|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تخريج حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه «وإن أفتاك المفتون» وبيان علته رمزي صالح محمد الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد خاتم النبيين، وآله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فعندما كنت أقرأ في الأربعين حديثًا النووية، وهي الأحاديث التي جمعها الإمام النووي رحمة الله عليه ورضوانه، قرأت حديث وابِصَة بن مَعْبَد رضي الله تعالى عنه أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «جئت تسأل عن البر؟» قلت: نعم، فقال: «استفتِ قلبك، البر ما اطمأنَّتْ إليه النفس واطمأنَّ إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردَّد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك». وذكر النووي رحمه الله أنه رواه الإمامان أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن؛ لكن تعَقَّبه الحافظ ابن رجب وغيره من أهل العلم وقالوا بضعف إسناده، غير أنهم ذكروا أن له شاهدًا صحيحًا من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه. فلما فتَّشتُ عن حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه، وجمعت طرقه، تبيَّن لي أن له علة، تمنع من القول بصحته، فكتبت ما وصلتُ إليه، عسى أن ينتفع به من يريد التحقق من صحة هذا الحديث. تخريج الحديث وبيان عِلَّته: قال الإمام أحمد في «مسنده» (17742): حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، قال: حدثنا عبدالله بن العلاء بن زَبْر، قال: سمعت مسلم بن مِشْكَم، قال: سمعت أبا ثعلبة الخُشَني، يقول: قلتُ: يا رسول الله، أخبرني بما يحل لي، ويحرم عليَّ، قال: فصعَّدَ فيَّ النبي صلى الله عليه وسلم وصوَّب فيَّ النظر، فقال: «البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون». وقال: «لا تقرب لحم الحمار الأهلي، ولا ذا ناب من السباع». ورواه من طريق الإمام أحمد، ابن الأعرابي في «معجم شيوخه» (997) وابن بشران في «أماليه - الجزء الأول» (273) والطبراني في «مسند الشاميين» (782) و«المعجم الكبير» (22/ 219) (585) وأبو نُعيم في «حلية الأولياء» والخطيب في «تاريخ بغداد» (9/ 451 ت بشار). قال الحافظ ابن رجب: هذا إسناد جيد «جامع العلوم والحكم» (ص568 ت الفحل) وتبعه على ذلك كثير من أفاضل المعاصرين، وقالوا بصحة إسناده. قلتُ: خالف زيد بن يحيى الدمشقي في متن هذا الحديث جماعة؛ فرواه الإمام أحمد في «مسنده» (17745) والدولابي في «الكنى والأسماء» (140) والطبراني في «مسند الشاميين» (781) و«المعجم الكبير» (22/ 218) (582) من طريق أبي المغيرة عبدالقدوس بن الحجاج، ورواه الدولابي في «الكنى والأسماء» (141) من طريق عمرو بن أبي سلمة أبي حفص التنيسي، ورواه الطبراني في «مسند الشاميين» (781) و«المعجم الكبير» (22/ 218) (582) و«المعجم الأوسط» (67) وتمام في «فوائده» (222) من طريق إبراهيم بن عبدالله بن العلاء بن زَبْر، ورواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (6405) من طريق شبابة بن سَوَّار، أربعتهم (أبو المغيرة وعمرو بن أبي سلمة وإبراهيم بن عبدالله وشبابة بن سَوَّار) قالوا: حدثنا عبدالله بن العلاء بن زَبْر، قال: حدثني مسلم بن مِشْكَم، قال: سمعت أبا ثعلبة الخُشَني، قال: قلتُ: يا رسول الله، أخبرني بما يحل لي مما يحرم عليَّ. قال: فصعَّد فيَّ النظر وصوَّب، ثم قال: «نُوَيْبِتةٌ» قال: قلت: يا رسول الله، نُوَيْبِتة خير، أم نُوَيْبِتة شر؟ قال: «بل نُوَيْبِتة خير، لا تأكل لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع». وهذا لفظ أحمد، وكلهم لفظهم مثله، إلا عند الطحاوي فلم يذكر قوله (نُوَيْبِتة). فنتبين من هذا أن زيد بن يحيى الدمشقي وإن كان ثقة إلا أنه قد خالف في متن هذا الحديث أربعة، اثنان منهم ثقات وهما أبو المغيرة عبدالقدوس بن الحجاج وشبابة بن سَوَّار، وثالثهم عمرو بن أبي سلمة صدوق له أوهام كما قال الحافظ، ورابعهم إبراهيم بن عبدالله بن العلاء بن زَبْر، قال عنه النسائي: ليس بالقوي، لكنه هنا متابع، كما أنه يروي هذا الحديث عن أبيه، فله به مزيد اختصاص. ويقوي روايتهم أيضًا أنهم متابعون متابعةً صحيحةً من وجه آخر عن أبي ثعلبة؛ فروى أحمد في «مسنده» (17748) من طريق محمد بن حرب، والطبراني في «مسند الشاميين» (1868) و(1869) و«المعجم الكبير» (22/ 213) (570) من طريق بقية بن الوليد وعبدالله بن سالم، ثلاثتهم عن الزبيدي، عن يونس بن سيف الكلاعي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الخُشَني حدثهم، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصعَّد فيه البصر وصوَّب، ثم قال: «نُوَيْبِتة»، فقال أبو ثعلبة: نُوَيْبِتة خير أم نُوَيْبِتة شر، قال: «نُوَيْبِتة خير»، قال: يا رسول الله، إنا بأرض فيها الصيد، فما يحل لنا منه مما يحرم علينا؟ فقال: «حمار الأهلي وكل ذي ناب من السباع حرام، وما ردت إليك قوسك وكلبك المكلب فهو لك حلال»، ثم سأله عن شيء من أمر أهل الكتاب وعن آنيتهم، فقال: «إن وجدت عنها غنى فلا تقربها، وإن احتجت إليها فاغسلها ثم كُلْ فيها واشْرَب». وهذا لفظ الطبراني في كتابيه، ورواية أحمد مختصرة، لم يذكر فيها تحريم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع ولم يذكر فيها الآنية. ومما يؤكد أيضًا وهم زيد بن يحيى الدمشقي، أن أبا حاتم الرازي كان يشك في هذا الحديث؛ لتفرُّد زيد بن يحيى به عن عبدالله بن العلاء، فسأل رجلًا من أقارب زيد بن يحيى أن يخرج إليه كتاب عبدالله بن العلاء الذي فيه أحاديثه من عند زيد، فأخرجه له، فلم يجد فيه أبو حاتم هذا الحديث، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (5/ 606، ت الحميد). فكأن زيد بن يحيي الدمشقي حَدَّث بهذا الحديث من حفظه، ووهم فيه؛ حيث أدخل في إسناد هذا الحديث متن حديث آخر، والله أعلم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |