لماذا لا نحتفل بالكريسماس؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4941 - عددالزوار : 2031710 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4515 - عددالزوار : 1307918 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1059 - عددالزوار : 126646 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-01-2025, 10:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي لماذا لا نحتفل بالكريسماس؟

لماذا لا نحتفل بالكريسماس؟

نجلاء جبروني
ما المقصود بالكريسماس؟
هو عيد الميلاد عند النصارى، ويكون في الخامس والعشرين من ديسمبر لدى نصارى الغرب، بينما يحتفل به نصارى الشرق في السابع من يناير؛ حيث تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 7 يناير من كل عام بعيد ميلاد المسيح، ويُسمُّونه (عيد الميلاد المجيد)، وهو أحد الأعياد الدينية الكبرى في الكنيسة.

والبعض قد يتساءل: لماذا لا نحتفل بالكريسماس؟
أليس عيسى عليه السلام نبيًّا من الأنبياء؟
أليس المسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء والرسل؟
أليس احتفال المسلمين بميلاد المسيح تعبيرًا عن الفرح بمولده؟

أليس مشاركة غير المسلمين في الاحتفال بأعيادهم نوعًا من المشاركة المجتمعية، وتعظيمًا من القدر المشترك بين أهل الأديان السماوية، وتقوية للروابط الإنسانية؟

أليس هذا الاحتفال نوعًا من البر والإحسان الذي أمرنا الله به في التعامل مع غير المسلمين؟

وقبل أن نجيب عن هذه التساؤلات، علينا أن نبدأ بهذه المقدمة البسيطة التي توضح لنا حقيقة الإسلام:
خلق الله الكون وأبدعه، وخلق الإنسان وكرمه، ونفخ فيه من روحه، وسخر له كل شيء؛ ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20].

خلقنا في أحسن صورة، وسخَّر لنا كل شيء لنعبده وحده لا شريك له: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

أخذ علينا جميعًا العهد ونحن في أصلاب آبائنا؛ أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئًا: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ [الأعراف: 172]؛ حيث استخرج سبحانه ذرية آدم من ظهره، وقررهم بتوحيده سبحانه ووجوب عبادته وحده؛ فأقروا.

والعبادة هي التذلل والخضوع، هي طاعة الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وتلك هي حقيقة الإسلام؛ لأن معنى الإسلام: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.

الاستسلام المتضمن غايةَ الانقياد والخضوع لله تعالى.

ولذلك أرسل الله تعالى الرسل ليذكِّروا الناس بالميثاق الأول، ويهدوهم إلى الطريق المستقيم: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

جميع الرسل افتتحوا دعوتهم بهذه الكلمة: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59]، وهذا هو معنى كلمة التوحيد؛ لا إله إلا الله.

كل الرسل عليهم الصلاة والسلام من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، دعَوا إلى عبادة الله وحده: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

كل الرسل عقيدتهم واحدة، دينهم واحد، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقَدَرُ خيره وشره، إفراد الله تعالى بالعبادة وطاعته في الأمر والنهي، وإن اختلفت الشرائع والأحكام، الدين واحد والشرائع مختلفة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، وقال سبحانه: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48].

جميع الرسل دينهم الإسلام:
فنوحٌ يقول لقومه: ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72]، والإسلام هو الدين الذي أمر الله به أبا الأنبياء إبراهيمَ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131]، ويوصي كلٌّ من إبراهيم ويعقوب أبناءه قائلًا: ﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، وأبناء يعقوب يجيبون أباهم: ﴿ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133]، وموسى يقول لقومه: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]، والحواريُّون يقولون لعيسى: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لِعَلَّات؛ أمهاتهم شتى ودينهم واحد))[1].

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: "معنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد، وإن اختلفت فروع الشرائع"؛ [انتهى من فتح الباري (6/489)].

جميع الرسل أرسلهم الله بالإسلام:
ما من رسول إلا وهو يدعو إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، وإن اختلفت الشرائع بين الرسل، كل رسول معه شريعة تناسب قومه، ثم بعث الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم مكمِّلًا ومتمِّمًا لرسالات مَن قبله مِن الرسل؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ [آل عمران: 144]، فجاء صلى الله عليه وسلم بأتم الإسلام وأكمله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن مَثَلِي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضعَ لبِنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجَبون له، ويقولون: هلَّا وُضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين))[2].

"هذا هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، بعثه الله سبحانه ليتمَّ به البناء الإيماني، والهَدي الرباني؛ فبه اكتمل للإنسانية النور الذي يضيء لها طريق السعادة، واكتملت مكارم الأخلاق ودعائم الحق والعدل، وخُتمت به النبوة، فكان صلى الله عليه وسلم هو اللَّبنة التي بها اكتمل البناء؛ لأن به صلى الله عليه وسلم كمالَ الشرائع السابقة، وليس معنى هذا أن الأديان السابقة كانت ناقصةً، وإنما المراد أنه وإن كانت كل شريعة كاملةً بالنسبة إلى عصرها، فإن الشريعة المحمدية هي الشريعة الأكمل والأتم، وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين؛ أي: لا نبي بعده"[3].

هذا هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، بعثه الله تعالى بعقيدة التوحيد وبشريعة كاملة، صالحة لكل الأمم، صالحة لكل زمان ومكان، ناسخة للشرائع السابقة، باقية إلى يوم القيامة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أُعطِيت خمسًا لم يُعطهن أحد من الأنبياء قبلي؛ نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فلْيُصلِّ، وأُحلت لي الغنائم، ولم تُحل لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصةً، وبُعثت إلى الناس عامةً))[4].

شرائع الرسل السابقين نُسخت بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلا يصح لأحد بعد بعثة محمد أن يعمل بشرائع الرسل السابقين؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، لا يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به، إلا كان من أصحاب النار))[5].

فالمؤمنون من أتباع الأنبياء والرسل السابقين كلهم كانوا مسلمين، بالمعنى العام، يدخلون الجنة بإسلامهم، فإذا أدرك أحدهم مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، لم يُقبَل منه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"فمن كان متبعًا لشرع التوراة أو الإنجيل الذي لم يبدَّل ولم يُنسخ فهو على دين الإسلام، كالذين كانوا على شريعة التوراة بلا تبديل قبل مبعث المسيح عليه السلام، والذين كانوا على شريعة الإنجيل بلا تبديل قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم"[6]؛ [انتهى كلامه].

فالإسلام هو دين الأنبياء والرسل جميعًا؛ من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، دين واحد في العقائد وأصول الأحكام، أما تفاصيل بعض الأحكام ففيها اختلاف بين الشرائع، وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم مُلزمة وناسخة للشرائع التي قبلها، لا يسع أحدًا إلا أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، فمن لم يؤمن برسالته صلى الله عليه وسلم ويتبع شريعته، فهو كافر وإن كان من أهل الكتاب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6].

وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

الدين الحقُّ واحد هو دين الإسلام، وجميع الأديان الأخرى باطلة، الشريعة الوحيدة التي يجب اتباعها بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هي شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنها ناسخة للشرائع التي قبلها؛ قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

هذا هو ديننا؛ دين الإسلام، الدين الحق الذي ندين لله تعالى به، الدين الذي رضِيَه الله لعباده؛ توحيد الله واتباع شرعه وطاعته في الأمر والنهي: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51]، ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

هذه هي حقيقة الإسلام؛ أن تُسلِمَ قلبك لله وحده، وأن تطيع أمره عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تفعل شيئًا إلا بدليل، ولا تسير في حياتك إلا بنور الوحي؛ القرآنِ والسنة، وأن تتبع المنهج الحق، في أفكارك وتصوراتك، وآرائك وأقوالك، وأعمالك وسلوكك، وعلاقاتك وحركاتك وسكناتك، وعباداتك وأخلاقك ومعاملاتك، وأن تجعل نصوص القرآن والسنة هي الميزانَ الذي تزِن به كل ما حولك من الأشخاص والأحداث، والمواقف والآراء والأفكار، وأن تخضع لله تعالى ولأمره ولدينه ولكتابه، ولا تُقدِّم عليهما أحدًا؛ تلك هي حقيقة الإسلام، وروح الإيمان، ومعنى العبودية؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

علينا أن نعمل بالإسلام في جميع أمورنا، لا نخالف دين الله، ولا نخالف القرآن والسنة مهما كان الأمر، لا نجعل العادات أو التقاليد أو الآراء تتقدم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وهذا هو سرُّ صلاح المجتمع المسلم وعلو الأمة على أعدائها، وسر قوتها وانتصارها؛ التمسكُ بالوحى؛ لأن الوحي هو المصدر الوحيد للهداية والرشاد والصلاح، والنصر والتمكين؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة خروجه إلى الشام، عندما فتح بيت المقدس؛ قال رضي الله: "إنا كنا أذلَّ قومٍ، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به، أذلنا الله"[7].

ما حكم الاحتفال بالكريسماس في شريعة الإسلام؟
هل يجوز لنا أن نحتفل كمسلمين بأعياد اليهود أو النصارى أو غيرهم؟
وهل يجوز لنا الاحتفال بعيد ميلاد المسيح، أو ميلاد غيره من الأنبياء في شريعة الإسلام؟
وهل هذا يُعَدُّ من المعاملة الحسنة التي أمرنا بها الإسلام مع غير المسلمين؟

أولًا: قولهم: إن هذا العيد هو عيد ميلاد المسيح عليه السلام هو من الكذب والتلبيس.
فمن المعروف أن هذا العيد المعروف بالكريسماس هو من الأعياد الوثنية الرومانية، وأنه تم إدماجه في المسيحية بعد دخول كثير من الشعب الروماني في المسيحية، ومن السنن السيئة التي اعتادها رجال الكنيسة هي إدماج المظاهر الوثنية للأمم المنتقلة من الوثنية إلى المسيحية؛ بحُجَّة ترغيبهم في الدين الجديد، على عكس سُنة النبي صلى الله عليه وسلم في محو الجاهلية وآثارها؛ حيث وقف صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قائلًا: ((ألَا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع))[8].

لكن الكنيسة اعتادت خلط الجاهلية بالمسيحية، وصبغ المظاهر الوثنية بصبغة مسيحية، ومن ذلك ما يسمى بالكريسماس، فهو عيد روماني وثني، يحتفل فيه الرومان الوثنيون بعيد (الشمس الذي لا تُقهر)، ومع عدم تمكُّن رجال الكنيسة من تحديد موعدٍ دقيق لميلاد المسيح، جعلوا عيد (إله الشمس) عند الرومان هو موعد لذكرى ميلاد المسيح، الذي يرمز عندهم للشمس، لكون المسيح عندهم هو (شمس العهد الجديد) و(نور العالم).

فالنصارى قد ابتدعوا أعيادًا لا دليل عليها في كتبهم، ومن ذلك عيد الميلاد؛ ومما يؤكد ذلك الاختلاف بين الطوائف المسيحية في تحديد تاريخ هذا العيد؛ حيث يحتفل به نصارى الغرب في 25 ديسمبر، بينما يحتفل به نصارى الشرق في 7 يناير، والحقيقة أنه لم يرِد ذكر تاريخ ميلاد المسيح في الأناجيل.

فعيد الميلاد عيد وثني جاهلي أخذه النصارى من الأمم الوثنية التي دخلتها المسيحية، ولهذا لم يكن هذا العيد موجودًا في القرون الأولى في المسيحية، وإنما بدأت الكنيسة الاحتفال به في القرن الرابع الميلادي؛ حيث اختار البابا يوليوس الأول 25 ديسمبر للاحتفال بعيد ميلاد المسيح.

وكذلك مظاهر الاحتفال بهذا العيد تعود لجذور وثنية، فعادة تزيين شجرة عيد الميلاد هي عادة مرتبطة بعبادة الشجر، وهي من العبادات الوثنية، وكانت منتشرة على وجه الخصوص في ألمانيا؛ ولذلك لم تحبذ الكنيسة في القرون الوسطى عادة تزيين الشجرة، وأول ذكر لها في المسيحية يعود لعهد البابا بونيفاس (634 - 709) الميلادي، الذي أرسل بعثة تبشيرية (تنصيرية) لألمانيا، ومع اعتناق سكان المنطقة للمسيحية لم تُلْغَ عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد.

حتى لو ثبت تاريخ ميلاد المسيح لا يجوز لنا نحن المسلمون الاحتفال به؛ لأن الأعياد في الإسلام ترتبط بالعبادات الكبرى وشعائر الدين، وليس بميلاد شخص أو وفاته.

حكم الاحتفال بميلاد المسيح:
لا يجوز للمسلم الاحتفالُ إلا بالأعياد المشروعة في ديننا، ولا يشرع في ديننا الاحتفال بأعياد الميلاد أو الموالد، حتى مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء، فمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء ليس عيدًا لنا، فنتقرب فيه إلى الله بالاحتفال أو إظهار الفرح، ولما كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاة ولده إبراهيمَ، وقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس صلاة الكسوف ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يُخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فادعوا الله، وكبِّروا وصلُّوا وتصدَّقوا))[9].

فلم يرِدْ في شرعنا دليل يدل على جواز الاحتفال بمولد أحد ولا مماته، ولم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم احتفلوا بذلك.

ثم إن النصارى لا يحتفلون في هذا اليوم بميلاد المسيح - الرسول - وإنما يحتفلون بميلاد (ابن الرب) كما يعتقدون ويدَّعون، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا؛ ففي إنجيل لوقا:

"فقال لها الملاك: «لا تخافي يا مريم، نلتِ حَظوةً عند الله، فستحبلين وتلدين ابنًا تسمينه يسوع، فيكون عظيمًا وابنَ الله العلي يُدعى، ويعطيه الرب الإله عرش أبيه داود، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية» فقالت مريم للملاك: «كيف يكون هذا وأنا عذراء لا أعرف رجلًا؟» فأجابها الملاك: «الروح القدس يحل عليك، وقدرة العلي تظللك، لذلك فالقدوس الذي يُولَد منكِ يُدعى ابن الله، ها قريبتك أليصابات حبلى بابنٍ في شيخوختها، وهذا هو شهرها السادس، وهي التي دعاها الناس عاقرًا، فما من شيء غير ممكن عند الله»، فقالت مريم: «أنا خادمة الرب، فليكن لي كما تقول»، ومضى من عندها الملاك"[10].

فهم ينسُبون الولد لله، تعالى الله عن قولهم، ويحتفلون بميلاد (ابن الرب) على زعمهم، فكيف نحتفل - نحن المسلمين - معهم؟ وكيف نُهنئهم على ذلك الشرك بالله جل وعلا؟ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].
وقال سبحانه وتعالى واصفًا قبح شركهم وبشاعة كفرهم: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 88 - 95].

ولذلك لا يجوز لنا أن نحتفل مع النصارى بعيد الميلاد، ولا يجوز لنا أن نهنئهم بهذا العيد.

ثانيًا: لا بد أن نعلم أن الأعياد في الإسلام من شعائر الدين، وليست من أمور العادات:
قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ﴾ [الحج: 67] قال: عيدًا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك؛ التي قال الله سبحانه: ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ﴾ [الحج: 67]، كالقِبلة والصلاة والصيام، وقال أيضًا: بل الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر"؛ ا.هــ.

وأن الله تعالى شرع لنا عيدين اثنين مرتبطين بمواسم الخير والطاعة: عيد الفطر؛ مرتبط بعبادة الصوم في رمضان، وعيد الأضحى؛ عبادة الحج في شهر ذي الحجة.

والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر))[11].

وهذا الحديث يفيد حرمة التشبُّه بهم في أعيادهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُقرَّهم على العيدين الجاهليين، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: ((قد أبدلكم الله))، والإبدال يقتضي ترك المبدل منه.

فإنشاء العيد من اختصاص الشرع، وليس من اختصاص العادات؛ ومما يدل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((قد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى))، فلو كان إحداث العيد مردُّه إلى العادة، لتركهم على أعيادهم كشأن سائر العادات المباحة.

فالمسلمون ليس لهم إلا عيدان اثنان؛ عيد الفطر وعيد الأضحى، وكل الأعياد الكفرية والبدعية محرَّمة؛ كعيد رأس السنة وعيد الجلاء، وعيد الثورة وعيد الحب، وعيد الزواج وعيد الميلاد، وعيد الأم وعيد العمال، وعيد النيل وعيد شم النسيم، وعيد المولد النبوي، وغيرها من الأعياد المبتدعة.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.04 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]