|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأخلاق .. أساس بناء المجتمعات
تضافرت النصوص من كتاب الله -عزوجل- على الأمر بالتخلق بالأخلاق الحسنة، ونصت على الكثير منها؛ فمن ذلك قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90)، وقوله -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الاعراف:199)، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6)، وكذلك نهت عن الأخلاق المذمومة، ومن ذلك: قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}(الحجرات). كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمتثل أمر الله -تعالى- في كل شأنه قولا وعملا، ويأتمر بكل أخلاق حسنة ورد الأمر بها في القرآن، وينتهي عن كل أخلاق سيئة ورد النهي عنها في القران؛ لذا كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن، وأيضا فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يأمر بحسن الخلق؛ فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»؛ لذا فإن الالتزام بالأخلاق الحسنة طاعة لله -عزوجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. ارتباط الأخلاق بالعقيدة إن ارتباط الأخلاق بالعقيدة وثيق جدا؛ لذا فكثيرا ما يربط الله -عزوجل- بين الإيمان والعمل الصالح، الذي تعد الأخلاق الحسنة أحد أركانه؛ فالعقيدة دون خلق شجرة لا ظل لها ولا ثمر، أما عن ارتباط الأخلاق بالشريعة فإن الشريعة منها عبادات، ومنها معاملات، والعبادات تثمر الأخلاق الحسنة ولابد، إذا ما أقامها المسلم على الوجه الأكمل؛ لذا قال -تعالى-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} (العنكبوت:45)، وقال في الزكاة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (التوبة:103)، وقال في الصوم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183)، وقال في الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (البقرة:197)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، وأما صلة الأخلاق بالمعاملات فإن المعاملات كلها قائمة على الأخلاق الحسنة في أقوال المسلم وأفعاله، والمتأمل لتعاليم الإسلام يرى هذا واضحا جليا. آثار الأخلاق في سلوك الفرد تظهر أهمية الأخلاق الإسلامية بأثرها في سلوك الفرد، وفي سلوك المجتمع، أما أثرها في سلوك الفرد فلما تزرعه في نفس صاحبها من الرحمة والصدق، والعدل والأمانة، والحياء والعفة، والتعاون والتكافل، والإخلاص والتواضع، وغير ذلك من القيم والأخلاق السامية؛ فالأخلاق بالنسبة للفرد هي أساس الفلاح والنجاح؛ يقول -تعالى-: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس)، ويقول -سبحانه-: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (الاعلى)، والتزكية في مدلولها ومعناها تعني: تهذيب النفس باطنا وظاهرا في حركاته وسكناته. آثار الأخلاق في سلوك المجتمع وأما أثر الأخلاق في سلوك المجتمع كله، فالأخلاق هي الأساس لبناء المجتمعات الإنسانية، يقرر ذلك قوله -تعالى-: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (النصر)؛ فالعمل الصالح المدعم بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر في مواجهة المغريات والتحديات من شأنه أن يبني مجتمعا محصنا، لا تنال منه عوامل التردي والانحطاط، وليس ابتلاء الأمم والحضارات كامنا في ضعف إمكاناتها المادية أو منجزاتها العلمية، إنما في قيمتها الخلقية التي تسودها وتتحلى بها. مكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية إن أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفراده أن يعيشوا متفاهمين متعاونين سعداء، ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة، ولو فرضنا احتمالا أنه قام مجتمع من المجتمعات على أساس تبادل المنافع المادية فقط من غير أن يكون وراء ذلك غرض أسمى، فإنه لابد لسلامة هذا المجتمع من خلقي الثقة والأمانة على أقل التقدير. فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت الأخلاق التي هي الوسيط الذي لا بد منه لانسجام الإنسان مع أخيه الإنسان، تفكك أفراد المجتمع وتصارعوا، وتناهبوا مصالحهم، ثم أدى بهم ذلك إلى الانهيار ثم إلى الدمار، ولك أن تتخيل مجتمعا من المجتمعات انعدمت فيه مكارم الأخلاق كيف يكون هذا المجتمع؟! ارتقاء الأمم والشعوب لقد دلت التجارب الإنسانية والأحداث التاريخية أن ارتقاء الأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلم الأخلاق الفاضلة، ومتناسـب معه، وانهيار القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها، ومتناسـب معه، فبين القوى المعنوية والأخلاق تناسب طردي دائما صاعدين وهابطين؛ وذلك لأن الأخلاق الفاضلة في أفراد الأمم والشعوب تمثل المعاقد الثابتة التي تعقد بها الروابط الاجتماعية، ومتى انعدمت هذه المعاقد أو انكسرت في الأفراد لم تجد الروابط الاجتماعية مكانا تنعقد عليه، ومتى فقدت الروابط الاجتماعية صارت الملايين في الامة المنحلة عن بعضها مزودة بقوة الأفراد فقط، لا بقوة الجماعة، بل ربما كانت القوى المبعثرة فيها بأس فيما بينها، مضافا إلى قوة عدوها. أهمية الأخلاق في الدعوة الاستقامة على الأخلاق لها أثر كبير، ونفع بليغ في الدعوة إلى الله -عزوجل-، ولا أدل على ذلك مما جاء في السيرة النبوية من أن أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت محل إعجاب المشركين قبل البعثة، حتى شهدوا له بالصدق والأمانة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت هذه الآية: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (الشعراء:214)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد». وقد بدا انعكاس هذه الصورة الرائعة من الأخلاق والسلوك الذي التزم به المسلمون عبر تاريخهم الطويل في تأثيرها في انتشار هذا الدين في بعض المناطق التي لم يصلها الفتح؛ إذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لما رأوا القدوة الحسنة مرتسمة خلقا حميدا في أشخاص مسلمين صالحين تمثلوا الأخلاق واقعا عمليا في سلوكهم وتعاملهم. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |