بل أنت عند الله غال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-08-2023, 10:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي بل أنت عند الله غال

بل أنت عند الله غال
أ. شائع محمد الغبيشي

قصة عجيبة يخبرنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ كَانَ يُهْدِي إلى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم الْهَدِيَّةَ فَيُجَهِّزُهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ"، قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟"، فَقَالَ زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا! فَقَالَ: "لَكِنَّكَ عِنْدَ اللهِ ‌لَسْتَ ‌بِكَاسِدٍ"، أَوْ قَالَ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"؛ رواه ابن حبان، والترمذي في الشمائل، وأحمد، وصححه الألباني.

وفي هذه القصة دروس وهدايات منها:
أولًا: عناية هذا الصحابي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم وإهداؤه له، صورة من صور حب النبي صلى الله عليه وسلم، إنه زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ من أهل البادية يأتي إلى المدينة محملًا بهدايا البادية مما لا يوجد في المدينة فيهديه لحبيبه صلى الله عليه وسلم، وهو بذلك يعمق حبه في قلب النبي، كيف لا؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"؛ رواه البخاري في الأدب، وصحَّحه الألباني.


وفي أحداث القصة لقطة مؤثرة مثيرة تكشف عن مكنونات الصدور وما تحويه من فيض الحب والوداد للنبي صلى الله عليه وسلم، فما هي هذه اللقطة؟ تأمل قول أنس رضي الله عنه: "فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ" مشهدٌ فريدٌ للحب، ها هو المحب يلصق ظهره بصدر حبيبه ليزداد قربًا وتمازجًا للتعبير عن عظيم سعادته وغاية أنسه باحتضان رسول الله له، يلصق ظهره بصدر رسول الله ليعمق الحب والوداد ولينهل من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


نعم إنه مشهد من مشاهد الحب يتمنَّى الكثير لو كان في موضع زاهر رضي الله عنه، إنها قصة من أروع قصص الحب، فصلى الله وسلم عليك يا رسول الله ورضي الله عنك يا زاهر!


ثانيًا: عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأتباعه ومقابلة إحسانهم بإحسان مثله، فها هو صلى الله عليه وسلم يجهز زاهرًا رضي الله عنه ويجمع له ما يحتاج إليه من المدينة مما ليس في البادية، ليكشف لنا أن العلاقة بينهما قوة متينة، إنها علاقة وطيدة من الحب والوداد لخَّصَها صلى الله عليه وسلم بقوله: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ" بل العلاقة أعلى من ذلك تصل إلى المزاح بالقول والفعل في مشهد كله أُنْسٌ وحبٌّ وودادٌ، تأملوا المشهد: زاهرٌ في السوق يبتاع ويشتري والسوق قد غصَّ بروَّاده، فأتي صاحب القلب الودود الرحيم عليه الصلاة والسلام إلى السوق فاتجه إلى زاهر ممازحًا ومداعبًا "فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟".


لله أنت يا رسول الله! ما أعظم شمائلك! ما أعظم تواضعك! ما أطيب قلبك! ما أسعد القلوب التي عاشرتك وشاهدت هذا المشهد! مشهدٌ غايةٌ في التواضع، غايةٌ في الطيبة، غايةٌ في الحب، غايةٌ في اليسر والسماحة، إنه مشهدٌ من مشاهد التواضع، صاحبه أعظم من مشى على الأرض، وخير من طلعت عليه الشمس، ما أسعدك وأهنأك يا زاهر رضي الله عنك وأرضاك! إذ فزت بحِضْن النبي صلى الله عليه وسلم، وفزت بمزاحه ومداعبته.


إن هداية هذا المشهد درسٌ بليغ للمربين وحُمَّال الدين ودُعاة الخير، درسٌ للآباء والأمهات؛ أن اقتربوا ممن تقومون على تربيتهم وتعليمهم، لا تجعلوا بينكم وبينهم حواجز، مازحوهم ولاعبوهم، أدخلوا عليهم الفرح والأنس والسرور، تعهدوهم بالهدية والإحسان، تعهدوهم بالمدح والثناء على ما يقومون به من خير وصلاح ونجاح، إنكم بذلك تدخلون السعد على نفوسهم وتبنون فيها صروحًا من الخير، وتدفعونهم إلى مزيد من العطاء والنجاح.


يخطئ كل الخطأ من يزعم أن المزاح مع الأهل والأبناء والمتربين والتلطف بهم والإهداء إليهم والتبسُّم في وجوههم والثناء عليهم يسقط هيبة المتربي، أقول لأولئك: دونكم هدي محمد صلى الله عليه وسلم، دونكم هدي خير من زكَّى النفوس وقام على تربيتها وكفى.


ثالثًا: القصة درس عظيم في التواضع؛ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيض الحب على رجل من البادية وصف -في رواية لابن حبان- بأنه كَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فيقبل عليه، ويقبل هديته، ويهدي إليه ويمازحه، وهذا زاهر رضي الله عنه يستصغر نفسه عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟" فَقَالَ زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا! أي: لا قيمة لي ولا ثمن، وكان ثمرة هذا التواضع واستصغار النفس أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبه الكبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم البشارة العظيمة والوسام الذي ظفر به رضي الله عنه وأرضاه، لقد فاز بوسام: "لَكِنَّكَ عِنْدَ اللهِ ‌لَسْتَ ‌بِكَاسِدٍ"، ووسام: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"، فما أعظمها من بشارة! وما أعظمه من وسام! هكذا يرفع الله المتواضعين ويعلي شأنهم: قال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ"؛ رواه مسلم
تواضَعْ تَكُنْ كالنجمِ لاحَ لِنَاظرٍ
على صَفحَاتِ الماءِ وهو رَفِيعُ
ولا تكُ كالدُّخَانِ يعْلُو بنَفْسِه
إلى طبَقَاتِ الجوِّ وهْو وَضِيعُ



رابعًا: أن قيمة العبد عند الله ليست بشكله ولا بهيئته؛ بل بما وقر في القلب من الإيمان والتقوى ومحبة الله ورسوله، فهذا رجل من البادية دميم الخلقة، ومع ذلك بَشَّره رسولُه صلى الله عليه وسلم بقوله: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"، وما أعظم أن يكون العبد غاليًا عند الله عز وجل! ولعلَّ الذي أوصله لهذه المنزلة عظيم محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه في تلك المحبة، وما كان عليه من التقوى والصلاح، فيا فوز من كان مُتقيًا لله وعَمرَ قلبه بحب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، فيكون غالي الثمن عند ربِّه عَزَّ وجَلَّ.


عباد الله؛ من يرد أن يكون غاليًا عند الله عز وجل فعليه بطاعة الله وتقواه، والمداومة على ذكر الله عز وجل ومحبته ورسوله صلى الله عليه وسلم، لنتذكر قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.26 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]