|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() بين الإنجاب والوظيفة أ. فيصل العشاري السؤال: ♦ الملخص: امرأة تفرَّغت لتربية طفلها، لكنها تريد أن تعمَل في تخصُّصها، وزوجها يريد طفلًا آخرَ، وهذا بالطبع سيمنعها من العمل، وتسأل: كيف تصل إلى مرحلة الرضا؟ ♦ التفاصيل: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أنا امرأة في منتصف العقد الرابع من العمر، حاصلة على درجة الماجستير، ولكني لم أعمَل في مجال تخصُّصي - وهو القانون - منذ التخرج. منذ زواجي تعسَّر موضوع الإنجاب؛ مما أعاق عملي، وبعد ذلك دخلتُ في دوَّامة الحمل والإجهاض والضغوط النفسية، وقد منَّ الله عليَّ ورزَقني طفلًا فتفرَّغتُ لتربيته، والآن بعد التحاقه برياض الأطفال، أجد رغبةً في العودة والانخراط في سوق العمل، لكن زوجي يريد طفلًا آخرَ، وهذا يعني أن أجلس عدة سنوات أخرى في البيت لتربية الطفل إلى أن يلتحق برياض الأطفال، وبذا يكون عمري قد جاوز العقد الخامس، وحينئذ ماذا سأعمل بعد جلوسي في البيت أكثر من عقدٍ من الزمن دون عمل؟ فلا أحد سيوافق أن أعمل معه بعد هذه المدة من عدم العمل. أنا دائمة التفكير في المستقبل، ودائمة الحزن، ومحتارة بين رغبتي في العمل وتوفير ضمان لمستقبلي، ورغبة زوجي في الإنجاب! دائمًا أجد نفسي محرجةً جدًّا عندما أُسْأَل: ماذا أعمل؟ فمعظم النساء حولي عاملات، ومع قناعتي المطلقة أن أتفرَّغ لولدي حتى هذه المرحلة؛ كي أربيه تربية صالحة، خاصة أنه لا دعم لي ولا عون في تربيته - فإنني أجد حُرقة وغضاضة حين أقارن نفسي بزميلاتي ومراتبهنَّ التي وصَلنَ إليها، وأنا ما زلتُ في مكاني؛ مما جعلني انطوائيةً، وقليلة الاختلاط بالأُخريات؛ لكيلا أتحسَّر على نفسي، أو أجد نفسي محرجة من الأسئلة. وسؤالي: كيف أصل إلى مرحلة الرضا؟ كيف أتوقَّف عن المقارنة؟ كيف أكون سعيدة؟ جزاكم الله عنا خيرًا. الجواب: الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله، نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا. المقارنة بين الإنجاب والعمل لا تأخذ حالة واحدة، أو حكمًا واحدًا، وإنما تعتمد على محددات عديدة: ♦ الأصل في الزواج هو الإنجاب، والمهمة الأصلية للزوجة هي التربية للأبناء، والمهمة الأصلية للزوج هي توفير الجو الملائم لهذه التربية: (سكن ونفقة ورعاية). ♦ بسبب تغير الأنماط المعيشية، وسلوك البشر تجاه العمل، صارت المرأة مزاحمة للرجل في سوق العمل بشكل لا تخطئه العين، وهذا يحمل في طيَّاته إيجابيات وسلبيات، وإن كانت أعظم سلبية - في نظري - هي تخلي المرأة عن وظيفتها التربوية الأصلية لوظيفة فرعية خدمية. ♦ الأولاد هبة من الله تعالى، وأمانة ومسؤولية في ذات الوقت، فإن قررتم الإنجاب فعليك القيام بالمهمة كاملةً، ورعاية الطفل حتى يستقل عنك. ♦ في الوضع الاعتيادي - دون مشكلات الإنجاب - يفضَّل أن تتفرغ المرأة لرعاية الأبناء، إن كانت تستطيع ذلك، أما في وضعك الخاص فبقاؤك مع ولدك يعد ضرورة تربوية. لماذا العمل للمرأة؟ في ظني أنه يحقق أمرين مهمين: الأول: لتشعر المرأة بكينونتها وإنجازها (تحقيق الذات)، وهو نوع من الدعم المعنوي للذات، والثاني: التوفير المادي. إذا استطعت توفير هذين الأمرين - خارج الوظيفة - فلن يكون لفقد الوظيفة أثرٌ على نفسيتك، ولكن كيف يمكن تجاوز هذين الأمرين؟ ♦ الأمر المادي يكاد يكون واضحًا، وذلك بالتفاهم مع الزوج في الإدارة المالية للمنزل والحياة، أما الشعور بتحقيق الذات، فهي المسألة الأصعب في المعادلة، مرة أخرى: كيف يمكن تجاوزها؟ ♦ تحقيق الذات ينبع من قناعة الإنسان الذاتية ونظرته للأمور بناءً على نسقه القيمي الذي يسير عليه، فهناك من يجعل القيم الاجتماعية على رأس أولويَّاته، وهنا يحصل التأثر بكلام الآخرين وبطريقة نظرتهم إليك، بينما نجد شخصًا آخرَ يجعل القيمة الاقتصادية على رأس السُّلَّم، فهو يسعى للتوفير بأي شكل من الحلال والحرام، أو على الأقل على حساب قيم أهم. ♦ نجد كذلك من يجعل القيم الأخلاقية، وكذلك القيم الدينية، والقيم التربوية - على رأس السلم، ولعل هذه القيم الثلاث هي الأوفر حظًّا والأسعد خاتمةً بين مفردات السلم القيمي، وهي تعني أن الإنسان لا يعبأ بتأثير القيم الأخرى، أو أن تأثيرها سيكون ضعيفًا أو محدودًا، فلن يتأثر بكلام الناس سلبًا أو إيجابًا؛ لأنه على يقين بجدوى هذه القيم التي يؤمن بها: تربية الأبناء، وإنشاء اللبنة الصالحة في المجتمع بوصفها هدفًا كبيرًا للقيم التربوية والدينية والأخلاقية، ولا شك أن الطريق لن يكون مفروشًا بالورود، بل سيلاقي الشوك وكلام الآخرين وتعليقاتهم، لكنه سيكون متصالحًا مع نفسه، وسيشعر بالرضا الداخلي؛ لأنه يمشي وَفْقَ قناعاته المتسقة مع القيم الدينية والتربوية، وهو بذلك يرضي الله تعالى ثم يرضي نفسه، ويحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أرْضَى اللهَ بِسَخَطِ الناسِ، رَضِيَ اللهُ عنه وأَرْضَى عنه الناسَ، ومن أرْضَى الناسَ بسَخَطِ اللهِ، عادَ حامِدُهُ مِنَ الناسِ لَهُ ذَامًّا). الخلاصة: هذا الموضوع يتوقف على عدة محددات؛ منها: المحددات الاقتصادية، والصحية، وكذلك نوعية القيم التي تحكم وتتصدر نسقك القيمي، نسأل الله تعالى لك التوفيق لما يحب ويرضى.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |