|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عظموا ما عظم الله يمُرُّ على المسلمين في هذه الأيام أحد الأشهر الحرم، والأشهر الحرم أربعة: شهر مفرد هو رجب، والبقية متتالية؛ وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وسميت حُرُمًا؛ لأن الله حرم فيها القتال بين الناس؛ لهذا وُصفت بأنها حُرُم جمع حرام؛ كما قال الله عز وجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]، جاء في تفسير السعدي: قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّ} هِ ﴾؛ أي: في قضائه وقدره، {اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} وهي هذه الشهور المعروفة، {فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾؛ أي: في حكمه القدري، {يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وأجرى ليلها ونهارها، وقدر أوقاتها، فقسمها على هذه الشهور الاثني عشر [شهرًا]، {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} وهي: رجب الفرد، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وسميت حرمًا لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها إلا ردًّا للعدوان. وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217]، وفي الآية بيان مكانة الأشهر الحرم، وحرمتها، وعلى اختصاصها بمضاعفة الثواب والعقاب، كما ذهب إلى ذلك جمع من أهل العلم،وتُضاعف فيه الحسنةُ كما تُضاعَف السيئةُ، وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظِ دِيةِ القتيلِ في الأشهر الحُرُم، وكان الهدف من هذا التقليد عندهم هو تمكين الحُجَّاج والتجَّار والراغبين في الشراء من الوصول آمنين إلى أماكن العبادة والأسواق والعودة بسلام. في السنة النبوية، بيَّنَها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث؛ فعن أَبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا» ؟،قلْنَا: اللَّه ورسُولُهُ أَعْلَم، فَسكَتَ حَتَّى ظنَنَّا أَنَّهُ سَيُسمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَليْس ذَا الْحِجَّةِ» ؟، قُلْنَا: بلَى، قَال: «فأَيُّ بلَدٍ هَذَا» ؟،قُلْنَا: اللَّه وَرسُولُهُ أَعلمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سيُسمِّيهِ بغَيْر اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ الْبَلْدةَ» ؟،قُلْنا: بلَى، قَالَ: «فَأَيُّ يَومٍ هذَا» ؟،قُلْنَا: اللَّه ورسُولُهُ أَعْلمُ، فَسكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّه سيُسمِّيهِ بِغيْر اسمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْر» ؟،قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فإِنَّ دِماءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأَعْراضَكُمْ عَلَيْكُمْ حرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذا، في شَهْرِكم هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ ربَّكُم فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلا فَلا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فلَعلَّ بعْضَ مَنْ يَبْلغُه أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَه مِن بَعْضِ مَنْ سَمِعه»، ثُمَّ قال: «أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ أَلا هَلْ بلَّغْتُ» ؟ ))، قُلْنا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»؛ (متفقٌ عَلَيهِ). وهي شهور مباركة، أجزل الله فيها الثواب لمن عمل صالحًا، ولاسيما شهر المحرم، وهو أول شهور السنة الهجرية، فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ». وفي الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان»؛ (رواه البخاري). في القرآن، ذُكِرت الأشهر الحرم:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]، وتأكيدًا لحرمة الأشهر الحرم، قال الله تعالى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]؛ أي: في هذه الأشهر المحرمة؛ لأن الظلم فيها أشنع وأبلغ في الإثم من غيرها. المُحَرَّم (بالألف واللام دائمًا) الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري، كان اسمه في الجاهلية مُؤْتَمِر أو المُؤْتَمِر في حين كان يطلق اسم المُحَرَّمفي الجاهلية على شهر رَجَب. كانت الأشهر الحرم معظمة في شريعة إبراهيم، واستمر ذلك باقيًا، فكان العربقبل الإسلاميعظمونها ويحرمون القتال فيها، وشذت عن ذلك قبائل بني خثعموبني طيِّئ؛إذ كانوا يستحلون في تلك الشهور الحروب حتى بدأ العرب باستخدام النسيءفي تقويمهم؛ مما أدى إلى تأجيل الأشهر الحرم في بعض السنوات أو تعجيلها، وقد ذُكر هذا التقويم في القرآن بصيغة الاستنكار والتحريم:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37]. تعظيم الأشهر الحرم: يقول تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]، قال ابن كثير: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ} ؛ أي: ومن يجتنب معاصيه ومحارمه، ويكون ارتكابها عظيمًا في نفسه، {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} ؛ أي: فله على ذلك خير كثير وثواب جزيل، فكما على فعل الطاعات ثواب جزيل وأجر كبير، فكذلك على ترك المحرمات و{فَاجْتَنِبُوا} المحظورات، قال مجاهد: الحرمة: مكة والحج والعمرة، وما نهى الله عنه من معاصيه كلها. قال الطبري، قال ابن زيد: الحرمات: المَشْعَر الحرام، والبيت الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، هؤلاء الحرمات. قال البغوي: قال الزجاج: الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه، قال القرطبي قاله ابن زيد وغيره. ويجمع ذلك أن تقول: الحرمات: امتثال الأمر من فرائضه وسننه. {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} ؛ أي: التعظيم خير له عند ربه من التهاون بشيء منها. وقيل: ذلك التعظيم خير من خيراته ينتفع به، وليست للتفضيل وإنما هي عدة بخير. من تعظيم هذه الأشهر الابتعاد عن المظالم كلها، فلا يظلم ربَّه بأن يشرك به غيره، في عبادة، أو قصد، أو رجاء، أو خوف، فإنه تعالى الغني عن العالمين، وألا يظلم العبد غيره من المخلوقات؛ لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي، إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينَكم محرَّمًا، فلا تَظالموا...»؛ (رواه مسلم). الثواب مضاعف والظلم فيها مُحرم: قال الإمام القرطبي رحمه الله: "كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام - إلى أن قال -: وقد أشار الله إلى هذا بقوله: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [الأحزاب: 30]، ويَحرُم فيها القتال، وذلك من رحمة الله بعباده؛ حتى يسافروا فيها، ويحجوا ويعتمروا، واختلف العلماء، هل حرمة القتال فيها باقية أم نسخت؟ على قولين: الجمهور على أنها نسخت، وأن تحريم القتال فيها نُسخ، وهناك قول آخر يرى أنها لم تُنسَخ، وأن التحريم فيها باقٍ كما كان. هي أيام مُعظَّمة، الثواب فيها مُضاعف، وعاقبة الظلم فيها أعظم، قال الإمام ابن كثير: "كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، فكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام"؛ ا هـ. ونقل رحمه الله عن قتادة قوله: "العمل الصالح أعظم أجرًا في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا"؛ ا هـ. وجاء في كتب التفسير عند الآية {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، قال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يُعظِّم من أمره ما يشاء، وقال: "إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رُسلًا، ومن الناس رُسلًا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجدَ، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهرَ الحرمَ، واصطفى من الأيام يومَ الجمعةِ، واصطفى من الليالي ليلةَ القدرِ فعَظِّموا ما عظَّم الله"، ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أنه قال؛ أي: في كلهن، ثم اختصَّ من ذلك أربعة أشهر، فجعلهن حرامًا، وعظَّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم،وعن أبي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الرقاب أزكى؟ وأي الليل خير؟ وأي الأشهر أفضل؟ فقال له: «أزكى الرقاب أغلاها ثمنًا، وخير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم»؛ (أخرجه النسائي في السنن الكبرى). إن من أعظم الظلم والمعاصي اليوم إطلاق الألسن في أعراض المسلمين. عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قال: كنتُ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقُلْت: يا رسولَ اللهِ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على مَنْ يسَّره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت»، ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل»، قال: ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16، 17]، ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه» ؟، قُلْت: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»، ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله»، قُلْت: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: فأخذ بلسانه، قال: «كفَّ عليك هذا»، فقُلْت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمُّك يا مُعاذٍ، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم» ؟. يجب على العبد ألا يظلم نفسه أيضًا؛ لأن كل معصية يرتكبها ظلم لنفسه؛ لأنه بذلك يوردها المهالك في الدنيا والآخرة، لا بُدَّ للمسلم من تعظيم تلك الشهور كما أمر الله عز وجل، وكلما كان العبد لربه أتقى، كان لشعائره أكثر تعظيمًا؛ كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، فعن ابن عباس، قال: استعظامها، واستحسانها، واستسمانها. الاجتهاد بفعل أنواع المعروف وأبواب الخير: يجب على المسلمين الاجتهاد في هذه الأيام بفعل أنواع المعروف وأبواب الخير، وأن يتخيَّر المسلم أعظمها، فإنها أكثر من الأوقات، ولا يسعه فعلها كلها، فليحسن اختيار أولاها وأثقلها في ميزانه. ينبغي على المسلم أن يستفتح هذه الأيام بتوبة نصوح إلى الله، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة عمومًا. صيام الأشهر الحرم: من تعظيم شهر الله المحرم عمل الصالحات ومنها الصيام فيه، فهو أفضل أنواع صوم النفل بعد الفريضة، وشهر المحرم الحرام هو أحد الأشهر الحرم، ويعد شهر المحرم أول أشهر السنة القمرية، والصوم في شهر المحرم مستحب، وهو من أنواع صوم النفل، الذي ثبت في الحديث استحباب صيامه وبيان فضله؛ فعنْ أَبي هُريرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بعْدَ رَمضَانَ: شَهْرُ اللَّهِ المحرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْد الفَرِيضَةِ: صَلاةُ اللَّيْلِ»؛ (رواه مسلمٌ)، وعَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، قالَتْ: "لَمْ يَكُنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُوم مِنْ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّه كانَ يَصُوم شَعْبَانَ كلَّه"، وفي رواية: "كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا"؛ (متفقٌ عليه). وعن مجِيبَةَ البَاهِلِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ عمِّها، أَنَّهُ أَتى رَسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بعدَ سَنَة، وَقَد تَغَيَّرتْ حَالهُ وَهَيْئَتُه، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تعْرِفُنِي؟ قَالَ: «وَمَنْ أَنتَ» ؟، قَالَ: أَنَا البَاهِلِيُّ الَّذِي جِئتك عامَ الأَوَّلِ، قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ، وقَدْ كُنتَ حَسَنَ الهَيئةِ» ؟، قَالَ: مَا أَكلتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارقْتُكَ إِلَّا بلَيْلٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَذّبْتَ نَفسَكَ»، ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شَهرَ الصَّبرِ، وَيَومًا مِنْ كلِّ شَهر»، قَالَ: زِدْني، فإِنَّ بِي قوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوميْنِ»، قَالَ: زِدْني، قَالَ: «صُمْ ثلاثَةَ أَيَّامٍ»، قالَ: زِدْني، قَالَ: «صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحرُم وَاترُكْ، صُمْ مِنَ الحرُمِ وَاتْرُكُ» وقالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاثِ فَضَمَّهَا، ثُمَّ أَرْسَلَهَا؛ (رواه أَبُو داود). من تعظيم شهر رجب عمل الصالحات ومنها الصيام فيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ -يَعْنِي ابْنَ حَكِيمٍ- قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ»؛ [ (حكم الألباني: صحيح) ]. أعظم أيام شهر المحرم هو يوم عاشوراء: وصيام يوم عاشوراء له من الفضل الكثير، وقال ابن عباس: "ما رَأَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَومٍ فَضَّلَهُ علَى غيرِهِ إلَّا هذا اليَومَ؛ يَومَ عَاشُورَاءَ، وهذا الشَّهْرَ، يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ"؛ (رواه البخاري). تعظيم العشر من ذي الحجة: يقول تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وإنما يكون ذلك بكثرة الطاعات، وتجنُّب المعاصي، وإن من أيسر العبادات والطاعات: استثمار الوقت بالذكر، وهو ما يغفل عنه كثير من الناس، والاجتهاد في عشر ذي الحجة أيضًا، فهي ميدان التنافس بصالح الأعمال، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» -يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»؛(رواه البخاري (969)، وأبو داود (2438) -واللفظ له- والترمذي (757)، وابن ماجه (1727) وعنه أيضًا، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى»، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء»؛ (رواه الدارمي: 1/ 357، وإسناده حسن كما في الإرواء: 3/ 398). فهذه النصوص وغيرها تدلُّ على أنَّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها، حتى العشر الأواخر من رمضان؛ ولكنَّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، لاشتمالها على ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر؛ انظر تفسير ابن كثير: 5/ 412. صيام العشر من ذي الحجة: يُسَنُّ للمسلم أن يصوم تسع ذي الحج؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على العمل الصالح في أيام العشر، والصيام من أفضل الأعمال. وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: ((قال الله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ»؛ (أخرجه البخاري: 1805). وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة؛ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْحُرِّ بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِن الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ"؛ (أخرجه النسائي: 4/ 205، وأبو داود، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود: 2/ 462). قال النووي رحمه الله:" وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ"؛ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهُوَ مُتَأَوِّلٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ تَرْكُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكُونُ عِنْدَهَا فِي يَوْمٍ مِنْ تِسْعَةِ أَيَّامٍ، وَالْبَاقِي عِنْدَ بَاقِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنهن، أَوْ لَعَلَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ بَعْضَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَكُلَّهُ فِي بَعْضِهَا، وَيَتْرُكُهُ فِي بَعْضِهَا لِعَارِضِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ"؛ انتهى من "المجموع: 441/ 6. أما فعله هو بنفسه فقد جاء فيه حديثان: حديث عائشة، وحديث حفصة، أما حديث عائشة فقالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صام العشر قط"، وأما حديث حفصة فإنها تقول: "إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع صيامها"، وإذا تعارض حديثان: أحدهما يثبِت والثاني ينفي، فالمثبت مقدم على النافي؛ ولهذا قال الإمام أحمد: حديث حفصة مثبت، وحديث عائشة نافي، والمثبت مقدم على النافي. الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير: يسن التكبيروالتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر، والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهارًا للعبادة، وإعلانًا بتعظيم الله تعالى، ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة، قال الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر؛ لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (الأيام المعلومات: أيام العشر) وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذِه الأيَّامِ العشرِ، فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ والتَّحميدِ والتسبيح والتَّكبيرِ»؛ (أخرجه أحمد: 7/ 224، وصحَّح إسناده أحمد شاكر). وصفة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد، وهناك صفات أخرى، والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيَّما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيرًا للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يُكبِّران ويُكبِّر الناس بتكبيرهما، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيُكبِّر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد، فإن هذا غير مشروع. إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دلَّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن أحيا سنَّةً من سنَّتي، فعملَ بِها النَّاسُ، كانَ لَهُ مثلُ أجرِ من عَمِلَ بِها، لا يَنقصُ مِن أجورِهِم شيئًا، ومن ابتدعَ بدعةً، فعمِلَ بِها، كانَ عليهِ أوزارُ مَن عملَ بِها، لا ينقُصُ مِن أوزارِ من عملَ بِها شيئًا»؛ (أخرجه الترمذي (2677)، وابن ماجه (209) واللفظ له، وهو حديث صحيح لغيره). والذكر الجامع ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ، ولا تُسَمِّيَنَّ غُلامَكَ يَسارًا، ولا رَباحًا، ولا نَجِيحًا، ولا أفْلَحَ؛ فإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فلا يَكونُ، فيَقولُ: لا». [قال سَمُرةُ]:إنَّما هُنَّ أرْبَعٌ فلا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ))، ولما رواه مسلم في صحيحه أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ»، فأكثروا من قول "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" فهو ذكر فيه الثناء على الله والحمد والتهليل والتكبير كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «فمن أكثر من ذكر الله تعالى تسبيحًا وتحميدًا وحوقلة وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك في هذه الأيام يلتمس بذلك قضاء بعض حاجاته، فهو على خير، ويُرجى له حصول مقصوده» ؛ لما رواه الطبراني في الدعاء والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «ثَلاثَةٌ لَا يَرُدُّ الله دُعاءَهُمْ: الذَّاكِرُ الله كَثِيرًا، والمَظْلُومُ، والإِمامُ المُقْسِطُ»؛ حسَّنه الألباني في صحيح الجامع. وللصلاة على النبي صلوات الله عليه خصوصية بهذا المعنى، كما قال أبي للنبي صلى الله عليه وسلم: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذًا تُكْفَى همُّك، ويُغفَر لك ذنبك»؛ (رواه أحمد والترمذي، وحسنه). قال القاري: قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ كَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي؟ وَلَمْ يَزَلْ يُفَاوِضُهُ لِيُوقِفَهُ عَلَى حَدٍّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحُدَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ الْفَضِيلَةُ بِالْفَرِيضَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ لَا يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابَ الْمَزِيدِ ثَانِيًا، فَلَمْ يَزَلْ يَجْعَلُ الْأَمْرَ إِلَيْهِ دَاعِيًا لِقَرِينَةِ التَّرْغِيبِ وَالْحَثِّ عَلَى الْمَزِيدِ، حَتَّى قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؛ أَيْ: أُصَلِّي عَلَيْكَ بَدَلَ مَا أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي، فَقَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمُّكَ»؛ أَيْ: ما أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَتَعْظِيمِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَالِاشْتِغَالِ بِأَدَاءِ حَقِّهِ عَنْ أَدَاءِ مَقَاصِدِ نَفْسِهِ، وَإِيثَارِهِ بِالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ، مَا أَعْظَمَها مِنْ خِلَالٍ جَلِيلَةِ الْأَخْطَارِ، وَأَعْمَالٍ كَرِيمَةِ الْآثَارِ! وكذا الاستغفار فإنه موجب لحلول النِّعَم واندفاع النقم، كما قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10- 12]. والحاصل أن الاشتغال بما ذكر عن الدعاء رجاء قضاء الحاجات مما يرجى به حصول المطلوب واندفاع المرهوب، والدعاء كذلك من أعظم الأعمال وأحبها إلى الله، فمهما أكثر العبد منه فهو خير، ولن يزيده الله بدعائه إلا خيرًا، والأكمل للعبد أن يفعل ما فيه صلاح قلبه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |