|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم إصلاح القاضي بين الخَصْمين عيسى بن سليم العوفي صورة المسألة: إذا اتضح للقاضي الحق، وانكشفت له الحقيقة، وتبيَّن له الحكم بين المتخاصمين، فهل له أن يحملهما على الصلح؟ قد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: لا ينتقل للصلح إذا استنارت الحجة لأحد الخَصْمين، وتبيَّن له موضع الظالم، وبه قال عطاء ومالك [1]والمذهب عند أحمد [2] واستحسنه ابن المنذر [3]. القول الثاني: يندب له الصلح إن ظنه ورأى المصلحة فيه، وهو مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه،وبه قال أبو حنيفة [4]والشافعي [5]وقول لأحمد [6]، وبه قال شريح [7]وعبدالله بن عتبة [8]والشعبي. دليل أصحاب القول الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرَّم حلالًا أو أحل حرامًا))[9]. وجه الدلالة: والصلح مع تبين الحق يحرم حلالًا أو يحل حرامًا. أدلة أصحاب القول الثاني: 1- قوله تعالى: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]. وجه الدلالة: الرد إلى الصلح رد إلى الخير [10]. 2- ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بين القوم الضغائن" [11]. الترجيح: الذي يظهر- والله أعلم- هو رجحان القول الأول؛ وذلك لأن القضاء نصب من أجل إيصال الحقوق لأصحابها. ويجاب على أدلة أصحاب القول الثاني: أن القاضي مأمور بالعدل، فإذا تبين له وجه الحكم وجب عليه إيصال الحق إلى مستحقه، وأما ما ورد عن عمر رضي الله عنه، فقد تقدَّم أنه لا يصح، وعلى تقدير ثبوته فهو خاص في القضاء بين ذوي الأرحام. أثر الخلاف وثمرته: يترتب على الخلاف بناءً على القول الأول إذا تبين للقاضي الحكم تعين عليه الحكم به، وبناءً على القول الثاني إذا تبين للقاضي الحكم ورأى المصلحة في تأخيره جاز له تأخيره. [1] التاج والإكليل لمختصر خليل (8/ 134)، الذخيرة (5/ 336)، (10/ 85). [2] الفروع (11/ 178)، الإنصاف (28/ 418)، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (4/ 392). [3] أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري،ولد في حدود موت أحمد بن حنبل، سمع: محمد بن ميمون، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وحدث عنه: أبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي. أبرز مؤلفاته: كتاب المبسوط في الفقه، وكتاب الإجماع، توفي بمكة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة؛ انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ (3/ 5) وسير أعلام النبلاء (11/ 300-301). [4] البحر الرائق شرح كنز الدقائق (6/ 281)، (7/ 202)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار، وجامع البحار (1/ 473)، رد المحتار على الدر المختار (5/ 423). [5] أسنى المطالب في شرح روض الطالب (4/ 310)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (6/ 301). [6] الفروع (11/ 178)، الإنصاف (28/ 418)، المغني لابن قدامة (10/ 48). [7] شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي أبو أمية،ويقال: شريح بن شراحيل أو ابن شرحبيل، حدث عن: عمر، وعلي، وحدث عنه: قيس بن أبي حازم، ومرة الطيب، ولاه عمر قضاء الكوفة، فقيل: أقام على قضائها ستين سنة، وقد قضى بالبصرة سنة، برز شريح في علم القضاء، توفي سنة ثمانٍ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين؛ انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (5/ 49-52)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 243-244). [8]عبدالله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبدالرحمن، كان صغيرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن: عمه عبدالله بن مسعود الهذلي، وعمر بن الخطاب، وروى عنه: ابنه عبيدالله بن عبدالله، وحميد بن عبدالرحمن بن عوف، برز في الحديث والفقه، توفي سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وقيل: غير ذلك؛ انظر ترجمته في تهذيب الأسماء واللغات (1/ 278)، الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 142-143). [9] أخرجه الترمذي في سننه، باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس، رقم الحديث (1352)، وقال: حديث حسن صحيح (3/ 28). [10] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 13). [11] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب البيوع والأقضية، باب في الصلح بين الخصوم برقم: 22896 (4/ 534)، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب الصلح باب ما جاء في التحلل، وما يحتج به من أجاز الصلح على الإنكار برقم: 11360 (6/ 109). وقال هذه الروايات عن عمر رضي الله عنه منقطعة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |