|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ما حكم اقتسام الشركاء دينهم الثابت في ذمّة مدين واحد؟ د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: القول الأول: عدم جواز اقتسام الشركاء دينهم الثابت في ذمّة مدين واحد. وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[1] والشافعية،[2] والحنابلة. [3] ففي المبسوط: "إن كان الدين كله على رجل واحد، فقسمتهم فيه قبل القبض باطلة".[4] وفي أسنى المطالب: "ولا تصح قسمة الديون المشتركة في الذمم؛ لأنها إما بيع دين بدين، أو إفراز ما في الذمّة، وكلاهما ممتنع". [5] وفي الإنصاف: "وإن تقاسما الدين في الذمّة لم يصح في إحدى الروايتين، وهو المذهب".[6] واستدلوا بدليلين: الدليل الأول:أن قسمة الدين إما أن تكون بمنـزلة بيع الدين، وبيع الدين غير جائز، أو بمنـزلة إفراز ما في الذمّة، وهو ممتنع كذلك لعدم قبضه. [7] ونوقش: أن القسمة إن كانت بيعًا، فكل واحد من الدائنين يأخذ نصيبه من الدين من نفس مدينه، فليس فيه بيع ذمّة بذمّة،[8] وإن كانت إفرازًا فإن الدين وإن لم يتعين تحقيقًا، فإنه يتعين تقديرًا، ويكفي في إمكان القسمة التعين بوجه. [9] الدليل الثاني: أن القسمة حيازة، ولا يتحقق ذلك فيما في الذمّة،[10] "لأن الفعل الحسي يستدعي محلاً حسيًا، والدين حكمي، فلا يرد عليه الفعل الحسي". [11] ونوقش: أن عدم تعين ما في الذمّة لا يمنع الحيازة؛ لاعتبار تعينه تقديرًا. [12] القول الثاني: جواز اقتسام الشركاء دينهم الثابت في ذمّة مدين واحد. وهو مذهب المالكية،[13] ورواية لأحمد،[14] اختارها ابن تيمية،[15] وابن القيم. [16] ففي المدونة: "لو أن رجلين ورثا دينًا على رجل، فاقتسما ما عليه جاز ذلك، وصار ذلك كالدين، يكون لهما على رجل، لكل واحدٍ منهما صكٌ على حدة".[17] وفي الفتاوى الكبرى: "ويجوز قسمة الدين في ذمّة، أو ذمم، وهو رواية عن أحمد".[18] واستدلوا بدليلين: الدليل الأول: أن الأصل في المعاملات الحلّ، ولا يترتب على هذه القسمة أيّ محذور.[19] ونوقش: بما سبق من أدلة القول الأول المتضمنة للمنع. والدليل الثاني: أن "الدين في الذمّة يقوم مقام العين، ولهذا تصح المعاوضة عليه من الغريم وغيره، وتجب على صاحبه زكاته إذا تمكن من قبضه، ويجب عليه الإنفاق على أهله وولده ورقيقه منه، ولا يعد فقيرًا معدمًا، فاقتسامه يجري مجرى اقتسام الأعيان والمنافع".[20] القول المختـار: هو القول الثاني؛ لأن الديون تقوم مقام الأعيان، حيث لا محذور يترتب على ذلك، ولأجل ذلك صَحَّتْ الحوالة على الدين، وبيعه للمدين وغيره، والله تعالى أعلى وأعلم. [1] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (15/ 69)، بدائع الصنائع، للكاساني، (7/ 196)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 160). [2] ينظر: روضة الطالبين، للنووي، (11/ 220)، أسنى المطالب، للأنصاري، (4/ 339)، مغني المحتاج، للشربيني، (6/ 338). [3] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (5/ 420)، كشاف القناع، (3/ 502)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 212). [4] (15/ 69). [5] (4/ 339). [6] (5/ 420). [7] ينظر: مغني المحتاج، للشربيني، (6/ 338)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 212). [8] ينظر: منح الجليل، لعليش، (7/ 266). [9] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (4/ 3). [10] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (15/ 69). [11] تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 160). [12] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (4/ 3). [13] ينظر: المدونة، لمالك، (14/ 477)، الشرح الكبير، للدردير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 503-504)، منح الجليل، لعليش، (7/ 266). [14] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (5/ 420). [15] ينظر: الفتاوى الكبرى، (4/ 486). [16] ينظر: إعلام الموقعين، (4/ 3). [17] (3/ 380). [18] (5/ 403). [19] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (4/ 3). [20] إعلام الموقعين، لابن القيم، (4/ 3).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |