الرد على من يطعن في معاوية بن أبي سفيان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 601 - عددالزوار : 65753 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14267 - عددالزوار : 756333 )           »          مواقف بين النبي وأصحابه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1383 )           »          ما أعظم ملك الله وقدرته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          الإسلام يدعو إلى التكافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          لا تنس هذه الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الدرس الخامس والعشرون: ليلة القدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          تحريم ترك الوفاء بنذر الطاعة لله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-09-2022, 09:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,795
الدولة : Egypt
افتراضي الرد على من يطعن في معاوية بن أبي سفيان

الرد على من يطعن في معاوية بن أبي سفيان
الشيخ صلاح نجيب الدق




الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ:
سوف نذكر بعض الطعون التي يثيرها بعض الحاقدين على الإسلام ضد معاوية بن أبي سفيان، رضي اللهُ عنهما، ونذكر الرد عليها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
الشبهة الأولى:
قال الطاعنون: معاويةُ بنُ أبي سفيان هَوَ الطَّلِيقُ ابْنُ الطَّلِيقِ.


الرد على هذه الشبهة:
هَذَه لَيْسَتْ صِفَةُ ذَمٍّ؛ فَإِنَّ الطُّلَقَاءَ هُمْ مُسْلِمَةُ الْفَتْحِ، الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأَطْلَقَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانُوا نَحْوًا مَنْ أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَفِيهِمْ مَنْ صَارَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، كَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَسُهَيلِ بْنِ عَمْرٍو، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،ابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يَهْجُوهُ ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَعَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ الَّذِي وَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ لَمَّا فَتَحَهَا، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ. (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ381).


الشبهة الثانية:
قال الطاعنون: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َقَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ».


الرد على هذه الشبهة:
الرد من وجهين:
أولًا: مَا ذَكَرَوه مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ مُعَاوِيَةَ وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ إِذَا رُؤِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي عِلْمِ النَّقْلِ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مُخْتَلَقٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا الحديثُ لَمْ يُذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا حَتَّى يُنْظَرَ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ.


ثانيًا: يُبَيِّنُ كَذِبَ الطاعنين أَنَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَعِدَ عَلَيْهِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ مَنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ خَيْرًا مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ كَانَ يَجِبُ قَتْلُ مَنْ صَعِدَ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِ الصُّعُودِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَبَ قَتْلُ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ. ثُمَّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ لَا يُبِيحُ قَتْلَ مُسْلِمٍ. وَإِنْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ لِكَوْنِهِ تَوَلَّى الْأَمْرَ، وَهُوَ لَا يَصْلُحُ، فَيَجِبُ قَتْلُ كُلِّ مَنْ تَوَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ مِمَّنْ مُعَاوِيَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَهَذَا خِلَافُ مَا تَوَاتَرَتْ بِهِ السُّنَنُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَهْيِهِ عَنْ قَتْلِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَقِتَالِهِمْ. (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ381: 379).



الشبهة الثالثة:
قال الطاعنون: "سَمَّوْا معاوية ابن أبي سفيان كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً مِنَ الْوَحْيِ".


الرد على هذه الشبهة:
هَذَا قَوْلٌ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا عِلْمٍ، فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً مِنَ الْوَحْيِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكْتُبُ لَهُ رَسَائِلَ؟


روى الشيخانِ عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ (النساء: 95) مِنَ المُؤْمِنِينَ "دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا (ابن ثابت)، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا. (البخاري حديث: 2831/مسلم حديث: 1898).


وَكَتَبَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضًا: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَسَدِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةُ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ428: 427).

الشبهة الرابعة:
قال الطاعنون " إِنَّ مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا مُدَّةَ كَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبْعُوثًا ".


الرد على هذه الشبهة:
الرد من عِدة وجوه:
أولًا: لَا شَكَّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَاهُ وَأَخَاهُ وَغَيْرَهُمْ أَسْلَمُوا عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُشْرِكًا مُدَّةَ الْمَبْعَثِ. وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَغِيرًا. وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْلَمَ مَعَ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، مِثْلُ أَخِيهِ يَزِيدَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ،وَهَؤُلَاءِ كَانُوا قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ أَعْظَمَ كُفْرًا وَمُحَارَبَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُعَاوِيَةَ. فَصَفْوَانُ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو سُفْيَانَ كَانُوا مُقَدَّمِينَ لِلْكُفَّارِ يَوْمَ أُحُدٍ، رُءُوسَ الْأَحْزَابِ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَمَعَ هَذَا كَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَصَفْوَانُ وَعِكْرِمَةُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ إِسْلَامًا، وَاسْتُشْهِدُوا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَوْمَ الْيَرْمُوكِ.


ثانيًا: مُعَاوِيَةُ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَذًى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بِيَدٍ وَلَا بِلِسَانٍ، فَإِذَا كَانَ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مُعَادَاةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُعَاوِيَةَ قَدْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَصَارَ مِمَّنْ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَذَلِكَ؟.


ثالثًا: كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ سِيرَةً فِي وِلَايَتِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَلَوْلَا مُحَارَبَتُهُ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَوَلِّيهِ الْمُلْكَ، لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إِلَّا بِخَيْرٍ، كَمَا لَمْ يُذْكَرْ أَمْثَالُهُ إِلَّا بِخَيْرٍ. وَهَؤُلَاءِ مُسْلِمَةُ الْفَتْحِ - مُعَاوِيَةُ وَنَحْوُهُ - قَدْ شَهِدُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةَ غَزَوَاتٍ، كَغَزَاةِ حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ وَتَبُوكَ، فَلَهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ مَا لِأَمْثَالِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ هَؤُلَاءِ كُفَّارًا وَقَدْ صَارُوا مُؤْمِنِينَ مُجَاهِدِينَ تَمَامَ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعٍ وَعَشْرٍ، وَبَعْضَ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ؟! (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ429: 428)



الشبهة الخامسة:
قال الطاعنون: دعا النبي (ص) على معاوية بن أبي سفيان، فقال: (لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ).


الرد على هذه الشبهة:
روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ قَالَ فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً وَقَالَ اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ. قَالَ ثُمَّ قَالَ لِيَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ. فَقَالَ: لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ. (مسلم حديث 2604).


قال العلماء: هذا الحديث مِن مناقب معاوية بن أبي سفيان، وذلك لما أخرجه مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ شَتَمْتُهُ لَعَنْتُهُ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (مسلم حديث 2601).


الشبهة السادسة:
قال الطاعنون: نَزَلَ فِي معاوية بن أبي سفيان قوله تعالى: (وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا).


أولًا: هذا قولٌ بَاطِلٌ ; فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، لَمَّا أُكْرِهَ عَمَّارٌ وَبِلَالٌ عَلَى الْكُفْرِ.


ثانيًا: لَوْ افترضنا أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ ; فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبِلَ إِسْلَامَهُ وَبَايَعَهُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 89: 86] (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ443).


الشبهة السابعة:
قال الطاعنون: «رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ سُنَّتِي فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ. وَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا، فَأَخَذَ مُعَاوِيَةُ بِيَدِ ابْنِهِ يَزِيدَ وَخَرَجَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَعَنَ اللَّهُ الْقَائِدَ وَالْمَقُودَ. " فَأَيُّ يَوْمٍ يَكُونُ لِلْأُمَّةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ ذِي الْإِسَاءَةِ».


الرد على هذه الشبهة:
الرد مِن عِدة وجوه:
أَوَّلًا: نَحْنُ نُطَالِبُ بِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ: فَإِنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ.


ثَانِيًا: هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ، وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ.


ثالثًا: قَوْلُهمُ: " إِنَّ معاويةَ أَخَذَ بِيَدِ ابْنِهِ يَزِيدَ " يَزِيدُ بن معاوية وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَكُنْ لِمُعَاوِيَةَ وَلَدٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.


قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ نَاصِرٍ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ امرأةً- فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُزَوَّجْ، لِأَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا،وَإِنَّمَا تَزَوَّجَ مُعَاوِيَةُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بنِ الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوُلِدَ لَهُ يَزِيدُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ.


رابعًا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ ذَمِّ الصَّحَابَةِ، وَأَرْوَى النَّاسِ لِمَنَاقِبِهِمْ، وَقَوْلُهُ فِي مَدْحِ مُعَاوِيَةَ مَعْرُوفٌ ثَابِتٌ عَنْهُ.
(منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ446: 443).


روى أبو بَكْر الخَلَّال عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَسْوَدَ(أَيْ أَسْخَى) مِنْ مُعَاوِيَةَ». قَالَ: قُلْتُ: هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ أَخْيَرُ مِنْهُ، وَهُوَ وَاللَّهِ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ". قَالَ: قُلْتُ: فَهُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَرَ؟ قَالَ: عُمَرُ وَاللَّهِ كَانَ أَخْيَرَ مِنْهُ، وَهُوَ وَاللَّهِ أَسْوَدُ مِنْ عُمَرَ ". قَالَ: قُلْتُ: هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُثْمَانَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ عُثْمَانُ لَسَيِّدًا، وَهُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْهُ ". (السنة ـ لأبي بكر الخَلَّال جـ2صـ441).


الشبهة الثامنة:
يقول الطاعنون:: " قَتَلَ يَزِيدُ بنُ معاويةَ مَوْلَانَا الْحُسَيْنَ وَنَهَبَ نِسَاءَهُ ".


الرد على هذه الشبهة من عِدة وجوه:
أولًا: إِنَّ يَزِيدَ بنَ معاوية لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بن علي بِاتِّفَاقِ أَهْلِ العلمِ، وَلَكِنْ كَتَبَ يزيدُ إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ. وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَظُنُّ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَنْصُرُونَهُ وَيَفُونَ لَهُ بِمَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَلَمَّا قَتَلُوا مُسْلِمًا وَغَدَرُوا بِهِ وَبَايَعُوا ابْنَ زِيَادٍ، أَرَادَ الْحُسَيْنُ بنُ عليٍّ الرُّجُوعَ فَأَدْرَكَتْهُ السَّرِيَّةُ الظَّالِمَةُ، فَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ بن معاوية، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَ نَفْسَه أسيرًا لَهُمْ، فَامْتَنَعَ، فَقَاتَلُوهُ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.


ثانيًا: لَمَّا بَلَغَ يَزِيدَ بنَ معاوية، مَقْتَلَ الحسين أَظْهَرَ التَّوَجُّعَ عَلَى ذَلِكَ، وَظَهَرَ الْبُكَاءَ فِي دَارِهِ، وَلَمْ يَسْبِ لَهُ حَرِيمًا أَصْلًا، بَلْ أَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَأَجَازَهُمْ حَتَّى رَدَّهُمْ إِلَى بَلَدِهِمْ.


ثالثًا: وَلَوْ افترضنا أَنَّ يَزِيدَ بنَ معاويةَ قَتَلَ الْحُسَيْنَ بن علي، فما ذنْبُ معاوية في ذلك. يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (فاطر: 18) (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ472).



الشبهة التاسعة:
يقول الطاعنون: إن الخلاف بين علي ومعاوية كان سببه طمع معاوية في الخلافة وأن خروج معاوية على علي وامتناعه عن بيعته كان بسبب عزله عن ولاية الشام.

الرد على هذه الشبهة:
هذا كذبٌ وافتراءٌ، لأنمعاويةُ بنُ أبي سفيان لم يعترض على خلافة علي بن أبي طالب،ولكن طلب منه القصاص مِن قتلةِ عثمان بن عفان.


جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ وَأُنَاسٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَقَالُوا: أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيًّا، أَمْ أَنْتَ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ لأَعْلَمُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنِّي، وَأَحَقُّ بِالأَمْرِ مِنِّي، وَلَكِنْ أَلَسْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوْمًا، وَأَنَا ابْنُ عَمِّهِ، وَالطَّالِبُ بِدَمِهِ، فَائْتُوْهُ، فَقُوْلُوا لَهُ، فَلْيَدْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَأُسْلِمَ لَهُ. فَأَتَوْا عَلِيًّا، فَكَلَّمُوْهُ، فَلَمْ يَدْفَعْهُم إِلَيْهِ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 3 صـ 140).


قال الإمامُ ابن حجر الهيتمي: حدثت الفتنة عندما طلب معاوية ومن معه من علي بن أبي طالب تسليم قتلة عثمان بن عفان، إليهم، وذلك لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي ظنًا منه أن تسليم قتلة عثمان إليهم على الفور، مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بعسكر علي، يؤدي إلى اضطراب في أمْر الخلافة، التي بها انتظام كلمة أهل الإسلام خاصة وهي في بدايتها، فرأى علي بن أبي طالب أن تأخير تسليم قتلة عثمان رضي الله عنه أصوب إلي أن يرسخ قدمه في الخلافة، ويتحقق التمكن من الأمور فيها، ويتم اتفاق كلمة المسلمين، ثم بعد ذلك يلتقطهم واحدًا فواحدًا ويسلمهم إليهم، ويدل على ذلك أن بعض قتلة عثمان رضي الله عنه عزم على الخروج على علي بن أبي طالب ومقاتلته لما نادى يوم الجمل بأن يخرج عنه قتلة عثمان رضي الله عنه. (الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي صـ325).

الشبهة العاشرة:
قال الطاعنون: إن أبا بكر الصديق قد ولَّى معاوية فأقره عمر طيلة حياته.

الرد على هذه الشبهة:
هذا كذب وافتراء، لأن المعروف عند كل مَن درس سيرة الخلفاء أن أبا بكر قد ولى يزيد بن أبي سفيان الشام، وبقي واليًا عليها في خلافة عمر وأقره عمر فلما توفي يزيد ولى أخاه معاوية بن أبي سفيان.

الشبهة الحادية عشرة:
قال الطاعنون: إن عمر بن الخطاب كان يلين مع معاوية ولا يحاسبه أبدًا.

الرد على هذه الشبهة:
الرد على هذه الشبهة من وجهين:
أولًا: هذا كذبٌ وافتراءٌ على الخليفة الراشد عمر بن الخطاب. ونقول للطاعنين: ما هوالدليلعلىقولكم هذا؟


ثانيًا: الثابت في كتب السير والتاريخ يؤكد شدة محاسبة عمر لجميع ولاته،وكل من ثبت في حقه التقصير في عمله عزله أمير المؤمنين عمر، وولى غيره مكانه، فعمر، رضي الله عنه، لا يجامل أحدًا من ولاته على حساب المسلمين.


قَالَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: دَخَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى عُمَرَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا الصَّحَابَةُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ وَثَبَ إِلَيْهِ بِالدِّرَّةِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِهَا، وَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهَ اللَّهَ فِيَّ. فَرَجَعَ عُمَرُ إِلَى مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: لِمَ ضَرَبْتَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا فِي قَوْمِكَ مِثْلُهُ؟! فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا بَلَغَنِي إِلَّا خَيْرٌ، ولو بلغني غيرَ ذلكَ لكانَ مِني إليه غيرَ مَا رأيتم،ولكِنْ رَأَيْتُهُ- وَأَشَارَ بِيَدِهِ- فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَضَعَ مِنْهُ ما شمخ. (البداية والنهاية لابن كثير جـ8صـ125).

الشبهة الثانية عشرة:
قال الطاعنون أن عمر بن الخطاب لم يعزل معاوية بن أبي سفيان رغم كثرة الساعين الذين يشتكون من معاوية.

الرد على هذه الشبهة:
هذا الطعن يكذبه التاريخ فقد مكث معاوية أربعين عامًا يحكم أهل الشام، كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات، وكانت رعيته تحبه ويحبُّهم، لدرجة أنهم أجابوه بقوة للأخذ بدم عثمان، ووقفوا معه في حربه مع علي بن أبي طالب.


الشبهة الثالثة عشر:
قال الطاعنون: إن معاويةَ بن أبي سفيان قتلَ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ،وهو من الصحابة.


الرد على هذه الشبهة:
أولًا: حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ عَدَّهُ البخاريُّ وابنُ أبي حاتم وخليفة بن خياط وابنُ حبان، وابنُ سعدٍ مِن التابعين. (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ1صـ313).


ثانيًا: روى محمد بن سيرين أن زياد ابن أبيه- وهو أمير الكوفة- خطبَ خطبةً أطال فيها، فنادى حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ: الصلاة! فمضى زيادٌ في خطبته، فحصبه حُجْرٌ (ألقى عليه الحصى) وحصبه آخرون معه. فكتب زياد إلى معاوية يشكو بغى حجر على أميره في بيت الله، وعد ذلك من الفساد في الأرض. فكتب معاوية إلى زياد أن سرح به إليَّ فلما جيء به إلى معاوية أمر بقتله.


ثالثًا: سببُ قتل معاوية لحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ هو محاولة حُجْرٍ البغي على الجماعة وشق عصا المسلمين، فاعتبر معاوية ذلك من السعي بالفساد في الأرض وخصوصًا في الكوفة التي خرج منها جزء من أصحاب الفتنة على عثمان، فأراد معاوية قطع دابر الفتنة من منبتها بقتل حجر بن عدي.

رابعًا: لعل حجة معاوية في قتل حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ ما رواه مسلمٌ عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ. » (مسلم حديث: 1852).

خامسًا: ولو افترضنا أن معاوية أخطأ في قتل حجر بن عدي فإن هذا لا مطعن فيه عليه، فهذا اجتهادٌ من معاوية،وقد سبق هذا الخطأ في القتل من اثنين من الصحابة،هما: خالد بن الوليد،مع بني جزيمة، وأسامة بن زيد،عندما قتل الرجل بعد أن قال: لا إله إلا الله. (العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي صـ220: 219).

سادسًا: قال عبد الله بن أبي مُليكة: لما قدم معاوية دخل على عائشة فقالت: أقتلت حُجْرًا؟ قال: يا أم المؤمنين: أني وجدت قتلَ رَجُلٍ في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم. (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ12صـ229).

الشبهة الرابعة عشر:
قال الطاعنون: " كَانَ معاويةُ بنُ أبي سفيان بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ أبي سُفيانَ بْنِ حَرْبٍ يُعَيِّرُهُ بِإِسْلَامِهِ، وَيَقُولُ: أَصَبَوْتَ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ؟


صَبَوْتَ: أي تركت دين الآباء ودخلت دين محمد.


الرد على هذه الشبهة:
هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْمَعْلُومِ ;فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْيَمَنِ، وَأَبُوهُ أَسْلَمَ قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ لَيْلَةَ نَزَلَ بِهَا، وَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ يُحِبُّ الشَّرَفَ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ» ".


ثانيًا: أَبُو سُفْيَانَ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ، لَمَّا سَافَرَ إِلَى الشَّامِ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَهُمْ، وَمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، لَكِنَّ الْحَسَدَ مَنَعَهُ مِنَ الْإِيمَانِ، حَتَّى أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَارِهٌ، بِخِلَافِ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا عَنْ أَخِيهِ يَزِيدَ. (منهاج السنة لابن تيمية جـ4صـ435: 434).

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 132.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 131.11 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.30%)]