|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
الحمد لله الذي سخرنا لخدمة دينه و هدانا لذلك و حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا. أحبتي في الله... إعجاز آية..سلسلة متواصلة تفتح لنا باب التأمل في قدرة الله سبحانه و تعالى و حكمته البالغة لفهم دقيق للآيات المتشابهة و أوجه الإعجاز فيها، فابقوا معنا إن شاء الله و أفيدونا مما علمكم الله.نبدأ بإذن الله وردت في القرآن الكريم آيات اتفق موضوعها، ووقع شيء من الاختلاف في بعض ألفاظها، وما ذلك إلا لمعنى قد يدركه العقل، فتنكشف له وجوه من مكنون هذا الكتاب العظيم، فيصح فيه قول الله تعالى: { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها } (فاطر:2)؛ وقد يعجز عن ذلك، فيسلِّم الأمر إلى الله، ويصح فيه قوله سبحانه: { وما يمسك فلا مرسل له من بعده } (فاطر:2) . ومن هذه القبيل نقف على آيتين كريمتين، نحاول كشف مكنونهما، وتتبع مضمونهما، ورصد أوجه الاتفاق والافتراق بينهما: أما الآية الأولى فقوله تعالى: { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون } (البقرة:170) . وأما الآية الثانية فقوله سبحانه: { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون } (المائدة:104) . وهاتان الآيتان الكريمتان بينهما أوجه اتفاق وأوجه اختلاف، أما أوجه الاتفاق بينهما، فتبدو لنا في أمور أربعة: أولها: أن الآيتين الكريمتين تضمنتا دعوة غير مباشرة إلى اتباع منهج الله وتطبيقه في مجالات الحياة كافة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها؛ حيث إن كلا الآيتين أفادتا ذم من لم يتبع منهج الهدى والرشاد، الأمر الذي يفيد أن الفوز والنجاح لا يكون إلا باتباع هذا المنهج . ثانيها: أن الآيتين الكريمتين نفتا الهداية عن كل من لا يلتزم شرع الله، ولا يحكِّمه في شؤون حياته، وبالتالي يكون كل من أعرض عن شرع الله ضالاً عن سواء السبيل . ثالثها: أن كلا الآيتين بدأتا بقوله سبحانه: { وإذا قيل لهم }، فجاء الفعل { قيل } بصيغة المبني للمجهول؛ ليدل ذلك على أن هذه سُنَّة المعرضين عن هدي السماء منذ بدء الرسالات، وهي مستمرة على ممر الأزمان والأيام، فليست هي حالة خاصة بفريق من الناس، وليست هي ظاهرة عابرة في زمن من الأزمان، بل كل نبي من الأنبياء وُجِد في قومه من يتبع سَنَن الآباء، ويتبنى نهجهم، ويسير على دربهم . رابعها: أن الآيتين الكريمتين اختتمتا بقوله تعالى: { ولا يهتدون }، فجاء ختم الآيتين بلفظ واحد للدلالة على أن هدى السماء لا يختلف بين من يعقلون ومن يعلمون؛ فمن كان صاحب عقل دلَّه عقله على أن الهداية الحق إنما هي هداية السماء، ومن كان ذا علم أرشده علمه إلى أن الهدى هدى الله، ولا هدى سواه . وأما أوجه الاختلاف بين الآيتين فتبدو لنا في أمور ثلاثة: الأول: أن مقول القول في آية البقرة جاء التعبير عنه بالفعل: { اتبعوا }، ليناسب جوابهم بعد: { بل نتبع }، فيفيد مجمل سياق الآية الإخبار عن اتباع سَنَن الآباء؛ في حين أن مقول القول في آية المائدة جاء التعبير عنه بالفعل: { تعالوا }، ليناسب جوابهم بعدُ: { حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا }، فيفيد مجموع ذلك حثهم على الارتفاع من حضيض الأرض الذي هم فيه إلى هدي السماء، ودعوتهم إلى التزام ما جاءهم من الهدي المبين. فكان الاهتمام والتركيز في آية البقرة منصبًّا على ذم منهج اتباع الآباء؛ وكان الاهتمام والتركيز في آية المائدة منصبًّا على الحثِّ على اتباع هدي السماء . الثاني: جاء جواب الأتباع في آية البقرة: { بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا }، وجوابهم هذا فيه مؤاخذة لهم؛ لإقرارهم باتباع منهج آبائهم؛ في حين جاء جوابهم في آية المائدة: { حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا }، وجوابهم هذا يعني أنهم اكتفوا بما عندهم؛ ولا حاجة لهم فيما سواه، فكان هذا الموقف منهم أشد رفضاً لمنهج الهدى؛ لأن جوابهم في آية البقرة كان مجرد اعتراف منهم، أنهم متبعون ما وجدوا عليه آباءهم، أما جوابهم في آية المائدة فهو إقرار منهم أن ما وجدوا عليه آباءهم كاف لهم في تسيير أمور حياتهم، وهو مغن لهم عن أي تشريع سواه . الثالث: أن جوابهم في آية البقرة جاء التعبير عنه بالفعل { ألفينا }؛ و(الإلفاء): وجدان شيء على حالة خاصة من غير سعي لوجدانه، فالأكثر أن يكون مفاجئاً، أو حاصلاً عن جهل بأول حصول؛ في حين أن جوابهم في آية المائدة جاء التعبير عنه بالفعل { وجدنا }؛ وهذا فيه إشارة إلى أنهم نشؤوا على اتباع الآباء وعقلوه، مما أكسبهم تعلقاً به، وأن اتباع الآباء كان نهج آبائهم، وذلك مما يزيدهم تعلقاً به تبعاً لمحبة آبائهم؛ لأن محبة الشيء تقتضي محبة أحواله وملابساته . الرابع: كان جواب الحق سبحانه في آية البقرة: { أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا }، في حين كان الجواب في سورة المائدة: { أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا }، وهنا ثمة فرق بين (التعقل) و(التعلم)؛ فـ (التعقل) عملية ذهنية ينشأ عنها فكر وتدبر للأمور، غير أنه هناك فريق من الناس لا يعرفون كيف يعقلون، ولذلك فهم يأخذون القضايا مسلمة كعلم من غيرهم الذي (عقلها)؛ فالذي يعقل أعلى منـزلة من الذي يعلم؛ لأن الذي (عقل) هو إنسان قد أعمل فكره، وأجهد عقله للوصول إلى فكرة ما؛ أما الذي (علم) فقد أخذ علم غيره؛ وبحسب لغة الاقتصاد: الذي (يعقل) إنسان منتج، والذي (يعلم) إنسان مستهلك. فمثلاً العامي الذي يأخذ حكم مسألة عن فقيه يقال عنه: علِمَها، ولا يقال عنه: عقلها؛ لأن الذي عقلها حقاً هو الفقيه، الذي أعمل عقله وفكره حتى استخرج حكمها . وهذا الاختلاف بين (العقل) و(العلم) في الآيتين يناسب ردهم في الموضعين؛ فعندما قالوا: { بل نتبع }، وَصَفَهم بـ { لا يعقلون }، فهم مجرد مقلدين لآبائهم، من غير إعمال عقل أو إجهاد فكر؛ وعندما قالوا: { حسبنا }، وَصَفَهم بأنهم { لا يعلمون }، أي: حتى العلم الذي يقتضي الأخذ عن الغير هم لا سبيل لهم إليه، فهم { كالأنعام بل هم أضل } (الأعراف:179) . وختاماً، لا بد من الإشارة إلى أنه ليس من الصواب القول هنا: إن ألفاظ إحدى الآيتين هي أبلغ من ألفاظ الآية الأخرى، أو أنها أدق تعبيراً عن المقصود، بل الصواب أن يقال: إن ألفاظ كل آية من الآيتين الكريمتين جاءت مناسبة مع السياق الكلي للآية، ومنسجمة مع المعنى العام لها. وكذلك الأمر بالنسبة لكل آية في القرآن، تأتي ألفاظها منسجمة مع جملها، وتأتي كلماتها متسقة مع سياقها .
__________________
http://majdah.maktoob.com/vb/showthread.php?p=93153&highlight=#post93153
ماذا يحدث تحت الأرض؟؟؟ محاضرة لفضيلة الشيخ سلطان العمري |
#2
|
|||
|
|||
![]() ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى... ﴾ ( البقرة:260) الكاتب: د زغلول النجار الناشر: جريدة الأهرام تاريخ النشر: 23/2/2009
هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في العشر الأخير من سورة البقرة, وهي سورة مدنية, وآياتها ست وثمانون ومائتان(286) بعد البسملة, وهي أطول سور القرآن الكريم علي الإطلاق، هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة البقرة, وما جاء فيها من ركائز العقيدة, وأسس العبادة, ومكارم الأخلاق, والتشريعات, والقصص, والإشارات الكونية, ونركز هنا علي ومضة الإعجاز التاريخي والعلمي في حوار إبراهيم مع ربه عن قضية إحياء الموتى. من أوجه الإعجاز العلمي والتاريخي في الآية الكريمة:- يروي لنا القرآن الكريم عن حوار وقع بين رب العالمين وعبده ورسوله إبراهيم ـ عليه السلام ـ فيقول: وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم( البقرة:260). ومن معاني ذلك أن أبا الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ سأل الله ـ تعالي ـ أن يبصره بكيفية إحيائه الموتى, وسؤاله هذا ليس من قبيل الشك, ولذلك قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم, إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتى, قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي" ( أخرجه الشيخان, واللفظ للبخاري). فالسبب في سؤال نبي الله وعبده إبراهيم ـ عليه السلام ـ هو حبه العميق للانتقال بنفسه من مرحلة علم اليقين إلي مرحلة عين اليقين بالرؤية المباشرة, خاصة أنه قد وصف ربه في جداله مع الملك الكافر مدعي الربوبية قبل ذلك بآيتين( في الآية رقم258) من السورة نفسها قائلا: ﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِيوَيُمِيتُ ... ﴾فأراد أن يري عملية الإحياء من الموت رأي العين, وأن يري طلاقة القدرة الإلهية بعينيه, ويلمسها بيديه حتى يستطيع الدفاع عنها بأقوى ما يملك من الحجة البالغة والمنطق الذي لا يرد, رغم إيمانه العميق وتسليمه الكامل بأن الله ـ تعالي ـ علي كل شيء قدير. فسأله الحق ـ تبارك وتعالي ـ قائلا: أولم تؤمن فرد علي الفور: قال بلي ولكن ليطمئن قلبي. فأمره الله ـ تعالي ـ بأن يأخذ أربعة من الطير فيقربهن منه, ويميلهن إليه حتى يتعرف عليهن, وعلي مميزات كل طائر منهن فلا يخطئه إذا عاد إليه, ثم أمره الله ـ تعالي ـ أن يذبح هذه الطيور الأربع, وأن يقطع أجسادهن, ويفرق تلك القطع علي قمم الجبال المحيطة به, ثم يدعوهن فتتجمع قطع أجسادهن الممزقة مرة أخري, وترتد إليهن الحياة, ويعدن إلي نبي الله إبراهيم, وقد تحقق ذلك بالفعل, فرأي نبي الله إبراهيم رأي العين كيف يحيي الله الموتى, ورأي صورة من صور طلاقة القدرة الإلهية التي لا تحدها حدود, ولا يقف أمامها عائق. ومن الغريب أن نبي الله إبراهيم الذي تعرف علي خالقه من خلال التأمل في بديع صنع الله في الكون هو الذي يسأل هذا السؤال, وهو سؤال لم ينطلق من منطلق الشك كما أشرنا, ولكنه تشوق المحب لربه, المؤمن بطلاقة قدرته أن يري جانبا من هذه القدرة الإلهية يتحقق أمام عينيه. وهذا الشوق إلي مزيد من التعرف علي قدرة الله البالغة يتحرك في قلوب وعقول الكثيرين من عباد الله الصالحين لا شكا في الأمر, ولكن رغبة في المزيد من اليقين الحسي, الذي يزيد العبد تعرفا علي شيء من صفات الله الخالق البارئ المصور, حبا له وتقربا منه بمزيد الإيمان به عن طريق التعرف علي المزيد من طلاقة قدرته, وهذا لا يشكك في استقرار الإيمان وثبوته, ولا في تمام اليقين ورسوخه, ولكنه بلوغ اليقين الحسي عند المؤمن الذي آمن بالغيب, خاصة عند واحد من أولي العزم من الرسل, عند خليل الرحمن, وأبو جيل من الأنبياء الكرام الموصولين بالله ـ تعالي ـ, وهل بعد إيمان الأنبياء إيمان؟ وهل إيمان أمثالهم يحتاج إلي برهان؟ ولكنه الشوق لمشاهدة طلاقة القدرة الإلهية المبدعة وهي تعمل المعجزات التي لا يقوي علي مثلها أحد من المخلوقين. ومن مبررات هذا السؤال الذي سأله نبي الله إبراهيم لربه أن قضية البعث بعد الموت كانت عبر التاريخ, وحتي اليوم, وإلي أن يشاء الله, هي حجة الكفار والمتشككين, وذريعة الضالين الضائعين من بني الإنسان, إما لكفرهم بالله ـ تعالي ـ أو لقياسهم الخاطئ علي الله بمعايير البشر, والمنطق السوي يقول بتميز الخالق علي المخلوق بقدرات وصفات لا يمكن للمخلوق أن يتصورها, لأنها فوق قدرات عقله وحسه, ومن هنا كان من ركائز العقيدة الإسلامية تنزيه الله ـ سبحانه وتعالي ـ عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لا يليق بجلاله. ومن هنا سخر القرآن الكريم من دعوي المتشككين في أمر البعث وأورد في الرد عليهم الشيء الكثير الذي نختار منه الآيات التالية: (1) ﴿وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَاوَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾ ( الأنعام:29). (2) ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍوَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاًوَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ المَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ (هود:7). (3) ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىوَعْداً عَلَيْهِ حَقاًّوَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾(النحل:38). (4) ﴿وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماًوَرُفَاتاً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ﴾( الإسراء:49). (5) ﴿ ذَلِكَ جَزَاؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَاوَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماًوَرُفَاتاً أَئِـنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ﴾( الإسراء:98). (6) ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ ( المؤمنون:16). (7) ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُوَنَحْيَاوَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾ ( المؤمنون:37). (8) ﴿ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَاوَكُنَّا تُرَاباًوَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾( المؤمنون:82). (9) ﴿ أَئِذَا مِتْنَاوَكُنَّا تُرَاباًوَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ ( الصافات:16). (10) ﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَاوَكُنَّا تُرَاباًوَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ ( الواقعة:47). (11) ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَىوَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْوَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ ( التغابن:7). (12) ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً ﴾ ( الجن:7). ومن هنا كان رجاء نبي الله إبراهيم من الله ـ تعالي ـ أن يريه طلاقة القدرة الإلهية في هذا الأمر الذي يشهد به الخلق كله إلا عصاة الإنس والجن. فالمتأمل في الكون المادي من الذرة إلي المجموعة الشمسية إلي المجرة, فالتجمع المحلي, ثم التجمع المجري, ثم التجمع المحلي الأعظم, فالتجمع المجري الأعظم, ثم الكون المدرك كله, يري في ضخامة البناء ووحدته, وفي دقة الأداء وانتظامه ما ينفي احتمال العشوائية أو الصدفة, ويؤكد التدبير والحكمة, ويشهد للخالق ـ سبحانه وتعالي ـ بالألوهية والربوبية والوحدانية المطلقة فوق جميع الخلق الذين أوجدهم الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ في زوجية كاملة( من اللبنات الأولية للمادة إلي الإنسان) حتى يبقي ربنا ـ تبارك وتعالي ـ متفردا بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه. وكذلك المتأمل في الأحياء من الكائنات وحيدة الخلية( النباتية والحيوانية) عبر أكثر من مليون نوع من أنواع النباتات, وأكثر من مليون ونصف المليون نوع من أنواع الحياة الحيوانية حتى يصل إلي كمال الخلق في الإنسان, فإنه يدرك تمام الإدراك استحالة أن يتكون بمحض الصدفة جزيء واحد من عشرين جزيئا من جزيئات الأحماض الأمينية التي تنبني منها مئات الآلاف من جزيئات البروتين التي تتكون منها الخلية الحية, هذا فضلا عن تعقيد بناء الخلية الحية بصورة تفوق أكبر المصانع التي بناها الإنسان, بل التي فكر في إنشائها ولم يتمكن من ذلك بعد, فما بالنا بمائة تريليون( مائة مليون مليون) خلية حية في جسد كل فرد من بني آدم( في المتوسط) من الخلايا المتخصصة التي تنتظم في أنسجة, وأعضاء, وأجهزة, ونظم متخصصة تتعاون كلها في تناغم مذهل من أجل مصلحة الجسد الذي يحملها. وذلك كله مما يشهد لحقيقة الخلق, ولطلاقة قدرة الخالق ومشيئته بلا حدود ولا قيود, كما يشهد للخالق الذي أبدع هذا الخلق من العدم بالقدرة علي إفناء خلقه وعلي إعادة بعثه. وقد شرح رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ عملية البعث بع ![]() (1) "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب, منه خلق وفيه يركب"( صحيح مسلم). (2) "وليس من الإنسان شيء إلا يبلي إلا عظما واحدا هو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة". (3) "ما بين النفختين أربعون... ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل. ليس من الإنسان شيء إلا يبلي إلا عظما واحدا هو عجب الذنب, ومنه يركب الخلق يوم القيامة"( صحيح البخاري). وتشير هذه الأحاديث إلي أن سر الإنسان يتركز في عظمة واحدة في حجم حبة الخردل بنهاية عموده الفقري( العصعص) سماها رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ باسم( عجب الذنب), وكل ما زاد علي ذلك من البناء الجسدي الذي ينمو من كل من عناصر الأرض ومائها يعود بعد موت الإنسان من حيث أتي إلي تراب الأرض ومائها, ويبقي عجب الذنب ليعيد الله ـ سبحانه وتعالي ـ بعث كل مخلوق حي منه في يوم البعث. ولذلك قال ـ تعالي ـ: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْوَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ ( ق:4). وعلي الرغم من توضيح رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ هذه السنة الكونية إلا أن إرادة الله ـ تعالي ـ لا تحتاج إلي هذه السنن لقوله ـ عز من قائل ـ: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍوَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ ( يس:83,82). وهكذا رأي نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ صورة من صور طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في قضية الخلق أمرا واقعا بين يديه, والحياة والموت يتكرر حدوثهما في كل لحظة من لحظات هذا الوجود, ولا يري الناس من ذاك إلا آثاره البادية لهم, فيؤمن من يؤمن, ويكفر من يكفر, ويبقي إيجاد الحياة من العدم وإفناؤها إلي العدم, والقدرة علي إعادة بعثها من جديد واحدة من أعظم الشهادات علي طلاقة كل من الإرادة والقدرة الإلهية اللتين لا تحدهما حدود, ولا يقف أمامهما عائق. ومن أوجه الإعجاز التاريخي والعلمي البينين في الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال أن يفصل القرآن الكريم هذه الواقعة التاريخية المهمة في حياة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ ولم يرد لها ذكر في كتب الأولين, ومن الغريب حقا أن يتطاول أهل الباطل بالادعاء الكاذب الذي أشاعوه وملأوا به أسماع أهل الأرض بأن القصص القرآني منقول عن كتب الأولين, وهذه هي الواقعة الكبرى الثالثة التي تبطل هذا الادعاء الكاذب من أساسه, وذلك من بين عشرات الوقائع والأحداث التي أوردها القرآن الكريم في تاريخ نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ( وسبق أن عرضنا منها كلا من واقعة رفع القواعد من البيت وحوار إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع الملك الذي ادعي الربوبية في زمانه) ولم يشر أي من كتب الأقدمين إلي شيء من ذلك, علي الرغم من ورود ذكر إبراهيم ـ عليه السلام ـ عشرات المرات في عدد منها. وإيراد مثل هذه الواقعة التاريخية في كتاب الله بصيغة علمية وأدبية رصينة لما يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق, الذي أنزله بعلمه, علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية, في نفس لغة وحيه( اللغة العربية), وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا, وقد تحقق هذا الحفظ علي مدي زاد علي أربعة عشر قرنا من الزمان, وسوف يظل القرآن الكريم محفوظا بحفظ الله ـ تعالي ـ إلي ما شاء الله, حتى يبقي شاهدا علي الخلق أجمعين بأنه كلام رب العالمين.. فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام سيدنا محمد بن عبدالله ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
__________________
http://majdah.maktoob.com/vb/showthread.php?p=93153&highlight=#post93153
ماذا يحدث تحت الأرض؟؟؟ محاضرة لفضيلة الشيخ سلطان العمري |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |