من مزايا اللغة العربية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 983 - عددالزوار : 122223 )           »          إلى المرتابين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          رذيلة الصواب الدائم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          استثمار الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حارب الليلة من محرابك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ذكر الله تعالى قوة وسعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-12-2022, 01:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,502
الدولة : Egypt
افتراضي من مزايا اللغة العربية

من مزايا اللغة العربية (1)


د. محمد بن لطفي الصباغ





إخواني وأخواتي
أبنائي وبناتي

قبل أن أذكر مزايا أخرى غير التي مرَّت بنا في حديثي السابق أودُّ أن أكملَ ما جاء في حديثي عن تدريس العلوم التجريبية لأولادنا باللغة العربية فأقول: إنَّ تدريس العلوم كلِّها باللغة العربية في بلادنا العربية هو الأمرُ الطبيعي؛ ذلك لأنَّ غرضَنا من التعليم هو إفهامُ الطالب المادة العلمية المقررة وجعلُه يستوعبها تمام الاستيعاب، وهذا لا يتحقق على الوجه الأكمل إلاَّ إذا قررناها له بلغته الأم، وهذا ما درجَت عليه أممُ الأرض إلاَّ من شذَّ مثل واقعنا المؤلم.


وقد ذكرتُ هناك بعض المقولات الباطلة والادِّعاءات التافهة التي يُثيرها بعضُهم، ومن هذه الادِّعاءات مشكلة المصطلحات، وقد بيَّنت أنَّ هذه ليست مشكلة، بل لا مانعَ من أن تَبقى المصطلحات باللغة الأجنبية على أن يكونَ الشرح والبيان للمادة العلمية باللغة العربية، والمصطلحاتُ لا تشكِّل حيِّزًا كبيرًا، وقد ذكرتُ أنَّ عددًا من العلماء المعاصرين من بُلدان عربية متعدِّدة وضعوا معجمًا قيِّمًا للمصطلحات الطبيَّة، ذكروا فيه المصطلح بالإنكليزية والفرنسية والعربية.


وقد ذكر العلماء طرائقَ كثيرة جدًّا تُعين على وضع المصطلح:

• ومن ذلك الاشتقاق، وهو أنواع وقد فصَّل القولَ فيها علماء اللغة من قدماء ومعاصرين، وأكتفي هنا بذكر هذه الأنواع دون تفصيلٍ ولا شرح، وهي: الاشتقاق الصغير، والاشتقاق الكبير، والاشتقاق الأكبر، ولاشتقاق الكُبَّار.
قال أستاذنا سعيد الأفغاني رحمه الله (ت 1417هـ = 1997م) في آخر بحثه في الاشتقاق: ((للغتنا غنًى وافر، وطبيعةٌ مسعفة، يحسدها عليها كثير من اللغات، فهي كنزٌ يطلب من يكتشفه ويحسن استخدامَه والإفادة منه))[1].

• ومن ذلك المجاز، وهو استعمالُ كلمة في غير معناها الأصليِّ لعلاقة مع قرينةٍ مانعة من إرادة المعنى الأصلي.


• ومن ذلك النَّحْت، وهو طريقةٌ من طرائق توليد الألفاظ، وهو قليلُ الاستعمال في اللغة العربية شائعٌ في غيرها من اللغات الهندية الأوربية. ومن أمثلته: البَسْمَلَة، والحَمْدَلَة، والحَوْقَلَة. وبعض العلماء يسمُّون النحت الاشتقاقَ الكُبَّار ويعدُّونه نوعًا من أنواع الاشتقاق. وهو أيضًا أنواع.


• ومن ذلك التعريب، وهو نقلُ المفردَة الأعجميَّة بلفظها مع إدخال بعض التعديل عليها، لتكونَ وَفق طبيعة اللغة العربية، وقد عرَّب اللغويون المتقدِّمون كثيرًا من الكلمات الأعجمية والأعلام الأعجمية. فمن ذلك كلمة (هندزة) عرَّبوها إلى (هَندَسة).. وهكذا.


• ومن ذلك الاختِزال الذي اخترعه علماءُ الحديث، وأخذَه عنهم علماء العلوم الأخرى كعلماء الرضيات والكيمياء والفيزياء، وهو استخدامُ حرف أو حرفين من الكلمة الأصل للدَّلالة على الكلمة المختَزَلَة، ومن ذلك الرُّموز الدالَّة على المواد التي نُريد الحديث عنها[2].


• ومن ذلك استعمالُ كلمةٍ مهجورةِ الاستعمال وهي موجودةٌ في كتب اللغة، استعمالُها في معنى جديد، وهذه الطريقة أخذ بها المجمع العلميُّ العربي في دمشق كما حدثني بذلك أستاذنا العلاَّمة اللغوي (وهو من أعضاء المجمع المؤسِّسين) عز الدين علم الدين التَّنوخي رحمه الله (ت 1386هـ = 1966م)، وضرب لذلك مثلاً كلمة (الإِضْبارَة) التي اقترحها لتكون محلَّ (الدُّوسيه) وسادت هذه الكلمةُ على صعوبة نطقها.


وذهب كثيرٌ من علماء فقه اللغة إلى أنَّ اللغة العربية تنفرد بمزايا لا توجد مجتمعةً في لغة أخرى من لغات البشر، أي قد توجد بعضُ هذه المزايا في لغة من اللغات. أما أن تجتمعَ كل هذه المزايا في لغة غير العربية فهذا غيرُ موجود. ولذلك تفصيلٌ أفاض فيه هؤلاء العلماء.


قال الأستاذ محمد الخضر حسين: ((كانت الفارسيةُ في الشرق هي التي يمكن بما لها من فصاحةٍ وحسن بيان أن يُوازَنَ بينها وبين اللغة العربية، وقد شهد بعضُ الأعاجم الذين عرفوا اللغتين بأنَّ العربيةَ أرقى مكانةً وألطفُ مسالك. قال ابن جني في "الخصائص": إنا نسأل علماءَ العربية مِمَّن أصله أعجمي وقد تدرَّب قبل استعرابه عن حال اللغتين فلا يجمعُ بينهما، بل لا يكاد يقبَل السؤال عن ذلك لبُعده في نفسه، وتقدُّم لطف العربية في رأيه وحِسِّه. سألتُ غير مرَّة أبا عليٍّ عن ذلك، فكان جوابه نحوًا مِمَّا حكيته)).


وإليك شهادات من لا يؤمنون بالقرآن، وإنما ينظرون إلى اللغة من ناحية حُسن البيان. قال المستشرق (ارنست رينان) في كتابه: "تاريخ اللغات السامية": ((من أغرب المدهشات أن تنبُتَ تلك اللغة القوية، وتصلَ إلى أعلى درجة الكمال وسط الصحارى عند أمَّة من الرُّحَّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها، ودقَّة معانيها، وحسن نظام مبانيها، وكانت هذه اللغةُ مجهولةً عند الأمم، ومن يوم عُلمت ظهرت لنا في حلل الكمال إلى درجة أنَّها لم تتغيَّر أيَّ تغيُّر يذكر، حتى إنها لم يُعرف لها في كلِّ أطوار حياتها لا طفولة ولا شيخوخة، لا نكاد نعلمُ من شأنها إلا فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى، ولا نعلم شبيهًا لهذه اللغة التي ظهرَت للباحثين كاملةً من غير تدَرُّج، وبقيَت حافظةً لكيانها من كلَّ شائبة)).


وقال ابن فارس في كتابه "فقه اللغة": ((لغةُ العرب أفضل اللغات وأوسعُها. قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192-195]، فوصفه -سبحانه- بأبلغ ما يوصَف به الكلام وهو البيان... فإن قال قائلٌ: فقد يقع البيانُ بغير اللسان العربي، لأن كلَّ من أفهَم بكلامه على شرط لغته فقد بيَّن.

قيل له: إن كنت تريد أن المتكلمَ بغير اللغة العربية قد يُعرب عن نفسه حتى يفهَمَ السامعُ مرادَه؛ فهذا أخسُّ مراتب البيان؛ لأن الأبكَمَ قد يدلُّ بإشارات وحركات له على أكثر مُراده، ثم لا يُسمَّى متكلمًا فضلاً عن أن يُسمَّى بيّنًا أو بليغًا.
وإن أردت أنَّ سائر اللغات تُبين إبانةَ اللغة العربية فهذا غَلَط، لأنَّا لو احتَجنا إلى أن نعبِّر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكَنَنا ذلك إلا باسمٍ واحد، ونحن نذكُر للسيف بالعربية صفات كثيرة.. وكذلك الأَسَد والفَرَس... فأين هذا من ذاك؟ وأين لسائر اللغات من السَّعة ما للغة العرب؟ هذا ما لا خَفاء به على ذي نُهية)).

هذا ابن فارس وابن جني وأبو علي الفارسي وكانوا محيطينَ باللغة الفارسية يشهدونَ شهادةَ الحقِّ كما رأيتم.


يتبع

ـــــــــــــــــــــــ
[1] في "أصول النحو" (ص158).
[2] انظر كتابنا "الحديث النبوي" الطبعة الثامنة (ص216).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-12-2022, 01:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,502
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مزايا اللغة العربية

من مزايا اللغة العربية (2)


د. محمد بن لطفي الصباغ




أما أنا فإن اطِّلاعي على اللغات محدودٌ، فقد درستُ اللغةَ الفرنسية من المرحلة الابتدائية إلى نهاية المرحلة الجامعية، ودرستُ إلى جانبها اللغةَ الإنكليزية في المرحلة الثانوية، ودرستُ في المرحلة الجامعية اللغةَ الفارسية دراسة على نحوٍ مكَّنني من إحراز النجاح في امتحاناتها، فوجدتُ في حدود علمي أن اللغة العربيةَ لغةٌ منطقية، وكنت وقفتُ على بحثٍ رائع لأحد العلماء المعاصرين يعالجُ هذه القضية معالجةً واسعة، وقد قرَّر في بحثه أن اللغة العربية هي اللغةُ التي تتفق مع الاعتبارات العقلية، وأنها اللغةُ التي تتفق مع المنطق السليم في التعبير عمَّا يتردَّد في الذهن من معان. وقد أشار ذاك الباحثُ إلى أن طريقةَ النطق في العربية تُعين على إدراك المعنى، وجاء بأمثلةٍ كثيرة تؤيِّد ما ذهب إليه.

وهناك من لم يُتَحْ له إدراكُ فضل العربية وتميُّزها عن غيرها من اللغات، فذهب يقول: إنه ليس هناك لغةٌ أفضلُ من لغة، وقد أشار إلى ذلك ابن فارس في النصِّ الذي أوردناه آنفاً.

وقائل هذا:
- إما جاهلٌ، ولا حيلة لنا مع الجاهل إلَّا بالإعراض عن مقولته، ومحاولة تعليمه وتوضيح الأمر له.

- وإما مصابٌ بالتقليد الأعمى للغرب، فهو لم يَجد في كلام سادته في أوروبا وأمريكا مَن يقرِّر تفوُّق العربية؛ لجهلهم بهذه اللغة الشريفة.. ولذلك لا يريد أن يعترفَ بفضل ولا مزية لشيء إذا لم يقُله سادته. وهذه هي العبوديةُ العقلية التي نعاني شرورَها هذه الأيام، وإنا لله وإنا إليه راجعون.


- وإما صاحبُ هوًى من الأعاجم الذين يتكلَّمون العربية، وقلوبُهم تتميَّز من الغيظ أن لغتَهم الأصلية مهجورة.


- وإما إنسانٌ مولَع بمخالفة المألوف المقرَّر لدى جَمهرة العلماء، فهو يخالف لوجه المخالفة ليظهر ويُعرَف.


- وإما إنسانٌ غير متَّهم، ولكنه اجتهد فأخطأ في الرأي ولم يُوافق الصواب. والمؤسفُ أن تُعرَض هذه الأباطيلُ على الناس دون ترجيح الحقِّ وبيان الباطل في تلك الدعاوى.


ومن مزايا اللغة العربية (الإعراب) الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يُعرف مراد المتكلِّم من الكلام، ولولاه ما مُيِّز بين فاعل ومفعول، ولا عُرف تعجُّب من استفهام.

فالإعرابُ به تتميَّز المعاني، ويوقَف على أغراض المتكلِّمين. ولنَضرِب مثلاً يوضِّح هذه المزية:
لو أن قائلاً قال: (ما أحسنْ زيدْ) غيرَ مُعربٍ، أي سَكَّن أواخرَ الكلمات، لم يُعرف مراده.
فإذا قال: (ما أحسنَ زيدًا!) وأظهر علامات الإعراب عرفنا أنه يتعجَّب.
وإذا قال: (ما أحسنُ زيدٍ؟) وأظهر علامات الإعراب عرفنا أنه يستفهم عن أحسن شيء في زيد.
وإذا قال: (ما أحسنَ زيدٌ) بالإعراب عرفنا أنه ينفي الإحسانَ عن زيد.

ومن مزايا اللغة العربية أنَّ للأبنية (الصيغ) دلالاتٍ تجعل السامعَ يدرك من معرفته للصيغة المرادَ. وللأوزان في هذه اللغة معانٍ، ومن ذلك ما هو معروفٌ ومشهور كالأسماء المشتقَّة من نحو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة واسم الزمان واسم المكان وأفعل التفضيل واسم الآلة، والمصدر الدالِّ على المرَّة والمصدر الدالِّ على الهيئة.


ولأوزان الأفعال وتصاريفها دلالاتٌ معينة:



فمثلاً (فاعَلَ) تدلُّ على تعلُّق الفعل بمتعدِّد، وعلى المنافسة، مثل: قابَلَ وزاحَمَ ونافَسَ. وهكذا.
و(تفاعل) تدلُّ على المشاركة وتعدُّد الفاعلية، وقد تدلُّ على التظاهُر بالشيء، مثل: تَجاهَلَ، وتَغابَى، وتَمارَضَ.



ولأوزان الكلمات معانٍ معينة:
فمثلاً (فُعال) تدلُّ على الأصوات، مثل: رُغاء، وثُغاء، وعُواء.
و(فُعالَة) تدلُّ على البَقايا، مثل: حُثالَة، نُخالَة.
و(فِعالَة) تدلُّ على الحِرفَة، مثل: زِراعَة، حِياكَة.

إنَّ وجود هذه القوالبِ الفكرية العامَّة في اللغة العربية توفِّر على المتكلِّم والمتعلِّم كثيراً من الجهد في التعبير والفَهم والإدراك.

وهذه الطريقةُ في اشتقاق الألفاظ من مَواردها الأصلية، وتصريفها في أشكالٍ متنوِّعة، واستخدام هذه الأبنية، تختلفُ عن طريقة التركيب الإلحاقي المعروفة في لغاتٍ أخرى والتي تقوم على زيادة أحرُف مخصوصة في أول الكلمة أو في آخرها لتدلَّ على معنًى خاص.
وعددُ الأبنية في العربية كبيرٌ، وقد بالغ ابن القطَّاع المتوفى سنة 515 هـ فذكر في كتابه "الأبنية" أنها تبلغ 1210 بناء.
وكذلك فإن عدد تصاريف الكلمة الواحدة ومشتقَّاتها ومصادرها تصلُ إلى أكثرَ من مئة وخمسين كلمة.
أقول: ما أغنى هذه اللغةَ.

ومن مزايا هذه اللغةِ أنها تمتاز في مجموع أصواتِ حروفها بسَعَة مَدرَجها الصَّوتي سَعَةً تُقابل أصواتَ الطبيعة في تنوُّعها وسَعَتها.

وتمتاز من جهةٍ أخرى بتوزُّعها في هذا المَدرَج توزُّعاً عادلاً يؤدِّي إلى التوازن والانسجام. وقد أشار ابنُ جني في "الخصائص" إلى أن العربَ تجنَّبت بعضَ الكلمات لتقارُب مخارج حروفها، مثل اجتماع السين والصاد، أو الطاء والتاء.

ومن مزايا هذه اللغةِ أن أصواتَ الحروف العربية يُنطَقُ بها الآنَ كما كان يَنطِقُ بها أهلُها قبل خمسةَ عشرَ قرناً، والفضل في ذلك يعود إلى القرآن الكريم.


ومن مزايا هذه اللغةِ ثباتُها على مرِّ الزمان ومحافظتُها على خصائصها ومفرداتها، فما قاله زهير وعنترة والحطيئة قبل خمسةَ عشرَ قرنًا يقرؤه العربيُّ المعاصر اليومَ فيفهم مَعناه.

انظر قولَ زهير:
ومَنْ لا يَذُدْ عن حَوضِهِ بسِلاحِهِ يُهَدَّمْ ومَنْ لا يَظلمِ الناسَ يُظْلَمِ
ومَن يَغترِبْ يَحسِبْ عدوّاً صَديقَهُ ومَن لا يُكرِّمْ نفسَه لا يُكَرَّمِ

وقول عنترة:


أَثْني عليَّ بما عَلِمْتِ فإنني سَمحٌ مخالفَتي إذَا لم أُظلَمِ
فإذا ظُلِمْتُ فإنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ مُرٌّ مذَاقَتهُ كَطَعمِ العَلْقَمِ




وقول الحطيئة


أقِلُّوا عَلَيْهِمْ لا أبَا لأبِيكُمُ منَ اللَّومِ أو سُدُّوا المكانَ الذي سَدُّوا
أُولئكَ قَومٌ إِنْ بَنَوا أَحْسَنُوا البِنَى وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا




إلى غير ذلك من الأمثلة..



إن هذه الأبياتِ كأنها نُظمت الآن، وهذا إنما كان بسبب ارتباط اللغة بالقرآن، وقد كان هذا سبباً في أن يجعلَ أجيالَ الأمة المتعاقبة يستفيدون من تُراث أمَّتهم الثقافي ومن أفكار عباقرتهم على مرِّ العصور، وكان سبباً في جعلِ أبناء أقطارٍ متباعدة يتكلَّمون لغةً واحدة من شواطئ الأطلسيِّ إلى حُدود فارس.. وجعلِ هذه اللغةِ إطاراً استوعَبَ ثمرات عقول ضَخمة وعبقريات فذَّة.. وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.

وبالموازنة مع الإنكليزية نجد أن ما كتبه شكسبير (1564-1616م) يحتاج اليومَ الراغبون في فهمه من الإنكليز إلى مُترجم يُترجمه لهم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.83 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]