|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أبي يكرهني الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: فتاة انفصل أبوها عن أمها وتربَّت في كنف أمها، التي غذَّت فيها الكره لأبيها، ثم توفيت أمها، ولما تعاملت مع والدها، أساءت التصرف معه، فقطع الصلة معها نهائيًّا، ولما وصلت للمرحلة الجامعية، أرادت العودة لحِضن أبيها، لكنه رفض، لذا فإنها تشعر بالحرمان العاطفي، وضياع الحياة، وتسأل: ما الحل؟ ♦ التفاصيل: أنا شابة في العشرين من عمري، أمي زوجة ثانية، ولم يكن بينها وبين أبي عقدُ زواجٍ، وقد نشأت منذ نعومة أظفاري في كنفها، وقد غرست فيَّ الكره والحقد تجاه أبي، فنشأت أشعر بالنقص والحرمان، ولما بلغت الثالثة عشرة من عمري، توفيت أمي رحمها الله، وظلَلْتُ مع عائلتها بحالة مدنية شرعية خاصة بالأمهات العزباوات، ولما بلغت السادسة عشرة بحثت عن أبي، والتقيته، وأساءت التصرف والكلام معه، بحكم الرواسب التي نشأت عليها، فقطع ما بيني وبينه تمامًا، وكرِهني أبناؤه، واليوم وأنا في مرحلتي الجامعية شعرت بالحنين لأبي وإخوتي، وبحثت عنهم، وقد كلمت أبي وبعض إخوتي، لكنهم قابلوني بجفاء شديد، ولا سيما أبي الذي اكتفى بمكالمة واحدة لي، ما دمَّرني نفسيًّا، وتراجع مستواي الدراسي، أكاد أُجنُّ من كثرة البكاء وأحلام اليقظة؛ فأبي لم يستطع أن يسامحني، أنا ملتزمة بالحجاب، وأريد حفظ القرآن، لكن شيطاني لا يتركني، فأنا أفكر بمشاريعَ رائعة، لكن لا أطبقها، وأعاني حرمانًا عاطفيًّا، فلا أحد يفهمني، وأنا دائمًا أنتظر الاهتمام من الآخرين، أرشدوني وجزاكم الله خيرًا. الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فمشكلتكِ مؤلمة جدًّا، ولكن يبقى السؤال الكبير والمحير: ما أسباب جفاء والدكِ لكِ، وتخلِّيه عنك؟ أما إخوتك، فهم تَبَعٌ لتعليمات والدكِ، فلو استطعنا معرفة أسباب لُغْزِ والدكِ، لحصلنا على نصف العلاج؛ فهل سببه - مثلًا - كرهٌ شديد لأمِّكِ؟ وقد ذكرتِ أنه تزوجها دون عقد زواج، إذًا كيف تم الزواج؟ هل هو مثلًا زواج عرفي، أو سري بعقد شفوي، أو ...؟ هناك علامات استفهام كبيرة حول هذا الزواج، وقد تكون هي السبب الرئيس لجفاء والدكِ الشديد معكِ، وليس مجرد كُرْهِهِ لأمِّكِ، وأيًّا كان السبب، فالمهم الآن معرفة الحل لمشكلتكِ، فأقول مستعينًا بالله تعالى: الحل بإذن الله في الآتي: أولًا: ذكرتِ أنكِ تتعلقين بالأسباب البشرية، فأنصحكِ بترك تعلقكِ بالبشر نهائيًّا حتى والدكِ؛ فلن ينفعوكِ بشيء، بل قد يزيدونكِ أسًى وهمًّا وأحزانًا، إذًا ماذا تفعلين؟ تُكثِري من التعلق بالله سبحانه؛ الذي قال: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]. وتستحضري أهمية التوكل على الله عز وجل لا على الأسباب؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، فانطرحي بين يدي الله عز وجل، وبُثِّيه همومَكِ ودعواتكِ الصادقة، مع قوة الثقة به سبحانه، فإذا فعلتِ ذلك، فأبشري بفرجٍ قريب قد يتأخر بعض الشيء للابتلاء والامتحان، وأثناء الدعاء لاحظي الآتي: 1- اليقين. 2- الإلحاح. 3- التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، ثم بأعمالك الصالحة. 4- اختيار الأحوال الأحرى بالإجابة؛ مثل: ثلث الليل الأخير، وحال السجود، وآخر الصلاة. أيقني من أعماق قلبك بأن النفع والضر بيد الله سبحانه، لا بيد البشر مهما بلغوا من الوَجَاهة؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال عز وجل: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]؛ قال علقمة رحمه الله في هذه الآية: "هو الرجل - وكذلك المرأة - تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من الله، فيصبر ويحتسب". واعلمي - فرَّج الله كُربتكِ - أننا نُصاب أحيانًا بمصائبَ بسبب ذنوبنا؛ كما قال سبحانه: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165]؛ ولذا فإن من أسباب زوال الكرب: 1- كثرة الاستغفار؛ قال سبحانه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12]. 2- وأكثري من الاسترجاع فهو علاج عظيم، وتأملي الحديث الآتي: عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من مسلم تُصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156]، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه مسلم]. 3- وتصدقي ولو بالقليل. 4- أكثري من ذكر الله سبحانه؛ قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. 5- ومع ما سبق، فإن وُجد قريبٌ لأبيكِ عاقل كالعم مثلًا، يمكن أن يُطلَبَ منه مناصحة والدكِ بهدوء وحكمة، وإن تيسَّر لكِ الزواج من زوج صالح، فلعله علاج عظيم يُنسيكِ مآسيكِ. أعود وأكرر: لازمي أهم الحلول السابقة؛ وهي: 1- الدعاء. 2- الاستغفار. 3- الاسترجاع. 4- مع قوة الثقة بالله سبحانه. وأبشري بإذن الله، ولكن لا تستعجلي. فرَّج الله كُربتكِ، ويسَّر لكِ ما تعسَّر عليكِ وثبَّتكِ. وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |