أمي تكرهني... ما النصيحة؟

[ابوالوليد المسلم]

أمي تكرهني... ما النصيحة؟
أ. هنا أحمد

السؤال:
♦ الملخص:
فتاة تشكو ظلمَ أمِّها وكرهها لها، وتذكُر تعرُّضها للسحر، وقد أفسدا – ظلم أمها والسحر - دنياها، وتسأل: ما النصيحة؟

♦ تفاصيل السؤال:
أنا فتاة تعرضت للإساءة والظلم من والدتي؛ فهي تكرهني، وتعرضت للسحر في طفولتي، ورقيت نفسي بالرقية الشرعية، وقد خسرت دنياي بسبب أمي والسحر، أريد منكم النصيحة في التعامل مع أمي.



الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
ففي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((قُدِم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسبْيٍ، فإذا امرأةٌ من السَّبيِ تسعَى، إذ وجدت صبيًّا في السَّبيِ فأخذته وألصقته ببطنِها وأرضعته، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أترون هذه طارحةً ولدَها في النَّارِ؟ قلنا: لا واللهِ، وهي تقدرُ ألَّا تطرحَه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لله أرحمُ بعبادِه من المرأةِ بولدِها))؛ [متفقٌ عليه].

تأملي هذا الحديث، فعندما أراد النبي أن يضرب للصحابة مثلًا على رحمة الله بعباده لم يجد صورة أوضح للرحمة من رحمة الأم بولدها، فالأم لا يمكن أن تطرح ولدها في النار أبدًا، وهذه علامة على الحب الخالص المتجرد الذي يحمل التضحية في ثناياه، ولا يمكن أن يغلبه أيُّ حبٍّ، حتى حب البقاء الغريزي يضعف أمام حب الإنسان لولده، وهذا نراه وندركه جميعًا عندما نرى الأم أو الأب وهو يضحي بحياته لإنقاذ ولده.

ربما أنكِ تبالغين في وصف تعامل أهلكِ معكِ، وربما هذا من وساوس الشيطان التي تدور في خاطر الإنسان لتفسد عليه حياته، والحقيقة قد تكون خلاف ذلك، وأن أمكِ تحبكِ ولا تكرهكِ أبدًا، وقد يصدر منها بعض التصرفات غير الجيدة معكِ كما تحصل مع غيركِ، والفرق بينكِ وبين غيركِ أنكِ ربما حساسة، أو لديكِ مشكلة نفسية تكبِّر عندكِ هذا التصرف وتُضخِّم آثاره، مع أنه طبيعي عند غيركِ.

وعليه، أنتِ تحتاجين إلى إعادة النظر في تفكيركِ ونظرتكِ للأمور حتى تتجاوزي هذه المشاكل؛ لذا ننصحكِ بالآتي:
• استشعري حق الوالدين عليكِ، وتعاملي مع أمكِ بكل أدب واحترام وطاعة، وعدم تأفف أو عناد، وابتغي بذلك وجه الله والأجر والثواب، وحاولي أن تتحبَّبي إلى قلبها بشيء من المشاعر والتعامل الحسن، ولا تتعاملي معها بردود الفعل أو سوء الظن، وستجدين تغيرًا ملموسًا في تعاملها معكِ نحو الأفضل إن شاء الله.

• حاولي أن تقوي من إيمانكِ من خلال الالتزام بالواجبات الشرعية، والمحافظة على الطاعات، والبعد عن المعاصي والمنكرات، وكثرة الذكر والتسبيح وقراءة القرآن، وجَعْلِ ورد يومي لكِ منه، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، ووضع برنامج يومي لتنفيذ هذه الأعمال وعدم التكاسل عنها؛ فإنها من أهم عوامل الاستقرار النفسي والأسري لكِ.

• البحث عن رفقة صالحة من الأخوات، والتسجيل معهن في أحد مراكز تحفيظ القرآن، أو دور العلم الشرعي، والبعد عن رفيقات السوء، وعدم الانزواء في البيت وحدكِ، وممارسة حياتكِ الطبيعية معهن؛ حتى تخرجي من توارد الخواطر والوسواس السيئة عليكِ، فإن الشيطان يُعشِّش في نفوس البعيدين عن الله والبعيدين عن الناس.

• قطع التفكير والوساوس السلبية لديكِ كلما جاءت لكِ، وعدم الاسترسال معها، والاستعاذة بالله منها، وشغل نفسكِ بالذكر والتسبيح حتى تنسيها.

• حافظي على الوضوء دائمًا، واستمعي يوميًّا لسورة البقرة بنية الشفاء، مع التركيز في الاستماع وعدم الانشغال بغيره، والحرص على الاستمرار وعدم الانقطاع حتى تتحسن نفسيتكِ بإذن الله.

• لا بأس بعرض نفسكِ على طبيب نفسي أو راقٍ ثقة لتشخيص الحالة، والتعامل معها بما يلزم، وإخبار أهلكِ بما تعانين من مشكلات نفسية؛ حتى يراعوا ظرفكِ ويقفوا إلى جواركِ لتجاوز هذه الأزمة، ولا تجعلي فكرة السحر تسيطر عليكِ؛ فإن كثيرًا مما يعتقده الناس سحرًا يكون ضيقًا في النفس لأسباب صحية أو نفسية، وربما بسبب البعد عن الله.

يسر الله لكِ أمركِ ووفقكِ لما يحب ويرضى.