شرح حديث (الذي قال لأولاده أحرقوني..) وذلك بإرجاع متشابه الحديث إلى محكمات القرآن وال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         التواصل الاجتماعي.. ضوابطه وآدابه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          (وداعاً أيها القرآن) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          نصائح على طريق النجاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          تكفير الأعيان وأثره في استحلال الدماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الرفيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية- أهميتها.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 2875 )           »          ثلاث مسائل فقهية في العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مواسم الخيرات فيما بعد رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          طفلك..وأوقات فراغه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-01-2023, 02:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,922
الدولة : Egypt
افتراضي شرح حديث (الذي قال لأولاده أحرقوني..) وذلك بإرجاع متشابه الحديث إلى محكمات القرآن وال

شرح حديث (الذي قال لأولاده أحرقوني..) وذلك بإرجاع متشابه الحديث إلى محكمات القرآن والسنة
نجيب المار

اعلم أخي المسلم أن شرح المتشابه من القرآن والحديث بمفرده يُوقِع صاحبه في الزيغ والضلال كما أخبر الله بذلك فقال: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 7]، وحديث المسرف على نفسه الذي قال لأولاده: (أحرقوني)، في متنه نصوصٌ متشابهةٌ تحتمل عدة معانٍ فلا بُدَّ من إرجاعها إلى المحكمات ليتبيَّن لنا المعنى الصواب الراجح فيها، وأمَّا من جهة صحة ثبوت هذا الحديث عن النبي، فهذا قد ثبت في الصِّحاح، ونكتفي بما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئن قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ، خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ))[1].

وقد شرح هذا الحديث كثيرٌ من الفقهاء والمُحدِّثين؛ ولكنهم اختلفوا فيه، فمنهم من قال: إن هذا الرجل العاصي وقع في الكفر بشكِّه في قدرة الله حين قال: (لعلي أضِلُّ الله)[2]، وقالوا: إن الله غفر له؛ لكونه يجهل حكم هذا الكلام الذي قاله، وقال آخرون: إن هذا الرجل لم ينكر أصل القدرة لله؛ وإنما أنكر فرعًا من فروعها ولم يقع في الكفر، وقال آخرون: إن هذا الرجل قال هذا الكلام وهو في حالة ذهولٍ وفزعٍ وخوفٍ من الله، فكان قياسًا؛ كالمجنون والمخطئ، لا يحسب كلامه عليه.

وتحقيق القول أنه يجب علينا شرح المتشابه في هذا النصِّ في ضوء المحكمات؛ فنقول: إن الكفر والشرك لا يغفره الله لمن تاب عليه إلا إذا تاب صاحبه منه قبل الموت، والآية المحكمة هي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾ [النساء: 48] وكذلك قول الله: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ [الأنفال: 38] والمحكم من الحديث أن الرسول قد أخبرنا فيه أن الله قد غفر لهذا الرجل بعد الموت بقوله عليه الصلاة والسلام: ((فغفر له)) وجمعًا بين هذه النصوص المحكمة يظهر لنا الشرح الصحيح، وهو أن هذا الرجل المُسْرِف على نفسه قد تاب ممَّا قاله من الشكِّ في قدرة الله قبل الموت؛ ولذلك قَبِلَ الله منه، وغفر له بعد الموت؛ لأنه لو مات مُشْركًا ما غفر الله له، وهذا الشرح يُؤيِّده ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن عطية بن قيس في قول الله: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46] (إنها نزلت في هذا الرجل، وأنه تاب بعد أن تكلَّم بهذا؛ أي: تاب قبل يومٍ وليلةٍ من موته[3]..فإن قال قائل: لماذا لم يخبر أولاده بتوبته حتى لا يحرقوه، كان الجواب أنه ربما لم يقدر على ذلك لسببٍ من الأسباب؛ إمَّا لبعدهم عنه، أو لغلبة المرض عليه بحيث عجز عن إخبارهم بتوبته...فإن قال قائل: بل هو لم يتب؛ لأن الله سأله بعد الموت، فقال له: (ما حملك على ما صنعت)؟ ولو كان قد تاب ما سأله هذا السؤال؛ كان الجواب عليه أن سؤال الله له ليس سؤالَ استفسارٍ، فإنَّ الله قد قَبِل توبته؛ وإنَّما هو سؤال لتعريف الناس بإيمان هذا الرجل لشدَّة خوفه من ربِّه، ولتعريفهم بسعة رحمة الله التي يفرطون فيها حين غفر له أمام الناس، وهذا له نظير في القرآن، فإن الله قد سأل عيسى، فقال سبحانه: ﴿ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ ﴾ [المائدة: 116]، فهذا السؤال من الله لعيسى ليس سؤالَ استفسارٍ؛ لأن الله يعرف أن عيسى لم يقل ذلك؛ وإنما هو سؤالٌ من الله لتعريف الناس بجواب عيسى بأنه لم يقل ذلك، وأنَّ الكُفَّار كذبوا عليه، وسؤال الله لذلك الرجل بعد بعثه هو من هذا الباب، ويُؤيِّد ما قلناه وصحَّحناه أيضًا الأحاديث الكثيرة المؤكدة أن هذا الرجل قد مات على التوحيد؛ فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده وصحَّحه العلَّامة الألباني عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لأَهْلِهِ: انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ أَنْ يَحْرِقُوهُ حَتَّى يَدَعُوهُ حُمَمًا، ثُمَّ اطْحَنُوهُ، ثُمَّ اذْرُوهُ فِى يَوْمِ رِيحٍ، فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، فَإِذَا هُوَ فِى قَبْضَةِ اللَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا بْنَ آدَمَ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ، قَالَ: أَي رَبِّ، مِنْ مخافتك، قَالَ: فَغُفِرَ لَهُ بِهَا، وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ))[4]، ومما يؤيد ما قررناه أن الإمام البخاري قد ذكر هذا الحديث في باب التوحيد.

[1] صحيح البخاري.

[2] مسند الإمام أحمد بن حنبل.

[3] تفسير ابن أبي حاتم.

[4] السلسلة الصحيحة للعلَّامة الألباني.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.72 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]