تبيين الدرر الغوالي في جمع الأربعين للإمام أبي بكر الآجري - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نباتات منزلية تمتص رطوبة الصيف من البيت.. الصبار أبرزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          طريقة عمل برجر الفول الصويا.. وجبة سريعة وصحية للنباتيين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          4 وسائل علمية لتكون أكثر لطفًا فى حياتك اليومية.. ابدأ بتحسين طاقتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          وصفة طبيعية بالقهوة والزبادى لبشرة صافية ومشرقة قبل المناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          3 عادات يومية تزيد من تساقط الشعر مع ارتفاع درجات الحرارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          6 خطوات فى روتين الإنقاذ السريع للبشرة قبل الخروج من المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          تريندات ألوان الطلاء فى صيف 2025.. الأحمر مع الأصفر موضة ساخنة جدًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          طريقة عمل كرات اللحم بالبطاطس والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          وصفات طبيعية لتقشير اليدين بانتظام.. من السكر لزيت جوز الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أبرز 5 تريندات ديكور منزلى في صيف 2025.. لو بتفكر تجدد بيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-01-2024, 10:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي تبيين الدرر الغوالي في جمع الأربعين للإمام أبي بكر الآجري

تبيين الدرر الغوالي في جمع الأربعين للإمام أبي بكر الآجري



د. عمر بسبوعة


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن شرف العلم بشرف المعلوم، ولا غرو أن موضوع الحديث النبوي الشريف أفضل موضوع؛ فهو بيانٌ لكلام رب العالمين، قال ربنا جل جلاله: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[النحل: 44]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "ثم قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ يعني: القرآن، ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ؛ أي: من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل الله، وحرصك عليه، واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق، وسيد ولد آدم، فتُفصِّل لهم ما أُجمِل، وتُبيِّن لهم ما أُشكِل، ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ؛ أي: ينظرون لأنفسهم، فيهتدون، فيفوزون بالنجاة في الدارين"؛ اهـ.


إذ السنة النبوية المطهرة هي الشارحةُ لكتاب الله، والمُبيِّنةُ لأحكامه، والمُفصِّلةُ لِمُجمَلِه، والناسخةُ لبعض آياته؛ كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقال الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "قرر تعالى أنه هو الذي أنزل عليه الذكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل"؛ اهـ.


ومما تعهد الله تعالى بحفظه سنة نبيه تبعًا لحفظ كتابه العزيز،فقد جاء عن المقدام بن معد يكرب الكندي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك الرجل متكئًا على أريكته يُحدِّث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإن ما حرَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرَّم الله»[1]؛ ولذلك اشتدَّ نكير السلف على من عطَّل السنة أو أبطلها زاعمًا أنه مُتَّبِع للقرآن العظيم، قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - مجليًا عِظَمَ منزلة السنة المطهرة من القرآن: "كان السَّلَفُ الطَّيِّبُ يَشْتَدُّ نَكِيرُهُمْ وَغَضَبُهُمْ على مَنْ عَارَضَ حَدِيثَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيٍ أو قِيَاسٍ أو اسْتِحْسَانٍ أو قَوْلِ أَحَدٍ من الناس كَائِنًا مَنْ كان، وَيَهْجُرُونَ فَاعِلَ ذلك، وَيُنْكِرُونَ على مَنْ يَضْرِبُ له الأَمْثَالَ، وَلا يُسَوِّغُونَ غير الانْقِيَادِ له وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّلَقِّي بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَلا يَخْطُرُ بِقُلُوبِهِمْ التَّوَقُّفُ في قَبُولِهِ حتى يَشْهَدَ له عَمَلٌ أو قِيَاسٌ أو يُوَافِقَ قَوْلَ فُلانٍ وَفُلانٍ بَلْ كَانُوا عَامِلِينَ بِقَوْلِهِ تعالى:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب: 36]"؛ اهـ[2]، وقال أيوب السختياني - رحمه الله -: (إذا سمعتَ أحدَهم يقول: لا نريدُ إلَّا القرآنَ! فذاك حين ترك القرآنَ)"؛ اهـ[3]، وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله-: "عليك بالسُّنة؛ فإنها شارحة للقرآن، ومُوَضِّحة له"؛ اهـ[4].


وقال الحافظ الشاطبي - رحمه الله -: (فإنَّ الأدلة قد تأتي في معانٍ مختلفة، ولكن يشملها معنى واحد شبيه بالأمر في المصالح المرسلة والاستحسان، فتأتي السُّنة بمقتضى ذلك المعنى الواحد، فَيُعْلَمُ أو يُظَنُّ أن ذلك المعنى مأخوذ من مجموع تلك الأفراد بناء على صحة الدليل الدال على أنَّ السُّنة إنما جاءت مُبيِّنة للكتاب"؛ اهـ[5].فكان من تيسير الله عز وجل أن اختار لهذه المهمة العظيمة النفيسة أئمة علماء أفذاذًا في كل عصر ومصر حملوا همَّ هذه الأمانة، وأفنوا أعمارهم وأراقوا ماء أعينهم خدمةً للسنة المطهرة حفظًا في الصدور وتصنيفًا في الكتب تبليغًا وحماية لها ودفاعًا عنها، ولتقريبها لعامة المسلمين جمعوا أربعينات في بيان أحكام الله تعالى؛ ليدخلوا تحت قوله صلى الله عليه وسلم: «نضَّر الله امْرأً سَمِع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه»[6]، وليُبصِّروا المسلمين بما ينبغي معرفته من أحكام الشريعة العامة بصفة إجمالية ليحملهم ذلك على الاستزادة من طلب العلم الشرعي، وليوقع المؤمن عبادة ربه على الوجه المرضي والمقبول عند ربه عز وجل، وهذا الذي نصَّ عليه الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله في الأربعين، قال الإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله: "وقد صنَّف العلماء رضي الله تعالى عنهم في هذا الباب ما لا يُحصى من المصنَّفات؛فأول من علمته صنَّف فيه:عبدالله بن المبارك، ثم محمد بن أسلم الطوسي العالم الرباني، ثم الحسن بن سفيان النسائي، وأبو بكرالآجري، وأبو بكر بن إبراهيم الأصفهاني، والدارقطني، والحاكم، وأبو نعيم، وأبو عبدالرحمن السلميّ، وأبو سعيد الماليني، وأبو عثمان الصابوني، وعبدالله بن محمد الأنصاري، وأبو بكر البيهقي، وخلائق لا يحصون من المتقدمين والمتأخرين"[7]؛ اهـ.


ونحن في هذه العجالة المختصرة نذكر- إن شاء الله تعالى- ما تميزت به الأربعون حديثًا للإمام أبي بكر الآجري رحمه الله من ترتيب وتناسق، فقد أتت على انسجام بديع، وما تزينت به من تعليقاته اليسيرة، فكساها ذلك رونقًا وبهاءً، فاللهَ أسألُ أن يجعل هذه الكلمات القلائل خالصةً لوجهه الكريم غير قالصة، وأن ينفع بها كاتبها وقائلها وسامعها، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ترجمة أبي بكر بن الحسين الآجري رحمه الله:
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمته رحمه الله: "الإمام المُحدِّث القدوة شيخ الحرم الشريف أبو بكر محمد بن الحسين بن عبدالله البغدادي الآجري صاحب التواليف، منها: كتاب "الشريعة في السنة" كبير، وكتاب "الرؤية"، وكتاب "الغرباء"، وكتاب "الأربعين"، وكتاب "الثمانين"، وكتاب "آداب العلماء"، وكتاب "مسألة الطائفين"، وكتاب "التهجُّد"، وغير ذلك...، كان صدوقًا، خيرًا، عابدًا، صاحب سُنَّة واتِّباع، قال الخطيب:كان دينًا ثقة، له تصانيف"[8].


روى عن كثيرٍ من المُحدِّثين، نذكرُ منهم من رَوى عنهم في كتابِه الأربعينَ حديثًا وهم:
أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْكَشِّيُّ.
أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ.
أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ.
أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُف التَّاجِرُ.
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْجَوْزِيُّ.
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، خَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ.
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْن سُكَيْنٍ الْبَلْدِيُّ.
أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ.
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْن سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِي.
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِي.
أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ الْقَرَاطِيسِي.
أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حُبَابٍ الْمُقْرِئُ.
أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِي.
أَبُو سَعِيدٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَنَدِيُّ.
أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ.

وقد أورد الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله في السير بعضهم وزاد عليهم:
الحسن بن علي بن عَلُّويه القطان.
موسى بن هارون.
عبدالله بن ناجية.
محمد بن صالح العُكْبَري.
جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي.
عبدالله بن العباس الطيالسي.
حامد بن شعيب البلخي.
أحمد بن سهل الأشناني المقرئ.
أحمد بن موسى بن زَنْجَوَيه القطان.
عيسى بن سليمان وراق داود بن رشيد، أبو القاسم البغوي.
وقال رحمه الله: وخلقًا سواهم"؛ ا هـ.


وروى عنه جَمٌّ غفيرٌ نذكر منهم:
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: حدث عنه:عبدالرحمن بن عمر بن النحاس، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم بن بشران، والمقرئ أبو الحسن الحمامي، وأبو نعيم الحافظ[9]، وخلق من الحجاج والمجاورين"؛ اهـ، وزاد الخطيب البغدادي محمود بن عمر العكبري، ومحمد بن حسين بن الفضل القطان"؛ اهـ[10]، وممن روى عنه أيضًا: عبيدالله بن محمد بن محمد، أبو عبدالله العكبري، ابن بطة، الإمام، القدوة، العابد، الفقيه، المحدث، شيخ العراق الحنبلي، المتوفى سنة (387هـ)[11].



وفاته:
مات بمكة في المحرم سنة ستين وثلاثمائة، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله ورضي عنه"؛ اهـ[12].



سبب تأليفه الأربعين حديثًا:
أنه سُئل في تأليف أربعين حديثًا تجمع أصول الدين فلبَّى سؤل السائل له قائلًا رحمه الله: "سَأَجْتَهِدُ لَكَ فِي جَمْعِ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْتَفِعُ بِهَا فِي دِينِكَ وَيَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ يَسْمَعُهَا مِنْكَ وَيَبْعَثُكَ وَإِيَّاهُ عَلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْهَا، وَلَا يَسَعُكَ جَهْلُهَا، واللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ"؛ اهـ.وشرحها شرحًا يسيرًا يحل غوامضها ويبصر قارئها وسامعها بمعانيها وما حوته من درر جليلة، فكانت كقلائد الجمان في سبكها واختصارها.


منهجه في كتابه الأربعين:
بدأ المصنف رحمه اله بتعليقه على الأحاديث الثلاثة عشر مبينًا فيها ضرورة طلب العلم، وأنه لا يصح عمل إلا بعلم، ولن يقبل عمل إلا بنية خالصة صادقة لا رياء فيها ولا سمعة وَلَا يُرِيدُ بِهَا إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يُشْرِكُ فِيهَا مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا أُخْلِصَ لَهُ وَأُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ، لَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا الْعُلَمَاءُ[13]، ثم ذكر حكم أن من ترك فريضة من الفرائض الخمس وكفر بها وجحد بها لم ينفعه التوحيد ولم يكن مسلمًا، ثم ذكر القدر وأنه سِرُّ الله في خلقه، لم يطَّلِع عليه نبي مرسل ولا مَلَك مقرب، والسلامة في ذلك الإيمان بالله والتصديق به، وأن بيضة الإسلام محمية بالسمع والطاعة لوليِّ أمر المسلمين بالمعروف، ثم بيَّن فضل الصحابة وأنهم نقلة الشريعة، فمن أثنى عليهم فقد برئ من النفاق، ثم بيَّن أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، ونقل رحمه الله إجماع أهل السنة على ذلك، ثم أورد الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله بسنده فقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ:حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ يَقُولُ: "أصول الْبِدَعِ أَرْبَعٌ: الرَّوَافِضُ، وَالْخَوَارِجُ، وَالْقَدَرِيَّةُ، وَالْمُرْجِئَةُ، ثُمَّ تَتَشَعَّبُ كُلُّ فِرْقَةٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ طَائِفَةً، فَتِلْكَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً، وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهَا النَّاجِيَةُ، فَمِنَ الْأُدَبَاءِ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالتَّصْدِيقُ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَقَدْ بَيَّنْتُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْ عُلُومِ الدِّينِ مَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ وَلَا يَجْهَلَ عَنْ أَمْرِ دِينِهِ فَيَزِيغَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ إِذْ كَانَ دَيْنُ الْإِنْسَانِ هُوَ رَأْسُ مَالِهِ، قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ: رَأْسُ مَالِ الْمُسْلِمِ دِينُهُ، حَيْثُ مَا زَالَ زَالَ مَعَهُ، لَا يُخَلِّفُهُ فِي الرِّحَالِ، وَلَا يَأْتَمِنُ عَلَيْهِ الرِّجَالَ، وَأَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَذَكَرُ بَعْدَ هَذَا مِنْ أَمْرِ السُّنَنِ مَا يَتَأَدَّبُ بِهَا الْمُسْلِمُ فَتَبْعَثَهُ عَلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِلْعِلْمِ الَّذِي لَا بُدُّ مِنْهُ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"؛ اهـ، ثم شرع رحمه الله في ذكر باب العبادات العملية بدءًا بالوضوء والاغتسال من الجنابة وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وبيان فريضة الزكاة والأمر بصيام رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلًا، وإعلاء راية الإسلام والذب عنها بالجهاد في سبيله، ثم أورد ما ينبغي للمسلم وطالب الحديث اتقاؤه؛ كترك الموبقات وذكر الحديث "اتقوا السبع الموبقات"، ونهى عن رفع الصوت عند المصيبة؛ كالنياحة وغيرها أو عند الفرح بسماع الغناء الفاجر أو المصحوب بآلات الطرب؛ كالطبل والمزمار والمعازف والعود والطنبور والمغني والمغنيات، وأن قوام الدين وحماية جنابه لا يكون إلا بامتثال أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فعلًا للمأمور به وتركًا للمنهي عنه طاعةً للباري جل جلاله، وطمعًا في جنته ورضوانه، ليكون من السبعة الذين يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظله، وذكر منهم إمامًا مقتصدًا...إلخ، الحديث رقم 39، ثم شرع يذكر أفضل الأعمال عند الله عز وجل ليشوِّق السامع بالبدار إلى فعلها رجاء ثواب الله، ثم بيَّن ما ينبغي للعاقل أن يكون عليه، وذكر في خاتمة الأربعين أن على المرء أن يستزيد من العلم ويجتهد في طلبه، وألا يكسل فيقنع بالدون ويرضى به دون المعالي، فقال رحمه الله: "قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا فِيهَا عِلْمٌ كَثِيرٌ فِي أَصْنَافٍ شَتَّى، وَتَبْعَثُ الْعُقَلَاءَ عَلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِعُلُومٍ لَا بُدَّ مِنْهَا مِمَّا لَا يَسَعُهُمْ جَهْلهُ، وَلَا يَعْذِرُهُ الْعُلَمَاءُ بِجَهْلِهَا، وَكُلَّمَا عَلِمُوهَا وَعَمِلُوا بِهَا زَادَهُمُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهَا شَرَفًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لَنَا وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا، وَعَقْلًا مُؤَيَّدًا، وَأَدَبًا صَالِحًا"؛ اهـ. ثم نشط في آخر الكتاب فأسند حديثًا بسنده كان قد أورده مرسلًا ليُنبِّه على ثمرة طلب الحديث وشرف أهله، فإنهم حلقة في الإسناد الموصل إلى كلام خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقد قال الشاعر:
أهلُ الحديثِ هُمُ أهلُ النبي وإن
لم يصحبوا نفسَه أنفاسَه صَحِبوا




وأن الاشتغال بالحديث روايةً ودرايةً من أجَلِّ الطاعات وأفضل القربات، فينبغي على العاقل الأريب ألَّا يُقدِّم عليه غيرَه، وأن يعتني بحديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حفظًا وفهمًا وتدوينًا، وتعلُّمًا وتعليمًا.


قال القاضي عياض رحمه الله [14]:
وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا
وَكِدْت بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِك يَا عِبَادِي
وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيَّا


سندي إلى كتاب الأربعين حديثًا للإمام أبي بكر محمد بن حسين بن عبدالله الآجري رحمه الله:
أقول وأنا العبد الفقير إلى الله د عمر بسبوعة: أروي هذا الكتاب قراءة لجميعه على شيخنا العلامة الأستاذ الدكتور يوسف بن عبدالرحمن المرعشلي وفقه الله، وهو عن المحدث محمد ياسين الفاداني، عَنْ عُمَرَ بنِ حَمْدَانَ المَحْرَسِيِّ، عَنْ أبي النَّصْرِ مُحمَّدِ بنِ عَبْدِالقَادِرِ بنِ صَالِحٍ الدِّمِشْقِيِّ الخَطِيْبِ، عَنِ الوَجِيْهِ عَبْدِالرَّحمَنِ بنِ مُحمَّدِ الكُزْبَرِي، عَنْ مُصْطَفَى بنِ مُحمَّدٍ الشَّامِي الرَّحْمتِي، عَنْ عَبْدِالغَنِيِّ بنِ إسْماعِيْلَ النَّابُلُسيِّ، عَنِ النَّجْمِ مُحمَّدِ بنِ مُحمَّدٍ الغَزِّي، عَنْ أبِيْه البَدْرِ الغَزِّي، عَنْ أبي الفَتْحِ مُحمَّدِ بنِ مُحمَّدِ بنِ عَلي بنِ صَالِحٍ الإسْكَنْدَرَاني، ثُمَّ المِزِّي، عَنِ الشَّيْخَةِ الصَّالحَةِ عَائِشَةَ بنْتِ مُحمَّدِ بنِ عَبْدِالهَادِي المَقْدِسِيَّةِ، ثُمَّ الصَّالحِيَّةِ، عَنِ الحَافِظِ مُحمَّدِ بنِ أحمَدَ بنِ عُثْمانَ الذَّهَبيِّ الشَّافِعِي، أخْبَرنَا أبو إسْحَاقَ إبْرَاهِيْمُ بنُ عَلي بنِ يُوْسُفَ الزَّرْزَارِي القُطْبِي، أخْبَرنَا دَاوُدُ بنُ أحمَدَ الوَكِيْلُ، أخْبَرنَا أبو الفَضْلِ مُحمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحمَّدِ بنِ سَلَم الجعَابي القَاضِي، أخْبَرنَا عَبْدُ الصَّمْدِ بنُ عَلي، عَن الحَافِظ أبي الحَسَنِ عَلي الدَّارَقُطْنِي، عن مؤلفه الإمام أبي بكر محمد بن حسين بن عبدالله الآجري رحمه الله.


ح وبالسند المتقدم عَنِ الحَافِظِ مُحمَّدِ بنِ أحمَدَ بنِ عُثْمانَ الذَّهَبيِّ الشَّافِعِي، أخْبَرنَا أبو عَليٍّ الحَسَنُ بنُ عَلي بنِ أبي بَكْرٍ بنِ الخَلَّالِ، أخْبَرنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِير، أخْبَرنَا أبو طَاهِرٍ أحمَدُ بنُ مُحمَّدِ بنِ أحمَدَ السِّلَفِي، أخَبَرنَا أبو عَليٍّ الحَسَنُ بنُ أحمَدَ الحَدَّادُ، أخْبَرنَا الحَافِظُ أبو نُعَيْمٍ أحمَدُ بنُ عَبْدِاللهِ الأصْبَهَانيُّ، عن مؤلفه الإمام أبي بكر محمد بن حسين بن عبدالله الآجري رحمه الله.


ح وقرأت من أوله إلى الحديث الرابع عشر وإجازة بباقيه عن شيخنا العلامة المحدث محمد بن الحاج عابدين بن البكاي الكنتي وفقه الله، وهو عن العلامة المحدث محمد حسن المشاط، عَنْ عُمَرَ بنِ حَمْدَانَ المَحْرَسِيِّ بالسند المتقدم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين[15].

[1] سنن ابن ماجه، ح 12، افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه.
[2] إعلام الموقعين، ج 4، ص 244.
[3] رواه الهروي في (ذم الكلام)، ج2، ص 59، رقم 212.
[4] تفسير ابن كثير، ج 1، ص 4.
[5] الموافقات، ج 4، ص 47، 48.
[6] رواه الترمذي، أبواب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، برقم 2658.
[7] قاله النووي في مقدمة الأربعين النووية.
[8] سير أعلام النبلاء للذهبي، ج 16، ص 134.
[9] يقصد أبا نعيم الأصبهاني، الحافظ، صاحب «حلية الأولياء» كما في تاريخ مدينة السلام (ج 3، ص 35).
[10] نفس المرجع السابق، ج 3، ص 35.
[11] الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية برقم (82، 229)، ج 1، ص 249 و351.
[12] سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي، ج 16، ص 135.
[13] قاله الإمام أبو بكر محمد بن الحسين بن عبدالله الآجري رحمه الله.
[14] حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، ج 1، ص 235، ونسبها الطاهر بن عاشور رحمه الله إلى الشافعي وأوردها بقوله: "ومما زادني شرفًا وفخرًا" وفي البيت الثاني: "وأنْ أرسلت أحمدَ لي نبيَّا"، كما في التحرير والتنوير، تفسير سورة الصافات، ج 23، ص 111، وكذا أوردها أبو بكر جابر الجزائري في كتابه أيسر التفاسير، ج 4، ص 406.
[15]المراجع:
1- الأربعين النووية للإمام أبي يحيى بن شرف النووي.
2- الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة، كتاب الإيمان للإمام أبي عبدالله عبيدالله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي، تحقيق رضا بن نعسان معيطي، دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الثانية 1994م / 1415هـ.
3- أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، تأليف أبي بكر جابر الجزائري، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الثالثة 1418 هـ / 1997م. 4- تاريخ مدينة السلام وأخبار محدثيها وذكر قُطَّانها العلماء من غير أهلها ووارديها، تأليف الإمام أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، تحقيق د بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1422هـ/ 2001م.
5- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير رحمه الله.
6- تفسير التحرير والتنوير، تأليف الإمام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، 1984م.
7- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، تأليف الشيخ عبدالرزاق البيطار، تحقيق محمد بهجة البيطار، 1380هـ/ 1961م.
8- سير أعلام النبلاء للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، مؤسسة الرسالة، سنة النشر: 1422هـ / 2001م.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.53 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]