|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() القصة الشعرية لدى الحطيئة د. أحمد الخاني الشاعر: هو جرول بن مليكة العبسي لقبه: الحطيئة، ومعناه: القصير الدميم، كان دعياً في نسبه، حتى لقد تخلى عنه مراراً، وكان سفيهاً حاقداً على المجتمع، هجا أمه وأباه وزوجته ونفسه، ويقال: إنه ارتد عن الإسلام بعَيد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان شاعر المرتدين، هجا أبا بكر الصديق رضي الله عنه كما هجا غيره... كان من الطبقة الأولى في الشعر، ولكن سوء سيرته أخرت رتبته بين الشعراء يقول الأصمعي: كان الحطيئة جشعاً سؤولاً ملحفاً دنيء النفس، كثير الشر، قليل الخير، بخيلاً قبيح المنظر، رث الهيئة، مغموز النسب، فاسد الدين، وقلما تجد ذلك في شعره. قال أبو عمرو بن العلاء: لم تقل العرب قط أصدق من بيت الحطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيَه = لا يذهب العرف بين الله والناس وللحطيئة هذان البيتان: ولست أرى السعادة جمع مال ![]() ولكن التقي هو السعيد ![]() وتقوى الله خير الزاد ذخراً ![]() وعند الله للأتقى مزيد[1] ![]() قصة كرم للحطيئة: وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل ![]() ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما ![]() أخي جفوة فيه من الإنس وحشة ![]() يرى البؤس فيها من شراسته نعمى ![]() وأفرد في شعب عجوزاً إزاءها ![]() ثلاثة أشباح تخالهم بهما ![]() حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملة ![]() ولا عرفوا للبر مذ خلقوا طعما ![]() رأى شبحاً وسط الظلام فراعه ![]() فلما بدا ضيفاً تشمر واهتما ![]() فقال: هيا رباه ضيف ولا قرى؟ ![]() بحقك لا تحرمه تا الليلة اللحما ![]() فقال ابنه لما رآه بحيرة: ![]() أيا أبت اذبحني ويسر له طعما ![]() ولا تعتذر بالعدم عل الذي طرا ![]() يظن لنا مالاً فيوسعنا ذما ![]() فروى قليلاً ثم أحجم برهة ![]() وإن هو لم يذبح فتاه فقد هما ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() فبيناهما عنت على البعد عانة ![]() قد انتظمت من خلف مسحلها نظما ![]() عطاشاً تريد الماء فانساب نحوها ![]() على أنه منها إلى دمها أظما ![]() فأمهلها حتى تروت عطاشها ![]() فأرسل فيها من كنانته سهما ![]() فخرت نَحوص ذات جحش سمينة ![]() قد اكتنزت لحماً وقد طبقت شحما ![]() فيا بشره إذ جرها نحو أهله ![]() ويا بشرهم لما رأوا كلمها يدمى ![]() وباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم ![]() وما غرموا غرماً وقد غنموا غنما ![]() وبات أبوهم من بشاشته أباً ![]() لضيفهم والأم من بشرها أما ![]() أضواء على النص: يقول الأستاذ ناصيف علي النجدي ناقداً هذه القصة الشعرية[2]: (أما ما كان من الأب وابنه؛ فعن صنعة غير محكمة، تساغ ذوقاً أن يكون فيه إلا من يأكلون لحوم لبشر.. وبعدُ فما أحسب الحطيئة يعني في هذه القصة غير نفسه وأهله، وكان في نفسه بخيلاً شديد الحرص على المال حتى عدَّ رابع أربعة كانوا هم فيما يقول الرواة بخلاء العرب). القصيدة تمهد للحدث برسم جوّه العام الخارجي ثم رسمت الجو النفسي الداخلي لبطل القصة؛ فهو بدوي جلف استوحش من الإنس وأنس بالوحدة، ويعطي التمهيد بعداً اجتماعياً أيضاً بأن هذا البائس أصيبت نفسيته بعقدة الفقر والبعد عن الناس فأصبحت حاله كما عبر عنه الأُحيمر السعدي: عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى = وصـوَّت إنســان فكـدت أطيــر دعا المضيف ربه فاستجاب له، وهذه نقطة مضيئة في القصة إذا عجزت حيلة الأرض عن إيجاد الحل، فإن الله موجود، يأتي بالفرج في أحلك لحظات الضيق كما قال الشاعر: ما بيــن طرفــة عين وانتبــاهتها = يغيـر الله من حــال إلى حـال جاءت عانة من حمار الوحش: عطاشاً تريد الماء فانساب نحوها = على أنه منها إلى دمها أظما أرأيت إلى الوحدة اللغوية (انساب) كيف أخرجها هذا الشاعر الفنان؟. لقد كان عقل الحطيئة متمثلاً مشهد حركة القانص المتعطش، لذا تحول إلى نوع من أنواع الزواحف ينساب خشية صوت الدبيب ومرأى سواد شخصه مما ينفر حمار الوحش فتضيع الفرصة الوحيدة. العناصر الفنية للأسلوب القصصي في قصة كرم: الموضوع: يتعلق بصفة إنسانية هي صفة الكرم. أما الشخوص: فقد أعطى الشاعر بطله البعد الخارجي برسم هيئته وجوعه، والبعد الاجتماعي برسم فقره، وبعده النفسي برسم عقدة النفور من البيئة، وسوء الخلق والشراسة وحب الوحدة والوحشة.. الحوار: أما الحوار فإنه تصوير فني رائع بين الأب وابنه يدل على غريزة الكرم المتأصلة في نفس هذا الكريم والشعر أعذبه أكذبه. العقدة: في قوله: فقال ابنه لما رآه بِحيرة: = أيا أبت اذبحني وهيئ له طُعما الحل: وهو مجيء قطيع حمر الوحشي. وقتل واحدة منها. جاء الحل طبيعياً غير متكلف، أميل إلى أن القصة من نسج أحلام اليقظة تعويضاً عن حال الشاعر، فتخيل الكرم وأهله وكيف يكون، وجسّمه في هذه الرائعة التي أعدها مقياس القصة الشعرية في شعر الخضرمة. [1] العصر الإسلامي. د. شوقي ضيف ص 95. ط 4. [2] في كتابه: القصة في الشعر العربي حتى القرن الثاني الهجري ص18 ط1.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |