رغبتي في الزواج شديدة لكني متردد

[ابوالوليد المسلم]

رغبتي في الزواج شديدة لكني متردد
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل


السؤال:

♦ الملخص:
شاب يرغب في الزواج بشدة، لكنه في حيرة من أمره؛ إذ يريد للفتاة أن تتوفر بها شروط الدين والجمال والنسب والمال، ويخشى أن يتقدم لأي فتاة ولا تعجبه، فيقع في الحرج، ويسـأل: كيف يختار فتاته؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرَ الجزاء على مجهوداتكم وسعيكم في هذا الموقع.


أنا شاب أناهز التاسعة والعشرين من العمر، موظف، أرغب في الزواج كثيرًا، ومنذ أكثر من سنتين أبحث عن فتاة لأتزوجها توجد فيها صفات: الدين والأخلاق، والجمال، والنسب، وربما المال، وتكون سنُّها تتراوح بين 17 إلى 25 سنة، وقد أُرشدتُ إلى كثير من الفتيات، وقبل الإقدام على أي خطوة، أصلي صلاة الاستخارة والحمد لله، بيدَ أنني واقع في حيرة من أمري؛ فعندما أنوي التقدم للفتاة وأرغب في الرؤية الشرعية، أخاف أن أجدها غير جميلة أو غير صالحة، فأوقعها وأهلها - من ثَمَّ - في حرجٍ، وأقع أنا أيضًا في حرج، أنا متردد غاية التردد في أيهن أختار لنفسي زوجة؛ فأنا لم أرَ تلك الفتيات، ولا أعرف إن كنَّ جميلات أو غير جميلات، والأمر الآخر الذي يسبب لي الحيرة والتردد أنني عندما أعلم بفتاةٍ أبوها سيئ الطِّباع أو سمين، أو أمها متوفية، أو إخوتها سيئو الطباع، أو أنها قصيرة ... أتردد أكثر من ذي قبل؛ لأنني أرغب في فتاة من عائلة طيبة، وتتوفر فيها أغلبية الشروط، وأحيانًا أقول لنفسي: "اذهب واقبل بفتاة صالحة ومتوسطة الجمال، وتغاضَ عن بقية الشروط"؛ لأنني بحاجة مُلِحَّةٍ جدًّا للزواج، وأريد إحصان نفسي وعفتها بإذن الله، وأحيانًا أقول: لا بد لي من فتاة صالحة وجميلة وموظفة؛ لأن الكثير ينصحونني أن أبحث عن فتاة موظفة؛ لأن راتبي متوسط، أنا الآن في حيرة من أمري، هل في رأيكم أن أُقْدِمَ على الرؤية الشرعية لأي فتاة قيل لي عنها أنها جميلة وصالحة، وإن لم يحصل إعجاب، فلا أوافق، ويكون هذا أمرًا طبيعيًّا؟ وهل أبحث عن فتاة صالحة وجميلة وموظفة بدلًا من الماكثة بالبيت، أو التي أنهت الدراسة الجامعية ولا تعمل، مع أنني غير مقتنع كثيرًا بالموظفة؟ وجِّهوني من فضلكم؛ فالخيارات من الفتيات بفضل الله كثيرة، ولا أدري كيف أختار، مع التذكير أنني بحاجة كبيرة للتعجيل بالزواج؛ ذلك أن الله منحني نعمة كبيرة؛ حيث إن الشهوة لدي قوية جدًّا، وقليل الاحتلام، وتأخُّر الزواج أثَّر عليَّ نفسيًّا وبدنيًّا، وفي العمل، وأُصبتُ باحتقان والتهاب البروستاتا، وقد أثَّر ذلك عليَّ كثيرًا، وختامًا أتمنى أن تجد استشارتي هذه تفاعلًا ودراسة هامة للرد، وجزاكم الله خيرًا.





الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فيبدو واضحًا جدًّا من رسالتك أنك مُبتلًى بأمرين؛ هما:
1- المثالية في المطالب.

2- التردد في اتخاذ القرارات المهمة يبدو أنه عامٌّ عندك، وليس في أمور الزواج فقط.

وحل مشكلتك إن شاء الله في الآتي:
أولًا: لا بد أن تتخلص فورًا من مثاليتك الزائدة في مطالبك الحياتية، وإن لم تتخلص منها، فستتعب كثيرًا، ولن تجد ما يشبع نَهْمَتَك، وستظل تنظر لكل أمرٍ تحصل عليه بأنه ناقص، وأن به عيوبًا لا تُحصى، وستُغمض عينك تمامًا عن مزايا ما بين يديك من زوجة وغيرها، ومما يساعدك على التخلص من هذه المثالية الزائدة العملُ بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى مَن هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألَّا تزدروا نعمةَ الله عليكم))؛ [متفق عليه]، وهذا لفظ مسلم، أما لفظ البخاري: ((إذا نظر أحدكم إلى من فُضِّل عليه في المال والخَلْقِ، فلينظر إلى من هو أسفلَ منه)).

ثانيًا: التردد في اتخاذ القرارات المهمة مرضٌ مؤرِّق أُصيب به بعض كبار المديرين، فتعبوا وأتعبوا من تحت أيديهم، وكذلك بعض الأزواج.

ثالثًا: وإن استمر بك الحال مترددًا تائهًا، فيُخشى عليك من مرضٍ نفسي عُضالٍ، فانتبه لنفسك قبل فوات الأوان، وجاهد نفسك على التخلص منه قبل أن يستفحل.

رابعًا: تذكر أنه كما أنك لستَ كاملًا، وبك عيوب، فكذلك بنات الناس، ولن تجد كاملة من كل وجه.

خامسًا: اعمل بقوله سبحانه: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159].

سادسًا: وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: ((تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين؛ ترِبت يداك))؛ [متفق عليه].

سابعًا: أنا لا أوافق من قالوا لك: "ابحث عن موظفة"؛ لأنه ثبت من وقائع كثيرة أن أسعد البيوت الزوجية هي بيوت ربَّاتِ البيوت، وليس الموظفات.

ثامنًا: اعزم وتقدم لمن تُذكَر لك أنها ذات دين وخُلُق.

تاسعًا: اعلم - وفقك الله - أن الارتياح أثناء النظرة الشرعية ليس مرتبطًا بالضرورة بالجمال، بل براحة القلب، والدليل أنه يوجد من نظروا لجميلات جدًّا، ولم يرتاحوا لهن، ثم نظروا لمن هي أقل جمالًا، وارتاحوا لها؛ وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((انظر إليها؛ فهو أحرى أن يُؤدَمَ بينكما))؛ [رواه الترمذي، وأحمد، وغيرهما].

حفظك الله، ورزقك زوجة صالحة، وحفظك من الترددات، ورزقك العزم والحزم والتوكل على الله سبحانه.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.