فضل نبينا وأمته الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 904 - عددالزوار : 119673 )           »          التنمر الإلكترونى عبر الإنترنت.. إحصاءات وحقائق هامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طرق مهمة للتعامل لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          علماء الفلك يحذرون من احتمال بنسبة 50% لاصطدام مجرتنا مع أخرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          احم طفلك.. ألعاب إلكترونية ونهايات مأساوية أبرزها الحوت الأزرق وبابجى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كيفية جعل أيقونات الشاشة الرئيسية لجهاز أيفون داكنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كيفية تحويل ملف Word إلى PDF فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كل ما تريد معرفته عن روبوت لوحى من أبل يشبه ايباد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          سلسلة Google Pixel 9.. ما تقدمه الهواتف المستخدمة للذكاء الاصطناعى مقابل السعر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تطبيق رسائل جوجل يحصل على بعض التعديلات قريباً.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-01-2023, 08:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,335
الدولة : Egypt
افتراضي فضل نبينا وأمته الإسلامية

فضل نبينا وأمته الإسلامية
الشيخ صلاح نجيب الدق
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، والصلاة والسلام على مَنْ بَعَثَه اللهُ تعالى رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن استنَّ بسُنَّته، واهتدى بهديه، واقتفى أثره، وسار على نَهْجِه إلى يوم الدين، أمَّا بَعْدُ:
فإنَّ نبينا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ له فضل عظيم، فأقول وبالله تعالى التوفيق: قال الله تعالى في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، صَارَ امتثالُ الْقُرْآنِ، أَمْرًا وَنَهْيًا، سَجِيَّةً لَهُ، وَخُلُقًا تَطَبَّعَه، وَتَرَكَ طَبْعَهُ الجِبِلِّي، فَمَهْمَا أَمَرَهُ الْقُرْآنُ فَعَلَهُ، وَمَهْمَا نَهَاهُ عَنْهُ تَرَكَهُ، هَذَا مَعَ مَا جَبَله اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ، مِنَ الْحَيَاءِ وَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ، وَالصَّفْحِ وَالْحِلْمِ، وَكُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ؛ (تفسير ابن كثير، ج14، ص87).

قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [الأحزاب: 21]، قال سُبحانه: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 128، 129]، قال جَلَّ شأنه: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].

روى البخاريُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلا مِنَ الأُمَمِ، مَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ اليَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلا فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلا لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، فَغَضِبَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ))؛ (البخاري، حديث: 3459).

معاني الكلمات:
أَجَلُكُمْ: مُدَّةُ بقائكم في الدنيا.
خَلا: مضى.
ظَلَمْتُكُمْ: نقصتكم.

الشرح:
قَوْلُهُ: ((إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلا مِنَ الأُمَمِ)):
الْمَعْنَى: إن نِسْبَة مدة عُمْرِ هذه الأمة إلى أعمار مَن تقدَّم من الأمم مثل ما بين العصر والغروب إلى بقية النهار؛ (فيض القدير، عبدالرؤوف المناوي، ج2، ص 566).

قَوْلُهُ: ((كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا))؛ أَيْ: طَلَبَ مِنْهُمُ الْعَمَلَ.

قَوْلُهُ: ((نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً))؛ أَيْ: قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: رَبَّنَا أَعْطَيْتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ثَوَابًا كَثِيرًا مَعَ قِلَّةِ أَعْمَالِهِمْ، وَأَعْطَيْتَنَا ثَوَابًا قَلِيلًا مَعَ كَثْرَةِ أَعْمَالِنَا، وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

فائدة هامة:
هَذا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لِلْأَعْمَالِ لَيْسَ عَلَى قَدْرِ التَّعَبِ، وَلَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْقَارِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَوْلَاهُ لِخِدْمَتِهِ أُجْرَةً؛ بَلِ الْمَوْلَى يُعْطِيهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْعَبِيدِ عَلَى وَجْهِ الْمَزِيدِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي الهروي، ج9، ص 4045).

انتشار الإسلام:
روى الطبرانيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَقْبَلَ بِي الشَّامَ، وَوَلَّى ظَهْرِيَ لِلْيَمَنِ، وَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، جَعَلْتُ مَا تُجَاهَكَ غَنِيمَةً وَرِزْقًا، وَمَا خَلْفَ ظَهْرِكَ مَدَدًا، وَلَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ الشِّرْكُ وَأَهْلُهُ، حَتَّى تَسِيرَ الْمَرْأَتَانِ لَا تَخْشَيَانِ جَوْرًا))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني، حديث: 1716).

الشرح:
قَوْلُهُ: ((تُجَاهَكَ))؛ أيْ: أمامك.

قَوْلُهُ: ((غَنِيمَةً))؛ أيْ: مَا يحصلُ عليه المجاهدون نتيجة انتصارهم على أعداء الإسلام في المعارك.

((لَا تَخْشَيَانِ جَوْرًا))؛ أيْ: لا تخافان ظُلْمًا.

فائدة الحديث:
هذا الحديث دليلٌ على انتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، واستتباب للأمن في البلاد بشرط أن يكون هناك تمسُّكٌ وتطبيق لشريعة الإسلام المباركة.

روى مسلمٌ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ،وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَلَّا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلَّا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَلَّا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلَّا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا))؛ (مسلم، حديث: 2889).

معاني الكلمات:
زَوَى: جَمَعَ.
الْأَحْمَرَ: الذهب.
الْأَبْيَض: الفضة.
بِسَنَةٍ: قحط.
قَضَيْتُ: حَكَمْتُ.
قَضَاءً: حُكْمًا.
فَيَسْتَبِيح: يُهْلِك.
بَيْضَتَهُمْ: جماعتهم وأصلهم.
يَسْبِي: يَأْسِرُ.
بِأَقْطَارِهَا: جَوَانِبها.

الشرح:
قَوْلُهُ: ((وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ)):
قَالَ الإمامُ النوويُّ رحمه الله: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَالْمُرَادُ كَنْزَا كسرى وقيصر، ملكي العراق والشام، فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَكُونُ مُعْظَمُ امْتِدَادِهِ فِي جِهَتَيِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ؛ (مسلم بشرح النووي، ج 18، ص 13).

قَوْلُهُ: ((زَوَى لِي الْأَرْضَ)) مَعْنَاهُ: أَنَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ لِي جُمْلَتُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، ثُمَّ هِيَ تُفْتَحُ لِأُمَّتِي جُزْءًا فَجُزْءًا حَتَّى يَصِلَ مُلْكُ أُمَّتِي إِلَى مَا جُمِعَ لي من الأرض.

قَوْلُهُ: ((بِسَنَةٍ عَامَّةٍ))؛ أَيْ: بِقَحْطٍ شَائِعٍ لِجَمِيعِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: ((فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ))؛ أَيْ: عَدُوًّا يَسْتَأْصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعًا؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي الهروي، ج9، ص 3677).

شفقة نبينا صلى الله عليه وسلم على أمته:
روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ [إبراهيم: 36] الْآيَة، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: ((اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي))، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ((يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟)) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: ((يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ))؛ (مسلم، حديث: 202).

معاني الكلمات:
((لَا نَسُوءُكَ)): لَا نُحْزِنُكَ.

الشرح:
قَوْلُهُ: ((وَلَا نَسُوءُكَ))؛ أَيْ: لَا نُحْزِنُكَ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاءَ قَدْ يَحْصُلُ فِي حَقِّ الْبَعْضِ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ، وَيَدْخُلُ الْبَاقِي النَّارَ، فَقَالَ تَعَالَى: نُرْضِيكَ وَلَا نُدْخِلُ عَلَيْكَ حُزْنًا؛ بَلْ نُنَجِّي الجميع؛ (مسلم بشرح النووي، ج3، ص 79).

فوائد الحديث:
قَالَ الإمامُ النوويُّ رحمه الله: هَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْفَوَائِدِ مِنْهَا:
(1) بَيَانُ كَمَالِ شَفَقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ وَاعْتِنَائهِ بِمَصَالِحِهِمْ وَاهْتِمَامِهِ بِأَمْرِهِمْ.

(2) اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ.

(3) الْبِشَارَةُ الْعَظِيمَةُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا بِمَا وَعَدَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ((سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ))، وَهَذَا مِنْ أرجى الْأَحَادِيثِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ أَرْجَاهَا.

(4) بَيَانُ عِظَمِ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظِيمِ لُطْفِهِ سُبْحَانَهُ بِهِ صلى الله عليه وسلم.

(5) بَيَانُ الْحِكْمَة فِي إِرْسَالِ جِبْرِيلَ لِسُؤَالِهِ صلى الله عليه وسلم إِظْهَار شَرَفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى فَيُسْتَرْضَى وَيُكْرَمُ بِمَا يُرْضِيهِ.

(6) هَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]؛ (مسلم بشرح النووي، ج3، ص 79:78).


فضل الصحابة وأهل بدر:
(1) قَالَ الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 74].

(2) قَالَ جَلَّ شأنه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

(3) قَالَ سُبحانه: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 8-10].

روى الشيخانِ عَن عُبَيْدِاللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَالزُّبَيْرَ، وَالمِقْدَادَ، فَقَالَ: ((انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا))، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الكِتَابَ، قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا:لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ، أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ المُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟))، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ- يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا- وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلا رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ))، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ: ((إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ))، فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الممتحنة: 1]؛ (البخاري، حديث: 4274/ مسلم، حديث: 2494).


الشرح:
قَوْلُهُ: ((رَوْضَةَ خَاخٍ)): مَكَانٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ.
((ظَعِينَةً))؛ أيْ: الْجَارِيَةُ، وَأَصْلُهَا الْهَوْدَجُ، وَسُمِّيَتْ بِهَا الْجَارِيَةُ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: ((تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا))؛ أَيْ: تَجْرِي بِنَا خَيْلُنَا.
قَوْلُهُ: ((عِقَاصِهَا))؛ أَيْ: شَعْرِهَا الْمَضْفُورِ.
قَوْلُهُامْرَأً مُلْصَقًا)؛ أَيْ: كُنْتُ غَرِيبًا عَن أهلِ مَكَّة؛ (مسلم بشرح النووي، ج 16، ص 55).


فوائد الحديث:
(1) فَضْلُ أهل غزوة بدر.

(2) جَوَازُ هَتْكُ أَسْتَارِ الْجَوَاسِيسِ بِقِرَاءَةِ كُتُبِهِمْ سَوَاء كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً.

(3) جَوَازُ هَتْكُ سِتْرِ الْمَفْسَدَةِ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ كَانَ فِي السِّتْرِ مَفْسَدَةٌ؛ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ السِّتْرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ وَلَا يَفُوتُ بِهِ مَصْلَحَةٌ، وَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي النَّدْبِ إِلَى السِّتْرِ.

(4) الْجَاسُوسَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ، وَهَذَا التَّجَسُّسُ كَبِيرَةٌ مِن الكبائر؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِيذَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقوله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾ [الأحزاب: 57].

(5) الحديثُ دَلِيلٌ عَلى أنه لَا يُحَدُّ الْعَاصِي وَلَا يُعَزَّرُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ.

(6) الحديثُ فِيهِ جَوَازُ إِشَارَة جُلَسَاءِ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ بِمَا يَرَوْنَهُ كَمَا أَشَارَ عُمَرُ بنُ الخطاب بِضَرْبِ عُنُقِ حَاطِبٍ بنِ أبي بلتعة؛ (مسلم بشرح النووي، ج 16، ص 55).

أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعلَ هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعَ بهذا العمل طلابَ العِلْمِ الكرام، وأرجو من كُلِّ قارئ كريم أن يدعوَ اللهَ سُبحانه لي بالإخلاصِ، والتوفيقِ، والثباتِ على الحق، وحُسْنِ الخاتمة، فإن دعوةَ المسلمِ لأخيه المسلمِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتجَابةٌ، وأختِمُ بقولِ الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

وآخرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ، وَآلهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.03 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]