِ بَعْدَ كَظْمِ الْغَيْظِ، كـأنه قال: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ عفوًا عن النَّاسِ)؛ لبيانِ أَنَّ كَظْمَ الْغَيْظِ ليس منْشَأَهُ الضَّعفُ، وَلمْ تَعْقُبْهُ نَدَامَةٌ.

والتَّذيِيلُ بقَوْلِهِ: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ لبيان أنَّ مَنِ اجْتَمَعَتْ فيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ فهو مُحْسِنٌ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

والترقي من الأدنى إلى الأعلى في قَوْلِهِ: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ فبدأ بكظم الغيظ وهو أدناها مرتبةً، ثم ترقى إلى الأعلى فقال: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، ثم ترقَّى إلى أعلى رتبة فقال: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.

[1] رواه مسلم، كِتَابُ الْإِيمَانَ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِالْأَعْمَالِ قَبْلَ تَظَاهُرِ الْفِتَنِ، حديث رقم: 118.

[2] رواه البخاري، كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ، حديث رقم: 3244، ومسلم، كتاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، حديث رقم: 2824.

[3] رواه أحمد، حديث رقم: 6114، وابن ماجه- كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْحِلْمِ، حديث رقم: 4189، والطبراني في الأوسط، حديث رقم: 7282، بسند صحيح.

[4] رواه أحمد، حديث رقم: 15637، وأبو داود، كِتَاب الْأَدَبِ، بَابُ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا، حديث رقم: 4777، والترمذي، أَبْوَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابٌ فِي كَظْمِ الغَيْظِ، حديث رقم: 2021، وابن ماجه، كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْحِلْمِ، حديث رقم: 4186، بسند حسن.

[5] رواه البخاري، كِتَابُ الأَدَبِ، بَابُ الحَذَرِ مِنَ الغَضَبِ، حديث رقم: 6116.

[6] رواه البخاري، كِتَابُ الأَدَبِ، بَابُ الحَذَرِ مِنَ الغَضَبِ، حديث رقم: 6114، ومسلم- كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَذْهَبُ الْغَضَبُ، حديث رقم: 2609.

[7] رواه البيهقي في شعب الإيمان، حسن الخلق، فصل في ترك الغضب، وفي كظم الغيظ، والعفو عند المقدرة، حديث رقم: 7941.

[8] الجامع لابن وهب، فِي الْكَلَامِ لِمَا لَا يَنْبَغِي وَلَا يَحْسُنُ، حديث رقم: 326.

[9] رواه الطبراني في الأوسط، حديث رقم: 1998، والخرائطي في مكارم الأخلاق، بَابُ فَضْلِ الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ، حديث رقم: 55، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 187).

[10] رواه مسلم- كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الذَّبْحِ وَالْقَتْلِ، وَتَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ، حديث رقم: 1955.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.48 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.20%)]