الأسرة ودورها في التحصين القيمي للأبناء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-04-2023, 01:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي الأسرة ودورها في التحصين القيمي للأبناء

محاضرات منتدى تراث الرمضاني الثالث
3 - الأسرة ودورها في التحصين القيمي للأبناء




قضية تزكية النفوس بالقيم والأخلاق تعد ركيزة من ركائز الإسلام الأساسية، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ»، وجاءت أحاديث كثيرة جدا تتكلم عن باب الأخلاق، وأن المسلم عليه أن يهتم بهذا الجانب، وأنه من الأمور التي يحصل بها الأجور والحسنات وتكفر الذنوب والسيئات وترفع في الدرجات، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّء»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا». والأحاديث التي تدعو إلى هذا الأمر كثيرة، ما بين ذكر الفضائل والوصية بها، وقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاك الرجل الذي طلب الوصية قائلا: أوصني يا رسول الله، قال: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن في هذه الوصية العظيمة أن الأخلاق جزء عظيم من رسالة الإسلام، فضلا عن أنها جزء كبير من أعمال المسلمين.
ما يميز أهل الإسلام
وإن ما يميز أهل الإسلام عن غيرهم هو التخلق بالأخلاق الكريمة، والتزامهم بهذه الأخلاقيات والقيم منهج حياة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد مدحه الله -جل وعلا- بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
رسالة مهمة
فمن خلال هذه النصوص نفهم أن لدينا رسالة مهمة، وأنّ علينا واجبا كبيرا تجاه أنفسنا من جهة، ثم واجبا علينا تجاه الآخرين، والآخرون هم من قال الله -عزوجل- فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6)، يقول الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «علّموهم وأدّبوهم»؛ فالتعليم والتأديب يعد من المهام العظيمة التي أوكل الله بها أولياء الأمور في الأسرة، الزوج والزوجة، الأب والأم، هم الرأس في هذا البيت وهذه المملكة، ولهم دور كبير في قضية بناء القيم والأخلاق بالنسبة لأبنائهم.
كل مولود يولد على الفطرة
ولقد أعطى الله -سبحانه وتعالى- الإنسان القدرة على التأثير في الآخرين، ولا سيما في مرحلة البناء الإنساني، سواء الجسدي أم العقلي، ودور الوالدين في هذه القضية دور كبير، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه»، فهنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين بأن الأصل أن الإنسان يخرج إلى هذه الحياة على فطرة التوحيد، ما الذي يجعل هذه الفطرة تنتكس ولا تنمو؟ هو قيام الوالدين بتنشئة الأبناء النشأة التي يريدانها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بشّر بمن يُرزق بالبنات فيقوم بتربيتهن ورعايتهن ويُحسن إليهن حتى يتوفاه الله أو يتوفاهن الله، بشّره بأن يكن له حاجزا من النار، قال بعض الصحابة: واثنتين يا رسول الله؟ قال: واثنتين، قيل: وواحدة؟ قال: وواحدة.
خير للإنسان في الدنيا وفي الآخرة
فدور التربية يكون خيرا للإنسان، يراه في الدنيا برا وإحسانا، وفي الآخرة يكون بالأجور وتكفير الذنوب ورفع الدرجات، ويكون حاجزا بين العبد وبين النار، بل سيُنادى الوالدان يوم القيامة ويُعطون درجة عالية في الجنة فيسألان الله -عز وجل-: من أين لنا هذه الدرجة؟ يجيب الله -عز وجل-: بدعاء ولدك الصالح لك، وينشأ ناشئ الفتيان منا، على ما كان عوّده أبوه، فالعادة التي يعتاد عليها الأبناء هي غرس الوالدين.
الأسلوب النبوي
ما الأسلوب النبوي الذي كان - صلى الله عليه وسلم - يتعامل به مع الناشئة؟
أولا: التعامل بالثقة
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعامل مع الناشئة بالثقة، أن تكون هناك ثقة متولدة ما بين هذا الابن وما بين الوالدين، وإعطائه الإحساس بالمسؤولية، وهذه من أهم الأمور التي تغرسها في أبنائك، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان النموذج العالي في تربية الأمة عموما وتربية الأبناء على وجه الخصوص، ومن ذلك ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الأرقم بن أبي الأرقم الذي كانت داره في مكة المكرمة هي مكان الالتقاء بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الصحابة، قيل: إن الأرقم كان عمره في ذلك الوقت أقل من عشرين سنة، وهذا فيه دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُربي أتباعه على قضية الإحساس بالمسؤولية.
وكذلك أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام في جيش وهو أميرهم وكان عمره قرابة العشرين عاما، هذه قمة بناء الثقة في الأبناء، وهناك من الأعمال الكثيرة جدا قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بغرس المبادئ والقيم النظرية في داخل قلب هذا الناشئ، ثم بعد ذلك يُدخله النبي - صلى الله عليه وسلم - في الواقع العملي معه، ثم بعد ذلك يعطيه الفرصة لكي يطبق ما سمع وقرأ وما رآه من تطبيق عملي.
رجل يحبه الله ورسوله
وأيضا عندما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في غزوة خيبر، «لأعطين الراية لرجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله»، هذا شيء كبير في قضية بناء الثقة في نفوس الأبناء، وهذه قيمة كبيرة أن تؤسس ابنك على تحمل المسؤولية وأن تعطيه الفرصة لكي يبرز هذا الشيء فيه، لا تقل عندي حنان زائد وأخاف على أبنائي من الخطأ، ثم تقوم أنت بالأعمال عنهم؛ فماذا لو انشغلت عنهم يوما وانشغلت أمهم كذلك فمن سيقوم بمهامهم عندها؟ وأعرف بعض الناس حتى في التدريس يقوم الأب والأم بحل الواجبات عن أبنائهم! بهذا تكون قد قتلت الإبداع الذي فيه، وقدرة التحليل التي بداخله، ولم تعطه المجال ليجيب حتى لو أخطأ ثم يعرف أخطاءه. وبعض الناس قد قتل ابنه اجتماعيا ولم يجعل له قيمة، وأصبح عنده تبعية وصار إمّعة للآخرين؛ بسبب عدم تربيته على مثل هذه التربية التي ربى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه.
ثانيًا: احترام حقوق الأبناء
كذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحترم حقوق الأبناء، وهذه قيمة أن يكون لك رأي وعندك فرصة للتعبير، وأن تتكلم وتأخذ حقوقك كاملة، ولا نستطيع أن نتعدى على حقوقك إلا بعد إذنك، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في مجلس واستقى ماءً، فلما شرب كان عن يمينه عبدالله بن عباس وكان غلاما، وكان عن شماله ناس من أشياخ بدر ومنهم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، فلما انتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - التفت إلى الغلام وقال: هل تأذن أن أعطيه لأبي بكر؟ فقال هذا الغلام: لا، لا أؤثر بنصيبي فيك أحدا يا رسول الله. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - احترم رأيه، واحترم حقه وأعطاه الإناء فشرب منه قبل أبي بكر وغيره من الصحابة، وهذا فيه تطبيق عملي من النبي - صلى الله عليه وسلم - أمام الصحابة كبارهم وصغارهم. فيجب علينا أن نحترم حق الأبناء ولا نتعدى عليهم، إذًا لابد علينا أن نقوم بهذا الأمر ونحن نبني جوانب الشخصية.
إتاحة الفرصة لأبنائنا للتعبير عن ذاتهم هذا شيء رائع، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان في مجلس ويسأل سؤالا للجميع كبارا وصغارا، ويحاول الجميع أن يجد الجواب الصحيح من خلال ما سمع من سؤال، مثل المؤمن كمثل شجرة لا تتساقط أوراقها وتؤتي أكلها كل حين، فضرب الناس بشجر البوادي، عبدالله بن عمر لما رجع إلى البيت بعدما أجاب النبي عن السؤال وقال: هي النخلة، قال عبدالله بن عمر: والله يا أبي لقد وقع في نفسي أنها النخلة. قال عمر -رضي الله عنه-: والله لو قلت لكان أحب إليّ من كذا وكذا، فلم ينهره بل شجّعه على ذلك، وحثه على المشاركة في المرات القادمة. وهذا فيه التقدير للذات والتعبير عن النفس.

د. خالد سلطان السلطان



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-09-2023, 02:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسرة ودورها في التحصين القيمي للأبناء

محاضرات منتدى تراث الرمضاني الثالث

– الأسرة ودورها في التحصين القيمي للأبناء

الحلقة الثانية


ما زال حديثنا مستمرا في استعراض محاضرة د. خالد سلطان السلطان، التي كانت ضمن محاضرات (منتدى تراث الرمضاني الثالث)، وكانت بعنوان: (الأسرة ودورها في التحصين القيمي للأبناء)، وكنا ذكرنا في الحلقة الماضية عددًا من النقاط منها: أن الأخلاق أهم ما يميز أهل الإسلام، وأن كل مولود يولد على الفطرة، ثم بينا الأسلوب النبوي في التعامل مع الأبناء والناشئة، وذكرنا منها التعامل بالثقة واحترام حقوق الأبناء.
ثالثًا: الثناء على الأبناء
مما تميز به النبي - صلى الله عليه وسلم - حرصه على إبراز مكانة الأبناء والثناء عليهم؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد (وهو عبدالله بن مسعود)، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة»، وقال: «أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل». وقال: «من أراد أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد (عبدالله بن مسعود)». نرى النبي - صلى الله عليه وسلم - دائما يبرز المكانة العلمية بين الصحابة، وكذلك يثني عليهم الثناء العاطر بما حملوا من علم، وهذا كله جاء بالوحي من الله -سبحانه وتعالى- للنبي - صلى الله عليه وسلم .
رابعًا: رعاية مشاعر الناشئة
كذلك من الأساليب التي اتبعها النبي - صلى الله عليه وسلم - رعايته لمشاعر الناشئة، وذلك بأن جاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - مالك بن حويرث مع مجموعة من الشباب كانوا متقاربين في العمر، جاؤوا ومكثوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرين ليلة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم رحيما رفيقا، جاؤوا ليطلبوا العلم، وبعد مرور الأيام قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: قد اشتقنا لأهلنا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم -أي ما تعلمتم مني- وبِرّوهم، وصَلّوا كذا في حين كذا، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: إذا حضرت الصلاة فليؤذن فيكم أحدكم وليؤمكم أكبركم. لماذا قدم النبي هنا الكبير في الصلاة؟ علما بأنه قال - صلى الله عليه وسلم -: يؤم القوم أحفظهم لكتاب الله، لأن كلهم في سن واحدة، وكلهم تعلموا العلم، وكلهم حفظوا المقدار نفسه، فالشيء الفارق هنا للإمامة هو العمر. هنا نرى النبي - صلى الله عليه وسلم - احترم المشاعر وأرسلهم إلى أهليهم.
خامسًا: الاهتمام بالنصيحة للناشئة
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتني عناية كبيرة بقضية النصيحة، إما كان يبتدئ بتوجيه العلم لمن يكون معه، كما كان الأمر مع معاذ بن جبل -رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - علّمه الحديث الجليل، ما هو حق الله على العباد؟ وما هو حق العباد على الله؟ وعلّم عبدالله بن عباس حديثا عظيما «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، وكذلك عندما وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الشاب المسافر «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن».
غرس القيم
وهكذا نرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرص على غرس القيم العقائدية، والقيم التعبدية والقيم الأخلاقية في الناشئة من خلال النصائح والوصايا، سواء كان بطلب من الشاب للوصية أو بابتداء النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وقد جاء في السنن أن شابا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا رسول الله أوصني، قال له: يا بني إذا دخلت إلى بيتك فسلّم على أهلك تكن بركة عليك وعلى أهل بيتك».
أساليب كثيرة
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدم في غرس هذه القيم أساليب كثيرة، فتارة بالتوجيه المباشر، وتارة بالقصص، وتارة بضرب الأمثال، وتارة بالحوار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستخدم كل هذه الأساليب للوصول إلى الهدف الكبير، وهي قضية غرس القيمة الأخلاقية والعلمية والعقيدة الصحيحة في قلوب الناشئة، من خلال هذه الأدوات التي يجب على المُعلم أن يتعلمها، سواء كان أبا أم أما أ معلما أم إماما وخطيبا أم غير ذلك، فنقول له نوّع بين هذه الأساليب؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد استخدم كل هذه الأساليب.
علاج أخطاء الناشئة
كذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدم منهجا حكيما في علاج أخطاء الناشئة التي لها علاقة بقضية القيم، ومن ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يزجر، وما كان ينتهر، ولا كان يكفهر، بل كان رحيما، رقيقا، حكيما في علاج الأخطاء، فيأتي مثلا أحد الفتيان من الصحابة ويسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! الصحابة -رضوان الله عليهم- كادوا أن يقوموا عليه، إلا أن النبي أخذ يحاوره قال - صلى الله عليه وسلم -: أترضاه لأمك؟ قال: لا، قال: كذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم. ثم قال: أترضاه لأختك؟ قال: لا، قال: كذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم. وهكذا كان يستدرجه النبي - صلى الله عليه وسلم - من شخصية إلى شخصية من قرابته وفي كل ذلك يقول: لا، ما أحب أحد أن يُعتدى على عرضي؛ فيقول: كذلك الناس لا يحبونه، ثم مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على قلبه ودعا له، اللهم طهّر قلبه واغفر له ذنبه. فيقول ذلك الشاب: فما كرهت شيئا بعد دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ككرهي للزنا. تحقق هذا الأمر بعلاج هذا الخطأ. هذا نموذج من نماذج الأخطاء.
ولما أخذ أحد سبطي النبي الحسن والحسين تمرة من كومة طعام الصدقة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يضعها في فمه، وكان يوزعها النبي على حسب من يأتيه من الناس، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: كخٍ، أما علمت أنّا آل محمد لا نأكل الصدقة، وكان صغيرا في عمره، لكن مع ذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجّه ويُعلم، لذلك لابد أن تُعلّم وتوجّه في الصغر، ولا تقول لما يكبر يعرف؛ لأنه إذا كبر سوف يعتاد هذا الأمر، وقد يصعب عليك حينها أن تجعله يتخلى، فاجعله منذ الصغر يتحلّى بمثل هذه الأخلاقيات وينشأ عليها بإذن الله -سبحانه وتعالى.
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعالج أخطاء الصحابة أحيانا بالتأنيب، وأحيانا بالثناء، وأحيانا بالتعليم، وأحيانا بالإيحاء بالغضب، وأحيانا بالتصريح، وأحيانا بالتلميح، كلها كانت أساليب من أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو منهج من منهجه النبوي الكريم الذي جاء به الوحي في قضية كيف يقوم بغرس القيم الصحيحة وإزالة القيم السيئة من قلوب أتباعه ولا سيما الناشئة منهم.
التحلية والتخلية
فقضية التحلية، أن يتحلى الإنسان بالقيم الطيبة، وقضية التخلية، أن يتخلى الإنسان عن القيم السيئة، هذه مهمة كبيرة من المهام التي يجب أن نهتم بها، فحياة النبي - صلى الله عليه وسلم - مليئة بالنماذج في قضية التربية وغرس القيم الأخلاقية، ونحن اليوم في شهر رمضان المبارك، وهي فرصة لنا ومدرسة لمعاشر الآباء والدعاة والمربين أن نوجّه هذه الأمة، وأن نحمل شبابها على التحلي بأحسن القيم، وأن يتخلوا عن الأشياء السيئة، وهناك دروس عامة، فاجعل نفسك قريبا من الآخرين، ولا سيما في رمضان؛ حتى يفتح قلبه لك ويتناقش معك في مثل هذه الأمور، لتستطيع أن تضع يدك على مكان الألم والجرح فتداويه، وترى النقص الموجود فتقوم بإشباعه، وترى حالة الإشباع السيئة فتزيلها، فتقوم بهذا الدور الكبير الذي له أثر على هذا الفرد، وهذا الفرد سيكون في المستقبل هو رب أسرة، وقد يكون في منصب ما في المجتمع، وقد يكون له دور عالمي كما كان للقادة الذين قادوا الدعوة الإسلامية لأبعد بقعة من بقاع الأرض.

مسؤولية كبيرة
الأسرة لها دور كبير، وعليها مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الوالدين؛ فأبناؤكم أمانة في أعناقكم، فاجعلوا دخولكم إلى الجنة برحمة الله -عزوجل- ثم بما غرستموه في نفوس أبنائكم، وإنها لحسرة كبيرة أن يأتي المؤمن يوم القيامة، ويرى بأن أجور أبنائه والحسنات التي فعلها كانت من نصيب ذاك الذي علّمهم وحفّظهم ووجّههم، وذاك الذي غرس فيهم الغرس الطيب، فعلى الأقل يجب عليك أن تفوز في المبادئ الأولى والقيم الأساسية، واترك الشجرة تكبر بتوجيهات غيرك وتعليمه.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.20 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]