فقه الاستفادة من الصيف

[ابوالوليد المسلم]

فقه الاستفادة من الصيف



بدأت العطلة الصيفية، والنفس البشرية واصلة الجد والمثابرة بهمة عالية، فالوقت ثمين، وتؤكد السنة المطهرة على أن الجميع سيسأل عنه: «تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع.. وعن عمره فيما أفناه...» رواه أبوداود.
وقال الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

- فالفراغ خطر من نواح عدة : يورث الكسل، ويورث الملل، ويورث البحث عن أي طرق لإضاعة الوقت، ويورث الأخلاق السيئ، ويورث عدم التوازن النفسي، ويورث التغيير الفطري؛ حيث يتحول الليل إلى سهر والنهار إلى نوم، وتزداد الجرائم والإصابات والعقوق في أوقات الفراغ.
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: «ولقد رأيت الإنسان قد حُمل من التكاليف أمورا صعبة، ومن أثقل ما حُمل مداراة النفس وتكليفها الصبر عما تحب وعلى ما تكره، فرأيت الصواب قطع طريق الصبر بالتسلية والتلطف للنفس».
- وسائل الاستفادة من العطل الصيفية:
حلقات تحفيظ القرآن، والنوادي التابعة للجمعيات الخيرية، والمراكز التابعة للأوقاف، والنوادي العلمية، ونوادي التي تجمع بين الترفيه والعلم النافع تابعة لوزارة الشؤون، وزيارة الأقارب وصلة الأرحام، قراءة ومطالعة الكتب النافعة، وتعلم حرفة للشباب والتدبير المنزلي للبنات، والرياضة المشروعة، ودورات للغة أو للحاسوب أوفيما يعود على الفرد بالخير.
- السفر والتنقل.. إما أن يكون للتقرب إلى الله عز وجل وللطاعات مثل شد الرحال إلى المسجد الحرام وأداء العمرة «والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر»، وإلى المسجد النبوي طلبا للأجر في الصلاة فيه، أو زيارة الأماكن التاريخية واستحضار الأحداث مثل غزوة أحد وغزوة بدر، والأماكن التي سيقف الدجال عندها ولا يستطيع دخول المدينة، والنار التي خرجت وزيارة مسجد قبا وغيرها.
والسفر بقصد وإما أن كان التفقه في الدين ومجالسة العلماء والنهل منهم، والسفر بقصد صلة الأرحام، والسفر للتجارة أو للعلاج أو للدعوة إلى الله عز وجل أو للتواصل مع المسلمين وتلمس احتياجاتهم ومتابعة أحوال الفقراء والمساكين أو لمواصلة التعليم بهمة عالية، والسفر يتطلب الابتعاد عن الأماكن المشبوهة التي بها منكرات ومعاص.
فقه السفر: كان النبي [ إذا أراد السفر صلى الاستخارة ثم يخرج مع مجموعة من أصحابه (أقل العدد ثلاثة نفر)، ثم يخرج يوم الخميس وفي فجره ونهاره؛ لأن الله عز وجل يبارك للأمة في بكورها، ويلتزم بدعاء السفر المأثور، وإذا مر على مكان مرتفع كبر وكبر من معه، وإذا هبطوا الأودية سبحوا أي قالوا سبحان الله.
وإذا أشرف على قرية يريد دخولها قال: «اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها وشر ما فيها».
وكان [ يجمع ويقصر الصلاة الرباعية، فصلاة الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، وكان لا يترك ركعتي الفجر أي السنة التي قبلها والوتر قبل النوم، وإذا أحب المسلم عموم النوافل ووجد في نفسه الطاقة فلا حرج إلا أن الأفضل الالتزام بالرخص. والمسلم إذا سمع الأذان وقد استقر في مكان إقامته من فالأصل له أداء صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد ليزداد إيمانه رسوخا.
ومن الفقه: الالتزام باللباس الشرعي والاحتشام والأخلاق الإسلامية الأصيلة والمحافظة على الإيمان في نفس الشخص ومن يعول وتحصينهم كما قال تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة}، وعلى المسافر الالتزام بقوانين البلاد التي يزورها ولوائحها وقوانينه، والأخذ بنصائح سفارة بلاده وتوجيهاتها، ويضع له هدفا له يحققه مع أسرته.. نسأل الله العظيم أن يفقهنا وإياكم في ديننا الحنيف.


اعداد: د.بسام خضر الشطي