ونزل الغيث! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 871 - عددالزوار : 119450 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8862 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1197 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 21978 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 03-11-2022, 09:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,278
الدولة : Egypt
افتراضي ونزل الغيث!

ونزل الغيث!


الحمدُ لله باسط اليدين بالعطايا، الحمدُ لله كثيرِ البركات والهدايا، {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى : 28]، وليُّنا الله وهو الذي تولاَّنا بإحسانِه فأنعم علينا بغيثِه النافع، أرسل اللهُ السحابَ فتكاثف وتراكم وأرسل الرِّياحَ اللواقح؛ ليجمعَ السَّحابَ بالسَّحاب، ويأذن بالغيثِ؛ يقول - تبارك وتعالى -: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} [الحجر : 22]، حملت الرياحُ السحبَ، حلَّتْ فوق أرضِنا برعدها وبرقها، وأنزل الله خيرَه الذي كنَّا ننتظر، نزل من عنده في ساعاتٍ مباركات؛ يقول - جلَّ وعلا -: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم : 48]؛ فالبشرى لنا، والبشرى نراها في كلِّ شيء من حولنا؛ الأرض تطهرتْ فتجملت، ولمعت جدائلُ النَّخلِ وأوراقُ الأشجار ونضرت، وانشرحت صدورُ العبادِ وفرحت؛ يقول - تبارك وتعالى -: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال : 11]؛ فهو طهارةٌ ونقاء ينشر اللهُ به رحمتَه بين عبادِه فيتراحمون ويتآلفون.

فللغيثِ أثرُه في صفاءِ القلوب وبدونه تقسو طبائعُ الناس، وتكثر الأمراضُ، ويعم الجدْب، ويغيض الماء فتنقطع العيونُ والآبار، وينتشر الجفافُ، فبرحمةٍ من الله حلَّ بيننا شريانُ الحياة، وهو الذي جعل الله منه حياةَ كلِّ شيء؛ فقال - جلَّ جلاله -: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء : 30]، وجعله مباركًا فقال - عزَّ وجلَّ -: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق : 9 - 11]، فالحمد لله على نعمِه التي لا تُحصى ولا تُعد، والشكر لله على ما حبانا به من فضلٍ ورحمة.

لقد عشنا أوقاتًا نسمعُ بنزول الغيثِ من حولنا، ولا نرى إلا سحابًا عابرًا، ثم حلَّ بيننا كرمُ الله تفضلاً منه وإحسانًا، فالشكرُ لك يا مولانا عددَ خلقِك وزنةَ عرشك وعدد ذرات مداد كلماتك، فواجبٌ علينا الشكر، ولا دوامَ لنعمةٍ إلا بشكرِ المنعم، ولا انتفاعَ بالنعمة إلا بشكر المنعم؛ يقول - تبارك وتعالى - : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل : 112]؛ هذه القريةُ لم تكفر بالله إنما كفرتْ بأنعمِ الله؛ جحدت نعمَ الله عليها وغفلتْ عن حمدِه وشُكرِه، فأذاقها الله لباسَ الجوعِ، وهذا الغيث الذي حلَّ بيننا إنما هو الماء الذي نشربُ، وهو الماء الذي يروي مزارعَنا وحقولنا، وهو الماء الذي يتسرَّبُ إلى باطنِ الأرض؛ فيخرج ينابيع تسقي أرضَنا على مدى الشهورِ والأعوام، فواجبٌ علينا شكرُ الله، فالحمد لله ربِّ العالمين، والشُّكرُ لله الرحمن الرحيم، والشُّكرُ أيها المؤمنون والمؤمنات له ثلاثُ مراحل:

المرحلة الأولى: أن نعلمَ علم اليقين أنَّ كلَّ نعمة لنا في هذه الحياةِ إنما تصلنا من واحدٍ لا ثاني له؛ هذا الواحد الأحد هو الذي قال - جلَّ جلاله -: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل : 53]؛ وكلنا نِعَمٌ؛ نَظَرُنا نعمةٌ، سَمْعُنا نعمة، مشينا نعمة، وجودنا نعمة، إسلامنا نعمة، غيرنا في زمنِ العلم والمعرفة يسجدُ للبقرِ ونحن ننعمُ بالدِّينِ الحق من خالقٍ مبدع كريم، وهو الذي قال - عزَّ وجلَّ -: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل : 18]، فإذا ربطنا النعمةَ بالمنعم، وعرفنا أن الذي أكرمنا بهذا السخاء من النِّعم، وبهذه الأعطياتِ الوافرة الجليلة - هو الله - عزَّ وجلَّ.

نصل إلى المرحلة الثانية: من الشكرِ؛ وهي أن نفتحَ قلوبنا لربٍّ كريم، لمولى غفور رحيم، فهو الذي نناجيه فيسمعنا، وهو الذي نسألُه فيلبينا، وهو الذي ندعوه فيستجيب لنا، ألا يستحقُّ منَّا المحبةَ، ألا يستحقُّ أن نحنَّ إليه، أن نذكرَه فلا ننساه، ألا يستحقُّ أن يكونَ مهجةَ القلبِ واللِّسان؟!
فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالْحَيَاةُ مَرِيـــرَةٌ *** وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ *** وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْعَالَمِينَ خَــرَابُ
إِذَا صَحَّ مِنْكَ الْوُدُّ فَالْكُلُّ هَيِّنٌ *** وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُـرَابُ

فكيف لا تتعلق القلوبُ بمن حياتنا بنعمِه، وطعامنا وشرابنا بكرمِه، ومرضنا وشفاؤنا بأمرِه، وموتنا بقضائه وقدره، ونعيمنا السرمدي يوم القيامةِ بجلائل فضلِه وعظائم مننه؟!

وبمحبته - جلَّ وعلا - نصلُ إلى مرحلة الشكر الثالثة: فإذا عرفنا أنَّ المنعمَ هو الله، فامتلأت قلوبُنا محبةً لهذا المنعم، فما الذي ينبغي علينا أن نفْعل؟ ينبغي أن نطيعَه، ينبغي أن نصغي إلى أوامرِه، فننفذ ما أمرنا اللهُ بتنفيذِه، ونطبق ما أمرَنا الله بتطبيقِه، أن نجعلَ هذا الدِّينَ هواءنا الذي نتنفسُ، أن نجعل هذا الدين منهجًا يضمُّ مسيرتنا نحو العزة والرخاء، أن نترفعَ عن المحرَّماتِ التي نهانا الله عنها، أن نكونَ من السَّامعين الطَّائعين؛ {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة : 285].

هذا الشكر الذي حملنا إلى حسنِ العبادة، بدونه لا تدومُ النِّعمُ، لا ننتفعُ بنعمِ الله من غير شكرِ الله وحسن عبادتِه؛ يقول - جلَّ جلاله -: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} [الواقعة : 68 - 70].

من غيرِ شكر الله قد يصبحُ الماء بقدرةِ الله مضرًّا ليس نافعًا، يصبح مِلحًا أجاجًا لا يخصبُ نباتًا، ولا يروي إنسانًا، ولا يصلح لحيوانٍ، ومن غيرِ شكر الله قد يتسرَّبُ الماء إلى باطنِ الأرض فلا ندركُه، ولا نستطيع له طلبًا؛ يقول - تبارك وتعالى -: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك : 30]، فدوام النعمةِ في الصلحِ مع الله أن نكونَ عبادًا لله مخلصين له الدِّينَ، ودوام النعمة أن نشكرَ الله بالقلبِ واللسانِ، وأن نعملَ شكرًا.

أورد الإمامُ مسلم في صحيحِه قولَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «بينما رجلٌ بفلاة من الأرضِ فسمع صوتًا في سحابة يقولُ: اسق حديقةَ فلان، فتنحَّى ذلك السحابُ فأفرغ ماءَه في أعلى جبلٍ به منخفض كالساقية، فاستوعبت الماء كله، فتتبع الماءَ، فإذا رجلٌ قائم في حديقتِه يحولُ الماء بمسحاتِه، فقال له يا عبدالله، ما اسمك؟ قال: فلان؛ للاسم الذي سمع في السحابةِ، فقال له: يا عبدالله، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعتُ صوتًا في السحابِ الذي هذا ماؤه يقولُ: اسق حديقةَ فلان لاسمِك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذا قلتَ هذا فإني أنظرُ إلى ما يخرجُ منها، فأتصدق بثلثِه، وآكل أنا وعيالي ثلثَه، وأرد فيها ثلثَه».

فبطاعةِ هذا الفلاح لمولاه وحسن تعاملِه وتقواه خصَّ الله أرضَه بالغيثِ دون سواه، وبالاستقامة على منهجِ الله، وبالإيمان الحق وبالعمل الصالح، يكتبُ الله لنا حياةً طيبة في الحياة الدنيا، ويضمنُ لنا رغدَ الحياة في جناتِ النعيم في الحياةِ الآخرة؛ يقول ربنا - جلَّ وعلا -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل : 97].
اللهم اجعلنا من عبادِك الشاكرين، وألهمنا حسنَ عبادتِك، واكتبنا مع الطَّائعين، واهدنا للعملِ بشرائعِ هذا الدِّين.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيم الكريم لي ولكم.
__________________________________________________ __

الكاتب: الشيخ عبدالله المؤدب البدروشي












__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.51 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]