|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم تعليق عقد المضاربة والشركة د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري اختلف أهل العلم في حكم تعليق عقد المضاربة - ومثلها الشركة - على قولين: القول الأول: لا يصح تعليق عقد المضاربة. وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[1] والمالكية،[2] والشافعية[3]. قال ابن عابدين: "لم أر من صرح بصحة التعليق في المضاربة"[4]. وقال الدردير: "أو قراض أُجّل؛ كاعمل به سنة، أو سنة من الآن، أو إذا جاء الوقت الفلاني فاعمل به فيه، ففاسد"[5]. وقال الشربيني[6]: "فإن علقه على شرط؛ كأن قال: إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك، أو علق تصرفه؛ كأن قال: قارضتك الآن، ولا تتصرف حتى ينقضي الشهر، لم يصح"[7]. واستدلوا بثلاثة أدلة: الدليل الأول (من جهة بيان حقيقة العقد): أن الرضا ركن في إنشاء العقد، ولا يتمّ الرضا إلا بشرط الجزم، ولا جزم في التعليق[8]. ويناقش: بأن الجزم يحصل مع التعليق؛ كالوصية. والدليل الثاني (من جهة التخريج على الفروع): أنه عقدٌ يبطل بالجهالة، فلا يصح تعليقه؛ كالبيع والإجارة[9]. ونوقش:أن البيع والإجارة لم يدل الدليل الصحيح على منع تعليقهما، بل قد صحّ تعليق كثير من المعاملات بالأدلة الصحيحة؛ فقد عُلّق الضمان في القرآن بالشرط، قال تعالى: ﴿ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴾،[10] وعُلّق مهر تزويج موسى - عليه الصلاة والسلام - بابنة صاحب مدين، قال تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾،[11] وعلّق عمر صلى الله عليه وسلم ربحه في المزارعة بالشرط، فكان يدفع الأرض إلى من يعمل فيها على أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا[12]. والدليل الثالث (من جهة منع أسباب الغرر): أن التعليق فيه معنى القمار والمخاطرة؛ حيث يتردد العقد بين الوجود إذا وُجد الشرط، أو العدم إذا لم يوجد. ويناقش: أن القمار الممنوع ما يترتب عليه أكلٌ لمال الغير بالباطل، أما تردد العقد ههنا فلا يترتب عليه محظور. القول الثاني: يصح تعليق عقد المضاربة. وهو مذهب الحنابلة[13]. قال البهوتي: "ويصح تعليقها؛ أيّ المضاربة، ولو على شرط مستقبل"[14]. واستدلوا بدليلين: الدليل الأول (من جهة التخريج على الفروع): أن المضاربة إذنٌ بالتصرف، فيصح تعليقها على شرطٍ مستقبل؛ كالوصية[15]. ونوقش:أن الوصية لا يؤثر فيها غرر الجهالة، فلا يؤثر فيها غرر الشرط؛ بخلاف المضاربة[16]. والدليل الثاني (من جهة التخريج على الأصول):أن الأصل في العقود والشروط الإباحة، وقد تدعو الحاجة إلى التعليق[17]. القول المخـتار: صحة تعليق المضاربة؛ لعدم ترتب المحظور عليه، ولأنه قد توجد الحاجة إلى ذلك، واستئناسًا بتعليق عمر صلى الله عليه وسلم الربح في المزارعة بالشرط، مع كونه ركنًا فيها؛ والمضاربة والمزارعة كلاهما من جنس المشاركات. [1] ينظر: البحر الرائق، لابن نجيم، (6/ 205)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 133)، حاشية ابن عابدين، (5/ 256). [2] ينظر: حاشية الدسوقي، (3/ 519)، حاشية العدوي على الخرشي، (6/ 206). [3] ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 228)، الوسيط، للغزالي، (3/ 284)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 402). [4] حاشية ابن عابدين، (5/ 256). [5] الشرح الكبير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 519). [6] هو محمد بن أحمد القاهري الشافعي، المعروف بالخطيب الشربيني، شمس الدين، فقيه، ومفسر، من مصنفاته: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للنووي، توفي سنة 977هـ، راجع في ترجمته: شذرات الذهب، لابن العماد، (8/ 384)، كشف الظنون، لحاجي خليفة، (2/ 1875). [7] مغني المحتاج، (3/ 402). [8] ينظر: الفروق، للقرافي، (1/ 397). [9] ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 228). [10] [يوسف: 72]. [11] [القصص: 27]. [12] علقه البخاري في باب المزارعة بالشطر ونحوه، (3/ 137)، ووصله ابن أبي شيبة مرسلاً، (8/ 564)، ووصله البيهقي مرسلاً كذلك، (6/ 135)، قال الحافظ في الفتح، (5/ 12): "فيتقوى أحدهما بالآخر"، وينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 300). [13] ينظر: المحرر، لأبي البركات بن تيمية، (1/ 351)، الإنصاف، للمرداوي، (5/ 431)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 512). [14] كشاف القناع، (3/ 512). [15] ينظر: المصدر السابق، (3/ 512). [16] ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 228). [17] ينظر: الوسيط، للغزالي، (3/ 284).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |