|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من الدلالات البلاغية في الألفاظ القرآنية (1) وحيد بن عبدالله أبوالمجد بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد: فعندما نقرأ القرآن الكريم، ونتدبره، تتجلى لنا دقة وعظمة كلماته وحروفه من الأساليب البلاغية العظيمة التي يحفِل بها القرآن الكريم. وهذا هو اللقاء الأول معكم لنتأمل معًا الدلالات البلاغية في أعظم الكتب السماوية، من معرفة علم المعاني بأحوال تركيب الكلام، ومطابقته للإطار المصاحب له، ومعرفة علم البيان في معرفة أسرار التعبير عن المعنى الواحد بطرق مختلفة مع مراعاة مقتضى الحال، وعلم البديع من الجمال اللفظي والمعنوي. وأدعو الله أن يفقهنا في القرآن، ويجعله نورًا نهتدي به في الدنيا والآخرة، وأن ييسر لنا حفظه، وفَهم كلماته، والعمل بمقتضاه. ذكرالوالدينوالأبوين: إذا رأينا لفظ (الوالدين)، فاعلم أن الآية قصدت الأم والأب مع الميل لجهة الأم، فالكلمة مشتقة من الولادة، التي هي من صفات المرأة دون الرجل. قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، وقال تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [البقرة: 83]، وقال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾ [الأحقاف: 15]. فذكر الوالدين هنا، في مقام تقديم مرتبة الأم عن الأب في الوصاية بالإحسان، والبر، والشكر. ففي الآية المباركة، خصَّ الله تعالى الأمَّ بدرجات أعلى من درجات الأب؛ للحمل والولادة، والإرضاع، فحصل لها بذلك ثلاث مراتب؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عند مسلم، وقد ذكر في البر والصحبة: ((أمك))؛ قالها ثلاث مرات؛ إكرامًا لها عن مرتبة الأب، ((حين سأل رجلٌ: من أبَرُّ؟ وفي رواية عند البخاري: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك))؛ فجعل له الربع من المبرَّة. فالأم هي محل البر والإكرام، وهي رمز التضحية والفداء، والطهر والنقاء، وهي الأصل الذي يشرُف به الولد، وأحق الناس بصحبته، ويليها الأب في حق البر والصحبة، كما تقدم. أما عند ذكر لفظ (الأبوين)، فاعلم أن الآية قصدت الأب والأم مع الميل لجهة الأب؛ لأن الكلمة مشتقة من الأبوة، التي هي للأب وليست للأم. فيتقدم هنا حق الأب عن الأم، ولكن في أي شيء؟ في آيات المواريث وتحمُّل المسؤولية، والتبعات الجسام، فتكون مع كلمة (الأبوين)؛ ليناسب ذلك للرجل، فالرجل مسؤول عن الإنفاق، فميراثه مصروف، وميراثها محفوظ. قال تعالى: ﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾ [النساء: 11]؛ فمثلًا عندما ينفرد الأبوان بالميراث، فيُفرض للأم الثلث، ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب المحض، ويكون قد أخذ ضعفي ما فُرِض للأم، وهو الثلثان، وهكذا فالحق هنا أعلى للأب عن الأم. قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ﴾ [يوسف: 99]؛ وكما في تفسير القرطبي وغيره يعني بأبويه: أباه وخالته، وكانت أمه قد ماتت في ولادة أخيه بنيامين، مع تقديم الأب، نعم؛ لأنه نبي، وهو سيدنا يعقوب عليه السلام. وحتى نلتقي، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته[1]. [1] المصادر: تفسير القرطبي، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وأسرار البلاغة للجرجاني.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |